*هذا الفرق بينك و بينهم*

*-*-*-*
بعد اسبوعين من لقائهما و إمضائهما الوقت سويا حان الوقت للعودة المدرسة جلست سيدة في منتصف عقدها الرابع وعيونها الزرقاء تشع تفاؤلا تتناقش مع الادارة عن سلوك ابنها دراسته ونتائجه السابق كروتين اعتادته كلما سجل بمدرسة جديدة

بما ذلك الابن جالس بصمت لا ينبس بحرف واحد طلبت والدته بابتسامة خروجه للرواق ريثما تنهي تسجيله وذلك مافعل حتى يستريح قليلا وينتهي ضيقه الذي شعرت والدته به

بين الاروقة ذات الجدران العالية وجد لوحاً كبيراً علقت به الكثير من القوائم والاعلانات لم يكن فضوليا بشأن أي نادي أو حتى معرفة قوانين المدرسة لكنه بقي يبحث ويبحث عن الاسم الوحيد الذي يعرفه حتى اتضحت امامه قوائم السنة الاخير من التعليم المتوسط

بابتسامة هادئة عاد ادراجه بسرعة ليخبر والدته : امي

انتهى تسجيله في احدى الافواج فردت بابتسامة مماثلة بعدما اصطدمت به امام باب الادارة : بهاء لقد انتهينا يمكنك الذهاب الحجرة رقم احد عشر الفوج الاول في الطابق اللاخير

رد بحيرة لا يفهم ما يحدث : ماذا؟
_كما سمعت .. كن لطيفا
_لماذا هناك؟
_واين قد تكون؟ عندما نصل للباب سأذهب خارجا وانت اصعد لصفك

اكتفى بقول امم خاصته مفكرا "لمَ اكون بفوج اخر! سيكون بعيدا عني لكنه تمنى العكس .. لا يريد حدوث هذا"

ابتسمت والدته لتتمنى له حظا طيبا عند باب الخروج لكنه اوقفها بنظرة لم تشهدها من وقت طويل بهاء يحاول ان يطلب شيئاً ما والسبب كان واضحا في نفسه

نطق بصعوبة مناديا عليها تحت استغراب والدته، حاول ان يبتسم قائلا بكلمات متقطعة : هل يمكنك .. تغيير فوجي؟
_ماذا؟
_الفوج الثالث
_لماذا؟ المستشارة قالت ان اساتذة الفوج الأول جيدون لذلك . .
_اريد .. الفوج ثالث
_كنت توافق على اي فوج دون اختيار .. هل تغير شيء؟

التغيير كان اكثر مايكرهه بهاء فبالكاد هو واقف بمدرسة جديدة حتى يتلقى درساً عن التغيير مجدداً ادار وجهه بعيدا بكلمات باردة غير مبالية بان المرأة التي تقف امامه تكون والدته : ضياء بالفوج ثالث .. لاشيء اخر .. لهذا

اكمل في نفسه بانزعاج واضح "اسرعي" يبدو الامر كأنه مجبر على احترامها وحسب

في مكان آخر هناك في المقعد قبل الاخير قرب النافذة المطلة على الساحة من الفوج الثالث حيث يجلس كعادته بملل شديد ورأسه على الطاولة يحاول ان ينام فالحصص الاولى تعارف لا اكثر وهو قطعا لا يهتم بمن حوله

كان الفوج جديداً عليه كالعادة فبالكاد يعرف بعض التلاميذ من السنوات الماضية، لحظات من تثاؤبه سمع خطوات مراقب الغياب مع شخص ما ليعلن الاستاذ عن انتقال تلميذ جديد لصفه كأنه ينقص ازعاج شخص آخر

لم يجد مهربا غير النوم دون ان يستيقظ حتى يدق الجرس لكن علَت همسات الاعجاب من حوله عن شكل التلميذ الجديد وكأنهم سيأكلونه بأعينهم قبل أن يعرف بنفسه

خرج المراقب، صمت الجميع، رفع الاستاذ صوته، قال بابتسامة : اتمنى ان تعرفوه على المدرسة جيدا وتساعدوه .. عرف على نفسك الان
_أنا .. بهاء
_هكذا فقط
_امم

هنا يصيب العجب وجه احدهم ليعيد ذلك الاسم : بهاء!

