بارت 25
نسمات الهواء اللطيفة بعثرت شعر كلاهما بينما يسيران بتلك الطرقات بملامح مُختلفة أظهرت كما لو أن أحدهما هو الجليد ببرودته و الآخر كما المياه الجارية التي تسير بكل إنسياب و بساطة ! لكن أوليس الجليد و الماء وجهان لعُملة واحدة ؟!
تلك العينان الزرقاوتان لم تتخاذلا و لو للحظة من إظهار تلك النظرة الباردة عليهما و ملامحه رسمت الضجر و عدم الرضى عليها بدقة و بلا تردد , لكن أليس هذا حقه بالفعل ؟ لم يرغب بأن يُدرب أي أحد فكيف بجعل أحدهم يلاصقه طوال الوقت بل و يقضي معه الوقت بمنزله ؟
بالمكان الذي جمعه و توأمه فقط ؟ لا يعلم لما لكنه وجد بالأمر نوع من الخيانة وربما هذا ما زاد حدة تصرفاته مع الفتى الذي يسير خلفه يحدق بظهره بهدوء , بالبداية هو قرر إتخاذ الصمت عنواناً له لئلا يُزعج من أمامه و عسليتاه كانت تتأملان الطريق و ابتسامة مرسومة على شفتيه ! هو حقاً مُتحمس لكل شيء !
و ربما حماسه ذاك هو ما جعله يتخلى عن قراره السابق بالإحتفاظ بصمته , لذا سمح لنفسه بالتقدم و الوقف أمام هنري الذي رمقه بكل برود و حدة و كأنه يهدده و الشاب تجاهل تلك النظرات ينطق بمرح :" أنا معك منذ يومين و أنت ببساطة تجاهلتني لكن لا تهتم بأي حال إسمي هو أبيل ! و أنا بال..."
قطاعه صوت هنري البارد مع تحركه ليسبقه مُجدداً دون أن يلتف حتى مُجيباً إياه بلا أدنى إهتمام :" لست مُهتماً بمن تكون حقاً , أكمل تدريبك و لا تسمح لي برؤية وجهك "
و هذا أثار حفيظة أبيل الذي حدق به بعينان مُتسعة قبل أن يخرج لسانه كطفل دون أن يراه هنري ليبدأ بالسير و هو يتمتم بالعديد من الكلمات المُتذمرة , حقاً أليس من الفظيع أن يقاطعه فجأة هكذا ؟!
و هنري لم يكن ليقبل أساساً بإقتراب أحد منه فكيف بشخص يرى أنه كغيره سعيد بإنضمامه للعصابة التي تسلبه تدريجياً كل ما يتمناه ؟! هو سيكمل بكل تأكيد تدريبه لكنه سيسرع بذلك للتخلص منه , ليس سوى ثقل إضافي يزيد حدة مزاجه سوءاً كما أنه قلق بحق على مشاعر توأمه إن علم بأمر كهذا .
و ذلك الحوار القصير و التفكير به من قِبل كلاهما قتل شعورهما بطول الطريق و الوقت حيث وجدوا أنفسهم بذاك المكان المدعو بالمقر , و كما المرة السابقة ظهر ذات الشخص الذي أراد أخذ أبيل لتدريبه يعترض طريقهما ناطقاً بسخرية :" إذاً ماذا علمت الفتى خلال يومان ؟ أقمت بتحويله لفاشل آخر ؟ و كأن هذا ما نحتاجه بهذه العصابة ! "
رد آخر من فوره بذات تهكم الأول :" تخيل سنصبح بإثنان بدلاً من واحد ! "
ثم بدأ كلاهما بالضحك , تجاوزهم هنري ببرود تام غير آبه بكلماتهم أو ضحكاتهم القذرة , و أبيل حدق بهم بنوع من الإنزعاج فهم بحق صاخبون أكثر مما يجب !
حركة هنري و تجاهله لهم جعلت الأول يغضب بحق من وقاحة هذا الطفل و الذي للآن لا يفهم ما هي أهميته و كيف له أن يكون بهذا الغرور و هو ليس إلا حشرة ربما ؟ لذا تقدم و بنيته لكم من أمامه بقوة لكن الأصغر تمكن من تفاديها ببراعة يحدق به بسخرية مُبطنة ليتجاهله مُجدداً !
بتلك الأثناء إقترب عدة منهم و بنيتهم تكرار الهجوم إلا أن الجميع قفز مُتراجعاً للخلف ما إن دوى صوت الرصاص القريب من أقدامهم بشدة يحدقون بذاك الذي فعلها بنوع من الإستنكار !
هنري التفت بصدمة هو الآخر يحدق بما جرى بعيون مُتسعة واستغراب ، وبطريقة ما وجد نفسه لسبب مجهول يقطب حاجبيه بضيق و يسحب الفتى من يده بقوة وهو ينطق بصرامة :" سنغادر ! ارجع سلاحك مكانه ! "
و أبيل نظر له بلا أي تعابير قبل أن يبعده قليلاً يحدق بمن معهم بالغرفة بسخرية تامة و تهديد ما و كأنه يخبرهم أين شجاعتكم تلك قبل لحظات ؟
و هو ما كتم تعليقه بل نطق :" إذا خمسة رجال اشداء على شاب بعمر أبنائكم و أحفادكم ثم تهربون مع صوت رصاصة ؟ الم تعلموا أن الرصاصة التي ستقتلكم لن تسمعوا لها صوتاً ! "
انهى عبارته يرفع يده أمام هنري قبل أن يعيد سلاحه لمكانه ليسير برفقته بينما الآخر فكر بحيرة من أين أحضر الفتى السلاح أساساً ؟ ولما اطلق النار ؟! لكنه فقط رغب بإنهاء الأمر والرحيل وهو يفكر هذا الفتى الجديد سيكون مصدر مشاكل على ما يبدو ؟!
####
جلس بمقعده يتأمل وجه المُحاضر أمامه بنوع من الملل ! هو و مُجدداً يحاول تذكر السبب الذي يدفعه لعدم تجاهل الجامعة و المُحاضرات ؟! لما لا يركل كل شيء و يعيش حياته بحرية ببساطة ؟!
عبس بخفة مُفكراً أن آل قد يركله هو حينها بفعل مثل هذه الأفكار الفظيعة , و إبتسامة واسعة رُسمت على ثغره مع إتخاذ أفكاره مُنحنى آخر تماماً مع ذكر رفيق طفولته و حياته هو حتى نسي تقريباً لما كان عابساً قبل دقائق و أخرج دفتر صغير من جيبه يكمل كتابة ملاحظاته الخاصة عليه مُتجاهلاً كل ما حوله !
لذا و فور إنتهاء المُحاضرات أرسل رسالة لآل يعتذر بها عن رؤيته اليوم بأكمله و الحُجة هي العمل مُجدداً لكن و كما دائماً لم يكن صادقاً مع هذا فكذبه اليوم لا يشعر بالندم بشأنه بل السعادة ربما ؟
هو كان يركض سريعاً فبالنهاية لديه الكثير من العمل عليه القيام به قبل أن تغرب شمس هذا اليوم المميز بالنسبة لقلبه , لذا إستقر خلف المقود ينطلق لوجهته المجهولة تقريباً .
راقبته آنجيلا بهدوء بينما يغادر مُفكرة بما سبب تلك التقلبات بملامحه ؟ هو بدى غريباً و بشدة بالآونة الأخيرة و هو ما لم تفهم سببه , ظنت أن هناك مُشكلة ما تؤرقه فحتى ملامحه دائماً مُرهقة و منزعجة لكن اليوم هناك لمعة مُتحمسة ظهرت بعيناه لم تعلم هي سببها حقاً !
و آلفين ببساطة سار بخطوات هادئة للعمل فهو تقريباً بات مُعتاداً على كل هذه التصرفات الطائشة من شقيقه !.
#####
جالس على مكتبه بهدوء بينما يطالع الأوراق بين يديه عيناه ذات لون البنفسج الباهر حدقتا بتلك المعلومات أمامه ، نوع من الضيق و الانزعاج بات يظهر جلياً على ملامحه بينما يستدعي أحد أفراد الشرطة من الخارج !
عاد لمكتبه بينما يحتضن بين يديه كوب القهوة الساخن يحلل تلك المعلومات ، الكثير من العمل هو ما عليه القيام به إن صح ما كُتب حقاً .
