الفصل السادس عشر

~ كارل ~

للمرة الأولى منذ دخولي لهذا المنزل أجلس معهم بذات المكان ، فأنا بالعادة أنتظر مغادرتهم المنزل لأتحرك بحرية وأعود لغرفتي قبل عودتهم ، أشعر ببعض الأحيان بأنني سجين هنا !

كنت أشعر ببعض الخوف والتوتر وإن حاولت عدم إظهار ذلك للآخرين ، لويس كان ينظر لي ويبتسم بهدوء وكأنه يحاول أن يجعلني أهدأ ، زفرت بشيء من التوتر عندما تحدث ألفريد بصوته الهادئ كالعادة :" كارل أظن أنك تعلم إن حدث لك مكروه فهو سيؤثر سلباً على حياة لويس ، كما أنك تدرك أيضاً أن علاقتك به كسيد كان من الممكن أن تكسر لكن مع الأسف لا أنت أو شقيقك تمكنتم من معرفتها بسبب ذاك الحادث "

صمت بعدها وهو ينظر لملامح وجهي وقد كنت أنظر له ببرود ظاهر بينما بالبداية كانت الحيرة تعبث بي فماذا يريد هو من ذكر هذا الحديث الآن ، والأسوء لماذا يذكر والداي أيضاً وكأنهم لم يكونوا سبباً برحيلهم ، لذا أنا قطبت حاجباي بضيق وشيء من الغضب بنهاية حديثه ليتنهد هو وقبل أن يتحدث أجبته بشيء من الحدة :" وغلطة من تلك كانت ؟"

رفع أحد حاجباه باستنكار بينما وقف جاك وهو يتحدث بغضب :" مع من تظن أنك تتحدث بكل هذه الوقاحة ؟"

كدت أن أقف أيضاً فهو حقاً ومنذ دخولي للمنزل يرمقني بنظرات تجعلني أرغب بتحطيم رأسه لكن لويس حال دون إشتباكنا فقد وقف بيننا ليمنعنا من التصادم ووضع يداه على كتفاي ليبقيني جالساً ليتحدث بعبوس :" لا تتشاجرا أنتما ! "

ثم أردف بشبه ابتسامة وهو ينظر لي بتردد وكأنه يعلم أنني حقاً لا أطيق الاستماع إليه :" أيمكنك التوقف عن استفزازهم رجاءاً ؟"

ابتسمت بسخرية وأبعدت يداه عني لأنهض وأنا أجيبه :" أنا بخير الآن ويمكنني تدبر أمري ، لست بحاجة للبقاء هنا او حتى الاستماع لشخص مثير للإشمئزاز مثلك ! "

قلت جملتي الأخيرة وأنا أنظر للويس الذي أخفض رأسه بخفة بينما نهض توأمه ليتحدث بسخط وهو يدفعني باتجاه الجدار خلال أقل من ثانية :" أنت شخص فظيع ، لقد أنقذك لذا بدلاً من التصرف بهذه الطريقة يجدر بك أن تشكرنا "

أمسكت بيداه وحاولت إبعاده لكنني لم أستطع حتى أن أخفف من قبضته ، نظرت له بحقد وأنا أجيبه :" بل فعل ذلك فقط لإنقاذ نفسه ! لو مت أنا لكان هو الآن يصارع الموت ، وبالرغم من أنني فعلياً لست أفهم لماذا هذه المرة أظهر وجهه المزعج "

وبطريقة ما أصبح جاك هو الآخر أمامي !

ببعض الآحيان أتمنى لو كنت قادرا على إغلاق فمي تماماً ، تحدث ذاك المزعج :" فقط لتعلم أيها اللعين لا أحد هنا يرغب بوجودك حتى لكن فقط نحن سنضطر لفعل ذلك لأجل شقيقنا ! وإلا لكنت حطمت رأسك منذ اللحظة الأولى لك هنا "

ضحكت بسخرية شديدة وأنا أجيبه :" الرحمة ، آرجوك تحدث بشيء لا أعلمه حقا "

كز على أسنانه وقد سدد لكمة لوجهي حيث إصطدمت بالجدار بل ربما إلتصقت به بينما وجهي شعرت به يشتعل وهناك دماء تخرج من فمي و أنفي والأسوء أشعر بالدوار أيضاً ، هذا اللعين يمتلك قبضة قوية حقاً ، تركني لوسيان لأسقط أرضا على ركبتاي بعد أن شهقت بألم وأنا أحاول استرداد توازني بينما ركض لويس بإتجاهي وما إن كاد يلمسني حتى تحدثت بحقد وانزعاج بصوت ضعيف :" لا تقترب مني الآن آتفهم ؟"