انه يعرف هذا الاسم حقا وقف بذهول صاخب ليدرك انه هو لا شخص آخر : بهاء اه .. بهاء .. فعلا انت جديد هنا كيف نسيت

رد الاستاذ بانزعاج من تصرفه : اهدأ يبدو انك تعرفه

التفت لبهاء واكمل : هناك مقعد في الخلف يمكنك الجلوس

تقدم دون ان يرد على الاستاذ وحديث الفتيات واضح عليه، ضياء مازل مبتسما واقفا غير مصدق فاي صدفة جمعتهما معا : اتيت هنا فعلا .. لم اتوقع

ضحك المعني بهدوئه المعتاد ورد مهتما لكلام الاستاذ الذي طلب بعض الصمت : انتظر حتى تنتهي الحصة

دق الجرس في اللحظة التي جلس بها خلف ضياء ليستدير الاخر بلهفة : و اخييرا .. من الجيد وجود مقعد فارغ خلفي .. كيف حدث وجئت لفوجي

-صدفةً

تعمد بهاء عدم اظهار اهتمامه بما حدث لكن استغراب ضياء توجه لمكان آخر : هل اصدق ان حظي بدأ يبتسم
_ربما

ضحكا قليلا ليلاحظ ضياء اوراقاً بيده وطبعا سيسأل عنها لتتضح انها نتائجه السابق، فضول ضياء لن يتوقف الا اذا رآها وما كان من بهاء سوا الموافقة ببساطة

كان ضياء متأكد ان الذي يقابله من النوع الذكي ونتائج ستكون جيد وهذا ما كان يخشاه اصلا لكن صدمة من العيار الثقيل اعترته : انت لا تمزح صحيح؟!
_ماذا؟
_كل نتائج سنتين هي 50%

بدون مبالاة اجابه : لا ..اخطأت مرة وأخذت 53%
_وتقول اخطأت ماذا يحدث؟ آخر ما فكرت به
-اتظن ان كل ماتفكر به صحيح .. ماذا عن نتائجك؟
_انا .. مثلك وربما اسوأ بقليل .. مازلت لا اصدق .. نتائجك فعلا ماذا عن النتائجك قبل سنتين؟
_هذا ما احتفظت به
_ستكون صدمةً لرائد كان متشوقا

صمت بهاء ليفهم ضياء ان عليه الحديث اخبره انه التقى رائد صباحا وهو بالفوج الاول حيث كان من المفترض ان يكون بهاء، لم يكترث لحديثه او لنقل لان الموضوع كان رائد

بعد ذلك تحدث ضياء براحة : واخيرا هذا العام يبدو افضل من سابقيه
_امم
_الفوج جديد ككل مرة فقط هناك من عرفتهم في السنوات الاولى و ..
_اكمل وماذا؟

ظهر بعض الاحراج على وجهه الذي دائما ما يفضحه حديثه الكثير : فتاة اظن حظها مثلي

لم يفهم ليشير لمكانها بالمقد الاول بمنتصف الحجرة حيث انسدلت خصلات شعرها البندقية على عيونها الخضراء اللامعة بابتسامة وسط وجهها ذو البشرة البيضاء النقية

اكمل ضياء بارتباك بعد رؤيتها : تلك هناك دائما ماتنتقل مثلي ودائما بنفس فوجي .. هذه السنة الرابعة .. وهي مسؤولة الصف هذه المرة

اشار بهاء لوجه ضياء مباشرةً حيث انه لم يلتفت للفتاة اصلا : وجهك محمر تماما .. انت بخير؟

ضحك قليلا وحاول تغيير سؤاله : لا شيء .. ربما لاتهتم لانتقالها كل مرة تصادق اشخاص جدد ببساطة
_هااا اتراقبها مثلا!؟

صراحة بهاء جعل احراج ضياء يزداد ولم يجد مكان لاخفاء وجهه، ملامحه كانت واضحة يسهل قراءتها بالحرف الواحد ضياء معجب بها جداااا

حاول تغيير ذلك ببعض الاعذار الغبية فارتبك اكثر لانه لا يجيد الكذب : لا هي دائما امامي فقط .. اضافةً انها من المتفوقين .. هي معروفة اصلا .. الجميع يعرفها .. نعم الجميع

