الفصل الثامن

~ كلارنس ~

عند قدوم كين كنت متفاجأ ولكن ذلك أسعدني بالفعل ، أعني إنها المرة الأولى التي يأتي أحدهم لزيارتي أنا ، لكنني حقا لم أفهم سبب تجاهله لكارل ، أيعقل أنه ينظر للناس بطبقية وبما أن كارل خادم فهذا يجعله سيء معه ؟

لكن هو لا يبدوا من هذا النوع أبداً ، تنهدت بهدوء وقد أمسكت بالدفاتر التي أحضرها لأبتسم وقد قررت النهوض لدراستها لكن ما إن خطوت عدة خطوات حتى تعثرت وكدت أسقط لولا تلك اليد التي أمسكتني بخفة ، رفعت رأسي بهدوء بعد أن سمعته يتحدث بضيق :" ماذا تظن نفسك فاعلاً ؟ عليك البقاء بالفراش لعدة أيام لاسيما أنك لم تتناول سوى مقدار ضئيل من الطعام "

أجبته بارتباك شديد بينما كان يعدني لفراشي :" لكن كارل أريد الدراسة وانا حقاً مللت من البقاء بهذا المكان واريد الذهاب للمدرسة "

أردفت بعد أن جلست وهو وضع الغطاء علي وجلس أمامي بصوت خافت لم يخلو من الخوف وقد نظرت لكل مكان إلا وجهه :" انت لم تخبر جدي عن الطعام صحيح ؟ هو لم يأمرك بأن تعاقبني مرة أخرى أليس كذلك ؟"

حسناً أعترف أنا مثير للشفقة بطريقة فظيعة فأنا بدأت بالبكاء وجسدي كان ينتفض دون أن أتمكن من السيطرة عليه ، أجل خائف وبشدة ليس من الجلد فقط ، لا أريد لكارل أن ينظر أو يتحدث لي ببرود شديد ، ليس بعد أن أعتبرته شخص وجوده أصبح ضرورياً ، هو فقط يعاملني بلطف بأوقات نادرة وبالرغم ذلك إعتدت عليه وظننت أن شخص مثلي يمكنه أن يصبح صديقه وأنسى دائما أنه هنا بأمر من جدي لذا أنا فقط خائف ، صدرت شهقة متفاجأة مني عندما شعرت بنفسي بين أحضانه ...

أنا فقط تشبثت بقميصه أكثر وبكيت أكثر وبصوت مرتفع على عكس العادة وكأنني أردت إخباره أنني أتألم وبقوة لذا ليرحمني هو على الأقل ، تمنيت فقط لو يعلم حقاً عن كل موقف كسرني وجعلني أشعر بأن القمامة أهم مني في حياة الجميع ، ولوهلة فقط مر على خاطري أنه مثلهم لا يراني سوى مجرد قمامة لا تستحق الحياة لأتشبث به أكثر وزدت من بكائي كالطفل الصغير .

لم أشعر قط برغبتي بالإفصاح لأحد عن كل هذا ! لكن كارل مُختلف بطريقة لا يسعني حتى أنا تبريرها ..

~ كارل ~

هل أنا حقا تسببت له بكل هذا الألم ، هو خائف مني وهذا مؤلم ، لوهلة فقط ظننت أن خوفه مني هو أسوء ما قد يحدث ، لكن عندما رأيت دموعه علمت أنها الاسوء حقا لذا ضممته إلي وقد توقعت أنه سيبعدني عنه لكن ردة فعله كانت مختلفة ، فهو تشبث بي وأصبح صوت بكاءه أعلى وكأنه يحاول أن يفرغ كل مشاعره السلبية ، لذا ضممته أقوى بصمت دون أن أتفوه بحرف واحد وكم تمنيت لو أنني أمتلك قدرة ما للدخول لعقله ومعرفة ما يفكر به حقاً ، لأعلم إن كنت أنا السبب في كل ما يحدث له الآن ، هل يجدر بي الابتعاد فقط ؟

أحقاً خسرت ثقته بعد أن قررت حمايته ؟ ربما العودة للشارع ولحياة التشرد أفضل بمئات المرات من سماع صوت شهقاته  المتألمة ، فجأة هو زاد بعناقه لي وببكائه ، تلقائيا إحدى يداي ارتفعت لتمسح على شعره برفق شديد بينما تحدثت بصوت حاولت عدم إظهار نبرة البكاء به :" سيكون كل شيء على ما يرام ، لا تخف ولا تقلق ، ستكون بخير أعدك "

أُمي إعتادت على قول ذلك لنا إن بكى أحدنا في الماضي ، فقط لو أنني مت معهما ، لكان الأمر أفضل صحيح ؟ لما كنت سأصل إلى مثل هذا الموقف المؤلم ، فقط أتمنى أن لا يكون كلارنس يشعر بالكره اتجاهي الان ، بعد فترة من الوقت حاول التحرر من عناقي لذا أبعدته برفق شديد !

