PART 29
بين الجبال و الهضاب شقت السيارتان طريقهما بذلك الطريق المستوي بكل هدوء ، و بداخل السيارة السوداء كان زين يجلس ملتصقاً برفيقه توماس بينما يمسك هاتفه علي أحد مواقع التواصل بينما يضحك بخفه و رفيقه يشاركه بالضحك بما يريانه بالهاتف .
نظر رايان لصورتهما المنعكسة علي المرآه بداخل السيارة و التي تقع علي مستوي نظره و الابتسامة علت شفتيه بخفة سعيداً بأن شقيقه الصغير يضحك و حالته النفسية تحسنت بعد كل شئ مر به .
أعاد نظره للطريق ينظر للطريقان المنفصلان كلٌ بإتجاه و قبل أن يمسك بهاتفه كان قد صدع رنينه ليوقف الولدان بالخلف و أيقظ ويليام الذي كان ينام بتعب بالمقعد الامامي بجانب رايان .
رد رايان بهدوء : أبي ..
الا أن الأخر قاطعه بنبرة أمرة قلقة : رايان إنعطف يميناً بسرعة .
عقد رايان جبينه بقلق و إستغراب : لماذا أبي ؟ .. ماذا يحدث ؟
رد والده بسرعه بنبرة أشد غلظة بينما يحاول أن يسرع ليتبع سيارة إبنه : رايان نفذ دون نقاش لا وقت و سأخبرك ما الأمر فيما بعد .
أومأ رايان بصمت بعدها ليغلق و بدون أن يسأل أحد إلتف للطريق الأيمن بسرعه بينما تخطت و عبرت سيارة والده الرمادية الطريق الايسر حيث المكان المحدد للذهاب إليه في العطلة و خلفها مرت سيارتان باللون الاسود يتبعانها بسرعة شديدة ، فإتسعت عين رايان بقلق و أحس بتلك اللحظة إنهم محاصرون و أن كل شئ ليس سوى مؤامرة ، و لكنه برغم ذلك لم يتبع سيارة والده خوفاً علي إخوته و إبن خاله ، فلابد أن والده أمره بذلك لمعرفته إنهم بخطر .
لاحظ الثلاثة الامر و شعروا بالاستغراب و لكن من بينهم زين لاحظ السيارتان الذان مرَّا خلف سيارة والده ، فنظر لرايان بعد أن ترك هاتفه و نطق بقلق : ماذا يحدث ؟ .. لما إنفصلنا أخي ؟
أجابه رايان بهدوء : لا شئ زين سيقابلنا والدك بالجانـ....
قاطعه زين بغضب و خوف : لا .. أتصل علي أبي الان و إجعله يأتي من هذا الطريق أو إذهب إنت و عد أدراجك .
لم يجيبه رايان بل أكمل طريقه بصمت ظناً أن زين سيصمت الا أن الأصغر عقد جبينه بغضب و خوف شديد إستقر بأعماقه و كل ما يخطر بباله هو تلك المحادثة الغامضة بين الاشخاص الذين كانوا يجلسون مع والده بمنتصف الليل ليقترب من النافذة المفتوحة و أراد أن ينظر خلالها الا أن رايان قام بإغلاقها فوراً و نطق ببرود أمراً : ويل .. عد للخلف و لا تدعه ينظر للنافذة .
فهم ويليام ما يحدث لينفذ دون حرف فهو يعلم أن ما فعله رايان الان و إغلاق النافذة سيجعل زين يصاب بالفوبيا مجدداً و بالفعل منذ أن رأى النافذه تنغلق تدريجياً حتي سكن بعيون متسعة و عيناه تتخيل ان المكان يدور و يقترب منه بطريقة مخيفة و كأنه سينغلق عليه تماماً ، فأخذت أنفاسه تتلاحق و جسده إرتجف بخفة و رغم محاولة توماس لإبعاده الا هذا لم ينفع و كل ما همس به بصعوبة :_ اخي .. المكان .. يضيق !
فجأه شعر بيد ويليام تغلق عيناه و همسه الذي إستمع له : إسترخي زين و دع كل شئ لرايان .
ثواني من السكون حتي إرتفعت يده ليمسك بها ذراع أخيه بقوة و نطق بقلق كبير : راي .. ويل .. علينا مساعدة بي .. أرجوكما أنا خائف ..
ضمه ويليام بهدوء بينما ما يزال يغلق عيناه و تابع : زين إستمع للكلام فقط و لا تجادل .. لا تخف والدك سيسبقنا للجانب الاخر .
أفلت يده عن ذراع ويليام و سأل بقلق : حقاً ؟! ..
