السآدس || جحيمنا لطيف ؟

-"أنتَ - يا عزيزي- في هوامش سجل ذكرياتي ،
أما بالنسبة للمستقبل ، فلا تلُمني على عدم وجوده إن كانت مخيلتكَ لا تستطيعُ صنعه ،
أنا أيها الحالمُ من لا يقوى تأثيرُ الزمنِ على الطغيانِ عليها ،
أنتَ يا من أعرفهـُ ولا أعرفهُ ، حالُكَ كحالي ،
لربما كنت في محيطك الآن ،
لرُبما أنظُرُ إليك ،
لرُبما ... سأُحبُّك"

، قالت كلماتها الأخيرة ، ليبدأ هو بالتعرق والتحديق بالفراغ ..
نظرت ڤيرونا له ملاحظةً تغيُّرَهُ المفاجئ ؛ لتقترب وتسحب الهاتف باستسلامٍ منه .. ابتعدَ ، ثم تهاوى ليحُطَّ على الأرضِ جالساً بوهن ..
ودونَ شعورٍ منه ، تسللتُ دموعٌ صامتة إلى مقلتيه ، لتنزل وتحرق وجنتيه معها ..

الشعور نفسه .. عندما واجه جثة والده .. عندما سمع صوتها ، ذاتُ الشعور في تلك اللحظة عاد ليغزو قلبه مجدداً .. نبرتها الهادئه ، شعر بالموت في كل حرف نطقت به .. هل هذا من نبرتها نفسها أم لشعوره ؟ وياللعجب ، تهزمهُ من بضع كلماتٍ تصوبُ على قلبه باتقان ! انها الأمهرُ في هذا !!
،
نظرتْ الأُخرى لهُ لوهلة ، لتضع سماعةَ الهاتف على أُذنها وتردف قائلة :
-"أصبحتُ حقاً أشعرُ بالفضول حولك .. من تكون ؟!"
، سألت ، ليجيبَ الطرف الآخر بصوتٍ رجوليٍ تتخلله البحة :
-"أنا من لكِ مكانةٌ خاصةٌ في قلبه يا عزيزتي ،
أنا وأنتِ من نكونُ عملتان بوجهٍ وآحد ،
أنا من كلامهُ المبهم يسيطرُ على مناطق الفضول في عقلك ،
لترغبي بي ..
أنتِ تريديني ..
أنا أُريدك !"

-"تصبحُ شآعرياً مع الوقت .. (إيريبوس)~!"
، قالت بسخرية ، لتضعَ مكبراً للصوتِ بعد أن نكزها جيمين من خلفها .. ثم اتجه ليحضرَ جهازَ تعقب ، لكن قاطعته الضحكةُ المجنونة المنبعثة من الطرف الآخر ، ليتبع قائلاً :
-"بارك جيمين ، أيُها المغفَّل .. لا تُحاوِل حتى"
، توقف ، بل وتجمد مكانه .. إنه بالفعل يعلم نسبة الكفاءة الأمنية في هذا المكان ، فكيفَ لهُ المعرفة بتحركاته ..
أكمل الطرفُ الآخر :

-"لقد أردتُ إزعاجكم قليلاً يا رفاق ، في الواقع .. لن أكذب ، فبعد أن تقاعد ذلك العجوز ، أصبحتُ أرغبُ في عمل جريمة يومياً .. سأكبحُ رغبتي رأفة لحالكم ، وأيضاً عزيزي جيمين ، لا تكن مغفلاً ، فهل تظنُ من مجرمٍ لم يُعرف منذ عشرين عاماً ، أن يسمح لكُم بتعقُّبه بهذه البساطة ؟! جدياً !!"

-"لن أرتاح حتى أراكَ على حبل المشنقة أيُّها اللعين"
-"سأنتظرُ هذا بفارغ الصبر، لكن اذا حدث لي شيء .. تأكدي تماماً أنك سترينه يحدثُ لكِ ، نحن واحد ، ڤيرونا خاصتي!"
، قال كلماته الآخيرة باستفزاز ، ليقفل الخطَّ بعدها جاعلاً من الصمتِ زائرهم لهذه الدقائق الثقيلة على القلب ، والعقل كذلك ..

