عيد أضحى + 41

عيد سعيد وكل عام وانتم بخير وعساكم من عواده❤

الفصل هذا عيديه العيد من سنو للقراء نرجو أن ينال اعجابكم❤

يُقال أن ' الشخص الذي حطمك لا يمكنه أن يكون الشخص الذي سيُعالجك ، تذكر ذلـك جيداً .. لذلك لا تَحِن لأي شيئ استغنى عنــك ! '

ليس كُل المياه تعود لمجاريها بالنهاية ، على الأقل قد لا تعود نقية كالعادة ، لن تكون نظيفة بل عكرة ملوثة !!

و ربما علاقة هذين الأخوين باتت هكذا ، لا شيء يُمكنه إصلاحها هي علاقة مُحطمة لا أمل منها ...

أو هي و إن عادت لما كانت عليه ستبقى محكومة بالفراق الأبدي بسبب أفعال الأكبر بينهما و التي ستقوده لهاوية لا منفذ منها ! ..

خُصلاته الشقراء انسدلت تغطي عينيه بينما جبهته وضعها على جبهة سامويل المليء بالعرق بفعل الحُمى التي هاجمته ! ..

_ :" فقط لماذا أوصلتنا لهذه المرحلة سامويل ؟! كان يمكن لنا العيش بسلام تام ، تكوين أسرة تخصنا و نبقى بأمان ! لا أن نحاول تدمير حياة أناس لا شأن لهم ! "

أغلق عيناه يكمل بنبرة مكتومة :" أمرت بقتل آلفين أيضاً ! رغم أنه من اعتنى بابنك و بي و بهاري و هنري اللذين هما أبنا عم لنا ! اللعنة ألم تنتبه قط إلى أنك تملك أسرة ضخمة يا أخي ؟ كان يُمكنك العيش بسعادة .. "

ابتعد عن الأكبر ليسير بداخل الغُرفة باحثاً عن أي معلومات قد ُتفيده بإيصاله للمشنقة بيده ، هو اكتشف بالنهاية أنه دبر لآلفين فخ ما قبل أن يُصاب حتى !! ..

ليته كان متواجداً قبلها ليعلم و يحذرهم حتى لكنه الآن لا يستطيع الوصول لآلفين و لا يعلم ما يحدث حوله فقط يدعوا ان يكون بخير ..

////////

صوت هواء المُكيف كان يُحيط بغرفة الاجتماعات الفخمة بداخل شركة سوين الرئيسية !

هناك حيث تواجد وفد بدى من طريقة لكنتهم و حديثهم أنهم قادمون من أمريكا ، برفقتهم تواجد كُل من رئيس الأسرة و ابنه مع حفيداه و معهم اثنان من الشركة

الاجتماع كان يسير بنوع من السلاسة عندما رمش ليو فجأة يرفع يده اليُمنى إلى حيث عيناه لينهض من مكانه بشكل سريع فوري ينطق بنوع من الاعتذار :" أرجوا المعذرة لكن لدي عمل طارئ ! "

هو ما انتظر جواب أحد حقاً إلا أنه اتجه للطاولة يأخذ هاتف سيتو و مفاتيح سيارته مما دفع الآخر للوقوف هو الآخر بابتسامة معتذرة قبل أن يغادر كِلاهما غرفة الاجتماع بأكثر الطرق غرابة !!

و بِالخارج نطق سيتو بتقطيبة مُستاءة :" فسر حالاً ما فعلته قبل ثواني سوين ليو !؟ "

و ليو لم يتوقف حقاً عن المسير قبل أن يرفع يده اليُمنى لسيتو :" السوار إرتج عدة مرات دون توقف و لازال كل ثانيتين هذا يعني أنه ضغط عليه دون إطفائه و قطعاً هذا ليس أمر مُبشر ! "

هو لم يُتح لسيتو فُرصة للحديث إذ بدأ بِمُحاولة الاتصال على هاتف رفيقه ليجده لا يمكن الاتصال به ليعض على شفتيه بنوع من القوة قبل أن يتخذ طريقه لسيارة قريبه و هو رفقته ..

القلق بدأ ينتشر بداخله ، هذا ليس طبيعيا مُطلقاً !! هو خلع السوار من يده على عجل يمنحه لسيتو مع الهاتف الذي أخذه منه قبل خروجهما من قاعة الإجتماع ينطق بنبرة عاجلة :" هذا السوار به متتبع متصل مع خاصة آلفين قم بالبحث عنه سيظهر لديك .... "

تمت مقاطعة كلماته من قريبه الذي أخذ هاتفه و السوار يجيب بهدوء و قد بدأ بالعمل بربط السوار بالهاتف :" أعلم مبدأ عملها بالفعل لذا ركز بالقيادة بدلاً من إدخالنا للمشفى الذي غادرته من وقت قصير فقط "

و المعني لم يهتم حقاً بل هو أوقف السيارة جانباً و بدأ ينقر على عجلة القيادة بإنتظار معرفة الموقع فآخر ما يريده هو السير بعشوائية قد تجعله بموقع أبعد عن خاصة رفيقه !

هو و منذ اشترى هذه الأساور حقاً أي منهما لم يستخدمها رغم ذلك كان هناك اتفاق مسبق بأن لا يزيلها أحدهما لاسيما بهذه الفترة التي كشفت بها الخطط و بات اللعب مكشوف بعيداً عن الغموض و الكذب ..

عليهما توقع الأسوء هذا كان اتفاقهما منذ البداية ! كِلاهما اختار بملئ إرادته هذا الطريق مع معرفتهما الصادقة أن نهايته قد تكون مليئة بالدماء و الرعب ...

بالفقد و الألم و فقط لم يمضي وقت حتى على كونه كاد يغادر هذا العالم ، أجل اتفقا على هذا و قبل كلاهما بهذه المخاطرة لكن ..

عض على شفتيه بقوة ، كيف له السيطرة على مشاعره و جسده ؟!

بصره ارتفع نحو سيتو الذي نطق باسم موقع ما ليعيد تشغيل محرك السيارة قبل أن يبدأ بالتحرك ، من حسن حظه أنه لم يتحرك !

لأنه كان يسير باتجاه معاكس تماماً للموقع الظاهر أما من جهة أخرى فتلك المنطقة عبارة عن غابة فحسب ، هي غير مأهولة فلماذا قد يتواجد آلفين بها بحق الإله ؟

هو فقط ماذا يفعل بمكان كهذا ؟ أتم اقتياده إليه ؟ خطفه ؟ أم خداعه حقاً لا يعلم ..

قيادته لم تكن متهورة رغم احتوائها على سرعة لا بأس بها ، أراد الوصول لآلفين بأسرع وقت و افتعال حادث سير لن يكون الحل الأمثل !

ملامحه كانت رغم ما  بدا  عليها من شحوب بسيط سيطر عليها كانت هادئة ، مشاعره أبقاها لنفسه دون اظهارها للعلن .. فقط ليكن آلفين بخير ثم ليحدث أي شيء لا يهمه .. !!

و سيتو كان يراقب الاشارة الصادرة من الهاتف و يشير لبعض الطرق المختصرة التي أخرجها من خرائط هاتفه ، هو كان يحدق تارة بهاتفه و أخرى بالطريق أمامه ..

نظراته كانت تتبدل كما هي عاصفة أفكاره ، فقط ماذا يحدث حقاً ؟! ذلك المختل المدعو سامويل أليس هو من يحتاج لطبيب نفسي ؟

لا حقاً ذاك الرجل تخطى مرحلة العودة ، بصره انتقل لقريبه الجالس بجواره بنوع من الهدوء ، هذا هنا ألم يكن السبب بعودته لطريق سليم و إلا أما كان ليسقط ببحر مُظلم كان ليجعله كسامويل أو أسوء حتى !

ربما حقيقة وجوده هنا و المخاطرة بنفسه و حياته هو شعوره العميق بأنه بحاجة للمزيد ! لرؤية ما يمكن له أن يفعل و يقدم بعد للآخرين ، فقط أوليس من الساخر أن مثل هذا حدث على يد شخص يفترض المجتمع أنه قاتل فحسب ؟؟

بصره و أفكاره عاد للهاتف عندما أشار أنهما وصلا تقريباً ! ، كان هنالك جبل صغير نوعا ما أمامهما و هما بالواد أسفله ؟

شيء ما خطر على عقل كلاهما دفع ليو ليطفئ المحرك بينما ينطق :" سنتابع سيراً على الأقدام ! إن كان فاقداً للوعي قد لا نراه بسبب هذه الأعشاب لذا لن نتقدم أكثر "

هو بالكاد نطق جملته بينما يغلق باب السيارة و يتحرك بخطوات سريعة للبحث عن رفيقه ، نبضات قلبه لم تكن طبيعية لكنه فقط ما رغب بالتفكير بأي شيء سيء !

