بارت 22
لطالما حمل الربيع بين طياته أجواء مليئة بالبهجة و السعادة ، الزهور التي تبدأ بنشر عبقها بالأرجاء بينما تتطاير بتلاتها مُضيفة جو من الهدوء و الراحة النفسية لمن يراها !
لكن بالنسبة له يشعر كأنه جزء منه يتحطم تماماً كما تلك الزهور ، و سواء كان ذلك الحُطام يثير راحة غيره أم لا هو فعلياً لا يهتم ، ما يُريده حقاً هو إيقاف تلك النبضات اللعينة عن النبض بهذه السرعة ، يشعر بأن نبضاته تحذره من إنفجار قريب بقلبه و من هو لئلا يتمنى حدوثه ؟
مُقلتيه الزرقاوتين حدقتا بالمُحاضر أمامه عندما نطق :" سيد ليو سوين أتمنى من أنك تستمع ! أنت الأول على هذه الدُفعة لذا أظن أنني سأرى تقرير جيداً جداً منك ، لذا توقف عن التحديق للخارج و انتبه هنا ! "
و المعني رفع أحد حاجبيه بإستياء تام من يهتم بأمر تقرير عليه كتابته بحق الإله ؟ هو ما غادر الجامعة فقط لإنه لا يرغب لأفكاره بأن تصبح أكثر صخباً مما عليه الآن و ليس لسماع هذا الهُراء اللعين منه !
الأول حقاً ؟ بل أقال أنه يتوقع منه شيء جيد ؟ ابتسامة ساخرة شقت طريقها لملامحه الباهتة ، ما فائدة كونه الأول بأي حال ؟ و لما عليه الإهتمام بما يتوقعه هذا الشخص منه ؟ بل لما أساساً هو يهتم برأي أي أحد ؟ أعليه حقاً بذل كل جهده لإثبات ذاته للآخرين ؟
شعر بدموعه تتجمع ليخفض رأسه سريعاً ، شخص مثله هل يمكنه تحقيق شيء كهذا ؟ هذا فقط مُستحيل !
أمسك بكتبه و نهض ليُغادر أولاً ما إن أنهى المُحاضر كلامه و أذن لهم بذلك ، خطواته كانت سريعة و ملامحه بدأت تعلوها نوع من البرودة حتى وصل لصغيرته ، هو وضع رأسه على المقود بعد أن ألقى كُتبه بإهمال بالمقعد الخلفي ، المئات من الذكريات المُشابهة بدأت تنهش عقله و قلبه مُجدداً ، الكثير مما ظن أنه لن يعيشه مرة أخرى يعود الآن لمُهاجمته .
انتهى به الأمر يكز على أسنانه بقوة شديدة بينما ينطق بابتسامة ساخطة :" و إذاً ماذا ليفعل ! للجحيم جميعاً لا أهتم ، يمكنني الحصول على حريتي بهذه الطريقة "
أسند جسده للخلف يُغمض عيناه عله يُريح رأسه من ذاك الصداع الذي بدأ يُداهمه ، يشعر بجسده يرتجف فهل هذا من تأثير الغضب ؟ أم أنه حقاً تأثر بكل تلك الحماقات ؟.
لكن لما عليه ذلك ؟ هذه ليست المرة الأولى التي يعيش بها موقفاً مُشابهاً لذا ربما ليس ما يؤلمه الموقف بذاته بل و مرة أُخرى تلك الخيبة التي حلت به ، هو شاهد ما حدث له المرة الأولى و مع ذلك يكرر الأمر ؟
أكان فظيعاً لهذه الدرجة ؟ عض على شفتيه لإيقاف أفكاره فهو لا يريد الغوص بها أكثر لذا مد يده دون أن يفتح عيناه يقوم بتشغيل أغاني صاخبة توقف أفكاره عن التدفق أكثر و تشتتها بينما شعر أنه حقاً يوشك على النوم !
لكن عيناه فُتحتا تلقائياً مع صوت فتح باب السيارة من الجهة الأخرى ليرفع رأسه يحدق بملامح آل الذي قطب حاجبيه سريعاً فالأجواء قطعاً ليست مُريحة ، الأغاني الصاخبة ، وجه رفيقه و الدماء التي تخرج من شفتيه و كأنه كان يعض عليها بقوة ؟
هو جلس بمكانه بصمت للحظات حيث امتدت يده تُطفئ المُسجل و الأُخرى وضعها على مفتاح السيارة يطفئها و ينزعه منها ، نظر ليو له بحاجب مرفوع سريعاً بينما ملامحه تجهمت ، يمكنه بكل سهولة معرفة سبب تلك الحركة و مع ذلك هو مد يده بنوع من الهدوء ينطق :" أعده آل و دعنا نتحدث بوقت لاحق "
و الآخر كتف يديه بنوع من العِناد و هو يجيب :" تعلم أنه لن يحدث لذا هل ستختصر الأمر و تتحدث ؟ "
ليو نظر له طويلاً قبل أن يستند بجسده للخلف و هو ينطق بعبوس :" إفعل ما يحلو لك يمكنني النوم هنا و ليذهب العمل للجحيم "
و جملته الأخيرة نطقها بالكثير من الحدة ، هو للحق أراد أن يقول و ليذهب كل شيء للجحيم ، أسرته ، سيتو ، جديه ، لقبه كسوين ، حياته كلها ربما ؟
قطب آلفين حاجبيه بضيق ، ليس من رفيقه و غضبه ، يعلم أن تلك الحدة بكلماته ليس موجهة نحوه بل ربما أخرجها هو ليهدأ من نفسه أو يجعله ينسى الأمر ؟ و لكن أحقاً من الممكن له أن يتجاهل هذا ؟
لذا إجابته كانت بصوت عميق يخفي غضبه خلفه بتلك المحاولة لجعله هادئ بعد أن تنهد و احتدت ملامحه " ماذا حدث ؟ ماذا فعل ذلك اللعين هذه المرة؟! "
فتح ليو إحدى عيناه بنوع من الريبة و نوع من القلق لينظر لآل و هو ينطق بتساؤل :" أي لعين آلفين ؟ "
تلك الجملة أثارت الشك بقلبه كما ردة فعل رفيقه ، حتى أن هذا ظهر بصوته الذي إمتلئ بالشك :" أي لعين ؟ إذاً هناك أكثر من واحد ؟ من ازعجك منهم ؟ ماذا فعل ؟! "
لثوان فقط هو كاد يضحك ! لما لا يعلم بحق لكن ذلك ما ظهر على ملامحه التي بقيت تحدق بآلفين بنوع من العبوس ، إعتدل ليو بجلسته بينما يمد كفه إليه :" ال أعطني المفتاح و دعنا ننطلق سنتأخر حقاً ! "
كتف الآخر يديه ينظر له بضيق ، بحق الإله لماذا على رفيقه هذا فقط التصرف هكذا ؟! إخفاء كل شيء و تحمل هذا كله على عاتقه لذا هتف :" ليو تعلم أني لن أسلمه لك حقاً حتى أعلم ! أو أتعلم إنتظر هنا سأذهب لأسال الجامعة بنفسي "
اختتم عبارته تلك بِمُغادرته للسيارة و صفقه للباب بقوة ، كز ليو على أسنانه أولاً قبل أن يتبعه سريعاً بملامح متهجمة :" لم يحدث شيء ! لذا أخي مهما سألت لن تجد إجابة ! "
إلتفت بينما حدق به و قد أظهرت ملامحه الكثير من الألم :" هل كنت لتصدق لو انعكست الأدوار ؟ لا بأس بإضاعة بعض الوقت بينما تقرر إخباري سأقوم بسؤال الطلاب معك ربما أجد من يعرف ! "
لم يرد فقط التخلي عن الأمر ، أن يترك أمر رؤيته لتلك الدموع أو الانكسار على ملامح وجه شقيقه دون أن يعرف السبب حتى ، يرغب بأن يمسح له كل العقبات أمامه أن يوصله للسعادة و إن لم يستطع على الأقل أن يتواجد بجواره يُخفف عنه فهل هذا كثير ؟
أمسك بيده و بنوع من الحدة نطق :" ربما لا لكن هذا ليس موضوع نقاشنا هنا ال ، و لن تجد أي شخص يعرف ما تفترض أنت انه حدث ! لذا دعنا نغادر هذا المكان فقط أهذا ممكن ؟ "
لم يقصد حقاً تلك الحدة لكنه يريد إنهاء الحديث بهذا ، ليس و كأنه لن يخبر آلفين أن أسرته خلال عدة أشهر ستحصل على وريث آخر أفضل منه بالنسبة لهم ، لإنه حرفياً لا يعلم كيف عليه التصرف حيال ذلك ! كيف يفترض به مقابلة والديه ؟
و آلفين حدق به بصمت هو تمكن من قراءة تلك التبدلات بعينا رفيقه ، أدرك أنه لن يتحدث الآن ! علم بأن شقيقه يتألم بحق و هذا أرسل لقلبه شُحنات مؤلمة لذا تنهد بإرهاق :" لن تخبرني إذاً صحيح ؟ "
و مع تلك العبارة و نظرة آلفين الحزينة اتجاهه هو نظر له بِضعف داهمه يشعر بأنه يريد أن يُلقي بكل حمله عليه فقط مع ذلك نطق بنبرة شبه هامسة :" سأفعل لاحقاً "
و هنا لم يكن أمام الأكبر سوى أنه تنهد و هو يُعطيه المُفتاح بصمت ويبعثر شعره إن ضغط عليه أكثر ألن يجرحه ربما ؟ هذا دفعه لينطق بنبرة صادقة عكست مقدار رغبته بالإمساك بيده :" حسنا ليو ، لا بأس إذاً لكن إحرص أن لا تتأخر بذلك لا داعي لحمل الأمر وحدك ككل مرة "
وضع رأسه على كتف شقيقه بينما يُغمض عيناه :" لا تقلق أنا سأكون بخير ، ثم لن أفعل لن أتمكن من ذلك آل و لو أردت "
تركه قليلاً بينما يده امتدت تُبعثر خصلاته قبل أن يجره بهدوء للسيارة :" هيا إذاً لن أتسبب بخسارة عملك "
الصمت الآن هو الأفضل أو هكذا رآه لكن لن يتنازل عن معرفة ما آلم شقيقه مهما كانت الطريقة !.
