بارت 28


لم تكن الشمس قد ظهرت بعد و كأن هذا اليوم يرفض الانتهاء ، دموعه كانت قد توقفت منذ فترة بيأس ، ربما هو أدرك أن لا فائدة منها فلا هي تخفف من شعوره ذاك و لا هي قادرة على مواساته !

بتلك اللحظات كم تمنى لو أنه يمتلك شخصية أقل تعقيداً من خاصته ! فقط يرغب بأن يبكي بصوت مرتفع ، أن يصرخ بقوة أو أن يتشبث برفيق طفولته و أسرته مُخبراً إياهم أنه ببساطة يتحطم لأشلاء بكل صمت و هدوء .

دون أن يستمع أحد لتلك الأصوات فصاحبها غير قادر على التعبير مُطلقاً و لن يكون على الأغلب ، فحتى شهقات بكائه فارغة بلا حياة كما هو صراخه الصامت ، شخصية كهذه أليست لعنة ؟ سيفنى وحيداً إن استمر هكذا فهل هكذا سيسعد ؟

كيف تجتمع شخصيته هذه و كل هذا الكتمان مع الرعب من الوحدة ؟ أي تناقض هو هذا بحق الإله ؟

نهض من مكانه بعد تأكده من أن حارس العمارة قد اهتم بصغيرته !

لم يكن ليُحضر الشرطة لسحبها من هنا و هو يدرك تبعات ذلك من تحقيق و غيرها هو لا مزاج لديه له لذا أرسل بطلب حارس العمارة و اختبأ خلف احدى الأشجار الضخمة يراقبه ، و تقريباً دموعه كادت تنهمر عندما صدرت شهقة من المعني !.

يشعر بأنه فقد حق قيادتها ، بل و رؤيتها هو الان مدين لآل أيضاً بنصف الثمن الذي دفعه رفيقه معه لشرائها ! ، ثم ؟ لا يعلم سوى أنه فقط لن يقوم بإصلاحها حاليا بل طلب ممن أخذها تواً أن يضعها بالساحة و يغطيها بقطعة قماش لئلا يقع بصره عليها و كأنه من الممكن له نسيان مظهرها !.

و ما أنهى الأكبر عمله و غادر حتى خرج ليو من موقعه ليسير بخطوات بطيئة فإصابته تؤلمه بحق !

يشعر بأن ظهره قد ينقسم لنصفين بأي ثانية ، يده اليسرى هو غير قادر على تحريكها ، و خدوش حارقة مختلفة بما بها تلك الجروح التي توقفت عن النزيف برأسه و المكان الذي يريد الذهاب له بتلك الحالة مجهول تماماً .

#####

تقلب بنومه مرة أخرى ليستلقي على ظهره بينما زرقاويتيه حدقتا بسقف الغرفة بنظرة ساكنة و عميقة , الكثير من الأفكار تجول بداخله مُنذ تلك اللحظة التي شاهد توأمه ينهار أمام عيناه باكياً !

كم مرة يفترض به رؤية تلك الدموع ؟! بحق الإله ألم يعاهد ذاته منذ سنوات طويلة مراراً و تكراراً على أن لا يسمح لها بالإنهمار ؟ و بكل مرة يخفق بطريقة ما , لا يمكنه تكرار رؤيته يؤذي نفسه فقط لأجل هذا صحيح ؟! لأجل تلك العصابة و كل ما أوصلهم إليها , عليه فقط أن يبتعد عن طريق توأمه سواء أحب هذا أم لا , بشكل تدريجي بل ربما عليه أن لا يعود لزيارته مُجدداً كبداية و الإكتفاء بتلك المكالمات حتى ينقطع التواصل بشكل نهائي ؟

إنقبض قلبه و بقوة عندما تسللت تلك الكلمة لأفكاره بينما تجمعت دموعه , إعتدل ليجلس بينما يشد على قبضة يده , هو قراره إذاً يفترض به أن يغلق فمه صحيح ؟! حماية شقيقه أولاً و قبل كل شيء و عواطفه و رغباته ليست إستثناء قطعاً .!

نهض من موقعه ليستبدل ثيابه و يستحم بشكل سريع رغم تعكر مزاجه و قطعاً خروجه للعصابة و المقر ليس ما قد يناسبه لكن بأي حال هو عليه الذهاب أولاً لمكان آخر محتلف تماماً قبل أن يعود لوجهته الفظيعة تلك .

فور أن انتهى من الاستعداد وضع سلاحه بمكانه المخصص وبملامح أبعد ما يكون عن السرور خرج من غرفته بخطوات ثابتة متجاهلاً كل ما حوله والشيء الوحيد الذي يفكر به هو خطواتاه التاليتان واللتان لا يعلم حتى أيهما أصعب عليه إلا أنها شر لابد منه لخير المستقبل أو هكذا كان يحاول منح نفسه بعض الدعم المعنوي ، دعم غاب عنه مثل محاولة تؤامه للانتحار !

وهو في غمر تلك الأفكار نسي أمر ذلك الشخص الذي صار رفيقه بالسكن منذ وقت قصير إلا أن ظهوره المفاجئ أمامه جعله يتوقف لثواني يحدق به بغير إكتراث فعلي والآخر ظل يبادله قبل أن يتقدم منه بابتسامة خافتة غير عالم بكل تلك الأفكار التي تؤرق من أمامه ، حيث وقف بخفة بينما ينطق :" صباح الخير ! إلى أين أنت ذاهب منذ الصباح عليك تناول الطعام و الدواء أولا ! "

نظرة حادة وجهها هنري له حملت بين ثناياها أمر بالصمت مع نظرات متفحصة ولو كان بوضع افضل لربما فكر بالامر بطريقة أخرى لكن بوقت كهذا قطعاً لم يكن يرغب بأي جدال بشأن أي شيء ، مر هنري من جانبه ناطقاً بنبرة باردة بينما يبتعد متجاهلاً الدواء والماء بيد من أمامه :" لا علاقة لك "

لم تكن تلك الإجابة صادمة للحق بالنسبة له ! منذ لحظة رؤيته يغادر غرفته هو أدرك مزاجه السيء لكن أهذا كافٍ لجعله يتركه يذهب ببساطة ؟

قطعاً ما كان ليفعل هذا مهما حدث و إن كان الأمر يعني استفزاز من أمامه ليخضع لطلبه البسيط !

لذا هو ما التف حتى بل نطق بهدوء و خفة :" أأنت واثق ؟ لا ترغب بأن أتصل بتوأمك صحيح ؟ "

قدماه بدت له وكأنها تجمدت رغم أن ما جمده حقا هو تلك الكلمات ، زادت أفكاره صخباً لتنعكس بردة فعل سريعة بنظرات أكثر حدة وهو يعود أدراجه يمسك بالفتى من قميصه بقوة ويدفع به للحائط مما تسبب بوقوع الكوب ارضاً بينما تحطم لاشلاء، لم يكترث هنري لهذا بل سلاحه استقر بيده وهو يوجه فوهته بفم من امامه :" أنت، ماذا تعرف عن أخي ؟! وما علاقتك به ؟! هل لهذا تم وضعك معي ؟! لتهددني؟! ما الذي قد يمنعني من قتلك هنا والآن ؟"

تزامن ذلك مع سحب هنري له من قميصه ليعيد ضربه بالحائط مجدداً منتظراً جوابه وهو بالكاد يمنع نفسه عن رميه بحفرة ما وحرقه ربما ! فهو هنا يتحدث عن كنزه و توأمه !.

إتسعت عيناه قليلاً فور شعوره بذاك الألم بفعل إصطدامه بالحائط مرتين رغم هذا تلك النظرة المُستاءة لم تغادر عيناه مُطلقاً .

خائف ؟! مُطلقاً و لا حتى شعرة واحدة منه إهتزت و كأنه يثق تماماً بأن لا شيء سيحدث لذا مد يده يُبعد اليد التي تحمل المسدس بينما ينطق بنبرة مُستفزة :" إن أهمك هذا فأولاً إفعل ما طلبته منك ! لا تتوقع مني إجابتك ! ثم أتعلم لدي صورة له مع جرويه إن رغبت بها سيد هنري ! "

حركة من أمامه استفزته أكثر بل خاتمة كلامه كانت تهديد واضح لشقيقه بنظره لذا و دون تفكير قام بسحب الفتى ودفعه أرضاً بقوة ثم انقض عليه بينما يضع يديه حول عنقه بهالة مرعبة تُنذر أنه وصل حده وكلمة أخرى تنذر بالتهديد ستجعله يقتل من أمامه حقاً :"وماذا تريد مني بالضبط ؟ "

شهقة صدرت من الآخر بينما يديه وضعها بشكل غريزي فوق يدي هنري و نظراته بدت متوترة , ليس خوفاً بقدر إدراكه أنه جعل الآخر يغضب بشكل كامل و حقاً لم يقصد !