همهم ويليام بصوت سمعه زين فكاد يتابع حديثه الا ان أرتجاح السيارة فجأة جعلهم يشهقون بقلق و تمسك الجميع ببعضهم البعض و بذلك زاد تشبث زين بأخيه و خوفه مما سيحدث .
نظر توماس عبر النافذة و هتف بعفوية قلقاً : رايان هناك سيارة تتبعنا .
:_أعرف .. تمسكوا جيداً .
نطق رايان بهدوء و برود ظاهري بينما ينعطف بعيداً قليلاً عن السيارة المجهولة و يسرع بسيارته .
و بالجهه الاخري ..
راوغ ماكس بسيارة جون السيارتان المطاردتان لهما مما أدى لإنحراف إحدى السيارتان و إصدامها بإحدى الاشجار الملتفة علي الطريق و تبقى واحدة فقط ، فتحدث جون : ماكس حاول مراوغتها و الذهاب للأولاد فأنا قلق من أن يكون هذا مجرد فخ للإيقاع بهم .
نظر ماكس بطرف عينه لجون .. يشعر أن وراء كلماته شئ أكبر .. فلما يطارد هؤلاء الاشخاص كلاً من زين و رايان ؟ .. هناك شئ ما يخبئه .
فتح فمه و سأل مباشرةً بجملة تختصر كل ما يدور بداخل عقله : جون ما الذي تخفيه ؟
نظر له جون و سكت .. الان يجب أن يشاركة بكل شئ .
--
إنحرفت السيارة علي جانبها ، توقفت فجأه ، حاوطتهم أشجار الغابة علي حواف الطريق ، كما حاوطتهم سيارتان ، خرج عدة رجال منها ، وجوه إصفرت و أخرى جمدت ، و كل شئ توقف للحظات بالنسبة لزين و عيناه تحدق بذلك الرجل الذي يقف أمام سيارتهم بإبتسامته الخبيثة و عينه الواحده التي تفترسه هو ، و وجهه يشحب أكثر و أكثر و ذكرياته السيئة تعود مجدداً لتدور كحلقه تعيد له كل مشهد أراد ان ينساه و أن يحذف من ذاكرته للأبد .
أزال رايان حزام الامان و تحدث بنبرة مظلمة و باردة : ويل .. قد السيارة بعيداً و أنا سأشغلهم عنكم .
دهش ويليام و شعر بالقلق و لكن لم يكن له المجال للرفض و هم بهذا الموقف الصعب فمن الجهه الاخري هناك زين و توماس و عليه أن يحميهما بعد كل ما حدث لهما و خاصةً لزين فهو لم يشفي بعد من تلك الحالة رغم أن حالته النفسية إستقرت الا انه قد يعود لنقطة الصفر إذا ما حدث شئ ، فنطق مرغماً : حاضر أخي و لكن كيف ستعود ؟
إبتسم رايان بصمت بينما إتسعت عين زين الذي رفع نظره لشقيقيه و قد عاد لرشده ليحدق بهما بصدمة .. هل هما يمزحان ؟
أبعد نظراته و حدق بقدميه .. كل شئ بسببه هو فقط .. لولا انه ما يزال يتنفس لما وقع أحبائه بهذا الموقف الصعب بالنسبه لهم .. لذا هل عليه أن يفعلها حقاً ؟!
شعر فجأة بيدين تقبض علي يديه فرفع نظره لعينيّ رفيقه التي طبعت باللون الازرق السماوي و كم وجد بها كمية قلق شديدة تجاه كل ما يحدث حولهما فلم يجد طريقة سوي أن يبتسم .. يبتسم ليطمئن رفيقه بينما هو يتآكل من الداخل .
حدق توم بعين رفيقه التي أصبحت داكنه أكثر الا من لمعه غريبة ظهرت بهما .. لمعة يألفها جيداً فكثيراً ما كان يظهر ذلك الكم من الخوف و القرارات المصيرية بآن واحد حين يقع بإحدى المشاكل العنيفة .
فتحت باب السيارة لتلتفت أعينهما نحو رايان الذي خرج بالفعل ليقف أمام سيارته بعينان جادتان و قلب يتجمد كلما مر عليه الثواني تلتها الدقائق .. لم يكن خائفاً بل كان مستعداً لكل ما سيحصل بعد قليل من هؤلاء الاوغاد .