ثوان فقط هي ما فصلته عن إصدار شهقة مكتومة ليسرع نحو رفيقه الفاقد للوعي أرضاً ، و أول ما فعله كان أنه وضع رأسه على صدر الآخر يتأكد من كونه لازال يتنفس !

ثم هو خلع جاكيت البذلة خاصته و من بعده قميصه ليمزقه و يضعه على الجرح النازف من رأسه ! هو قد أنه عميق حقاً لذا كز على أسنانه بقوة يحتضنه إليه يكتم أي رغبة بالبكاء أو الانهيار  :" فقط آل قليلاً بعد و سآخذك للمشفى حسناً ؟! إياك أيها المتنمر أن لا تقاوم و إلا لن تعجبك النتيجة أعدك "

تقدم سيتو منه ليساعده على حمل آلفين و وضعه بالمقعد الخلفي و ما إن فعلا ذلك حتى عاد ليو لمكان رفيقه حيث وجد هاتف الآخر مُلقاً بجواره و محطم ليأخذه و يعود للسيارة حيث اتخذ سيتو مقعد السائق بينما جلس ليو قرب رفيقه إذ وضع رأسه على قدميه يضغط على الجرح برفق بينما ينطق بنبرة مهتزة :" آلفين من فضلك يا أخي هل تسمعني ؟! أيمكنك الاستجابة لي و فتح عيناك و لو لثوان ؟ آل ؟ "

لم تكن هناك أي استجابة منه مما دفعه ليعض على شفتيه بقوة ثم هو أخفض رأسه يضعه على صدر الاخر دون ضغط عليه بصمت ما كان مُريحاً مُطلقاً ..

////////

السيارات الفاخرة بدأت بمغادرة المكان بعد انتهاء الاجتماع ليحدق كبير سوين بابنه ينطق بتقطيبة ما :" و الآن أيمكنك أن تفسر لي ما فعله ابنك بالداخل حقاً ؟! "

راقب برايان تلك السيارات التي بدأت تختفي عن مدى بصره دون إجابة لعدة ثوان بدت طويلة حقاً ثم هو التف ليقابل والده :" لا أعلم ! ببساطة أنا لا أدري ماذا خطر له فجأة "

هو تحرك بعدها عائداً لمكتبه بالشركة بينما هنالك عقدة ما بين حاجبيه ، لما غادر بتلك الطريقة ؟

لم يصل له أي اتصال إذن ما هو الشيء الذي يدفعه للمغادرة هكذا ؟ ثم هو أخذ هاتف سيتو و مفاتيح سيارته ..

لا ، لما هو أخذ هاتف سيتو أساساً ؟! حسنا ربما كان لديه موعد آخر و نسي أمره ؟

لا يعلم كل ما يمكنه فعله هو الانتظار لا غير كما هي العادة .. !

تنهد بينما عاد لكومة الأوراق المتواجدة على مكتبه لكنها لم تكن سوى عدة دقائق حتى آتاه اتصال من سيتو ..

هو اتسعت عيناه بينما كز على أسنانه ، وضع هاتفه على الطاولة قبل أن يفرد كفيه بين خُصلاته محاولاً الهدوء ، أن يحافظ على رباطة جأشه عليه النجاح بهذا ليتمكن من العيش على ما يبدوا بهذه الفترة العصيبة التي لا يبدوا له أن لها مخرج قريب حقاً !

بالنهاية هو أطلق عدة أنفاس هادئة قبل أن يقف مُغادراً المكتب و الشركة كلها باتجاه المشفى ..

//////

_ :" أنظر إلى هذا لقد أعددت الغداء بشكل احترافي كالعادة ! "

هو نطق بعبارته تلك بكل فخر بينما نفخ صدره بغرور مصطنع !

و هنري ضحك على مظهره أولاً قبل أن يقترب لرؤية المائدة التي تم تزينها بالأطباق الفخمة لينطق :" فقط ألا تلاحظ أننا إثنان فقط ؟ "

شهق المعني من فوره مُكتفاً يداه بملل :" و إذن ؟ رغبت بتناول هذه الأصناف لذا صنعتها كلها ! و أيضاً أنظر لنفسك على الأقل خسرت نصف وزنك بالفترة الماضية ! "

عاد الأكبر للضحك بينما يرفع يداه بنوع من الاستسلام :" فقط أنت بخير صحيح ؟ هل شفيت قدمك جيداً ؟ لا ترهق نفسك إلى هذه ... "

هو صمت فور ملاحظته لنظرات توأمه الذي نفخ وجنتيه باعتراض ليردف :" أنا يحق لي الاطمئنان عليك أليس كذلك ؟ "

ضحكة صدرت من هاري هذه المرة ليتحرك يجر توأمه للجلوس بمقعده بينما يهتف بمرح :" بخير ! هي لم تعد تؤلمني حتى ، الآن هيا تناول الطعام لدينا الكثير من العمل لليوم مساءاً ! "

جلس هو الآخر على مقعده قبل أن يميل برأسه :" فقط لو يمكنني استخدام تلك الألغام مُجدداً "

_ :" ألغام ؟! متى أنت استخدمت شيء كهذا حتى ؟ "

نبرته كانت فزعة مما دفع ابتسامة عابثة للارتسام على شفتيه يقرب وجهه من شقيقه ينطق :" آوه ، ألم أخبرك ؟! ألم تلاحظ جدياً اختفاء تلك المجموعة المزعجة من العصابة قبل مغادرتك لها ؟ "

و هنري قطب حاجبيه بنوع من التفكير ، المجموعة المزعجة ؟ هو رمش عدة مرات بينما يحاول معرفة إلى من يشير شقيقه تماماً ! حينها بدأت عدة صور بالظهور له ..

و ربما أهمها ذاك اليوم الذي تم تعريفه على الفتى الذي عليه تدريبه آبيل و تلك الرصاصات التي أطلقها اتجاه المجموعة التي كانت متواجدة !!

ثُم ؟ هو أخفض بصره أرضاً و قد قطب حاجبيه بنوع من السكون ، أحد أفراد تلك المجموعة هو من جلده و عندما عاد للمنزل أيضاً تواجد آبيل هناك و اعتنى به ثم بالصباح هو أدخل المسدس بفمه كتهديد ما ! ..

فقط ماذا فعل كل منهما بالآخر حقاً ؟ الآن يُدرك السبب الذي جعل هاري يبكي عندما قابله مباشرة بعد تلك الأحداث ! ظن أنه مثل كونه بخير جيداً لكن الحقيقة كانت أن توأمه منذ البداية كان معه و عرف بكل شيء بل حتى هو من اعتنى به و ضمد جراحه وقتها ..

لكن الآن ليس وقت الغوص بالماضي ، كِلاهما رغب ببداية جديدة بعيدة عن ذاك لذا عليه التركيز فحسب و تجاهل موجة المشاعر المتناقضة التي غزته تواً ..

_ :" أنت ماذا فعلت لهم هاري ؟ هم حقاً اختفوا فجأة لكنني لم أهتم لأمرهم كفاية لمحاولة السؤال عنهم "

و الآخر الذي كان يراقب ملامح الأكبر ابتسم مجدداً ينطق :" كانت هنالك مهمة ما لهم ! و أنا تركت لذلك السخيف تهديد بالدم أنه سيموت قريباً و هذا جعله مرعوب طوال الوقت ! "

هو حدق بيده التي جرحها وقتها فقط لكتابة ذاك التهديد قبل أن يتابع:" حسناً لئلا تبقى خائفاً فمع الأسف الشديد مارسيلينو رفض منحي ألغام حقيقية ! بل كانت مليئة بغاز مخدر و قنبلة صوت لا أكثر لكن رؤية ملامحه عندما داس عليها المختل كانت لا تقدر بثمن ... "

هو ابتسم بشكل غير ودود قبل أن يعود للعبوس :" الآن لا فكرة لدي حول كيف يمكنني إظهار ذات التعابير على ملامح أبي العزيز ! "

تنهيدة صدرت من هنري قبل أن يبتسم هو ينطق :" لا تقلق ليس و كأننا لن نجد طريقة مميزة لأجله صحيح ؟ "
الآخر رسم ابتسامة كخاصة توأمه على ملامحه ليعود كِلاهما لتناول الطعام مع بعض الأحاديث الجانبية فحسب !

