بارت 27

الغروب لهذا اليوم بدى دموياً بشكل هو لا يمكنه تخيله !

شعور كبير بالاختناق قبض على صدره و شعور سيء يستمر بالظهور و كأنه يخبره لن ينتهي هذا اليوم على خير ، أمر سيء سيحدث بلا ريب .

و منذ متى و شعوره ذاك يخطأ ؟ و رغم كل هذا هو كان قد أخفى ملامحه خلف وشاح تلون بالسواد حيث ما ظهر سوى عيناه الزرقاوتين و كم كانتا مختلفتين عن نظراته المُعتادة .

البرودة سكنت بهما تجعل من يراهما للمرة الأولى يظن أنه ما خلق إلا بها ! و كأنهما لا تمتلكان ذرة مشاعر واحدة ، و كم كانت عيناه بتلك اللحظة كاذبة غير عاكسة له أو لقلبه !

يداه أيضاً أخفاها خلف قفاز جلدي سميك بينما يسير بخطوات هادئة يمسك بين يديه أو بعبارة أدق يجر رجل ما قبل يلقيه أرضاً بإحدى الغابات يربطه بحبل سميك .

ما إن أنهى عمله حتى رفع بصره يحدق بالسماء و كأنه يبحث عن الخلاص ما بين مساحتها الواسعة ، الألم سيطر على مُقلتيه بقوة بينما يده اشتدت تمسك بالمُسدس بقوة شديدة !

الاشمئزاز و الضيق عاد يُغلف نظراته عندما وصله صوت أسيره الناطق بسخرية :" إذاً هل حقاً أحضرتني إلى هنا لتتأمل السماء و الغروب ؟ "

انخفض المعني إليه بابتسامة مخيفة رغم أن الوشاح أخفاها إلا أن الأول شعر بها عندما وصلته نبرة باردة كما الثلج :" ألا تظن أن إغلاق فمك و تأمل الغروب الأخير بحياتك عمل أفضل ؟! "

يشهر مسدسه بوجهه بينما يُردف بنبرة ساخرة :" على الأقل عندما تغيب الشمس سيشعر الجميع بغيابها ! ماذا عنك من سيفعل ؟ "

و التوتر بدأ يعلو ملامح الآخر الذي نطق سريعاً :" مهلاً انتظر أنت حقا لم تخطفني لقتلي مُباشرة "

و السخرية عادت تغلف صوت ليو الذي نطق :" مذهل يبدوا أنك تفكر لكن لا أظن انك ستجيب بأي حال و أنا لا وقت لدي لذا يبدوا أنني سأصل للمرحلة الأخيرة ! "

قطب المعني حاجبيه يجيبه محاولاً جعل المجهول أمامه يخاف و يتركه بحال سبيله ربما :" هذه حماقة و أنت تدرك من أي عصابة أنا صحيح ؟ السيد لن يصمت على ما تفعله ! "

و النتيجة كانت عكسية على ما يبدوا إذا أن الآخر وضع المسدس بفمه بينما ينطق ببرود شديد :" السيد ها ؟ أنت مذهل فقد وصلت للنقطة التي أريدها ، سيدك ذاك أريد الوصول له ، اخبرني عنه و ماضيه و كل ما يتعلق به و الآن ! "

و وجه الرجل شحب و كأن لا دماء به ، هو بدى كما لو أن المسدس الذي يهدد حياته و يشعره بالاختناق رحمة له من أن ينطق و لو بحرف واحد !

و ليو شعر بذلك ليسحب المسدس بعنف بينما يخرج سكين صغيرة ينطق بنبرة ساخرة :" إختر طريقة موتك بنفسك ! إما السهلة أو الصعبة "

و هنا أدرك من معه أنها حقاً ستكون آخر مرة يرى بها الشمس لذا بما أن من أمامه سيقتله بأي حال لما يجب أن يتم تعذيبه أولاً ؟

#####

و بذات الوقت قلقه من كل ما سمعه لم يتركه ينعم بلحظة هدوء واحدة ! فكرة واحدة بعقله كانت تعطيه أسوء الاحتمالات والتي يتمنى باعماقه أن تكون خاطئة ، توجه نحو المكان المتوقع وجوده فيه ليتأكد من شكوكه المُظلمة تلك فوجد نفسه أمام المحل الذي يعمل به ليو بينما يلهث بعد أن قطع تلك المسافة ركضاً ، استند على ركبته ليأخذ نفساً ويرتاح قليلاً ثم أسرع نحو الداخل بخطوات سريعة ليصل للداخل ويتوجه من فوره نحو صاحب المحل الذي فور رؤيته التفت اليه بأستغراب على ملامحه تلك ومجيئه بهذا الوقت ، إقترب من الشاب المتعب بشيء من القلق و الدهشة بينما ينطق :" ما الأمر يا بُني ؟ أهناك مُشكلة ما تواجهك ؟ "

رفع رأسه لينظر نحوه بشيء من القلق والترجي بأن يعيطه جواب يريحه :" عمي أخبرني هل تعلم أين ليو ؟ هو يبدو مشغول جداً هذه الأيام ولا يخبرني بأي شيء ! "

حدق بنظرات الشاب المتوسلة لإجابة جيدة و كم شعر بالذنب بأنه لا يحمل واحدة !

تنفس بعمق قبل أن ينطق بشيء من الهدوء :" من الجيد قدومك فأنا أردت التوجه إليك و إخبارك بنفسي "

صمت قليلاً يحدق بنظرات من أمامه و التي ازدادت قلقاً ليُردف :" كنت متردداً حقاً بالتدخل لكن بما أنك هنا علي إعلامك علك تتمكن من إيقافه فهو شاب جيد حقاً و مُخيف بشدة أن يتحول لشخص آخر أو أن يفقد نفسه "

نبضات قلبه المتسارعة كانت تنبه عن قدوم كارثة ، قلبه يخبره انه يريد الخروج من صدره ليرحمه من سماع التالي وينقذه من الرعب وخيبة الأمل القادمة لكن طالما هو يعلم أن صديقه وشقيقه بورطة لم يكن الهرب خياراً بل كانت المواجهه و إجباره لنفسه على سماع القادم هي الحل المتاح فما كان منه سوى القول بصوت أقرب للهمس لم يتمكن من إخفاء الخوف منه :" اخبرني ، انا استمع "

أومأ إيجاباً بهدوء بينما ينطق :" أولاً أريد منك الإستماع لي جيداً و للنهاية ! ليو إنضم لإحدى العصابات المحلية ، حقاً لا أعلم لماذا فعل هذا ؟! هم مجموعة مثيرة للمشاكل و الكثير يحاولون الإيقاع بهم ، أغلبهم مدمني مخدرات و بعضهم مروج لكن صديقك لا أظنه كذلك "

صمت قليلاً يرتب بقية كلماته قبل أن يردف :" هو للآن لا يتصرف مثلهم ، ليس بمدمن و لا أظنه يبيع و لا أعلم ما هي غايته بالإنضمام لهم لكن أخشى ان تأخر الوقت أو إن وجدته الشرطة اولا ان يضيع مستقبله بالكامل وهو حقا لا يستحق "

شهقة صدرت منه دلت على صدمته فهو يدرك أن ليو يتعامل مع أناس مشبوهين لكن لم يتخيل انهم بهذا السوء ، شعر بالحروف تضيع منه ورغب لو يستيقظ من هذا الكابوس المريع !