حدق سيتو به بسخرية بينما تابعه جوزيف ببرود و كأنه يدقق بتصرفات من امامه و يكتشف نقطة الضعف و لكن بالنسبه لرايان كان يعلم ما يدور بذهن كل واحد منهم .. حركات أجسادهم .. ملامحهم التي تتقلب و تثبت .. الكلمات و الجمود .. كل شئ و كل حركة كان يقرأها بهم .. و يعلم جيداً ما سيحدث ..
إبتسامة لا مبالية رسمت و إتسعت و إتبعتها قهقهه خافتة و كأن هناك من ألقي إحدى النكات له ليضحك .
إختفت ملامحهم و حل محلها الغضب و الاستغراب .. فهل يستهزأ بهم ؟! ..ألا يعلم مع من يتعامل ؟!
:_ما الذي يضحكك يا هذا ؟
نطق سيتو بعصبيته المعتادة ، فنظر رايان إتجاههم و بسمته لم تفارق وجهه ليستند بجسده علي سيارته و نطق متجاهلاً ما قاله سيتو للتو : أخرج خالي آندريان .. من لا يعلم أن خلف كل ذلك هو أنت و أمثالك المختلين !.
توسعت عين ويليام بدهشة و عدم تصديق بينما حدق الصبيان بالذي يحدث بحيرة فهما لم يتعرفا بعد علي باقي العائلة .
خطي بخطوات متزنة بينما يفسح رجاله له الطريق ليعبر بينهم و ظهر بشعره البني و العينان الزرقاوتين الحادتين الذي وجّهها لرايان ببرود يعكس حقده العميق و كرهه للذي امامه .. و من ناحية رايان كان ثابتاً لا يخشي أن كان عمه أو خاله حتي .. كل ما يهمه الان هو سلامة من معه .
:_أظن إنك تعرف الباقي جون الصغير .
نطق خاله بإبتسامة باردة فإختفت البسمة عن شفتي رايان .. دائماً ما كان يناديه بجون الصغير نظراً للشبه الواضح بين رايان و جوناثان و رغم ذلك كان ذلك اللقب يخرج لنبرة حاقدة و كارهة للذي أمامه دون سبب واضح .
":_بالطبع ."
كلمة واحدة من خرجت ببرود من رايان بنظرة باردة يوجهها لخاله و قد تبادلا النظرات الغامضة فيما بينما .
كل ذلك كان خلال لحظات قبل ان يسمع صوت صراخ أخيه تزامن مع إبتعاده عن السيارة لتحط تلك القطعة المعدنية علي وجه السيارة الامامي مصدرة صوتاً رناناً و لم تكن تلك الأداه متوجهه الا لرأس رايان الا ان رايان كان أسرع بتعامله مع الموقف .
و قبل أن يسحب الرجل المعدن رفع رايان ركبته ليضرب بها معدته ، فشهق الرجل و سقط أرضاً الا ان إثنان أخران أرادا الإنقضاض علي رايان و رايان يواجههم بمفرده و بكل مرونة و سرعة و قد أخذ وضعية دفاعية قبل الهجوم و علي ثغرة إيتسامة ساخرة غير مبالية .
لم يتحمل ويليام أن يكون أخيه يواجه الخطر بمفرده فهرب من زين و توماس و أغلق عليهم السيارة جيداً و ذهب ليساعد أخاه متجاهلاً الصبيان بالسيارة .
شهق زين بدهشة و إقترب من الباب محاولاً فتحه الا إنه كان مغلقاً .. حاول و حاول الا انه لم يفتح .. نسي كل شئ و أراد فقط أن يفتح هذا الباب الذي يبعده عن إخوته .. ما يجري حوله من مشاجرة و خطر و عنف غير إنغلاق الباب السيارة الضيقة جعلت أنفاسه تتسارع .. فزع ، خوف ، رعب ، إنهيار .. مشاعر كثيرة إنتهت به يصرخ بينما بينما يغمض عيناه و قبضتيه تضرب بالباب بعنف متجاهلاً الألم .
لم يكن منتبهاً لتوماس الذي كان يحاول إبعاده و إسكاته فتارة ينظر للشقيقان الذان يحاولان إبعاد الرجال و قد أنهكهما التعب و تارة يعيد نظره لزين الذي تورم كفيه من الضرب علي الزجاج و فقط أنتظر و تمني بهذه اللحظة أن ينتهي كل شئ أو حتي يصمت زين عن ما يفعله فهو حقاً غير قادر علي إخراجه مما هو فيه .
:_راي يا أخي .. إنهم كُثر لن ننتهي هكذا !!