و ليو بطريقة ما ضحك بخفة و هو يُجيبه :" لن افقده بهذه السهولة ال ! "
ثم تحرك لمقعده بهدوء مُفكراً بأنه ربما عليه محاولة أن لا يغضب ؟ بما قد يُفيده شيء كهذا ؟ الأمر مؤلم بل هو يعتصره مع ذلك لقد بذل كل جهده بطريقته الخاصة بحق الإله لذا ما عاد يعلم ما عليه فعله معهم .
آل رسم ابتسامة خافتة على ملامحه بينما بقي يسترق النظر لرفيقه الهادئ بين كل فترة و أخرى و بداخله هو لم ينوي حقاً على الصمت كثيراً .
و من خلفهم راقبهم سيتو بكل دقة بنوع من الغيظ ، لما هو لم يتأثر ؟ لا تبدوا على ملامحه أي دهشة فهل كان على علم بحديث والده و جده من قبل ؟!
حتى حادثة الغش جعلته يبدوا مُنكسراً أكثر إذاً ماذا الآن ؟ أهو لا يهتم بوالديه ؟ و هذا فقط جعله يضم يديه أكثر قبل يبتسم سريعاً فهو بالنهاية سيتأكد من جعله يفهم الدرس جيداً و بطريقة صعبة عندما يجد نفسه بالشارع كالمتشرد !.
ثم ذلك الفتى هو ذاته من كشف جده و خططه ، إذاً من هو ؟ و لما يسير برفقة ليو بأي حال ؟ عض على شفتيه فهل يعقل أن ذاك الوغد طلب منه إفساد أمر التبني أيضاً ؟! ابتسم بنوع من المكر ليس و كأنه لا يمكنه دفع المزيد ليقلبه عليه .
•••••
جلس كعادته على الأريكة المُقابلة لمارسيل بعد أن سلمه ذاك الملف الضخم مُجدداً ، ملامحه كانت جادة و هو ينطق :" إذاً هكذا كل شيء مُعد صحيح ؟ أنا قرأت كل ما بالملف "
الأكبر كان يجلس بكل أريحية بينما حدقتيه ذات لون البنفسج تحدق بمن أمامه بتركيز قبل أن يبتسم بهدوء و هو ينطق :" جيد جداً ، إذاً كيف هو عملك ؟ "
ابتسم هاري له بخفة و هو يُجيب بنوع من الحماس :" جيد ، أغلب العاملين بالمطعم لُطفاء حقاً ، لكنني أرغب بتجربة العمل داخل المطبخ ! "
رمش الأكبر عدة مرات من حماسه المُفاجئ قبل أن ينطق بحيرة :" داخل المطبخ ؟ هو العمل الأكثر صعوبة بالعادة "
أومأ له هاري و هو ينهض عن مقعده :" لكن سمعت أن الطاهي شخص مذهل و أرغب بأن أتعلم منه ! سأصبح أفضل لأن هنري دائماً ما يقول أن طهوي هو الأفضل لهذا أريد بالفعل أن أكون كذلك "
و ابتسامة صغيرة تسللت لشفتيه و هو ينطق بنوع من الهمس :" هنري إذاً ! هذا متوقع "
ثم أردف بصوت مُرتفع و هو ينظر لهاري الذي كان يستعد للخروج للمطعم :" بالرغم من أنكما أغرب توأم قابلته بحياتي ! "
قطب المعني حاجبيه و هو يعيد ببصره لمارسيل و الذي أكمل بخفة :" لا ينتهي سوء فهم بينكما ليظهر الآخر سريعاً ! أظن أنه كلاكما لا يمكنه الحديث مع الآخر بعفوية حتى و هذه ليست سمات التوأم بالعادة "
كتف يديه و قد نفخ وجنتيه بضيق و هو يجيبه :" لسنا كذلك ! و يمكنني الحديث مع أخي بأي وقت أريده لذا لا تضع الاحتمالات من عقلك ! و لا شأن لك للحكم على علينا "
ضحك بخفة بينما ينطق بابتسامة عابثة "حقاً ؟! جيد إذاً إذهب قبل أن تتأخر "
و هاري سار للخارج بخطوات سريعة تضرب على الأرض بقوة بينما يتمتم :" مزعج ! هذا الرجل مزعج و بشدة ! أنا و هنري لسنا كذلك و لا أغرب توأم "
نفخ وجنتيه بضيق شديد و هو يخرج هاتفه ليحدق بصورته ، آخر مرة تحدث بها معه كانت تلك الرسائل التي اتهمه بها بأنه تخلى عنه ! و هذا زاد تجهم ملامحه ليهتف بحنق :" مارسيلينو المزعج ! "
وصل لعمله ليُبعد تلك الأفكار و الملامح عن وجهه سريعاً و قد ابتسم بخفة ما إن وضع زميل له بالعمل يده على كتفه ينطق بمرح :" ماذا تبدوا مُخيفاً بتلك الملامح سيهرب الزبائن ! "
و هاري ضحك قليلاً ليلقي عليهم تحية الصباح ثم اسرع لتبديل ثيابه و الإنضمام لهم بتنظيف المحل و الإستعداد لفتحه .
و هو اتجه للخارج لتنظيف الطاولات و قد باتت هذه البقعة هي مكانه المفضل بحق ، لم يعد يحب الخدمة بالداخل بقدر حماسه للبقاء خارجاً ماذا لو أن توأمه مر من هنا ؟ أو عاد ؟
المدير منعه من إحضار الجروين معه للعمل أي لن يعلم أن هنري هنا دونهما لذا فقط إختار البقاء خارجاً بأمل بسيط يدرك هو أكثر من أي إنسان آخر أن شقيقه ما كان ليُظهر نفسه له مرة أخرى !
شيء ما حدث بتواجده هنا و هو للآن لا يعلم ما أزعجه هكذا لكن يُدرك على الأقل أنه لن يأتي إلا أن هذا ما منعه من التوقف عن التأمل بقدومه مُجدداً لو من بعيد ؟ فهنري بالنهاية لن يتركه و هو يعرف مكانه حقاً صحيح ؟!.
تنفس بعمق و هو يهمس بألم :" لن يفعلها إن لم يكن قد شعر أخيراً أنني عبء عليه "
تلك الأفكار المُظلمة اختفت من عقله عندما شعر بيد تربت على كتفه بينما نطق مدير المطعم بضحكة :" هاري يمكنني رؤية إنعكاس صورتي على الزجاج بالفعل بل أراهن أنها تتوسل لك لتتركها فحسب "
و المعني شهق بإحراج فهو و منذ دقائق طويلة لا يفعل شيء سوى مسح ذات الطاولة جيداً و بقوة ! و ردة فعله تلك أجبرت المدير على الضحك بينما يردف :" أرى أنك أزلت الضماد و أخيراً صحيح ؟ "
نظر هاري له بحماس و قد نسي تماماً الموقف قبل لحظات :" أجل بالأمس ! و هي شُفيت تماماً "
لم يفهم المدير سبب حماسه ذاك بل فكر أنه فقط سعيد بِتخلصه منه إن كان يُزعجه ؟!
لذا نطق بأي حال :" إذاً اليوم أنت ستكون بالمطبخ عليك أخذ خبرة بالعمل هناك لأجل أيام الطوارئ "
ابتسامته و على عكس توقع المدير اتسعت ليومأ سريعا و يتحرك للداخل بينما نطق الأكبر و هو يراقبه :" حماس الأطفال لطيف ! "
الوقت مضى سريعاً بالنسبة لهاري الذي غرق بين تجهيز المكونات للطاهي و غسل الأطباق المُستخدمة أو تنظيف الأرضية و غيرها .