كل ما رغب به هو أن يُجبره على الإعتناء بنفسه لذا نطق سريعاً محاولاً التبرير :" لا شيء فقط إهتم بنفسك لأجله , أقسم لا نية أخرى لدي , سأخبرك كيف أعرفه قريباً بأي حال لست ممن ينوي إيذائك أقسم "

ملامحه بتلك اللحظة وبطريقة يجهلها ولأسباب غامضة جعلت يده ترتخي تدريجياً بينما بدأت ملامحه يعود لها بعض هدوئها السابق أو مزاجه المعكر الطبيعي دون رغبة بقتل من أمامه على الأقل حاليا !

أبعد يديه بينما ينهض وهو يلقي نظرة أخيرة عليه ثم التفت يلتقط الدواء من الأرض لسبب يجهله ، ربما لعلمه أن تؤامه لو علم لن يسمح له بالحركة من السرير حتى !

همس بصوت بارد نسبياً دون أن ينظر " أغرب عن وجهي ،وإياك والاقتراب منه مجدداً ولو من بعيد ! لن ارحمك لو فعلت ! "

نهض هو الآخر بينما يبعثر شعره يأخذ نفساً عميقاً عله يهدأ !

أعاد ابتسامة هادئة على ملامحه لينطق بخفة و نوع من المرح :" لا بأس بما أنك تناولته , أيضاً أنت تثق بي صحيح ؟ بأي حال لا تقلق أعدك لست بخائن ! "

ابتعد عنه بعدها بينما يلوح له :" بأي حال لدي عمل الآن إلى اللقاء "

التفت هنري يحدق به بينما رآه يبتعد وعيناه بدتا وكانهما تنطقان بدله ، بل هو همس حتى لنفسه بينما يبعثر شعره بضيق :" بحق الله من هذا المختل الذي ورطوني به؟! ثم من قد يثق به أساساً !؟ لدي مشكلة جديدة للتعامل معها على ما يبدو "

و خارج الشقة سار بخطوات خافتة و قد اختفت ابتسامته تلك مُخفياً إياها خلف عواصف أفكاره ليقف بإحدى الأزقة بانتظار خروجه ، هو سيراقبه فوضعه حرفيا لم يعجبه !.

####

يُقال أن الأيام كفيلة بمداوة الجراح ، قادرة على محو الألم بمرور الزمن !

لكنه لا يثق بعبارات كهذه ، فحياته توقفت منذ سنوات ، جرح واحد أدى لثُقب دفتر حياته ليبقى جريحاً للأبد ، حادثة واحدة قلبت كيانه و بكل مرة يمرر أحدهم يده و لو برفق فوق ذاك الثقب يتسبب بجعله أكبر فأكبر و هو بات يشك بأنه سيبتلعه بالنهاية مع دوامة الألم به .

خطواته كانت محطمة ، العرق احتل جسده بأكمله فالألم ليس بسيطاً و هو مازال يجبر نفسه على المضي ، على الأقل يجبر جسده فروحه سقطت منذ فترة بالفعل !

بيده هو أخرج ذاك المسدس و السكين بينما وقف خارجاً يحاول استعادة جزء من ثباته قبل دخوله للداخل .

أغمض عيناه يسير للداخل بخطواته المُرهقة تلك بعد أن أيقن استحالة سيطرته على ذاته فما تحطم لا يعود صحيح ؟!

كم مرة سقط هو بها ؟ تحطم بلا صوت ؟ بل حتى هو ما ترك خلف حُطامه أشلاء تؤذي غيره و لا أطراف حادة موجهة لسواه و بهذا هو فقط ما آذى سوى نفسه صحيح ؟

بعثر شعره بيده السليمة و التي كانت ترتعش بينما يومأ سلباً ! لم يؤذي أحد ؟ إذاً من سبب لوالديه الألم و المشقة ؟ من هو الذي خان ثقتهما ؟ من الذي خان ثقة رفيقه و آلمه ؟ فشل كثيراً بحمايته و كل ما فعله هو الهرب خلفه ؟!

دموعه كادت تنهمر لكن بحق الإله هو ليس بمكان ملائم لها ! لا يمكنه القدوم هنا بمثل هذه الملامح المُنكسرة .

عبارته الأخيرة كررها بداخله بسخرية شديدة ، و هل سيظهر ملامح أخرى و هو بأقصى حالات الانهيار ؟! بينما يده ارتفعت يضعها على إحدى جراحه و بالكاد منع نفسه من إصدار أي أنين !

قدمه هو عاجز عن السير عليها بسهولة و الألم بها يزداد حتى طريقة سيره ظهر بها خلل ما إذ كان يعرج بسيره و كأن الألم يتفاقم أكثر .

نزيف رأسه توقف منذ فترة طويلة إلا أن ألم الجرح ما اختفى حقاً ، كل هذا لديه بكفة و ظهره بمفرده بكفة أخرى ! جسده يتوسل له حرفياً بأن ينهار ساقطاً بكل يسر إلا أن صاحبه مصمم على إذاقته المزيد من الألم دون وعي منه !

توقفت خطواته فور ظهور أحد أفراد العصابة يصفر بسخرية قبل أن ينطق :" أنظروا من لدينا هنا ! "

و فور نطقه لتلك العبارة حلق البقية حوله يحدقون به و بطريقة ما قلب ليو انقبض بقلق فهنالك أمر ما خاطئ !

و ذاك الشاب الذي كان يحوم حوله مُلتصقاً به وقف أمامه يحدق به بسخرية تامة بينما يتفقد جروحه قبل أن ينطق بنبرة بان بها التهكم :" إذاً لقد لقنك عدوك درساً جيداً على ما يبدوا ! "

صمت قليلاً بينما قطب ليو حاجبيه بحيرة و نبضات قلبه ازدادت أكثر فهناك أمر لا يعجبه عن أي عدو هو يتحدث ؟

و الآخر شعر بحيرته ليردف بنبرة ساخرة قاصداً بها إهانته :" أجل تصرف كالحمقى و حاول انكار الأمر ! ذلك العدو الذي أتى إلى هنا بالأمس و طلب منا نبذك من مجموعتنا ! هل قدمت لنا للإحتماء منه أيها الوغد ؟ "

و ابتسامة ساخرة تربعت على ثغر ليو بشكل حتى هو لم يتخيله ، هي اتسعت أكثر حتى تحولت ابتسامته لضحكة جعلت الجميع يتراجع للخلف بحيرة فهل هو فقد عقله ؟

ثوان مضت دون أن يقترب منه أحد حتى توقف عن الضحك من تلقاء نفسه كما بدأ ! رأسه كان مُنخفضاً يحدق بالأرض و ما إن رفعه حتى اتسعت أعين المتواجدين بالمكان !

عيناه الزرقاوتين بدتا و كأنهما غارقتان بسيل من العواصف الثلجية التي لا مهرب منها ، جسده استقام بالكامل و كأنه لا يعاني من أي خطب بينما ملامحه لم تكن ملامح لشخص أحمق أو فقد عقله بل لشخص يفضل الهرب من أمامه إن سنحت لك الفرصة بهذا !.