نطق ويل مذعوراً بينما يفلت من أحد الرجال و يضربه ، فأتاه صوت رايان الذي كان يراوغهم ببراعة : ألم اخبرك أذهب من هنا ويل الاحمق ؟! .. ثم لما تركت الأحمقان الغبيان بالسيارة و أنت تعلم ان ذلك القصير يخاف الأماكن المغلقه و أنظر أنه يصرخ كالأحمق !"
إن كان بموقفاً غير هذا لضحك علي كلام أخيه و وقاحته الا ان الموقف لم يسعفه ، فنطق بإنزعاج : و ماذا أفعل ؟
قاطعه رايان قائلاً ببرود بينما يضرب أحد الرجال و يراوغ الاخر : لا بأس فزين سينتهي به المطاف فاقداً للوعي و نحن من سنموت هنا .
توقف ويل بتفاجؤ ليرمق أخيه بغضب ، فهل هو واعي لما يقوله بكل هذا البرود ؟!
نظر رايان بطرف عينه لشقيقه و أعاد نظره للرجل الذي يحاول ضربه .
فجأه شهق ويليام حين تفاجئ بشخص يكاد يضربه بشئ ما حاد و رغم أنه رآه الا أن الوقت لم يسعفه ليراوغه ، فأغمض عيناه مستعد لمصيره .
شعر بشخص يجذبه من قميصه ، فتراجع للخلف عدة خطوات الا انه توقف بفعل يده و وقف خلفه تزامناً مع إطلاق صوت رصاص قوي ففتح عيناه بشدة و توجس بينما يحدق بما حدث امامه .
الارض المسطحة الاسفلتية التقطت ذلك الجسد و سرعان ما إنتشر ذلك السائل القرمزي بالارض حول الرجل بعد ان إخترقت تلك الطلقة منتصف جبينة.!!
رفع نظره بذعر لشقيقه الذي أنزل يده الممسكة بتلك القطعة السوداء المعدنية بكل هدوء و ملامح هادئة طبعت علي وجهه و كأنه لم يقتل نفسَّاً بهذه اللحظة .
كان فرق الطول واضحاً بين الاثنان .. لا مجال للمقارنة بطول ويليام القزم برايان .
إلتفت رايان برأسه لوجه ويليام المذعور .. كانت نظراته توحي بسؤال عميق مرتجف سأله له بنظراته " لما فعلت ذلك ؟! "
الا أن رايان كان شخصاً أخر تماماً .. شخص لم يتعرف عليه ويليام أبداً فمهما كان عصبي ، غاضباً ، ساخطاً علي كل شئ الا انه لم يتجرأ و يقتل أحداً أو تمتد يده علي أحد أو يتشاجر ، و الان يقتل شخصاً بكل هذا البرود ؟!
أبتسامة إستقرت و نظرات توجهت لخاله الذي كان يستند يشاهد كل شئ بهدوء عجيب و كأنه بمسرحيةً ما .
أبعد نظراته لينظر لأهم شخص لديه لتسقط تلك الرماديتان اللتان لمعتا بدموع متحجرة بهما لتلك الداكنتان التي أسفرت عن دفء عميق داخله تجاه الصبي رغم برودتها .
كان الجميع ينتظر ردة فعل زين الذي يحدق بكل شئ من داخل السيارة ليتفاجئوا بتلك الابتسامة التي إتسعت بسعادة و بعدها بثواني تحولت الي صرخات بينما تخط دموعه علي وجنتيه : لا تتركهم يا أخي !!
حسناً !! .. هل يسمي هذا الشعور تفاجؤ أم صدمة أم كليهما ؟ .. هو حقاً لم يري ردة فعل كهذه بحياته كلها .. حقاً شقيقة الصغير غريب الاطوار !!
كان يحدق الجميع بذلك الصغير بدهشة و إستغراب و بعضهم أجزم انه فتي جامح و مجنون الا ان شخص واحد فقط كان يفهمه جيداً .. يفهم انه ليس بجامح أو مجنون او أي شئ أخر .. يفهم فقط و يعلم انه مجرد فتي قابله الزمن بتقلباته ليقع فريسة لأشخاص لم تعرف الرحمة طريقاً لقلوبهم المتحجرة ليصبح الانتقام أعلي وسيلة ممكنة ليعود لما كان عليه و رغم ذلك هذا ما لم يكن يتمناه أبداً بأخيه الصغير .. فهو يريده فقط أن يبقي ذلك الصبي البرئ و غريب الاطوار .
*
*
*
يتبع..
حسناً .. النزهة انقلبت مصيبة 😂💔
رايان تهور و قتل احد الرجال 🙂
و زين يريد الانتقام 🙃
الامور تشابكت فماذا سيحدث ؟
من سيفوز بالنهاية 🙂💔
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top