_حسنا.. ربما هم من يصادقونها وليس العكس

بهاء لم يبدي اي اهتمام لتوتر ضياء وكأنه صدق كلامه حقا رد عليه باندهاش : ماذا؟

لو كان اي ولد اخر لجعله قصة المدرسة لكن بهاء اكمل شرحه : لانها ذكية ومجتهدة سيلتف الجميع حولها .. ربما الامر هكذا

كلامه الغريب لم يفهمه ضياء بل لم يصدق انه يمكن ان يحدث يصادقونها من اجل مجرد نتائج كان هذا عذرا غبيا في عقله واخيرا وجد مهربا ليغير موضوع رئيسة الصف : اه لم يأتي الاستاذ بعد

وقفا امام النافذة ليشير لشجرة الهروب فضحكا بعض الوقت من قصص هروب ضياء المتكررة

اقترب بعض التلاميذ للترحيب بجديد الصف فتيان وفتيات فتركه ليرد عليهم وقد استدار لهم وحده عادت الملامح الباردة لوجهه في لحظة ليواجه الاسئلة المعتادة ككل مرة

_مرحبا بك بيننا

أخذ كل شخص يعرفه عن نفسه والواضح انه لا يكترث فكتفى ب : امم

_بهاء هل انت جديد بالمدرسة او المدينة باكملها؟
_المدينة
_اذا احتجت شيئا نحن هنا

عاد لرد مع نفس مظهرا لا مبالاته لا اكثر فهو حقا ليس بحاجة احد :امم
_من اين اتيت ؟
_اين كنت تسكن ؟
_لم انتقلت؟

لم يجد سبب ليتفاعل مع اسئلتهم بقى يحدق للارض فقط مجيبا ببعض الكلمات القليلة المباشرة :مكان بعيدا .. عمل ابي

_ماذا يعمل؟
_اين مسكنك الجديد؟

كما لم يجد دخلا لهم بوالده وعمله ليسألوه : قريب من هنا

_هل ستبقى للغداء .. يمكننا النزول معك ان اردت
_نتمنى ان نكون اصدقاء

الكلمة الاخير جعلته يلتفت ليرى الابتسامات المريبة من حوله ارتجفت يداه للحظات وبعض الذكريات اجتاحت عقله ليعود بخطوة للخلف وكل ما اراده ان يبتعدوا بهدوء عنه اجابهم بنظرة حادة كأن صبره انتهى محاولا اخفاء ما مر بداخله : سأنزل مع ضياء .. فقط

_هاا حقا تعرفه!! .. كيف ذلك؟ متى التقيتما؟

أخذ بهاء بصره للاوراق على طاولته ليلتفتوا لها تلقائيا، توقفت اسئلتهم المزعجة، وصلوا لغايتهم فمعرفة مستواه اكثر ما يهمهم وقد قصد ذلك

_ماهذه الاوراق؟ أيمكننا رؤيتها؟

كانت اللحظة التي ينتظر منها ان تحدث لكن استدار ضياء ليحمل الاوراق ويضعها بحقيبته فنظر بارتباك للجميع قائلا : انها لي لاتهتموا

دخل الجميع في صمت مريب نظر لبهاء وقد فهم انه متضايق اخيرا، طلب ان يخرجا ووافق على ذلك بسرعة

تعجب الاخرون بطريقة ما غير مصدقين هذا الانسجام الذي بينهما فقد ترددوا بالحديث مع بهاء لمجرد ان ضياء يعرفه : كيف يعرف شخصا مثله؟
_لا اصدق فهو هادئ جدا بعكسه .. هل تعمد ان يبعده؟
-او انه فعل شيء له ربما علينا مساعدته

تعمدوا ان يسمعهم بهاء علهم يدخلون بعض الشك لتفكيره لكنه التفت لضياء بانزعاج غير مكترث لكلامهم : تأخرت .. احم

_هاا بماذا؟ هل اردت ان تخرج؟
_اي شيء حتى ابتعد عنهم

واصل حديثه وقد خرجا من الحجرة : لن يتوقفوا عن هذه الاسئلة .. ما شأنهم بي
_اه حسنا لا تريد ان يتطفلوا على حياتك
_نعم ومن يريد ذلك اصلا

سارا في الرواق بين الحجرات بجانب بعض لكن تلك الكلمات اعادت لحظات لقائهما لعقل ضياء فقد كان يسأله كثيرا ايضا وطول الوقت حتى ان رده لم يكن مختلفا هل ضايقه لهذه الدرجة فكان صامت لا يرد

