الفصل الأول
بقلم نهال عبد الواحد
قال سيجموند فرويد: «الأحلام تنتج عن الصّراع النّفسي بين الرّغبات اللّاشعورية المكبوتة والمقاومة النّفسية التي تسعى لكبت هذه الرّغبات اللّاشعورية؛ وهكذا فإنّ الحُلم عبارة عن حلٍّ وسط أو محاولة للتّوفيق بين هذه الرّغبات المتصارعة...»
فتحتُ عيناي فرأيتُ سقف حجرتي، حجرة نومي الجديدة... أنا عروسٌ جديد في أول أيّامي الزّوجيّة، لا أدري لماذا لا أتذكر ليلة أمس! لا أتذكّر أي شيءٍ حدث قُبيل أو أثناء حفل الزّفاف، لا أتذكّر حتى هيئتي بفستان الزّفاف الرّائع، كأنّ اليوم بالكامل تمّ إلغاؤه من ذاكرتي!
ثوبي الّذي بحثتُ عنه وسط آلاف التّصميمات بين المحلات ومواقع التّواصل الاجتماعي، حتى صمّمتُ أروع ثوب زفاف، أتذكّر كلّ إنشٍ فيه لكن لا أتذكّر هيئتي به ليلة أمس!
أنا حتى لا أتذكّر كيف كانت ليلتنا الأولى! ليلتي مع حُبّ عمري! كم انتظرتُها! وا رأساه! ماذا حدث لي؟! ما سرُّ هذا الألم العنيف الّذي يفتك برأسي؟!
عليّ النّهوض من فراشي هل سأظلُّ محملقةً في سقف حجرتي للأبد؟! لكن مهلًا! لماذا لا أشتم رائحة عطر آسر؟ آسر قلبي، مَن أسرني بوسامته وأذابني بحلو كلماته العاشقة المفعمة بأشواقه وهيامه بي... لماذا لا يخرج صوتي كلّما حاولتُ نداءه؟!
لماذا لا أشعرُ به جواري ملتحفًا معي بنفس الغطاء؟! نظرةٌ جانبية لاحت منّي، هو غير موجود بالفعل! ما هذا السّخف؟! لماذا أبدو كإنسانٍ آليّ؟ أرّاني أتحرّك بغرابةٍ كأنّ أحدهم يتحكّم بي! كأنّ جسدي متيبّسًا... وأخيرًا استطعتُ تحريكه وجلست زافرة من سخف ما يحدث معي!
إنّها حجرتي الحلوة، الّتي انتقيتُ كلّ جزءٍ منها، لماذا لا أرى ثوب عُرسي معلّقًا أو حتى ملقيًّا به أرضًا في أي جانبٍ على الأرض؟!
مهلًا! ما هذا الّذي أرتديه؟! منامة عادية! عليها رسومٍ كارتونية! كيف لي أن أرتديها في أول لقاءٍ بيننا؟! أهذا لباس عروسٍ ليلة عرسها؟! هل جُننتُ؟! أم ربما اختلفنا؟! كأنّ خجلي قد قاد الموقف! أم ماذا؟ لا زلتُ لا أذكر أي شيء!
اقتربتُ من المرآة أتطلعُ لملامحي، كم بدت شاحبة! كأنّي لتوي خرجتُ من رحلة مرض ولستُ عروسًا... وا رأساه! هل شربت إحدى أنواع الخمور أو المخدرات وشبيهاتها؟! ليست عادتي إطلاقًا لكني لا أتذكّر!
لكن السّؤال المنطقي، أين أنت يا آسر؟! كيف استيقظت قبلي دون أن تيقظني أو تدللني كما وعدتني مرارًا؟! أكانت وعود واهمة أم ارتكبتُ إحدى حماقاتي ليلة أمس؟!
ربما داخل حمّام حجرتنا، هل أطرق عليه الباب أم أقتحمه بجرأة؟ عليّ أن أكون جريئة معه وأجرأ من كلِّ تصوّراته، فلا جناح عليّ وقد صرتُ زوجته وحليلته.
تحرّكتُ نحو الحمام، للحظةٍ شعرتُ أنّي أبذلُ مجهودًا هباءً؛ فلا زلتُ واقفةً مكاني! ثمّ فجأة وصلتُ في لمحةٍ إلى باب الحمام لدرجة أنّي كدتُ أصطدم به! هل كنتُ أطير أم قفزتُ ببلاهتي؟! لا أدري بحقٍّ ما يحدث معي!
وقفتُ ألهث دون فهم سبب ذلك، وضعتُ أذنيّ على الباب أتسمّع أي شيء... لكنّي لم أسمع شيئًا! يا للغرابة! لم أسمع حتى صوت مرش الماء!
طرقتُ الباب عدّة مرّات محاولةً نداءه، ومرّات أخرى لا يخرج صوتي! لدرجة أنّي حاولت السّعال ربما هناك شيئًا حبسه عن الخروج... لكن لا فائدة كأنّ أحدًا قيّد أحبالي الصّوتية بالأغلال!
الآن قررتُ فتح الباب وها أنا أدير المقبض، فتحته فُرجةً صغيرة ولا زلتُ أحاول إخراج أي صوت أشاكسه به، لكن الأعجب لا أسمع أي صوت، توتّرتُ قليلًا عندما لاحت في رأسي فكرة أن أدير عينيّ في أرجاء الحمام، مؤكد هي خدعة قام بها ليجعلني أقتحم عليه الحمام أثناء تواجده به وهو... لكن لا زلتُ لا أذكر أي شيء ربما شجّعني وتجرّأت.
وفي لحظة وسط ترددي تقدّمتُ خطوة وأنا أزيد من فُرجة الباب تدريجيًّا لأدخل كلّي أطأ بقدميّ هذه العتبة الوردية النّاعمة، التفتُّ لأتفاجأ به مستلقيًّا في مغطس الحمام... لكن سابحًا في بركةٍ من الدّماء...
لحظات وغاب كلّ شيءٍ حولي وسقطتُ في بئرٍ عميق... ظلامٍ حالك...
Noonazad 💕💖💕
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top