كيف سيسامح نفسه لو تحطم مستقبل رفيقه وهو قربه ؟! ولن يقدر أن ينظر لليو مجدداً وقد تركه يسقط وحده !

عمه والد ليو والذي طلب إليه حمايته أيضاً لن يتمكن من أن يرفع رأسه أمامه وقد ترك ابنه يتورط هكذا والأهم هو ما كان ليسامح نفسه مطلقا !

السلبية التي غزته لحظتها كانت فظيعة لكنه قرر التماسك بصعوبة و أول ما خطر بباله هز إخراج ليو وفوراً من هناك بأي ثمن !

حدق بالرجل أمامه بنظرات جادة وحادة وخرجت كلماته تؤكد على تلك النظرات :" أريد العنوان عمي ! أين أجدهم !؟"

حدق العجوز بمن أمامه بشيء من التعاطف فوجهه خُطف لونه تماماً لبرهة من الزمن !

و مع ذلك هو نال على إعجابه بحق ، خروجه من صدمته بسرعة لمحاولة إيجاد حل ما ، أعجبته عزيمته حقاً !

لذا نهض ليدون له العنوان الذي أخذه من ليو بلحظة غفلة عنه و فور أن أعطاه إياه نطق بنبرة تحذيرية صادقة :" فقط يا بني إعتني بنفسك أيضا و احذر دائما ، بالتوفيق لك و لليو "

شكره آلفين ليخرج بسرعة راكضاً ليستقل سيارة أجرة فلم يكن يريد التأخر ، أفكار كثيرة كانت تزدحم في محاولة لتبرير سبب انضمامه وملامحه الحادة كانت مخيفة كفاية لتسكت سائق السيارة طوال الطريق ، وصل للمكان بعد وقت قصير لينزل من فوره ويتحرك بخطوات بطيئة محدقاً بالمكان الذي قد يورط ليو بحقد شديد ،الغضب يتطاير منه بشدة ويرغب بتحطيمه فوق رؤوس من فيه بعد إخراج ليو طبعاً !

الظلام كان قد أطلق على المكان تقريباً و من سوء حظ الأصغر أو ربما سوء حظ كلاهما كان ليو بالداخل بالفعل يحدق بالمتواجدين بحدة و سخرية ، ليس و كأنه سيمرر ما حصل عليه من معلومات لهم ، هو حصل على المعلومات ثم حرر الرجل الذي بقي يتوسل له أن يقتله و هو قطعاً تجاهله تماماً ليعود للمقر فحسب و بهذا إنتهى الاجتماع الذي وصفه ليو بأنه مجرد مضيعة للوقت !

شعوره بالضيق كان لايزال متواجداً فهو لا ينكر أنه رغم كل شيء يشعر بالألم ، هو ما عاد يعرف نفسه بحق ! لكن أهذا مهم ؟ اليوم هو أدرك الكثير حقاً و ما تبقى له سوى القليل ليحصل على مراده !

و بالخارج إحتار آلفين ما بين الدخول وجر ليو وبين إنتظار خروجه فكان خياره إنتظار خروج ليو ليمسكه بالجرم المشهود فلا مجال للإنكار حينها وقف مستنداً للحائط بيدي معقودتين لصدره وهو يحدق بالمكان كما لو كان وحش أو حيوان مفترس يحدق بفريسته ولم يخب ظنه فقد خرج أفراد العصابة !

وكم شعر بدمائه تغلي حين رأى ليو بينهم ، حيث كان يسير بإنزعاج شديد و بخطوات سريعة عله يغادر هذا المكان بسرعة دون الانتباه له حتى !

لذا و كعادته إتخذ هو لنفسه مساراً بعيداً عن خاصتهم ليتجه لموقع آخر لكنه سرعان ما شهق برعب و شعر بقلبه يتوقف تماماً عن العمل فور رؤيته لآلفين أمامه ، وجهه شحب تماماً و شعر بلسانه يثقل عاجزاً عن النطق و لو بحرف واحد بينما قدماه خانتاه حقاً فهو رغب و بشدة بالهرب حالياً ممن أمامه و من نظراته تلك .

لاحظ الفين شحوبه ذاك لكن لم يكن وقت للمراعاة الآن فلو كان شرطي الآن كان ليكون مصير ليو الوحيد السجن بإمتياز ومستقبل مظلم تماماً !

أنزل يديه وسار بخطوات بطيئة متقدماً نحو ذاك الشاحب الذي صار لونه ينافس الأشباح ربما و من دون ذرة تردد حدق به آلفين ببرود شديد ، نظرات كالصقيع عكست رغبته بكسر عظام من أمامه ربما بينما يقف أمامه تماماً ، لم يكن ليقوم بتوبيخه أو الشجار وسط الشارع فابتلع كل ما يريد قوله لوقت قصير واكتفى بالكلام بنبرة خالية من أي مشاعر كانت أقرب للأمر والتهديد منها للطلب ولم ينتظر رد ليو حقاً فقد إستدار وشرع بالسير :" إتبعني"

إكتفى بإلقائها والتقدم وهو متأكد أن ليو سيتبعه دون شك و آلفين يبذل جهده حقاً لعدم الإنفجار هنا فهو دون شك لن يفعل ما قد يسبب المزيد من المشاكل !

وجهته كانت المنزل لا غير فهو الأنسب لقول كل شيء بدون أي قيود .

و الآخر أشاح ببصره عنه رافضاً النظر بعيناه أو رؤية النظرة التي تعتلي وجه رفيقه الآن !

الكثير من المشاعر و الأفكار تتضارب بعقله بلا رحمة ، يشعر بأنه يختنق و عاجز عن التنفس ، آخر ما أراده هو أن يراه آل بموقع كهذا ! و أخيراً هو فهم سبب تلك المشاعر الفظيعة التي لازمته منذ الصباح فها هو اليوم يرفض الإنتهاء إلا بفضحه و أمام شقيقه .

يرعبه و بشدة ما سيحدث الآن و انفجار رفيقه ، و لو أنه يرخي نفسه قليلاً لسقط أرضاً فحسب ، و كم يتمنى لو أنه يفقد وعيه أو تبتلعه الأرض و فوراً ، لكن هذا بعيد حقاً عن التحقق !

و تلك الكلمة التي نطقها ببرود شديد أسرت رعشة بأكمل جسده ، هو سار بخطوات بطيئة تعكس عن روحه المشتتة و الراغبة بالإندثار فحسب ، إبتلع رمقه بصعوبة شديدة وهو يخرج مفاتيح سيارته بينما يمد يده لمن أمامه وهو يتحدث بصوت مُرتجف بالكاد مسموع :" السيارة بنهاية المنعطف أمامنا "

لم يستدر لينظر و لم يعلق بشيء بل رغب لو يترك السيارة وحسب ويعودان بسيارة أجرة ربما لكن لم يرد ترك صغيرة رفيقه حقاً ولا داعي لهذا ، لذا بالنهاية قرر أن يستدير أخيراً ليتوقف ثواني حتى مد يده وسحب المفاتيح من يد ليو بقوة بغير اهتمام بنظرات من أمامه الخائفة وقرر أنه من سيقود اليوم !

لطالما حاول إيصال رسالة ما لرفيقه يخبره كم أنه يعتمد عليه ! حتى بأمور صغيرة كهذه لكن اليوم مختلف تماماً لاسيما بعد رؤية ملامح ليو شعر أنهما سيقعان بحادث لو قاد هو فاخذها من يده دون مقدمات وتقدم نحو السيارة بصمت بنفس الجمود الذي كان عليه وتجنب النظر لليو فلم يكن يرغب بتفجير غضبه أو التراجع بسبب ملامحه فذهب للسيارة ليركب بمقعد السائق بهدوء مخيف منتظراً ركوب ليو .