رفع بصره بينما يرتشف القليل من قهوته قبل أن ينطق بهدوء يمد يده بنسخة من تلك الأوراق :" أنظر هنا هذا الرجل كان عليه دين كبير لرجل أعمال مشهور ، أريد و بأقرب وقت أن تعلم كيف سد ذلك الدين و أرغب بشجرة العائلة لكلاهما مالك الشركة و المُستدين "
عاد برأسه للخلف يغمض عيناه بعد أن أبعد نظارته ، الكثير من الأفكار كانت تحوم بعقله ، يده امتدت تعبث بالبطاقة التعريفية الخاصة به ، لقد تكفل بالعديد من القضايا مؤخراً لكن و بالرغم من هذا تلك القضية و التي وجد نفسه بها بطريقة غريبة بحق اتخذت المرتبة الأولى لديه !.
إبتداءاً من مُقابلته للجرو المُغطى بدماء صاحبه و حقاً من كان يمكنه أن يتخيل أن ذاك الشاب سيقتحم حياته بقضية شائكة و صعبة ؟
لكن ليس و كأنه يستسلم رغم ذلك فالصغير يقوم بكل جهده لذا التخاذل محرم عليه .
#####
عدة طرقات تردد صداها بأرجاء ذاك الصرح العظيم و المُهيب بينما طال الصمت الذي تلاها بقلوب المتواجدين بالمكان رغم أنه ما كان سوى بضع ثوان قبل أن ينطق القاضي بحكمه و يعلن انتهاء تلك الجلسة !
تنهد بتعب بينما خطواته الهادئة اتجهت حيث مكتبه ، كم احتاج من وقت بحق الإله ليصدر ذاك القرار ؟
لا يمكنه ببساطة التهاون بجريمة كتلك و بذات الوقت عليه التركيز على كل ردة فعل تقع بالمحكمة فأدنى حركة او تصرف قد تعد دليل ما !
خطى أولى خطوات لمكتبه لتتجمد حركته و تتسع عيناه قليلاً فور وقوعها الى ذلك الشاب النائم هناك يسند رأسه لمكتبه بينما جسده بوضعية الجلوس على المقعد المقابل لخاصته ؟
شيء من القلق تسرب من مُقلتيه الزرقاوتين و هو يتسائل بداخله عن سبب تواجده هنا و إن كان هناك ما حدث له فجأة ، إلا أنه تقدم بخطواته الهادئة ذاته لئلا يوقظه راغباً بوضع معطفه الطويل فوقه !
إلا أن هذا كله تبخر فور نهوض المعني حيث فتح عيناه ما إن شعر باقتراب أحدهم منه ينهض من مكانه سريعا و يمسك بيده بقوة .
للحظات لم يتحرك أي منهما من مكانه قبل أن يتراجع الأصغر مُفلتاً يده يحدق به قبل أن يبعثر خصلاته الزرقاء بعبوس ينطق بنوع من التذمر بعد أن هدأت دقات قلبه :" مهلاً لحظة هذا مريع ! "
حدق الأكبر به بنوع من التركيز و شيء من الألم ظهر بين ثنايا عيناه البحريتان بينما يتحدث بهدوء :" لما أنت فزع هكذا ؟ أأنت بخير ليو ؟ و ماذا أتى بك إلى هنا ؟ هل انتظرت طويلاً ؟ "
عبس بقوة أكبر و هو يكتف يديه :" أليس لأنك تسللت فجأة ؟ ثم مهلاً من قد يحقق مع شخص أتى لضيافته ؟ ليس و كأنني لن أخبرك لما أتيت بأي حال ! "
ابتسامة خافتة رُسمت على مُحياه مُجيباً إياه :" لست أتسلل هو مكتبي كما تعلم ، لم أرد إيقاظك بدوت متعب فلم أحدث ضجة ! وبأي حال ليس تحقيق كما قلت هذا أسلوب حديثي المعتاد أم أنك نسيت ؟ "
حدق به بحاجب مرفوع أولاً قبل أن يومأ بعبوس بعبوس :" حسنا محق نوعا ما بالنقطة الأولى ، و تنمر لست متعبا لكنك من تأخر و لم اكن لأعود لو غادرت لدي الكثير من العمل بحق ! اجل التنمر الذي يجري بدم العائلة ! "
تقدم جين منه يبعثر شعره :" ليس من العيب أن تكون متعبا ليو لا تأخذ الأمر وكانه انتقاد، واعتذر على التأخير العمل كثير أيضا من طرفي !
هل أنت هنا للتذمر بشأن تنمر اسرتي عليك؟ ماذا حدث ؟ "
أبعده عنه بخفة بينما يجيبه :" تعلم حسناً لن أجادل ان فتح هذا كموضوع نقاش سينتهي اليوم و يذهب كل ما عملت لأجله مع ادراج الرياح ! و لا بالرغم من ان ابنتك متنمرة و لا اظن ال بعيد عن دائرة لكنه ليس موضوع حديثنا اتيت لسببين فحسب "
حدق به باهتمام قبل أن ينطق بحيرة :" سببين؟ ما هما ؟ "
عاد الأصغر للجلوس بينما ينطق بنوع من الجد :" الأول خطير بحق ! أنجيلا كادت تتعرض للدهس بحادثة متعمدة ! شارع فرعي بين بنايات سكنية حيث لا يوجد الكثير من البشر ! حظها ربما ان آل كان قريبا و بطريقه للجامعة ايضا ، هم تركوا رسالة تهديد حيث كونهم سيحاولون الوصول لشخص اقرب منها "
جين اتسعت عيناه بشيء من الصدمة والقلق لينطق بينما بالكاد يحافظ على تماسكه رغم ملامحه القلقة : "وهل اصيب أي منهما ؟ وأين هي الرسالة ؟! "
الهدوء طغى على ملامحه بينما يتحدث :" لا كلاهما بخير، و الرسالة مع آل !"
شيء من الراحة سُكب بقلبه وهو يعقد يديه أمامه على الطاولة :" أيمكنك إحضارها ؟ قد تنفع كدليل ! جد طريقة لأخذها منه "
عبس بينما يفكر بنفسه أنه أكثر من يعلم تصرفات شقيقه و يدرك تماما ما نية آلفين بالاحتفاظ بها لنفسه مع هذا هو نطق بهدوء :" اجل سأحاول ذلك "
أومأ بهدوء وملامحه لم تلن حتى فقلقه لا ينفك يزداد على كل من حوله ليس فقط آلفين بل كل أسرته الآن قد تكون عرضة للخطر من طرف ذات الشخص الذي لن يتوانى بتدمير كل ما احبه يوما ؟
مع هذا هو حدق بليو يردف بهدوء " والأمر الآخر ؟ "
ملامحه الجادة اختفت قليلا و هو ينطق بخفة :" ليس أمراً مخيفاً كالأول بل عكسه ! اليوم ميلاد ال كما تعلم و حسناً فكرت ربما هناك ما قد ترغب بإعطائه له !؟ لن يعلم انها منك بالبداية لكن سأخبره قطعاً بالوقت المناسب "
لانت ملامح الأكبر أيضاً بل إن الحيرة ظهرت عليه لثوان قبل أن ينطق بشيء من التردد :" هل حقاً لا بأس لو منحته واحدة ؟ ثم إن فعلت ماذا أظنه أنه قد يحب أن أمنحه ؟ "
ابتسم بمرح :" بل مؤكد أنظر أحاول إعادة أخي اليك هنا لذا ليس وقت التردد ! "
صمت قليلاً قبل أن يردف بعبوس :" يحب ؟ غير الهدوء و اعطاء النصائح المتنمرة و الدراسة لا شيء على الأغلب ! اعطه كتابا يعلمه المزيد من التنمر و سيكون ممتناً "
ابتسامته عادت للظهور بينما ينطق :" إذا ربما كتاب يساعده بدروسه؟ لدي مجموعة كتب نادرة لا أظنه قد يشتريها حقا بسبب ثمنها ستنفعه حقا و يصعب إيجادها ، لا أجد شي آخر قد يناسبه غيرها ما رأيك ؟ "
أومأ إيجابا :" بالطبع ستفعل ! ثم كما تقول ان صعب تواجدها تعني انها قيمة و ستفيده حقا هو يقول ان الدراسة اصبحت اصعب "
نهض الأكبر فور إقرار الأمر لإحضارها من مكتبته المتواجدة هنا فمن حسن حظه ربما أنه يحتفظ بها بمكان قريب منه و لسبب ما شعر بداخله بحماس غريب ، أن يمنح ابنه شي منه أو ان يساعده بدراسته ولو من بعيد !
بقدر ما تثير به مشاعر السعادة بقدر ما يؤلمه أنه ليس أقرب له من هذا ، تمنى لو كان قادراً أن يعلمه كل شيء بنفسه خطوة بخطوة كل هذه الأفكار وهو يمسك الكتب بين يديه بقوة وكانه يضع فيها كل مشاعره وان كان يدرك انها لن توصل شيء منها لصغيره ؟ أخرج نفسه من أفكاره يبعدها عن عقله متوجهاً لليو بينما يبتسم بخفة وهو يخبر نفسه أن صغيره ما عاد طفل وسواء كان معه أم لا يكفيه أنه بخير !