"ليسَ ذكراً" ، التفتوا جميعاً بعدم استيعاب للجالس أرضاً ، بعد أن طردَ هذا الزائر أخيراً وقالَ بصوتٍ مهتز .. ليردَّ جيمين : "ما الذي تهذي به بحق الجحيم ؟! لقد سمعنا جميعاً صوته "

"ليس معروفاً ما إذا كان ذكراً أو أنثى .. إنه يستخدمُ برنامجاً لتغيير الأصوات .. أُنثى هي من تحدثت معي !" ، قال بهدوء بينما يقف

"إضافة إلى أنه يغير نبرة صوته مراراً ، إنهُ يتلاعب كثيراً .. فهذا ليسَ غريبٌ عليه .. لكن .. أعتقدُ أنه لربما أن يكون أحدهم حقيقي !!" ، قالت ڤيرونا بعد أن تنهدت .

•••••••
"بارك جيمين ، قُل للتو بأنك كُنت تمزح !"
، قالت بينما تشير بسبابتها للواقف أمامها بهدوء ليومئ نافياً ، ويردفَ قائلاً : "ستعيشان معاً ، في نفس الشُقة بما أنكما محققان دائمان لهذه القضية ، وسأعيشُ وديانا وبعض العناصر الأمنية بنفسِ الشُّقة ، بما أننا -أنا وديانا- مؤقتان في هذه القضيّة على أيِّ حال ، وقد نذهبُ في أيِّ لحظة "

"من الذي أصدر هذا الأمر بحق عشتار ؟!"
، سأل الآخرُ بانزعاج ، ليُجيبه : "السيد آديليو".

"لا مجال ، سأذهب لأُخبره بأننا لا نريدُ هذا"
، قال بينما يهمُّ بالذهاب ، لكن قاطعتهُ ديانا قائلة :
"لا فائدة من حديثك معه ، لا يغيِّرُ قراراتٍ كهذه إذا لم تكُن متعلقة بقصة حياةٍ أو موت ، إنهُ عنيد"

"لكن هذه القصة بالفعل كذلك !! يريد مني أنا وهذه الكائنة أن نعيش معاً في نفس المنزل ؟!! حتماً واحد منا سيُقتل" ، صرخ بانزعاج ، لتزفر ديانا ، وتردف قائلة : "كفا عن هذه الطفولية ، بربكما هل ستقنعونه هكذا ؟!!! جدياً ، الا تلاحظان أنكما محققان في نفس القضية ، اقول لكما ، لا تتعبا نفسيكما بلا فائدة ، إضافة إلى أن المنزل كبير ، ليس وكأنه يطلب منكما النوم في نفس الغرفة وعلى نفس السرير او ما شابه ، بالكاد ستريان بعضكما !!"

"اللعنة" ، تمتم كليهما بانزعاج ، ليدركا الآخران انهما استسلما للامر الواقع ، فيردف جيمين قائلاً : "لن ننام هنا صحيح ، اننا مستيقظون منذ البارحة والساعة ستصبحُ السابعة صباحاً بعد قليل !!"

"حسناً لنذهب ، لكن سيكون علينا العودة للعمل في تمام الثانية عشرة " ، ردَّت ديانا وهي تنظرُ للساعة الرقمية المعلقة على منتصف الحائط ، ليخرج شوقا بتذمر، ويخرج خلفه جيمين وڤيرونا وديانا تباعاً .

••••••
" كلا الغرفتان في الطابق الثاني ، المطبخ وغرفة الجلوس هنا ، إضافة أن هناك غرفة فيها مستلزمات تحتاجونها ، ستعرفون ماهيتها تماماً بنفسكم ، تستطيعان اختيار الغرفة التي تريدانها ، إنهما متماثلتان تماماً، وتم وضع أغراضكما بالفعل في غرفة الجلوس" ، قالت ديانا وهي تهمُّ بالخروج وتتجه للشقة المجاورة ، ليتبعها جيمين ..