//////////

_ :" لكن ليو أأنت واثق من هذا !؟ "

صدح ذلك الصوت الطفولي بنوع من التوتر بينما مُقلتيه ذات لون العسل تحدقان بخاصة رفيقه الزرقاء الداكنة و الذي كان يقوم بربط حبل ما بمنتصف جذعه مُتفحصاً متانته بنظراته الجادة الغير مُلائمة لسنه الصغير !

لكن هو توقف عما يفعله رافعاً بصره إتجاه صديقه الجديد بل الصديق الوحيد الذي تعرف عليه ليس لأجل أي مصلحة أو رغبة من أحد آخر سوى نفسه ..

و كالعادة ابتسم بنوع من الإشراق يتقدم مُمسكاً بيده بتشجيع :" لا داعي للقلق آل ! أنظر لهذا أنا معك لذا لن نسقط كما أن هذا المكان مخصص لأجل من هم بأعمارنا ! "

و المعني قطب حاجبيه يجيب بنبرة خافتة :" لكنك رفضت وجود مرافق لنا ! "

ضحكة صدرت من ليو و هو يحضر حبل آخر ليربطه عند خصر رفيقه جيداً بينما ينطق :" لما قد نحتاج لمرافق ؟ هل أنت ستراني أسقط مثلاً دون أن تحاول إنقاذي ؟ رغم أن ليو سوين لا يسقط لذا ليس عليك القلق بشأن إنقاذي "

ابتسامة واثقة ارتسمت على شفتيه يضع جبهته على خاصة آلفين يتابع بثقة مطلقة :" و أنا لن أسمح لك بالسقوط أيضاً ! أي الأمر تم حله تماماً لذا يعتمد الأمر الآن على هل أنت تثق بي أم لا ؟ "

و تلك الثقة العالية بدى كما لو أنها مُعدية إذ انسكبت بكل هدوء و رقة بعسلية الآخر الذي ابتسم يضع يديه فوق يدي رفيقه :" أنا أثق بك دوماً ! "

بعد ذلك الحوار القصير بدأ كُل منهما بالتسلق بجوار بعضهما البعض ، تلك كانت ربما أول تجربة تخييم لآلفين عكس رفيقه الذي ذهب إلى أماكن كهذه عدة مرات ، و كونه مكان مخصص للأطفال دون سن العاشرة فهو كان محاط بعدة إجراءات وقائية حامية ..

و ما كان كلاهما يتسلقه لم يكن جبل كبير بل جدار ذو حجم متوسط يحتاج منهما لربع ساعة إن كانا بطيئان بخطواتهما كما يفعلان حالياً ! ..

و فور وصولهما للقمة ضحك كِلاهما بمرح و سعادة لكونهما نجاحا بهذا دون وجود أي شخص بالغ معهما حقاً كبقية الأطفال ..

الأصوات كانت مختلطة بعقله ما بين ذاك الماضي الهادئ و الحاضر المليء بالضجيج !

ما بين صوت رفيق طفولته و هو يخبره أنه يثق به و بين ما يعيشه هو الآن ، فقط هو لم يسقط فحسب بل وصل إلى القاع ثُمَ بِمُعجزة ما بدأ يعود للتسلق من جديد ..

لكن لازال الواد الذي سقط به ذات مرة يحاول سحبه مراراً و تكراراً دون كلل أو ملل ! ..

لا أحد بشكل تام حاول الاقتراب منه حتى ، و من سيجرؤ مع تلك الهالة المُظلمة التي كانت تحيط به حالياً ؟

مُقلتيه الزرقاء الداكنة إلتقطت وجود سيتو و الذي استند للحائط مُقابلاً له لذا هو نهض من موقعه مُتجهاً إليه إذ أخرج هاتف آلفين من جيب بنطاله يمنحه للواقف :" سيتو قم بإرساله لمحل ما لإصلاحه لكن تأكد من أن لا يتم محو أي شيء منه مهما كان موافق ؟! "

و المعني تنهد قبل أن يأخذه منه و يسير بخطوات هادئة لخارج المشفى دون أي رد حقيقي ، بالنهاية هو يعلم بما يفكر به ليو ، أراد معرفة لماذا و كيف اتجه آلفين لتلك المنطقة ؟

و ربما يجد دليل ما على الهاتف ؟ لكن السؤال الحقيقي هو ماذا سيفعل بعد أن يعلم ؟

راقب ليو خطوات سيتو بهدوء قبل أن يعود لمقعده البعيد نسبياً عن الجميع ! ..

هُنا حيث تواجد والديه إضافة لوالدا رفيقه و إيزابيلا ، حيث أبلغ سيتو والده بما حدث بينما تكفل هو بطلب من الطبيب الاتصال بوالدا آلفين و جدياً هو رفض التجاوب معهم أو النطق بحرف واحد رغم انهمار الأسئلة عليه ' كيف وجده ؟ ' ' ماذا حدث ؟ ' ' أين وقع الحادث ؟ ' ' أهي محاولة لقتله ؟ ' ' كيف علم عنه و هو لم يتصل به ؟ '

و ربما السؤال الأخير هو فقط ما جعله يبتسم بسخرية ، فهاتفه منذ أن استيقظ بالمشفى لم يره !

هل غرق مع سيارته فقط ؟ أم سرق بالمشفى أو ربما سقط بمكان ما دون انتباه أحد لا يعلم ! هو أراد شراء واحد جديد قريباً ، لكن فقط لم يخبر أي أحد عن ضياع هاتفه كونه لم يجد مناسبة لقول ذلك و الآن بات يتسائل لماذا آل استخدم السوار بدلاً من محاولة الاتصال عليه ؟

لكن ربما فعل و آتاه رد آلي بكون الهاتف مغلق ؟ و حينها فكر بالسوار ؟ أو كان يتألم لدرجة جعلته يتخذ الحل الأسهل ؟

عض على شفتيه مجدداً هل بقي آل لوقت طويل وحده ؟ أبقي واعياً لفترة من الزمن منتظراً قدومه و هو تأخر ؟ فقط تباً !

لكم الجدار بجواره بنوع من القوة التي جعلت والده و البقية يلتفتون له ، أراد برايان التقدم الا أن ابنه فرد يده أمامه ليمنعه ثم عاد للجلوس ببساطة ..

حركته تلك دفعت برايان ليغلق عيناه بتعب حقيقي بينما يعود للجلوس أيضاً ، هو بالكاد يحتمل الجلوس أيضاً لذا ربما فهم رغبة ابنه بعدم الحديث معهم !

لورين احتضنت كاميليا إليها حيث جعلتها تضع رأسها على كتفها و مسحت على شعرها بكل لطف و خفة ، بالنهاية هي أيضاً قامت بتربية آلفين بالسنوات الماضية حاولت إعادة بث الأمان له كما فعل هو مع ابنها ..

لكنها مُجدداً لم تستطع السماح لدموعها بالانهمار ! شعرت بأن مهمتها هي بث الأمل بهم فقط ، بالنهاية لا تود أن تؤمن سوى أن الجميع سيكون بخير ، الأمور ستتحسن عليها أن تثق بهذا ...

جين قدمه كانت تهتز مع كل ثانية تمضي بلا خبر ، هو صُدم قبل خروجه من مكتبه بدقائق باتصال من المشفى ، لم يكن تلقي مثل هذا الخبر بالأمر الهين !

قبل أيام فقط هم عاشوا تجربة الاقتراب من خسارة أحدهم و الآن ابنه هو ، الذي حُرم منه لسنوات طويلة ، لم يستعده بعد حتى لذا لم يكن فقده للأبد قطعاً خياراً يمكنه احتماله ..

لا له و لا لزوجته أو ابنته كونهم مجرد أشلاء لأسرة قديمة كادت أن تتماسك بعودة أملها لهم لكن هاهو ذاك الأمل بداخل غرفة لا يسمح لهم الولوج لها و بحال غير معروف ...

