بارا 35

ملخص للفصل السابق
(تم اتهام ال بالسرقة من قبل زوجة عمه ، ليو ذهب للحفل برفقة جده وقابل أسرة  ال هناك  كما أنه وعد بكشف الحقيقة ، جاء برايان ولورين ( والدا ليو )
هاري توجه لزيارة هنري  بالفندق  )

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
الأُمسية انتهت تقريباً بالنسبة لتلك الأسرة الصغيرة ! ... فمرض أحدهم أو ربما تجدده كان كافياً لتُجبرهم لورين على النهوض و المغادرة فوراً دون الإنتباه لأي أمر آخر .

سار ليو خلف والديه حيث كانت والدته بالمُقدِمة و من بعدها والده و بالنهاية هو إلا أن ما فصله عن والده كان خطوة واحدة فقط فالأكبر أراد أن يتصرف بحال عاد عدم التوازن له  ..

تنهد الأصغر بتعب فحريته أيضاً سيتم تقيدها و هو لا يود هذا حقاً ! ، لديه الكثير مما عليه فعله هذه الفترة و بذات الوقت لا يود إبقاء والديه خارج حياته بشكل كُلي ؟

و فقط كيف يجدر به أن يحاول الموازنة بين الأمرين ؟ حقاً لا فكرة لديه ! ...

_ :" ليو "

رمش عدة مرات و رفع بصره عندما انساب صوتها اللطيف لأذنيه لينتبه أنهم بالفعل وقفوا أمام سيارة بلون أحمر داكن به لمعة باللون الأسود و كلاهما فقط يحدق به ؟

هو عبس بشكل لا إرادي لينطق :" أنا بخير ! كوني شردت بعدة أفكار لا تعني عكس ذلك "

برايان تقدم يقف بِقُربه حيث بعثر خصلاته رغم الإعتراض الواضح لابنه قبل أن يتحدث بنبرة هادئة :" بخير ؟ أود تصديق هذا ليو كما أنه علينا الحديث بالكثير الليلة ! "

إنتهى الأمر به يسبقهم لركوب السيارة بالمقعد الخلفي بينما استشعر و أخيراً مدى إشتياقه لصغيرته الخاصة ، لو كانت هنا لما إضطر للبقاء معهما بكل هذا التوتر صحيح ؟

بصره و كل أفكاره هربها هو للنافذة حيث راقب المارة بشرود تام ! ...

فقط من سيصدق أن عام كامل يوشك على الإكتمال منذ عودته و آلفين لإنجلترا ؟! الأمر يبدوا بالنسبة له و كأنه حدث بالأمس ، حيث هبطت الطائرة بهما على أرض الوطن بعد سنوات من الُغربة ...

التسجيل بالجامعة و مقابلته لسيتو ثم ظهور عم آلفين ! ليتلو ذلك الكثير حقاً ، عودة إيزا و تواجد جين بمنزله ، اصابته بفقر الدم و العصابة و رسالة التهديد التي وصلت لآل ثم الشجار !

الفصول التي شهدت على كُل تلك التقلبات كحالها ، الشتاء ثم الربيع و الصيف الذي مر سريعاً دون شعور منهم و الخريف ثم هاهو الشتاء بالطريق مجدداً ...

تنهد بتعب و هو يضع رأسه على النافذة بينما يغلق عيناه فالقادم لازال أكثر صعوبة و قد يكون بعضه دموي ؟!

هو رفع مقلتيه ذات لون السماء ليلاً يحدق بوالديه اللذين كانا يتحدثان معاً ، هل أخطأ بإحضارهما ؟ تلك الدماء هو لا يود أن تطال أي منهما و لا أن يرياه ملقيا بوسطها ! ...

تنهد مجدداً مما دفع برايان لقطع حديثه مع زوجته و النظر له :" ما الأمر ليو ؟ "

و المعني أجفل لتوجيه الحديث له ليشيح بوجهه قليلاً :" لا شيء مهم أفكر بأخي آلفين فقط ، هو مصاب "

القلق بدى على كلاهما حيث شهقت لورين و هي تنطق :" مهلاً ماذا ؟! لما هو مصاب ؟ ماذا حدث له ؟ أنظر أنت يعود لك فقر الدم و هو يصاب ! "

برايان حدق بصغيره لوهلة قبل ان يُعيد بصره للطريق مُنتظراً إجابة الأصغر الذي نطق بعبوس :" مهلاً فقر الدم ليس خطأي ! و هو سقط من السلالم دون انتباه ! لذا يحتاج لرعاية أكبر ! "

اختتم جملته تلك لينطلق بعدها فور توقف السيارة ليصعد أولاً للمنزل !

####
****
منذ رحيل رفيقه وقد عاد الهدوء حوله يغلف كل شبر بالغرفة ليستثني من هذا عقله الذي امتلئ صخباً حتى فاض .

كلما ظهرت فكرة بعقله حاول دحضها باقناع نفسه   أنه لا يكترث لكن  مشاعره ظلت تعانده محاولة إثبات خطأه  معيدة إياه للضيق ذاته .

ما اخرجه من تلك الدوامة سوى رسالة  سرعان ما أدرك ال مرسلها بعد فتحها فكان محتواها ساراً جداً له وكفيلاً بجعله ينسى ما اصابه فماذا قد يبعد الأفكار السيئة عنك   أفضل من فرصة كنت تنتظرها منذ زمن ؟

كان طعم الانتقام الذي سعى له قاب قوسين  أو أدنى فكان ذلك كفيلا بإثارة الحماس داخله بالنهاية كل صعوبات واجهها بحياته لم تكن سوى تحصيل حاصل لأول ظلم تعرض له بحياته برفقة رفيقه

أنزل هاتفه  وتوجه نحو سترته ليلتقطها، امسك بها وقبل أن يتابع ما كان ينوي فعله توقف فجأءة وقد أدرك شيء تواً (وعده لليو بعدم الخروج  )،  توقف وسط الغرفة لثواني بملامح مغتاضة قبل أن يرفع يده لشعره ليبعثره بعبوس ورمى سترته بشيء من الضيق وهو يهمس " تباً ليو ألم تجد وقتاً أفضل ؟ وضميري هو الأخر   قرر أن يصبح متنمراً ويشعرني بالذنب أن خالفت الوعد !"

تنهد بأنزعاج وتوجه نحو السرير  ليرمي جسده فوقه وسرعان ما دفن نفسه تحت الغطاء في محاولة أكثر يأساً من سابقتها للنوم فكيف ينام وهو على وشك تحقيق هدفه ؟ كان ذلك أصعب من النوم وسط اسود جائعة بالنسبة  له فكان الأرق رفيقه بينما يتقلب بالسرير مع أفكار صاخبة  أخرى اختلفت بالمحتوى والمضمون عن سابقتها وما شابهتها سوى بكونها جعلت النوم يجفوه ...

__

و بجهة أخرى هو فتح الشقة بابتسامة عابثة ؟! يدرك أن شقيقه قد لا يصحوا للجلوس معهم ، بل قد يتظاهر بالنوم فقط !

و هذا دفعه للإعلان عن إصابته قبل الوصول متعمداً ، الآن لن يتركه والداه وحدهما خاصة أن أي منهما لن يقتنع بقصة السقوط تلك ...

و بالفعل والدته تجاوزته فور دخولها لتتجه لغرفة آلفين حيث قرعت الباب بخفة بينما تنطق بنبرة هادئة رغم قلقها :" آلفين ؟ هل أنت مستيقظ صغيري ؟ أنا سأدخل "

آلفين و الذي كان ما يزال يتقلب بسريره سمع صوت باب المنزل يفتح فكان ذلك كافيا ليجعله يدرك ان شقيقه عاد وغالبا برفقة والديه خصوصاً أن صوت وقع الأقدام كان لأكثر من شخص .

لم يكن بمزاج لرؤية أحد ولم يكن وضعه الصحي يساعد على مقابلة خالته بأي حال لذا كان الخيار الحكيم هو إدعاء النوم وتأجيل اللقاء الكارثي لوقت آخر .

رغم رغبته القوية بالتظاهر أنه نائم وحسب لكن صوتها الذي وصله بعد  دخولهم بقليل  جعله يجفل قليلا  فاخر ما توقعه هو قدومها   بهذا الوقت المتاخر ، قطب حاجبيه على فكرة   مرت بعقله _شقيقه قد ورطة بطريقة ما وهي تعلم أنه مصاب_ والا لما تأتي إليه منتصف الليل  لتسأل؟

شوقها وحده لن يكون سبباً كافياً غالبا أو هذا ما كان يفكر فيه ، صوته المتردد وصلها  وهو يخرج من تحت الاغطية ويبعدها عنه  وينهض ليقف ويتجه نحوها بابتسامة مرتبكة  وهو يتوعد لشقيقه بالانتقام لو كان ما يفكر به صحيح : " أجل خالتي انا كذلك أهلا بعودتك "

و هي فتحت الباب فور وصول صوته لها لتتقدم منه و فور رؤيته هي تقدمت له تضع يدها على وجنته بلطف تام ! ...

نطقت بعد فترة من التحديق بكل شبر من جسده : " هل أنت بخير ؟ ليو قال أنك سقطت من على السلالم ؟!  كيف حدث هذا ؟ أتشعر بالألم ؟ تعال للجلوس معنا سأعد عشاء منزلي سيعجبك قطعاً "

وهو فور سماع هذا  ورغم ازدياد  ارتباكه بسبب تحديقها  اجابها بلطف  وهو يمسك بيدها برفق " لا تقلقي إصابة سطحية جداً هو فقط يبالغ بشدة "

اردف بينما يميل برأسه " حسناً خالتي لك هذا رغم أني أفضل أن ترتاحي فقد وصلتي تواً وهو ليس وقت إعداد اي شيء بل الراحة "

بعثرت له خصلاته فور نهاية جملته لتنطق بعبوس :" أي راحة هي هذه ؟ أتعلم ماذا ليو انهار بالحفل بفضل فقر الدم ! و أنت مصاب علي العناية بكما كما ترى ! "

وفور سماع هذا هو رمش لثانية او اقل قبل أن يقطب حاجبيه  بينما خالته توجهت نحو المطبخ أما هو فقد رفع رأسه يثبت بصره بشكل تام على الواقف بالخلف !

أدرك ليو أن الوضع انقلب عليه فبعد أن كان يبتسم بمكر مستمتعاً بالوضع أدرك الآن أنه دوره ليتلقى توبيخ  ولم يخب ظنه فقد  تقدم ال منه وهو يقف أمامه متكتفاً بحاجب مرفوع  يهمس بينهما " انظروا من هنا السيد ليو الذي كان يوبخني صباحا والآن تبين أنه أهمل صحته !  من يستحق التوبيخ والمنع من الخروج الآن ؟ على الاقل انا  كان حادثاً لكن أنت .... ألم تتعلم درساً؟هل علي  أن احبسك بالمشفى  كي تشفى ؟! "

و المعني عبس بقوة بينما يكتف يداه :" ليست غلطتي ! تناولت كل وجباتي لكن فقر الدم يسبب الدوار بين فترة و أخرى ! "

هو أشاح بوجهه عنه بعيداً قبل أن يفكر أليس عليه إخباره عن الصفقة و أسرته ؟! و هل هو حتى الوقت المناسب ؟ لكن حفل الاندماج يقترب صحيح ؟

تنهد بخفة قبل أن يعيد العبوس لملامحه :" لما أنت متنمر ؟! أخي قدمك ! لما تقف عليها ؟ "

تنهد وهو يستمع لمبرراته تلك لكنه لم يعلق لادراكه أن خالته ستقوم بالواجب وبجدارة إلا أن سؤال ليو الذي   تلى ذلك جعله يجيب ببديهية " اتمزح معي ؟ تريدني ان  أبقى بالسرير وخالتي هنا ؟  ستظن أن أصابتي خطيرة وستحبسني لوقت طويل أما أن كنت اتحرك بشكل طبيعي ستقتنع  سريعا بأنك تبالغ ، لا داعي للقلق هو مجرد خدش سطحي كما قلت اهتم بفقر الدم خاصتك ودع قدمي لي !"

و ابتسامته تلك العابثة عادت من فورها لينطق سريعاً :" سأخبرها أنا أخي ! "

بعدها هو اتجه للمطبخ دون لحظة تأخير واحدة ...

و الأكبر أمسكه  من ذراعه يستوقفه فورا بعد أن شهق ليقف أمامه كحاجز هامساً بتهديد :" قل لها هذا وساخبرها انك انضممت لعصابة ! أثق أن أخبار كهذه لن تسرها"

و المعني شهق من فوره :" أتجرأ أنت !؟ مريع هذه تدعى بسر خطير قد  يؤدي لحبل المشنقة ! "

و هو ما كاد يكمل حتى دخل برايان بينما يضع الأمتعة التي بيده جانباً :" ما المشكلة معكما ؟ أهناك شجار ما ؟ "

و ليو أجابه بعبوس :" أجل يوجد ! تنمره يزداد بشكل لا يصدق ! "

ال فور رؤية عمه تغيرت ملامحه كليا قبل أن يبتسم بخفة وهو يدوس على قدم ليو كاشارة منه لأن يصمت " أهلا عمي ، لا تقلق فقط كنا نتناقش بشأن فقر الدم خاصته وكاد ينتهي الأمر بشجار لكن كل شيء بخير الآن"

اقترب من ليو هامساً بينما برايان كان يحدق  بالإرجاء بحثاً عن لورين "  تنمرك قد يفسد علي عملاً كنت انتظره منذ سنوات ! أنظر انا علي التحرك ولن اتاخر لأكثر من يومين لذا أما أن تساعدني لكي أخرج بأسرع وقت او يغرق المركب بكلينا !"

