مغترب


يقول قائل:

"مغترب عن روحي ، ولا أجد إليها سبيلا..طفت مدائن وقرى سكنها كل شيء إلا الورى .جبت أقطار الارض

وأراضي السماء ، قطعت وديان الننهار وأنهار المساء ،ركبت موج الألم في زورق الأمل ، ورسوت في شاطئ النور

دونما وجل..سرت فيما يسيره سائر الى حلمه دهرا ، لم تطح بعزائمي زعائم الشرور وحاشيتها مهما اتتني

رياحها بما تشتهي ولا اشتهي ، واكتفيت بأن همست الى نفسي ان انفضي عنك غبار رياحها والى درب سعيك

انتفضي. غصت في غياهب بحر العجائب، وما عجبت إلا لقوم ملأوا إيوانهم بلحم أحدهم .قلت أتملأون بطنكم

ببطون ولحم من هم منكم؟قالوا نحن قوم بلغ بنا الجوع والظمأ ان ألقينا بأحدنا الى البحر وربطناه ، فتحلقت

حوله ذوات الزعانف ونهشت جلده وعظامه نهشا حتى  اذا استحال اشلاءً استيسر لنا حمله ، فهرعنا إلى انتشاله

نملأ به ما خوى من بطوننا الجوعى قبل أن تسبقنا بنات البحر من السمك وترحل.قلت عجبا لكم من قوم ! قالوا

اتهزأ بنا ؟قلت حاشا للّٰه ،إنما اثار عجبي أنكم تتركون السمك وهو أجدر بالأكل وتأكلون من هو من طينتكم.

فاشتاطوا غضبا ورجموني بما وقعت عليه ابصارهم المحدودة من حصيات وخشيبات ، وصرخوا أن اِرحل عنا يا

شيطان يا ملعون يا من تجرأ على التفكير بأخذ الحياة من سمكة لنملأ بها بطوننا!

فسابقت الريح حتى نأيت عنهم وابتلعهم الافق ، وواصلت رحلتي تلك ، حينا ألقى امثال متحجري العقل اولئك

وحينا تربطني الاقدار بغيرهم ممن تحفل بهم البشرية من غرائب الطباع والطبائع ؛فما كان مني  حينها إلا أن

غضضت بصري عنهم خشية ان اصير منهم ،فانظر ولا ابصر ،واسمع ولا استمع وهلم جر!

وصعدت السطح ،ونفضت عني شوائب بحر العجائب ذاك وعدت لرحلتي...وانتهى بي المطاف الى حيث رسوت

في بادئ ذي بدء ،ففككت رباط زورق الأمل خاصتي و جعلت ابحر عائدا للديار ، وقد عبرت الوديان والانهار

والجبال والصحاري ، ولا زالت مغتربا عن روحي ولا اجد اليها سبيلا ! "

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top