هو كتف يداه لصدره ينطق بنبرة باردة كما الجليد :" قلت أن عدوي قدم إلى هنا صحيح ؟ إذاً يفترض أنه تغلب عليكم جميعاً بما أنكم قررتم طردي صحيح ؟ "

ابتسامة شيطانية تربعت على ثغره و هو يتقدم منهم :" إذاً مجموعة من الحمقى عديمي الفائدة فشلوا جميعاً ! و تدعون أنكم ستصلون يوماً لمستوى عصابة سامويل ها ؟ الرحمة أقصى ما ستصلون له هو هاوية تبتلعكم جميعاً ! "

و تلك الابتسامة ازدادت بينما ينطق بنبرة أشد برودة من سابقتها :" و ثقوا بي سأكون الشيطان الذي يأخذكم للهاوية إن علمت أن عدوي المزعوم ذاك قد خدش حتى بسببكم ! "

هو أنهى عبارته ليغادر المكان وسط ذهول من به فهذا الفتى لم يظهر جانباً كهذا من قبل ثم هل هو حقاً هددهم تواً لأجل عدو ؟

و ليو فور مغادرته وقف يحدق بزرقة السماء الصافية و دموعه كانت قد انهمرت ، تلك الضحكة التي أطلقها هي ذاتها التي يفتعلها الشخص العاجز عن التنفس بفعل الألم ! و كأن كم هائل من الأشياء تقف مانعة إياه من التنفس براحة .

ابتسامته الساخرة عادت للظهور بينما يحاول إعادة تلك القطرات المالحة لسجنها الأبدي !

ساخراً من نفسه فأين هو جده منه ؟ لو أنه هنا و لازال تحت أحضان تلك الاسرة لاعتبر هذا عار يجب محوه !

و هو نسي هنا أنه لولا قدرته العالية بالسيطرة على نفسه لكانت دموعه قد انهمرت هناك بتلك اللحظة !

و بأوقات كهذه هو عليه حقاً أن يكون شاكراً لجده و تدريباته تلك ، رفع يده يمسح دموعه بينما يرسل رسالة لكل من إيزابيلا و أنجيلا فشقيقه قطعاً ليس بخير !.

#####

توقفت خطواته بينما أطلق نفساً عميقاً فهو الآن يقف أمام تلك العمارة التي باتت تعد سكناً لتوأمه رغم علمه بأن شقيقه ما كان ليتواجد هنا بوقت كهذا !

عاد للسير بينما ملامحه ازدادت تجهماً هو لا يعجبه هذا مُطلقاً ، ما سيفعله يقسم أنه يؤلمه هو أولاً و قبل توأمه ، لكن فقط الطريق ما عاد يحتمل كلاهما و الآوان قد آن ليجبرهم على التفرع .

ظهور مارسيل أمامه أوقف حركته حيث آمال الأكبر برأسه لثوان قبل أن ينطق بابتسامة :" هنري صحيح ؟ هاري ليس هنا إن كنت ترغب برؤيته "

و ابتسامته أشعرت الأصغر بالمزيد من الضيق رغم أنها كانت ودودة فحسب ! لسبب ما هو ليس راغباً حتى برؤيته إطلاقاً فكيف بالحديث معه ؟

هو بحق الإله شعر بالضيق أكثر حين سمع اسم تؤامه منه و مع مزاجه المعكر ذاك كان يمكن أن يبدأ بشجار من الفراغ إلا أنه احكم قبضة يده وأخذ شهيقاً عميقا ببطئ شديد ثم زفر الهواء ببطئ يحاول تمالك اعصابة ليجيب بهدوء شديد :" أعلم أنه ليس هنا ، انا هنا للحديث معك أنت ، طبعاً إن لم تُمانع "

ولا يعلم كيف أضاف آخر جملة رغم رغبته بأخذ شقيقه والرحيل وحسب ! لكنه فقط تمالك نفسه ليضمن أن كل شيء سيسير كما يجب !

و مارسيلينو الذي راقب تلك التعبيرات كاد يضحك لولا أنه سيطر على نفسه فإن كان الصغير قد سيطر على تلك الغيرة التي تشع من عيناه فكيف به هو ؟!

لذا أجابه بذات ابتسامته :" أجل بالطبع تفضل "

كتف يديه يحدق به بجدية بينما ينطق أحرفه كما لو كان مُجبراً عليها :" أولاً أأنت حقاً تنوي رعاية هاري للنهاية ؟ و ما رأيك به ؟ "

حدق الأكبر به فقد توقع بطريقة ما سؤال كهذا من الحالة النفسية لهنري رغم براعة الأخير بمحاولة كتمها لكن مشاعره ظلت تفسد كل جهوده، حدق به مارسيلني وقت طويل نسبياً حتى ارجع جسده للخلف ورفع إحدى قدميه فوق الأخرى ليجيب بهدوء "أجل ، انوي هذا ، سبق وقلت هذا هو فتى لطيف وطيب هو أشبه باخ أصغر لي ، هو لطيف وشجاع ومرح ومحب للعمل وبذل الجهد ، أشبه بشعلة متوهجة ! الان دوري لأسال هل هناك سبب معين لهذا السؤال ؟ "

كلام مارسيلينو أشعل بداخله ضيق أكبر ، بدا و كأنه يحاول إيصال رسالة ما ، رسالة أثارت أعصاب هنري لكنه و مجدداً و بمعجزة ما لم ينقض عليه ويأخذ شقيقه وحسب بل كتم غضبه وهو يجيب بنبرة هادئة لم تخلو من الضيق الممزوج بإستنكار بينما يداه انقبضت على فخذيه :" لي حق السؤال ، لا تنسى أنه أخي مهما حصل على أصدقاء أو أخوة أو أي شيء ! أرغب بأن اطمئن أنك لا تنوي على اذيته ! "

أردف بعدها مُباشرة لئلا يترك المجال لمارسيل بالنقاش بذات النبرة تقريباً :" لا أعلم إن أدركت أيضاً أن هاري شخص حساس بشدة ، سريع التألم و التحطم ! هو حتى حاول الانتحار مرة "

قبض على يده بقوة و قد غطت خصلات شعره عيناه بينما يكمل بألم :" هو بحاجة دائماً لوجود من يحبه و يقدره ، من يحميه من أدنى ألم أو خوف لئلا يخسر نفسه للغضب ، أيضاً حمايته من اقتراب والديه منه فهو بحاجة لرعاية نفسية و إن حدث اي من هذا يجب التأكد من عدم تهوره فهل أنت يمكنك حقاً رعايته هكذا ؟ "

أنهى كلماته تلك دون أن يعلم كيف حافظ على دموعه بِسجنها ، يعلم أن ما يفعله صعب لكن بحق تنفيذه خانق ، و مؤلم بشكل لا يمكن لأي إنسان تصوره ، نغزات الألم كانت تشتعل بقلبه بينما قلت قدرته على التنفس هو سينفجر قريباً يقسم بهذا !

و مارسيل وقف يحدق به باهتمام بينما أصغى إليه دون أن يقاطعه و إن كان قد عقد حاجبيه فهو لم يشعر بالإرتياح لكل هذا , لذا نطق بنبرة هادئة ما خلت من الجد :" ماذا تنوي أن تفعل أنت إذاً إن كنت ستترك أمر رعايته لي بالكامل هنري ؟ أين تنوي الذهاب و تركه أيها الصغير ؟ "

هو أنهى عبارته يحدق بالأصغر بكل تمعن قبل أن يردف و عيناه مليئة بالجد :" أنت تعلم هذا ربما أكثر من أي شخص آخر لكن أهم ما يحتاج هاري له هو أنت ! أكثر بكثير من كل تلك النصائح التي قلتها لي ! إن تواجدت أنت فلا حاجة لكل ما قلته ! لذا لا تتهور

شد المعني على قبضة يده بقوة شديدة حتى أُحيل لونها للأبيض ! من يظن نفسه ليتحدث و كأنه يعلم كل شيء بحق الإله ؟

هو حتى لم يعش منتصف ما رآه هو و شقيقه ليطلق الأحكام عليهما بلا أي اهتمام هكذا ! لذا إستدار ببساطة يجيب ببرود طغى بصوته معاكس تماماً للنيران التي تلتهم قلبه و روحه :" أنا فقط مضطر للذهاب و لا أعلم كم قد تطول مدة غيابي "

بالنهاية هو أردف بنبرة خافتة عله يُنهي ذاك النقاش :" أريد لشقيقي أن يتأقلم مع حياة جديدة ورفاق لذا أنا فقط سأعتمد عليك بهذا ! "

قطب الأكبر حاجبيه لكنه ما إن فتح فمه ليناقشه أكثر حتى هتف هنري بنوع من الشراسة :" لم آتي هنا لأحدثك عن نفسي فقط أعتني بأخي هو أمانة بين يديك الأن , لكن إن حدث و أصيب بمكروه بسبب أهمالك سأكون أسوء كوابيسك حتى بعد موتك أتفهم ذلك ؟"

أنهى عبارته ليغادر المكان برمته دون أن ينتبه كلاهما لذاك الواقف خلف إحدى الأعمدة يشد على قبضة يده اليسرى بقوة بينما يضع كف يده على فمه عله يمنع تلك الشهقة من الصدور !