بعثر شعر ليو بأخر كلامه بابتسامة ماكرة  قبل أن يتقدم من عمه يحمل معه بعض الحقائب " ساقوم بحملها عمي اذهب للراحة بينما أفعل ودع هذا لي "

و ليو شهق بقوة و هو يتكتف من فوره :" تهدد من !؟ مريع أتعلم أخبرهم بذلك لكنك لن تجرأ على الخروج من المنزل أولاً ! و ثانياً دع هذه الحقائب لا شأن لك بها "

برايان حدق بكلاهما بنوع من الشك بينما خرجت لورين من المطبخ :" لما صوتك مرتفع ليو ؟ "

و المعني كتف يداه لصدره :" هذا لأنه متنمر فظيع ! لكنني لن أهتم مهما حدث و إن أخبرتهم بنفسي ! "

تقدم الأكبر سناً منهما ليقف بالمنتصف :" تخبرني ماذا ليو ؟ ما هو الذي لا أعرفه !؟ أساساً كل تصرفاتك غريبة هذه الأيام "

آل شهق قبل أن يقف وهو يضع يده على فمه مانعاً إياه من الحديث :" لا أدري أي نوع من الجنون اصابك لكن ساخبرهم بنفسي ؟! "

عبس وهو يوضح لمن وقف حولهما يراقب بقلق :" كان يتشاجر معي  على اني يجب أن لا أسير على قدمي لكني أخبرته اني سأفعل لكي أقنع خالتي اني بخير كي اذهب للعمل وهددته اني ساجعلها تحبسه معي وتاخذ صغيرته لو اخبرها أن قدمي تؤلمني !  لم اعلم انه لم يعد يكترث لاجل صغيرته ! "

التفت يحدق بخالته بشيء من الخجل  " اعتذر خالتي لورين فقط أعلم أنك ستقلقين وانا بحاجة للخروج خلال يومين سواء شفيت أم لا لذا لم أرغب باقلاقك !"

لورين عبست فوراً و هي تنطق من فورها :" أهي بحال سيئة ؟! اذهب للجلوس فوراً ! سأعتني بها بنفسي ! قبل نومك سأقوم بعمل تدليك لها أيضاً ! "

برايان حدق بليو الذي كان بصره مرتكز على آلفين بنوع من السخرية قبل أن يلاحظ نظرات والده له لينطق بعبوس طفولي :" لا تحدق بي هكذا ! للعلم نحن لم نتصالح بشكل رسمي بعد "

و كلماته تلك دفعت ابتسامة لطيفة للظهور على شفتي برايان الذي تقدم من ابنه و هو ينطق :" ألم نفعل حقاً ؟ "

و ليو شتم نفسه حرفياً على عبارته تلك أكان عليه تذكيره حقاً بهذا ؟! رغم ذلك خطواته تجمدت خاصة عندما وضعت يد والده على كتفه قبل أن ينخفض يطبع قبلة ما على خصلات ابنه يهمس بصوت مسموع :" بالنسبة لي كلماتك تلك كانت كافية ! "

و المعني شهق و أبعده فورا ليقف خلف آلفين :" مريع ! أنا لم أقل أي شيء مميز حتى لا تتصرف بشكل متنمر كهذا أبي "

لورين حدقت بهم بابتسامة هادئة بينما تمسك بيد آلفين بنية اقتياده لأقرب مقعد ، و برايان أخرج إحدى سجائره ليسير لغرفة الجلوس بينما ينطق بخفة :" كلمة أبي تكفي "

و آل فور سماع ذلك الحوار نسي قدمه ، عمه ، سامويل وحتى رغبته برمي ليو من النافذة وظل يطرف قبل  أن يبتسم بخفة وسعادة حقيقة ظهرت على ملامحه فهذه العبارة كانت ما سعى إليه بالخمس سنوات  الماضية !

حدق بليو بشيء من الفخر رغم أن ابتسامته بدت لليو وكأنها ماكرة أكثر من كونها فخورة !

و الآخر رد ذلك بنظرة مليئة بالاستنكار له ...

_______
****

كان التوتر بالحفل قد قل بشكل ملحوظ على تشارلز وأسرته جميعا حيث ما خفيت تنهداتهم التي عبرت  عن راحتهم التامة فور رحيله برفقة أسرته خصوصاً من نينا وشقيقتها التي ظلت تنظر حتى رحل لتتنهد اخيراً .

مقابل راحتهم كان القلق من نصيب أسرة جين حيث شعرت زوجته برغبة بالنهوض ومساعدة   ليو ولولا وجود أسرته معه لكانت قامت بالواجب لكنها احترمت وجودهما لتعطيهما الوقت اللازم لرعايته وكبحت رغبتها بالنهوض والاعتناء به بنفسها ...

جين هو الآخر كان قد شعر بالاضطراب  وبصره ارتكز عليه بشكل واضح لكن بوجود برايان لم يكن هناك داعي لتدخله فظل يراقب الأمر من مكانه خصوصاً أن ردود الفعل التي تلت رحيله شغلت عقله أكثر وجعلته يبقى بمكانه دون محاولة اللحاق بهم ، لم يكن صعباً عليه إدراك أن هناك خلل ما ، خلل يتعلق بابنه غالباً كفيل بجعل شقيقه يظهر ملامح الذنب ولليو تلك النظرات المريبة التي أكدت بشكل قاطع انهم أعداء له !

كاميليا امسكت بيد جين تشد عليها لتلفت انتباهه وسط الصخب ، التفت يحدق بها فدنت منه تهمس و قد أظهرت نبرتها الكثير من الشك و الاتهام الواضح له :" هل  تخفي عني شيئا جين ؟ حتى الأعمى يمكنه أن يدرك أن هناك شيء حدث ! ما مشكلة ليو معهم ؟!"

لم يكن يلومها على  شكها كيف لا وهو من أخفى عليها الشيء الوحيد الذي كانت تبحث عنه بجنون طوال سنوات ، امسك بكفها يهمس لها بهدوء :" لا أعلم حقا كامي  اعدك بالاتصال  بليو بالغد هو لم يخبرني بأي شيء ربما لكونه أخي لكن سأعرف منه الأمر فقط لا تشغلي بالك "

لم ترغب بالانتظار لكن تذكرها السبب الذي جعلها تلزم مكانها جعلها تعيد بصرها للأمام وهي تهمس :" للغد وحسب جين لن أنتظر أكثر !"

أومأ لها ليحل صمت بينهما أما ايزابيلا فقد كانت تحدق بكل شيء بضيق وتحرك  قدميها بنفاذ صبر واضح ، عقلها ظل يلعن ليو ويشتمه بكل الشتائم التي تعرفها حيث اعتبرت مرضه ذاك هروب منها ، مخططها لاستجوابه ذهب مهب الريح وهذا جعلها ترغب بضرب أفراد أسرتها دون أن تعرف ما فعلوه حتى فقد أيقنت أن هناك شيء غير طبيعي وهو قطعا يخص شقيقها  وبدون سابق إنذار نهضت بعصبية وهي تتحدث بدون مقدمات موجهه حديثها لوالدها متجاهلة البقية :" سأغادر أنا متبعة ، أراكما بالمنزل "

صوت حذائها وهو يضرب الأرض جعل كل الأسر الثلاثة  تنظر  إليها  ثم توجهت الأنظار نحو كامي وجين  الذين نهضا يستأذنان للرحيل برفقة ابنتهما مبكرا ...

_____
****

مُقلتيه التي حملت لون البحر حدقت بالسماء المظلمة و قد أذنت لدموعها أن تنهمر !

فقط إلى متى سيستمر كل هذا بالحدوث ؟! أين أختفى الصغير ؟ من قام بتبنيه و لما ؟

هو و منذ أربع ساعات كان يستند إلى جدار الميتم بذات وضعيته هذه ، أراد و لو دليل بسيط عنه ! أي شيء لن يهمه هذا فقط يود الإطمئنان أنه بخير و لازال هنا ...

أن يُبعد كلمات سامويل حول مصيره الفظيع !

ضرب الحائط بضعف شديد ألم به و بجسده فهو بأي حال ما شفي بعد لا من التعذيب و لا فقر الدم ، و هو وصل لنهايته حدوده حقاً ... شهقة مكتومة صدرت من فمه بينما يجلس أرضاً ليغرس رأسه بين ركبه يتمتم بنبرة مخنوقة :" اللعنة عليك سامي ! كيف يمكنك فعلها به ؟ هو ابنك ، حتى أبي أفضل منك يا أخي "

اجل هو يعتبر والدهم أفضل فعلى الأقل بوجوده حياً لم يتشرد أي منهما و حياتهم كانت طبيعية تماماً بل افضل حتى من المستوى الطبيعي ...

لكن شقيقه مختلف تماماً هو تسبب بتدمير الأسرة أكثر بدل محاولة إعادة جمعها !

حرك رأسه بيأس فكل هذا غير مهم الآن ! ، فقط و لو فكرة واحدة عن هويته ، من أخذ آلكسندر لو أنه يمتلك صورة أو إسم ما له لا يهم فقط يريد دليل واحد ليتمكن من الوقوف و إلا هو سيلقي بكل مشاعره كما يرغب شقيقه و يبدأ سلسلته الإجرامية بدمائه هو ! ...

______
*

الليلة الماضية كانت واحدة من الليالي النادرة التي نام بها بلا كوابيس و لا حتى إستياء !

منذ متى ما حظي و توأمه بليلة هادئة كتلك ؟ منذ شجارهما السخيف ذاك الذي جعل كل منهما يعيش بمكان ؟ لكنه ليس بنادم حقاً فهو و أخيراً بات يشعر أنه قادر على القتال و ليس مجرد عالة بلا فائدة لشقيقه و أسرته كلها ...

ابتسامته اللطيفة كانت مرتسمة على شفاهه و هو يضع آخر طبق على المائدة للافطار لينطلق أولاً حيث اتجه للصغير ذو التاسعة من العمر يضع يده برفق على خُصلاته الشقراء :" آلكسندر ! هيا انهض لنتناول الافطار معاً قبل أن أغادر يا صغيري "

و المقصود بهذا فتح عيناه ببطء شديد بينما يفرك إحدى مُقلتيه بينما يحاول استيعاب كلمات مُيقظه ؟

و هو اعتدل سريعاً عندما استوعب عبارة قبل أن أغادر بنوع من الضيق الطفولي ، رغم عدم حبه للتعلق بأحد لكن هذا الفتى كان لطيفاً معه ؟!

و هاري تحرك سريعاً ليجلس بنوع من الفوضوية على فراش الأكبر يهتف بشغب :" هنري انهض فوراً! "

سماع صوت شقيقه جعله يفتح عينيه من فوره ليحدق به ، رؤيته أمامه جعلته يبتسم بتلقائية واعتدل بجلسته مبعداً الغطاء كان يشعر بالسعادة لأول مرة منذ زمن فقد غاب عنه تؤامه لمدة طويلة فكان وجوده الآن كافيا ليملئ قلبه سعادة ورضا :" أنت نشيط منذ الصباح هاري ، صباح الخير أخي "

الأصغر ابتسم بخفة تامة و هو ينهض ينطق بفخر :" أنا دائما نشيط ! و الان الفطور معد هيا انهضا بلا كسل ! "

ضحك بخفة قبل أن ينهض كلياً من السرير ،عيناه اتجهت ناحية ذلك الصغير الذي يشاركهم المكان محدقاً به بنظرة جانبية ، يدرك مدى سوءه بالتقرب من الآخرين  واشعارهم بالراحة حوله فلا أحد شعر بهذا معه سوى هاري طوال حياته وهذا بالطبع لم يكن بسبب مهاراته هو بل بسبب شخصية تؤامه المرنة عموماً لذا وجود هاري اشعره ببعض الراحة بعد أن كان بطريقة ما يشفق على الصغير لوجوده برفقته .

توجه نحو المائدة ليجلس بعد أن قرر استغلال كل لحظة طالما تؤامه متواجد وطالما ما تزال الفرصة سامحة

الكسندر ارتبك من نظرات الاكبر ليميل برأسه بينما يرمش ، و هاري ضحك بينما يضم الاصغر من الخلف :" لا داعي للقلق هو لطيف للحق رغم تقطيبة حاجبيه الدائمة تلك "

و المعني ابتسم له ليجلس على مقعده و ينضم هاري لهم ، هو ينطق بمرح :" استمتعوا بوجبتكم فهي مُعدة مني شخصياً و مهاراتي تطورت كثيرا "

هنري حين سمع تعليق هاري  قطب حاجيه قليلاً دون الإجابة فهو يدرك أن أي شيء سيقوله لن يخفف توتر الأصغر منه يثق بمهاراته الفائقة بتدمير  الروابط مع الآخرين لذا ترك لتؤامه الأمر لكي يخفف توتر الصغير قليلاً ولولا أن الأمر خطير لربما طلب منه أن يعتني به بدله لكن صورة آلفين خطرت بباله وجعلته يدرك أن الأخير سيرفض غالبا  بأي حال  وهو بذاته لا يريد  أي شيء يربط تؤامه بالعصابة لذا تنهد قبل أن يرسم ابتسامة ليبدأ بتناول الطعام :" حسناً إذا سآخذ دور لجنة التحكيم  واقيم طهوك"

مع أول لقمة تناولها  كلمة لذيذ خرجت بتلقائية مع ملامح متفاجئة من تحسنه ، راحة يده استقرت كما بكل مرة فوق رأس تؤامه يبعثر شعره بابتسامة فخورة :" يبدو أنك حقا كنت تبذل جهدك ، هو لذيذ حقا "

و هو ضحك بخفة :" هذه نتيجة العمل بالمطبخ ! "

بعدها رمش قليلاً ليحدق بآلكسندر الذي يبتسم  أيضا بينما يتناول الطعام بسعادة !