و بجهة أخرى راقبه ليو بينما أفكاره اتخذت منحنى آخر ، آل يواجه صعوبة بالدروس ؟ من يخدع بحق الإله ؟ هو أكثر من يعلم متى رفيق دربه هذا يحاول تصنع حجج لا معنى لها ، يمكنه إدراك أن آل يحاول إخفاء أمر ما لكن أهو حقاً يحق له التدخل مع ما يفعله هو ؟ ثم لا يظن أن أخاه قد يتورط حقاً بأمور سيئة لذا فقط سيقوم بمسايرته .
و ان إكتشف أن أسرة عمه هي ما تزعجه سيجعلهم يندمون بحق !
أبعد أفكاره تلك عندما عاد جين إليه و بيده تلك الكتب ليحملها بين يديه بخفة و يبتسم و هو يقف لا سيما مع رؤيته لملامح جين و التي تدل على مشاعر متناقضة يمكنه معرفة ما هي :" عمي جين يوماً ما ستكون الأمور بخير صحيح ؟"
أومأ إيجاباً بينما يجيبه بهدوء :" أجل دون شك ، بقي شيء أخير ، هل حقاً كل شيء بخير معك ؟ تبدو مرهقاً أكثر مما يجب ! "
حافظ على ثبات ابتسامته بأعجوبة ما و هو يجيبه :" لا داعي للقلق علي ، أنت لديك الكثير من الأمور التي عليها أن تشغل فكرك ! "
إجابته لم تتأخر بل نطق بالكثير من الجدية " تعلم أني يمكنني تدبر الأمر ! ان كان هناك ما يقلقك أخبرني ! "
آمال برأسه بخفة :" أجل أعلم ! بأي حال لقد تأخرت بالفعل كما تعلم وضعت جدول كامل لليوم لذا لا ارغب بأن أفسده بتأخري سآراك لاحقاً اعتني بنفسك حتى وقتها فانت تبدوا مرهقا ايضا "
أومأ له جين بهدوء و هو يتنهد بتعب :"حسنا اذاً آراك لاحقا "
و فور أن استقر الأصغر خلف مقود صغيرته هو أسند رأسه إليها بينما عيناه بدأت تظهر تجمع دموعها لكن لثوان فقط فهو حقاً لا يرغب بأن يفسد اليوم مطلقاً بل أن يستمتع بكل تفاصيله الصغيرة ! .
#####
ما بين التردد و الثقة كانت خطواته تتأرجح ، و رغم اختلاط التردد بها إلا أن هناك بريقاً خارجاً عن المألوف يتوهج من ملامحه الهادئة ، تلك اللمعة الخائفة بعيناه الزرقاوتين شارفت على الاندثار بين طيات ماضيه الذي أوشك هو أن يودع آثاره قريباً !
جسده الهزيل استحال لآخر شديد يصعب إسقاطه و إن ما بدى هذا ظاهراً للوهلة الأولى ، تلك التمرينات التي أسقط بها نفسه آتت ثمارها و تكاد تصل لذروتها و كل هذا لأنه عقد العزم على أن لا يسمح للصغير بأن يعيش حياته بذات الألم الذي عاش هو بها .
و كعادته انطلق يجلس بجوار الطفل الذي لازال للآن يحدق به باستنكار تام دون الاهتمام حقاً ، بل هو ببساطة أخرج له من حقيبته مجموعة من الكتب و التي كانت عبارة عن تتمة لسلسلة روايات
هو رآه يكرر قرائتها و كأنه يحاول استخلاص النهاية منها لنقصها لديه .
شهق الطفل أولاً قبل أن يظهر الإستياء على ملامحه بينما يهب واقفاً :" ماذا تظن أنك تفعل ؟ لما أنت تقوم بذلك ؟ كيف علمت عدد الأعداد المفقودة لدي و لما تتعب نفسك حتى بمراقبتي ؟ ابتعد عني لا أريدك ! لا تقترب أتفهم !؟ "
بنهاية عبارته الدموع كانت قد انفجرت دون إرادته و إيرنيست حدق به بتعاطف ، يمكنه فهم هذا جيداً الصغير خائف يوماً ما هو كان مثله ، لا يريد دخول أي مخلوق لحياته فهذا مرعب !
مع ذلك هو وقف من مكانه يضع له الكتب قبل أن ينطق بابتسامة لطيفة :" كل عام و أنت بخير أليكس ، أعلم انه قد مضى شهر و نصف على مرور ميلادك لكن من يعلم قد يكون العام القادم مختلفاً يا صغيري "
أنهى عبارته ليغادر تاركاً الصغير الذي حدق به بخوف و أمل خلفه ، عن أي إختلاف يتحدث ؟ لما هو متحمس و خائف بذات الوقت ؟ ليس و كأنه يرغب باقتراب أي مخلوق منه صحيح ؟.
#####
رفع وجهه يحدق بالسماء و ابتسامة خافتة زينت ملامحه بينما أفكاره تعبث به ، رغبته بالبكاء تلك التي وجدت عند حديثه مع جين بدأت تتلاشى !
ملامحه كانت ساكنة تماماً و هو يستند على صغيرته المركونة جانباً بطريق عام و رغم كل الضجيج حوله إلا أنه ما شعر به حتى بينما عيناه حدقت بالصورة التي تظهر خلفية لهاتفه بنوع من الحنين قبل أن يتنفس بعمق و تتبدل ملامحه لأخرى مرحة و عابثة يضع الهاتف على أذنه بإنتظار إجابة أخاه الذي لابد أنه بالعمل الآن !.
عدة ثوان و أتاه صوت آلفين الذي نطق بهدوء رغم ظهور شيء من القلق بصوته :" أهلا ليو "
ابتسامة دافئة تسللت من بين شفتيه و ضميره يؤنبه ربما على ما سيقوم به إلا أنه نطق بنوع من السرعة دون أن يتيح لنفسه التفكير مرتين :" أخي لقد وقع حادث اصطدام ! تخيل أن مغفل ما قام بالاصطدام بصغيرتي و هو لم يعتذر حتى بل يستمر بالحديث بترفع و كأنه ينوي الموت و ... "
قاطع سيل تلك التذمرات شهقة متفاجئة من الطرف الآخر و الذي هتف من فوره :" إنتظر لحظة ! أين انت ؟ و لا تتصرف بأي تصرف أحمق سآتي حالاً "
كان هذا آخر ما قاله الأكبر ففور معرفته للموقع انطلق تاركاً عمله خلفه ليطمأن بنفسه على ليو بينما الأخير عاد يسند جسده للخلف ينتظره و ابتسامته عادت للظهور يحدق بهاتفه تارة و بالطريق العام تارة أخرى !
عدة دقائق إضافية مضت قبل توقف سيارة أجرة بجواره ليخرج منها صديق طفولته يحدق به و بصغيرته بقلق شديد و عندما فشل عن العثور على أي خيط يشير لوقوع حادث ما تقدم منه ينطق بنوع من الريبة :" ماذا يحدث بحق الإله ؟ أخي هل أنت بخير ؟!"
أمسك ليو بآل من يده كطفل صغير بينما يجره للصعود بالسيارة و قبل أن يغلق له الباب نطق بخفة :" تعال سآخذك لمكان قريب "
هو أنهى عبارته ليسير حيث مقعده خلف المقود و ما إن اتخذ مكانه نطق آل بتذمر و عبوس :" هل ضربت راسك ؟ أم فقدت عقلك ؟! ماذا يحدث معك ؟! هل حصل شيء ؟! "
التفاتة مُستنكرة هي ما تلقاها قبل أن يستبدلها بنبرة مرحة لم تخلو من التهكم :" هل أنت خائف أخي ؟ "
حدق به بحاجب مرفوع :" خائف انك رميت نفسك بمصيبة ما ! "
عبس سريعاً بينما هتف بتذمر :" مريع ! أين المصيبة برأيك ؟ برأيي انا انك لم تصرخ للان لذا الامر مخيف !"