عمله الجاد و الذي إمتزج بحماسته خاصة و هو يساعد الطاهي نشر جو من الود بداخل ذاك المطبخ ، و الآن أفكاره عادت تتسلل إليه ببطء خاصة انه بوقت راحته المخصصة للغداء .
لسبب ما هو لم يكن مُتحمساً لتناوله رغم أنه حقاً أُرهق تماماً اليوم ، أخرج هاتفه و قد جلس بغرفة الاستراحة بعد ان وضع طعامه على الطاولة أمامه !
عادت كلمات مارسيلينو تعبث بعقله بقوة ، أهو لا يمكنه الحديث مع هنري حقاً ؟! بدى التجهم على ملامحه بينما يتمتم :" ماذا يعرف هو عني و عن أخي بأي حال ؟ لا يحق له الحُكم هكذا ! "
شهق بإرتباك عندما وجد نفسه قد ضغط على زر المُكالمة بالفعل ! لا يمكنه إلغائها فهذا قطعاً سيقلق توأمه أكثر ، لذا ابتلع رمقه بينما يشتم نفسه و مارسيل معه !
أغمض عيناه و هو يستمع لتلك النغمة حتى قطعها صوت توأمه الذي أعاد له هدوئه بأكمله :" مرحباً هاري "
لم يكن الأصغر أحمقاً لئلا يدرك من فوره تلك النبرة القلقة و إن كانت تبدوا هادئة بينما يتحدث بهدوء و قد رسم ابتسامة صغيرة على شفتيه :" كيف حالك أخي ؟ هل أنت بخير ؟ "
اعتدل هنري بجلوسه بعد أن كان مُستلقٍ بالحديقة القريبة من المنزل و هو يُجيبه بهدوء مع أن القلق لم يختفي من بين طيات صوته :" أجل أنا بخير صغيري ، أخبرني أأنت بخير ؟ أهناك من يزعجك ؟ أم تحتاج لشيء ما ؟ "
و هاري نفخ وجنتيه بقوة و هو يهتف بإستياء طفولي :" ماذا تعني ؟ ألا يمكنني الحديث مع أخي إلا إن أردت مُساعدة منه ؟ هل تريد أن أطلب الإذن أولاً لسماع صوتك ؟ "
سماع صوته ذاك جعل الأكبر يضحك و قد تخيل شكل صغيره و هو ينطق بتلك الجملة قبل أن يُجيبه :" لا طبعا فقط قلقت أن هناك شيء حصل لا غير ، يسعدني اتصالك بأي وقت طبعاً "
ابتسامة سعيدة رسمت على وجه هاري و هو يستمع لضحكة شقيقه لينطق بمرح :" حسنا لا بأس سأسامحك ، اتعلم الأمس أزلت الضمادات و أخيراً "
أجاب هنري براحة " حقاً؟ حمداً لله "
اردف بقلق "هل أنت بخير الان؟ "
هو استشعر القلق بصوت هنري لذا أجابه أولاً على جملته الثانية بمرح :" اجل بخير لا تقلق ! تعلم عندما رأيتك ذلك اليوم اساسا شعرت ان الألم اختفى و كانه كان نفسيا لا جسدياً "
ابتسم بخفة وهو يجيبه :" اعتني بنفسك أخي إياك و أن تتأذى مجدداً "
هاري نطق من فوره بحماس وهو يزف الخبر لهنري "اتعلم اخي ولانني شفيت بدأت بالعمل بالمطبخ الان ! الطاهي لديهم بارع سأتعلم الكثير منه "
ركز بكل حواسه مع كل حرف يصدر من توأمه بينما يجيب باهتمام بالغ :" لكنك بارع بالفعل بالطبخ ولا ألذ من طهوك !"
نطق بينما يميل برأسه قليلاً :" ربما لكنني بحاجة للمزيد اخي ! صحيح اخبرني هل تناولت غدائك ؟ "
عض على شفته مع سماعه لذاك السؤال يصدر من شقيقه بينما ظهر شيء من الحُزن و الارتباك على ملامحه و هو يجيب :" لا لم أفعل بعد "
أجاب سريعاً و بريبة :" لما ؟ "
أجابه هنري بنوع من الهدوء و قد عاد للإستلقاء :" سأتناول طعامي لاحقاً ماذا عنك أنت ؟ "
وضع رأسه على الطاولة امامه بصمت قليلاً قبل ان ينطق بحاجب مرفوع و نبرة هادئة مشابهة لتوأمه :" يفترض انها استراحة الغداء لكن اتعلم لا رغبة لدي منذ يومين بتناول الطعام "
اتسعت عيناه بقلق حقيقي و إستياء بينما يشهق :" لما ؟! هل يزعجك أحد ؟! "
ابتسم بنوع من العبث و هو يجيب مُحافظاً على نبرته الهادئة :" لا داعي للقلق أخي لن أموت لأنني لا أتناول الطعام صحيح ؟ "
لم يتمكن هنري من إخفاء إنزعاجه لذا نطق بضيق :" أخي ما هذا الكلام ؟! انهض لتناول الطعام فورا أو سأغضب ! "
ثم أردف بنوع من الحدة :" وهذا الذي يعتني بك أي اعتناء هذا ؟! ألا يفترض ان يهتم بطعامك ؟! "
رمش عدة مرات و هو يحاول فهم ربط شقيقه لمارسيلينو بطعامه لكن مع ذلك نفخ وجنتيه كعادته و هو يتحدث :" إن كان توأمي لا رغبة لديه أليس طبيعياً ان ينعكس هذا علي ؟! "
اتسعت عيناه و قد فهم أخيراً ما يحاول توأمه إيصاله له ليجيب بعد أن تنهد وابتسم :" فهمت ، أي أن أكلت ستفعل صحيح ؟ "
ضحك بخفة و كأنه نال جائزة ما :" تماماً أخي ! تناوله و سأفعل انا ايضا ! "
أجابه بابتسامة " حسنا سأفعل "
نطق هاري بتردد :" اخي "
قطب هنري حاجبيه بفعل تلك النبرة المُترددة مع ذلك هو أجابه بود " نعم صغيري "
حدق حوله بنوع من التوتر و هو ينطق :" أتظن انك بمثل هذا الوقت غداً ستكون متفرغا ؟ "
اجاب بابتسامة ظهرت بنبرته و إن لم يفهم للآن سبب توتره حقاً :" أجل صغيري لما ؟ "
ابتسم بنوع من الارتياح قبل ان ينطق :" اذا ايمكنك ان تأتي هنا ؟ اريد ان نتناول الطعام معا ! ان وافقت سأعد انا الطعام بنفسي غدا لك و لي موافق ؟ "
التردد كسى ملامحه لثوان و قد عكست ملامحه حيرته قليلاً لكنه بالنهاية أجاب بابتسامة " حسنا طالما لن اؤثر عليك بشيء سأكون سعيداً بالمجيء "
و بداخله هو فكر بيأس أنه قد يعيد المشاكل لحياته ! ماذا لو عادت العصابة لمُلاحقته ؟
التردد عاد للأصغر و قد قبض على يديه ، هو شعر بتغير نبرة توأمه و لم يفهم حقيقة سببها لذا نطق بنبرة هادئة جادة :" لن تفعل بل هذا سيسعدني لكن ان كنت ترى انني اضغط عليك فيمكنك الرفض لن اغضب اعدك "
لم يرد أن يكون عائقاً ، فقط هو حقاً لا يرغب بأن يُزعجه إن لم يكن برغبته القدوم سيعذره صحيح ؟
هنري أجاب سريعاً ينفض أفكار الأصغر :" بالعكس سأكون سعيداً برؤيتك سآتي دون شك ."
المرح عاد ليغزو صوته مع أن نبضاته لازالت مضطربة :" جيد لانني اشتقت لك بشدة "
ابتسم الاكبر بسعادة أكبر و إن كان الخوف بداخله ينمو لكنه اجاب بمرح :" و أنا أيضاً أخي ، إذاً أراك غداً "
و تلك العبارة الأخيرة أدخلت الكثير من السعادة لقلب الأصغر الذي أومأ بحماس و قد نسي بالفعل كل تعبه و إرهاقه و بدأ يفكر بالغد و ما عليه إعداده .!
لذا عند عودته للعمل هو كان بأوج نشاطه و كأنه عاد بعد إجازة يوم كامل لا ساعة واحدة بالكاد أكملها .