لذا هو بدأ بتناول الطعام قبل أن ينطق بتوتر :" هنري تعلم هناك سر أتسائل إن كنت ستغضب إن اخبرتك به "

توقف هنري عن تناول الطعام من فوره وحدق بهاري بتوجس  وترقب تام وقد بدا عليه الاهتمام الشديد بما سيسمعه :" ما هو أخي ؟ "

آمال هاري برأسه قليلاً :" بذلك اليوم عندما أتيت للمطعم و ظهر آلفين ؟! أنا بنهاية اليوم ذهبت لرؤيته بعد ان غادرنا محل الحلوى "

اتسعت عيناه بقوة وسرعان ما حاول ضبط انفعاله ، كاد ينطق كعادته ببعض الكلام  الذي يوبخ به تؤامه ليبعده عن الأمر لكن فجأة تذكر أمر الشجار الذي حدث بينهما قبلاً ، قبض على يده بقوة وسحب نفساً عميقاً قبل أن يسأل بجدية امتزجت بهدوء  :" ماذا قال لك ؟ ولما ذهبت إليه بأي حال ؟ ماذا لو كان شخص خطير ؟ أخي كم مرة أخبرتك أن لا تخاطر بحياتك هكذا "

حرك هاري كتفيه بقلة اهتمام نوعاً ما و هو يجيبه :" حصلت على اسمه من مكان عمله و جعلت مارسيل يتحقق منه ! و من ماضيه و كل شيء و هو لا يبدوا شخص سيء ! و فقط هو وبخني بدلاً منك "

نفخ و جنتيه بينما يتابع :" بل و أنهى الأمر بقوله لا تكن متهوراً و تفسد محاولات شقيقك لحمايتك ! و شيء ما عن الأخوة الصغار هكذا دائماً "

تنهد بشيء من الراحة ووضع يده على خده قبل أن يبتسم :" وهل ستستمع له حقا ؟ طوال الأربعة عشرة عاماً الماضية و انا احاول اقناعك بهذا لكني فشلت كليا بجعلك تقتنع وأظن ردة فعلك هذه كفيلة لجعلي اتحقق انك لم تقتنع  "

اردف مع ابتسامة مخيفة قليلاً  :" وبالمناسبة هل سبق واخبرتك اني لا أحب مارسيل هذا مطلقا ؟ لم تحصل مصيبة الا وكان اسمه متصدرا بها "

و المعني كتف يداه :" و لن أفعل ! بل أخبرته أنكم الأكبر سناً تحبون وضعنا بالرف و أنكم مغرورون بهذه النقطة ! "

و هو رمش ليشيح بوجهه بعيداً قبل أن ينطق :" هذه ليست مصيبة ! أعني أن يعطيني معلومات عن آلفين ليس أمر سيء ! "

تنهد وهو يجيب بشيء من التفهم لمشاعر من أمامه :" معك حق هو نوعا ما وضع على الرف لكن أخي تخيل معي لو كان هناك فيضان وكل شيء على الأرض سيغرق ألن تضع ما يهمك بمكان مرتفع كي لا يفعل ؟"

ثبت بصره على تؤامه وهو يردف :" هكذا الأمر بالنسبة لي ، انا الأكبر لذا لا تقل لي أنا أيضا أريد انقاذك الأكبر  مسؤل عن الأصغر منه لذا يفترض أن أكون من يحميك يا اخي وهذا ما احاول فعله حتى لو جعلني هذا أبدو أنانيا "

و هو سيعود لتناول الطعام بلا اقتناع حقيقي :" للعلم هذه القاعدة سخيفة ! و أنا سأحطمها إن لم أكن قد فعلت و انتهى "

قطب حاجبيه ونبرة صوته صارت حذرة ،سأله بكل اهتمام وشك عاد لينمو من جديد :" ماذا تقصد أخي ؟"

و هو ابتسم بمرح :" لا شيء مهم ! عندما أكبر أكثر بقليل سأصبح محقق كمارس الذي تكرهه للعلم "

سماع هذا جعله يشعر بالقلق لكن تتمة الجملة أشعرته بضيق أشد فأجاب بضيق واضح لم يتعمد إظهاره :" أوه حقاً ؟ أرجو لك التوفيق بهذا "

رفع الملعقة  ليتناول الطعام من جديد وملامحه ما أظهرت شيء سوى الغيظ  التام لم يعلم هل هو بسبب  كون المهنة خطيرة أسوء أم كونه يريد أن يكون مثل الرجل الذي يبغضه هو أكثر سوءاً !

و المعني ضحك بخفة قبل أن يتابع تناول طعامه بينما حدق الاصغر بهما بنوع من عدم الفهم ...

وهنري فور رؤية ملامح هاري زم شفتيه قبل أن يتنهد و يبتسم لرؤية ضحكة شقيقه ويتابع طعامه بصمت .

عدة دقائق صامتة مرت على ذلك ليُنهي هاري طعامه و ينهض ليضم توأمه من الخلف :" و الآن أنا لدي عمل و علي الذهاب و الاستعداد له ! "

أنهى عبارته ليبتعد سريعاً و يُمسك بمعطفه ليرتديه بينما يكمل :" و أخي لا ترعب الطفل المسكين ! "

آلكسندر رمقه بأعينه الواسعة بنوع من الهدوء فهل هو حقاً ينوي الرحيل سريعاً ؟

حسناً هو بالنهاية لا يمكنه طلب العكس صحيح ؟ لاسيما لشخص قابله فقط منذ وقت قصير !

هنري رمش عدة مرات مع جملة توأمه تلك قبل أن يجيب بشيء من قلة الحيلة مُبعثراً شعره :" لا أفعل هو  كقط خائف يهرب بمجرد مروري وكأنني أسد على وشك أكله رغم أني لم ألمسه حتى ! "

الصغير قطب حاجبيه بعبوس بسيط ينطق بنبرة خافتة :" لستُ قطة ! و أنت دائماً ما تصرخ فجأة أو تُلقي بشيء ما أو تركل ما أمامك ، الأسد مسالم اكثر "

هو أنهى جملته لينهض عائداً لفِراشه و كُتبه بينما أطلق هاري ضحكة لطيفة و هو يتحدث :" يمكنني تصديق أنك تفعل هذا توأمي ! "

أكبر المتواجدين حدق بالصغير بصدمة فهي أطول جملة قالها لها منذ وصوله وهذا جعله يتكتف مجيباً بإستنكار :" أنت تجيد الكلام إذاً و أنا من ظننت أنك لا تعرف سوى كلمة "حسناً" ! "

وجه بصره نحو توأمه مجيبا بعبوس :" وحتى لو كنت أفعل ليس وكأني رميته عليه انا احاول الخروج بعيدا كلما غضبت حتى لا يخاف لكن يبدو أن هذا عديم النفع ! "

الصغير رفع رأسه له يجيبه دفاعاً عن نفسه ربما ؟  :" لأنك ترفض وجودي "

يُمكنه تذكر بشكل كُلي كيف اعترض على رعايته عندما آلفين طلب منه ذلك ؟

هاري حمل محفظته و هاتفه ليحدق بهما :" هنالك تقدم على الأقل ! أخي تذكر أن الأطفال أكثر من يمكنه إدراك رفض الآخرين نحوهم من نظرة و إن كانت بسبب أمور منطقية ! "

أنهى عبارته ليبتعد بنوع من العبث و ينظر لتوأمه بطريقة غير مُبشرة يميل برأسه :" و الصغار أكثر من لا يمكنهم التجاوز عمن تخلى عنهم لغيرهم أو من أشعرهم أنهم فقط مسؤولية يجب التخلص منها مهما كان السبب ! "

هو أدار وجهه ليصبح مقابلاً الباب ليكمل بنبرته الهادئة :" لذا تذكر أيضاً أنك من ذهب لمارسيل مُعطياً إياه مسؤوليتي ! لا تعترض الآن على ما أفعله فهو ما عاد مسؤوليتك انت !"

و قبل أن يعترض أحد رسم ابتسامة مرحة ليلوح للأكبر بينما يغادر حقاً :" إلى اللقاء "

هو اختتم جملته ليركض للخارج بما أنه توقع ردة فعل شقيقه و الذي فور سماع كلماته الأخيرة رمش بصدمة مُحللاً إياها قبل أن ينطلق هاتفاً باسمه :" هاري لحظة انت مُخطئ ! "

لكن محاولاته باءت بالفشل حين وجد هاري قد ابتعد بالفعل !

أخرج هاتفه بسرعة يتصل به لمحاولة استيقافه وهو يشعر بالضيق التام ، لا يريد المزيد من سوء الفهم لكن رنينه على الهاتف جعله يزداد غضبا حين رأى أن الهاتف مشغول ..

صر على أسنانه قبل أن يرمي الهاتف على السرير بعصبية  تراجع وأغلق الباب قبل أن يهتف بكراهية مطلقة :" ذاك اللعين مارسيل علي جديا قتله برفقة سام اللعين ! هما ثنائي مذهل عليهما التعاون وحسب ! "

انتبه على نفسه فجأءة وتذكر كلام الصغير قبل أن يتنفس بعمق ويتنهد ، رفع رأسه قبل أن يتقدم ويقف قرب سرير الصغير  بتردد بدى واضحاً بنبرته

- :" بما يخص كلامك، سبب رفضي لك ليس كراهية  أو أنزعاج بل لاني أولا لا أجيد التعامل مع مشاعر الأطفال والثاني وهو الأهم هذا المكان ليس مناسب لوجود طفل ! كل هذه الفوضى ليست مناسبة لك يفترض ان تكون  بمكان أمن تلعب مع من هم بمثل سِنك ! هذا سبب رفضي لك وبأي حال لا أهتم إن كنت لا ترتاح معي طالما لا تورط نفسك ، تذكر أنت طفل فلا تورط نفسك بأمور لا داعي لها مفهوم ؟ "

آلكسندر مُقلتيه راقبت ملامح هنري و كأنه يتأكد أن من أمامه بخير بعد ما ألقاه توأمه و رحيله ذاك ؟

هو تنهد بعدها ليعود لقراءة كتابه ينطق بنبرة هادئة رغم الجفاف الذي بدى بها :" أنا طفل أعلم ! لكنني لست كما تصف ، بل أنا بمجرد إنتماء اسمي له يجعل المشاكل تلاحقني ! لا يوجد ما يمكنني فعله سوى الجلوس و انتظار ما سيحدث لي بالنهاية لأنني طفل عاجز بلا قوة "

التجهم بدى على ملامحه و هو يشعر بالضيق و رغبة بالبكاء حتى ، أين هو إيرنيست ؟ ذلك الشاب الذي ظهر بحياته فجأة و أشعره بالدفء دون مقدمات ! بل هو رغب بالتشبث به مع أنه حاول التصرف بوقاحة ليبعده بالبداية خوفاً على نفسه من الخيبة ...

حاول إبعاد تلك الأجواء التي بدأت بتجميع الدموع بعيناه ليحرك رأسه لكلا الجانبين بحركة طفولية لإبعاد أفكاره قبل أن يقطب حاجبيه و يعيد تحديقه بالأكبر ينطق بنوع من الهدوء :" بالمناسبة أنت من الشخصيات التي تحب حقاً السيطرة على الآخرين و إلقاء الأوامر صحيح ؟!"

هنري كان على وشك الرد على جملته الأولى لكن الوقت الذي استغرقه لانتقاء كلماته كان كافيا للآخر ليردف بجملة جعلته يرمش بصدمة قبل أن يبتسم كابحاً غضبه يكتف يديه :" أنت  ، من كان يظن أن شخصا هادئ مثلك يملك لسانا سليطاً !"

زفر الهواء بعنف قبل أن يدنو مبعثراً شعره حين أدرك أنه يحاول كبح دموعه ناطقاً بغير اهتمام  مصطنع أخفى خلفه نبرة المواساة :" حسناً إذا طالما الوضع كذلك إذا كلانا بنفس الموقف ،ستتخلص منه عما قريب وحينها يمكنك أن تعود لتكمل أيام طفولتك باللعب والقفز والمشاغبة  و التعرض للعقاب كأي طفل "

اردف بنبرة أمر مصطنعة :" و لأني الأكبر انت ستستمع لي  وبما انك اكتشفت اني أحب إلقاء الأوامر فانت ستتفذ لي ما احبه كوني المسؤل عنك حاليا صحيح ؟  لذا أمرك بأن تطلب ما تريده بنفسك دون أن أسألك انا !"

رفع بصره إليه ليكتف يداه هو الآخر :" آسف لكنني أُعتبر اكثر طفل وقح بالميتم ! كنت دائماً أتحدث بفظاظة مع من يأتون للتبني ، رغم أنني اقضي وقتي بالقراءة و كنت اذهب للمدرسة الخاصة بالميتم قبل ظهور إيرنيست و ذلك المختل "

أخفض رأسه مع حركة هنري التالية ليهمس :" لكنني لست هكذا ! "

مقلتيه تحركت اتجاه الأكبر مجددا بنوع من الحيرة لجملته الأخيرة ليرمش قبل أن يبتسم ابتسامة صغيرة و يرفع الكتاب الذي معه :" لقد نزل إصدار آخر منها دع آلفين يحضره "

هو عبس لينطق :" آلفين قال أنه سيحاول العثور على إيرنيست ! تظن أنه قتله ؟ "

نطق جملته الأخيرة بخوف هامس ليحدق بالأكبر و الدموع قد غطت مقلتيه !

استمع له قبل أن يجيبه على كل ما ذكره حيث ابتسم بقلة حيلة :" اظن كونك وقحا ثاني أكبر صدمة لي بعد صدمة ظهور هاري بالمكان الذي يفترض اني اختبأ به !"