حدق به بتركيز شديد و كأنه يهدده :" اعترف أخي ماذا حدث ؟ لن اقتلك لا تقلق "
ضحكة ما تمكن من كبحها ظهرت بينما يجيبه :" فقط مقلب ما لأخرجك من العمل اخي دون تذمرك ! "
إزداد شعوره بالإستنكار و هو ينطق بنبرة خافتة :" مقلب؟ ولما يريد سيد طفل اخراجي من العمل ؟ثم انظر اسلوبك جعلني أتذمر أكثر ! "
ضم شفتيه باعتراض لكن بدلا من اخراج سيل من التذمرات هو نطق بخفة :" و لما قد يخرج الاطفال احدهم سوى للعبث و اللعب ؟! "
حدق به بينما يتنهد " يبدو أنك لن تعترف حتى نصل صحيح ؟ ما قصة اللعب وسط العمل ؟! لما اليوم بالذات ؟ هل ازعجك أحد ؟! "
ابتسامة ما شقت وجهه :" لا شيء فقط اردت ان اريك المكان الذي القيت هاتفي القديم منه ! تذكر عندما اصبت بالحمى ؟ ثم مريع أخي منذ متى و انا ألتزم حقا بأوقات العمل ؟ لم نخرج منذ زمن و كلانا بحاجة للراحة
الكثير من الشك و القلق بدأ يضخ بأعماقه ليتحدث بهدوء "أخي تعلم أن كلامك غير مقنع صحيح ؟ هل حصل شيء ؟ "
عبس أكثر بينما انطلقت السيارة باتجاه طريق وعرة لا شارع بها بل يسير لداخل الغابة و هو يجيب :" مريع ! كيف تحول سيل تذمراتي لأمر مقلق !؟ "
الآخر حدق به بعبوس أيضاً يجيب مبرراً :" أن تفكر بالخروج بوقت كهذا ! لا لحظة لو كنت منزعج لهربت مني لكي لا تتحدث صحيح ؟ اذا لست منزعج لكن يبقى الأمر مريب ! "
أجابه بابتسامة :" و ماذا عنك ؟ هل أخي حقاً ليس منزعج من أي أمر؟ "
الحيرة ارتسمت على ملامحه :" ماذا الأن؟ مما قد انزعج أخي ؟ لست كذلك قطعا ! "
اتسعت ابتسامته بينما يوقف صغيرته بعيداً عن الحافة و هو ينطق :" ان كان كذلك فهذا مذهل ! و الان هيا لننزل "
حدق بأستغراب أكبر وهو يتسائل عما يفعله شقيقه بحق لكنه تبعه بحيرة وصمت راغبا بمعرفة ما يجري بكل فضول والأهم من هذا ابتسامة شقيقه جعلته يشعر ببعض الراحة فهو لا يبدو متضايق وهذا أهم شي لديه !
ليو وصل إلى الحافة أولاً ليقف و يستدير مقابلاً شقيقه الذي يبعثر بصره بالأرجاء بينما ينطق بعبوس :" اخي تعلم أن لا شيء سيظهر فجأة صحيح ! أسرع هي مجرد أشجار و حافة !"
ضحكة هادئة صدرت منه بينما يسرع بخطواته إليه :" احاول التأكد أن لا مقلب آخر هنا الم نصل بعد بأي حال؟ "
ابتسم لضحكته ليتقدم منه و يمسك به يجعله يجلس أرضاً و من ثم إتجه لإحدى الاشجار ليخرج حقيبة ما خبأها جيداً ليعود و يجلس بجواره بينما ينطق بمرح :" رأيت لا مقالب هل انت مطمأن الان ام ماذا ؟ "
حدق بالحقيبة أولاً ثم بليو وهو ينطق بهدوء " أجل نسبيا إذا أهذا هو المكان سيد ليو ؟ كيف وصلت إليه ؟ "
حدق بالسماء مجيبا بصدق :" لا اعلم يومها كنت غاضباً فحسب و أردت الابتعاد عن الطريق الرئيسي لذا سلكت الطريق الوعرة و وصلت لهنا و القيت هاتفي ! المهم اخبرني الا تعجبك اماكن كهذه ؟ "
حدق به ثم راقب السماء بذات اتجاه رفيقه وهو يثبت يديه على الأرض خلفه " فهمت ، أجل تفعل مكان هادئ ولا بشر هنا ولا ضجيج والسماء أمامي بكل جمالها من قد لا يحبه كل ما ينقص وجوده بحر هنا ويصبح المكان المفضل لدي !"
ضحك بخفة بينما يتأمله :" تعلم هذا المكان قد يحتل الصدارة لدي ! رغم أنني أكره البقاء بمفردي حقا ، لذا أحضرتك إلى هنا لتعرفه ايضا لن يكون موحشا ان اتيت معي و يمكننا الارتياح هنا معا "
حدق بشقيقه بهدوء ثم نطق بشيء من العبث قاصداً طمأنة شقيقه :" لن تجد وقت للبقاء وحدك بمفردك اساسا ستجدني فوق راسك فورا ! "
نهض يحدق به بامتنان شديد لينطق :" تعلم أخي أنت الشخص الوحيد الذي يمد حياتي بالأمل ! بحق الإله لا يمكنني مهما فعلت أن أصف لك حجم تأثيرك بحياتي ! أنت أخ مذهل و صديق لطيف لذا لن اسمح لك أساسا بالرحيل و ان اردت "
نظراته كانت مليئة بالسكينة والهدوء حتى نطق بحيرة بينما اقترب يقيس حرارته :" ما قصة كل هذا الكلام اللطيف ؟ هل سأموت اليوم أم ماذا ؟! لاني لن ارحل ما لم يكن الأمر هذا كما تعلم ! "
شهق و هو يضرب يد آل بخفة :" مريع ! مفسد للأجواء سيد متنمر ، من قد يقول كلام فظيع كهذا ! ما أحاول قوله لك بطريقة لطيفة لا تجدي معك أنني ممتن لكونك ولدت ، لوجودك حياً على هذه الأرض و بقربي لذا عيد مولد سعيد "
حدق برفيق طفولته بتفاجأ شديد وهو ينطق بعفوية ودون قصد :"ها؟ "
استوعب ما قيل له بعد ثوان ليخرج هاتفه من فوره بحاجبين مقطبين لينطق بعد تأكده من الأمر بهدوء
:" لم انتبه أنه اليوم ! "
وبطريقة ما تسللت على شفتيه ابتسامة ممتنة فرفع رأسه يحدق برفيقه بابتسامة لطيفة على وجهه وامتنان شديد بدأ يظهر وهو أدرك اخيرا سبب كل هذا !
شقيقه كان يحاول تعديل مزاجه وهو يدرك كم ان هذا اليوم يوم تعيس بالنسبة له وكم كان ناجحاً بهذا ،نطق ال بأمتنان ممزوج بمرح مع ابتسامته
:"اذا هذا الاعتراف اللطيف كان هديتي ؟ أطالب باعادته علي تسجيله للمستقبل !"
و هو راقب ردة فعله بهدوء و ابتسامة هادئة بينما يرى تقلبات وجهه رغم أنه عبس عندما أخرج هاتفه للتأكد ليعلق بتذمر :" مريع و هل أنا سأنسى أو أخطأ بيوم كهذا ! "
رفع أحد حاجبيه ينطق بعبوس مصنع مُردفاً :" مطلقاً بل هو فقط حقيقة عليك ان تطبعها بعقلك المتنمر أخي ! حياتي و روحي و أخي اللطيف ولد اليوم و هذا ما يجعلني أحب هذا التاريخ أكثر من حياتي ! "
ضحك بخفة وسعادة وهو ينهض والامتنان لا يفارقه ولا السعادة تفارق ملامحه لوجود رفيقه هنا ليكون معه بيوم اعتبره اسوء أيام حياته ليضفي له لمحة سعادة تجعله الأفضل حتى ربما ؟
نفض التراب وهو يقترب من شقيقه بينما ينطق بابتسامة حنونة :" لم أظن انك أخطأت فقط لم أعلم أنه جاء بهذه السرعة ! ولا تقلق هي مطبوعة بالفعل ! وأنت تثبتها دوما بعدة أدلة !"