و الأصغر أجفل فور أن أخذ منه المفاتيح بقوة و توقف عن السير ليراقبه حتى صعد للسيارة ، ليس وكأنه أراد القيادة فجسده يرتجف بالفعل !

لذا هو مد يده بالمفاتيح ، تنفس بعمق شديد مُغمضاً عيناه محاولاً الحفاظ على ما تبقى من أعصابه ، يشعر وكأنه يرغب بالهرب فقط و لكن إلى أين ؟! إن هو هرب من آلفين إلى أين سيذهب و من سيستقبله حقاً ؟!

هو الوحيد الذي يهمه أمره و الشخص الوحيد الذي يستند عليه بلا أي خجل أو خوف ، لذا فقط لا ملجأ له منه إلا سواه !

سار مُجدداً بعدها و قد حسم أمره باللحاق به لذا اتجه للمقعد الآخر للجلوس به بإرتباك بينما عيناه لم تبتعدا عن النافذة منذ صعوده !

آلفين كان يقود السيارة بسرعة معتدلة نسبيا وان كان يرغب حقا بالقيادة بسرعة جنونية وإفراغ جزء من غضبه لكن ما كان هذا ليأتي بنتيجة لأحد هو أساساً اخذه لمنع أي حادث سير مأساوي فهل يأتي هو ويسببه؟!

بالطبع غير ممكن ، حافظ على السرعة نسبياً حتى وصل أخيراً بعد أن تلفت أعصابه وشعر أن الطريق للمنزل أخذ دهراً أو أن منزله بقارة أخرى وهو لم يكن يعلم !

نزل بسرعة مُغلقاً الباب بقوة نسبية متجهاً نحو الداخل دون أي كلمة هذه المرة فكلمة اتبعني كانت تشمل أن يتبعه لكل مكان فلم يجد سبب لإعادة ما قاله بل توجه نحو الداخل لينتظر لحاقه به وهو يغلي من الداخل .

و على خلافه رمش ليو عدة مرات وهو يرى أنهم وصلوا للمنزل ، و فقط تسائل بأعماقه هل القدر يسخر منه أم أن الطريق تقلصت مسافته ؟!

لم يشعر مطلقاً به و لا بتغير المناظر من حوله ، هو فقط كان غارقاً بعالم آخر تماماً ، و الآن لحظة المواجهة فقط حانت !

و إن كان يدرك أنه قد يتلقى غضب آلفين بصمت تام دون أي حرف لئلا يزيد من حدة غضبه ! لكنه سرعان ما ابتسم بسخرية فلسانه لا يظن أنه سيساعده حقاً خاصة إن قرر العناد أكثر لإعطائه بعض الحجج التي تؤيد انضمامه لهم !

بالنهاية هو فقط تبعه مجدداً للأعلى ، و فور وصوله للشقة إنتبه الفين لخطواته التي كان يخطوها بهدوء شديد فالتفت ليحدق به بعينيه الخاليتين من أي رحمة تقدم نحوه بينما يداه بجيبه ، نظراته كانت غامضة يصعب تفسيرها ، لوم، غضب ، ندم ،وخيبة شديدة حلت عليه ربما ، خيبة أمل بنفسه على ترك رفيقه ينجر إلى هناك !

تحدث بينما يتقدم من بين أسنانه :"بماذا أخطأت ؟! "
تقدم خطوة أخرى ليقول بنبرة إرتفعت قليلاً أكثر ولكنها حافظت على هدوئها :"لم أكن أهل للثقة ؟!"

كل ما توقعه بعقله من أسئلة أو ردات فعل تم تحطيمها تماماً بما نطق به تواً !

هو لم يتوقع حقاً مثل هذا السؤال و ما خطر بباله قط أن رفيقه سيفكر بطريقة كهذه ! و هذا فقط أضاف شعور فظيع من الندم لأعماقه و إن كان يرى للآن أن ما فعله ليس بعمل خاطئ مادام يميز الصواب و الخطأ و لديه هدف جيد !

و فقط نظرة آلفين إخترقته مباشرة لذا أشاح ببصره بعيداً بينما يحاول أن تخرج نبرة صوته مُعتدلة بلا خوف أو همس :" لا علاقة بهذا بذاك آل ! "

أراد أن يكمل كلماته و يشرحها بشكل أفضل ، لكن بإلتفاتة واحدة خاطئة لعيناه جعلت كل حروفه تتبعثر بحلقه خانقة إياه ، رافضة للخروج حتى لمواجهة ذاك الأتهام الذي ألقاه آلفين له تواً و بهذا هو حقاً أطبق شفتيه مُظهراً أنه لن يضيف أكثر مما قاله !

و الآخر آراده أن يدرك ما فعله بنفسه وما كان يمكن أن يحدث !

تذكر أيام الطفولة وتخيل ليو محبوساً خلف القضبان بسبب تلك العصابة وهو يفترض به إكمال حياته وكان شيء لم يكن !

يده تمردت وطالبت بضرب من أمامه دون رحمة فرفعها دون شعور منه يقصد بهذا ضربه بقوة !

و ليو نظراته التي كانت تحدق بكل شيء عدا رفيقه الوحيد تمكنت من إلتقاط حركة ليعيد بصره إليه بالكامل ! هي كانت مجرد ثوان فقط لكن بالنسبة له كانت زمن طويل حقاً !

ثوان أعادت له ذاكرته مشهداً مُماثلاً لكن بتغيير صورة الواقف أمامه ! و هذا جعله يشهق بخفة و يغمض عيناه بقوة عاضاً على شفتيه دون أن يتحرك و لو خطوة واحدة منتظراً تلك اليد لتهوي عليه !

لكن أحقاً آلفين قد يفعل ؟ رغبته تلك بضربه لم تزل منه ، يدرك أنه فقط بلحظة غضب وإلا لم يكن ليرفع يده عليه حقاً بحياته كلها لكن الآن هو فقط يشعر برغبة بتكسيره أيضا إن كان يعني سلامته !

فكر بداخله فوجد نفسه عاجزاً عن الحركة ، يده صارت ترفض أن تطيعه ! ترفض أن تصيب رفيقه وتكون سببا بجرحه ! لن ينسى ولن يسامح نفسه لو فعلها !

وليو كذلك سيضل هذا ندبة بقلبه خصوصاً مع تلك الملامح المرعوبة ، ضيق عينيه لتتحرك يده وبدل أن تهوي على خد رفيقه ضربت اللوحة الزجاجية بقربه بقوة شديدة حطمت ذلك الزجاج بيد الفين لتحيله قُرمزياً وتقع تلك اللوحة ارضاً تفترش الأرض شاكية إفراغ غضبه بها بكل وحشية !

يده آلمته بجنون والدماء تتدفق منها تملئ الأرضية بقطرات شبيهه بالندى عدا بلونها القرمزي ذاك الذي يخرج منها ولو لم يكن الحائط صلباً كفاية لكان تحطم هو الآخر من قوة تلك الضربة وربما كانت معجزة أن يد الفين لم تنكسر فقد نسي نفسه وغرق بغضبه وبمحاولة تفريغ يائسة انتهى به الأمر ينسى أنه على وشك ضرب شيء صلب !

صوت تناثر الزجاج و تحطمه أجبرته على فتح عيناه بهلع أكبر مما كان يشعر به تواً !