•••••
رفع أحد حاجبيه و هو يتحدث :" هل أنتِ واثقة من هذا أنجيلا ؟ "
أجابته بتفكير :" أجل واثقة ، لم يحدث شيء ليس أمامي على الأقل ، و هو لم يغادر المحاضرات فقط أظن كان شارداً بعض الشيء و لكن أليس هذه هي عادته بأي حال ؟ "
تنفس بعمق و هو يومأ لها قبل أن يتحدث بهدوء :" حسناً شكراً لك ، إذاً إن علمتي أي شيء أخبريني سريعاً موافقة ؟ "
حركت رأسها إيجاباً ليعود هو لعمله بينما عقله لازال مُنشغلاً بالتفكير ، لن يتوقف حقاً عن محاولته هذه لاكتشاف ما يحدث ، ليو يتصرف بغرابة و فوق كل ذلك هو أرسل له بعد نصف ساعة فقط من وصولهم للعمل أنه سيعود للمنزل !
و بالطبع هو رفض أن يأتي إليه لكن أليس هذا جزء من أحلامه ؟ هو ما إن يُنهي عمله سيذهب الليلة للبقاء معه بكل الأحوال .
فقط بقي لديه عمه برايان ليتصل عليه و يعلم إن كان هو سبب غضبه و إلا فهو لا يُمكنه إبعاد جده عن كونه السبب كما بحادثة الغُش .!
•••••
خُصلات شعره ذات اللون الأزرق الداكن غطت ملامحه بينما تتطاير بخفة ما إن تهب نسمات الهواء عليها ، رغم أن الربيع قد حل و الأجواء باتت أكثر دفئاً إلا أن الهواء بهذه المنطقة المرتفعة التي يقف عليها الآن لازال يحتفظ ببرودته و كم شابهت برودة قلبه !
هو كان يجلس أرضاً عند حافة الجبل بينما أقدامه تتدلى للأسفل ، الشمس كانت تستعد للرحيل تُغلق سجلاتها لليوم و بالنسبة له شعر بأنها ربما تسخر منه ؟
ماذا يفعل هو هنا بأي حال ؟! ينعزل عن الجميع بمكان لا يتواجد به و لو بشري واحد ، ربما بالنسبة للبعض هذه أُمنية يتمنون الحصول عليها لكن ليس بالنسبة له ، يريد تواجد آلفين على الأقل بجواره ، أن يخبره بكل شيء بدلاً من تأمل قاع الجبل و أشجاره أو هذه السماء الدامية !
مع هذا ماذا يُخبره ؟ هناك الكثير مما يدور بعقله و لا يعرف من أين عليه البدء ، ثم لو أنه أخبره و قرر الرحيل بعيداً برفقته ألا يعني هذا أنه سيترك عمه و شقيقته خلفه ؟ و هو كان سعيداً بحق بتواجدهما ؟
إذاً الرحيل خيار عليه تجنبه و إن رغب به ، بالنهاية لا يمكنه أن يبتعد عن آل و لا يستطيع قبول إبعاده عن أسرته ، إذاً ماذا على خطوته التالية أن تكون ؟
عض على شفته بقوة و هو يخرج هاتفه يتصل على إحدى الأرقام المتواجدة لديه ، لا يعلم ماذا قد يُخبره أو لماذا يتصل حقاً لكنه فقط يحتاج للتفريغ بشجار ؟!
الطرف الآخر أجاب بنبرة هادئة يشوبها شيء من الريبة :" ليو ؟ "
و سماع صوته فقط كان كفيلاً بجعل جسده يهتز إثر تلك الدموع التي بدأت تتجمع ، بحق الإله لما هو بهذا الضعف أمامهم ؟
برايان عاد يُكرر إسمه للتأكد إن كان لازال متواجداً على الخط لكن صوت أنفاس إبنه كان مسموعاً و مع تكرار اسمه مرة ثالثة هتف صغيره بنبرة مُتألمة لا بل اتضح بها أنه على وشك البكاء :" أكرهك ! أُقسم أنني أفعل ، لما أنت تستمر بفعل هذا بي ؟ تباً لك ما كان عليك القدوم لأخذي بعد السجن و لا حتى ظهورك بعد أن هربت "
قطب الآخر حاجبيه بضيق و نوع من القلق و هو يُجيب بهدوء :" ليو دعنا نتحدث بهدوء أهذا ممكن ؟ "
أجابه بصوت مرتفع :" لا ! لا حديث بيننا بعد الآن ، أنا سأتخلى عن لقب سوين أقسم لذا فقط هذا تقاطع الطرق بيننا اذهب و جد سعادتك بعيداً عني "
لم يكن للآخر أن ينطق بحرف و ليو قد ألقى بهاتفه للواد بالأسفل ! ثم ضم جسده لنفسه سامحاً لدموعه بالانهيار ، هذا يكفي بحق هو فقط عاجز عن التقدم أكثر بينهم لطالما شعر بأنه مسجون ضمن قدراته و ما يرغبون هم به !
نافذته الوحيدة للحياة كانت مُتمثلة بآلفين الذي لطالما روى قلبه بالأمل مُفرغاً شحنات الألم منه بطريقته ، يمسك بيده و يوقفه مُخبراً إياه أنه قادر على النجاح و الوصول لأي مكان يريده .
هو آمن به رغم أنه بحد ذاته لا يثق بنفسه و لا يؤمن بها و لا بقدراته و لا بأي شيء يتعلق به ، فكل ما واجهه للآن هو الفشل مراراً و تكراراً !.
ليس أسوء الأبناء بالوجود صحيح ؟ هناك من هم أكثر فظاعة منه مع ذلك أسرهم بجوارهم ! هو يُجادل والده دائماً لكنه لم يقم قط بمخالفة أوامره حقاً ، لكن ذاك الماضي الذي لن يُمحى و السجل المُلطخ سيجعل حتى الأبناء عديمي الجدوى و الشخصية بل و الفائدة حتى أكثر أهمية منه هو !.
اتجه لصغيرته يركبها بينما قرر العودة للمنزل قبل أن ينفجر حقاً ، آل قد يكون هناك أيضاً و هذا سيخفف الكثير حقاً عنه .
•••••
أنهى تبديله لثيابه و غادر المقهى بنية الإتجاه لمنزل ليو و هو تقريباً أوصل لعمه أنه لن يعود اليوم ، سار ليُغادر و القلق بدأ يتزايد لديه خاصة مع رنين هاتفه و ظهور اسم عمه برايان على الشاشة !
هو بالفعل أراد الحديث معه ليعلم إن حدث أمر ما بينهم دون علمه لكن أن يتصل هو به بدى مُثيراً للشك بل يؤكد له وجود مُشكلة ما بينهم .
أجابه بنبرة هادئة و إن شابها الريبة :" مرحباً عمي "
أتاه الرد من برايان سريعاً بنبرة حاول جعلها هادئة و إن كانت أبعد ما تكون بل بدت لآلفين مضطربة :" أهلاً بُني ، أعتذر للاتصال فأنا أظن أنك بالعمل صحيح ؟ "
ضيق آلفين عيناه بينما أسرعت خطواته بطريقة لا إرادية للمنزل و هو يتحدث :" لا مشكلة أبداً لقد أنهيته تواً الأهم هل كل شيء بخير ؟ "
نطق الأكبر سريعاً و كأنه يرغب بالوصول من البداية لهذه النقطة :" آل هل رأيت ليو اليوم ؟ أكان هناك ما يُزعجه ؟ "
خطواته توقفت و هو يُجيب بحاجب مرفوع :" أردت أن أعلم منك أنت عمي عن هذا ! هو بالفعل لم يبدوا بخير ثم متى أزال الحظر عنك ؟ "
أسند برايان جسده للخلف و قد أغمض عيناه :" اليوم فعل و فقط للإتصال بي و إخباري أنه يكرهني و يريد ترك لقب سوين و انه علي المضي بحياتي بسعادة ؟ أنا حقاً لم أفهم ما مشكلته ، و أظنه ألقى بهاتفه أو حطمه أو أوقف تشغيله لا أعلم "
تلك الكلمات كانت كافية بجعل قلب آلفين يدق بعنف شديد بينما نطق سريعاً :" هذا فقط ؟ لم يحدث شيء آخر أأنت واثق عمي ؟ "
مسح الآخر على خُصلات شعره و هو يجيب :" أجل لم أتحدث معه منذ مسألة الغش تلك بأي حال "
أومأ آلفين له بقلق أكبر ليتحدث :" حسناً عمي سأذهب لرؤيته حالاً "
هو أنهى عبارته يغلق الخط سريعاً ليضع تركيزه بالكامل على خطواته ، بحسب ما علمه فلا توجد أي فائدة من محاولة الاتصال به !
عض على شفتيه و هو يفكر بكل ما قد يزعجه إلى هذا الحد و بكل مرة توصله أفكاره لجد ليو و كبير أسرة سوين فقط ، تلك الأسرة هي التي تعمل بكل جهدها لإسقاط شقيقه بالهواية ، فقط ماذا فعل هذا المرة ؟
أخرج المُفتاح الخاص به ما إن وصل للشقة ليدخل إليها سريعاً هو و رغم الظلام الذي أشعره بالكثير من الضيق بها هتف سريعاً :" ليو أأنت هنا ؟ "
فتح الإضاءة المتواجدة بغرفة الجلوس ليبحث بها ثم غرف النوم و غرفة الضيوف و المطبخ دون فائدة ، رفيقه لم يعد للمنزل !
