الفصل الثالث عشر
~ كارل ~
كنت أسير بلا هُدى بالطرقات فكل ما أرغب به حالياً هو العودةإلى منطقة المشردين التي أتيت منها , ليس وكأنني سأبقى فقط بالشوارع بمنطقة للأغنياء , لدي القليل من المال بما أنهم دفعوا لي مسبقاً ثمن خدمتي لهذا الشهر , لكن من سيقبل التوجه بي لتلك المنطقة ؟
بل أسوء إن وجدت مجنوناً ما سيقبل أخذي لمنطقة العصابات و الفقراء تلك فلن أسلم من العصابات بما أنني قدمت بسيارة أجرة , يكفي أن بعضهم رآني وقد ذهبت بسيارة فاخرة كتلك , ويبدوا أن مصيري هو القتل على أيديهم !
شددت المعطف الذي أعطاني إياه كلارنس أكثر كما وضعت الوشاح على وجهي أيضاً فأنا أشعر ببرد شديد وجسدي يرتجف أظن أن الحُمى قد عادت مجدداً , وياله من توقيت مذهل فالسماء تُنبأ بتساقط المطر قريباً وهذا قطعاً سيكون أسوء ما يمكن حدوثه بمثل حالتي , بصدق لقد نسيت كيف تمكنت من البقاء على قيد الحياة طوال هذه السنوات ؟
بطريقة ما أشعر بأنني لا أعلم ماذا كان يحدث لجسدي عندما أمرض أو أصاب , فما إن يغمى علي بسبب الألم أو التعب ومن ثم أستيقظ مجدداً يكون الشعور بالتعب أو الألم قد إختفى تماماً , وببعض الأحيان أفقد وعيي ببداية الأسبوع وعندما أستيقظ نكون في وسطه !
أتسائل دائماً إن كان جسدي قد إعتاد على الألم لذا هو يشفى بسرعة ؟ أو فقط هنالك من يقدم لي يد العون وأنا فاقد للوعي ؟
سخرت على تفكيري بهدوء فمن سيقدم يد العون لي ؟ تنهدت بعمق لأفكر بكلارنس مرة أخرى , أتمنى أنه بخير الآن فهو لم يكن كذلك أبداً عندما غادرت , توقفت عندمما شعرت ببضع قطرات من المطر ترتطم بيدي رفعت رأسي للأعلى للتتساقط قطرات المطر على جبيني , أخفضت رأسي وشددت على القبعة لأركض بسرعة دون أن أعلم الوجهة التي أنوي الوصول لها لكن بصدق بعد عدة دقائق ستصبح هذه القطرات أكثر قوة !
~ كلارنس ~
كنت أجلس على مائدة الطعام كالأصنام تقريباً , فأنا لم أتحدث أو ألمس طبقي حتى , فقط جلست وقد أخفضت رأسي للأسفل , لا رغبة لي حالياً لفعل أي شيء فقط أفكر بكارل الذي رحل وتركني , لا هو لم يتركني بل أنا الأحمق الذي تسببت برحيله !
رفعت رأسي عندما سمعت صوت الرعد لأنظر من النافذة بشرود قبل أن يتحدث جدي بصوته اللعين بكل برود وشماتة :" ذلك الفتى لابد أنه الآن يحاول إيجاد مكان للإحتماء من المطر ! لو أنه نفذ أوامري لكان الآن في غرفته ينعم بالدفئ ! "
نظرت له بهدوء دون أن أتحدث لكن بصدق كيف له أن يكون متحجر القلب هكذا ! نهضت من مقعدي لأغادر ولم أتعب نفسي عناء الرد على أحدهم عندما طلبوا مني إنهاء طبقي , ليفعلوا بي ما يريدون لا أهتم حقاً !