اردف بينما يجلس على طرف السرير وهو يحدق بالكتاب ليحفظ اسمه قبل أن يجيبه :" حسنا حسنا سيكون لديك عما قريب  اذا "

لاحظ ملامح الخوف على  وجهه فبذل جهده لطمأنته بقدر ما يمكن حين أدرك أن ذلك الفتى يشبهه وشقيقه بشكل تام :" سام وحش حقيقي قد يقتل حتى من هو متصل به بدم بارد لكنه لن يقوم بذلك بكل سهولة ، هو أراده وريث له لذا لن يقتله بهذه السهولة ، وطالما هو جاء إليك فهو غالبا أخذ استعداداته اللازمة لذا أجزم أنه بخير في مكان ما أو ربما يبحث عنك كما تبحث عنه ، إن بحث عنه ذلك العجوز آلفين جيداً سيجده أظن خصوصا لو سأل الميتم عنه "

أردف وهو يجر خده :" بدل القلق عليه ثق به ، لو كنت مكانه وعلمت أنك قلق علي هكذا سأشعر أني فشلت  بتنفيذ الغرض الذي جعلني أظهر و هو جعلك تطمأن لذا أنتظره وسيعود غالباً ! "

أخفض بصره و هو يستمع لكل كلماته ! لا شيء يمكنه فعله سوى الانتظار بالفعل لكن إن هو كُتب له العيش و أن يكبر سيصبح شخص قوي لئلا ينتظر مجدداً أبداً !

لكنه خرج من افكاره بشهقة عندما جر الأكبر خده ليحدق به بنوع من الحيرة فلا أحد فعل هذا له من قبل ؟ لكنه ابتسم مجدداً و هو يذكر عمه ؟ لقد كان لطيفا و اعتنى به عندما مرض ...

لذا نطق بنوع من الهمس :" لكنه لطيف و مختلف عن أبي ! هو حقا دافئ "

سمعه هنري حين همس فابتسم له بخفة وهو يبعثر شعره :" أليس هذا جيداً ؟ يمكنك اذا بعد التخلص من اللعين العيش معه ، هو بالنهاية كان يشبهك كثيرا  ، على الأقل جزئك الذي كنت تظهره قبل اليوم ، أظنه بحاجة لك أكثر مما أنت بحاجة إليه لذا هو سيعود لك عاجلا أو آجلا "

الصغير حدق به و هو يفكر بكلماته العيش معه ؟ هذه الفكرة جعلت ابتسامة ما تتسع على شفتيه و هو يومأ سريعاً !

اجل هو حقاً يريد تجربة العيش رفقته لذا على كلاهما الصمود صحيح ؟

هنري نهض حين شعر أن الأصغر قد تحسن ليتجه  نحو سريره  وهو يفكر أنه بفضل هاري أحرز تقدم خيالي مع الصغير والذي تبين أنه الطف مما يبدو !

--------
****

تقلب بنومه عدة مرات ، لم تكن الكوابيس هي ما يزعجه بقدر خطورة ما يُقدم عليه دون معرفة أحد حتى ! ...

يُدرك أنه ربما يلعب بالنار لكن أوليست النيران في بعض الأحيان هي ما يندلع دون إذن حتى و كل ما على المرء فعله هو الوقوف لمُحاربتها ؟

بالنهاية و مع دخول أشعة الشمس لغرفة الجلوس التي نام بها أبعد الغطاء عنه و أعتدل بجلسته بخفة دون ان يفتح مُقلتيه ...

وجود والديه الآن رغم ضرورته ربما إلا أنه يشعره بالضعف ! كلاهما لازال يمتلك الأمل بأن يأتي يوم ليُعيد للأسرة ابتسامتها و مُستقبلها المشرق لكنه يسير بطريق قد ينتهي بالدماء !

فتح مُقلتيه فور شعوره بتواجد شخص رفقته ليجد والدته و على وجهها بعض علامات الارتباك ؟

هي بعد أن شاهدت تعابير ابنها الهادئة عبست و كأنه كشف تواً سر خطير أو أفسد أمر ما ؟

و هو حقاً فعل ؟ لطالما كانت تتسلل أحياناً مُستغلة نوم صغيرها لتبعثر شعره و تحدق به ، فهو ما كان ليسمح لها بالاقتراب و هو مستيقظ ...

بعثر ليو خُصلاته و كأنها بحاجة للمزيد من البعثرة كونه قد استيقظ تواً لكنه تحدث بنبرة ثقيلة إثر نعاسه الذي لم يزل بعد :" صباح الخير "

أجل هو كان يعلم ما تفعله دائماً و ذلك كان ما يزيد من رغبته بالابتعاد للأبد هو و مشاعره التي ما كان قادر على السيطرة عليها لكن الآن و كونه يخوض بأمر لا يعلم أهو قادر عليه حقاً أم لا يرى أن واجبه هو محاولة اسعادها ربما أو تعويضها ؟

و لورين القلق بدى على ملامحها لتقترب منه بحذر قبل أن تجلس جواره :" ليو بُني أتشعر أنك بخير ؟ هل أنت تتألم ؟ أيوجد أي دوار ؟ "

يدها هي وضعتها بحذر على جبينه و كأنها تتأكد من حرارته ؟ و هو عبس من فوره لكن ليس لحركتها بل للفكرة التي تدور بعقله ليغلق عيناه و يستلقي بشكل سريع حيث وضع رأسه على قدميها ثم أحاط يداه بظهرها مُخفياً وجهه بها ربما ؟

و المعنية كادت تشهق من الصدمة ! هي رمشت عدة مرات قبل ان تدمع مُقلتيها فهل كان هو هادئ تواً فقط لأنه يشجع نفسه ربما لإلقاء نفسه بين يداها ؟

و دون شعور منها هي كانت قد أحاطته بقوة شديدة لتغرس رأسها بين خُصلاته ذات الزُرقة الداكنة و كأنها طالما كانت بحاجة لذلك لتشعر بالراحة ...

أبعد نفسه عنها بعد مرور عدة دقائق ليهتف بخفوت :" أسف أعلم أنني كنت أتصرف بتمرد لوقت طويل حقاً , و أنني تصرفت بشكل أناني طوال تلك السنوات و أنا للآن لا أظن أنني تجاوزت الكثير من الأسباب التي دفعتني للتصرف بتلك الطريقة لكن أنا أحبك و ذلك هو الشيء الوحيد الذي لم يتغير قط مهما حدث ! "

لا تدري كيف أو متى بدأت دموعها بالإنهمار إلا أنها إحتضنته مجدداً و بكل قوة تمتلكها ! , برايان وقف خلف كلاهما دون أن ينتبه أي منهما لوجوده حقاً بابتسامة دافئة رغم أن شعور خاطئ تملكه ! لما بهذا الوقت تحديداً فقط ماذا حدث ليتحول صغيره فجأة ؟!

لما يشعر أن الأمر أسوء مما يتخيله ؟ لكن ألن تكون مجرد أوهام ؟ هو فقط أيفكر أكثر مما يجب ؟! و لطرد تلك الأفكار هو فقط نطق بابتسامة هادئة :" ماذا فاتني حقاً ؟ لما أنا لم تتم دعوتي لهذا العناق ؟ "

ليو اتسعت عيناه فور سماع صوته ليبتعد فوراً مع شهقة عابسة يشير له :" و لما من قد يدعوا أحدهم للتنمر أبي ؟! "

ضحك الأكبر بخفة بينما نهضت لورين لتقف بجوار زوجها قبل أن تمسح دموعها و تهتف بنشاط و حيوية :" سأذهب لإيقاظ آلفين لأجل تناول الإفطار إتفقنا ؟ "

و الأصغر كاد يعترض ليتجه هو لإيقاظ رفيقه بدل الوقوف رفقة والده التي تسبب له التوتر قطعاً لكن الآوان كان قد فات حقاً , لذا هو عبس بشكل طفولي بينما تقدم برايان للجلوس بهدوء :" أنت ليو أهنالك ما تُخفيه ؟ لم تشرح لي للآن السبب الذي دفعك للتصرف بهذه الطريقة ! لما قررت العودة للأسرة ؟ و كيف تحسنت علاقتك بسيتو ؟ "

حدق المعني به و هو يسير للمغادرة :" الأمر يطول شرحه أبي ! و سيتو هو فقط حاول الإنتحار بعد أن قمت أنا بتهديده لأمر فعله لي لذا رغبت بمساعدته هذا فحسب "

هو عبس بينما يردف :" و الذي يفترض أن يأتي بعد ساعتين من الآن لأنني أمتلك عدة مواعيد سخيفة لأجل إحتفال إعادة الدمج و غيرها لذا أبي أيمكنك العناية بآلفين ؟ عمه السخيف و زوجته قاموا بإيذائه بشدة من فضلك حاول الحديث معه "

أنهى كلماته و قد لمعت عيناه بغضب قاتل , بينما قطب برايان حاجباه بنوع من الضيق فأي أذى هو ذلك ؟ هم سبب إصابته ؟ لكنه يدرك أن الإصابة التي قصدها ابنه هو النفسية ؟ لذا هو تنهد مبعثراً خصلاه ليخرج إحدى السجائر من العلبة بينما يذكر صورة جين الذي رآه بإحتفال الأمس ليهمس :" لازلت لم أفهم للآن ! أثق بأنه لم يرغب بطرد ابنه كوني تواصلت معه و جيداً بفترة سجنهما فماذا حدث بعدها ؟! "

نفث الدخان بعدها من فمه بينما شرد بالسقف يغرق أكثر فأكثر بأفكاره الخاصة و التي تؤدي به بكل مرة للذهاب و زيارة جين بنفسه ! ..

*

الساعة كانت تشير للعاشرة صباحاً عندما كان ليو قد غادر المنزل لأجل عمله مع الشركة ! هو بالنهاية رضخ لأوامر جده بالإستقالة من أعماله حيث إحتفظ فقط بعمله كميكانيكي و الذي وجده آلفين له كونه أحب رئيسه بالعمل حقاً ...

و صغيرته حالياً يتم معالجتها لديه و أمام عيناه عند تواجده , هو كان يمسك بعصير فواكه طبيعية بينما يسير بإنتظار قدوم سيتو فهنالك الكثير بإنتظاره حقاً ..

أسبوعين فقط هو ما يفصله عن موعد الدمج , الإنتقام لشقيقه من أسرة عمه بطريقة لن تخطر لعقل أي منهم حتى و لرؤية نتائج عبثه مع سامويل !

خطواته توقفت تزامناً مع وقوف سيارة سيتو الفارهة أمامه , هو بالطبع لم ينسى ابن عمه و من يساعده الآن فأسبوعين و يحدد جده مصيره , ليس و كأنه لا يعلم أن جده لم و لن يتغير و من يعلم ما قد يلقيه على مسامع سيتو و الذي قد يؤدي لإنهياره حقاً و إنتكاس علاجه ..

جلس بمقعده بهدوء غير معتاد منه حقاً دفع سيتو لمراقبته لعدة ثوان قبل أن ينطلق ناطقاً بنوع من عدم المُبالاة  :" أنت بخير ليو ؟ "

الآخر تنهد و هو يحدق بالخارج بهدوء لينطق بنبرة شاردة :" ماذا تتوقع ستكون نهاية هذا الطريق ؟ "

ابتسامة ساخرة إرتسمت على وجه قريبه و هو يجيبه :" إن تابعت عبثك مع سامويل و أكملت بالطريق الذي تسير به فأنا أتوقع أن نهايتك ستكون مأساوية بينما أنت لا تزال شاباً ! "

أردف بعدها سريعاً :" قد تنجح لكن أمثاله لا يذهبون للجحيم وحدهم بل يسحبون آخرين رفقتهم ! "

السخرية ارتسمت على شفتي ليو و هو يهمس لنفسه :" لكننا ذهبنا للجحيم بالفعل , و الآن حان وقت رد الهدية ! "

أجل هو قلق من الطريق الذي اتبعه , منذ أن عاد للعمل رفقة أسرته أقام صفقة سرية عمل خلالها على سرقة إحدى الصفقات التي أرادها سامويل و بشدة , بل هو تمكن من إيجاد طريقة لجعله يخسر بضعة آلاف أو بعد أسبوعين ستظهر تلك الخسارة لسام , قبل إحتفاله بيوم واحد لذا هو حقاً لديه شعور سيء إزاء ذلك الحفل و إن كان مُتحمساً بالفعل لأجل إنتقامه من تلك السخيفة التي تجرأت و حطمت نفسية آل أكثر ...

***
مُنذ نهاية الفطور وهو قرر أن يلتزم غرفته  ويشغل نفسه بالتخطيط للقادم،منذ تلك الرسالة وعقله كان مشغول بشدة ويشعر بحماس وحيوية جعلته يتناسى ما حدث مع عمه مؤقتاً ، إن نجح بها سينتهي كل شيء ولن يمكن لأي أحد فتح فمه .

كانت تلك الأفكار تشعره بالحماس والرغبة بالإسراع لكن وعده لشقيقه جعله يحاول كبح رغبته تلك مؤقتا واستغلال الوقت بالبحث على الانترنت ويرتاح بالوقت ذاته كي لا يغضب شقيقه .

وجود أسرة رفيقه كان سبب أخر حيث منذ الأمس وهو يشعر بشيء مختلف ، الأجواء أكثر  لطفا ودفئاً وهذا  كان قد فاجئه و أسعده بشدة فقرر توفير البيئة المناسبة لتنمو هذه المشاعر  أكثر و بالطبع إن تواجد هو شقيقه سيخجل أكثر لذا قرر الاعتكاف طوال فترة زيارتهما وانتظار النتائج المرضية التي سعى لها منذ سنوات !

كان يستلقي على السرير والهاتف بيده يتصفح ما يحتاج تصفحه استعداد للحدث الذي ينتظره بشغف تام بملامح غامضة وتركيز تام كما لو كان يتعامل مع قنبلة موقوتة أمامه ...

و بالخارج وقف برايان قرب زوجته التي كانت ترتدي فستان طويل باللون الأحمر الداكن ، وضعت القليل من مساحيق التجميل قبل أن تسمح لخُصلاتها بالتمرد بحرية ثم هي التفت كطفلة لزوجها بينما تدور حول نفسها :" إذاً ما رأيك ؟ "

و هو رسم ابتسامة خافتة لينطق مُجيباً إياها :" و هل يمكنني أن أعترض و حياتي على المحك هنا ؟ "

لوهلة هي فتحت فمها بعدم فهم قبل أن تشهق و تضربه بحقيبتها التي امتزجت باللونين الأحمر و الفضي كما مجوهراتها التي زينت نفسها بها بينما تهمس بعبوس :" مغفل ! لا بل هي غلطتي أنا لمحاولة أخذ رأيك أساساً ! "

هي أكملت سيل من التذمرات النابع من إستيائها بينما تتجه لغرفة آلفين و من خلفها ضحك برايان و عاد للمطبخ فكونها ستغادر يجعل امامه فرصة للحديث مع من سيبقى رفقته لذا قرر صنع كوبين من القهوة بالحليب بينما ينتظر مغادرة زوجته !