عيناه إلتمعت بفعل تلك الدموع المتجمعة بهما ! هو حتى لا يدرك كيف يمكنه أن يصمد بمكانه دون إظهار نفسه و الصراخ به , بحق الإله هو ليس بدمية صحيح ؟ لكن لا بأس سيجعله يرى حقاً ثمن قرار كهذا ! سيردها له يقسم بهذا بطريقة لن يتخيلها مطلقاً !

و هنري غادر مُسرعاً فلو أنه بقي هناك و لو لعدة ثوان لجعل مارسيلينو يلمح تلك الدموع التي تجمعت بكثافة بمُقلتيه ، فقط ماذا فعل بحياته لينال كل هذا ؟ أي ذنب عظيم ارتكبه ليحرم من أبسط حق له ؟!

####

الشمس تصدرت السماء باعثة بأشعتها الذهبية الدفء إليها ، لكن هذا ما كان سبباً لبث و لو القليل من الدفء لذاك الجسد المُصاب !

لا يعلم صاحبه كيف لازال واعياً ! جسده يصرخ به مطالباً إياه بالراحة و العلاج و هو يتجاهله مُتلذذاً بذاك الألم عله يطغى على ما يدور بخلده من ضغط نفسي أعمق و أشد ألماً .

طرد من العصابة ، آل غاضب ، صغيرته تحطمت و هو فقط وضعها بالمنزل مُغطياً إياها لئلا تنعكس صورتها بمقلتيه بقطعة قماش !

لم تتواجد لديه فكرة إصلاحها حتى و الآن يسير بالطرقات بلا هدى ، ضائع تماماً هو ، الكل يحدق به بِحاجبين معقودين مشفقين أو مندهشين ، جراح رأسه توقفت إلا أنها جفت تماماً فهو لم يغسلها حتى ، يده اليسرى غير قابلة للتحريك مطلقاً و تؤلمه لذا فقط وضعها قرب صدره دون أن يحركها أو يربطها !

حركته بطيئة بفعل الألم بظهره و مع كل ذلك ملامحه بدت بائسة ، عيناه مُحمرة و آثار البكاء اختلطت مع دمائه الجافة بينما بأعماقه يتسائل إلى أين هو ذاهب ؟!

ابتسامة ساخرة رسمها و دموعه بدأت تتساقط فور رؤيته المبنى الذي توقف أمامه ! فقط إلى أي حد هو بائس ؟ لا يمكنه حقاً الدخول إليه هكذا ؟!

لذا هو فقط أراد أن يتابع سيره عله يبتعد عن كل شيء إلا أن هذا لم يتحقق ففجأءة ودون سابق إنذار يد وضعت على كتفه برفق مع كلمات قلقة صدرت من صوت دافئ يعرفه جيداً :" ليو ؟!! أهذا انت ؟! "

و ردة فعله ما كانت سوى شهقة مُضطربة صدرت منه بينما انتفض جسده بنوع من العُنف و هو يستدير مُحدقاً بمن خلفه بالعديد من النظرات غير المعروفة حقاً !

هو حدق به لثوان قبل أن ترتفع يده السليمة يمسح بها تلك الدموع التي كانت توشك على الانهمار مجدداً !

و عينا جين اتسعت وهو يرى حال من أمامه وبالكاد كتم شهقة من أن تصدر ، وفور رؤيته لتلك الدماء نطق من فوره بينما يقترب من ليو بخوف حقيقي بعينيه وهو يمسك بذراعيه برفق :" ليو ماذا حدث لك ؟!ما كل هذه الإصابات ؟! لما تبدو بهذه الحال الفظيعة ؟! "

صمت قليلاً فسرعان ما أردف تاركاً الأسئلة جانباً بجدية وهو يأخذه معه لسيارته :" تعال معي فوراً !"

تراجع للخلف عدة خطوات بينما يقطب حاجبيه راغباً بالبكاء و فوراً ، لكنه تمالك نفسه بالكاد ينطق بنوع من الهمس :" حادث فقط "

حدق به جين بتركيز شديد ، يدرك أن ملامح كهذه ما كانت لتصدر من مجرد حادث ! ولا سبب لوجوده هنا ان كان حادث فقط لكان ذهب لالفين ربما !

لم يرتح قلبه لكنه تجاهل كل ذلك حالياً بينما أجابه بقلق ابوي :" لا بأس لنذهب الآن تعال معي !"

و ليو قطب حاجباه قليلاً و هو يميل برأسه ، ليس و كأنه لا يعلم حقاً إلى أين لكن لا يشعر برغبة ليعترض على أي شيء !

لذا سار معه بخطوات بطيئة بينما يفكر بأنه من أتى إلى هنا لذا ليحتمل ؟ بأي حال أهو حقاً يمتلك و لو ذرة واحدة من الطاقة ليقاوم ؟

جين كان يحدق به بكل ثانية و أخرى فالضعف الذي أبداه ليو أمامه لم يره منه يوماً لذا شعر بأن شيء فظيع حصل ؟

لذا وبسرعة قرر أخذه للمشفى ودون تأخير للتأكد أن لا إصابات داخلية بالوقت ذاته قرر التحقق من ما جرى معه خلال هذا جعل ليو يصعد للمقعد الأمامي قربه ثم أغلق الباب خلفه ليتجه هو لمقعد السائق ويخرج هاتفه من فوره بينما يكتب رسالة يخبر فيها مساعده أنه في إجازة لليوم ثم انطلقت السيارة من فورها بسرعة كبيرة وهو يتوجه به نحو المشفى ، وخلال الطريق نطق جين بهدوء محاولاً إزاحة بعض الحمل عن من بقربه بحذر وقلق :" هل يمكنك إخباري بالتفاصيل ؟ هل حاول أحد اذيتك ؟ "

ليو قطب أحد حاجبيه بينما وضع يده على عيناه ب ينطق بنبرة مُرهقة :" لا أحد ، فقط اصطدمت بشجرة ما بسرعة كبيرة جداً "

أجابه بهدوء يترقب إجابته " ولما كنت تقود بسرعة ؟ وملامحك لا تبدو لشخص أصيب بحادث فقط بل حصل ما هو أسوء "

أخذ المعني نفس عميق و هو يجيبه بالكاد :" لا شيء مهم أظن "

صمت قليلاً بعدها قبل أن يردف بنبرة مختنقة :" هل علينا الذهاب للمشفى ؟ "

أجاب من فوره بهدوء " أجل ليو ، واثق أنك تُدرك هذا أيضاً "

أردف بهدوء رغم نظرات الشك بعينيه :" هل ترغب أن اتصل بآلفين ؟ يمكنني الوقوف بمكان بعيد لن يراني ، ربما سترتاح معه أكثر "

هو أسند ظهره للخلف بينما الاختناق يزداد بملامحه ، المشفى كلمة بات يمقتها بشدة إذاً لماذا كل هذا ؟

سيكون بخير إن نام عدة أيام بمنزله فحسب ! إذاً لماذا حقاً عليه الذهاب ؟

إلا أن عيناه اتسعت يبعد يده سريعاً عن عيناه بينما ينطق بنبرة مُهتزة :" لا ! أولاً هو لن يعلم بأمر الحادث فهو متنمر ، و ثانياً أساساً لا يمكنك الحديث معه "

شكوك جين زادت وحسب وردة فعل ليو وصوته أخبرته بالكثير لكن واضح أن من أمامه ليس بخير وواضح أن آلفين السبب لكنه بخير رغم هذا إذاً شجار ربما ؟

وهنا وجد أن الأفضل التأكد من سلامة ليو الجسدية أولاً قبل أن يحاول جعله يتحدث مُجدداً فما كان منه إلا أن يجيب بهدوء :" فهمت ، بأي حال ها قد وصلنا هيا بنا "

التجهم عاد يحتل ملامحه بالكامل بينما يحدق بكل شيء بضيق !