التفت له ليعتذر عن ذلك لتوقفه ابتسامة بهاء وحديثه : اممم انتقلت عائلتي بسببي انا

_ماذا؟
_لِاُغير جو المنزل تعرف لان ذكريات لؤي ملتصقة به
_اه .. لكن لم تخبرني بهذا؟
_هل نفعل شيئا غير الحديث؟ لم لا اخبرك مثلا؟
_ماذا؟

لم يفهم ضياء سبب حديثه ببساطة فهو لم يرد على اسئلة الاخرين ولم يخبره بهذا من قبل : ماذا لم تفهم؟

همهم قليلا باحثا عن بعض الكلمات ليشرح : في منزلي القديم .. قبل سنتين .. بعد وفاة لؤي لم أكن اخرج من المنزل اطلاقاً .. حتى اني لم اذهب للمدرسة لفترة .. لدرجة انهم أخذوني لطبيب نفسي .. فنصح الطبيب بتغيير المكان
_ولكن انتقلتم هذا الصيف
_لم نغير المدينة وقتها فقط غيرنا المنزل ثم انتقلنا الى هنا
_اها فهمت

بابتسامة رد كأنه فعل انجازا بايصاله ما يريد : امم

تردد ضياء فجأةً و بدا محرجا : لا لم اقصد هذا .. كنت اعني لم .. انا؟

توقف بهاء مكانه فقد خلط كل شيء بعقله : اظن اني الذي لايفهم .. ما بك؟
_لم تقل شيئا معهم لكن الان تتحدث بشكل عادي
_امم

انتظر ضياء جوابه لكن بهاء لم يعرف كيف يعبر عن ما بداخله فهو لا يفهم لم يحدث ضياء بشكل عادي؟
لم يصارع نفسه من اجل ان يرد عليه؟
لم لا يستطيع تجاهله وحسب ؟

فنطق اخير بعد تفكير عميق : ربما هذا الفرق بينك وبينهم .. لا اعرف لم؟ لكن .. طلبت ان احدثك من قبل

اتسعت عينا ضياء فلم يتوقع جوابه بل توقف عن الانتظار فقد كان يبحث عن شيء ما ليقوله لانه تقبل تماما طبيعته الهادئة فالمهم هو راحة بهاء لم يرد مضايقته لكن بهاء حقا اجابه

لحظات حتى ضحك ليأخذ رقبة بهاء تحت ذراعه : ربما المدرسة اثرت بتفكيري .. نعم لا تتوقف عن الحديث سأسمعك دائما

حاول الافلات من ذراعه دون جدوى : اه مجددا رقبتي ستقتلني

ضحك ضياء نافيا ذلك ليكمل بهاء بعبوس : لانك اطول قليلا ستظل تفعل هذا؟

رد عليه ممازحا : لا بل كثيرا وانت اكبر مني اعرف

ضحك بهاء اخيرا رغم انه لم يفهم المعنى لحد الان لم ضياء مختلف عنهم؟
لم تصرفاته تشبه اخاه كثيرا؟
بل لمَ يرى اخاه يبتسم بوجهه في هذه اللحظة وهو بطوله ايضا رغم ان لؤي اكبر بثمان سنوات ما كان منه الا ان يرد بابتسامة لطيفة وقد تشبث بذراعه كما كان يفعل دائما : لؤي أنا سعيد حقا

اخذ الاخر يده لرأس بهاء مبعثرا خصلات شعره البني دون ان يفهم شيئا لم ناده بلؤي ؟ هل حقا يراه؟ هل يظننه لؤي ؟ لماذا؟

لكن المهم عنده ان بهاء سعيد، بذلك رسم ابتسامة خفيفة على وجهه ليقول : مر الوقت بسرعة

رد تحت ضحكاته الهادئة : حسنا توقف
_حاضر

ابتعد عنه ليرتب شعره وقميصه وبعد ان انتهى : ضياء لنعد

اختفى لؤي ليعود ضياء لجانبه كما كان، دق جرس الاستراحة فنهض من انتظره كثيرا بلهفة ليخرج فأوقفه الهادئ الذي خلفه وطلب ان ينتظر نزول الجميع بل كان واضحا انه معتاد على الجلوس في الصف بدل الخروج للساحة وهذا ما يناسب طباعه