و قطعاً رؤيته لدماء رفيقه تغادر مكانها الأصلي لتتناثر على الأرضية جعلته يتمنى لو أنه من إستقبل تلك الضربة بالنهاية ، هو تناسى كل مشاعره التي كانت تعصف بأعماقه و خوفه منه ليقترب له بسرعة بينما ينطق بقلق وهو يحاول الإمساك بيد رفيقه عله يُقدر مدى سوء الجرح :" آل ، علينا العناية بها الآن و التأكد من عدم وجود زجاج بها "

سحب يده منه بعنف شديد غير مراعي لتلك النبرة القلقة من رفيقه فهل هو قلق عليه الآن من شيء كهذا بينما هو كاد يرمي بكل مستقبله عرض الحائط ؟!

عبارة قصيرة كانت كافية لارعاب من أمامه بنبرة ظهر فيها غضب مكتوم وحقد ربما ودون ان تظهر أي تأثر بقلق رفيقه بينما يدفع ليو للخلف :" أبقى بمكانك اللعين ولا تتدخل !"

وازن نفسه بالكاد بعد أن دفعه رفيقه إلا أنه رغب فقط بتجاهل تلك النبرة و ذلك الأمر ، بالرغم من أنه حقاً شعر بالخوف منه إلا أنه لم يتمكن من تجاهل يده النازفة لذا كرر المحاولة لكن بنبرة أضعف من سابقتها و دون أن يلمسه حقاً :" أرجوك آل ، دعنا فقط على الأقل نضمدها ثم أفعل ما تشاء ! "

صرخ به بكلمة واحدة لينهي هذا الموضوع عديم الأهمية بالنسبة له ليصدح صوته بالإرجاء بغضب شديد :"صمتاً !"

عض على شفتيه بقوة رافضاً لكل ما يحدث هنا ، إن لم يكن سيعالج يده بسبب هذه المحادثة اللعينة إذاً هو سيقوم بإنهائها و الآن !

ملامحه تجهمت و نطق بشيء من القوة لأول مرة منذ بداية هذه المحادثة :" سأصمت و لكن بالمقابل لن أستمع لأي مما تريد قوله ، و لن أجيب على أي حرف ! أكمل هذه المحادثة مع نفسك "

أنهى عبارته ليتجه للأريكة و يجلس عليها هو حقاً ما استطاع أن يبتعد أو أن يغادر الغرفة كما كان ينوي فعله بما أنه يريد الإطمئنان على من بداخلها .

و آلفين حين رأى ليو يتجاهله حقاً من أجل جرح يده وحسب وهو فقط رمى نفسه لعصابة وللآن لا يبدو عليه الندم حقاً جعلته يفقد أعصابه أكثر !

الندم الوحيد الذي إستشعره منه ما هو إلا لغضبه منه فزاد هذا حدة غضبه ليقوم بسحب ليو بسرعة من الأريكة ويجبره على الوقوف بغضب أكبر وكأن الغضب السابق لم يكن كافياً ، إلا أن رؤية من أمامه لا يبالي بما فعله فجرت آخر ذرة صبر لديه لتتحول نظراته الباردة تلك لأخرى حادة مرعبة بينما يمسك ليو من قميصه ودفعه للحائط بقوة ليصطدم جسده بالحائط :" إفعلها ليو و أقسم لك سأتجاهلك بقية حياتك البائسة ! "

عض على شفتيه مرة أخرى و هو يشعر بأنهما على وشك التمزق حقاً ، لم يظهر أي علامة تدل على ألمه بسبب ذاك الحائط الذي إلتصق ظهره به بقسوة بل حدقتاه ركزتا فقط بيد من أمامه المُصابة و هما توشكان على البكاء بالفعل !

لا يريد هذا ، لم يرغب بأن يتأذى رفيقه مُطلقاً فكيف وهو أصيب بسببه ؟!

أجابه و قد إحتله الضعف مجدداً و تناثرت تلك العزيمة منه مع ذلك التهديد :" إذاً فقط تحدث بسرعة ، ماذا تريد آل ؟ لقد إنضممت و إنتهى الأمر حسناً ؟ فماذا الآن ؟ "

لم يقل صوته حدة مُطلقاً ولوثت دمائه تلك ملابس رفيقه قليلاً ، عيناه العسلية بدت كما لو أن إعصار داخلها ودمائه تغلي بعروقه ، تحدث بصوت بارد و لم يبعد يده عنه ولهجته حملت شيء من التهديد والإستنكار :" إنضممت و إنتهى ؟! ماذا الآن ؟! أهكذا ترى الأمر ؟! "

ابتسم بسخرية شديدة وعيناه دلتا على غضب شديد لحظتها ! عادت ملامحه الغاضبة لتكون سيدة الموقف بعينان تفيضان حدة ويده قبضت على قميصه أكثر :" لن أقول لك لما فعلتها فلا سبب بالعالم يجعلك غبياً كفاية لتذهب وتضع مستقبلك على المحك ! لا شيء يبرر جنونك هذا ! لقد كنت دوماً أحاول أن أكون من تستند عليه لكن يبدو أني لم أكن الشخص المناسب ليكون سندك ! "

تابع بإستفزاز ونظرات حاقدة على من أمامه :" كل ذلك الكلام الأحمق الذي تتفوه به دوماً عن أنك تثق بي مُجرد هراء ! كلام جرائد لا قيمة له لديك على ما يبدو ! وأنا الأحمق صدقت ووثقت بذلك ! "

صمت لبرهه ثم تابع بغضب شديد :" هل من الجميل أن تشعر أنك تخدعني؟!"

يدرك أن هذا غير صحيح و أن رفيقه ربما لم يقصد هذا لكن رغبته بأن يجعله يتحدث ويدرك أنه تسبب بألم شديد له ربما دفعته لقول هذا ! وربما جزء صغير بداخله يشك أن ليو حقا إختارهم ليساعدوه بدله !

أغمض عيناه وهو يستمع لكلمات رفيقه و إتهامه الواضح له ؟ هناك الكثير مما حدث هذه الفترة معه و فقط الآن يشعر بضعف شديد ليكمل هذا الحوار !

بقع الدماء التي زين بها قميصه تخترق قلبه ، هو بدأ يشعر حقاً بأنه تسرع ، لم يفكر قط بلحظة كهذه أو بالعواقب إن هو أخفق بما يسعى إليه ! لكن فقط أيضاً هو لا مستقبل له صحيح ؟

نطق بصوت متحشرج :" أنا فقط لم أفكر موافق ؟ لم أضع أي إحتمال عن أنه قد أكشف من قبلك أو من الشرطة ! فقط تناسيت هذا الجزء ربما "

صمت يستجمع بقية عباراته قبل أن ينطق بدفاع ربما :" مع ذلك أنا لم أكذب بأي حرف و قطعاً لم أبحث عن سند أو رفيق بين أولئك الحمقى ! أقسم لست بكاذب ، أنا فقط أردت تحقيق هدف ما لا أكثر "

عض على شفتيه مجدداً حتى نزفت و أخيراً و هو خائف حقاً من إطلاعه على ما أراده منهم ، ماذا لو زرع فكرة الإنتقام بعقل من أمامه ؟ هو لم يفكر بهذا قط ! على الأقل لم يبدوا عليه ذلك لذا إن فتح أنظاره على خيار فظيع كهذا ثم تأذى هو فلن يسامح نفسه للأبد !