نظر لي بنظرة لم أتمكن من فهمها بينما تحدث ألفريد :" حقاً جاك ؟ آتنوي تحطيم جمجمته أم ماذا ؟"

أشاح بوجهه عن شقيقه الأكبر بينما تدخل ديفيد وأبعد الثلاثة من أمامي ليحملني بخفة وانا قطعا حاولت مقاومته بلا فائدة وضعني على الأريكة وبطريقة ما كانت علبة للإسعافات الأولية تطير بإتجاهنا ، نسيت تماما كل شيء وحدقت فقط بها !

ابتسم أصغرهم بهدوء وهو يتحدث :" لدي القدرة على تحريك الأشياء عن بعد !"

حسنا ، سأتجاهل فكرة أنه يمتلك قدرة شبحية كهذه ولكن أن يبتسم هذه معجزة أظن فهو دائما حاد المزاج ! .

شعرت بابتسامة لويس لذا نظرت له وهو أشاح بوجهه فقط ، عاد الجميع للجلوس بينما ديفيد بقربي لإنني أمرت ودون وعي تقريبا لويس بأن يبتعد عني حالياً ، وهذا مزعج فبالرغم من كل شيء هو يبقى أكثرهم أمناً بما أنني سيده ، تحدث ألفريد مجددا :" لنغض النظر عما حدث بالماضي كارل ولنتحدث بما نحن به الآن ، أنت هل أكملت دراستك ؟"

نظرت له بهدوء لأجيب باختصار :" لا "

وضع يده على ذقنه بتفكير وهو يتحدث مجددا :" إذن ماذا عن إكمالها ؟"

تحدثت بسخرية :" مذهل ، ما رأيك بأن أعود للإبتدائية ؟!"

شهق لويس بخفة :" هل تركت المدرسة منذ الابتدائية ؟"

أكمل لوسيان بدرامية :" كم أنت محظوظ يا رجل !"

نظرت لهما بشيء من الاستنكار لاسيما للوسيان فمنذ متى وهو يمتلك جانب كهذا ؟ ضحك ألفريد بخفة :" كلاهما أحمقان لذا لا تهتم بهما ودعنا نعد نحن للجد فحسب ، يمكنني وخلال شهر واحد جعلك تقدم الامتحانات الخاصة بكل السنوات السابقة ثم تسجيلك بمدرسة ثانوية وبأوراق رسمية "

نظرت له بدهشة وصمت فأنا حقاً متفاجئ من هذا العرض بينما أردف هو :" عليك أن تعلم أن هذه الشركة التي أديرها لوالدك ، بالتالي هي لك أنت وكلارنس ، وأنا لست بشخص يسرق أموال أحدهم ! "

أنا فقط حدقت به بصدمة شديدة بينما أخرج هو بطاقة مصرفية وألقاها لي ليتحدث :" كل أرباح الشركة التي حصلنا عليها خلال الأعوام المنصرمة ، ويوجد أيضا هذا الملف به تفصيل لكل ما حدث وتكاليف و الارباح وكل شيء ، يمكنك شراء منزل خاص بك وإكمال دراستك كما أخبرتك لتصبح مؤهلاّ لإدارتها ، لكن لا آنصحك حقا بمغادرتك لهذا القصر ! فأسرة دالتون تطمع بهذه الشركة وهم يحاولون أخذها بالقوة وينتظرون فقط أن يتم شقيقك الثامنة عشرة ليجعلوه يوقع على أوراق التنازل بينما أنت بالنسبة للعالم ميت منذ ذلك الحادث ! "

أكمل ديفيد عنه :" سيحاولون قتلك إن غادرت هذا القصر فهم قطعا علموا بأمر وجودك هنا ، الآن هم سيبذلون ما بوسعهم لإستغلال كلارنس الآن وجعله بصفهم "

شهقت بخفة لأنهض بسرعة متناسيا أمر الدوار الذي أشعر به وأنا أجيبه :" كلار هل سيكون بخير ؟ "

عبس ديفيد وهو يجيب بحدة شديدة :" دع مصاص الدماء ذاك هو من يساعده ، لا شأن لي به "

نظرت له بشيء من القلق ليتحدث ألفريد :" لن يمسوه بسوء فهم يريدونه بجانبهم الآن لتضعف أنت وتسلمهم كل شيء "

تحدث جاك :" قرر هل ستبقى هنا أم تغادر ؟ ولتعلم أن كل ما نفعله هو فقط لأجل لويس !"
.
نظرت بهدوء له لأغادر المكتب دون أن أرد ،
حسنا لا أعلم حقاً ماذا يجب علي أن أفعل !