توقف مكانه ملبا لطلبه فتذكر ماقاله سابقا : هااا سنذهب لذلك المكان الهادئ
_امم

جلس مكانه وماهي الا لحظات حتى انتهى الصراع على الباب لتبقى الحجرة فارغة لاحظ ضياء رئيسة الفوج جالسةً مكانها فعاد بنظره لبهاء تلقائيا ليتيه بافكاره

تحدث بهاء بعدم اكتراث بعد ان رأى وجهه : خرج الجميع هيا الان

وقف ضياء بارتباك وقبل ان يتلقى سؤال عن ما به قال بضحكة : اه مجرد دقيقتين عندما اكون وسطهم اظن ان وقت الراحة انتهى في الطريق
_امم

لم يلاحظ ضياء من قبل جلوسها وحيدة في الحجرة نظر لها ببعض الحزن وهو عاجز عن فعل شيء

"هل يعقل ان ما قاله بهاء صحيح؟ هل ستبقى هنا ام ستخرج بعد فترة؟"

قطع بهاء تفكيره مجددا ليجيبه : نعم هي لن تخرج
_ااااا من تقصد
_لا أحد غيرها هنا
_لا
_اين نذهب؟ اين ذلك المكان؟
_اتبعني

توتر ضياء مجددا من صراحة بهاء هل كان يبالغ في النظر لها او ان تفكير بهاء خارق؟ بل لم لم يسأله عنها ؟ او يسخر منه مثلا لو كان اي ولد اخر لفضحه حقا لكنه تجاهل الموضوع وحسب

نزلا الدرج بصمت واستدارا خلف مبنى الحجرات ليجدا شجرتان كحائط مغلق لكن ضياء واصل تقدمه ليتغلغل بينهما فظهرت حديقة بنباتاتٍ مختلفة بها طريق يبدو انها تشكلت بسبب السير فوقها

كان هناك طاولة مستديرة حولها بعض المقاعد تحت ظل احد الاشجار و لا يوجد احد غيرهما فقال ضياء مفسر ذلك : الجميع يذهب للساحة ولا يلاحظون هذا المكان .. يمكننا البقاء طول وقت الراحة هنا ان اردت

لمعت عيناه ببعض الاعجاب سائلا : كيف وجدته؟
_ملل العام الماضي .. كنت اتمشى في كل التجاهات حتى وصلت هنا
_امم

قالها بابتسامة طفيفة فلطالما تمنى مكانا هادئا بعيدا عن ازعاج الجميع وضيق الحجرة وضياء حقق له ذلك ببساطة جلس بالمقعد بجانبه متأملا المكان من حوله

سيكون رائعا فعلا لو لم يزعجهما احد حقا التفت لضياء ليحاول شكره فوجده محرجا مجددا نظر له ينتظر تفسيرا فتحدث الاخر مترددا بسؤاله :اذا ما قلت سابقا

صمت للحظات ليرد بهاء : اكمل قل ماتريد
_ما قلته .. الطبيب .. مازلت تزوره
_لا وجدت حلا سابقا
_ماذا؟
_الهدوء و الصمت

رد براحة بعد ان فهم او هذا ما اعتقده : اها عزلتك
_اعتقدو ان صمتي هو تقبل لما حدث وهكذا غيرنا منزلنا وقتها .. ثم انتقلنا مجددا هنا

المهم لم يزعجه ذلك فعاد لاسئلته مجددا بما انه يجيبه ببساطة بهاء شخص اعتاد على الانتقال فقد درس في خمس مدارس قبل هذه لم يزعجه أمر الانتقال لأن اخاه لم يفارقه وقتها، كانت اسئلة من حوله متوقعة فاصبح يمل من الاجابة او يتجاهلهم ببساطة

بعد اجوبته المتقطعة ضحك ضياء :افضل شيء تعريفك عن نفسك .. انا بهاء فقط
_اه هل احكي قصة حياتي .. لترضى
_اصبحت اعرف الكثير
_امم

بعد حصص مملة اخرى اتى وقت الطعام اكثر مكان مفضل عند ضياء اختارا مكانا قرب النوافذ بعيدا عن الجميع، حتى اكل بهاء كان هادئ عكس ضياء الذي كان سيموت جوعا فتناول طعامه بلهفة ليندهش بهاء اكثر بل وتمنى المزيد خشية أن لا يشبع