تلك السعادة الواضحة جعلته يبتسم بقوة و هو يضمه بينما ينطق بنبرة مرحة :" كل عام و أخي اللطيف بخير و صحة جيدة مع الكثير من السعادة ، ربما و تقلص عدد المتنمرين بحياته لئلا أقتلهم جميعاً و على رأسهم ذاك المزعج و زوجة عمك ! "
بادله العناق بقوة وهو ما يزال يحافظ على ابتسامته حتى سمع نهاية جملته ليضحك بخفة بينما يضرب على ظهر رفيقه " شكراً أخي ، كل ميلاد وانت معي أظنها أمنية أفضل بدل من التنمر بذكر كلمة قتل ! "
عبس يبعده قليلا :" أخي التنمر الحقيقي موجود برفضك لأمنيتي البريئة ! بأي حال أترغب برؤية هديتك ! "
بعثر شعره وهو يجيبه " ماذا ؟ احاول حماية الطفل من تلويث عقله بأشياء لا معنى لها ! بأي حال غريب أن لا تحظر بيتزا بمناسبة كهذه ! "
تجهمت ملامحه كطفل و هو يجيب :" من هو الطفل لكن لإنه يوم مميز لي سأسامحك ! "
ثم أردف بمرح :" فقط سنبقى هنا حتى غروب الشمس ! و ثم نذهب لمطعم ما "
ضحك بخفة و هو يجر ليو للجلوس مجدداً :" حسناً سيد طفل متنمر هي فرصة جيدة لفعل ما أريد دون تذمرك اذا ! لنجلس ونشاهد المنظر الطعام يمكنه أن ينتظر ! "
حدق به بطرف عينه أولا قبل ان يبتسم يفتح حقيبته ناطقا بابتسامة :" اذا انت مستعد لرؤية ما بداخلها ! "
لم يستطع آل كبح تلك النظرة الفضولية بينما ينطق بهدوء :" ماذا بداخلها ؟! أظنني أرغب بالمعرفة بالفعل منذ أظهرتها بتلك الطريقة المريبة ! "
آمال برأسه قليلاً و قد شعر بحماس مفاجئ به رغم أن العكس هو ما يفترض أي أن يشعر آل بالحماس و الترقب ؟!
مع هذا أولاً هو أخرج هدية جين يضعها بين يدي رفيقه ناطقاً بمرح :" أهناك ما هو افضل من كتب يندر إيجادها لمتنمر مثلك كهدية أخي ؟ و هذه مساعدة لئلا تقول ان الدراسة تزداد صعوبة ! اتمنى ان تساعدك حقاً "
حدق بها بتفاجأ وهو ينطق بشيء من التساؤل " هدايا ؟!ظننت احظاري إلى هنا كان الهدية !"
وهو فور رؤية الكتاب اخذه من بين يديه و وجد الكلمات بدأت تخونه ! لطالما كان سيء بمواقف كهذه لا يعرف حقاً كيف يعبر بها لكن هو أخذها يحدق بها ويمسك بها بين يديه بقوة ناطقا بابتسامة ممتنة :"شكراً أخي ! فقط ارجو أنها لم تكلفك الكثير ! "
عبس بقوة بالبداية :" ماذا تعني أن المكان هدية ؟ بل هو فقط مكان هادئ لئلا يزعجنا أحد و كما قلت لتعلم انت أين تجدني إن أنا غادرت مبكراً مثلاً ؟ "
ثم هو استبدل العبوس بابتسامة خافتة رسمت على ملامحه ، ليست هديته و ربما تلك الابتسامة ليس هو من يستحقها لكن لا يهم الآن يوما ما بالتأكيد سيخبره انها هدية والده له !
لذا حدق بالحقيبة و هو ينطق بتذمر :" لا تهتم بشأن التكلفة بل عليك القلق على عقلي الذي اعتصرته فسيد متنمر يصعب ايجاد ما يحبه حقا ! لذا تفضل هذه أيضاً ! "
أخذها من ليو بحيرة وهو ينطق بشيء من العبوس :"أخي كم أنفقت لأجلي بحق ؟ تعلم أن تذكرك الأمر يكفي ! "
ضحك بخفة بينما ينطق بحماس كطفل :" لا يهم هيا قم بفتحها لننتقل للتالي ! "
فتحها بهدوء وهو يشعر بحماس حقيقي بداخله ، يتسائل بما فكر شقيقه ليحضر له ، وفور فتح الغلاف فتح العلبة ليظهر أمامه سواران فضيان ، حدق بهما بحيرة وهو يخرجها ليتفقدها بينما ينطق بحيرة :" ما هذا أخي ؟ "
أجابه بمرح و هو يرى حيرته :" أنظر أحدهما ترتديه أنت و الآخر أنا ! و عندما تلمس سوارك سيهتز سواري أيضاً ! أليس لطيفا ؟ ما ان يهتز سواري ستجدني فوق رأسك ! "
حدق بالسوار مجدداً لترسم ابتسامة على وجهه وهو ينطق بأمتنان واضح بينما يمد له السوار الآخر :" هي كذلك بالفعل ، إذا تذكر كلما اهتزت ستكون قربي صحيح ؟ وانا سأفعل المثل ! "
أومأ له بخفة و هو يرتدي سواره :" انا لن ابعده مطلقاً ! و بالطبع سأفعل اخي ! اذا هل اعجبتك ؟ "
أومأ من فوره من دون تردد مؤكداً بابتسامة واثقة "كثيراً أخي ! "
ابتسم بخفة و شيء من الفخر و هو ينطق :" جيد ! اذا اخي بقي هديتان ! لذا تفضل هذه قد تعتبرها تنمر ربما "
حدق به بعبوس هذه المرة وهو ينطق بحيرة بينما يستلم الهدية من شقيقه ويباشر بفتحها :" أخي بحق الله اتعلم كم تكلفة كل هذا ؟! هدية واحدة كانت تكفي بل أساساً تذكرك كافي ! ثم من يحضر شيء للتنمر؟ "
يعبس :" قلت لا تذكر كلمة تكلفة ! "
أردف بخفة عندما انتهى شقيقه من فتحها و بضحكة لم يستطع كبتها ربما :" مدالية دمية على هيئتي اللطيفة أليس مذهلا ؟ فقط ليتها قادرة على التذمر أيضاً ! "
وفور رؤيتها ال أخرج الميدالية يمسك بها بيديه ويجعلها تتدلى أمامه بينما عيناه قد اتسعت لرؤيتها فبطريقة ما لم يتوقعها بحق ، ابتسم بخفة وامسكها بين يديه و كأنه يحميها ويتمنى لو يحمي صاحبها بنفس الطريقة بينما ينطق بعبوس ظاهري :" أين اللطيف ؟ متنمر واحد يكفي لما قد أحتاج ميدالية متنمرة على شكلك ؟ إن وضعتها بالمفتاح قد يضيع التنمر علي !"
وهو بطريقة ما بينما قال ذلك أدخلها بجيبه من فوره كأنه يخبره أنه لن يعيدها له مطلقاً !
شهق سريعاً ينطق بعبوس ماداً يده :" لما وضعتها بجيبك اذا اعدها لي سأحتفظ بنفسي لوحدي ! "
صمت لثوان قبل ان يضحك بخفة :" مريع هذه أغرب جملة نطقتها يوما "
انفجر ضاحكا هو الآخر ثم نطق بعناد :" ليس من المنطقي أن تطلب استعادة هدية منحتها لشخص لن تراها مجددا ! ساتصرف بها كما اشاء سيد متنمر "
وضع رأسه على كتف شقيقه يحدق بالشمس التي تستعد للغروب بينما ينطق بنبرة هادئة فجأة :" حسناً الهدية الأخيرة هي الأغرب و ربما قد تفسد مزاجك لذا قد يمكن ركلها "
حدق به بحيرة وهو ينطق بهدوء مماثل" ما هي سيد متنمر ؟ اريها لي وحسب ! "
نطق بخفة مجيبا على ذلك التساؤل :" أنا أعلم ما مدى صعوبة كونك صديق لشخص مثلي يصعب اخراج الكلمات من جوفه ، الحديث معي لمعرفة ما يزعجني أمر مزعج و حقاً أنا أدرك هذا آل ! لذا لا أريد منك أن تظن و لو للحظة أنني لا أرى كل ما تحاول فعله و تفعله لأجلي و سعادتي ! انت مذهل لإحتمالك كل ما ذلك الكتمان الناتج من تربية جدي لي ! بأي حال سيد متنمر اليوم سأعطيك دفتر ما ، قمت باعداه وضعت عدة صور لكل منها حكاية سأخبرك بها ! أمور لم تعلم بها بالماضي او علمت لكن
دون معرفة مشاعري تماما ما رأيك ؟ "
اتسعت عيناه بشدة وهو يحدق برفيقه وكل كلمة تخرج منه تزيد تفاجأ ال وفور انتهائه من كلامه هو رفع يده يضربه بخفة على رأسه وهو ينطق بعبوس :" أولا سيد عابس لا تقل لشخص مثلي وكانك شخص مريع !ثانيا لا تسأل عن رأيي حتى هي فرصة لا تعوض أعطني الدفتر وفوراً هل تخبأ أفضل هدية للنهاية؟"
حدق به بتركيز وهو ينطق بشيء من التهكم الممزوج بإستنكار " اأنت جاد؟!أتعلم كم انتظر لحظات كهذه ؟! كم تحقيق اجريته معك لاجل أشياء كهذه ؟!تحدث وفورا ! "
مد يده يطالبه بالدفتر من فوره معبراً بذلك عن كم أنه يهم أن يكون قرب رفيقه و يسانده ويجعله يفهم أن هدية كهذه تسعده بدل أن تزعجه !