شحبت ملامحه قليلاً فأين هو ذهب بحق الإله و قد غادر عمله مُبكراً ؟ أين يفترض به البحث عنه الآن ؟
شد على قبضة يده فهو ليس الوقت المُلائم للوقوف فقط بل عليه التحرك و البدء بالأماكن التي يُفضلها أخاه ؟
سلسلة من الأماكن بدأت تظهر بعقله بينما تناسى حقيقة أنه لا يمكن الاتصال به فيديه تلقائياً تحركت تعبث بالهاتف بينما قادته خطواته للخارج ، إن لم يكن برايان هو من أزعج ليو أولاً إذاً من ؟! ماذا حدث ليدفع رفيقه لقول تلك الكلمات لوالده ؟
لما هو مُختفٍ عن المنزل و منذ ساعات ؟ و الأهم ربما لما لم يأتي إليه يشاركه ما يُزعجه ؟! مسح على خُصلاته الداكنة عندما وصل لمسامعه صوت مكابح قوية ليطل برأسه سريعاً من النافذة ، هناك حيث كانت تلك السيارة السوداء قد توقفت بالكاد أمام الحائط تماماً مُخلفة خط أسود من آثار أطر السيارة !
و عيناه حينها اتسعت بشدة ماذا يظن بحق الإله أنه فاعل ؟! هو غادر الشقة على عجل بينما بالأسفل كان الآخر قد خرج من مقعده يسير بخطوات شبه مُترنحة و بيده عُلبة بيتزا بينما شيء من الحُمرة لونت وجنتيه .
عندما اقترب من شقته خطواته توقفت لتحدق عيناه بعينا رفيقه الذي بدى و كأنه كان ينتظره هنا ، هو أراد الابتسام بمرح لولا أن يد آلفين امتدت تُمسكه من ياقة قميصه بينما ينطق بحدة :" ما كان ذلك ؟ لم يكن بينك و بين الاصطدام بالحائط سوى عدة سنتيمترات ! لما عليك أن تُسرع لهذه الدرجة أتحاول الانتحار ! "
الآخر عبس بخفة ليضع يده فوق يد رفيقه يُبعدها عنه بهدوء بينما يتجاوزه للداخل و هو ينطق بلا مُبالاة حقيقية :" ماذا تعني آل ؟ لم أكن لأُصاب بالأذى بأي حال كل ما كان قد يحدث أن تصطدم السيارة فقط و يمكن إصلاحها كما تعلم "
هو للحق لم يُعطي رفيقه فرصة للإجابة بل سار إلى غرفة الجلوس يُلقي بثقل جسده على الأريكة واضعاً يده فوق عيناه ، آلفين تقدم منه ليجلس على الحافة بقربه وقد مد إحدى يديه لتُبعثر شعر ليو و هو ينطق بهدوء :" أأنت بخير ؟ ماذا حدث لك يا أخي ؟ هل ... "
يد ليو التي أبعدت يده عن شعره قاطعته بينما تحدث بإنزعاج :" توقف عن الحديث هذا مُزعج و أنا أريد النوم "
يد آلفين تلك استقرت على جبين ليو ليقطب حاجبيه بضيق ، هو شعر بهذا مُنذ أن أمسك بيده بالخارج ، حرارته قطعاً ليست طبيعية !
نهض من مكانه دون أن يُجيب بل ربما هو ما ركز حقاً بكلمات الآخر فقلقه عليه كان أكبر من الإستماع لتذمره المُعتاد حالياً .
و بالمُقابل اتسعت عينا ليو سريعاً عندما نهض الأكبر دون أي حرف ! أهو غضب حقاً ؟! لم يقصد قطعاً أن يغضبه بل لم يرد أن يُبعد تلك اليد الدافئة التي تعبث بشعره لكنه تصرف بلا تفكير ببساطة !
لذا لا يعلم كيف فعلها لكنه نهض سريعاً و بنوع من الفزع من مكانه بخطوات مُترنحة مُتعبة و لولا تشبثه بآلفين باللحظات الأخيرة لكان سقط أرضاً بقوة .
هو أمسك برفيقه يضمه بينما ينطق بنبرة مُرتجفة و قد تجمعت الدموع بعيناه سريعاً :" مهلاً أنا آسف آل لم أقصد لذا لا ترحل أرجوك يا أخي أنا من سأصمت فحسب أعدك "
أعاد رفيقه بصره إليه و قد ثبتت يداه جسد أخاه المُنهار بقوة لئلا يسقط بينما تأمله بقلق أكبر فما به الآن ؟
ليو الذي استعاد شيء بسيط من سيطرته على جسده إعتدل بوقفته سريعاً يحدق بآلفين بنوع من الرجاء بينما دقات قلبه تنبض بعنف ليُردف بألم ممزوج بتعب :" أنا آسف موافق ؟ "
قطب آل حاجبيه قليلاً قبل أن يعيد لملامحه الهدوء و هو يتقدم ليُمسك بيده يساعده للدخول لغُرفته واضعاً إياه بفراشه قبل أن ينطق بخفة :" أنت أحمق واليوم حماقتك أكثر من المُعتاد أتعلم هذا ؟ أبقى هنا ثواني و أعود لمسح الأرض بك "
أخفض المعني رأسه قليلاً بسكون و نوع من الطاعة بينما يُغمض عيناه ، إن لم يكن غاضباً فهذا جيد لا يريد البقاء وحده هذا يُشعره بالخوف ، و كأنه غريق يقاوم لئلا يسقط أكثر بقاع الظلام ، يحارب القيود التي تُحيط بقدميه جارة إياه للأسفل !
و كما العادة ضوء من الأمل شق تلك الظُلمة التي أغرقه عقله بها عندما يد ما امتدت تُبعد خُصلات شعره عن جبينه قبل أن يفتح عيناه سريعاً فور شعوره بتلك الكمادة الباردة تلامس جلده .
هو وجه عيناه الزرقاوتين بذبول للآخر الذي نظر له بتمعن قبل أن يمد يده عابثاً بخصلات شعر أخاه بينما ينطق بقلق :" أخبرني أخي ماذا حدث لك ؟ لما أنت اتصلت بعمي و قمت بتهديده ؟ ماذا فعل لك ؟ "
شرد ببصره بعيداً عن رفيق طفولته و قد إحمرت عيناه بينما يُجيب بنبرة مليئة بالانكسار :" أخي تعلم محاضر ما قال أنه ينتظر تقرير جيد مني لأني الأول و أنا لا أفهم ما يتوقعه الآخرون مني و بالذات ذاك العجوز لا يمكنني الوصول لتوقعاته "
وضع يده على رأسه يبدل له الكمادة قبل أن يُجيب باهتمام :" ما شأنك بتوقعاتهم ؟ ماذا تريد أنت لنفسك ؟ ماذا تتوقع من نفسك ؟ ما الذي سيسعدك ؟ "
ذبلت نظرته كما أفكاره ، يشعر بأن قلبه ينقبض بقوة ، هل هو و رأيه شيء مهم حقاً ؟ كيف له أن يوقف ذلك ؟ لا يريد العيش لرؤية شخص ما يحتل مكانه !
لذا هو ضيق عينيه مُجيباً بألم :" لكن حينها أليس عليه أن يجد سعادته هو أيضا بعيداً ؟ "
ليس هو فقط بل حتى والدته ألا يفترض به أن يحلم برؤيتهما سعيدان حتى لو كان الثمن إنتزاع قلبه من مكانه ؟ يكفي حقاً ما سببه لهما صحيح ؟ خيبات أمل متكررة و لا شيء آخر !
و آلفين راقبه بينما الحيرة كانت تكبر بقلبه أكثر فأكثر ، هو لم يفهم الكثير حقاً فقط لما تذكر ليو النقاش بمثل هذه المواضيع الآن ؟ بذا هو نطق بنبرة عكست الحيرة التي يواجهها الآن :" من ؟ والدك ؟ "
و ليو أومأ إيجابا بتعب شديد ليُجيبه بينما يوجه بصره له :" أولا ما قصة هذا الاهتمام المفاجئ به ؟ وفقط هو سيكون سعيد برؤيتك مرتاح وبخير أظن "
عبس بخفة :" لا شيء ! لست مهتماً به بل أريد التحرر ، و لن يفعل أو قد يفعل لا اعلم لكن حينها سيتخلى هو عن رغبته !"