حل المساء، اقترب بعض التلاميذ عنده مجدداً وهو بمقعده بينما ضياء يقابلهم بصمت فقد حدثوا بهاء مباشرةً دون الالتفات له

ابتسم من حوله ابتسامة يكرهها حقا : مساء الخير بهاء
_امم
_كيف وجدت المدرسة

بكلمات باردة رد : لابأس بها
_زملاء الصف والاساتذة
_لاباس ايضا
_ها حسنا ستعتاد عليهم

بدا الانزعاج على وجهه حقا : اممم

لم يعطهم بهاء فرصةً لفتح اي موضوع فاستسلموا ببساطة : ستبدا الحصة بعد قليل
_اممم

و بكل وقاحة يسمع ضياء تعليقا لاحد الفتيات التي مرت بجانبه وهي تهمس لصديقتها : لا فائدة من شكله ان لم يبتسم انه غريب

ردت الاخرى عليها : بالكاد سمعنا صوته لم افهم شيئا فيه .. غريب جدا لكن يبقى وسيما بكل حال

وبعد ضحكات ساخرة صدرت منهما رفعا رأسيهما لينتبها لنظرات عيون سوداء القاتلة بان لا دخل لهم به فتجمدتا مكانهما بخوف ثم التفتت احداهما لتخبر البقية فاحتدت نظرات الجميع مع نفس العيون ليستدير لهم مستعدا لمواجه مهما كان عددهم فقط ليسمع كلام كذلك وسيريهم حجمهم ساد الصمت المكان للحظات فاستسلم الجميع ليعودوا لما كانوا يفعلون فكيف يمكنهم مواجهة ضياء باكمله

التفت لبهاء اخيرا ليجده مركزا في دفتر رغم انه سمع ما قالت لم يبدي اي اهتمام بل لم يلاحظ الحرب الباردة التي حدثت فضحك ضياء على ردوده : لا حاجة لابعدك عنهم يكفيهم ردك لن يعودوا
_امم

لاشيء يمكنه تغيير ~امم~ خاصته بعد فترة مل ضياء حقا فهم ينتظرون الاستاذ لاكثر من عشرين دقيقة و لم يأتِ بعد فقال مستديراً لبهاء في تذمّر شديد : الحصص الاولى مملة .. مجرد تعارف وحسب .. لنخرج

رد عليه ومازال مركزا مع دفتره : تقصد .. لنهرب .. لا تأتي اذا كنت ستهرب
_بدأتَ تخيفني .. الن نهرب ولو مرة واحدة طوال السنة

نظر بابتسامة ساخرة : طبعا .. الا اذا تركتني هنا

التفت للنافذة بملل اكثر : امم لا خيار

بدات الحصة التي بعدها والملل مصر ان يقتل ضياء نظر للخارج عبر النافذة محدقا بالغيوم التي تسبح بخفة

"صدق بهاء فهي حرة حقا عكسي تماما"

قال ذلك بنفسه متذمرا من وضعه فهو ملزم بحضور هذه الحصص سرح بخياله متمنيا ان يكون مكانها حتى حط برحلته على قمة الجبل المقال حيث اقتربت الشمس كمنه فلم تبقى ساعات كثيرا على الغروب ليندهش من ذلك المنظر الخلاب

ضُرب كرسيه فجأة ليعيده للواقع فقال بصوت مسموع فلم يتجرأ احد على فعل هذا من قبل : ماهذا من فعلها؟

_ركز امامك

كان بهاء منزعجا من عدم اكتراثه بالحصة فاستدار الآخر محدقا للاستاذ في حيرة

"تصرفاته ليست لشخص بتلك النتائج انه مركز مع الاستاذ كما تفعل هي"

وقعت عيناه مجددا على رئيسة الفوج بتذمر وملل ضرب راسه للطاولة رافعا صوته بانزعاج : ااااااه

رد الاستاذ وهو على وشك ان يفقد صبره من تصرفات ضياء فطول الحصة حاول تجاهله : ضياء اهدأ او تريد الخروج من اول حصة

اعتذر واعتدل بجلوسه مفكرا بأن من خلفه سيقتله لو تحقق تهديد الاستاذ، مر الوقت ببطئ ليكمل اخر الحصص وحان الوقت ليدب الحماس بجسده بعد سماع جرس النهاية قبل نهايته : وقت العودة واخييييرا