وفور أن خرجت ، صعدت ڤيرونا للطابق العلوي بسرعة وهي شبه نائمة  ، لتدخل إلى أول غرفة تواجهها وترتمي على السرير دون النظر لأي شيء، وتغطَّ في نومٍ عميق ..

بينما الآخر اتجه للغرفة الشاغرة ، لينام وهو يشتمها ..

••••••
وقع من السرير فجأة بينما كان نائماً إثرَ وقع صوت الصراخ المدوي عليه وهو نائم ، ليقف مفجوعاً ويركض نحو مصدر الصوت
دخل غرفتها التي كانت هي مصدر الصوت بالفعل ليجدها منكمشة على نفسها في احدى زوايا الغرفة وهي تنتحب
"مالذي يجري بحق عشتار ؟!"
، سأل باستنكار لتستمر ببكائها ، غير قادرةً على إجابته
"اللعنة ، فلتذهبي للجحيم "
، تمتم بغضب وهو يهمُّ بالخروج ليخرج صوتها المختنق إثر البكاء ، وهي تقول :

"أخرجها ارجوك"
"ما هي ؟! لا شيء غريب هنا "

، سأل باستنكرا ، لترفع رأسها قليلاً ، وما هي الا لحظات حتى أعادتهُ بين يديها ،ليزفر الاخر بغضب ، ويقول صارخاً :
"انا المعتوه الذي سايرتك أصلاً .. حتى لو كنت على حافة الموت ، لن أهتم "

خرج ، واطبق الباب خلفهُ بقوة .. تنهدَ بانزعاج ، ثم همَّ بالنزول إلى الطابق السفلي ..
'أنزل ام لا ؟!'

،وقف حائراً امام الدرج ، تارة يضع قدمه على الدرجة الأخيرة لينزل وأخرى يبعدها ؛ لأن هذا يتناقض مع انسانيته ..

وبالنهاية استطاع جانبه الانسانيّ الفوز ، ليتجهَ نحو غرفتها ويفتح الباب بهدوء .. تقدمَ إلى وسط الغرفة ، ثم سأل بهدوء : "ما الذي تريدين مني إخراجه ؟"

"ما خلفك " ، أجابت بصوت مبحوح وهي ترتجف وتبكي ، ليخلل أصابعه بين شعره ثم يستدير للخلف ،

إلا أنهُ لم يرى شيئاً سوى مرآه معلقة على الحائط وأمامها طاولة وكرسي صغير ، تنهد بعمق

، ثم فكَّر :
' لا بدَّ أنها كانت تتوهم '

تقدَّم نحوها ببطئ ، ثم جلسَ حلى ركبتيه أمامها ، ليردف قائلاً بابتسامة لطيفة وعيونٍ ناعسة : "لقد أخرجتها .. تستطيعين فتح عينيك الآن "

فتحتْ عيناها بعد دقائق قليلة من التردد ، لتعود لإغلاقهما فجأة وقد عاد نحيبها العالي ، وارتجافها

قطَّب حاجبيه باستغراب ، اقترب منها ثم رفع يده بتردد ، دقائق مرَّت ، لتحطَّ يدهُ بالنهاية على رأسها ، ويبدأ بالتربيت عليه بهدوء ..

هدأت قليلاً ، فهذا قد أعادها سنوات قليلة للماضي ، لتذكرَ أمها التي كانت تفعلُ هذا كلما كانت هي تبكي .. بدأت تتمتم :
"أخرجها أرجوك "

زفر بثقل ، ليمسك وجهها ويرفعه نحوه مباشرة ، طالباً تواصل عيناهما ..

"مالذي أخرجه ؟، سأل عاقداً حاجبيه ، لتجيب بعد دقائق من تحديقها به ..
••••••••••
#انتهى#

رجعنا لعشتار 💔😂😂

اي اسئلة ؟ 

ايش اللي جذبك اكثر شي للقصة بشكل عام ؟ / البطل (شوقا) / القصة نفسها (الوصف اول شي) / الغلاف / شي تاني ؟

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top