أما تلك التي كان جسدها قد ارتخى تحت يدي تلك التي باتت تقف بجانبها من فترة ، صديقة هي اكتسبتها بحكم الصداقة بين ابنيهما و ما وقع لهما ..

مُقلتيها كانت تبدوا فارغة بشكل مُخيف رغم الدموع التي ما كانت تلبث تتوقف فتعود للانهمار مُجدداً !

بالكاد هي استعادت اتزانها النفسي و عادت لمنزلها الذي أهملته رغم أنه و مع عودتها لم تكن كسابق عهدها مُطلقاً ! ..

لم تكن يوماً بتلك القوة بل هشة أساس قوتها استمدتها من أسرتها و مع شعورها بصدمة سلبهم لأحد أفرادها بل و رؤيتها لزوجها من ينطق بالحكم كان كفيلاً بإحداث انهيار تام بكل العالم الذي بنته ، ذاك الانهيار انعكس على عالم من بقي معها ..

ابنتها التي بقيت لفترة تحت رعاية أسرة والدها و زوجها الذي قضى وقت أيضاً بالمشفى !

ثم حاولت التماسك مرة أُخرى لأجلهما ؟ لأنها بقرارة نفسها تدرك مشاعر جين و حاجته إليها كما هي حاجة ابنتها لها ، رغم أنها لم تنجح بشكل تام لكن كِلاهما كان بجوارها لمجرد محاولتها هذه ..

و الآن هي لا تعرف حقاً ما عليها فعله سوى أنها لن تحتمل المزيد ! و مُطلقاً

تلك الأجواء المكتومة لم تكن يوماً جزء مما أحبت التواجد به و رغم هذا هي تتبعها مُنذ طفولتها المُبكرة و لازالت ...

شخصيتها المتمردة تمنعها حقاً من التعبير عما يختلج صدرها بسهولة رغم عفوية تصرفاتها و عشوائيتها إلا أنها فقط بحالات كهذه تجد نفسها هادئة للغاية ثم تنفجر ما إن يمضي الأمر بذات طريقتها السابقة ..

ذاك الانتظار الذي كان يبدوا أبدياً بأعينهم انتهى و أخيراً مع الطبيب الذي تقدم نحوهم لينهض الجميع من أماكنهم مُتقدمين إليه بسؤال واحد ما نطقه أياً منهم لكنه وصل للمعني الذي نطق بنبرة هادئة :" انه مستقر حالياً لكن لديه فطر بالجُمجمة و ارتجاج في الدماغ و لا نعرف كيف سيكون وضعه و متى قد يتسيقظ لكن حالياً نرى أنه لا يوجد ما يدعوا للقلق على حياته لاسيما بعدم وجود نزيف داخلي ! "

و تلك الكلمات أي منهم لم يعلم أيفترض أن تجعله يهدأ أم لا !؟

حسناً حياته ليست بخطر هذا أمر جيد بالنهاية لكن متى قد يصحو ليس واضحاً و لا تبعات تلك الضربة على الرأس ..

الطبيب حدق بِملامحهم بنوع من الهدوء لامتصاص أي قلق ربما قبل أن ينطق بنبرة هادئة :" بأي حال لا داعي لتواجدكم جميعاً هُنا ليبقى شخص واحد فحسب و يُغادر البقية فبالنهاية هو قد لا يستيقظ الليلة حتى و أوقات الزيارة انتهت بِالفعل ! "

و مع كلماته تلك تبادل الجميع عِدة نظرات خافتة حيث إنسحب بالتأكيد برايان و زوجته إضافة لإيزابيلا بشكل تلقائي ..

ليو نظر لكل من كاميليا و جين دون حديث إلا أن نظراته بدت و كأنها تتحدث بدلاً منه بل ربما و بشكل أفضل من كلماته حتى ! ..

جين أغلق عيناه الزرقاوتين قبل أن يضع يده بنوع من التعب على كتف زوجته ينطق بنبرة هادئة و بسيطة :" لنُغادر نحن و يبقى هو ! بِالنهاية هو من وجده و من اعتنى به لأجلنا حتى هذه اللحظة "

بِقدر ما كانت تلك الكلمات مؤلمة لِكلاهما رُبما كانت الحقيقة المُطلقة الوحيدة التي تجعل كلاهما يتنازل عن مكانه له ! لأن كلاهما يريان أنه أحق بالتواجد ...

و بِهذا غادر الجميع إلا ليو الذي تقدم للسير نحو الغرفة التي وضع بها رفيقه ، هو سحب المقعد المتواجد قرب السرير ليجلس عليه مُحدقاً بالراقد بكل هدوء !

بصره تقريباً ركز بكل جُرح و لو كان صغيراً بوجه الآخر و يداه ، نظر لعيناه المُغمضة قبل أن يمد يده يمسك بيد رفيقه بلطف و كأنه يخبره بوجوده هُنا لأجله ...

///////

شهقة خافتة صدرت من جوفه بينما جلس بهدوء بمكانه ، هذا السامويل حقاً لا ينوي أن يُبقي نفسه بعيداً عنهم أليس كذلك ؟

مسح على خُصلاته ذات لون الفضة بهدوء ، هو يرغب بِالذهاب و الإطمئنان على آلفين لكن وضعه و هنري لا يسمح حقاً بالتواجد هنا و هناك !

و إن كان شخصياً يعتقد أن سامويل سيتجاهله حتى إشعار آخر ، و كأنه سيود التفرغ لهما لذا سيُنهي أولاً من يقف بطريقه ..

أغلق عيناه قليلاً قبل أن يفكر بمتى أساساً هو و توأمه أصبحا مقربين من آلفين ؟! فحتى شقيقه و إن حاول إخفاء ذلك شعر بالصدمة و القلق عليه ...

و يدرك أنه لولا خوفه عليه لذهب فوراً للمشفى فحسب دون رادع !

تنهيدة صدرت من جوفه فكل ما يمكنهما فعله حالياً هو الصمت و الجلوس بانتظار خبر من ليو أو سيتو الذي بات يتواصل معهما بنفسه ...

لذا أخرج دفتر ملاحظات صغير و حدق به لفترة مُفكراً بعدة خطط لدفع والده للاعتراف بما فعله لهما و بما عليه عقابه !

ذاك الرجل دمر حياتهما قبل سامويل حتى بطريقة شديدة الأنانية ، لم يُحبهما لأنه كره والدتهما بشدة ، و كأنهما ليسا ابنيه أيضاً على الرغم من أن والدتهم غادرت أولاً و سافرت رفقة زوج آخر مُتخلية عنهما..

تركتهما لهذا الرجل الذي قرر لاحقاً استخدامهما بدلاً من المال ، و كأن معاملته السيئة لهما لم تكفي حقاً ..

كم مرة ضربه و هنري لأجل زوجته الجديدة أو دون سبب حتى ؟! كم ندب ترك بجسد و روح كلاهما ؟

جسده بصغره كان ضعيفاً و يمرض سريعاً و بكل مرة يغادر هنري للمدرسة دونه و رغم أنه كان يستلقي بفراشه فقط بفعل المرض كان يجد سبباً دوماً لضربه !

ثم ماذا ؟ قام باستخدامها كورقة منتهية الصلاحية لسد شر سامويل عنه ، أي نوع من السخافة هو هذا ؟

أجل يعترف لقد إرتكب غلطة ما عندما و ذات يوم رفع سكين بوجه زوجته ، هو فعل ذلك بسبب كل تلك التراكمات التي تم بنائها بأعماقه هم من دفعه على الجرأة لحمل سكين و توجيهه لها !

أوليس هم من ظلموه أولاً ؟ آذوه دوماً و توأمه دون أي ذنب سوى أنه تم إيجادهما بهذه الحياة لإثنين تنعدم المحبة بينهما و كأنه خيارهما ..

طرق الانتقام التي تجول بِعقله كثيرة لكن أي منها لا يتماشى و رغبته هو و هنري ببداية جديدة بعيدة عن كل ما أحاط بِهم سابقاً .. ! ..

إذن عليه فقط التفكير بهدوء و روية و بطريقة ما يجد نفسه يعود لنقطة واحدة مواجهته مباشرة و تسجيل كُل كلماته ثم منحها للشرطة أو لمارسيلينو تحديداً دون غيره كونه لن يثق بسواه بهذه المسألة و حينها سيضرب عصفوران بحجر توريط سامويل بقضية التجارة بالبشر كونه اشتراهما و توريط والده بها ..!