شد على قبضة يده بينما يتحرك للداخل ، هو كان أشبه بجثة تسير ، لم يقبل أن يتقدم على جين بل سار خلفه بهدوء .

و فور ظهور طبيبه المُعتاد والذي اتسعت عيناه فور رؤيته لليو ليتقدم بينما يهتف :" أنت أين ... "

بتر جملته مع تلك النظرة النارية التي انبثقت من عينا ليو بينما حرك يده و كأنه يهدده بأن يفتح فمه ليقطب الطبيب حاجبيه ينطق مُغيراً كل ما أراد قوله بإستياء تام :" ماذا حدث لك سيد سوين ؟ تفضلوا للداخل رجاءاً ! "

جين لاحظ تلك الملامح التي ظهرت على الطبيب لذا التفت سريعاً لليو مُحدقاً به ليدرك أن هناك رابطة بينهما قطعاً وواضح أن ليو لا يريده أن يعلم لذا وككل شيء آخر تجاهله حاليا ليضاف لقائمة الأشياء المريبة بينما يحث ليو على التحرك بوضع يده برفق على ظهره بينما توجه معه للداخل بعد أن نطق بصوت هادئ :" هيا بنا ليو "

تنفس بعمق ليسير معه و يتجه لغرفة الفحص !

هو حدق بجين قليلاً قبل أن ينطق بنبرة خافتة كأنه يفسر له معرفته السابقة به :" هذا الطبيب هو طبيب للأسرة تقريباً ، نأتي دائماً إليه رغم كونه مزعج "

حدق جين به بهدوء وهو يومأ بينما يبعثر شعره " لا بأس فهمت الأمر ، اسمعني بينما ستكون بالفحص سأحضر شيء من هنا و أعود لذا لا تقلق إنتظرني وحسب "

أومأ له بخفة ثم أسند جسده للخلف ، أغمض عيناه يحاول تجاهل كل ما يحدث ، ماذا يفترض به أن يفعل الآن ؟ ما المسار الذي عليه تتبعه ؟

هو ذهب لجين بقدميه إذا

ً هي اشارة ما ؟ أم ماذا يفترض به أن يفعل ؟ لا يشعر حقاً بالراحة و يشعر باختناق و لا يدرك ما يفعله الان حقاً !

هو كطفل تائه لا أكثر بحاجة ليد تمتد لتنتشله من منتصف الطريق ! ، ابتسم بسخرية مُجدداً على ذاته فأي طفل و أي منتصف طريق ؟ بحق الإله هو يقف على حافة تكاد تأخذه للأسفل .

بل إن مساره هو اختاره صحيح ؟ شجاره مع آل كان أمر ليفتعله هو بأي حال لاحقاً ، بل حتى تقربه من جين ليعيد آلفين إليه جزء من خطة هو رسمها بالفعل فلماذا الآن يتصرف كضحية ؟ ما باله حقاً ؟

كل ذلك ضمن خطته هو صحيح ؟ لينهي كل ما عليه فعله ! بالنهاية هو أغلق عيناه فور بدأ الطبيب بتفحص إصاباته محاولاً إبعاد كل ما يؤلمه من أفكار تماماً !

جين عاد بعد وقت قصير ليجد ليو ينتظره بالخارج يجلس على كراسي الانتظار بنظرة مرهقة منكسرة كطفل ضائع تماماً ، حدق به لثواني قبل أن يتقدم ناحيته بسرعة ووقف أمامه بينما يبتسم له بهدوء وهو يمد له كيس ما :" بينما تنتظر النتائج أنهض لتغير ثيابك لا يمكنك البقاء بهذه ستجلب لنفسك الشبهات ، لست متأكد من مقاسك لكن خمنت الأمر وحسب ، هل تحتاج مساعدة ؟ "

شيء من الصدمة حلت عليه لوهلة قبل أن ينظر له يرمش عدة مرات لينطق بنبرة حائرة :" لا أنا بخير لكن ... "

عبس و هو يكتم بقية كلماته لأنه قد يسبب لنفسه نقاش ربما هو بغنى عنه؟

حدق به جين بهدوء وهو يجيبه " هل من مشكلة ليو ؟ "

أومأ سلباً ليتحرك ببطء بفعل الألم بينما يشعر بالغثيان من رائحة المشفى و المعقمات و غيرها و من حظه أن الطبيب أغلق فمه و إلا حقاً لأفرغ جزء كبير من استيائه به !

تبعه جين بهدوء ليقف قرب الغرفة بحالة أحتاج ليو لشيء خصوصاً بعد أن لاحظ ملامح الألم على وجهه لكنه فضل الصمت إحتراما لرغبته ، كتف يديه لصدره وهو يشعر بقلق حقيقي ، لا يدرك كيف يتعامل بمواقف كهذه كما يجب حين يكون من تتعامل معه هو شخص تحبه وتهتم له حينها أي شيء تفعله سيبدو لك ناقص وغير كافي !

و بالداخل هو بدل ثيابه بنوع من الصعوبة بينما يشتم تقريباً كل شيء عندما بدأت لسعات الألم بالعمل !

يده اليسرى التي سقط فوقها وجد أنها كُسرت لذا حالياً هي تتربع بلا فائدة بينما يعلقها حول عنقه !

و رأسه تم تعقيمه و تضميد الجراح به ، ظهره كان مصابا هو الاخر بسبب إصطدامه بالشجرة التي أوقفت جسده حيث طلب منه الراحة و عدم التحرك كثيراً هذا إن تجاهل الكدمات المتفرقة بجسده !

و ليو عبس بقوة ، ليس و كأنه سيلتزم حقاً لا رغبة له بالعودة للمنزل و مطلقاً !

دقيقة بعد أخرى مضت حتى خرج ليو أخيراً و قد زالت الدماء من على وجهه وحل محلها ذلك الشاش الأبيض و الثياب كانت مناسبة بطريقة ما فشعر جين ببعض الراحة لهذا ، تقدم منه ليأخذه معه مجدداً :" لنعد وننتظر النتيجة "

سار برفقته و هو يتنهد بتعب :" لا داعي للعودة بحق ! لنغادر من هنا أيمكن ؟"

أجابه من فوره بهدوء :" يمكنني أن أوصلك للمنزل ثم سأتي للتحقق من باقي نتائج الفحوصات بنفسي "

حدق به من طرف عينه بينما ظهرت ابتسامة ما على وجه الطبيب الذي أتى ناطقاً بخفة :" يبدوا أنك بدأت تعتاد على القدوم و الذهاب بلا عودة أو إهتمام للنتائج سيد سوين ! "

نوع من الغضب ظهر بأعين الأصغر و هو يهتف بحنق :" أتنوي عدم التدخل بما لا يعنيك أم علي التدخل و إفراغ جزء من إستيائي بك !؟ "

أنهى جملته ليغمض عيناه قليلاً بينما الطبيب حرك يديه باستسلام يحدق بجين :" إذاً أظن سيدي أنك ستأتي لأخذ النتائج و إن رفض هو ! لذا أراكم لاحقا "

أجاب جين بينما يمد يده لمصافحته :" سأفعل شكراً لك على كل ما قدمته ساراك لاحقاً اذاً "

وهو بالنهاية حدق بليو كإشارة للأخير ليتحرك أيضاً ويعودا للسيارة مجدداً .

و ليو حدق به بينما يرفع أحد حاجبيه ، لديه تلك الرغبة بالسخرية و بذات الوقت حقاً لا يريد فعل ذلك أو الحديث !

مع هذا تحدث بضيق :" اظن البقاء هنا افضل ! علينا انتظاره "

التفت جين فجأءة بينما ينطق :" أظن الأفضل ذهابك لكي ترتاح لا حاجة لتبقى سأحضرها لك لاحقاً بنفسي "

أومأ سلباً بينما يتجه لإحدى المقاعد :" لا ، فقط لنبقى هنا "

عن أي منزل أو راحة يتحدث ان ذهب الى هناك سيحتاج لأكثر من حبتين منومة لينام !

و فوق كل ذلك أهو حقاً قد يأمن لسان ذلك الطبيب الثرثار ؟ لا يمكنه جعل جين بالذات يبقى برفقته وحده لذا قطعاً هو لن يغادر و ان كان يشعر بأنه سيفقد قدرته على التنفس قريباً بفعل كل شيء حوله .