عبس بينما يخرج ذلك الدفتر المزين بعناية يقدمه له و ما إن فتح على أول صورة حتى ازداد عبوسه يبعد بصره عنها و هو ينطق :" اتعلم لما وضعت هذا الكائن الفظيع هنا رغم انني لا اطيقهم ! "
حدق ال بكل تركيز وهو يستمع بكل اهتمام بينما يمسك الدفتر بيده " لما أخي ؟"
ابتسم حينها بخفة و هو يحدق بشقيقه :" رغم أنهم كائنات بلا فائدة و قتلة مخيفون على الأغلب لكن أنا حقاً ممتن لهم و لخوفي منهم ! بسبب ذلك الخوف أنا صرخت بقوة و أنت أتيت و أنقذتني من ذاك المسرح أتذكر ؟ "
ابتسامة الأول بدى و كأنها رُسمت على ثغر الآخر ذاتها وهو يتذكر اول لقاء لهما لينطق بينما يضع رأسه على قدميه اللتين ضمهما لصدره بينما يحدق بشقيقه " كيف انسى ذلك ؟ لا أزال اذكر صدمتي بسماع تلك المعلومة بعد أن ظننتك تتحدث عن جرذان!"
عبس ليو مجدداً و هو يهتف :" و انا أذكر أنني غضبت من ذاك الاعتقاد ! لما قد أخاف من جرذ ليس أمراً منطقياً حتى أخي !؟ "
ابتسم بعدها يردف :" لكن أياً يكن ان كان امر كهذا هو ما جعلنا نجلس هنا اليوم معا فأنا فقط لا يمكنني سوى شكر ذلك الخوف لدي منهم "
ابتسم بخفة وهو يحدق به مجيباً بأمتنان :" معك حق ! ذكرني أن احظر لك واحد بعيد ميلاد لكي نشكره معا !"
يشهق بينما يقف سريعا :" اجل لألقي به من الجبل ! مختل لم استطع النوم بسبب وجود هذه الصورة بالدفتر حتى !
حدق به بعبوس وهو ينطق " فظيع كان يمكنك كتابة اسمهم فقط مثلا بدل وضع الصورة أيها الأحمق ! سيكون عليك التعويض اليوم والعودة للنوم مبكرا مفهوم ؟!ولن ترى الدفتر مجددا "
ضحك بخفة و هو ينطق :" لا بأس فهذه كانت الأهم ! بالرغم من كل شيء الا أنني بحق ممتن فقط لوجودك و سعيد ان هذا الخوف قادني مباشرة للصغير اللطيف الخجول الذي كنت ارغب دائما بقرص وجنتيه المحمرتين "
حدق به بعبوس وهو ينطق باعتراض " هذا الطفل الصغير اللطيف الخجول صار متنمر كما ترى لذا حان وقت نسيان كونه كان لطيفا صحيح ؟ ثم ستعوض النوم اليوم هذا ليس اختيارا ! "
ابتسم باستمتاع :" اجل بالطبع سأفعل ! و قطعا لن انسى اصل هذا المتنمر الان ! "
صمت لثوان قبل أن تسكن ملامحه ليردف بهدوء :" يمكنك فتح الصفحة الأخرى لكن اخي أحذرك ليست امر لطيف موافق ؟"
أومأ بهدوء وقلب الصفحة من فوره دون تردد فهو قد مر بالكثير بالفعل لكن وجود شقيقه كان دوما ينفذه فأن كان ليو وضع هذه الصورة وتحمل أثرها فكيف يتردد هو ؟
حدق ليو هو الآخر بالصورتين المتقابلتين بينما يأخذ كل فترة نظرة خاطفة لوجه شقيقه فهو يعلم مدى تأثير تلك الحادثة عليه هناك عندما تم عقابه هو أمامه ؟
احدى الصورتين كانت تظهر ظهر مليء بالجروح و الأخرى طفلين يجلس احدهما تحت شجرة ما بينما يراقبه الاخر من بعيد !
قطعا كلا الصورتين لا تعود لهما حقا فالأحداث وقعت بالسجن اي لا صور مسربة لكنه عثر على ما يذكره بتلك الحادثة .
حدق ال بالصورة بالم شديد ويده اهتزت بشيء من الخوف والتوتر ، يكره تلك الحادثة وكل ما يمد لها بصلة ، ذكرياته عادت إلى هناك بينما يده أمسكت بالدفتر بقوة أكبر وهو ينطق بشيء من الضعف بينما يحاول التماسك بصعوبة " تلك الذكرى كانت من بين الأسوء ربما ! على الأقل بالنسبة لي ! هي تثبت كم انك أحمق ! "
و ليو احتضن جسد رفيقه بقوة ينطق بنبرة حافظت على هدوئها :" ربما اخي لكن شخصيتي أنا تغيرت من تلك النقطة ! كلا الصورتين توضحان موقف ما حدث و كل موقف منهما كان يبيد تلك الشخصية التي امتلكتها من قبل "
اغمض ال عينيه وهو ينطق بالم بينما يبادله بضعف " أجل اخي ، هل تتمنى لو تعود لتلك الشخصية ؟ "
ابتسم هو الآخر بنوع من الوهن :" ليس سوى لأجل من يريد عودتها ! بأي حال أخي ذاك العقاب لم يكن ما كسر جزء مني فأنا حقا لا اهتم ، يمكنني تقبل تكراره فقط بذلك الوقت سمعت الحرس بينما يتحدثون ! "
حدق به بحيرة وهو ينطق بتسائل وقلق " ماذا قالوا ؟! "
إستلقى للخلف مُحدقاً بالسماء التي بدأت تتلون بلون الغروب بينما ينطق بنبرة هادئة ما خلت من الألم :" لقد قالوا يومها أنه تم إختياري لتلك العقوبة لعدم تواجد من يأتي و يسأل عني أو يحاول زيارتي ! و مع إعلان أسرة أبي بالتخلي عني بالمحكمة ما كان هناك من سيهتم إن حدث لي مكروه أو إن مت حتى !
صمت يغمض عيناه مُستذكراً مشاعره
بدقة بينما يردف :" لذا عندما إنتهى العقاب و كنت أنت بعيداً بينما هم لم يكلف أي منهم نفسه بأن يعالجني شعرت بأنني يتيم بحق ، رغم أن الألم و الحمى جعلتني أنام لأيام لكن فقط هذا مؤلم أخي ! ان استيقظت و لو لثانية كل ما كنت أشعر به هو الوحدة و الخوف أنا حرفياً أخشى من البقاء وحدي !"
اختتم حديثه و أخيراً بذاك الإعتراف بينما يشعر أن الدموع تداعب مُقلتيه !
حدق به بعيون متسعة والألم ظهر بحدقتيه ،أن يستمع صديقه لكلمات كهذه وهو فقط أين كان من هذا ؟! لما لم يشعر بذلك ؟! ثم ما لبث أن تذكر أنه بذلك الوقت لم يكن قرب ليو حتى بل فعل أكثر تصرف يندم عليه حالياً بكل غباء ظناً أنه لمصلحة شقيقه وها هي النتائج تعيد له ذات الندم مضاعفاً، عقله انشغل أكثر بتلك الكلمات فهل هذا يعني أن والد ليو لم يأتي ابدا لاجله ؟
والأهم هو ايضاً عوقب هو يؤكد فكرة ان لا أحد فكر بزيارته ولو فعلوا لما حدث أي من ذلك ؟ بطريقة ما احتدت ملامحه بينما ينطق بالم وحزن ظهر بنبرة صوته المنكسرة مع ابتسامة حزينة :"لكن تعلم أخي أن والديك حقاً كانا يفكر أن بك رغم ذلك ، وايضاً ربما قالوا ذلك لايلامك فقط ، وتعلم أخي وقتها كنت ألوم نفسي ، رؤيتك تتعرض للعقاب بسببي جعلتني أشعر اني لعنة حلت عليك وترفض تركك ! لطالما كنت قادرا على حماية نفسك ! لذا حين كنت وحدي هناك وقبل أن تلتقي بعد العقاب انا حقاً فكرت بالكثير !"