لذا هو فقط حاول التنفس بطريقة طبيعية بعيداً عن الألم الذي يشتعل بقوة بصدره ، عقله فقط بدى و كأنه عاد للعمل تواً إذ بدى لليو أنه يسخر منه بأنه لا يريد لآل أن يتأذى لكن أن يقحم نفسه كالأحمق ليست مشكلة ؟

لا ينكر أن سماع ذلك خفف من حدة غضبه ، صديقه متهور وهو يدرك هذا مُنذ طفولتهما لكن هذا لم يكن مبرراً كافياً حقاً !

طرح تسائله المغلف بالإنفعال ينتظر جواب ولا يقبل بغيره:"أي هدف لعين هذا الذي يجعلك تخاطر بكل شيء لأجله ؟! كل شيء عملنا له معاً انت فقط تصرفت وكأنه لا شيء ! "

إرتفعت نبرته أكثر بنبرة موبخة :" أي شيء لعين أغلى من مستقبلك وحياتنا معاً ؟!"

لو كان بإمكانه الهرب مُبتعداً لئلا يجيب على سؤال كهذا لفعلها و فوراً ، لكن أنى له الهرب منه و هو للآن يشد على قميصه ؟

أغمض عيناه ليمنعهما ربما من مشاهدة ردة فعل رفيقه عندما نطق بالكاد :" أريد الإمتناع عن الإجابة ! "

حدق به آل بصمت مطولاً ، يعرف أن ليو لم يكن ليقول هذا إلا لسبب ما و لم يكن السبب يهمه بقدر أهمية أن يبتعد عنهم فقرر أن يتجاهل السؤال مُضطراً ليتجه نحو هدفه الأصلي من كل هذا كقناص يوجه رصاصته نحو قلب الضحية فلا يترك لها مجال للنجاة !

صيغة أمر باردة كما لو كانت من عقيد للجيش لجنوده كانت ما سمعه ليو من الفين :" ستتركهم وفوراً ولا جدال بالأمر !"

قطب حاجباه على الفور بعد هذه الجملة ، أيمكنه فعلها بسهولة ؟ هل الخروج من هذا العالم كسهولة دخوله ؟! ليس و كأنه أعطاهم الكثير من المعلومات عنه ، بل هم من عرفوها وحدهم ! ، مع ذلك أهذا سهل ؟ ثم هو لم يحقق هدفه !

أراد أن يثبت برائته لوالده و المستشارين و حتى لسيتو ليجعلهم يرون أنه ربما يستحق فرصة ؟! أنه ليس أسوء إبن قد يحظى به أحد !

أن يعيد لآل حقه منهم و بالرغم انه لن يتمكن من إعادة طفولته الضائعة لكن كإعتذار على توريطه معه بسبب تسرعه بالدخول للشجار و سلبه كل شيء ، مع ذلك هو لم يحسب حقاً أي حساب بحال تم الإمساك بالعصابة و هو معهم ! هو فقط سيتسبب بتدمير نفسه ظاهرياً إن تجاهل حقيقة أنه مدمر أساساً لكن هذا كان ليُدمر شقيقه ان صح التعبير !

تنفسه زادت سرعته و كأنه يخوض سباق للجري ، هو فقط عجز عن الإختيار و يرى أنه دخل و انتهى الأمر لذا ليكمل ؟!

أشاح بوجهه عن رفيقه دون إعطائه أي إجابة و ربما هذا أوصل له بالفعل أنه متردد و يميل للرفض أكثر من الموافقة !

آلفين راقب تقلبات وجه من أمامه ورغم علمه بتردد من أمامه لكن التردد لم يكن خياراً و أياً كان سببه عليه فقط التخلي عنه فلا شيء أهم من مستقبله بالنسبة لالفين ويفترض أن يكون المثل لليو !

خلاف كل مرة لم يستطع حقاً أن يتركه يفعل ما يريد فالمخاطرة هنا بكل شيء ! قطب حاجبيه ليتحدث ببرود مخيف ظهر عليه فجأءة ولسبب يجهله ليو كانت نبرته الباردة تلك أكثر اخافة من نوبة غضبه !

خصوصاً حين تحدث بإختصار شديد يختتم بها مناقشته المحتدة تلك :"انا أم هم ؟!"

ثلاث كلمات وحسب تجمعت لتكون جملة استفهامية إختتمتها علامة استفهام تنتظر من يجيب عليها ، سبع أحرف كافية لتقلب حياة شخصين رأساً على عقب بعد الجواب عليها !

نطقها بنبرته تلك وكأنه يخبره أجب بهم وستكون لي أسوء من الغريب !

حدق بليو ينتظر جوابه وإستكشاف مشاعره عبر ملامحه :" وليكن بعلمك هذه آخر فرصة ! لن أكرر السؤال حتى ! قرر "

شهق برعب شديد وهو ينطق بلا وعي :" أنت مجنون ! "

هو قالها بينما دموعه فقط توشك على الهطول ، حاول إبعاد قبضة رفيقه و التحرر قليلاً فهو حقاً يشعر بأنه بات عاجزاً عن التنفس ، جسده إقشعر بالكامل فهو لم يتوقع قط أن يضعه آل بموقف كهذا !

أخفض رأسه بينما ينطق بنبرة يائسة :" أنت تدرك تماماً أنك أكثر أهمية منهم فلماذا

هذا الآن ؟ أنا بحاجة للمزيد من الوقت معهم ! فقط القليل لأحقق ما أريده على الأقل "

سماع تلك الإجابة كان كفيلاً بجعله يتخلى عن تعقله كله و كل الهدوء الذي اكتسبه تبخر مع الهواء ليعود الغضب بأوجه ضغط على أسنانه بشدة ويده لم تسلم هي الآخرى والتي كانت ما تزال تمسك بقميص ليو ، يدرك أن صديقه يقدره أكثر من أي أحد اخر ، يدرك أن من الواضح أن سببه قوي حقاً لكن لن يقتنع !

لا عذر لتدمير حياته ! لا شي مطلقاً ! سنوات من الجهد قد تضيع بأقل من نصف ساعة فكيف يوافق ؟! لم تكن مشاعر صديقه واهتمامه به مهمة بهذه اللحظة !

كل ما تخيله هو أن يفقد ليو بلحظة ما وحينها سيكون الندم رفيقه الجديد و كأن ندم الماضي لم يكن كافي ليمزقه يومياً يمكن أن يضاف ندم آخر له وفقط حقاً أن يعيش مع ندم كهذا محال له !

سحب ليو من قميصه ليدفعه أرضاً بقوة شديدة مع نظرات غضب شديدة ! أخرج من جيبه مفتاح الشقة ليمسكه بيده المصابة فتلوث هو الآخر بالدماء القرمزية التي كانت قد لوثت يده ورماه على الجالس أرضاً وكان آخر ما قاله هو كلمات قاسية ألقاها على مسامع ليو ببرود شديد وكأنه لا يعنيه بشيء :" إذهب للجحيم !"

إتجه نحو الخارج غير آبه بأي شيء و مخطط واحد بعقله لم يفصح عنه !

و من خلفه إنهار جسده بالكامل مُستلقياً على الأرض و عقله حقاً ما تمكن من إستيعاب تلك الكلمات أو التصرف الأخير بإلقائه للمفتاح له ، قلبه كان ينبض بعنف شديد و كأنه يعاتبه حقاً على عناده بينما دموعه تحررت أخيراً من سجنها !