و بنهاية أفكاره نهض من موقعه متجهاً إلى حيث توأمه الذي جلس وحده منذ علم بإصابة آلفين ليواسيه ربما و يخبره عما توصل له ..

///////

السكون كان طاغياً بالأرجاء ! الهدوء أحاط كل شيء و كيف لا و الساعة ربما تجاوزت الثانية فجراً ؟!

لم يتبقى أحد مستيقظ بمثل هذا الوقت ربما لكن النوم لم يستطع أن يحيط به و يجره لعالم الأحلام كما البقية و ربما هو واثق أن أسرته و أسرة رفيقه لن يزورهم النوم الليلة مُطلقاً ...

بصره كان مُرتكز على ظُلمة السماء الظاهرة من المافذة الضخمة المتواجدة بغرفة رفيقه الذي ما استيقظ للآن ، أفكاره كانت مُشتتة يعلم بلا ريب أن سامويل خلف أياً كان ما حدث مع آلفين !

بحياته هو لم يشعر بالكره اتجاه أحدهم لدرجة تأكده مئة بالمئة أنه قادر على قتله دون أن يرف له جفن حتى ، طوال الوقت لم يكن يفكر بالانتقام من أي أحد ، لم يهتم بمن ألصق عليه و على رفيقه تلك التهمة و ربما بأعماقه آمن أنه مجرد حظ سيء و أن هنالك المئات لا ربما الملايين ممن يتم ظلمهم بحياتهم ...

أراد بِصدق إغلاق كُل ما يصله بالماضي و محاولة المُضي قُدماً مهما كان الحُطام بِداخل قلبه ، لكن هذا الرجل لا يبدوا راغباً بتركه يعيش على هواه ! لازال مُصمماً على نسف حتى الحطام بداخله ..

أكان سهلاً ؟ تجاوز كل ما مر به من لحظة سجنه حتى اللحظة ؟! أهو بقي به ما يمكن تحطيمه أساساً ؟

هم حطموه أولاً و نفسيته ثانياً ثم حياته و قلبه ، رغباته و أحلامه ! و كل ما مكان ذا معنى و أهمية له تلاشى !

لم يستطع سوى إظهار شخصية مليئة بالعبث و الحماقة لمُسايرة حياته التي رفضت أن تنتهي بسهولة ، ما استطاع إظهار مدى ألمه و استيائه بعدم الاستمتاع أو الضحك ربما لأن آلفين سبقه ؟

لأن رفيقه هذا فور أن انكسر بات مُنعزلاً حتى عنه هو ! فبات راغباً بتحطيم ذاك الجدار الذي كان يحاول بنائه لإبعاد الجميع عنه حتى هو ...

وقتها آلفين كان الشيء الوحيد الذي بقي له من كل شيء قديم و سعيد لذا رؤيته يحاول الابتعاد أجبرته على اتباع طرق كتبت شخصيته الجديدة الني بُنيت داخل أسوار السجن ! ..

و الآن هو كاد يخسر ذلك الشيء الذي حارب لأجله حقاً ، بطريقة ما هذا يُشعره كما لو أن ذرات الأوكسجين قد انتهت من العالم كله ..

لذا كيف لا يحقد الآن على سامويل ؟؟

أفكاره تمت مقاطعتها عندما شعر بحركة ما خلفه ليستدير بشكل سريع بإتجاه رفيقه الذي بدى كما لو كان يحاول استكشاف مكانه ؟

هو اتسعت مقلتيه قليلاً ليتحرك بشكل سريع يسنده بيده بينما ينطق بنبرة هادئة :" فقط لا تتحرك لا تزال مصاباً آلفين ! "

و بصر الآخر استقر على ملامح مُحدثه بنظرات حائرة قبل أن يعود للإستلقاء مُجدداً بناءاً على رغبته كما دفع ليو لينهض :" سأحضر الطبيب إنتظر قليلاً موافق ؟ "

أنهى جملته دون منحه أي فرصة للرد رغم كون الآخر ما رغب بالحديث أساساً بقدر تحديقه الغريب و الفضولي به و الذي ما انتبه عليه الآخر !

عدة دقائق بسيطة مضت قبل أن يعود ليو برفقته الطبيب المناوب و الذي تقدم نحو المستلقي بنظرة هادئة :" حمداً لله على سلامتك سيد آندريسون "

و المعني رمش يحدق بالطبيب أمامه بنظرات غير مفهومة أو تائهة احتوت على كمية لا بأس بها من الفضول ؟!

تلك النظرات دفعت ليو ليتقدم قليلاً ينطق موجهاً حديثه للطبيب :" ما به ؟ "

و آلفين حدق بليو بنوع من الحذر قبل أن ينطق :" لكن من أنت !؟ و لماذا أنا هنا ؟ "

شهقة صدرت من المعني بينما تبدلت نظرات الطبيب لأخرى منتبهة بشكل أكبر حيث تقدم لفحص المؤشرات الحيوية و الضغط ثم جلس بجواره بنوع من الهدوء:" أخبرني أتذكر كيف أصبت ؟ "

حرك آلفين رأسه سلباً بنوع من العبوس قبل أن ينطق الطبيب مجدداً :" و لا تذكر أسرتك أو رفيقك هذا ؟ "

تقدم ليو للوقوف بِجواره بينما حدق آلفين به مرة أخرى قبل أن ينطق :" لا ! "

بعثر ليو خُصلاته الزرقاء الداكنة بينما يهمس لنفسه :" هذا مُذهل ! "

الطبيب ابتسم لجعل المريض يطمأن :" على الأغلب هذا من تأثير السقوط على رأسك ، هذه ستكون مجرد عارض مؤقت المهم أنت بخير حالياً "

هو أنهى جملته ليتقدم رفقة ليو إلى الباب يكمل بنبرة خافتة لمن معه :" هو بخير ! لكن كما قلت فقده للذاكرة قد يكون مؤقت رغم هذا لا أحد يعلم متى قد تعود و لماذا ! ثم سيعاني هو من نوبات صداع مختلفة لذا حاول أن لا يضغط أحد عليه ! "

هو أنهى جُملته تلك ليغادر ليعيد ليو بصره لرفيق طفولته و الذي كان يرمقه بنظرات حذرة عابسة ؟!

ربما لأنه تجاهل سؤاله عن التعريف عن نفسه ؟ ابتسم بشكل خافت قبل الاتجاه نحوه ليجلس بجواره ينطق :" أنا اسمي هو ليو سوين ، صديقك منذ كنا بعمر الخامسة او السادسة ! و أنت آلفين آندريسون كلانا طالبين جامعيين أنا أدرس إدارة الأعمال و أنت القانون بالعام الثاني "

و آلفين نظر له بشكل لطيف حيث كان يردد :" صديق طفولة ؟! إذن ماذا حدث لي ؟ "

و شيء من السخرية غير المقصودة ظهرت بنبرة صوته :" إن لم تخبرني أنت كيف سأعرف ؟ "

هو بدل نبرته فوراً ليضع جبينه على خاصة رفيقه :" هذا لأنك متنمر و تذهب بمفردك دون إخبار صديق طفولتك إلى أين ؟! رغم هذا وجدتك فاقداً للوعي بمكان معزول "

_ :" كيف وجدتني إذن ؟ "

هو نطق تساؤله بحيرة حقيقية بانت على كافة ملامحه ليجيبه الأصغر بلطف بينما يبعثر شعره :" عن طريق السوار ! "

رفع كف يده يريه السوار قبل أن يتابع :" أنت تمتلك مثله ، منحتك إياه بعيد ميلادك حيث يمكنك أن تضغط عليه ليهتز خاصتي إن احتجت لي فجأة و به متتبع للموقع و العكس كذلك إن احتجت إليك كل ما علي فعله هو الضغط عليه ليهتز خاصتك فتجدني "

الحماس رفقة الدهشة بدت على ملامح الأكبر مما دفع ليو ليضحك قليلاً قبل أن ينطق :" الآن آل عُد للنوم يا أخي نتحدث غداً مطولاً لذا ارتح فحسب "

/////////

أشعة الشمس المُلتهبة تصدرت كل مكان يمكنها أن تطاله ناشرة جزء بسيط من حرارتها الشديدة !