اغمض عينيه بألم وهو يردف :" آسف حقاً أخي ! لقد زدت المك بدل جعلك تتحسن حتى ! لقد راقبتك حقاً من بعيد لاضمن سلامتك لكن أظن ذلك لم يكفي بل زاد المك ! بدل مساعدتك اذيتك وجرحتك جرح لم يلتأم ! "
ابتسامة خافتة رسمت على وجهه بينما يومأ سلباً كأنه قادر على إختراق أفكار رفيقه رغم عدم توجيه بصره له :" آل والدك آتى لكنه منع من الدخول لذا لم يجرأ أي منهم على إيذائك جسدياً ! "
هو صمت قليلاً ينطق بتعليق بسيط على كلامه حول والديه :" آل والداي كانا ببريطانيا أتذكر ؟ لبناء الشركة الجديدة لأجلي علمت ذلك لاحقاً لكن أظن بعد فوات الآن و للحق أشعر بألم و كأنني أختنق بكل مرة أذكر ذلك ! "
عيناه الزرقاوتين انعكس بهما لون السماء الدامي مع لمعة من الدموع بينما يكمل :" الصورة الثانية كانت بفعل قرارك ذاك ، أدرك أنك أردت حمايتي لكن للحق ذلك كان مؤلماً ، شعرت بالعجز الشديد و اليأس للمرة الأولى بحياتي لذا فقدت الأمل بكل شيء ، فشلت بحماية ابتسامتك و فوق ذلك كدت أفقدك ! لذا راقبتك عن بعد ، جلست خلفك دائما و بكل مرة كنت أبكي و كأنني لست من تربى على أن الدموع عار ! "
حدق برفيقه بعينين متالمتين ، هو حقاً أراد فعل ذلك فقط لحمايته ممن اذاه !
دموعه وقتها كانت تقتله لكنه ظن ان ذلك أفضل من جعله يتعرض للعقاب بدلاً عنه فقط لكي يحميه !
أفكاره ظلت تتضارب بكل ما سمعه فنطق مجيباً بينما يضم قديمه لصدره أكثر وهو ينطق بصوت خافت ،:" لا أظنه فعل حقاً ليو ، هو لديه سلطة كافية لرؤيتي لو أراد ، ثم ايفترض بالعقاب ذاك أن يكون أخف ؟ بأي حال لا اكترث بأمره لقد أراني موقفه الصريح لاحقا لذا لا يهم بحق !"
أردف بعد أن وضع رأسه على ركبتيه ونطق باعتراض مبطن بالألم :" اما بشأن فشلك هل أنت جاد حتى ؟!لقد كنت من ينقذني مراراً وتكراراً وبكل مرة يتخذونني وسيلة ضدك ! أنا من جعلك تفقد نفسك وليس العكس ! أنت حميتني لكن فشلي بحمياتك بالمقابل هو ما جعلني ما انا عليه اليوم ! اتتخيل ما شعرت به ليو وهم يعاقبونك أمامي لاجل ذنب لم نقترفه؟ وكأن دخولنا للسجن دون ذنب لم يكفي ! لقد كنت بحق أتسائل ما مشكلة الحظ اللعين معنا ؟ "
ابتسم بسخرية وهو يردف بألم :" كلما حاولت حمايتك دمرتك ولم اتعلم الدرس للآن ! أنت أحمق لبكائك ليو ! ربما لو لم تكن معي ! لو نفذت ما طلبوه منك ولم تحمني لكانت حياتك افضل بمراحل ! "
عبس بخفة يحدق به بهدوء دون مناقشته بالنقطة الأولى فهو لن يصل لنتيجة بالطبع من محاولة أولى لكن فقط هو سيفكر لاحقاً بذات الموضوع !!
مد يبعثر شعر رفيقه بابتسامة و هو ينطق بخفة :" أخي كما قلت ذاك العقاب ليس مهماً ! مستعد لأخذ مئة واحد مثله إن كان أحدهم يحاول أن يمسك ، لن أصمت لو كنت مكاني لفعلت المثل ! بأي حال أجل أدرك أن أخي لم يتجاوز ذلك لليوم و الدليل هو ذاك الكابوس الذي هاجمك بتلك الليلة المزعجة "
ضربه على رأسه بنوع من الخفة و هو ينطق بعبوس :" بل كانت لتصبح أسوء ثق بهذا فقط ! ثم بكيت لأنني جبان ، أتعلم أن حياتي متوقفة على الأشخاص من حولي ؟ و أنت بوقتها كنت آخر من أردت حمايته و فشلت بجعلك تبقى مبتسماً و بالتالي حتى وعودي للحفاظ عليك ذهبت بلا فائدة ! بفترة قصيرة أنا فقط وجدت أنني لن أتمكن من أن أكبر لأريح أبي من تعبه و لا حمايتك و لا اسعاد أمي أو أي شيء آخر !"
رفع ال راسه وحدق به بنظرات هادئة بينما ينطق بأرهاق :" أنت يمكنك أخذ الف واحد مثله لكني لن احتمل رؤيتك تكرره ولو لمرة حتى بل كما قلت الكابوس ما يزال يلاحقني من وقتها !ان يجلد أمامي شخص أمر ل
م اتخيله فكيف وهو انت ؟!
ثم لست جبان أخي! لست مختلفا عنك حقا ! "
أخفض رأسه مجدداً و هو ينطق بيأس :" لكن ثق بي انا أعرف لو لم تعرفني لما حصل أي من هذا ! "
يتنفس بعمق بينما يبتسم :" لا بأس ليس و كأن تكرار موقف كذلك أمر يمكن حدوثه ، بأي حال فقط أخبرك أن الأمر كان يستحق ، تبا يفترض بمن يسجن أن يصبح قاسياً فكيف مازال كلانا يحتفظ بجزء كهذا ؟ " "
وضع رأسه على كتفه يردف :" و ما بال هذه الجملة الآن ؟ "
ابتسم آلفين بخفة وهو يجيب " وجودك قربي كان السبب بالنسبة لي فقد كنت بمثابة الجدار ضد كل نموذج سيء هناك وحتى النهاية ! "
ثم أجابه على سؤاله الآخر بهدوء بينما يحدق بالفضاء" لا شيء أخي ، فقط أشعر اني من يجلب لك الحظ السيء هكذا الأمر فقط "
ابتسم بخفة :" ذات الأمر لي أخي ! ( عبس بعدها بينما يردف ):" على افتراض انني صدقت أن هذا السبب عليك أن تعلم بأنني مهما حدث و كيفما كان الأمر و سيكون بالمستقبل سأبقى بجانبك سيد متنمر ! لن يبعدني شيء سوى الموت أقسم "
نظر لعينا ليو مُباشرة وهو يجيب بهمس " أمل هذا حقاً "
ثم نطق بصوت مرتفع " لا تنسى هذا الوعد أخي اتفقنا ؟ "
بعثر ليو شعره مجيبا بثقة :" و من قد يفعل و يبتعد عن جزء منه ؟ بأي حال اترغب برؤية الصورة الثالثة ؟ "
أومأ من فوره وهو يتسائل عن هذه الذكرى الثالثة بفضول لكنه صمت يشاهدها بهدوء بينما ليو قام هو بقلب الصفحة و ابتسامة خافتة بدأت تعلو وجهه لتظهر صورة ليد ما تقوم بسحب شخص آخر !
و ما لبث أن نطق بمرح :" تذكر عندما خطفتني أول مرة أخي ! "
بطريقة ما وفور سماع تلك الكلمة ضحكة هربت من فم الفين حاول كتمها ثم حتى هدا ليبتسم بخفة وهو ينطق بهدوء مع تحديقه بالوادي" ايعقل أن أنسى أكثر عمل متهور قمت به بحياتي ؟ لكن أكثر عمل لم أندم عليه للحق ! فقط ندمت اني لم امسح بذلك الشخص الأرض وقتها قبل أن نهرب ! لأول مرة وقتها اتخذت قرار صحيح !"
ضحك برفقته قليلا قبل أن ينطق بابتسامة سعيدة :" اجل أخي افضل عمل للحق ! أقسم أن من خطفته وقتها لم يكن سوى جثة هامدة ! لكن و فور رؤيتك و حركتك دبت الحياة بي مجددا ، كنت سعيد للغاية و كأنني ولدت تواً "
بعثر شعره بخفة وهو ينطق بشيء من الهدوء " أجل اخي ، أذكر كيف كنت وهذا يبرر بحق رغبتي بقتل جدك لكن دعك من هذا ، رؤيتك تعود لطبيعتك وحماسك المعتاد ولقائي بك مجددا كانت أفضل شيء حصل لي بتلك الفترة ايضاً ولولاها لما كنت هنا اليوم حتى !"