ملامحه طغى عليها الشحوب الشديد ، هو حقاً لم يستطع أن ينهض و يتبعه فقط طاقته انتهت حقاً لليوم و كم يتمنى لو أن روحه تغادر جسده أيضاً علها تريحه من كل شيء !

دائماً و أبداً يفسد كل شيء جيد بيديه ، هو حقاً ربما عليه فقط الإستسلام لهذا !

تذكر آخر كلمات نطقها آلفين ليحتضن نفسه على الأرضية بينما ينطق بضعف :" لكنني أعيش بواحد أقسم لك ! "

أغمض عيناه مانعاً وصول صورة قطرات الدماء لهما لتظهر له صورة آل الغاضب ، لم يعلم حقاً ما يجدر به فعله بعد هذه النقطة !

آلفين لن يتركه حقاً صحيح ؟! لإنه إن تخلى عنه الوحيد الذي ظن أنه من سيبقى معه للأبد إذاً حياته بالكامل ما من داعٍ لها ، هو فقط سيكون قد فشل بكل حياته !

والداه يستحيل له العيش معهما و قد قررا تبني سيتو ، ما إن تكتمل تلك الأوراق هو فقط سيرحل بعيداً عنهم ، سيعتمد على نفسه فقط للعيش بما تبقى لحياته البائسة !

بالنهاية هو إستسلم للنوم على تلك الأرضية و دون أدنى إرادة منه .

####

أسند ظهره لفراشه بهدوء ، أفكاره ما تزال مُتعلقة بتوأمه و صغيره ، صوت بكائه و إرتجاف جسده بين يديه أمر لم يتمكن من نسيانه حقاً !

تلك الكوابيس لم يعلم إلى متى ستستمر بمرافقة توأمه ؟ هو ابتعد عنه صحيح ؟ قام بتحريره فقط لأجل أن يتحسن إذاً ماذا الآن ؟

هل مقابلته له بكل فترة هي السبب ؟ أعليه أن يبتعد تماماً عنه ؟ أن يدوس على قلبه و مشاعره قاتلاً إياهم بسبيل راحة صغيره !

حقاً يفضل الموت مئات المرات باليوم الواحد على أن يُعاد أمامه مظهر شقيقه الباكي بحرقة كما لو أن الشمس لن تشرق مجدداً .

و بهذا هو أغمض عيناه لوهلة قبل أن يفتحهما ناهضاً من مكانه ، عليه الحديث مع ذاك المحقق ، أن يوكل إليه رعاية شقيقه تماماً ثم يبتعد ؟ تدريجياً حتى يوقف أي اتصال بينهما !.

و هو سينفذ ما اعتزم عليه ، سيقوم بتدميرهم تماماً و هذا نهائي ، لن يرتاح حتى يفعل ذلك ، انتقاماً لنفسه و صغيره و إن كان ثمن هذا حياته .

####

خرج الفين من ذلك المنزل وهو يشعر بشعور فظيع حقاً ! ليس وكانه نادم على ما فعله هو فقط لن يبلغ أحد بما حدث ألا يعني أن جعله يدرك خطأه يقع على مسؤوليته هو ؟!

كان يدرك أن ليو سيتأذى من هذا لكن إهماله لنفسه بهذا الشكل دوماً ما يوقعه بالمشاكل ! ألم يتعلم من الدرس السابق الذي تسبب بخسارته لكل شيء ؟!

لا يزال آلفين يشعر بالألم كلما تذكر كيف كانت حياته قبل الحادث ويتمنى لو يمكنه أن يعيده لحياته السابقة  ويجعله يتقبل أسرته ولكن أن لم يكن هذا ممكنا أليس على الأقل حماية ما تبقى من تلك الحياة أفضل من خسارة كل شيء ؟!

تسائل بأعماقه فقط أي سبب هو هذا الذي جعله يخاطر بكل شيء بل ويرفض تركهم حتى النهاية ؟!
لم يكن مهما بالنسبة له بقدر ما يهمه أن يخرجه منهم رغماً عنه فإن كان هو سيعاند فأفضل حل هو التعامل معهم بنفسه !

كان يفكر بداخله أن كان ليو قد أصيب بسبب دفعه له و إن كان سيكون بخير أم لا !؟ هو لم يتمنى أن يفعل هذا به لكن لتلقينه درس عن السلامة كان قد قرر بالفعل تجاهل ليو حتى إشعار آخر ورعايته بالخفاء خشية أن يتهور .

رغبة بداخله تطالبه بالبكاء فقد شعر باختناق  فظيع لكنه منع نفسه من فوره ! لديه شجار عليه خوضه وهو ليس وقت إظهار أي ضعف !

وضع قلنسوته  لتغطي كامل رأسه  حين وصل أمام ذلك المبنى الذي احتضن تلك العصابة نظر حوله ليغطيه برود شديد كما لو كان برود مجرم ما ينوي ارتكاب جريمته دون ذرة ذنب واحدة، وجد ضالته بعصا حديدية موجودة ارضاً فتقدم نحوها بخطوات واثقة لتلتقطها يده ،تأكد من أنها صالحة للاستعمال ثم توجه نحو ذلك المبنى بثبات دون أي خوف فأياً كانت النتائج هو مستعد لقبولها !

رغبة واحدة بتحطيم رأسهم وجعلهم ينسون اسم ليو بقية عمرهم هي كل ما كان يهمه لحظتها !
تقدم نحو البناء ليظهر أمامه فتى بشعر أخضر بتسريحة غريبة أثارت اشمئزاز  الفين منه فهل هؤلاء الجانحين هم من كاد يودي بحياة شقيقه نحو الهاوية ؟!

الشاب أمامه سأل بنبرة مستفزة حين شك بألفين
" من انت يا هذا ؟!ماذا تريد بهذا الوقت ؟!"

لم يتلقى رد بل فقط الفين استمر بالتقدم ويده تجر العصا ارضا لتترك طبعاً على الأرض !
بدأ الشاب يشعر بشيء من الخوف لكنه بدل التراجع أقنع نفسه أن من أمامه مجرد ضعيف لا يجب أن يخاف منه فلم ينتظر أي دقيقة أخرى !

تقدم بسرعة ليهاجمه فما كان من الفين إلا تحريك قدمه  بسرعة موجهاً ركلة لبطنه ورفع العصا ليضرب يده اليسرى بها بقوة جعلته يقع ارضا متألماً !
داس على قدمه حتى صدرت منه صرخة متألمة ليبدأ يطالب بالرحمة !

لم تتغير ملامح الفين الباردة ، هذا الحادث اخرج  المسخ بداخله ، الشخصية الباردة اللامبالية ، لن يرحم من يؤذي رفيقه بصورة مباشرة أو غير مباشرة فكان هذا وقت ظهور هذا الجزء منه الذي اخفاه لسنوات منذ مجيء ليو قربه ، لم يكن بحاجته حقاً طوال تلك المدة لكنه الآن سيعوض فترة اختفائه !

وصل باقي رجال العصابة والذين كان عددهم خمسة  بذلك الوقت فحدق بهم الفين منتظراً مجيئهم !