نظرت له وهو يحاول مسح دموعه بقوة ، تنهدت لأنهض وأحضر منشفة بعد أن بللت طرفها بالماء وهو كان فقط ينظر لي بترقب لذا ابتسمت له بهدوء ومسحت وجهه بها برفق حتى يخف إحمرار وجنتيه وانفه أيضاً ، ما إن انتهيت حتى أخفض رأسه لأجلس بقربه مجددا وأنا أنظر له فقط ، تحدثت بصوت هادئ :" هل تشعر بالتحسن الآن ؟"

لم يجبني هو فقط أومأ برأسه إيجابا دون رفعه حتى، أغمضت عيناي لأقف وأنا أتحدث :" آسف لكل ما فعلته وتسبب بإيذائك لكنني قررت الرحيل من هنا ، أرجوك فقط سامحني إن إستطعت ذلك "

لأنحني بعدها بينما هو لم يجب ، لم يتحرك ، ولم يرفع رأسه حتى ! شعرت بألم بقلبي قبل أن أغادر جناحه الخاص وأتوجه لغرفتي بالقصر .

~ كلارنس ~

مهلا لحظة هل قال للتو أنه سيرحل فقط ! أهو جاد ؟ لم أتمكن من التحدث أو إجابته فقط أبقيت رأسي منخفضاً بينما عيناي توسعتا وقد عادت الدموع اللعينة لتتجمع بهما ، أهو حقا سيرحل ؟ أيحق لي أن أرفض رحيله أو أن أمنعه من ذلك ، لكن كيف ؟ كيف سأتجرأ حتى أن أطلب منه ذلك ؟

دائما وأبدا عندما كنت أطلب من أحدهم أي شيء كان الرفض هو الجواب لذا فأنا توقفت عن محاولة طلب أي شيء مهما كان تافها ، لكن الآن ما أريده ليس تافهاً فهو يتعلق بحياته وما يرغب هو بفعله ، بعد مغادرته للغرفة عدت للبكاء بضعف مرة أخرى وأنا أشعر بأن روحي باتت تتمزق لعدة أشلاء دون أن أعلم السبب سوى فقط أنني أتألم وبقوة .

~ كارل  ~

مضت ساعتان منذ غادرت غرفة كلارنس لذا بدأت بترتيب حقيبتي المهترئة أساسا وثيابي القديمة التي كانت معي منذ الأساس ، من الجيد أنني لم آتخلص منها او من معدات تنظيف الأحذية ، سمعت صوت فتح باب غرفتي دون أن يطرق أحدهم الباب لذا إلتفت بغضب سرعان ما تبدل لدهشة وأنا أحدق بكلارنس الذي كان ينظر لي بعينان حزينتان ، سرت بسرعة بإتجاهه لأجلسه على فراشي وأنا آتحدث بهدوء :" كم مرة علي أن أخبرك لا تتصرف بتتهور واعتني بنفسك أرجوك "

بصوت خافت للغاية بالكاد سمعته بقربي منه تحدث :" سأفعل أي شيء فقط لا ترحل "

نظرت له بدهشة حقيقية بينما هو كانت يحدق بي برجاء شديد وعيناه منتفختان من البكاء ، أجبته وأنا أجلس بحيرة :" هل تعني ذلك حقاً ؟ لا تريد أن أرحل "

أومأ إيجاباً لابتسم بشدة وأنا أردف :" حقاً ؟ لقد ظننت أنك تكرهني الآن لذا قررت الرحيل فقط ، إذن ما رأيك أن نصبح صديقان ؟ "

~ كلارنس ~

لا أدري كيف تجرأت حقا على النهوض والتوجه لغرفته فقد قررت أن أحاول على الأقل ، وأنا أدعوا فقط أن لا يحطمني برفضه ، أول ما هز ثقتي بنفسي هو نظرته الغاضبة التي رمقني بها عندما دخلت غرفته لذا صمت تماماً بينما هو أجلسني على سريره بهدوء وبدا منزعجا لانني أرهق نفسي ألا يعني هذا أنه يهتم بي ولو قليلا أم هذا الحذر بسبب عمله ؟

بكل حال لقد فعلتها طلبت منه البقاء معي وإن لم أثق أنه سمعني لولا ملامح وجهه التي تبدلت للحيرة وهو يطلب مني تأكيد طلبي ، تباً ألا يعلم أن الطلب منه قد استنفذ كل ذرة جراءة أملكها لذا فقط أومأت برأسي إيجابا وأنا أشعر بآنه تم رفض الطلب ببساطة لكن فجأة تلك الكلمات التي قالها ويده الممتدة أمامي جعلتني حقا أتسائل هل أشعر بالسعادة الغامرة أم بالحيرة ، نطقت بخفوت :" صداقتي أنا ؟ هي لن تفيدك بشيء فأنا مجرد جبان وأحمق عديم الشخصية وفوق كل ذلك .."

وضع يده على فمي لأصمت بينما تحدث هو بابتسامة دافئة :" بل أنت شخص صادق مع نفسك والآخرين لطيف وطيب القلب للغاية ، لذا لا تتحدث عن نفسك بكل هذا السوء "

أومأت له بقوة لأضمه أنا إلي وهو يبدوا انه صدم من ذلك ، حسنا للحقيقة حتى أنا صدمت من نفسي ولكنني الآن أشعر بسعادة غامرة ، لقد كسبت صديق حقيقي وأيضا هو لم يرفض طلبي بالبقاء معي ، هذا اليوم حقا يمكنني أن أسجله بأنه أفضل أيام حياتي !

~ الكاتبة ~

مضى ذلك اليوم بهدوء وقد توجه كلارنس لمدرسته صباح اليوم التالي برفقة كارل الذي بقي طوال الوقت بسيارته أمام مبنى المدرسة ليتأكد من أن كلارنس بخير ولم ينهار  فجأة

~~~
نهاية الفصل الثامن

فصل كامل فقط عن كارل وكلارنس وبداية صداقتهما ..

بحفظ الله

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top