و بغض النظر عن مدى ارتفاع درجاتها أو انخفاضها هذا ما منع البشر من السير دوماً بطرقهم نحو أعمالهم و أشغالهم ...

كالعادة بملامح و نفسيات مختلفة و متباينة ما بين السعادة و الحزن ، الحماس و الإكتئاب !

و منهم كانت تلك الأسرة التي أوقفت سيارتها الخاصة أمام بوابة المشفى قبل موعد السماح بالزيارة بربع ساعة كاملة ..

فأي منهم ما استطاع الخلود للنوم حتى ! أفكارهم بقيت أسيرة ابنهم الراقد هنا لذا و مع ظهور الشمس كانوا قد نهضوا للاستعداد بلا اتفاق مُسبق ! ..

و كون موعد الزيارة كان قد تبقى عليه القليل من الوقت هم اتجهوا للطبيب المسؤول عنه أولاً و الذي استقبلهم بهدوء و ابتسامة بسيطة ما إن لمح كمية التعب و الخوف بأعينهم !

_ :" لقد استيقظ إبنكم حوالي الساعة الثانية بعد منتصف الليل كما قال الطبيب المناوب و تجاوز الخطر بالفعل ! "

الراحة ارتسمت على ملامح الثلاثة لتنطق أصغرهم سناً :" أهو يمكنه المغادرة إذن للمنزل ؟ "

آمال الطبيب برأسه بخفة يومئ سلباً بلطف :" هو تجاوز مرحلة الخطر و استيقظ لكن بسبب الضربة التي تعرض لها على رأسه فقد ذاكرته بشكل كامل ! لذا سنبقيه حتى صباح الغد فقط للمراقبة "

شهقة قلقة صدرت من كاميليا فور سماعها بتلك الجملة لتهتف :" و كيف يكون بخير هكذا ؟! "

أمسك جين بيدها بخفة ليدعمها قبل أن ينطق هو الآخر :" هل هناك أي آثار لهذا ؟ أهو سيستعيدها ؟ "

و الطبيب صمت سامحاً لهما التعبير عن قلقهما و استمع لأسئلتهم بشكل هادئ قبل أن يجيب :" هو بخير سيدتي ! فقدان الذاكرة على الأغلب شيء مؤقت فحسب و حمداً لله أنه نجى من ذلك السقوط بهذا فحسب هذا أولاً "

نظر للأب ثانياً يُكمل :" لا توجد آثار لهذا لكنه قد يعاني من صداع ما بين حين و آخر بسبب الاصابة لذا يفضل أن لا تضغطوا عليه بالأسئلة كل ما عليكم فعله هو الدخول و التعريف عن أنفسكم فقط "

رغم كل تلك الكلمات التي كانت لأجل طمأنتهم إلا أن القلق لم يفارقهم حقا ليمنحهم الطبيب الإذن و الذهاب لرؤيته أخيراً ..

و بتلك الغرفة الواسعة حيث كان آلفين جالساً يحدق بالسوار خاصته الذي منحه ليو له صباحاً حيث أخرجه من الخزانة التي وضع بها مقتنيات الأول ...

أما رفيقه فجلس بِجواره فقط يُحدق بنظرات هادئة قبل أن ينطق بتقطيبة :" الآن آلفين أتشعر بالصداع أم أنه اختفى ؟ "

و المعني رفع بصره يحدق بصديقه بابتسامة لطيفة بينما يجيبه :" هو أختفى الآن بالفعل ، شكراً لأنك أحضرت المسكن "

و تلك الابتسامة دفعت واحدة للتشكل على ثغر الآخر و الذي وضع جبهته على خاصة رفيقه التي تزينت بالشاش :" تحت إمرتك سيد آلفين ! لا تشكرني مُجدداً لأجل أمر تافه كهذا فنحن بالنهاية صديقان و هذا لا شيء حرفياً "

كلماته و نبرته كلها كانت لينة و لطيفة إذ أدرك أنه لا يتعامل هنا مع رفيقه المتنمر بل بدى كما لو أن شخصية آلفين الحقيقية و التي اختفت منذ سنوات عادت لتحتل مكانها فحسب مما يعني أنه أيضاً بحاجة ليكون لطيفاً فقط .. ! ..

و قبل أن يجد آلفين الوقت للإجابة ابتعد ليو قليلاً مع صوت طرق الباب و الذي جعل نظرات الأول تتحول للارتباك ربما ؟!

و بطريقة ما هذا جعل ليو يبتسم بِنوع من الخِفة فعل هو خجل من مقابلة أفراد جدد ؟ جدياً ألا يشبه هذا ردة فعله عندما تقابلا أول مرة ؟

بالنهاية كانت كاميليا أول من يدخل يتبعها جين ثم إيزابيلا التي نظرت لليو و كأنها تستفسر بصمت حول الأوضاع !؟

و الأولى تقدمت حيث ابنها و الذي كان يحدق بهم بنوع من الحذر و الهدوء لتنطق بابتسامة أرغمت نفسها على إظهارها رغم انهمار دموعها مُجدداً :" أنا كاميليا والدتك يا صغيري ، حمداً لله على سلامتك بُني "

هي انهت عبارتها حيث اقتربت لتحتضنه بخفة و رفق بينما تقبل رأسه عدة مرات !

و آلفين فتح فمه بشكل بسيط رغم شعور الخجل الذي انتابه بفعل حركاتها هذه إلا أنه رفع يده يضعها على ظهرها بينما ينطق بنبرة خافتة :" شُكراً لكِ "

هي جلست بِجواره بينما ليو وقف بِجوار تِلك التي كانت تُحدق به بتساؤل :" ماذا أيتها الطفلة هل تم ابتلاع لسانك الآن ؟ أم أين هي التي اقتحمت غرفتي كجندي ما !؟ ما كل هذا الخجل من شقيقك هو حقاً كان ليُصدم "

كلماته تلك دفعت التجهم ليملئ وجهها قبل أن تكتف يداها تهمس :" أنت لم تفقد ذاكرتك فجأة ! ثم ما هي مشكلتك ؟ تبدوا غريباً بطريقة ما !؟ "

نظراته اتجهت لها بشكل مباشر و قد رفع أحد حاجبيه باستنكار مُطلق :" لا تفعلي ! حقاً إيزابيلا لا ، أنا نهايتي إما السجن أو مشفى المجانين و حتى القبر ربما ! "

هو انهى عبارته يتقدم للأمام حيث نطق بابتسامة خافتة :" إذن خالة كاميليا أيمكنك الافساح لزوجك المسكين الدور ؟! "

جين ضحك فور سماعه لجملة ليو ليتقدم بينما نهضت المعنية بلا رغبة حقيقية منها !

_ :" و أنا جين والدك صغيري ، حمداً لله على سلامتك! "

هو أنهى عبارته يطبع قبلة على خُصلات ابنه الداكنة قبل أن يبتعد هو الآخر لئلا يضغط عليه أو يُزعجه حقاً !!

أما الأخيرة فهي ابتسمت بسخرية لجملة ليو تلك مُقررة تجاهلها بأي حال لتنطق بمرح من فورها :" و أنا شقيقتك الصغرى و الوحيدة إيزابيلا ! فقط أنت تحبني أكثر من هذا اللص للعلم "

_ :" ها ! لم أكن أعلم أننا بمنافسة ما آنستي ثم و لا حتى بأجمل أحلامك سيقوم بتدليلك فقط لأنك فتاة لكنك لن تتفوقي علي حقاً ! "

هو نطق جمله بشكل استفزازي دفعها لتنفخ وجنتيها باعتراض مطلق بينما ضحك كل من كاميليا و جين !

أما آلفين فهو بدى سعيداً حقاً أن أي منهما لم يطالبه بالوقوف لجواره و وضعه بموقف هو حتماً لا يعلم كيف يتصرف به خاصة بحالته هذه التي لا يذكر بها أي شيء !

و لا كيف كان ليتصرف لو أنه يذكرهما ؟ عيناه ذات لون العسل الصافي اتجهت إلى باب غرفته بتقطيبة ما فهل سيتواجد المزيد من الأفراد ؟؟

مُقلتي ليو اتجهت لسيتو الذي رمش بحيرة فور رؤية الانظار متجهة إليه ! بالنهاية لم يعد من الغريب رؤيته يتجول حول ليو و آلفين بل الواقع هو لا يتجول بقدر كونه يحاول إبقاء قريبه المجنون على قيد الحياة ربما ؟

مُقلتيه اتجهت بشكل تلقائي لآلفين إلا أنه وجد نفسه تائهاً عن معرفة من هو صاحب هذه الملامح اللطيفة و النظرات الفضولية الوديعة !!