تقدم اثنان منهم ليوجه احدهما ركلة له  فتفاداها  الفين منتظرا أن يفقد توازنه ليركله على مفصل الركبة ليقع ارضاً صارخاً من الألم بينما اقبل الآخر عليه  فرفع العصا تلك  ليضربه بها على ذراعه  ثم وجه له ركلة على معدته بقوة شديدة ليقع تماماً
ازداد غضب الثلاثة الباقين والذين كان الزعيم ضمنهم فتقدم الثلاثة معاً اثنان ركضا بسرعة شديدة  ليقوما بالهجوم بوقت واحد ، بدأ يناورهما إلا أنهما كانا سريعين بالفعل فاصابته لكمة على وجهه جعلته يفقد شيء من توازنه ليتراجع للخلف إلا أنه حاول استعادة توازنه ليتجنب اللكمة التالية  التي توجهت له من الاخر

حدق بمن امامه بحقد ومسح خيط الدماء الذي ظهر على حافة شفته ، انتبه لذاك الشاب الذي ضربه يهاجم مجدداً فحرك العصا  سريعاً ليوجه له ضربة بها على خاصرته بعد أن تجاوز لكمته تلك ليستند ذلك الشاب على ركبته  مُمسكاً بخاصرته التي صارت تؤلمه بشكل فظيع !

همس بحقد شديد " تبا لك أيها اللعين ستموت على يدي ! "

لم يهتم الفين لتهديده فهو حرفيا الآن لا يفكر بأي شيء عدا جعلهم يحرمون ذكر اسم ليو حتى بغض النظر عن ما سيجري بعدها   !

تقدم الشاب الآخر بينما الزعيم اقترب أكثر مشرفاً على ما سيجري ، لم ينتبه الفين لمن نهض بالفعل دون علمه وقبل أن يستطيع تجاوز الركلة شعر بأحد
يمسكه من الخلف ليكون ذلك الشاب الذي وعده بقتله يثبته بينما اقبل الآخر ليساعده على تثبيته بينما تقدم الزعيم بنظرات ساخرة نحوها  فها هو قد وقع بين يديهم ، سار بغرور وتقدم لالفين  الذي كان يناضل للتحرر ولا فائدة وقف أمامه تماماً فلم يظهر أي خوف حقاً بينما تحدث الزعيم بنبرة ساخرة وابتسامة نصر على شفته :" لما لا تتوسل وتطلب العفو؟ قد اعفو  عنك لو قبلت قدمي ! "

ابتسم الفين ببرود شديد رغم أن الزعيم لم يتمكن من رؤيتها حقا فقد كان وجهه كله مخفي بالفعل لكن نبرته تلك حملت استهزاء شديد فجرت غضب من  أمامه حين شعر بالإهانة :"ولا بأجمل أحلامك !"

لم ينتظر الزعيم حقاً وجه له لكمة قوية على وجهه جعلت وجهه يلتف للجهة الأخرى من قوتها بينما الدماء تطايرت من فمه ، ثم لكمة أخرى تبعتها دون إعطاء فرصة له لكي يشفى ! وختمها بركلة على  معدته جعلته يصدر تاوه وبالكاد كتم صرخة الم من الصدور  بل إنه بدأ يشعر بوعيه يزول ،الرؤية بدأت تصبح ضبابية  لولا أنه تماسك بآخر لحظة بينما يتنفس بصعوبة

استغل فرصة استمتاع من أمامه بما يجري فقام بالدوس على  قدم من امسك به بينما جعل من قدمه تسحب قدم الآخر ليققد توازنه ويقع ارضا !

اخذ العصا مجددا ليباغت الزعيم بهجوم قوي انتقاما لنفسه وجه لكمة لوجهه ليقع المعنى ارضاً ولم ينتظر الفين بل قام بالدوس على معدته من فوره  بقوة ليصرخ متألماً !

  سحبه  من ملابسه ليقوم بوضعه كرهينة لديه ! وجد سكين بجيب الزعيم فأخرجها ليضعها على عنقه مهدداً بصوت حاقد :" تحركوا أيها الحثالة ويموت هذا التعيس !"

ثبتوا باماكنهم بأمر من زعيمهم المرتعب ليقول بصوت مهتز مستاءا من كل ما يحدث :"فقط ما الذي تريده منا واللعنة؟!"

تحدث الفين من فوره حين نطق بهذا فقد كان ينتظر هذا بالفعل بنبرة باردة ولم يبعد السكين مطلقاً :" هناك لعين يعمل معكم مؤخرا اكرهه بشدة ! وجوده معكم يعني أنكم أعدائي وقتلكم سيجعله يموت   ندما وهذا ما اريده بالضبط !"

نطق الشخص الذي لكمه بداية ظهوره بغضب شديد
:" عن من تتحدث ؟! لست مستعدا للموت لاجل لعين ما !"

تحدث آلفين بحقد ظهر حين سمع هذا فلو حصل  شي لليو أو طالبهم بقتله واضح انهم ما كانوا ليترددوا ! :" اسمه ليو ! طالما هو معكم انتم أعدائي ! ان اردتم النجاة اطردوه اذا جاء اليكم وحسب ! اريده أن يشعر أنه منبوذ !"

الزعيم الذي أراد إنهاء كل هذا حين شعر بالخوف من تلك النبرة فقط رد بصوت مرتجف :" لك هذا !هو مطرود ولن يدخل هذا المكان مجددا ! إذا جاء ساجعله يرحل فوراً !"

ابتعد الفين عنه ليقول بينما  يغادر ببرود :" جيد ! جرب خرق الاتفاق والمرة القادمة لن أكتفي بما حصل اليوم !"

غادر المكان بعدها بسرعة بعد أن شعر بألم فظيع فذهب ليستند على الحائط ويده استقرت على معدته التي تتذمر بشدة !

شيء من الراحة تسلل له فهو يعرف هذا النوع من الأشخاص!

من حسن حظه انهم جبناء وضعفاء كفاية ليخافوا  من هذا التهديد  ودون شك لن يخلفوه بعد ما جرى !

تابع سيره وهو يفكر بما عليه فعله فلا يمكنه العودة لمنزل ليو بعد أن قرر تلقينه درساً ولا يمكنه الذهاب مع هذه الإصابات لمنزل عمه فلم يبقى سوى الشارع للمبيت فيه !

####

الليل كان قد إنتصف بالفعل و عقارب الساعة تجاوزت الثانية فجراً ، الهدوء كان طاغياً بالمكان فمن قد يبقى مُستيقظاً حتى هذا الوقت ؟!

و هو هناك بين ثنايا ذاك المنزل المُظلم كان يسير ، كظل أسود لا صوت له ، نظراته مُظلمة كما الليل من حوله كحاصد أرواح يتجول بالمكان بلا رحمة !

اهتدى و أخيراً للغرفة التي يرغب بها لترتسم ابتسامة عابثة على شفتيه ، فتح الباب بهدوء تام يتسلل للداخل و قبل أن يوقظ ذاك النائم بعمق اتجه للحائط المُقابل له ، وقف هناك بوسط الظلام بينما إلتمع نصل ما بين يديه .

رفعه قليلاً قبل أن يمرره على راحة يده يُصيبها بعدة جروح ثم بدأ برسم عدة كلمات بدمائه الخاصة على طول الحائط دون الاهتمام للألم الناتج عن ذاك الجرح !

و ما إن إنتهى حتى قام بتحريك قطعة فخارية ما يحطمها مع إضائته للغرفة قبل أن يهرب سريعاً من المكان كما لو أنه لم يوجد .

بينما ذلك الجسد انتفض من نومه بفزع يحدق بالفراغ يضيق عيناه قليلاً قبل أن ينطق بنبرة ما خلت من آثار النعاس :" لما الضوء مُشتعل ؟ "

نهض من فراشه يتمتم بشتى الشتائم التي يعرفها إلا أن عيناه اتسعت بقوة شديدة و قد تجمدت الدماء بعروقه فور وقوع بصره على تلك الكلمات المنقوشة بالدم ؟!