أردف بتوتر و شيء من الهمس :" و أنا لا أريده أن يفعل ! "
أخذ نفساً عميقاً بينما يجيب بهدوء " تحرر ؟ لما الآن بالذات ؟ هل اجبرك على شيء ؟ "
أومأ سلباً بينما انسابت كلماته من قلبه مُباشرة و كأنها تشكو لرفيق طفولته عن النقص الذي يشعر به و يؤرقه :" أنت لا ترى الورثاء الاخرين للأسر الثرية لا مكان لي بينهم آل ، هُم شيء مُختلف عني بغض النظر عن أي مجهود أبذله ! ثم شخص انتشرت تهمة انه قاتل امام الجميع لن يتمكن من إثبات نفسه أساساً أمامهم لا الان و لا بالمستقبل بينهم "
نبرته كانت واثقة بينما يحدق به بجد و ثقة عله يعطيه القليل منها :" ليو ، أخي شخص مذهل ، يمكنه أن يكون أفضل من الكل ! لا داعي لأن يكون لك مكان بينهم ! أثبت نفسك فقط بالعمل ! لن تحتاج أن تكون بينهم بأي حال ! ألست من قال مرة أن كل من بالشركات المنافسة هم أعداء ؟ لا تحتاج مكان بين أعدائك ! "
أردف بذات الجد بعد أن صمت لبرهة :" ثم لا جديد بهذا نحن نمر بهذا منذ زمن ! لكن ألم نتفق أن نبذل جهدنا لنُثبت لأنفسنا أننا ما زلنا هنا ونثبت لهم أنهم مجرد حمقى لم يروا شيء ! لا أحد منهم يعلم أي شيء ! كلانا ندرك هذا صحيح ؟! "
اومأ سلباً و عيناه امتلئت بالدموع :" لكنني متعب الآن آل و بشدة يا أخي ! "
أنهى عبارته بتحرر دموعه فهو حقاً تعب من كل ذلك ! ليو الذي قال مرة أن كل المنافسين أعدائه هو ذاك الذي كان جده يشرف على تربيته ، القديم ذاك الذي مات قبل أن ينهي عام واحد بالسجن ، لم يعد شيء كما كان لا هو و لا الفرص أمامه !.
مسح على شعره بألم وهو يحدق به بحزن واضح :" ما الذي أتعبك هكذا أخي ؟ لا تقل لا شيء حدث ! ليو انا أعرفك منذ الطفولة تظن لا يمكنني تمييز كذبك من صدقك ؟ "
أغمض عيناه قليلاً بينما ترك يد رفيقه تمسح دموعه المُتمردة :" الكثير من القصص القديمة عادت لتُفتح ربما أخي ، فقط بت أثق أن لا أحد سيتركني و شأني و لن أصل لتوقعات أحد ! "
غير له الكمادات بينما يتسائل بقلق وحيرة :" مثل ماذا أخي ؟ أي قصص منها ؟ وفقط أخي هل تثق بي ؟ "
لا يعلم هو بذاته إن تجاهل أول سؤالين عمداً أم بفعل الألم الذي سببه كلاهما لكنه أجابه بهدوء على الأخير: أثق بك بالطبع أخي "
و الأكبر تجاهل ذلك و نطق بعزم :" إذاً ثق بهذه الكلمات ، أخي لديك قدرات تفوق أي أحد آخر من منافسيك وامتحاناتك الأخيرة تشهد ! ليس الامتحانات بل أنا أيضا أؤكد لك فإن كنت تثق بي فثق بقدراتك! أنت قادر على كل شيء فقط ربما انت مرهق هذه الفترة لهذا تشعر بكل هذا اليأس ! تذكر ليو ، أخي افضل من الجميع وانا اثق واؤكد لك أنه قادر على تحقيق كل شيء فقط يحتاج جهد كبير لكن هو لها ! "
نهض من فراشه بحركة مُفاجئة يحتضنه بها قبل أن ينطق بتردد و خوف :" ماذا إن وجدوا شخص أفضل ؟ إن حدث و كنت أنا فقط مركون لديهم على رف ما هل أنت أخي ستبقى معي ؟ و حينها ماذا علي أن أفعل ؟ هل يفترض بي البقاء أم الرحيل ؟ "
و يدي آلفين أسرعت تسند رفيقه وهو يجيب بثقة :" عمي لن يفعلها ! كن واثق ! ولن يجدوا أفضل منك بأي مكان ! ولو حصل رغم ذلك انا معك طبعا ! لا تكن مجنونا وتفكر بأي احتمال آخر !بل المجنون سيكون أعقل منك لو فكرت اني قد اتركك ! كم مرة علي أن أذكرك اني لعنة ملتصقة بك ؟! "
صمتت قليلاً يُبعثر شعر ليو ليردف بعدها :" لو حصل وهو مستبعد انا من سيأخذك بعيداً ! لا يحتفظ بأخي من لا يقدره حق قدره ! "
شد بعناقه أكثر :" و أسرتك ؟ هذا مؤلم آلفين "
أنهى عبارته بوضع رأسه على كتفه فهو حقاً لا يرغب بهذا ، لا يريد أن يُبعد آل عنهم كما شيء ما بداخله يخبره بأنه لا يرغب بأن يبتعد عنهما بنفسه !
هو و بأعماقه و بحالته هذه كان يعلم تماماً أنه يحبهما ، و كل ما رغب به كان الحصول على سعادتهما بيديه لكن كل ما يحصل يثبت له أن كل ما يستطيع إعطائه لهما هو الألم فقط وسعادتهما بيد شخص آخر .!
ضربه آلفين على ظهره بخفة مُخرجاً إياه من زنزانة أفكاره :" لم أقل سأتخلى عنهم ! قلت سآخذك بعيداً عن من يقلل من شأنك ! لا علاقة لأسرتي بهذا ! ثم حتى لو كان كذلك سبق وقلت لك ألف مرة أني لا أشعر بالراحة معهم كما معك سيتفهمون الأمر لو غادرت ! "
اومأ إيجاباً بينما ينطق بإرهاق :" آسف فقط لا أريد أن أكون وحدي هذا مخيف آل ، للغاية يا أخي "
أعاده للسرير بهدوء ليستلقي مُجدداً :" لا تعتذر هذا لا يناسبك ولا شيء للإعتذار بشأنه أساساً ! لن تكون وحدك يوماً فاعتد على هذه اللعنات التي لا تزول ! "
هو أنهى عبارته يعييد الكمادات على رأسه بينما يبتسم بخفة :" بدل القلق من ذلك أقلق على الزكام ! "
ضحكة خافتة صدرت من رفيقه بعد أن هدأت دقات قلبه و أخيراً ، قد لا يكون حصل على إجابة لكل مخاوفه لكنه الآن بات يدرك على الأقل أن آلفين سيبقى بجواره !
لذا نطق :" الزكام لا شيء ! تعلم علي الاعتذار من صغيرتي و شراء عجلات لها وربما علي النوم الان فحسب "
بعثر شعره :" و إستعد للتوبيخ بعد الشفاء لن أمرر هذا على خير كما تعلم "
هو عبس قليلاً قبل أن يبتسم و يغط بنوم عميق و آلفين استمر بتغيير الكمادات له بين كل فترة و أخرى ، لم يستطع معرفة إن كان و لو بنسبة قليلة قد تمكن من التخفيف على رفيقه و حمل شيء بسيط عن قلبه !
•••••
جلس خلف مكتبه سامحاً لمُختلف الأنواع من الأفكار بمداهمته ، هو هنا يمكنه الشرود بكل أريحية و التفكير بكل ما يحيط به بشكل أكبر !
الكثير من الأمور وقعت هذه الفترة و كلها بطريقة ما لا تبشر بأن الأمور ستكون بخير لاحقاً ، عبث بخصلات شعره الداكنة كسواد هذه الليلة المُظلمة بينما عيناه الزرقاوتين حدقتا بالباب الذي فُتح ليطل من خلفه أحد الرجال ممن يثق هو بهم يقف أمامه بينما يتحدث بهدوء :" سيدي هذه بعض المعلومات حول الآنسة إيزابيلا ! يوجد هنا الأماكن التي تذهب إليها بالعادة "
أمسك جين تلك الورقة بيده يطلع عليها باهتمام بينما جزء منه يشعر باليأس حقاً بقدرته على السيطرة عليها ، أبعد كل تلك الأفكار عن عقله عندما لاحظ أن صغيرته بالفترة الأخيرة لا تتردد إلا لمنزل عمها ، جامعة أنجيلا و شقة سكنية بمنطقة فخمة نوعاً ما !