نزلا طريقهما فقال ضياء : اخيرا تخلصنا من ذلك السجن

_اتينا لندرس وهذا ما علينا فعله

رفع ضياء من صوته يطالب بشرح لتصرفاته : اااااااه تبدو كالمجتهدين

_لايهم ذلك لكن اكثر ماتستفيد منه هو ماتسمعه اثناء الحصة

رد متذكرا محاضرات والدته فلا ينقصه درس اخر : ممل ممل .. ممممللللل

تحدث بهدوء مما جعل اعصاب ضياء تبرد ببساطة : فقط اعكس وجهة نظرك وستفهم .. ليس الامر متعلق بالمتعة لكن هذا مايجب ان نهتم له .. لاشيء نفعله غير الدراسة بعمرنا

انزل راسه لا يجد ردا فما يقوله منطقي جدا بل كلامه افضل من شجار والدته : اه محق و لكن ..

ابتسم بوجهه ليقطع كلامه : لابأس مازال الكثير من الوقت استفد منه في التفكير بمستقبلك
_المستقبل امم تفكيرك عميق جدا
_ربما

التفت ضياء للطريق امامه فاي مستقبل يتحدث عنه بهاء

"ماذا لو لم يصل؟"

دخل ضياء منزله بعد ان اتفق مع بهاء على الجلوس بالسطح فقد اعتادا ذلك، رفع صوته مناديا : امييييييي لقد عدت .. هل من شيء اكله؟

قابلته بابتسامة لطيفة فقد اعتادة وجوده بالمنزل طول العطلة اما الان فلم يوجد طول اليوم كتمت شوقها لتبدأ قواعدها الصارمة فاي تقاعص منها سيجعل المنزل عبارة عن اعصار فوضى اسمه ضياء

قالت بنظرة تحدي لابنها : اهلا .. ايها الجائع تعرف ماعليك فعله اولا

_نعم ولكني فعلا جائعا

ضحكت لتعود لاصرارها : لاتخف انت لن تموت لسبب كهذا فاسرع احسن

بنظرته البريئة قال متعمدا رفض اوامرها بمزاح : اعرف شخص مات هكذا .. امي

قابلت تلك النظرة بحدة فلا مجال لتغيير رايها : حدث في مخيلتك .. سمعت ما قلت ..  وكيف كانت المدرسة؟

_مملت كالعادة جوابي لن يتغير ايضاااا
_اححمق اسرع وتعال لتأكل فقد سبقتك اختك
_حاااضر

لعبت براسه بضحكت بعد ان انتصرت مجددا : اجل ولد جيد

صعد لغرفته مسرعا عليه تغيير ملابسه والاغتسال و العودت للمطبخ ففعل ذلك بلهفة من اجل طعامه رمى حقيبته دون اكتراث على سرير فلاحظ  بعض الاوراق ليتذكر نتائج بهاء التي لا تصدق و قرر اعادتها عندما يلتقيه على السطح

رمى ملابس المدرسة بمكان ما باحثا في الخزانة عما يلبسه مبعثرا كل ما يخرجه بعدها اقفل الباب على الضمار الذي بداخل 

تلبدت السماء ليلا بغيوم خفيفة لتغطي بعض النجوم في تلك الاثناء كان وجه احدهم عابس قليلا ينتظر ابتعادها على عجلة لتبرق عيونه الزرقاء برؤية نجومه مجددا

دون ادراك منه سمع ضحكة تبعتها قفزت لسطح منزله دون اي حرج فقد اعتاد فعل ذلك بالايام الماضية لقد كان ضياء يشاهد ما يحدث : ما بك؟ الاتعجبك غيوم الليل؟

_ليس تماما .. ستمطر قريبا ..الخريف على الابواب
_بعد حر هذه الصيف سيكون منعشا

جلس بجانبه ومد تلك الاوراق له معتذرا لتصرفه ثم حاول ان يشرح ما حدث : ارادوا رؤيتها .. تعرف الجميع مهووسون بالمستويات ربما سيزعجونك .. أخذتها دون إذن اسف مجددا