لذا رمش عدة مرات قبل أن ينظر لليو ينطق بتساؤل بدى مُضحكاً :" من يكون هذا ؟ "

العبوس طغى على ملامح آلفين مع تقطيبة ما بينما كتم ليو ضحكة ما من الصدور لينطق :" و الآن هذه وقاحة ! هو عندما يستعيد ذاكرته لن يسمح لك بالنجاة لأجل سؤالك اللطيف هذا ! "

_ :" فاقد للذاكرة ! "

هتف مُردداً خلف ليو قبل أن يفتح فمه و يغلقه ثم هو آمال برأسه يُردف :" حسناً هذا منطقي و يفسر سبب نظراته هذه ! "

توقف عن تمتمته مع نفسه لينطق بنبرة هادئة :" حسناً إذن أنا اسمي سيتو سوين قريب ليو و أتيت بالواقع لأنني بحاجة لسحبه معي للعمل ! "

بالنهاية وجه بصره إلى جين و كاميليا لينحني بشكل بسيط كنوع من التحية ثم التف إلى ابن عمه الذي همس :" عمل ماذا تماماً !؟ أخبر ذلك العجوز أنني لن ... "

و كلماته قاطعها سيتو عندما كتف يداه يُخرج هاتف آلفين من جيبه و قد تمت إعادة إصلاحه ليهمس أيضاً :" هو ليس عمل مع جدي ! أنت من طلب هذا ليو أم نسيت ؟ "

و رؤية هاتف رفيقه جعلت عيناه تتسع لوهلة قبل أن يُحدق به بنظرات غير ودودة لاحظها الجميع ربما ليقترب جين منه يضع يده على كتفه ينطق بهدوء قلق :" ليو ؟ ما الأمر ؟ "

ابتسامة الأصغر عادت من فورها يومئ للواقف أمامه سلباً :" لا شيء فقط لا يبدوا أن جدي ينوي إبقاء علاقة سلمية معي ! هو سينفجر قريباً بأي حال "

حسناً ذلك لم يكن ليمر على القاضي الذي كتف يداه و ج أحد حاجبيه كمن تلقى نكتة غير مُضحكة تواً !!

ردة فعله تلك جعلت الشاب أمامه يشهق قبل أن ينطق :" لا تبدأ بممارسة هذه الطباع المتنمرة علي ! فظيع "

هو أراد التذمر أكثر حتى لولا أن بصره وقع على رفيقه الذي كان يحدق به بنظرات بدت للوهلة الأولى غير مفهومة !

لا هي ستكون غير مفهومة لكل من بهذا العالم إلا عنه هو ، لأنه من تواجد قربه طوال الوقت ..

تلك النظرات كانت طلب صامت منه أن لا يتركه وحده !؟ و هذا ربما ما جعله يصمت بالمقام الأول إذ لماذا هو يفعل ؟ لقد فقد ذاكرته و لا يعرف بأي شيء من الماضي لكن أيعقل لأنه أول من رآه فور استيقاظه ؟

بصره أخفضه قبل أن يقترب للجلوس بجوار رفيقه يضع جبهته على خاصته :" لن أتأخر كثيراً أعدك موافق ؟ هي ساعة او اثنتان فقط ثم أنظر والداك هنا و هذه الطفلة أيضاً و لأحذرك هي متنمرة حقاً لذا لا تغتر بمظهرها الظريف هذا "

بصر آلفين ارتفع يحدق بملامح ليو الذي تواجد معه منذ أن استيقظ ! هو شعر بالراحة له و لوجوده حوله كما أنه من أنقذه بفضل الهدية التي منحه هو له بعيد ميلاده ؟!

لذا كالطفل الذي يتشبث بأول رائحة يشتمها و يميزها عادة هو رغب بالتشبث برفيقه هذا ! و لولا خوفه الحقيقي من جعله يشعر بالاستياء أو الغضب لما رغب بالموافقة على جعله يذهب و يتركه حتى لو مع أسرته ..

رغم هذا هو استمع لكلمات ليو بهدوء قبل أن يرمش بحيرة ليردد :" متنمرة ؟! "

و المعنية بهذا شهقت من فورها باعتراض مُطلق تطلق سيل من التهديدات ضده بينما هو غمز بشكل سريع لرفيقه ينهض بينما يهتف :" إذن آل تحت أمانتكم حتى عودتي لن أتأخر "

أردف بعدها سريعاً :" آوه ، صحيح آل قد يأتي والداي إلى هنا أيضاً لرؤيتك أيضاً لذا ليس عليك النظر بفضول نحوهما أيضاً ! "

ربما هو رغب بقول لذا لا تخف أو تتوتر من وجود أشخاص آخرين لا تعرفهم أيضاً ! ، أو رغب بجعله يطمأن لوالديه ؟ لا يعلم حقاً إلا أنه أسرع بالمغادرة كونه قد يغير رأيه بأي ثانية لأجل البقاء رفقة أخاه !

//////

خُصلاته ذات لون البُن المائل للعسلي كانت مبعثرة بشكل بسيط بينما كان مُنهمك تماماً بترتيب الأدلة و الملفات التي حصل عليها !

آلفين و هنري بآخر عملية إختراق قاموا بها تمكنوا من الحصول على معلومات حول بعض  رجال سامويل ، مؤسف أن لا شيء ضده بشكل مباشر هو يحصن نفسه بشكل جيد و للغاية ...

لدرجة تجعل كل ما يتم جمعه من معلومات بلا قيمة لكن هذا خاطئ بالطبع و هو يدرك هذا لأنه من خلتل سحب رجاله هكذا الواحد تلو الآخر سيبدأ بالشعور بالقلق و التخبط !

كما أنه لابد من وجود واحد منهم على الأقل سيحاول الإشارة على سامويل و لو بشكل علني ! و هذا ما عليه البحث عنه بالضبط ...

لذا هو كان غارقاً بترتيب كيفية اعتقالهم ثم لازال هناك دليل سيوجه نقطة سوداء ضد سامويل مباشرة ..

هو تلقى اتصال ما من هاري عند الظهيرة يطلعه على خطة ما ستجعل سامويل محط شبهة و إن نجى منها لتُفتح أبواب الماضي عليه ! ..

بصره ارتفع حيث حدقت بُنفسجيتاه بالقادم و الذي لم يطرق الباب حتى بل اقتحم مكتبه يسير إليه بخطوات بدت مُستاءة كما لو أنه يحاول كتم بركان ما من الانفجار بأعماقه .. ! ..

_ :" سوين ليو كيف يمكنني مساعدتك ؟ "

و الشاب الذي وقف أمامه تقدم من مكتبه ثم آمال جذعه باتجاهه يهتف بنبرة هامسة ، حادة :" لأنني بدأت أشعر بالملل ! لا أزال أذكر جيداً أننا مؤخراً عقدنا اتفاق ما بيننا لكنني هنا لأخبرك أنني سأقوم بتجاهله و يمكنك فعل ما تشاء ! "

عيناه لم ترمش حتى بل راقب ضيفه الغير متوقع بكل هدوء و تركيز قبل أن يجيب بنبرة هادئة بسيطة كما لو أن النقاش الذي يخوضه كلاهما طبيعي للغاية :" لماذا ؟ أنت لم تمنحني أي فرصة بعد ! "

استقام الأصغر سناً بنوع من الهدوء الظاهر ليخرج هاتف رفيقه من جيب بنطاله يمنحه للأكبر :" أنظر إلى هذا ! لقد اختفى هاتفي منذ تعرضت للحادث و أحزر ماذا ؟ "

كز على أسنانه بسخط ما استطاع تجنبه :" هنالك شخص لعين تواصل مع آلفين من هاتفي أنا و طالبه الذهاب لمنطقة مهجورة حيث كاد يفقد حياته ، هو حاول خنقه و ألقاه من أعلى للأسفل ليفقد ذاكرته ! سيادة المحقق متى تعتقد أنك قادر على إحضار حقنا عندما يموت أو أموت أنا ؟ "