هو رفع رأسه بنوع من الشك ينطق بهدوء للواقف أمامه :" أتعلم من هو صاحب تلك الشقة ؟ أهي لأسرة أم ماذا ؟ "
أجابه المعني بنوع من التوتر :" أردت التحقيق أكثر لكن أنت تعلم أنه إن لمحتني الآنسة فقط لن أتمكن من الرحيل بسهولة ! فقط علمت أنها لطالب جامعي و الحارس يقول كان هناك شابين بها ثم انتقل أحدهما و بقي الآخر "
تنهد يُعيد جسده للخلف فهو أكثر من يعلم أن صغيرته المُتمردة لن تصمت على وضع مراقب لها لكن أليست هي من أجبرته بعد هربها من المدرسة بذاك اليوم ؟
أعاد بصره لما بيده بما أنه بات واثق أن آلفين قريب و بشدة منه إذاً قد يكون الشابين أو أحدهما مرتبط به بما أن صغيرته قطعاً ستقترب من كل ما يخص شقيقها إن وجدته ، و بجهة أُخرى قد يكون كل ذلك خاطئ و من تقابلهم يحملون نوايا سيئة لخداعها ؟
هو أغمض عيناه قليلاً قبل أن ينطق الطرف الثاني بنوع من القلق :" سيدي أظن أنه من الخطير حقاً للآنسة العبث هنا و هناك خاصة أننا لا نعرف من يكون الشابين ، بمثل هذه الظروف تأمين حماية لها هو الأنسب "
أعاد جين نظره إليه سريعاً يتحدث باهتمام :" هل حدث أمر جديد ؟ "
تنفس المعني بعمق و هو يجيبه :" لقد قُتل أحد أعضاء هيئة المُحلفين قبل قليل ! و عند التحقيق هم وجدوا أنه كان يتلقى التهديد من طرف غامض لقتله "
هو أنهى عبارته يحدق بمن أمامه بنوع من الفضول عله يصل لما ينوي فعله لكن جين أشار له بالخروج بعد أن شكره و أعاد رأسه للخلف ، هذا ثاني من يُقتل و الأول كانت دمائه تزين الظرف الذي تلقته أسرة شقيقه !
أي هل سيتلقى ظرفاً الآن عليها دماء الثاني ؟ و الأهم عدا عن كونهم جميعاً يعملون بالسلك القانوني ما هو المشترك الآخر بينهم ؟ يعلم أنه عمل مع كلاهما أكثر من مرة لكن لا يذكر هل حدث و اجتمع ثلاثتهم بقضية واحدة ؟ و هل كل من عمل على تلك القضية مهدد ؟
نهض من مكانه ليغادر المكتب بينما يفكر بأنه بعد موت ضحية ثانية فمن يتلقى التهديدات و تجاهلها كما يفعل هو سيبدؤون بالظهور تدريجياً بفعل الخوف ، لكن لما هو الوحيد الذي تضمن التهديد الخاص به أسرته ؟! تنفس بعمق فهذا سبب آخر يدفعه لإيجاد آلفين بأسرع وقت ربما ؟
•••••
هي أشاحت ببصرها عنه بنوع من الإستياء ، تُدرك أن خوضهما الآن لنقاش كهذا لن ينهي هذه الليلة على خير لكن أهناك خير حقاً و هي حتى لا تعرف إن كان صغيرها بخير ؟
ليست بعيدة عنه فقط بسبب المسافة بل حتى لو أنها بجواره لوجدت حائط ضخم يمنعها من الاقتراب له حتى فأي حال هي هذه التي وصلوا إليها بحق الإله ؟!
لذا نطقت مُتجاهلة طلب زوجها بإنهاء النقاش حالياً :" لا برايان لن يحدث ! توقف عن التصرف بكل هذه الحماقة أيُمكنك ؟ لما أنت مُصمم على نفي ذلك الاحتمال ؟ "
و هو نهض من مكانه يجيب بنبرة أظهرت مدى إنزعاجه :" أنا لم أفعل ! فقط لما أنتي مُستاءة من عنايتي لأبن أخي ؟ و أنتي من تُدرك كيف أنه بحاجة لمُساعدة "
وقفت هي الأخرى مُقابلاً له بينما عيناها تشعان بالكثير من المشاعر المتفاوتة قبل أن تهتف بنبرة مُرتفعة :" لن أمانع عندما لا يكون إبني هو المُتضرر ! ماذا تفعل ؟ ذاك الفتى أتريد إقناعي أنه لم يشترك مع جده بمسألة الغش ؟ و من يعلم ما فعله الآن ليجعل صغيري يتصل بك فقط ليخبرك أنه يكرهك "
هي صمتت تتراجع للخلف قليلاً قبل أن تُردف بنوع من الشراسة :" ألا يثير هذا شيء بمشاعرك سيد سوين ؟ هو ابنك الوحيد و أنت غير قادر على إصلاح مشاكلك معه و لكنك تتطوع بكل سرور لتُساعد شاب آخر ! و ليس أي شاب بل هو ذاته الذي كاد يفقدني صغيري مرة "
أغمض عيناه قليلاً مُنتظراً إياها لتنهي ثورة غضبها و قد عاد للجلوس مُتيحاً لها المجال لتُكمل لكنها أيضاً صمتت تحدق به بحدة و كأنها تنتظر رده مما دفعه ليتحدث بهدوء :" لم أقل أنني سأتخلى عن ليو لأجله ! و لا حتى سأفضل أحد عليه لكن أنتي و هو تتصرفان بحساسية تجاه كل شيء "
رفعت أحد حاجبيها سريعاً بنوع من السخرية غير مُتعمدة بينما ظهر الاستنكار جلياً على نبرة صوتها :" حساسية ؟ هكذا ترى الأمر ؟ أتعلم بكل مرة أخبر بها نفسي أنك بدأت تتعافى من تقاليد و قيم أسرتك المريضة تلك تثبت لي أنني مخطئة ، ما هي فائدة العمل و المال إن كنت غير قادر على أن تحظى بمكالمة واحدة طبيعية مع أسرتك ؟ "
تراجعت للخلف بقصد المغادرة بينما تُردف :" ما فائدة ما تحاول تأمينه له إن فقد هو كل ثقته و عزمه ؟ أنت ألا تشعر بالألم لمعرفة أنه يخاف منك و هو ابنك الوحيد ؟ أنا حقاً علي أخذه بعيداً عن كل هذا "
قبض على يده و قد بان الغضب على ملامحه و أخيراً ليقف بينما يهتف لها :" أجل بالطبع إذاً اذهبي و أبلغيه أنك ترغبين بالانفصال لأجله ؟ هيا افعلي ذلك لنرى كيف ستتحسن نفسيته ! "
تجمدت مكانها لوهلة ليردف هو بنوع من السخرية :" ماذا ألن تفعلي ؟ ألستي والدته التي تشعر به ؟ لن ترتكبي ما يحطمه صحيح ؟ "
اختتم عبارته تزامناً مع إغلاقها لباب المكتب و مُغادرتها إياه ليلقي بإحدى التحف أرضاً ! لما هم حتى وصلوا لمرحلة كهذه ؟ لا يدرك بحق أي شيء فقط أنه حاول بالجهد الذي يمكن له القيام به فماذا يطلبون منه أيضاً ؟
و بالخارج توقفت لورين قرب جناحها الخاص و زوجها بينما دموعها قد إنهمرت ، هي أكثر من يعلم أنه لو سمع ليو طرف شجارهما فقط لترك ببساطة المنزل بأكمله ، إذاً ما هو الحل الصحيح لتعود الضحكات لهذا المنزل ؟!
•••••
جلس على فراشه بينما عيناه ذات لون البنفسج النادر ثُبتت على النافذة هناك حيث بدأت أشعة الشمس الأولى بالظهور ، و كم شابه إشراقها برأيه الحياة ، تقسم ذات المكان بلحظات ظهورها الأولى حيث تُنير جزء منه و تترك الآخر مُظلماً لوقت أطول ثم و مع الغروب ينعكس الأمر حيث تظلم المناطق التي أُنيرت أولاً ثم تتبعها تلك التي كانت مُظلمة .
و كأنها تمنح البشر درساً بأن لا شيء سيدوم كما هو ، و أن الحياة عادلة بطريقتها الخاصة الخارجة عن فهم البشر المحدود !
مسح على خُصلات شعره ذات لون البُن الداكن بينما نهض من مكانه فالوقت ليس مُلائماً للتأمل فقط ، فالمُهمة القادمة تحتاج للكثير حقاً و هو عليه بذل كل جهده بها .
لذا أسرع يستعد للخروج و إن كان الوقت مازال مُبكراً ، هو ارتدى زيه الرسمي بينما خطواته تقوده لخارج غرفته قاصداً الخروج من المنزل ككل حتى إستوقفه صوت نباح الجروين !
حول بصره لتلك الغرفة بينما خطواته بالكامل اتجهت إليها فقد بدى له أن هناك أمر ما خاطئ بشدة و ما إن اقترب أكثر حتى تمكن من إلتقاط صوت شهقة ضعيفة و هو فتح الباب سريعاً دون أن يضع أي احتمال بعقله فالقلق كان أكبر لديه من أن يقف ليفكر أولاً .
أول ما لفت نظره كان ذلك الصغير الذي جلس على فراشه يضم ركبتيه لصدره بينما يغرس رأسه بينهم مما يجعل صوت بكائه مكتوم بشكل كبير و الجروين يعبثان حوله عله ينتبه لهما !