ما إن دخلت إلى الجناح الخاص بي شهقت وتراجعت بخفة قبل أن أتحدث بصوت مهزوز :" بحق الإله كين لقد أرعبتني ! "
ضحك بخفة ليتحدث وهو يجلس على سريري بعد أن كان يقف بالقرب من النافذة وعيناه باللون الأحمر القاني :" إهدء لماذا كل هذا الخوف ؟"
تحدثت بشيء من الهدوء وأنا أحاول إستعادة أنفاسي :" هل رأيت مظهرك بالمرآة اليوم ؟! "
رفع أحد حاجباه باستنكار شديد ليجيب بعدها بغرور وثقة :" بالتأكيد فأنا هو الأوسم على الإطلاق "
أجبرتني عبارته على الابتسام لأجلس بجاوره وقد إستعدت محادثتي وكارل بشأنه , كين حقاً لا يبدوا لي من النوع السيء ! أعني أنا للآن لم أعلم سبب فعلته تلك بكارل !
تحدث هو ليقاطع الصمت على ما يبدوا :" كلارنس أين هو ذلك الخادم ؟"
نظرت له وقد شعرت بأنني قد أبكي مجدداً لينظر لي بحيرة وهو يردف :" هل رحل ؟ لقد كنت أود الإعتذار منه فقط ! أعني أنا لم أقصد إيذائه ولا استفزازه بالأمس "
تحدثت بصوت مخنوق :" بسببي هو رحل ! حتى لا أعاقب أنا هو غادر , لماذا أنا شخص لا يمكنه القيام بأي شيء؟"
ربت على كتفي ليتحدث بهدوء وجدية :" لست شخصاً لا يمكنه القيام بأي شيء كلارنس ! أنظر عندما يضحي أحدهم لأجلك فهذا يعني أنه يريد منك أن تكون سعيداً وبخير فقط !"
أغمضت عيناي بهدوء إذا لما عليه أن يضحي لأجلي وليس العكس ؟ المفترض أن تكون حياته قد سببت له الكثير من العقد النفسية !
لكنه يبدوا بخير تماما بل وأقوى مني بكثير , إستيقظت من شرودي على حركة يدين كين أمام عيناي وهو يتحدث ببلاهة :" بماذا تفكر ؟ هل وصلت للمريخ بأفكارك ؟"
تنهدت بقوة وأنا أعيد رأسي للخلف لأتحدث :" هل تظن أنه يكرهني الآن ؟"
عبس ليجيب باستياء :" هو من إختار هذه العقوبة بنفسه فلماذا سيكرهك إذاً ؟"
لم أجبه الأمر فقط أنه لم يكن لديه خيار إن رغب حمايتي , وأنا حقا لا أعلم السبب الذي يدعوه لفعل ذلك أليس هو من قال ذات مرة إن كانت أسرتي لا تبالي فلماذا يجدر بي المبالاة ؟ إذن هل أشفق علي ؟ هل شعر بالذنب لأجلي ؟
نظرت إلى كين الذي نهض من جانبي وبدء بتفقد الغرفة وهو ينظر لكل شيء ويلمسه كطفل في الثانية من عمره تعلم استخدام يداه قبل عدة دقائق فقط !