~ لويس ~

هو بالتأكيد شعر بصدمة لماذا عليه أن يثق بنا ؟ ومن ثم هنالك محاولات إغتيالهم المتكررة !

نحن لم نكذب وكل ما أخبرناه به هو الحقيقي ، فهم ومنذ ذلك الحادث تخلو عن كارل الذي كان يحتضر حرفياً و زوروا أوراق وفاته واعتنوا بكلارنس الذي فقد ذاكرته فقط بسبب الإعلام ، وهم ينتظرون بلوغه سن الرشد ليزوروا توقيعه أيضا  ويتخلصوا منه دون معرفتهم فعلياً بأننا لن نسمح لهم بذلك بسبب وجود العقد ، تنفست بعمق وأظن أن أمره بالابتعاد عنه لوقت قصير انتهى لذلك نهضت وتبعته لغرفته ، وجدته جالس على سريره ويحدق بالسقف ، ابتسمت بخفة لأتحدث بهدوء :" أعلم أنك لا تثق بنا ، وبي أنا بالأخص ولا ألومك على ذلك لكن نحن لدينا سبب دفعنا لكل تلك الأحداث ، بكل حال وكما قلت آنت إن حدث لك أي أمر سيء فهو سينعكس علي أنا لذا لن أخونك هذه المرة مهما حدث ، ثق بذلك وإبقى هنا معنا "

نظر لي ليتحدث بصوت خافت ونظرة شاردة :" لكن لماذا عدت ؟ ألم تكن حياتي بخطر بالماضي ؟ عندما كنت مجرد طفل ، أنا فقط كنت مهددا بالموت من كل الجهات ، البرد والجوع و المرض والضرب ، إذا لماذا الآن عندما أصبحت شاباُ "

نظرت لعيناه وقد ابتلعت رمقي بهدوء لأجيبه :" وأنا لا أكبرك بكثير ! وأيضا من برأيك كان ينقذك بكل مرة تفقد بها وعيك ؟ هذه الغرفة هنا دائما ما كنت أضعك بها ولكن فقط بكل مرة كنا نفقدك وعيك حتى تتعافى وأُعيدك للمكان ذاته ! "

رمقني بهدوء وعيناه لم تخلوا من حقد دفين ، أعلم ذلك فهو كان يعتبرني كصديق طفولة ثم حدث كل ذلك وتخلى الجميع عنه مرة واحدة ليجد نفسه بالشارع دون أسرة أو أي أحد آخر وهذا قطعا ليس بالأمر السهل ، أنا مازلت أذكر ألمه الشديد و نفسيته الفظيعة بتلك الفترة ، بسبب ذلك الحادث هو فقد معنى السعادة بالكامل !

تحدث بصوت لا يخلوا من الألم :" كيف استمرت شركة أبي بالعمل للآن ؟ وكيف يمكنني العودة للظهور مرة أخرى للعلن بعد إعلان وفاتي ؟ وأيضا هل سيصبح كلار ضدي ؟ لويس لماذا لم أمت فعلا بذلك الحادث ؟ فلا معنى لوجودي على قيد الحياة "

نفسيته أصبحت سيئة مجددا لذا جلست بجواره وأنا آجيبه :" إذاً أصنع لنفسك هدف و سبب لوجودك ، أنت تريد حماية شقيقك صحيح ؟ بالنهاية هو لابد له من الاستماع لك حتى لو انقلب ضدك لفترة من الزمن ! "
أشاح بوجهه بهدوء لأغادر وأتركه يفكر براحة .

~ كلارنس ~

بالرغم من تجدد تساقط الأمطار إلا أنني كنت بالخارج وأنا أتدرب على رمي السهام ، ثوان فقط وشعرت بسهم يمر من جانبي ويستقر بالشجرة أمامي ، نظرت للخلف لأجد هنري يقف بهدوء شديد قبل أن يتحدث :" ثيابك خفيفة للغاية كلارنس "

نظرت له بشيء من الاستنكار قبل أن آلتف وأعود لرمي السهام ، وقف هو بجواري ليتحدث مرة أخرى :" صحيح أنني لا أحبك ولكن بصدق وضعك مزعج للغاية ، آعني أصبحت أكثر إزعاجا من السابق "

تجاهلته تماماً ليزفر الهواء بغضب ويعود للداخل بينما لازلت أشعر بالغرابة منه فهو يبدوا مهتماً بي لسبب ما ، وهذا يشعرني بشعور أفضل بقليل .