رسالة تهديد خالصة يخبره صاحبها أن الغد سيكون آخر يوم له ، و بالأسفل رسم حاصد أرواح بمنجل !

شهقة صدرت منه فبمن عليه الإستعانة ؟ لابد أنه أحد من آذاهم بحكم كونه بعصابة ؟ و سامويل سيقتله فوراً إن علم بتهديد كهذا !؟

دقات قلبه تصاعدت ليجلس على فراشه يحصي أعداد و اشخاص من آذاهم بالماضي و مؤخراً و لسبب ما التمع اسم هنري بعقله لكن هذا لا يمكن فذلك الطفل هو بنفسه تأكد من جلده بقوة ستجعله عاجزاً عن الهرب بسهولة أيضا !

ثم لديه مبادئ ما أنه لن يقتل أحدهم اذا ليس هو ! هذا جعله فقط يستبعده و يبدأ بالبحث عن غيره طوال الليل .

#####

كرماد متناثر استيقظ هو من نوم فظيع و مخيف مليء بعدة كوابيس لتستقبله ظلمة الليل الموحشة و الأرضية الباردة أسفله !

ألم شديد كان ينتشر بجسده مع كل حركة يقوم بها إلا أنه و ببساطة تجاهل كل ذاك الألم بينما عيناه الزرقاوتين تحدقان بكل شيء بفراغ شديد .

هو نهض من مكانه بالفعل و اتجه لغُرفته بخطوات شبه ضائعة ، بدل ثيابه التي لاتزال بقع من الدماء تزينها من يد رفيق طفولته لأخرى بشكل عشوائي تام !

هو لم ينتبه للوقت و لا للجو بالخارج فقط يشعر بأنه يختنق تماماً ، وجهه سُحبت دمائه منه ليغدو ملوناً بالأصفر الشاحب ، عيناه أُخذت لمعتهما المُعتادة و باتت فارغة و باردة .

عاد لحيث غرفة الجلوس يحدق بالفوضى بلا أي تعبير قبل أن يتقدم ليمسك بمفتاح صغيرته ثم نسخة المفاتيح الخاصة بشقيقه .

هو ألقى به أي أنه لا يريد العودة لهنا ؟ تلك العبارة و هذا التصرف أيعني أنه تخلى عنه فحسب ؟!

رمش عدة مرات يقطب حاجبيه بضيق واضح بينما يشعر بغثيان شديد ، هو فقط بالكاد يحافظ على جسده واقفاً لكن أهذا مهم حقاً ؟!

سحب نفسه للخارج بعد أن ضاق نفسه و بشدة من المكان برمته و اتجه لصغيرته من فوره .

و أكثر ما كان واثقاً بشأنه أنه ربما أيقظ كل من يعيش بذات العمارة بفضل صوت المحرك الذي هدر بقوة و بعدها صوت عجلات صغيرته بينما تنطلق بسرعة مجنونة !

نوافذ السيارة بأكملها كانت مفتوحة تدخل الكثير من الهواء من الحاد إليه و الذي بدل أن يجعله يشعر بشعور جيد زاد من اختناقه أكثر فأكثر !!.

أفكاره بدت فارغة كما نظراته الحائرة ، و زاد الأمر سوءاً تلك الدموع التي بدأت تتجمع بعيناه ، أكل الهواء المحيط به لا شيء ؟ هل سُحب الأكسجين من رئتيه أم يمكن للحزن أن يشعره بألم بصدره و كأنه عاجز عن التنفس ؟!

ماذا يفترض به أن يفعل الآن و كيف يجدر به تخفيف هذا الكم الهائل من الألم و تموجاته السائرة بجسده بحق الله ؟!

أين عليه الذهاب و لما ؟ حقاً لا يعرف فقط يرغب بالهرب من كل شيء دون أن يعلم كيف بحقق تلك الرغبة بداخله ، الطريق ما كان واضحاً أمامه بفعل الهواء الذي يضرب وجهه بقوة ، حرفياً بدى كشخص يحاول الانتحار ليس إلا !.

رغم أنه بالحقيقة كان ذلك آخر ما يفكر به ، و ربما كعادته مؤخراً هو أبتعد عن الطريق العام ليتجه لتلك الغابة دون أن تنخفض سرعته عن المئة و الخمسين .

ثوان أو دقائق هي ما فصلته عن إطلاقه لشهقة بينما يده امتدت تفتح الباب بجواره ليقفز من صغيرته قبل عدة ثوان فقط من إصطدامها بشجرة ما بقوة شديد بحيث تناثرت قطع الزجاج بكل مكان و تحطمت الهيئة الأمامية لها بالكامل !

و هو جسده ضرب بقوة أرضاً عدة مرات إثر ارتداده مراراً بفعل تلك السرعة ! أغمض عيناه خلال ذلك بينما بدأ بالتدحرج للأسفل دون أدنى مقاومة منه حتى إرتطم جسده بشجرة بقوة .

شهقة مُتألمة صدرت منه بينما يكور جسده لنفسه كطفل صغير ، عدة جروح زينت رأسه إثر ذلك و بدأت تدفق ذاك السائل الأحمر إلى الخارج بينما شعر بأن إحدى يديه غير قابلة للتحريك بعد أن سقط بجسده عليها ، حاول أن يعتدل و يجلس إلا أنه تأوه بألم يضع إحدى يداه على معدته !

عيناه أغمضها قليلاً محاولاً تدارك الألم الذي حل به ، و بطريقة ما كم هو ممتن بشأنه ! أليس الجسدي أفضل من ذاك الإختناق ؟

لكن هذا فقط لعدة ثوان حتى فتح عيناه سريعاً و يجبر جسده على الوقوف متجاهلاً تلك الجروح و الكدمات التي تطالبه بعكس ذلك يقترب من صغيرته بأعين مُتسعة و الدموع تجمعت بعيناه ، هو تخلى عنها تواً !

بحق الإله ليس سوى خائن ! صغيرته التي عمل بجد لإحضارها هو و آل معاً حطمها بحماقة ! و فوق كل هذا هرب تاركاً إياها وحدها لتتحمل نتيجة غلطة هو ارتكبها .

هي أول ما اشتراه كلاهما من راتبهما الخاص و تحطمت بذات يوم غضب آلفين أيفترض أن تكون اشارة ما ؟ أهو حقاً فقد كل شيء ؟ عقله ربط كل شيء ببعضه لترتجف شفتيه مُعلنة عن أنه يوشك على البكاء .

لكنه لا يفهم لما يبكي الآن كطفل ؟ لماذا هو يسند رأسه إلى ركبتيه و يبكي بينما كان أساساً يخطط لجعل الجميع يبتعد عنه تدريجياً ؟ إلى متى سينبض قلبه بهذا الألم القاتل بدلاً من عمله الأساسي بضخ الدماء ؟! أليس هو حقاً خطط للهرب من كل شيء ؟ إذاً لما البكاء عندما هرب كل شيء منه و أين هو الفرق ؟!

و بعتمة ذاك الليل و تحت أنواره السماوية الخفيفة هو جلس بالقرب من صغيرته المُحطمة بلا أي صوت يصدر عنه فقط تلك الدموع التي تسيل بهدوء تام لا تعبر عن مدى الجُروح التي فتحت الليلة بأعماقه .

#####

يتبع
ارجو أن يعجبكم 😍😍😍
الفصل مشترك بيني وبين سنو  Coldsnow5

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top