حدق الأكبر به بتمعن قبل أن يتنهد و يقرر تركه على راحته ثم توجه لأقرب آلة بيع قربه ليشتري له وجبة إفطار صباحية وقد تجنب سؤاله عن ما يفضله فهو خمن أن ليو سيرفض قطعاً لذا إختار أشياء تفيد صحته بضمنها حليب دافئ وبعض الفطائر ثم عاد متجهاً نحو ليو والذي كان يجلس بكل هدوء فوضع الطعام قربه وهو ينطق بنبرة أقرب للأمر منها للطلب

"تناول طعامك ليو ، تحتاجه لتشفى بسرعة "

الضيق عاد ليحتل ملامحه ، لا ينكر أنه رغب لثوان بالضحك عند رؤيته للطعام و سماع تلك النبرة الآمرة فهي ذكرته بآل بأي حال !

مع هذا أشاح بوجهه بينما يجيبه بانزعاج :" لست جائعاً لدي عداوة مع الطعام ، و فقط لا داعي حقاً لإضاعة وقتك معي انا بخير "

بل ربما انزعاجه ذاك كان بفعل تذكره لآل أو تخيله لردة فعل شقيقه إن علم هو بهذا ؟

تنفس جين بعمق ثم جلس بجواره وهو يضع الطعام بعناد وشيء من الصرامة ظهر بصوته :" لا تجادلني كثيراً وترهق نفسك فبالنهاية سأفعل ما أنا مقتنع به كما تعلم ، لست أضيع وقتي ايضاً لذا ان كان هناك من قد يغادر فهو انت بحال كنت متعب انا باقي هنا حتى أتأكد من كل شيء ، لذا هيا تناول طعامك "

ضيق حاجبيه أكثر بينما أمسك بيده إحدى الفطائر الصغيرة و هو يتمتم :" افعل ما تريده لا اهتم ! "

و فعلياً هو ربما لم يتناول غيرها كما يدرك بأعماق قلبه أنه لن يتناول بعدها الكثير بأي حال ، فمعدته تتقلص بألم و تشكو له عدم رغبتها بالطعام بكل أصنافه !

ابتسم بخفة وهو يراه يتناول الطعام لينطق بهدوء بينما يأكل ليو " اذا ماذا حدث بينك وبين الفين ؟ "

ضيق عيناه اكثر بينما يجيب بنوع من الحده و الألم :" ترغب أن أتوقف عن تناول الطعام ؟ "

تنهد بهدوء وأجاب بتفهم :" تابع طعامك اذاً بينما ننتظر "

و هو ما شعر حقاً بالطعام و ربما لو سأله أحد عما يتناوله حالياً لما تمكن من الاجابة !

يرغب فقط بأن يغمض عيناه و يسبح بالظلام للأبد ، دون أن يرى أو يسمع أو يتحدث مع أي مخلوق !

وجين أدرك ذلك لذا فضل عدم الضغط عليه خصوصاً أنه بالفعل استنتج نصف ما جرى لذا وبما أن الأولوية لصحته فقد قرر انتظار النتائج ثم أخذه للمنزل ليرتاح .

وخلال وقت قصير بعد أن أنهى ليو بالكاد تلك القطعة و نصف كوب الحليب ، سمع جين صوت الرجل المسؤول عن إعطاء النتائج ينادي اسم ليو سوين فنهض من فوره ليتجه ناحيته ويستلمها منه بامتنان ، عاد ناحية ليو لينتشله من شروده :" هل ترغب بالمجيء معي أم أذهب للطبيب وحدي ؟"

رغم انعدام رغبته بالنهوض أو رؤية ذاك البغيظ مجدداً إلا أنه انتشل جسده ليقف بنوع من الصعوبة بينما يسير برفقته فهو عليه مراقبة فم ذاك الثرثار بأي حال كما أنه حقاً يريد الانفجار به إن أعطى أمر ما لا يعجبه ربما ؟

وبالداخل جلس الاثنان على الكرسيين المقابلين للطبيب لا يفصل بينهم سوى طاولة خشبية وضع الطبيب يده عليها وهو يجيب عن تسائل جين عن صحة ليو :" مبدئياً لا توجد إصابات خطيرة عدا عن ما أخبرتك به بالفعل ،لديه فطر بعظام يده ستحتاج رعاية لمدة سنتفقدها لاحقاً لنقرر متى نزيل الجبيرة ، ظهره أصيب هو الآخر يحتاج لعدم التحرك بكثرة و إلتزام السرير ، باقي الرضوض ستزول دون تأخير بإذن الله يكفي أن يبدل الضمادات من حين لآخر ، هذا فيما يخص الحادث "

تنهد جين براحة فعلى الرغم من سوء الوضع لا شيء خطير وهذا إيجابي جداً لذا ابتسم بأمتنان وهو يشكره :" شكراً لك ممتن لك على هذا ! إذا أسمح لنا بالذهاب الأن"

تصافحا ليغادر ليو وجين بينما جين أخذ ليو كما احضره لسيارته كي يوصله للمنزل ويتأكد بنفسه أنه سيرتاح طالما الفين غائب لمدة على ما يبدو !

نهض الأصغر بطواعية كاتماً رغبته بالاعتراض على البقاء بالفراش !

فهو يدرك ربما أن هذا ما كان سيحصل بأي حال فأين يمكنه الذهاب و هو بالكاد قادر على السير بشكل طبيعي بفعل الألم المُنتشر بأنحاء جسده ؟!

مر الوقت سريعاً بصمت رهيب داخل السيارة حتى وصلا اخيراً لمنزل ليو ، توقف جين هناك ليركن سيارته ليوجه كلامه لليو الشارد :" وصلنا "

تنفس بعمق شديد بينما يقطب حاجبيه ، هو حقاً أراد تجاهل الكثير مثل مظهر صغيرته التي رغم كونه قد وضع غطاء عليها إلا انه تخيلها أمامه دونه !

كل أفكاره الخانقة عادت تهاجمه بالكامل لذا شد على قبضة يده بقوة و ألم ، هو حقاً راغب بالبكاء ، أو النوم كما خطط سابقاً عن طريق عدة حبوب منومة لذا سار بهدوء نحو شقته و بكل خطوة كان يشعر بأن روحه تتمزق أكثر .

جين نزل خلفه وهو يلاحظ تلك الملامح ، كان يتسائل بحق كيف يمكنه مساعدته وهو بهذه الحال ؟ واضح ان ما يحتاجه الأن هو الفين فما هذا السبب القوي الذي جعله يغادر ؟! تبعه للداخل ليتأكد أنه سيذهب للراحة ويوصيه ببعض النصائح ويرى أن كان بحاجة لأي شيء .

لوهلة الأصغر تناسى وجود من يتبعه و خطواته توقفت أمام غرفة الجلوس ليعض على شفتيه بقوة ، كل شيء هنا يحاول جعله يذكر تلك الكلمات و النظرات التي تلقاها بالأمس !

لم يستطع بالنهاية سوى إخفاض رأسه بينما بدأ يغرق بالعديد من الذكريات المختلفة

و حين لاحظ جين هذا تقدم ناحيته ليضع يده على كتفه بهدوء :" ليو هل ترغب بالمجيء لمنزلي؟ ربما سترتاح هناك أكثر "

شهقة صدرت منه بينما يبتعد عندما تدارك و أخيراً وجود جين برفقته ليومأ سلبا سريعاً بينما ينطق بهمس و هو يتجه لغرفته :" لا داعي انا بخير عمي "

حدق به بقلق واضح فأي خير يتحدث عنه ؟ ألا أنه نطق قبل أن يدخل ليو غرفته :" ليو اتصل لو احتجت أي شيء أو غيرت رأيك ، لا تتردد بالمجيء واضح !؟ "

أومأ له و قد اجبر نفسه على رسم ابتسامة شاحبة بينما ينطق :" لا تهتم و شكرا لك ، اعتذر لاشغالك معي اليوم "

لم يكن مرتاحاً لتركه لذا قرر أن يتفقده ويتصل به من حين لآخر بينما يأمل بداخله أن يحل ما حصل بينه وبين الفين أيا كان !

و بالوقت ذاته بدأ يقلق من أن آلفين هو الآخر يتهور بطريقته فقطعاً الشجار بينهما لن يمر هكذا دون نتائج ! غادر بينما القلق يزداد على قلبه بكل لحظة بدل أن يقل وهو يشعر بالعجز التام وكم يمقت هذا الشعور !