و من جهة أخرى قرعت لورين على باب غرفة صغيرها الاخر بهدوء بينما تهتف :" آلفين أنت مستيقظ ؟ "

أجابها بينما يبعد الصفحة التي كان يعرضها على هاتفه ويعتدل بجلسته على سريره :" أجل خالتي تفضلي"

فتحت الباب و أطلت برأسها أولاً و كأنها تتأكد من أنه ليس مشغول قبل أن تدخل إليه بابتسامة لطيفة ثم استبدلت ذلك بعبوس بسيط :" ما رأيك بمظهري ؟ عمك قال لي عبارة ما أن حياته على المحك فهل هو سيء ؟ "

آلفين ضحك بخفة قبل أن يجيبها بمرح تام ": ليس كذلك خالتي أظن جمالك  سحره لا غير وقال هذا نتيجه ارتباكه  تبدين كملكات جمال بل أجمل منهن "

هي شاركته الضحك قبل أن تتقدم للجلوس بجواره لتنطق بنوع من التذمر رغم الابتسامة الواسعة المرتسمة على شفتيها :" تعلم ماذا ؟ عندما قمت بالزواج به هو كان عبارة عن جماد يتحرك بمعجزة ! لا اظنه سمع من قبل حول كيف عليه الحديث مع زوجته او ربما لم يكن قد تحدث مع فتيات من قبل و لو من باب المُجاملة ! "

حدقت بآلفين و قد اتسعت ابتسامتها :" لذا أظن أنه علي حقاً تقدير ذلك الرد الذي منحه لي فهو يدل أن هنالك أمل ما بالحياة !"

رفعت يدها لتربت على خصلات الأصغر :" و فقط أنظر لنفسك ستكون زوج جيد صغيري ! "

أردفت سريعا و هي ترفع يداها للأعلى :" أجل أعلم الوقت مبكر على ذلك "

ابتسم بخفة قبل أن يجيب بضحكة " خالتي آخر سطر وفر عليك  الكثير من التذمر والتبرير مني "

اردف بابتسامة لطيفة " وفقط معك حق خالتي هو رغم كل شيء يبذل جهده لذا أنا حقاً احترم محاولاته "

اردف بينما يميل برأسه " وكل هذا بفضل وجودك  قربه "

استمعت لكلماته تلك بابتسامة قبل أن تنهض من مكانها لتقف أمامه بضحكة بينما تغمز مجيبة على آخر ما نطق به بغرور مصطنع :" حسناً ماذا أقول سوى أنه لا يوجد رجل مذهل دون امرأة أكثر إذهالاً بالواقع ؟! هذا ما يجعل أغلب الرجال هذه الأيام أقل هيبة "

ضحك بخفة " لا اعتراض لدي على هذا الكلام  خالتي "

ابتسمت له لتسير للمخرج بينمنا تهتف بصوت مرتفع سمعه كلاهما رغم أنها قصدت زوجها به :" إذاً سأذهب الآن و من الأفضل لك العمل على كيفية تدليل سيدة أعمال مثلي تقابل المئات يومياً ! "

هي ما انتظرت اجابته بل غادرت فوراً بينما رمش برايان قليلاً يحمل كلا الكوبين باتجاهه لآلفين و فور وصوله لباب الغرفة أعلن عن وجوده بهدوء و ابتسامة هادئة كما هي عادته :" أتم تهديدي تواً بالخيانة أم أنني أصبت بالصمم ؟ "

ضحك الفين بخفة فور سماع هذا وهو يجيبه بشيء من الأحترام الذي ظهر تلقائيا فور رؤيته :"  أجل عمي ، من الأفضل أن تبدأ بتدلليها أظن قبل أن تظهر انيابها"

اتسعت ابتسامته بينما يمد له أحد الكوبين :" النساء كائنات خطيرة حقاً ! "

هو حدق بالغرفة قليلاً قبل أن يميل برأسه :" هل تمانع أن جلسنا معاً قليلاً ؟ "

أومأ سلباً قبل أن يستلم منه الكوب بسرعة وهو يجيبه باحترام :" لا بالطبع تفضل عمي وشكرا لك "

الأكبر ابتسم بهدوء بينما أحضر لنفسه الكرسي المتواجد قرب المكتب إحتراماً لخصوصية الأصغر ربما ؟

هو ارتشف القليل من كأسه يفكر بكيف يجدر به حقاً الحديث معه بدون إزعاجه و إن كان بالنهاية عليه ذلك ؟

لذا ابتسم بلطف و هدوء كالمعتاد :" إذاً آل للحق أنا لم أفهم شيء مما يحدث هنا حولي لدي الكثير من التساؤلات و أشعر بالقلق على كلاكما ! "

تنهد بهدوء :" آلفين أنت تعيش بيننا منذ سنوات رغم هذا لم أستطع و لورين جعلك تخفض كل تلك الحواجز بيننا صحيح ؟ "

سماعه يتحدث بهذه الطريقة جعله يدرك عن ماذا يتحدث عمه ، لم يدرك هل عليه أن يكون صريحاً ببساطة ؟ أم يحافظ على الحواجز ؟ بالنهاية ما تلك الحواجز سوى اعتراف  منه ان ما يقدمانه له كافي وأكثر وان من الجحود بشدة تورطيهم أكثر ...

بالوقت ذاته يدرك أن تصرفاته تشعرهم بالبعد وربما تثقل عليهما حتى فكان محتاراً حقا بالنهاية وجد نفسه يجيبه بشيء من الهدوء : "ليس الأمر أني لا أثق بكما أو شيء من هذا القبيل عمي،  هو على العكس تماماً أدرك أنكما لن تتأخرا  عن مساعدتي بأي ثمن رغم أنكما حرفياً لستما مضطرين لأي من هذا ، لو قضيت باقي حياتي بخدمتكما لن يكفي أن ارد كل ما فعلتماه بأي حال لذا اقلاقكما معي ليس شيء قد أفكر بفعله بالنهاية انت علمتني يا عمي أن  اعتني بنفسي لذا يمكنني تدبر الأمر بالفعل لذا اطمئن ولا تقلق "

أردف بابتسامة ممتنة :" يمكنك سؤالي ما تشاء بالطبع  إن كان هناك ما يشغل بالك لكن بكل الأحوال لا أرغب بأن تقلق  ، ساجد حل دون شك ، مررت بالاسوء وهذا لا شيء   "

تنهد بنوع من التعب و هو يغلق عيناه قبل أن يعيد فتحهما ليجيبه بهدوء :" هذا التفكير ببساطة هو يقيدنا آلفين ! أدرك أنني عرضت تبنيك ذات مرة و أحياناً كنت أفكر أنه ربما ذلك ما أزعجك "

ابتسم مُردفاً قبل أن يتابع لئلا يعطيه فرصة لمقاطعته :" أردت إخبارك بذلك منذ زمن بعيد آلفين ، ثم أدركت أنك تبتعد لسبب آخر بفعل الامتنان ربما ؟ لكن هذا يفسد قدرتك على الاندماج ! "

أغلق عيناه قليلاً و هو يتابع بابتسامة صغيرة :" لا أحد ليس بحاجة لمن هو أكبر منه ! أردت دائما محاولة كسر الحواجز بيني و بينك و ليو ، لأنني و ثق بي عن تجربة أدرك أنه بوقت ما سترغب بوجود شخص أكبر أو أكثر خبرة للحديث رفقته و رغم هذا فشلت لكلاكما "

أجابه آلفين من فوره باعتراض :" لم تفشل ، أو لنقل أن الخلل ليس لديك عمي بل لدينا ، عرضك لتبني أسعدني جدا بالطبع ، لكني ببساطة لا أرى اني استحق كل لطفك هذا معي "

أخفض رأسه وهو يردف بملامح حزينة للغاية  :" ليس وكأني لا أحتاجك حقا الآن عمي ، لكن حقاً لا استحق منك مساعدة بالنهاية .... ليو كان ليكون  أفضل حالا بدوني غالباً"

عبارة الأصغر الأخيرة جعلته يرمش و تلك الملامح لم تجعله يشعر بالراحة ، تلك الخاتمة لكلماته جعلت عقله يحلل عدة أمور !

صور من الماضي عندما كان كل من ليو و آلفين بسجن غير معروف بالنسبة لهم و لقائه وقتها بجين جعلته يحلل ذلك كله ...

لذا هو ترك كوبه على الطاولة و للمرة الأولى على الأغلب هو حطم خط الخصوصية و اقترب ليجلس على الفراش بجوار الأصغر بينما يمد يده لوجنته يرفع رأسه برفق بها لينطق بنوع من الهدوء و الجد :" آلفين بما أنت متورط ؟ أنا بالماضي كنت مشغول بليو و أنت تعلم بمسألة ما فعله والدي و سيتو به و بيعه و كل ذلك ... "

قطب حاجبيه و هو يتابع بوتيرة هادئة و حذرة :" لكن صغيري لم يحدث و أن تحدثت معك عن أسرتك و ما حدث لك هناك ، لما لم يقبل جين عودتك فهذا مغاير لكل شيء أعرفه أنا  "

أغلق عيناه و هو ينطق بذات نبرته السابقة و إن كانت ابتسامة صفراء تربعت على ثغره :" بذلك الوقت أنا و جين كنا على اتصال معاً ، أنت لا فكرة لديك حول ما حدث لهم بعد سجنك لكن كلا والديك وصلا لمرحلة المشفى أحدهما جسدي و الأخرى نفسي "

هو تابع رغم الألم الذي ارتسم على ملامحه :" و إيزا لم يعد لها منزل تعود له كونهما ليسا هناك ! لذا والدك نهض عنوة و بدل الانهيار بدأ بمحاولة البحث عن أين تم سجنك و ليو لأنه بطريقة ما تم إخفاء هذه المعلومة عنا و للآن لا نعلم السبب و لا أعلم من تسبب بإتهامك و ليو بكل ذلك لكن أنا و هو حاولنا العثور على من كان السبب ! "

عض على شفتيه و هو يخفض يده لحجره بينما يكمل :" و لم نجده لكن أياً كان الأمر فكلانا كان يعلم أن أحد أعدائنا فعل  للأنتقام و أن ما حدث كان إما للانتقام مني أو منه ! "

عاد الجد لملامحه :" ليو خطف عندما كان بعمر صغير حقاً بسبب صفقة لي ! أدرك أن من بالخارج مجانين لذا و إن كان السبب هو عدو لوالدك أنت فهذا لا يجعله و لا يجعلك بموضع خاطئ ! لا ذنب لأي أحد سوى المختل نفسه لكن ما يهمني حقا بعد معرفتك لحقيقة مشاعري اتجاه ذلك هو أول سؤال طرحته و هو بما ورطت نفسك لتشك أن السبب هو أحد أعداء والدك ؟ او تتأكد حقا فهو اهم آلفين !"

ردة الفعل تلك كانت أبعد مما قد يتخيل بحياته كلها ، لطالما كانت علاقته مع عمه تحمل الكثير من الرسمية ما لم تتعلق بليو لذا ولأول مرة عمه يتطرق لكل ذلك ، ومع كل كلمة كانت عيناه تتسع أكثر ، الكثير والكثير من المعلومات الصادمة لدرجة أنه عجز عن التعليق على كل واحدة على حدة ، همس بغير تصديق محللاً الكلام خلال حديثه بحاجبين مقطبين

_ " مرضا ؟! وأنتما كنتما تعملان معاً ؟ "

لم يرد فضح نفسه أكثر مما فعل ورغم كل شيء كلمات عمه كانت رغم كونها صادمة لكنها اشعرته بالراحة  بطريقة لم يتخيلها فعمه لديه فكرة عن أنه قد يكون السبب بالنهاية لذا لن يتخلوا عنه كما كان يخشى ؟ !

أجاب عن سؤال عمه بشيء من الحذر وهو يهرب من نظراته تلك :" يمكن القول اني قابلته فترة تشردي ، كان يريد التأكد من أن ما فعله أتى بثمار ، ثم الرسالة لمنزل عمي والتي كانت موجهه له هو ، كلماتها أكدت شكوكي، هو أراد الانتقام من والدي "

قال آخر كلمة بصعوبة بالغة فحاول تمالك نفسه ليردف بينما يحدق بعمه :"غالبا هو من أرسل ذلك الأستاذ أيضا ، لكن لا أعرف أكثر من هذا للأسف ، لم اتورط بشيء خطير فلا تقلق كثيرا "

وبالنهاية ختم الأمر يحني رأسه معتذرا بصدق تام بنبرة صادقة متألمة كلياً أظهرت كم يشعر بأنه لعنة  :" لذا ....أنا حقاً آسف  على كل شيء ، كل ما حدث لليو ما هو إلا ذنبي أنا ! للآن لم أستطع حتى أخباره بشيء كهذا ، رغم أني فكرت بعدة طرق لكن بالنهاية لم أتمكن من أي منها ! وحتى أنتما لم استطع إخباركما ، اسف على خداعكم طوال هذه الفترة ،فقط  لم أجد  القوة الكافية لاستطيع اخبارك "

أعاد برايان جسده للخلف قليلاً ليخفف توتر الأصغر ربما ؟

و استمع لتفسيره ذاك بينما شعور قديم ظن أنه دفن عاد له ، ' الغضب ' هو حقاً يشعر به !

لأن هنالك من عبث بحياتهم و دمر أسرتين لأسباب دون معرفتها يدرك مدى تفاهتها ، صفقة ؟ أم مُحاكمة ما ؟

و قطعاً لا يثق ببراءة من قتل و اتهم طفلين كانتقام !