دون اهتمام لذلك امسكها : لا اهتم لكلامهم ولا مستواهم لاعليك

يستحيل لاسئلة ضياء ان تنتهي وهو متأكد أن شكه بمحله هذه ليست مجرد نتائج هناك لؤي خلف كل شيء ضحك بهاء من كلامه فقد اصبح يعرفه حقا ليبتسم ضياء : سأسمعك

كلمة واحد جلعته يتحدث ومازال كلامه متقطع وكأنه حذر وخائف من ان تجره تلك الراحة لقول ما يخفي : اممم عندما توقفت عن ذهاب للمدرسة لفترة .. بعد وفاة لؤي .. كنت في السنة الثانية .. عدت بوقت الامتحانات النهائية .. لم ادرس شيئا فقط كتبت ما اعرف .. ببساطة كانت اول نتائجي 50% فاختفى كل من حولي

_اصدقائك

هذه الكلمة كانت ذا مفهوم خاص عنده مفهوم لم يستطع تفسيره فاكمل : نتائجي .. وقتها كلها كانت 50% .. لم يحدث شيء .. لم اعد اتحدث مع اي احد بعدها .. فهمت انهم فقط يحادثوني من اجل نتائجي .. اخذ الدروس .. واسئلتهم في حصص لاشيء اخر

اصبحت كلمات بهاء اكثر  بعد كلامه هذا قرر ضياء في نفسه ان يكون صديقا افضل له وبهذا قال : اذا لؤي .. كان علاقتك المثالية الوحيدة

ابتسم بهاء لتغادر تلك الذكريات السيئة من عقله فور سماع اسم اخيه فأجابه بسرعة : لم اهتم لشيء حولي بما ان لؤي معي فقط رؤيته كل يوم بعد المدرسة تنسيني مافيها عدى الدروس التي كان يعيدها لي .. وكما قلت بقيت مع نفسي بعدها

صمتا محدقين بالسماء ليعود بحث بهاء عن اي شيء ليقوله فسأله عن نتائجه فتم قلب وجه ضياء ليتوتر ولقد فهمه : انت لا تدرس صحيح .. سأسمعك أيضا

بتذمر اخفظ رأسه : اااه كل شيء ممل ولا يطاق .. افكر معظم الوقت اني اضيع حياتي هناك .. ربما الدراسة لاتناسبني .. اريد رؤية المزيد من هذا العالم بدل حجرة فقط .. ما

انزعج بهاء من كلامه فرد وكأنه لا يبالي : توقف اذا

بسخرية من نفسه رد : لو كان بيدي
_ولم؟ اليست حياتك انت؟
_لم افكر بهذا
_فكر الان اذا
_لا .. لا

ادار بهاء وجهه بعيدا عنه : لاتناسبك اليس كذلك؟

فضحك من ذلك قائلا : نعم لكن ليس بعد ان وجدتك

بعد ان وجده لم يفكر بهاء بان كلام ضياء يعني انه لم يمتلك صديقا في المدرسة قبله بل اتجه تفكيره لمكان اخر، هل ضياء سيدرس من اجل هذا فقط؟ : واذا؟

_سأحاول و ..

بدا محرجا بعض الشيء ليكمل بارتباك : واريد الكثير من المساعدة ايضا .. كنت ادرس بقدر ان انجح والعام الماضي كدت ارسب

_ااا لاباس سأكون هنا .. لن اسمح لك ان ترسب على اي حال .. لاتريد ان ينجح احدنا و يرسب الاخر

سيطر الخوف على وجه ضياء فرفع صوته منفعلا لانه متأكد انه سيكون الطرف الخاسر : لااااا طبعا .. لن نكون معا السنة القادمة هكذا

_امم يجب ان ننجح معا
_اها سأفعل اكثر من مجرد محاولة .. سنكون معا لسنة اخرى .. اعدك

ابتسم بهاء بتفاؤل فهذا ما اراد سماعه من البداية لكن ضياء غرق بتفكيره بعد هذا الوعد الذي وعد به دون تفكير

"سنة اخرى؟ لم قلت ذلك؟  هل ذلك ممكن؟ بهاء ما الذي تفعله بي؟ لا احد تمكن من جعلي اتحمس لدراسة .. من يدري كم يما سيدوم هذا"

************
3392 كلمة 😓😓 هل من مشكلة مع طول الفصل او انه جيد هكذا .. فباقي الفصول مثل هذا 😓

رئيسة الصف الشخصية الجدية 👇👇

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top