تقدم منه أكثر ليجلس على الفراش يمد يده لتعبث بتلك الخُصلات الثلجية بينما ينطق بهدوء :" ما الأمر هاري ؟ هل أنت بخير ؟ "
و الأصغر انتفض قليلاً مُبعداً إياه أولاً بنوع من الحدة قبل أن يحدق به بنوع من الذبول و هو يهمس :" أنا لا أريد ! "
ضيق عيناه يراقب ملامح وجهه بينما يجيبه بلطف :" لا تريد ماذا ؟ "
إنكمش على نفسه و دموعه لم تتوقف للآن :" أن يؤذيه أحد ، أو أن يبتعد عني ! أنا حقاً لا أريد ذلك "
حدق مارسيلينو به بهدوء وتفهم بينما عكست نبرته ذات الأمر :"ولما تظن أنه قد يبتعد أو يتأذى ؟ "
نظر إليه بذات الذبول و هو ينطق :" لأن كل ما حولنا يشير إلى ذلك ، هذا مُخيف أنا أريد أخي فقط ! "
تنفس مارسيل بعمق شديد قبل أن ينطق بابتسامة ودودة :" تعلم أننا نعمل على إنقاذه صحيح ؟ لقد وعدتك بالفعل ، و أنت بالمقابل أخبرتني أنك لن تستسلم بسهولة لذا لاتبكي الآن و تسمح للضعف بالتسلل إليك فأمامك مهمة عليك إتمامها لتعيش حلمك على أرض الواقع "
خيط رفيع من الأمل بدأ بالتسلل لتلك العينان الذابلة التي بدى للأكبر أنها بدأت تستعيد ذاتها أخيراً ليبتسم ببراءة بينما يتحدث :" أظن شقيقك سيكون حزين لو علم أنك حزين يوم لقائك به هل ترغب أن أخبره ؟ "
و الأصغر احتدت عيناه كما انتفض جسده بإستياء و هو يهتف :" بالطبع ليس كذلك ! أنا بالفعل متشوق لرؤيته اليوم ، لا داعي لأن تخبره بأي شيء ! "
و بنهاية جملته هو وجد نفسه يبتسم بإشراق فحقاً هو سيراه اليوم ! لذا نهض سريعاً من فراشه ليستعد و يبدأ بطهو الطعام ، لم يكن ليقبل بأن يسمح لتوأمه بالذهاب دون أن يجعله يتناول الكثير من الطعام ! .
و مارسيلينو راقبه بهدوء قليلاً ليتأكد أن الصغير بخير حقاً قبل أن يتجه هو الآخر للعمل .
•••••
فتح عيناه العسلية بنوع من الخمول و التعب ، يشعر بأنه يرغب بالنوم مُجدداً و إن لم يكن يذكر متى غفى تماماً بالأمس ، التفكير بالأمس جعله يرفع رأسه قليلاً لتتسع عيناه قليلاً و قد تبدد شعوره بالنعاس بالكامل !
هو انتفض من الكرسي الصغير الذي كان عليه واقفاً بينما يحدق بأرجاء الغرفة الفارغة بريبة ، أين ليو بحق الإله ؟
عيناه اتجهت للساعة حيث تشير للسادسة صباحاً قبل أن يتحرك سريعاً لخارج الغرفة بينما يهتف بنبرة قلقة :" ليو أين أنت ؟ "
عض على شفتيه بقوة و هو يفكر بأن شقيقه قد اختفى مرة أُخرى لذا تحركت خطواته سريعاً للخارج حتى وصل للساحة المُخصصة للعمارة تحديداً حيث إصطفت تلك السيارة بالزواية و قد تغير موقعها إذا أصبحت بالمنتصف بعد أن كانت بالأمس مُلاصقة للحائط !
و مع ذلك فابتسامة خافتة عكست إطمئنانه رُسمت على ملامحه و هو يرى شقيقه يقف أمام صغيرته بينما يقوم بغسلها !.
و من جهة أخرى كان ليو يقف قرب صغيرته مُعطياً آلفين ظهره و قد ارتدى ثياب خفيفة نوعاً بينما يقوم بتجفيف السيارة و مسح زجاجها بينما ينطق بنوع من العبوس :" أنا آسف حقاً لأنني كنت والد سيء بالأمس ! سأعتذر منك دائماً و أعدك هذا الشهر والدك لن يصرف ماله سوى لأجلك حتى و إن مات جوعاً ! "
أنهى عبارته بذات اللحظة التي شهق بها بألم عندما تلقى ضربة طفيفة على رأسه ثم أمسك الأكبر بأذنه و هو ينطق بابتسامة حانقة :" إذاً سيد ليو تصحو بيوم إجازة مُنذ السادسة صباحاً لتنزل و تغسل سيارتك و أنت بالفعل لم تُشفى تماماً بعد و الآن ما كان آخر وعد سمعته أخي العزيز ؟ "
هو تأوه بألم بينما يضع يده فوق يد آلفين ينطق بتذمر و عبوس :" أي نوع من المُعاملة هو هذا لأفضل صديق لك سيد متنمر ! ثم أسحبه كنت أمزح النصف فقط حسناً ؟ و كن رحيماً لازلت مريضاً يا متنمر ! "
شد آل على أذنه أكثر و كاد يتحدث لولا أنه لمح شيء ما ليترك أذنه ثم مرر يده على وجنة ليو اليُمنى و حدق بيده اليُسرى التي كانت فوق يديه قبل لحظات لإبعاده مما دفع الأصغر للتوتر قليلاً يتراجع للخلف بهدوء و هو يرفع يديه بنوع من الاستسلام :" لا تغضب ، لم أكن أنوي إخفاء الأمر بأي حال ! ثم كنت سأتصل بك بالأمس عندما شعرت بجسدي يصبح أثقل فقط هاتفي ألقيته من الواد ! "
لم يكن كل ذلك شيء يهم آلفين حالياً بل هو حدق به بنوع من الحدة و الضيق قبل أن ينطق :" ليو من سبب هذه الكدمات لك !؟ "
عبس قليلاً يتراجع للخلف بينما يجيب بابتسامة عله يبعد ملامح رفيقه الحادة :" أنظر هناك من تعرض لي بالسابق قائلاً أنه يريد أن يخوض شجار معي و أنا تجاهلته ! لكنهم بالأمس ظهروا مُجدداً و بطريقة ما أنا خضت شجار ما معهم ، فقط هم مجموعة مختلة و لو لم أكن مُصاب بالحُمى لما سمحت لأي منهم بأن ينجح بالفرار "
ضيق آلفين عيناه أكثر بينما يقطب حاجبيه :" و هم من ؟ "
رفع الآخر يديه دلالة على عدم معرفته ينطق بعبوس :" أُقسم لك لم أرهم من قبل ! لذا لست واثقاً بمن هم ، لكنهم يعلمون بتهمة القتل تلك التي حُبسنا لأجلها لذا ربما شخص ما أخبرهم لا أعلم "
نظر الأكبر له قليلاً و هو يكتف يديه بإنزعاج ليو قال شيء ما بالأمس عن كون خبر سجنه قد نشر بالجامعة إذاً هل هناك من يتعرض له نتيجة لهذه أم أن كل هذا مُدبر ؟
هو تنهد بالنهاية لينطق بنبرة لم يستطع جعلها هادئة :" أي كدمات أخرى ؟ "
أومأ ليو له سلباً قبل أن يتقدم ليلف ذراعه حول عنقه و هو ينطق بمرح :" هيا توقف عن ذلك و تذكر سيد آلفين أنني مُعلمك هنا ! لا تظن أنك ستتغلب على معلمك و تصبح أقوى منه ! ثم هيا توقف عن التنمر و أخبرني أين هي البيتزا خاصتي ؟ لم أتناول شيء منذ الأمس أتحاول قتلي من الجوع ؟ أنت حتى لم تصنع لي حساء ! "
هو اختتم جملته بالكاد بسبب السُعال الذي داهمه مما دفع آلفين لجره للأعلى و هو ينطق بتوبيخ :" عليك أولاً أن تستحم بمياه دافئة و تناول الدواء لئلا ترتفع حرارتك مُجدداً خاصة و أنها غير مُستقرة للآن ثم سنذهب لمطعم صحي لحشوك لأنك لا ترغب بأن تفقد صغيرتك صحيح ؟ "
و ليو رمش عدة مرات قبل أن يشهق :" أتدرك كم أن جملتك السابقة مليئة بالتنمر ؟ "
أجابه الآخر بلا مُبالاة :" أجل تحرك الآن لأنه علي العودة لمنزل عمي لبعض الوقت قبل أن أعود و أكمل تحطيم رأسك "
و ليو عبس بخفة قبل أن يشرد بأفكاره بعيداً ، حول ذاك الشجار الذي وقع به و كل ما حدث أثناء وقوعه و بعد سقوطه أرضاً بتعب ! بينما آلفين كان غارق هو الآخر بأفكار مُختلفة تماماً .
يتبع
ارجو ان يعجبكم 😍😍
الفصل من كتابة Coldsnow5
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top