بصره ارتكز مجدداً كما أفكاره على آلفين مع اعتذاره ذاك مما دفعه ليضع يده على رأسه :" لم يكن يوماً ذنبك آلفين ! أنا والده و لورين والدته لو كان كون وجود مريض نفسي بحياة والدك يعني أنه ذنبك أو ذنب جين لما سمحت بتواجدك قط ! لكنه ليس كذلك أنت و أسرتك ضحية أيضاً ثم أخبرتك مسبقا ليو خطف مني ذات مرة و عندما وجدته الشرطة كان هنالك من يحاول تشريح جسده لذا على الأقل عدو والدك لم يأخذكما للأبد منا و هذا أمر أنا ممتن له "

احتضنه بعدها إليه و هو يبعثر شعره :" و هذا ليس خداع ! و إن ظننت أن ليو سيبتعد فعليك التفكير مجدداً بذلك هو لن يفكر بطريقة كهذه و يفترض أنك تعرفه أكثر مني "

كل تلك الكلمات وذلك الحضن الدافئ اشعره برغبة قوية بالبكاء ، كان يشعر بالسخف لتصرفه ذاك وبشدة ، كما لو كان طفلا يطالب والده بأن يربت على رأسه ، لكنه وجد نفسه يبادل عمه  العناق بل ويستند عليه محاولا كبح دموعه التي تطالب بالنزول ، دموع الألم التي كان يكبحها لوقت طويل وشعوره أنه  يخدعهم، بطريقة ما شعر أن نصف الحواجز التي بينهم تبخرت دون شعور منه ولو لحظياً ...

فوضع رأسه على كتفه وهربت بضع دموع على خده ، أسرة ليو كانت دوما ملاذه من كل شيء وحتى حين أخبرهم بأسوء ما فيه، بالشيء الذي ظن أنه سيكون سببا في تخليهم عنه  أو كسر شي بينهم انتهى به يكسر الحواجز بدل كسر الثقة

بادله بصمت تام وهو يغمض عينيه يسمح لنفسه بالراحة قليلا من هذا الحمل الثقيل قبل أن يهمس لعمه بصوت  خافت :" شكرا لك عمي ، وأجل أعلم أنه لن يغضب لكن أخشى اني لن أتمكن من مواجهته بعدها "

برايان شعر بتلك الدموع القليلة على كتفه و هذا جعله يزيد من قوة عناقه ليقبله على خصلاته الداكنة بهدوء :" لا شيء لتشكرني عليه آلفين ! "

هو ابتعد و ابعده برفق لينطق بعد أن تنهد :" فقط أنا آسف لكن بت الآن أكثر قلقاً ! آلفين ليو لا يتصرف بشكل طبيعي ! أو المخيف أنه يفعل "

أردف بنبرة هادئة :" لما الآن ؟ هو أجبر نفسه على الوقوف مرة واحدة رغم أنه رفض ذلك لسنوات ، وقف أمامي ! عاد لجده و قراره بمساعدة سيتو مجدداً و يعمل على إصلاح صلته بنا !"

قطب حاجبيه قليلا و هو يقف :" هذا الأمر قطعاً شيء طالما تمنيته لكن لسبب ما اشعر بأن قلبي ينقبض بقلق فهنالك شيء ما جعله ينفض خوفه من التقدم مجددا للأمام و الآن أنا بت أدرك أنك الآخر تعرف أكثر مما قلته لي و الأكثر سوءاً هو أنه على ما يبدوا كلاكما لا يعلم ما يفعله الآخر حتى "

حدث بآلفين برجاء :" آلفين أسوء ما قد تهديه أنت أو هو لنا بعد كل هذا هي رؤية أي منكما يأخذ منا مجددا لا فكرة لديك كيف أن شعور العجز مرعب حقاً "

قطب حاجبيه مما سمعه ليجيبه هو الآخر بقلق حقيقي :" أنا أيضا شككت، لكنه مهما سألت يظل يراوغ، سأحاول معرفة الأمر أكثر طالما عمي أيضا يفكر مثلي فهذا يعني اني لست من يبالغ بتفكيره"

اردف وهو يبتسم بخفة :" لا تقلق عمي ،أستطيع أن أؤكد لك ان اي منا لا ينوي الذهاب لأي مكان  ، ثق بهذا ،وساحاول معرفة ما يحدث معه  بطريقة ما "

أومأ له بخفة و هو يبعثر شعره :" رغم أنني أتيت لمعرفة سبب الاصابة و ما قاله ليو حول أن عمك ازعجك لكن اظن لا بأس بهذا المقدار لليوم ! ارتح جيدا و تأكد ان تكون بخير قريبا "

هو أنهى عبارته ليحمل كوبه الذي برد نوعا ما يرتشف منه مجددا لتتجعد ملامحه و هو ينطق بينما يسير للخارج :" لا يهم عدد المرات التي اتذوقه بارد بها فإن طعمه لا يصبح ألطف مطلقا !"

ابتسم آل بخفة واومئ له وفور خروج عمه هو جلس بصمت تام لثواني ، دفن وجهه بين يديه يستوعب ما حصل توا !

خطته كانت أن يتقرب ليو  من والديه ولم يتخيل أنه هو الآخر سيفصح لبرايان عن أكثر ما يرعبه !

كل تلك الكلمات التي سمعها كانت تجول بعقله، والداه مرضا، كان والده يبحث عن من آذاه، أهذا ما حدث ؟

كانت أفكاره تتصارع بين فكرة أنهما أراداه وبين حيرته عن ما جرى بعدها ، مسألة خروجه يفترض أنها معروفة متى لذا لو لم يرغبا بطرده حقا لتواجدا؟  وان كان أحد كذب عليه فهل حقا كان صعب  إيجاده لهذا الحد ؟

غرق أكثر وهو يشعر بالاضطراب ، لم يمضي وقت طويل منذ قراره أن لا يعلق آمال على أحد مجددا خصوصا من أسرته ! 

ان يعود ويتامل شيئا منه بهذه السرعة بدا له قمة الغباء بطريقة ما ، أبعد ذراعيه ليستلقي على السرير على جانبه الأيمن وحدقتاه تطوفان في الفضاء . الموضوع الذي كان أهم لديه من كل هذا هو ما اخبره به عمه عن ليو ، لما قد يفعل كل هذا الآن ؟ طرأت على باله فكرة جعلته يقطب حاجبيه بقلق تام وهو يهمس " لا يعقل أنه يعرف بشأن  سامويل صحيح ؟ "

اغمض عينيه بتعب وهو يخلل خصلاته بين  اصابعه، لم يكن هناك جواب لأي من اسئلته.

الحديث مع عمه كان مربكا بطريقة ما فلم يتمكن من سؤاله عن التفاصيل لكنه لم يكن ينوي ترك الأمر بشكل تام بل قرر التوقف مؤقتا حتى يتحقق ان ليو  ليس بمازق ما ثم يلتفت لما يخص أسرته ربما ؟

خطرت على باله فجأة تلك الرسالة  فحمل هاتفه  يحدق بها من جديد قبل أن يهمس لنفسه مطمئنا ليزيل شعور الذنب :" ليس وكأني ساموت، لا داعي للشعور بالذنب سأعود حيا وهذا ما يريده عمي وحسب ".

كان يحاول إقناع نفسه أنه لا بأس بأن يبحث عن سام ، سلامة عمه وزوجته كانت أهم من ابلاغه بالأمر خصوصا انه يدرك  أن ال يخفي شيء بالفعل لذا خفف هذا شعور الذنب وجعله يحاول تصفية باله ويضع بعض الأولويات بين أفكاره المزدحمة كي لا يضع ما هو مهم حتى   ...

***
الأجواء كانت جافة  وباردة بشكل كبير اليوم تنذر باقتراب الشتاء

إلا أن ذلك الجو الجاف  رسم على ليو ملامح الامتعاض بشكل كلي بينما يبعد طبق الطعام من أمامه ليأخذ كوب القهوة ينطق بتذمر :" بحق الإله لما علي الخروج بهذا الجو البارد  ؟ هذا تنمر بحد ذاته أقسم !"

وضع رأسه على الطاولة و هو يردف بعبوس :" إشتقت للغطاء والدفء"

رفع سيتو بصره ليحدق به بحاجب مرفوع بينما يحرك كتفيه :" إذاً تجاهل عملك و عد للمنزل ! نحن ذهبنا لشركة الإتصال و حصلنا على اذن بأخذ ذلك التسجيل للمكالمة التي تريدها و مشروعك الإنتحاري بدأ بالفعل إذ رددت على تحذير سامويل لك بدعوته للحفل الخاص بالدمج "

أردف بعدها بتنهيدة ما :" و ما تبقى لليوم هو رؤية شريكنا الثالث بالصفقة و الذهاب لرؤية تقدم الأمور لدى تشارلز "

قلب الأول عيناه فور ذِكره لآخر اسم قبل أن يبتسم بحماس فجأة و يرفع رأسه :" أجل ذلك سيكون مُمتعاً !"

هو أنهى جملته لينهض من فوره بينما تململ سيتو بمكانه قبل أن يتبعه ، كلاهما كان بالسيارة يجلس بلا حرف واحد و هذا جعل ليو يُحدق بمُقلتيه نحو سيتو ...

هو هادئ بشكل كبير و ليو لاحظ هذا منذ فترة ، لا يفعل شيء سوى الصمت أو تعليقات طفيفة إن دعت الحاجة لهذا !

هو ليس بخير و هذا واضح حقاً و لا يدري أهو يأخذ أدوية ما تجعله كذلك أم أن هنالك من يزعجه ؟!

ابتسامة ساخرة بلا وعي ارتسمت على شفتيه و هو يصحح لنفسه صيغة آخر سؤال أطلقه على ذاته فليس و كأنه لا يعلم من قد يزعجه لكن بأي طريقة هذه المرة ؟

لكن و بكون العلاقة بينهما ليست بتلك القوة بأي طريقة يمكنه أن يطلق سؤاله ؟

و الآخر كان شارداً بالطريق ، لا يعلم لما و كيف لكنه أمضى الليلة الماضية كلها يعيد مُشاهدة ذلك الفيديو الذي صوره لليو عندما إقتحم منزل أسرة تشارلز لأجل صديقه !

و ذاكرته كانت تعيد له مشاهد من تدخلات آلفين الدائمة لإنقاذ ليو بعدة مواقف كيوم حادثة الغش ؟!

لا يدرك أي مشاعر كانت تتركه أفكاره الجديدة هذه بقلبه لكنه و بشروده ذاك نطق بنبرة خافتة أقرب لليائسة ربما :" لو تابعت حياتي حقاً هل قد أجد من سيقبل بالتواجد معي كما أنا و ان فشلت أو لم أكن الأفضل ؟! "

رفع ليو بصره إليه من فوره ليرمش عدة مرات قبل أن تتحول نظراته لأخرى مُرتابة يُجيبه :" بالطبع ستفعل ! ربما على شكل زوجة تحبك حقاً و تصبح كل شيء بحياتك أو صديق جيد لن ينتظر ثانية قبل أن يمد يده لك ! المهم حقاً هو أن تخرج من القوقعة التي تحبس نفسك بها ! "

سيتو اتسعت عيناه و حدق به مع سماعه لرده فهو حرفياً ما قصد الحديث و إسماعه ذلك التساؤل ! لم يرغب بأن يظهر له المزيد من الشفقة فهو حقاً نال كفايته من تلك النظرة !

_:" اللعنة انتبه أمامك ! "

صوت الاخر الذي هتف بهذا بنبرة مذعورة جعلته يلتف فوراً للأمام لتتسع عيناه هو الآخر و يشهق بتوتر تام بينما اسرع قدمه للضغط على المكابح و يغلق عيناه كما شريكه بأمل أن تتوقف السيارة قبل وقوع الكارثة !...

*

مُقلتيه ذات اللون الأزرق الداكن اكتست بنوع من التردد !

بعد محادثته الأخيرة مع آلفين هو كان قد قرر أن عليه حقاً التوجه لجين و رؤيته ، هنالك الكثير مما لا يفهمه و إن كان من ابعد كل من ليو و آلفين عنهم هو عدو له بل و يرسل رسائل تهديد إذاً أليس الخطر قائماً ؟

و على ما يبدوا له فالصغيران بطريقة ما متورطان بشكل كُلي بالأمر فهو بالنهاية يمكنه معرفة أنهما يتصرفان بغرابة أكثر من المعتاد حتى ...

و الآن هو جالس بسيارته أمام المبنى الضخم و الذي يُدعى ب' المحكمة ' منذ خمس دقائق !

لما ؟ لا يعلم حقاً سوى أن المكان هنا يزعجه حقاً مُنذ مُحاكمة صغيره لذا تنفس بعمق تام قبل أن يقرر و أخيراً التحرك للداخل ...

هو كان قد انتظر عودة زوجته لتبقى رفقة آلفين ثم قدم إلى هنا ! ..

سار بالممرات و كأنه يحفظ تماماً مكان مكتب من يود رؤيته الآن بينما يتسائل كم عام مضى على آخر مرة قدم بها إلى هنا ؟

هو انشغل حقاً بعمله بإيطاليا ثم عاد و واجه عدة صعوبات مع اسرته و لانقاذ ابنه اسرع بالرحيل دون العودة و سؤال جين و لو لمرة عن لما هو طرد ابنه ..

توقفت خطواته و أخيراً أمام باب المكتب الذي نقش عليه اسم ' جين أندرسون ' ليطرق الباب عدة مرات بخفة ...

بالطرف الآخر لذلك الباب ، يجلس على كرسيه الجلدي أمام مكتبه الفخم، يراجع الملف بيده باهتمام تام كيف لا ومصير انسان يعتمد عليه ؟ صوت طرق الباب اخرجه من تركيزه العميق نسبيا رغم أنه لم يرفع رأسه حيث منح الأذن بصوته الرصين بينما يتابع النظر لاوراقه ظنا أنه مساعده لا غير

- :" تفضل "

أخذ برايان نفس عميق قبل أن يفتح الباب و يدخل حيث وقف قربه ليغلقه بهدوء ثم يُعيد بصره للمشغول أمامه بالأوراق بيده !