و بالداخل تلك النظرات الفارغة عادت لعيناه بينما انعكس الألم بكامل جسده و روحه ، يؤلمه كل ما يحدث معه الان !

خطواته اتخذت طريقها للببغاء المتواجد برفقته ليحمل قفصه و يسير به للداخل ، هو كان صامتاً بينما يتناول طعامه و بطريقة ما زاد هذا الاختناق بداخله !

وضعه بقربه على المنضدة ثم ألقى بجسده للفراش ، شهق بنوع من الألم بفعل حركته هذه إلا أنه أغمض عيناه سريعاً يكتم تلك الدموع التي تهدد بالانهمار بسبب اي شيء مهما كان .

لكن فقط إلى متى ؟ هو الآن وحده دون أي شخص برفقته ليراها لذا لا بأس من ذرفها صحيح ؟

و تلك الأفكار سرعان ما باتت واقع فدموعه انهمرت بقوة بينما يضم هو جسده مُتجاهلاً و كما العادة الألم !

الوحدة و الفراغ شعور خانق و بقوة ، هو أخبر آل بذلك بيوم ميلاده صحيح ؟ أخبره أن أكثر ما يُرعبه هي لحظات فارغة كهذه ، وحدة تحيط قلبه بالظلام بلا شعاع واحد حتى .

بين يديه هو احتضن تلك الميدالية التي أهداها آل له يوم نجاحه و أخرى هو صنعها لنفسه دون علم رفيقه ، فكما هو أعطاه دمية تشبهه صنع ميدالية تنتهي بشكل دمية تشبه آلفين تماماً !.

سواره ذاك هو بالفعل أبعده من يده يضعه بجواره خشية أن يسبب باهتزازه دون قصد أو بقصد بلحظة ضعف .

وحدته هذه ما انبثقت من شجاره مع ال فقط بل هي عدة أمور تراكمت بقلبه و حياته جعلته يزداد سوداوية .

عيناه وقعت على ذاك الملف ذو اللون الأسود الخالي من أي لون آخر حاملاً معه كل مخاوفه و أحلامه !

أي نوع من سخرية القدر هي هذه التي تجعله يعمل على تحطيم ذاته بدل أعدائه ؟! لكنه لازال بالبداية و طريقه بحق الإله طويل و بشدة لذا الانهيار من الآن سيُفسد كل شيء فالقادم أقسى صحيح ؟

بالنهاية هو مسح دموعه بينما يأخذ نفساً عميقاً يهمس لنفسه :" هذا كافٍ ، ليو سوين لن أسمح بأن تبكي مجدداً حتى نصل لخط النهاية لهذه اللعبة ، وريث أسرة سوين قادر على فعلها قطعاً "

عيناه بتلك اللحظة تبدلت بالكامل لتبدوا و كأنها أكثر ضيقاً من السابق ، شعلة المرح بهما انطفأت و حلت نظرة قديمة منسية بهما ، يده امتدت لعلبة الدواء المنوم هو أخذ إحدى الحبوب ثم نهض يغلق باب الشقة و غرفته قبل أن يلقي بجسده لفراشه و يغط بنوم عميق .

####

الرياح كانت تُرسل هواءً مُشبعاً بالحرارة و كأن الاختناق الذي يشعر هو به لا يكفي حقاً ليزيده هذا حدة أكثر بانت على ملامحه بكل وضوح !.

تنهد بنوع من الإرهاق بينما يجر قدميه لخارج كلية الأعمال فكما توقع تقريباً شقيقه لم يكن متواجد ، و هو قطعاً لا رغبة لديه بالتواجد أساساً لذا سار بنية مُغادرة الجامعة بالكامل .

الليلة الماضية كانت الأسوأ بكل المقاييس ، الكثير من المشاعر كانت تدور بوجدانه ، لديه تلك الرغبة بالتوجه لرفيقه و احتضانه ربما ؟

لكن بحق الإله هو حتى لم يشعر بالندم بل و أراد وقت أطول للبقاء مع تلك العصابة ! أي سبب قد يجعله يدمر كل ما قام ببنائه بصعوبة ؟! ليس و كأن أي منهما وصل لهذه المرحلة من الإستقرار بكل هذه البساطة إذاً لماذا ؟!

عض على شفتيه بقوة مُتسائلاً إن كان شقيقه بخير بعد كل ما حدث حقاً ! , هل غادر منزله ليتجه للعصابة مُجدداً أم لم يفعل ؟ و إن فعل فهل هم قاموا بالإيفاء بوعدهم له بطرده ؟

خطواته توقفت فور شعوره بيد تمسك بيده لمنعه من السير و هذا جعله ينتفض مُحدقاً لمن تجرأ و فعلها بتهديد قاتل فهو قطعاً إختار أسوء وقت ممكن للتواجد أمامه !

نظراته هدأت قليلاً فور رؤيته لشقيقته الصغرى أمامه تحدق به بحاجبين معقودين تكتف يديها لصدرها بينما تنطق بإستياء :" كان على ليو قول أنك أشبه ببركان ثائر و ليس فقط مُصاب . "

و تلك العبارة جعلت آلفين يحدق بها بنوع من الإستنكار فإن كان هنالك شخص ما بحاجة للعناية فهو قطعاً ذلك الطفل لا هو ! , رغم ذلك هو حقاً ما رغب بخوض نقاش طويل لذا فقط نطق بهدوء :" أعتذر على ذلك صغيرتي فقط لا أعلم ما قاله لك ليو لكن أنا بخير و لدي عمل لذا علي الذهاب "

و هي شهقت بينما تقدمت لتقف أمامه لثوان قبل أن
تقرب أنجيلا منهما بحذر وقلق وهي توجه كلامها لآلفين :" ليو أخبر ايزا انك لست بخير ولكن يبدو أن الأمر انكما متشاجران والا لاعتنى بك هو هل أنا محقة ؟"

و آلفين أشاح بوجهه وهو ينطق بضيق :" كل شيء بخير لا تشغلا بالكما !"

ايزابيلا قطبت حاجبيها بعدم رضى لتقف أمامه تضع يديها على خصرها ناطقة بحزم ربما :" مهلاً انت لا تظن أنك فقط ستذهب ! أولاً ستأتي معي حتى نعالج جروحك "

حدق بها بأرهاق وهو يجيب :" ايزا صدقيني الأمر
حتى لا يستحق تسميته جرح ! أنا على ما يرام ! هو المصاب ومن يحتاج رعاية لا انا ! "

وانجيلا نطقت بعد أن تنهدت :" كما ظننت اذا أنتما متخاصمان"

الفين صمت وحدق بالفراغ بشيء من الضيق كما لو كانت حلواه قد سرقت منه !

وقفت الصغرى أمامه و قد أخفضت يداها :" و هل انتما طفلان ؟ مما هو مصاب ؟ و أنت ؟ هل تشاجرتما بالأيدي أهو من قام بإيذائك ؟ "

عبس الفين وهو ينطق بعبوس :" طبعا لا لم أكن لأضربه ابداً ! هو ورط نفسه بشيء و لهذا غضبت منه وأنا ضربت الحائط وحسب ! هو يبالغ ! "

نظرت له بابتسامة مُبهمة تُجيب :" هو قال أيضاً أنك تشاجرت مع احد آخر أي ليس فقط اصابة يدك ! لذا آل ستأتي معي أم لا ! "

حدق بحاجب مرفوع :"وكيف علم اني تشاجرت ؟! "

أجابته سريعاً :" لا اعلم و ليس موضوع نقاشنا !"

تنهد وهو يبعثر شعره :" ما المطلوب مني ايزا ؟"

وانجيلا حدقت به بتركيز تام وهي ترى الفرق ! كانت تفكر هل هكذا يكون حين يكون بمزاج سيء ؟! والأهم من هذا ليو وحده هو القادر على إتلاف مزاجه كليا هكذا !

نطقت إيزابيلا بهدوء :" سأقوم بعلاجك و انت لن تكذب و ستخبرني بكل مل يؤلمك مفهوم ؟ "

ثم تراجعت بينما تحدق به بنوع من القلق حيث تنهد هو بقلة حيلة وهو يرى قلقها فابتسم وبعثر شعرها بخفة :" لا بأس موافق لأجلك وحسب !"