أراد مارسيلينو أن يُجيبه و بشكل جاد لكن الشاب ضرب على الطاولة أمامه بقوة :" أساساً أيمكنك حتى إحضار حقنا ؟! بالنهاية بدلاً من الإمساك به و بغض النظر عن مدى الظلم الذي وقع علينا من سامويل ذاته و تلك الأدلة السخيفة التي لا يستمع القانون إلا لها أين كنتم أنتم عندما قام أحد مطبقي القانون من جلدي ؟ "

هو ابتسم بشكل ساخر :" ألا يفترض أن سجن الأحداث مكان لإعادة تربية الفرد و جعله صالح ؟ إذن كيف تم السماح بجلدي أنا فقط لأن أبي كان مسافراً و لم يأتي لرؤيتي ؟ لأنهم اعتقدوا أن أسرة سوين تخلت عني للأبد ؟ أنظر إلي لا أزال حتى اللحظة داخل خطتك تلك لكن أقسم لك أنه إن تم إيذاء آلفين مُجدداً فأنت ستأتي و تقبض علي بتهمة قتل و هذه المرة بالقصد بل و مع سبق إصرار و ترصد مفهوم ؟ "

انهى كلماته دفعة واحدة ليغادر كما آتى دون منح أي فرصة لمارسيل بالحديث حتى !

و الذي فور أن أغلق ليو الباب خلفه حتى همس لنفسه :" فقط بما أقحمت نفسي حقاً ؟ "

هو تنهد قبل أن يفكر بكلمات الأصغر ليضغط على إحدى الأزرار بجهازه :" أريد كافة المعلومات و التفاصيل التي حدثت بفترة سجن سوين ليو و آندريسون آلفين بسجن الأحداث .. "

حسناً هو عليه معرفة التفاصيل ليتمكن من توقع تصرفاتهما و ضبطها حتى لئلا يندم لاحقاً !!

او بشكل أدق لئلا يندما هما بسبب عمل متهور ما يودي بهما و بحياتهما للأبد هذه المرة ...

ثم بالنهاية هو وجه نظره للهاتف الذي تركه الأصغر هنا معه ! ، بطريقة ما هو أدرك أنه ما أحضره فقط لمحاولة تتبع من سرق هاتفه و إنما لأن الحقيقة أنه لو لم يكن أول من أبلغ عن هذه الواقعة لاعتبرت محاولة قتل آلفين جزء من مخطط هو دبره !!

لذا هو أخرج ملف ما و قام بالإبلاغ عن فقد هاتف سوين ليو منذ يوم الحادث و ما انتهى حتى رفع أحد حاجبيه :" و الآن أما كان يمكنك الانتظار حتى توقع على المحضر ؟! لا يهم جدياً "

هو اختتم كلماته بتقطيبة قبل أن يرسل خلف شخص ما ليأخذ المحضر لأسرة سوين حتى يتم توقيعه ...

//////

عيناه البحرية حدقت بالكتاب أمامه بنوع من الهدوء ، اليوم لم يتواجد أي شخص معه !

حتى سيتو غادر صباحاً و لم يعد ، أيشعر بالخوف ؟ ربما قليلاً فقط لكنه قلق أكثر من العودة لتلك الوحدة التي كانت تتربع بقلبه قبل دخول إيرنيست لحياته ..

عمه و أول يد مدت له ! الشخص الذي لازال يقاتل لأجله حتى اليوم رغم أنه غير مضطر لهذا حقاً ..

تنهيدة صدرت من بين شفتيه قبل أن يضع الكتاب جانباً و يستلقي عله ينام فحسب ، ما عاد راغباً بالبكاء و أبداً هو اكتفى منه يقسم يريد أن يكبر سريعاً !

و يرغب بحماية عمه حينها من الجميع و من والده فقط لما قلبه ينبض برعب ؟ تماماً كما لو كان يشعر بأنه لن يراه قط مُجدداً ؟

حرك رأسه سريعاً بشكل جانبي كامل لينفض تلك الأفكار من عقله ، هو ليس بحاجة لمثل هذه السلبية و السوداوية بالفكر ! عليه أن يتفائل صحيح ؟

أغمض عيناه بالنهاية بينما يكرر بعقله أن كل شيء سيكون بخير قطعاً ! ...

//////

المساء كان قد جالباً معه الكثير من النسمات المنعشة و التي افتقدها الأغلبية صباحاً !

و كما تلك النسمات كانت منعشة فإن الأجواء التي سادت غرفة المشفى بدت مماثلة لها لاسيما بعد انضمام برايان و لورين لتلك الجلسة و بعدهما عاد ليو و سيتو ...

آلفين بدى أكثر راحة بتعامله مع المتواجدين و إن فضل أن يطلب من ليو أي شيء هو بحاجته ؟

و بالطبع ما كان أحدهم ليعترض حتى ! ، جين و كاميليا بعد انخفاض قلقهما و لو قليلاً على صغيرهما كُل منهما وجدها فرصة ملائمة لإعادة التقرب منه ؟

هما يمكن لهما تصحيح الماضي و أخطائه إن وثق ابنهما بهما هذه المرة و لم يخذلاه و هذا كان عزاء كلاهما بتلك اللحظة ..

ليو كان يجلس بجوار رفيقه لكن الجميع لاحظ اختلاف تصرفاته عند العادة ، هو أقل مرحاً و تذمراً من أي شيء بل ربما بالكاد يضحك إن كان آلفين المتحدث فحسب !!

شيء ما خاطئ أو ربما هم يدركون أنه وصل لأعلى مرحلة بالصبر على ما يحدث من حوله و بدأ بالانفجار حقاً ...

الأمر المطمئن هو تعلق آلفين الفاقد للذاكرة به كما لو أنهم يثقون بأنه سيقيد حركاته المتهورة لأجله على الأقل !

////////

بإحدى المنازل التي تشير إلى الحال المتوسط لساكنها جلس ذلك الرجل رفقة زوجته و ابنه !

ثلاثتهم كانوا يجلسون لمتابعة إحدى الأفلام العائلية معاً ، نشاط هم كانوا يقومون به كل يومين بالأسبوع لأجل الترابط الأسري الذي بينهم ...

إلا أن تلك الأجواء تمت مقاطعتها عندما طُرق على باب المنزل عدة مرات دون توقف أثار بقلب رب هذه الأسرة الإنزعاج !

فقط ما هي مشكلة الطارق حقاً ؟!

نهض من مكانه ليفتح الباب و فور رؤيته لابنيه يقفان خلفه حتى قطب حاجبيه بضيق و غضب :" أنتما ! ماذا تظنان أنكما تفعلان هنا !؟ ألم أقل بوضوح لكما لا أريد رؤية وجه أي منكما ! "

كلماته كانت حانقة لكن كل ما رآه بعينا الصغيران كان البرود المطلق حيث ابتسم هاري بشر أولاً يقترب منه :" ستدخلنا أم يجدر بي الاتصال على المحقق لتفعل !؟ "

هنري تابع بملامح احتفظت ببرودها التام :" لا تقلق ليس و كأن أي منا مهتم بالعودة لهذا المنزل اللعين نحن سنتحدث فقط ! "

_ :" لا يوجد ما سنتحدث بشأنه ! كلاكما غادرا لم يتبقى سوى عامين و تكملان الثامنة عشرة من عمركما ! لا شيء لدي لكما "

تنهيدة صدرت من هاري الذي أخرج من طرف قميصه سكين جيب يضعها على معدة الأكبر كتهديد :" لكن أبي نحن علينا الحديث حول كيف قمت ببيعنا لسامويل ! ابن شقيقك ! لذا دعنا نتحدث داخلاً بهدوء و إلا سترى أي نوع من الجنون أمتلكه "

و العرق تصبب منه فور شعوره بملامسة السكين لمعدته ! هذا الفتى مجنون ألم يحاول قتل زوجته بالسابق و حاول الانتحار حتى ثم بطريقة ما بات يعيش مع محقق ؟

لذا هتف بينما يفسح مجال لهما :" هذا غير صحيح لا شقيق لدي و من أخبركما بهذا مجرد كاذب ! "

و ابتسامة باردة ارتسمت على ملامح الاثنين يحدقان به بشكل مظلم أخافه حقاً ! هما لا ينويان خيراً قطعاً يمكنه الثقة بهذا ..

يتبع
الفصل من كتابه Coldsnow5

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top