هو آمال رأسه ينطق بنبرة هادئة :" يبدوا أن هنالك الكثير من العمل فهل أعود لاحقاً ؟ "

صوته كان كفيلا بإخراج جين من تركيزه العميق ذاك مع عيون متسعة ، هتف بصوت هادئ بحيرة تامة عن ذلك الضيف غير المتوقع ناهضاً من كرسيه ليتقدم إليه ويستقبله كما يجب مع ابتسامة مرحبة " برايان أهلا ، ما هذه المفاجئة الغير متوقعة ، تفضل بالجلوس "

و الآخر رسم ابتسامة هادئة على شفتيه بينما تقدم بهدوئه المعتاد :" أظن كان علي القدوم منذ زمن حقاً ! لكنني انشغلت بالكثير للحق "

أومأ جين بتفهم وهو يقوده للجلوس على الاريكة ليجلس هو مقابلا له بابتسامة

:" أفهم هذا ،لديك الكثير بالفعل لفعله "

اخفض راسه وهو يردف بنبرة غريبة بعض الشيء :" سمعت من ليو انك من كان يعتني بالفين"

رفع رأسه وهو يتابع كلامه :" أنا مدين لك بهذا برايان، حقا لا أعرف كيف يجب أن أشكرك على توفير مكان له للتواجد ورعايته"

أومأ برايان له بخفة دون تعليق على جملته الأولى قبل أن يقطب حاجبيه ليميل برأسه بتقطيبة ما :" سمعت من ليو ؟ "

لكنه أبعد تلك الملامح و حيرته كونه يدرك أن لا شيء حقاً غير متوقع من ابنه :" لست كذلك بالواقع كوني بذلك الوقت وجدته الوسيلة الوحيدة لي قبل ليو العودة للمنزل ! أنا حقاً وقتها كان علي التفكير بالاتصال بك أو محادثتك بشأن آلفين لكن ذلك لم يحدث !"

أكمل بعد أن تنهد :" ليو بتلك الفترة صحته كانت تنهار بشكل تدريجي لذا كل ما أردته هو ابعاده عن كل ذلك و مغادرة تلك الاجواء المشحونة "

جين رغم أن مشاعره كاب كانت تعترض بقوة على انشغاله عن إبلاغه لكنه عند تلك النقطة اكتفى بأن اومئ بهدوء مجيبا اياه " لا بأس الذنب ليس ذنبك حقا ، انا من أخطأ بتسليمه للشخص الخطأ ، لم أكن أعلم بما يكنونه له ، يكفي أنه كبر بمكان جيد "

اردف  بقلق " هل عرفت اي شيء ؟ هل تعلم بما يحاول ليو القيام به ؟

استمع برايان له بخفة بينما بات لديه فكرة حول ما حدث كون أسرته لم تقصر حقاً !

لكن انتباهه تشتت بفعل عبارته تلك قبل أن يتنهد :" لا ، أعني أعلم أنه يخطط لمصيبة ما على الأغلب ! و أدرك حقاً أنه و آلفين تمكنا من معرفة ما لم نعرفه نحن "

أسند جسده للخلف و هو يغمض عيناه :" للحق آلفين قال لي اليوم أن من كان السبب وراء ذلك أتى له قبل أن أجده و ليو لذا هو يعرف هويته منذ وقتها ثم حاول اخباري أنه لا يعرف المزيد و هو ما لا أصدقه حرفيا "

جين عيناه اتسعتا مِن سماع تلك الاخبار الجديدة ، لم يكن يريد له أن يتورط هو الآخر  أكثر مما حدث وفكرة أنه قابله بذلك الوقت ترعبه فرغم  عدم معرفته بال بشكل جيد لكنه يستطيع توقع ما قد يحاول فعله خصوصا وأنه يلوم نفسه !

اخفض راسه يصر على أسنانه قبل أن يتحدث بأسى " من الفظيع كيف أننا فشلنا لهذا الحد ، كان يفترض أن نقبض عليهم  قبل مضي الخمس سنوات لكن الآن مرت بالفعل ثمانية ونحن لم نصل لطرف الخيط وبالنهاية تورط الاثنان من  جديد بسبب عدو لا علاقة لهما به ، فقط لما توجه إليهما ؟ كان عليه فقط التوجه الي ! هناك عدة طرق أخرى فقط لما هذه بالذات ؟!"

رفع رأسه يحدق ببرايان بقلق ضاماً  يديه لبعضهما " وماذا سنفعل ؟ كلاهما لا ينوي الإفصاح ، وتدخلنا غير ممكن والوقوف والمراقبة أيضا غير ممكنة ! "

تنهد والد الأصغر بنوع من التعب و هو يومأ سلباً :" لا أعلم ، هو ببساطة بات عدو لكلاهما بطريقة ما و هذا يجعلني حقا أندم على السماح لأي منهما بالعودة و الدراسة هنا ! أردت أن يسير كلاهما للأمام و ليس الغرق بتفاصيل الانتقام "

شد جين على يده أكثر وهو يجيب بضيق :" هذا سيء حقاً  ، المشكلة أنهما اعند من سماع كلام اي احد لو كان الأمر ممكنا لقلت خذهما وغادر وحسب لكن هما لن يستمعا غالبا ! "

تنهد و هو يومأ :" أجل ، ذلك فقط يمكن أن يحدث بحال قمت بخطفهما ! و قبل أي محاولة لسحب اي منهما علي معرفة إلى أي حد تورطا فليس و كأن السفر يعني أنهما بأمان ثم ... "

ابتسم بسخرية نادرة ما تظهر :" اظن أنه ما عاد يمكنني سحب ليو كونه نجح بسرقة إدارة الشركة خاصتي ! ليس قبل حفل الدمج و الذي كما يفترض سيعيد كل شيء بعده لما كان عليه "

تنهد مرجعا جسده للخلف ، وضع يده على جبينه وهو يهمس بأرهاق " فقط أتمنى لو كان كل هذا مجرد حلم ، لكنه ليس كذلك للأسف "

أبعد يده قبل أن يعدل من وضعية ظهره إلى وضع مستقيم وتحدث بشيء من التعب " للحق وضعت بعض الحرس ليتبعوا ليو رغم أني لا أظن أنهم سيكونون ذوي نفع كبير لكن فقط بحال حصل الأسوء  ، يبدو أنني ساضطر لوضع البعض لآل ، هذا كل ما يمكننا فعله بينما نتحرى عن ما يجري بنفسنا"

أغلق عيناه قليلاً :" أتمنى أن يجدي شيء كهذا لهما "

*

- :" للعلم هذا يُدعى اختطاف ليو فهل جننت أكثر مما أنت عليه ؟ "

و تلك الجملة نطق بها سيتو الذي كان يقف بغرفة كبيرة نوعاً ما احتوت على أثاث بسيط للغاية رغم الفخامة التي بان بها !

و بمُنتصفها تماماً وضع ليو شاب بدى بالسادسة عشرة من العُمر بعد أن تأكد أنه بخير و دون أي إصابات بسببهما على الأقل قبل أن يقف و يشير إليه و هو يُحدق بسيتو :" أتعرف من يكون هو ؟ "

- :" بحسب الهوية التي يمتلكها فهو الشقيق الأصغر لسامويل صحيح ؟ و رغم كونه كذلك ما حاجتك إليه ؟ أنظر إلى ملامحه الشاحبة ، جسده يكاد يختفي و هو مليء بعلامات التعذيب التي قد يتم إتهامنا بها إن وجده أحد هنا ليو ! "

أجل ، كلماته كانت منطقية و بشكل كامل ذلك المختل قد يفعلها و ربما إيرنيست هذا لن يُمانع قول أنه و سيتو من فعلها لكن من قام بتعذيبه هكذا و لما ؟

سامويل هو واحد من أشهر مديري الأعمال بل يعتبر حتى أسرة سوين كالخدم ! ، ذلك الشخص بمستوى آخر تماماً عنهم فكيف أُصيب شقيقه بكل هذا ؟

هنالك إحتمالان فقط و الأول أن هذا الصغير بتلك العصابة و قد خطف أو خرج من شجار عصابات تواً ، و الثاني هو أن شقيقه الفاعل ؟

و رغم معرفته مدى دنائة سامويل لكنه استبعد الخيار الثاني فلماذا قد يؤذي أحدهم شقيقه ؟ لذا أعاد بصره لسيتو بجد :" سأتحمل المسؤولية أعدك ! لذا و بشقتك السرية هذه اسمح له لي بإبقائه هنا فقط سنغلق باب الشقة جيداً و سأتأكد من تضميد جراحه الان و انت اشتري له بعض الطعام لعدة أيام "

تنهد سيتو و هو يغلق عيناه ليسير لتنفيذ ذلك بينما يدعو بداخله أن لا ينفجر قريباً حقاً ! ما بال كل هذا التهور و لأجل ماذا ؟

و فقط هذا لما يجب أن يهمه ؟ إن كان لن يدخل السجن بسببه فهو إذاً لا يهمه ...

و ليو أعاد بصره للشاب الفاقد للوعي بينما يذكر كيف انهار جسده أمام السيارة و بمعجزة ما توقفت قبل أن تصعد فوق جسده بعدة إنشات ! ...

**

الأحاديث استمرت بشكل سلس ورغم ثقل الأجواء من حين لآخر لكنها كانت أول مرة يشعر كلاهما بهذه الراحة . الحديث بصراحة عن صغيريهما، تفاصيل حياتهما وتذكر كل محاولاتهما من الماضي وما سيفعلانه بالمستقبل جعل الوقت يمر دون شعور منهما ، كان أمام كل منهما ثاني كوب قهوة احظره مساعد جين لكي يكملا حوارهما دون ازعاج . تسائل جين وهو  يمسك الكوب بيمناه وقدماه تقاطعتا فوق بعضهما " اذا هل ستستقر هنا ؟بالبداية كانا وحدهما هنا صحيح ؟ هل بعد دمج الشركة ستعود لمنزل اسرتك ؟"

ارتشف برايان من فنجانه القليل قبل أن يُعيده مُجدداً لمكانه :" ليس حقاً ، لورين قد تفعل لكن لازال لدي عمل هناك أيضاً "

هو أراد أن يتابع المزيد ربما عندما فتح باب المكتب فجأة دون طرق على الباب حتى ليلتفت كلاهما للقادم حيث اتسعت عينا برايان قليلاً بينما شهق القادم مكتفاً يداه يشير له :" أنت ماذا تفعل هنا ؟ "

وجين رمش للمفاجئة الثانية بذات اليوم ، ابتسم بقلة حيلة قبل أن يطلب من ليو الانضمام لهما " أهلا بك توقيت مثالي ، كنا نناقش بعض الأمور ، عن بعض القطط التي تعبث هنا وهناك ربما ؟"

برايان أعاد إمساكه لفنجانه الخاص و هو يحدق به بطرف عينه :" هل نسيت أخذ الإذن منك دون أن أعلم ! "

حدق ليو بوالده بعبوس تام قبل أن ينظر لجين لينطق :" أنا لست قطة ! آل قد يكون كذلك للحق "

أعاد بصره لوالده يكتف يداه :" أنت تتنمر علي للعلم ! "

جملته تلك جعلت برايان ينهض و يقف أمامه بحاجب مرفوع :" إذاً ماذا تريد أنت ليو من القدوم ؟"

و المعني عبس تماماً قبل أن يشيح بوجهه :" لأخبره أن العرض بحفل الدمج قد يكون مهيناً لشقيقه ربما ؟ أو زوجته لا اعلم! "

كلماته تلك جعلت والده ينطق بتحذير :" ليو ! "

وجين قطب حاجبيه يلتفت بجسده نحو ليو وعلامات الاستفهام على وجهه " بالحديث عن هذا ، اطلعني أولا على ما حدث ، ماذا فعل ؟! تشارلز ليس من النوع السيء فماذا حدث حقا ؟! أستطع استنتاج أن زوجته السبب لكني لم أعلم بعد ما فعلاه، لا يمكنني الموافقة دون معرفة التفاصيل "

و الأصغر تجاهل تحذير والده و بان نوع من الشر على ملامحه فجأة :" أعتذر لكنني لا أطلب الموافقة للحق ! "

كتف برايان يداه ليعبس ليو فوراً قبل أن ينطق بإنزعاج :" اتهمته هي و شقيقتها بالسرقة ! و فوق ذلك قامت برفع قضية ضده لتحصيل المال قبل موعد محدد و إلا سيسجن ! أنا جعلتها تحول القضية ضدي و سأعيد مالها إليها بشكل مذهل فقط "

و ابتسامته تلك عادت مجدداً فهو حقاً لديه طريقة مميزة ! ..

جين هتف بصدمة حقيقية " لما ؟! ما كل هذا ؟!  "

نهض وهو يضيق عينيه يتحدث بشيء من الانفعال البسيط لأول مرة منذ زمن " ساتصرف معهم ، دع أمر المال لي "

اردف بشيء من القلق والحزن " هذا فقط....سيء بشدة ، الفين الآن سيفقد ثقته بالجميع من جديد !

أجابه بسخرية بينما تراجع برايان بنوع من الصدمة فهو لم يتوقع أن الأمور سيئة لهذا الحد !

-:" لدي دليل على كذبهم ! لست بحاجة لأحد ليتصرف ، أنا سأفعل و بطريقة تجعل أي مختل آخر يفكر بالعبث معه أن يندم "

بعثر خصلاته بعدها :" و فقط لأنها تنوي أن تجعل ابنتها تتزوج ابن شقيقتها و آنجيلا بالفعل وقعت بحب آلفين لذا ارادت ابعاده "

حدق برايان بابنه و ملامحه ، تلك الملامح تخبره أنه سيفعل ما يريد ! سيتجاهل الجميع فقط لفعلها و هذا يدله على كون ما حدث آذاه هو الآخر و بشدة ! ...