وجه بصره لأنجيلا وهو ينطق :" هل يمكنني طلب خدمة منك ؟ "

حدقت به بحيرة و أومأت " أريد منك تسجيل الملاحظات واعطائها له لاحقا فهو قد تغيب اليوم !"

ابتسمت بخفة واومات :" مؤكد لا مشكلة اعتمد علي "

و ايزا ابتسمت له سريعا لتضمه بقوة و هي تنطق :" و أعدك سأذهب للطفل و أعتني به ان رغبت بعد هذا ! "

أومأ بينما يبتسم بأرهاق " اعتمد عليك بهذا صغيرتي ! "

و ردها كان متمثلاً بإمساكها بيده بخفة لسحبه معها :" اذا هيا تعال يا أخي ستكون بخير و كل شيء أيضا سيصبح بخير لاحقاً صحيح ؟ أنتما صديقان لذا لن تبقيا متشاجران للأبد ! "

أومأ رغم أن بعض الحزن ظهر على ملامحه فهذه أول مرة يتخصامان لذا هو حتى لا يعرف كيف يفترض به التصرف !؟

####

الأشجار كانت شاهقة ، الشمس بالكاد تمكنت من الوصول لمن يسير بينها باعثة ضوء خافت بالكاد يُنير لهم طريقهم ! .

و بالمنتصف هو كان يسير خلافاً على عادته حيث يكون بالمُقدمة لكن الآن كيف يمكنه بحق الإله أن لا يشعر بالخوف و قد تلقى رسالة تهديد صريحة ؟

بل هي كانت بدماء جافة لا يعلم مصدرها و لا يجرأ حتى على إخبار أي أحد لأنه أولاً سيُفسد سمعته بهذا و ثانياً ألن يظهره كجبان خائف ؟ أو فقط شخص لا يمكنه علاج مشاكله بنفسه و إن كان سيده غاضباً سينتهي الأمر به مقتولاً !.

هم الآن يوشكون على الوصول لمقر أسلحة بمنتصف الغابة يخص عصابة أخرى ، إلا أنهم و قبل أن يبلغوه دوى صوت إنفجار ضخم بالمكان ليظهر بعدها بثوان غيمة كثيفة من الدخان !

أقدام المجموعة تراجعت للخلف إلا أن أحدهم شهق فور التفاته ليلتف ذاك الذي يسير بالمنتصف و تتسع عيناه حيث وجد رسالة أخرى بالدماء كُتب بها :" إذاً أيها الضخم أتمنى أنك لا ترتجف رعباً الآن ! وداعاً لكم مجموعة الحمقى . "

و شهقة صدرت منه هو الآخر فطريقة الكتابة مشابهة لتلك بغرفته و بحق الإله هو لم يتوقع حدوث هذا بكل هذه السهولة !

بل و بالنهار التالي فقط ، ثم هل هم بمنطقة ألغام ؟ أم أهنالك قناصون ؟ ربما العصابة الأخرى هي من قامت بكل هذا و ينتظرون اثارة الهلع للتفريق بينهم ؟

و فور تفكيره بهذا سار خطوة واحدة ليتجمد بمكانه برعُب بينما من معه تراجعوا للخلف بأعين متسعة قبل أن يهرب كل منهم بجهة و هو يصرخ بهم أن يعودوا !.

عيناه كانتا مُتسعتان برعب شديد و هو يحدق بذاك اللغم الذي دهسه تواً ، الجميع فر تاركين إياه وحده ، جسده كان يرتجف بقوة شديدة و رعب حقيقي .!

هل ستنتهي حياته إلى هنا ؟ بل و دون معرفة من هو عدوه حتى ؟ كل من كان معهم تخلوا عنه ببساطة ! و تقريباً هو بات يذكر ما كان يفعله سابقاً بترك المصابين خلفه ، فبأي حال الإخفاق سيعني الموت إذاً لما يموت لأجل غيره ؟ بل لما قد يقاتل حتى و إن كان قادراً معرضاً حياته للخطر !؟

ابتسامة مختلة ارتسمت على وجهه لاحقاً فهل هو سيموت الآن حقاً ؟ إذاً لن يظهر رعبه لعدوه لذا و فور أن رفع قدمه عن اللغم حتى انتشر دخان كثيف صاحبه صوت لانفجار مُرعب و جسده سقط أرضاً فاقداً للوعي ؟!

دقائق معدودة مرت ليظهر بعض رجال الشرطة لتقييده و أخذه معهم ، بينما مارسيل حدق بهم و هو يستند على الجذع خلفه ينطق بسخرية مُتخيلاً وجود هنري :" ضعيف ويحتاج من يحميه؟ أرغب برؤية ملامح وجهك بحق هنا ، هو أقوى مني ومنك "
أردف بابتسامة بعد أن تنهد :" وأكثر اختلال وتهور "

أنهى عبارته ليغادر المكان فبالنهاية عناصره قاموا بإخلاء مصنع الأسلحة و مصادرة ما به ثم تفجيره ! و كل من هرب تم اعتقاله و الأهم ربما أن ذلك اللغم وضع عند انشغالهم بالانفجار بينما يحتوي على دخان مخدر و الصوت ما كان سوى إشعاراً للضحية بالخوف !

####

تنهدت مجدداً بتعب بينما تتذكر تلك الكدمات التي عانى شقيقها منها !

هي بالكاد أجبرته على تناول مقدار بسيط من الطعام و بعد تهديده أنها ستوصل لليو عدم تناوله للطعام ليتصرف هو ، دون أن تدرك بأن شقيقها تناوله فقط خشية أن يتجاهل الأصغر طعامه كسبب إضافي و كأنه بحاجة لواحد .

هي الآن يجدر بها التواجد لرعاية ليو بحسب وعدها لآلفين ! لذا و فور دخولها لمجمع الشقق السكنية وجهت بصرها أولاً لتلك السيارة المركونة بالزاوية بينما فوقها وضعت قطعة قماش بالية بحاجبين معقودين !

فحسب علمها مهووس السيارات ذاك لا يوقف سيارته إلا بمكان مميز و الأهم إن أراد وضع غطاء ما عليها سيكون مميزاً و مخصص لها فقط و ليس شيء قديم و بالي صحيح ؟!

قطبت حاجبيها بتعب فهل هو الآخر الآن نفسيته محطمة كما آلفين ؟!

تنهدت للسير للداخل و دون أن تكلف نفسها قطعاً بطلب الإذن للدخول هي أخرجت المفتاح الذي قامت بنسخه لتسير للداخل ! ... قطبت حاجبيها قليلاً فور رؤيتها لكل تلك الفوضى و الزجاج المُتناثر هنا و هناك بينما تتسائل بداخلها عن سبب ذاك الشجار الغريب !

تنهدت مجدداً باستياء فكل ما يحدث لا يروق لها مطلقاً ، تقدمت حيث غرفة ليو لتطرق الباب عدة مرات لكن لم تكن هناك اجابة من المعني مما دفعها لتخرج مفتاح اخر من جيبها تهمس بسخرية :" من الجيد أنني أخذت نسخة لكل مفاتيح المنزل ! "

أنهت جملتها تلك و هي تدخل للغرفة تبحث بمقلتيها عن صاحبها ليقع بصرها عليه حيث كان نائماً بفراشه إلا أن ما آثار ريبتها كانت تلك الاصابات حيث لمحت الشاش الملتف حول رأسه إضافة ليده المُعلقة !؟

قطبت حاجبيها قليلاً فآلفين قال أنه يستحيل له رفع يده عليه ! و أساساً حتى لو فعل هو ما كان ليصل لنتيجة كهذه قطعاً !

تنهدت قليلاً لتقترب بنية إيقاظه فهو عليه أن يجيب على ما رفض آل الإجابة عنه صحيح ؟ إلا أن خطواتها توقفت فور رؤيتها لعُلبة الدواء بجواره ، التقطتها بخفة لتعبس فور قراءة ما كتب عليها لتنظر له نظرة أخيرة بنوع من العتاب ثم غادرت الغرفة بنية الإتجاه لتتصل على آلفين و تخبره !.

~ نهاية الفصل ~
ارجو ان يعجبكم 😍😍😍
الفصل من كتابة Coldsnow5

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top