حدق به بجد :" أعلم انه مختل أخي لكن أتدرك كم مرة طلبت منهم مقابلتك ؟ بإحدى الأيام حاول أبي إدخالي لمدرسة ما لمتابعة دراستي ، لكن وقع أمر و تم التنمر علي أنا "
صمت بينما يعض على شفتيه بقوة :" بأي حال و بطريقة ما تم اتهامي أنني من بدأ الشجار و أخرجت من المدرسة و فقط تشاجرت مع أبي يومها و أردت رؤيتك أو الهرب حتى ! "
حدق به بجدية وهو ينطق بشيء من الخيبة :" تعلم كلما تذكرت عمي من ذلك الوقت يزول ندمي على فعل ذلك الأمر بل ربما كان علي استغلال الأمر أكثر حتى قبل أن يصبح مستحيل !"
يضمه بقوة و هو يضحك :" لا داعي للندم أساساً اخبرتك بهذا ! أخي أحبك حقاً و حتى ذلك العجوز أحبه لكن لا أعلم أدرك أنه حاول فهو تربى أيضاً على تقاليد الأسرة ! "
بعثر شعر ليو وهو ينطق بفخر " أنت عاقل جدا اليوم أكثر مما يجب ، هل اجعل عيد ميلاد طوال العام أم ماذا ؟ ثم كان علي احضار عمي وعمتي ليستمعا لهذا الاعتراف قبل ثواني هو لا يقدر بثمن ! "
شهق بقوة و هو يأخذ الدفتر منه :" متنمر فظيع ! أنا عاقل دائماً ! و كما تعلم أخي لن امانع ان أحتفل بك يومياً هناك المزيد من الهدايا فكرت بها لكن خشيت أن تلقي بي بالواد ان اشتريتها كلها ! و لن يسمعاه فظيع ! "
ضحك بخفة وهو يجيب بينما يستعيد الدفتر من بين يديه :" هذا يفترض أنه لي صحيح ؟ لا يفترض تركه معك ؟ وبالفعل احسنت العمل هدية أخرى وكنت ستجد نفسك اسفل الوادي أو معلق فوق شجرة ! "
أردف بينما ينهض مقتربا من الوادي وهو يمسك الدفتر كما لو كان كنزه بينما يبتسم بسعادة "فعلت ما يكفي أخي بل وأكثر شكرا لك حقا ليو !"
نهض يحتضنه :" تعلم كم أحبك ، لا يوجد شيء كافي ليعبر عن ذلك لذا فقط أتمنى أن هذا أسعدك و فقط أعتذر إن أزعجتك بالهدية الأخيرة "
عبس وهو يضربه بخفة " متنمر كانت أكثر ما أعجبني للحق ! لذا كرر هذا الكلام وجديا ساربطك فوق الشجرة بالنهاية
يأخذ يده و يسير :" أجل بالطبع سيد متنمر تحب الأمور الغريبة ! بأي حال هيا أشعر بالجوع ! و من المريع ربط اخاك بشجرة "
تبعه وهو يبتسم بخفة " حسنا أخي "
صعد كلاهما للسيارة للانطلاق بينما ابتسامة لطيفة ارتسمت على ملامحهما !
######
تنفس بعمق و هدوء فور رحيل ذاك المتدرب و أخيراً !
لازال غير قادر على تقبله لاسيما بعد ما فعله صباحاً ، إخراج ذاك السلاح و إستخدامه دون تردد يجعل اعتقاده بأن هذا الفتى إنضم دون أي ظرف يجبره على ذلك يزداد ! .
أي هو لا يمكنه تقبله مطلقاً أفكاره تم قطعها مع صوت رنين الهاتف ليخرجه محدقاً بذاك الاسم و الصورة التي ظهرت لتخرجه تماماً من ذاك الظلام الغارق بأفكاره يرسم ابتسامته الحنون بينما يجيب ملاذه الآمن بهذه الحياة .
بكل مرة يستمع لصوته يشعر بأن هناك أمل ما موجود بالحياة و أحياناً تتحول أفكاره لظلام دامس تخبره أن لا مخرج مما هو به !
#####
عيناه اتسعت تماماً بينما يحدق بغرفة الجلوس قبل أن يحدق بليو بنوع من اللوم و الذي بادله نظرة بمعنى لا علاقة لي !
عندما قرر كلاهما الذهاب لتناول الطعام ليو ما اتجه لمطعم كما هو مخطط بل للمنزل حيث صدم الآن بتواجد كل من إيزابيلا و أنجيلا .
الصغرى قفزت سريعا تضع علبة مزينة بعناية أمام شقيقها الأكبر بينما تهتف بسعادة :" عيد ميلاد سعيد أخي ! أتمنى أن تتحقق كل أحلامك بعامك الجديد بينما أنا بجوارك "
أنهت عبارتها تحتضنه بينما تحدق بليو بنوع من التحدي و الذي نظر لها بحاجب مرفوع قبل أن يعبس بخفة !
و آل تجمد بمكانه لوهلة قبل أن يبادلها العناق بنوع من التوتر و الرسمية ، هو ليس معتاد على تلقي اللطف من أي شخص سوى شقيقه لذا فقط تصرف بطريقة رسمية بينما يشكرها بابتسامة لطيفة !
و لم يكن الأمر أسهل أو أفضل عندما حان دور أنجيلا التي قدمت ما معها بذات الرسمية التي أظهرها آلفين !
ثم هم جلسوا معاً لتناول العشاء الذي حضرته الفتاتين و ما خلت المائدة من عدة تحديات وقعت بين كل من ليو و إيزا حيث وجد آل نفسه يحدق بكلاهما بنوع من التوتر .
و مع انتهاء ذاك اليوم كان آل جالساً بغرفته بمنزله و ليو يقلب بالهدايا بين يديه بسعادة !
هو حصل من شقيقته و أنجيلا على ساعة يد فاخرة نوعاً ما مع نظرات شمسية و عطر معروف .
وقع الدفتر الذي قدمه ليو له بين يديه ليحدق به بينما يذكر ذاك الحوار و ندمه حول ما فعله بليو بذاك الوقت .
أفكاره أيضاً اتجهت لنحو آخر حيث والده و ما قاله ليو بشأنه إلا أنه سريعاً ما قرر تجاهله ليفتح الدفتر حيث الصورة الأخيرة التي أخبره عنها لتتسع عيناه لوهلة يحدق بها و بتلك الكلمات التي خُطت بيدي الأصغر !
حيث استقرت بتلك الصفحة صورة عفوية لكلاهما داخل السيارة ليو يومها قام بعمل مؤقت للكاميرا حيث حتى هو لن يعلم متى تماماً ستلتقط الصورة خبأها ثم انتبه كلاهما لها عندما صدر صوتها رغم كونهما كانا بننتصف نقاش سماه ليو بالتنمر .
و بأسفل الصورة كتب :" بالماضي و اليوم و غداً أنت فقط السبب الذي يبقيني واقفاً لا تفكر كثيراً بأي أمر آخر سأبقى بجوارك مادمت حياً ! "
تلك الكلمات و ما رآه أبعد عنه أفكاره المظلمة لتنشر الدفء به و هذا ما انعكس بابتسامته التي ارتسمت على شفتيه بينما يغمض عينيه بسعادة يتذكر هذه اللحظات وكلمات شقيقه تدور بعقله واستقرت بقلبه ناشراة دفئاً مريحاً وهو يشعر بأنه عاجز بحق عن رد كل هذا لشقيقه .
#####
الشمس ما كانت قد أشرقت بعد و بالرغم من ذلك هو كان يسير بين الأزقة بخطوات سريعة نسبياً عله ينهي ما آتى إليه قبل موعد إستيقاظ رفيقه و الجامعة !
توقفت خطواته أمام مصنع قديم نوعاً ما و ملامحه كانت محتدة بشكل كبير ، نظراته كانت باردة تماماً يحدق بكل شيء و أي شيء بالكثير من الضيق و الانزعاج و بالرغم من هذا هو مصمم أن ينهي ما دفعه لاتخاذ خطوة متهورة كهذه .
و أمامه ظهر شاب ما ضربه على ظهره بقوة متوسطة بينما يهتف :" ليو لم تظهر بالأمس مطلقاً ! انظر لهذه هي نوع جديد من المخدرات أتحب ان تجربها ؟ "
عيناه إحتدت بقوة يدفع يد من أمامه بعنف بينما ينطق ببرود شديد :" تعال مع هذه الحماقة إلي مُجدداً و سأتأكد من عودتك لمنزلك دون يد اليوم ! "
أنهى عبارته بينما يتجاوزه للداخل و بأعماقه يدعوا أن ينتهي كل ما خطط له على خير و دون أي أخطاء أو بمعنى أدق دون أن يكشف أمره .
يتبع
ارجو ان يعجبكم 😍😍😍
الفصل من كتابة
Coldsnow5
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top