جين أراد الأعتراض ،أراد أن يحل الأمر بشكل آخر ، يشعر أنه الملام على كل ما حدث لكنه يدرك بذات الوقت أن ليو هنا ليبلغه لا ليسأل عن رأيه حقا إضافة إلى أنه هو الآخر لم يكن راضيا عن ما جرى .تخيل مشاعر ال كانت كفيلة بجعله يشعر بقلبه يؤلمه بشدة لذا حدق بليو نظرات حملت رجاء وحزناً بالوقت ذاته " أيمكنك أن لا تأذي تشارلز؟ أثق انه لا يعلم شيئاً ، وبطريقة ما انا الملام لأني كنت   اجبن من الحديث مع الفين ،يمكنك فعل ما  تريده مع زوجته واختها  لكن هو .... أرجو أن لا تبالغ حتى لو قررت معاقبته "
اخفض راسه بأخر كلامه يشعر بنفسه ممزق بين شقيقه وبين مشاعر آبنه الذي ظلم للمرة الثالثة وعلى يد أسرته !

و المعني حدق بالأكبر و قد تحولت ملامحه بالكامل !

بدى و كأن مشاعره بذلك اليوم عادت للاشتعال مجدداً ، حيث طغى البرود على ملامحه بشكل كُلي هو قال مرة أنهم أخرجوا الوحش بداخله و قد حدث حقاً ...

و أول ما فعله كان أنه نطق بشكل ساخر :" تشارلز ؟! و من يكون هو لأنظر إليه حقاً ؟ ليس أكثر من شخص عديم الفائدة و تجاهله بشكل كلي هو الأفضل ! "

تقدم بذات تلك الملامح و بحدة تابع :" ثم لا ترمقني بتلك النظرة التي توحي برغبتك بحل الأمر بطريقتك ! لما علي أساساً إنتظار أي من تلك الطرق السلمية عديمة الفائدة و أظن أنه يفترض بكلاكما إدراك أنها لا تنفع ! "

هو كز على أسنانه بينما أردف بحقد تام :" يجدر بنا التصرف بطريقتنا إن كان يجب علينا إغلاق أفواههم السخيفة للأبد و ما هو الأفضل سوى بإقحامهم بالسجن ! "

طريقة حديثه و ملامحه كانت صادمة لبرايان الذي لم يرى صغيره قط بها من قبل ... ذلك الغضب بل و عدم الثقة بأي مخلوق آخر ألمه حقاً ! ...

كلماته توحي أنه بالفعل اكتفى من الحلول التي يقترحها هو أو غيره و التي على الأغلب تتضمن تجاهله لكل ما يقوله الغير ليعيش ...

و قبل أن يدرك ذلك هو كان قد تقدم ليجر ابنه من يده و يعانقه ؟!

و تلك الحركة جعلت ذلك المشتعل فجأة يزداد غضبه إلى أن استوعب ما يحدث فشهق بخفة و كأن هنالك من ألقى عليه دلو من الماء البارد ليطفئ ناره ...

هو رمش عدة مرات لاسيما أن والده شد على عناقه أكثر لدرجة أنه كان قادراً على سماع نبضاته ، ثوان أخرى مرت قبل أن يستوعب أين هم الان ليشتعل مجددا لكن من الخجل هذه المرة و يبتعد بينما يهتف بعبوس تام :" فظيع ! متنمر ، الواقع أنت أكبر متنمر رأيته بحياتي أيها العجوز "

و برايان ابتسم بشيء من الهدوء فهو حقاً أراد إبعاد تلك الملامح عنه و إن بات يدرك ذلك الجزء من شخصية و مشاعر ابنه !

لكنه نطق بأي حال :" ألا يحق لي معانقتك ؟ رغم أنك من قمت بعناق والدت..."

يد الأصغر التي وضعت على فمه منعته من الكلام بينما هتف :" هل جننت أنت ؟ فظيع "

و اجابة برايان تمثلت بسحبه لأذنه بقوة :" هل نسيت مع من تتحدث ؟ "

وجين لاحظ ملامحه هو الآخر لكنه لم يجد شيء لقوله ، ملامح ليو جعلته يوقن أن ما حدث ألم ليو بشدة وقطعا هذا يعني  أن ال بحال يرثى لها !

تصرف برايان جعله يتنهد بشيء من الراحة دون أن يعلق وعقله شغل كليا بأبنه الذي يشعر وكانه ابتعد عنه عشر خطوات بدل الواحدة ورغم كل شيء رؤية عناق برايان لابنه جعلته يتنهد مبتسما  وهو يفكر باعماقه هل سيأتي يوم ويعانق هو ال بذات لشكل ؟

أبعد برايان يده مع سماعه لتنهيدة جين بينما نطق ليو من فوره بتذمر :" متنمر ! "

ضحك برايان بخفة قبل أن يحدق بجين بهدوء :" أعتذر على ذلك ، الآن أظن أننا سندعك تكمل عملك "

و الأصغر حدق بجين و هو يخفض بصره :" أنا أعتذر على طريقة حديثي لكن ليس محتواه ! و أنا بأي حال لن أقترب من شقيقك و للحق فقط لأنه حقاً لا يستحق سوى التجاهل ! "

وجين ابتسم مطمئنا اياه " لا بأس للحق اظنني بدل التذمر علي شكرك بالنهاية  الفين غالبا  يشعر بشعور فظيع "
اردف وقد زالت ابتسامته " أعلم أن لا داعي للتوصية لكن من فضلك  اعتني به ، مهما قال إنه بخير فهو غالبا يكذب "

قبل أن يغادرا تحدث جين بشيء من الهدوء مخفيا معناه بشكل رمزي  موجها حديثه للاكبر" برايان ، قد آتي لزيارتك عما قريب

حدق برايان به و هو يومأ :" بالطبع ، بأي وقت "

ليو حدق بكلاهما بحاجب مرفوع قبل ان يحرك كتفيه بلا اهتمام حقيقي ...

وفور رحيلهما كان  ذلك كجرس تنبيه لعقله ،  أنه لا بأس بالانهيار الآن ! جلس على الاريكة مغمضاً عينيه بتعب ويده تغطيهما، همس لنفسه بألم حقيقي ، يشعر بالغضب وآلالم من كل شيء ولأول مرة بحياته يتمنى لو يجد الفاعل امامه وسيقتله بدون
ذرة تردد واحدة ودون انتظار إثبات اي شيء حتى متجاهلا ضميره كقاضي فغريزة الأبوة لديه كانت أقوى من أي شيء آخر !
"و مجددا فشلت ، تبا فقط ،  اسف حقا يا بني ، اسف انك تملك آب سيء لهذا الحد !"

**

و تمضي الأيام بنا للأمام دون أن تتباطئ و لو بمقدار بسيط للغاية , تخبرنا أنها لن تتوقف حتى تصل للنهاية تلك التي هي شيء مقدر للجميع بما فيه كل ما نعيش لأجله و نحارب بكل ما نملك لحمايته !

الأيام ستدور لتنهي وجودنا و كل ما آمنا به يوماً , و رغم هذا نحيا , نسير معها للأمام يومياً نقاتل بكل ما نملكه من أسلحة و إن إضطررنا لأن نجثو على أقدامنا فنحن بطريقة ما سنجد الحل للسير معها نحو نهاية محتومة ...

و بأي حال ذلك هو ما يتميز به كل بشري مهما كان عرقه , ديانته , طباعه سواء كانت رمادية باهتة أو سوداء داكنة أو بيضاء كما الثلج ! جميعنا سنقاتل و نحارب لنكون كما نرغب , رغم معرفتنا أن النهاية قادمة بلا ريبة ..

أسبوع كامل مضى منذ آخر مرة تواجد بها قرب توأمه , عندما شك الأكبر بأنه آبيل ذاته و هو نجح بطريقة ما بإبعاد تلك الشكوك بشكل كُلي ربما ؟

و حقاً لا يعلم لما يفكر بشكل متشائم هذه الفترة , تنفس بعمق فهذا ليس وقت التفكير حقاً فهو عليه بعد نصف ساعة الذهاب لأجل الإتفاق على شراء كمية من المخدرات كآبيل , و هناك الشرطة ستظهر كما خطط مع مارسيل ! ...

و لسبب هو يجهله أخرج هاتفه و بدأ بتسجيل رسالة صوتية لتوأمه حيث وقف قرب الميناء بعيداً عن البقية يبعد مغير الصوت بينما يتأمل السماء ينطق بنوع من الهدوء :" أخي أنا لست بغاضب بفعل آخر موقف بيننا , و لا لأنك طلبت من مارسيل العناية بي فأنا أعلم تماماً ما تفكر به ! "

تنهد قبل أن يكمل الحديث بنبرة غريبة هادئة :" أنت خرجت عن طبيعتك لحمايتي من خاصتي ! , أعلم أنك تعيش برعب منذ حاولت قتل زوجة أبينا و أنا طفل ! , أنت رأيت الكثير من الظلام بعيناي و أدركت كم يمكنني الإنحراف عن الطريق السليم , أنني إن وقعت لتلك الظلمة بعيناي فلا شيء قد يخرجني لكنك أخي ألطف من خوض هذه الحياة , رفضت أن أتعلم كيف أشاجر أي أحد خوفاً من ذلك و اجبرت نفسك على أن تكون أقوى رغم أن شخصيتك لطيفة حقاً "

هو رمش قبل أن ينطق بلطف تام :" لكنني لم أعد طفلاً ، أعرف الحدود التي علي عدم تجاوزها و هنري أنا حقاً أريد العيش معك بسلام بعيداً عن كل هذه الضغوطات لذا أرجوك تذكر هذا دائماً ، أحبك للأبد "

خلال هذا بالفندق حيث يجلس المعنى بتلك الرسالة وبعد كل ما جرى مع الصغير ومع هاري كان يستعد لاجل تلك المهمة المنتظرة، يشعر بنفسه مسؤل عن سلامة شخص ما وهذا كان يوتره ويدفعه لبذل جهده . اهتز هاتفه معلناً وصول رسالة كانت كفيلة بجعله يخرج من ذاك المزاج وتلك الأفكار ليفتحها بسرعة ، رسالة صوتية من تؤامه ، فتحها بلهفة تامة ليصل الصوت له ولالكسندر الذي كان يراقبه بقلق بسبب رؤية اضطرابه

سماع ذلك جعل عيناه تتسع، قلبه انقبض وشعر بالرعب  لسبب يجهله. شيء ما كان خاطئ هنا ! أسرع يرن على رقم تؤامه ينتظر منه أن يجيبه لكي يتمكن من الذهاب واخذه فورا !

بالطرف الآخر كان لا يزال يتأمل زُرقة السماء تارة و البحر أمامه تارة أخرى ، لكنه أجفل فور رنين هاتفه !

رفعه و يحدق بالشاشة بنوع من الحيرة فلما هو يتصل ؟  توقع رده عليه برسالة أخرى لكن ...

ابتسم بخفة و هو يفكر بأن توأمه يعرفه حقاً لذا أجاب بابتسامة مشرقة :" ماذا لا تقل لي أن مشاعرك فاضت أخي ! "

أجابه هنري بصوت حمل خوف حقيقي عليه لم يخفى عليه أو على ألكسندر " أين أنت الآن ؟ أريد رؤيتك "

رمش الأصغر قليلاً بعدم فهم فلماذا هو خائف ؟

أما هاري فقد عبس قليلاً :" ما بال هذه النبرة ؟ أنا فقط خرجت غاضباً أتذكر ؟ و لم أرد أن تفكر بالأمر كثيراً لأنني أعلم أنك ستلوم نفسك و أيضاً لم تفكر بالمحتوى حتى أخي ! "

أجابه هنري  بشيء من الضعف الذي نادراً ما يظهر " أعلم ، فقط أرجوك دعنا نلتقي ، أريد أن أراك "

أومأ له بخفة و هو يحدق بساعته بتوتر قبل أن ينطق :" ما رأيك بعد ساعة و نصف دعنا نلتقي لتناول الطعام معاً !؟ "

تردد بالقبول أو الرفض لكن ساعة كانت أمر جيد بطريقة ما أو هكذا حاول ان يفكر ، وافق على مضض " حسنا ، لا تتأخر ، اتفقنا ؟ سانتظرك"

ابتسم له بخفة :" جيد إذاً أنصحك بإختيار أطباق لذيذة تتبعها حلوى مذهلة ! "

أردف بعدها بهدوء :" و دعنا نتقابل خارجا إن أمكن ! "

تردد قبل أن يوافق ،التفت يحدق لاليكسندر يسأله رغم أنه كان قد قرر بالفعل " لا مانع لديك من الخروج برفقتي صحيح ؟ "

و المعني أومأ له سريعاً :" أجل لا بأس "

تنهد براحة قبل أن يرجع الهاتف إلى اذنه " حسناً  أخي أراك بعد قليل اذا "

و الاصغر أومأ بخفة :" أجل ، و ابعد أفكارك المظلمة أخي عن عقلك ! "

و ربما عبارته تلك هو نطقها لنفسه قبل توأمه ...

أجابه رغم عدم اقتناعه لسبب مجهول " لا بأس سأفعل "

اومأ له ليغلق الخط ويعيد جهاز تغيير الصوت قبل أن يسير باتجاه العصابة لأداء تلك المهمة التي ستفسد بأي حال بسبب تدخل الشرطة

بالطرف الآخر  هنري أغلق الخط وتنهد بتعب ، شيء ما كان يزعجه ولم يعلم أهو فقط ما يخطط له أم شيء سيء سيحدث؟رمى بنفسه على السرير يغمض عينيه في محاولة للنوم املأ أن يرحل هذا الشعور الخانق
*********
يتبع
أرجو أن يعجبكم
الفصل من كتابة  Coldsnow5

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top