~ هنري ~

بعد ساعة ونصف تقريبا كنا جميعاً نجلس حول المائدة بصمت ، لم تمضي إلا عدة دقائق ليتحدث كلارنس بصوت خافت :" شبعت ، شكراً "

نظر له الجميع بحنق فمنذ أسبوع هاتان الكلمتان الوحيدتان اللتين تخرج من فمه ، وضعه حقاً سيء للغاية كما أنه فعلياً ليس على ما يرام فهو لا يتناول سوى لقمة أو اثنتين من كل وجبة !

تحدث أبي بحنق :" أنهي طبقك كلارنس "

تجاهل أبي تماماً ليغادر بينما نهض والدي بغضب شديد وأمسك به من ياقة قميصه ليصرخ بحدة :" آمرتك بإنهاء طعامك أتفهم ذلك كلارنس ؟ أم أصبحت أصماً ؟"

هو فقط أشاح بوجهه عن أبي بينما لم يتحدث أو حتى ينظر له !

شعرت بالتوتر بعد أن إلتف وجه كلارنس بالكامل بسبب تلك الصفعة التي تلقاها وقد إحمر خده بالكامل بينما نزفت شفته العلوية !

شهقة خرجت من كريستي بينما وضعت كلتا يداها على فمها ، عمي وجدي ابتسما برضى لما يحدث وكذلك زوجة عمي ، لم يفتح كلارنس فمه بحرف واحد بل فقط توجه لإكمال طريقه لغرفته ، لكن عمي توقف وتحدث بصوت حاد وغاضب :" عد إلى هنا وأنهي طبقك اللعين أو أقسم كلارنس أنني سأطعمك إياه بالقوة الشديدة !"

إبتلعت رمقي بخوف عندما تجاهله أيضا ليمسك أبي به ويجلسه على مقعده لينهض عمي هو الآخر ويمسك بطبق كلارنس الذي كان يخفض رأسه بألم ، ثبته أبي ورفع رأسه بينما أجبره عمي على تناول الطعام وبمقدار كبير دفعة تلو الأخرة ، إمتلئت عيناه بالدموع واحتقن وجهه باللون الأحمر ، فهو يختنق فعلياً ، أردت الإعتراض حقا لكن جدي وقف ليتحدث بابتسامة ساخرة :" تستحق ذلك كلارنس فلو أنك آنهيته بمفردك لما عانيت هكذا ! "

نهض كلارنس عندما أفلتاه وركض لغرفته وأقسم أن دموعه قد إنهارت بالفعل ، تحدثت بسخط :" ألا تظنون أن وضعه يزداد سوءاً ونحن السبب في ذلك ؟ "

نظر لي أبي بحدة ليجيب :" هنري لا تتدخل أبداً "

أجبته بذات النبرة :" أتنوي أن تكون السبب بموته ؟ "

شد أبي على قبضة يده بينما تحدث عمي بسخرية :"
ومنذ متى وأنت مغفل لهذه الدرجة وتهتم به ؟"

أشحت بوجهي وأنا أجيب بهدوء :" لا أهتم وإن رأيته جثة هامدة ، فقط لا أريد أن نكون نحن السبب بموته ! " .

لأغادر أنا الآخر .

~ ديفيد ~

وقفت على شرفة تلك الغرفة وعيناي غارقتين باللون الأحمر القاني ، لدي تلك الرغبة بتحطيم أعناقهم جميعاً !

حسنا لقد قلت سابقاً لا شأن لي به وليقم مصاص الدماء ذاك بالعناية به ، إذن ماذا أفعل أنا هنا ؟ 

بقيت أحدق به وهو يبكي دون توقف بعد أن أفرغ كل ما بمعدته بينما يجلس على الأرضية الباردة بهذا الجو ، مزعج للغاية هو هذا الشعور ، إنه يشعر بوحدة شديدة وضياع تام ، شعرت بأن غضبي يزداد لذا غادرت المكان بسرعة وعدت للمنزل بمزاج سيء فقد تجاهلت الجميع وصعدت لغرفتي لأجلس بها بمفردي .

*******
النهاية

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top