ضحكت بخفة عندما كاد يسقط إحدى التحف الفنية وهو بدء بالقيام بحركات بهلوانية للإمساك بها وما إن فعل حتى جلس على الأرض ليتنفس براحة وبلاهة , نطقت بابتسامة :" إذن كين أين تعيش ؟"
هو فقط وضع القطعة مكانها وقد بان الإستياء على وجهه ليتحدث بصوت خافت :" في منزل سيدي وهو أبغظ إنسان في العالم ! "
شعرت بكمية الحزن في صوته ورغبت بمواساته فقط لو لدي طريقة ما لفعل ذلك فأنا أخشى حقا أن أزعجه بكلامي أكثر , لكن خطر ببالي توسل كارل لي عندما سألني إن كنت أعلم من هو سيده , أعدت النظر لكين لأنطق بذات سؤاله لكين :" من هو سيدك ؟ "
نظر لي بهدوء ليجيب بعد القليل من التفكير :" أنت تعرفه فهو معنا بالفصل إنه آريان "
بتلك اللحظة توقف كل شيء من حولي , أعني صورة كارل وهو يقف أمامي ويخبرني أن لكل مصاص دماء سيد يطيعه مهما حدث تتكرر في ذهني مئات المرات إلا أن قاطعها كين الذي تحدث بصوت خافت قلق :" هل أنت بخير ؟ أرجوك لا تقل لي أن صمتك هذا بسبب كرهك لسيدي "
تحدثت بصوت متحشرج :" بل هو من يفعل , هو يراني أسوء أعدائه وبآخر مرة تحدثنا أخبرني أنه سينتقم مني بأسوء طريقة ممكنة "
رأيت كين ووجه يشحب بشدة ليتراجع للخلف وهو يتحدث بصوت متوتر ومهزوز :" آسف , أقسم لم أعلم ذلك وأيضا لا أعلم كيف ألغي العقد الذي بيننا "
ردة فعله أخافتني أكثر حقيقة لاسيما أنني لا أعلم حقاً الكثير عن السيد و الخادم لكنني تحدثت بخوف :" هل ستقوم بإيذائي إن أمرك آريان بذلك ؟"
هو نظر لي بهدوء يصاحبه خوف وألم شديد ليتحدث بصوت ضعيف :" دعنا نتوقف عن التحدث إلى بعضنا البعض وأنا سأغير مقعدي بالفصل إياك وأن يشعر سيدي بالذات أننا أصدقاء أو أنك حتى تتحدث معي فما بالك بأنك أذنت لي بالشرب من دمائك بلا قيود ! "
أخفضت رأسي بهدوء بينما غادر هو المكان , بماذا أشعر الآن ؟ ببساطة لا شيء مطلقاً فقط وكأنني فقدت قدرتي على الأحساس بأي شيء فليس كارل فقط من رحل والآن كين , وبطريقة ما أنا غير قادر حتى على البكاء أو الشعور بالحزن وكأنني تجمدت تماماً.
~ كين ~
غادرت ذلك المكان بسرعة وأنا أحارب شعور الندم بداخلي , كان علي معرفة إن كان كلارنس عدوا لسيدي قبل أن أقرر مصادقته , الآن هو فقط تألم أكثر بسببي والأسوء أنني أِشكل خطراً فظيعاً عليه إن علم سيدي بعقدنا الغير مشروط فهو سيستغلني قطعاً لإيذائه بقوة ! علي من الآن تجنب الحديث معه تماماً أو الإحتكاك به حتى لا نكشف بطريقة ما
~ كارل ~
المطر لم يتوقف للآن وأنا أصبحت مُبتلاً تماماً وتلك الحُمى اللعينة قد عادت مما جعل سيري أبطئ بكثير من المعتاد أيمكن أن يصبح يومي هذا أسوء ؟
دخلت إلى أحد الأزقة عندما شعرت بأنني لم أعد قادرا على السير وتكورت على نفسي بإحدى الزوايا في محاولة مني لتدفئة جسدي كما قمت بإخفاء يداي داخل أطراف المعطف علها تدفئ قليلاً , أشعر بأنني سأفقد الوعي بأي لحظة فهذا مؤلم ومزعج , أتسائل الآن إن كان هنالك من سينقذني حقاً هذه المرة كما في كل مرة أفقد بها الوعي , أغمضت عيناي وأنا أحاول ضم جسدي أكثر عندما شعرت بأحدهم يقف أمامي أردت فتح عيناي لكن يداه سبقتني حيث وضعت إحداها على فمي والأخرى على ما يبدوا كان يمسك بها مظلة فقطرات المطر لم تعد ترتطم بالمعطف أو القبعة ولسبب ما لم أجرء على فتح عيناي بالحال لاسيما عندما شعرت بأنه أياً كان ينظر لي بترقب وإن كان اسم لويس يتردد في عقلي بأنه هو الشخص الواقف أمامي الآن , لكن هل أتى لمساعدتي ؟
هل هو من كان ينقذني دائماً ؟ بالرغم من أنني واثق تقريبا بأنه لن يفعل ذلك لي .
~~~ نهاية الفصل ~~~
بإمنتظار ردودكم حتى أتحمس لكتابة الجزء الجديد
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top