الفصل الثالث

~ الكاتبة ~

في نهاية ذلك اليوم البائس بالنسبة لكلارنس كان أفراد أسرته مجتمعون في مكان واحد يشربون الشاي وكل منهم يتحدث بود مصطنع للآخر ، إلا أن تلك الفتاة كانت تلتفت حولها لتتحدث أخيراً بقلق حقيقي :" لكن أين كلارنس ولماذا تم استدعائه لوحده صباحا ً من المدرسة ؟"

نظر لها والدها بشيء من الحده وهو يجيب :" بالمستشفى ، إنه يعاني من نقص حاد بالعديد من الأمور بجسده كالفيتامينات وهو يهرب منا لإننا حاولنا مساعدته "

أردف شقيقه وقد عقد حاجباه بضيق شديد :" فقط لو أنني قادر على تحطيم وجهه "

تحدث كبير الأسرة بهدوء شديد :" أريد أن أحضر له خادم شخصي يطيعنا نحن حتى يتوقف هذا الأبله عن أفعاله العشوائية "

أجابه إبنه الأكبر بهدوء شديد كوالده :" وماذا إن أحب هذا الخادم كلارنس واتبعه ؟"

إبتسم الجد بشيء من الخبث :" إذاً وببساطة علينا فقط إحضار خادم يمقته وبشدة !"

إبتسم إبناه على تلك الخطة بينما ظهر عبوس واضح على تقاسيم وجه كريستي الجميلة بينما عدم الإهتمام والبرود ظهرت على وجه هنري بكل تفاصيله وكأن الحديث يدور حول شخص لا يعرفه .

*****

• بمكان آخر بمدينة تبعد القليل عن العاصمة حيث الفقر والعصابات تمركزت هناك وبصباح اليوم التالي

بتلك المنطقة كان ذاك الشاب والذي إمتلك شعر بني غامق وعينان خضراوتان يجلس بإهمال شديد على الطريق وأمامه عدته لتنظيف أحذية الأشخاص المارين ينتظر بيأس مرور شخص ما لينظف حذائه له للحصول على القليل من المال .

تنهد بتعب فجسده مغطى تماما بالكثير من القذارة ، ثيابه بالية وجهه شاحب و جسده هزيل كما ويزين ملامح وجهه ندبة بخده الأيمن ، نظر نحو السماء وهو يتحدث بصوت مخنوق :" لقد تعبت أقسم بذلك ، أنا فقط أريد أن أرتاح من هذه الحياة ! "

تمتم بهذه العبارة والقليل من ذكريات الماضي البعيد تعود له ، جلس وقد بدت نظراته أكثر حده ليصرخ بصوت شبه مرتفع :" أقسم لك أنني أكرهك كلار "


~ كلارنس ~

فتحت عيناي برعب شديد وقد بدأت بالتنفس بقوة ، نظرت حولي بفزع لأجد نفسي بالمشفى ذاته بينما هناك دموع عالقة بعيناي ، أشعر بجسدي ينتفض وكأن هنالك شيء فظيع حصل لجسدي أو سيحصل لكن بحق أشعر وكأن روحي هي من تستنجد .

أنا حقاً لا أذكر متى كانت آخر مرة هاجمني بها هذا الأحساس ، إنه ذاته الذي منعني من تناول الطعام أو التمتع بأي شيء وكأن هنالك شيء ما مفقود وذاكرتي لا تساعدني على معرفة ذاك الشيء .

بدأت أبكي بصمت وكأنني طفل في الثلاثة من العمر وقد إبتعد عن منزله ولم يتمكن من العودة !

شهقت فجأة عندما شعرت بيد توضع على كتفي لأنظر لصاحبها بينما عيناي إتسعت من الصدمة فكيف أتى هو إلى هنا ؟ بل منذ متى هو هنا ؟ وكيف لم أشعر به للأن ؟

~ كين~

ذكرى ليلة الأمس عن ذاك الفتى كلارنس لم تغب ولو لثانية لذلك أردت حقا التوجه للمشفى والإطمئنان عليه !

ليس وكأنه يمكنني الذهاب للمدرسة فالجميع يظن أن إصابة رأسي لم تشفى بعد ، وأيضاً أنا لا يمكنني الدخول للمشفى بطريقة طبيعية بسبب هروبي بالأمس .

لهذا ببساطة قررت التسلق والقفز لغرفته وهذا ما فعلته ، أنا حقاً لم أعتقد بأنه سيصحوا قريباً فكما قال الطبيب هو سيبقى عدة أيام بما يشبه الغيبوبة وكوابيس مزعجة ستلاحقه .

لكن يبدوا أنه أقوى مما ظننت ، بكل حال هو ينظر لي بصدمة شديدة حالياً ولا أستطيع أنا تخيل مقدار صدمته بوجود شخص ما بغرفته ظهر من العدم بينما هو غارق ببحر من دموع مؤلمة .

بالنسبة لي فقد شعرت بأن روحه تائهة وكأنه جرو صغير خائف أضاع أسرته ومجدداً هذا قطعاً ليس أمراً شائعاً لدى الأسر النبيلة البشرية !

تنهدت بعمق لأتحدث أنا :" أعتذر على التطفل ولكنني أردت الإطمئنان عليك بعد ما حدث البارحة "

نظر لي بشيء من الحيرة والحده ولا أدري كيف مزج بينهما حقاً وهو يجيب :" وما شأنك بي ؟ لماذا تهتم ؟ ومن البداية أنت من سمح لك بدخول غرفتي والتطفل على خصوصياتي ؟ "

عبست من إجابته مما دفعني للتحدث بملل :" حسناً آسف سيد مكتئب ! سأغادر الآن لكنني سأعود لاحقا حسنا ؟"

قلت ذلك واقتربت منه لأغطي عيناه بالغطاء الخاص به وبأقل من ثانية كنت قد هربت من الشرفة وأراهن بأنه شعر بصدمة شديدة عندما أزاح الغطاء ولم يجدني .

~ كلارنس ~

شهقت بفزع عندما لم أعثر عليه !

أعني بصدق هو كان هنا منذ أقل من ثانية واحدة، وهذا فظيع للغاية فأنا حتى لم أشعر بدخوله لغرفتي ، تنهدت بعمق وقد تذكرت ما حدث بعدها ليلة أمس ذاك العجوز أكرهه أكثر في كل يوم هو وأبنيه !

لماذا علي البقاء على قيد الحياة برفقة أسرة كهذه ؟
تنهدت بتعب شديد وقد قررت إغماض عيناي والعودة للنوم إلا أن دخول الطبيب وتلك النظرة التي تدل على دهشته جعلتني أحدق به بقليل من الإستغراب حتى تذكرت ما قاله لي بالأمس عن أن الدواء سيجعلني أنام لعدة أيام ، لذا دهشت أنا عندما تذكرت ذلك فكيف استيقظت بهذه السرعة ؟

تنفست بعمق بينما أفكر بأنها ليست المرة الأولى لذا أظن أن جسدي قد إعتاد على هذا الأمر ، تحدث هو بعد فترة وجيزة من الصمت :" ظننت أني سأجدك تعاني من كوابيس مزعجة !"

صمت بإنتظاري لإجابته الا أنني وكالعادة تجاهلته تماماً لذا أردف هو :" لقد قررنا أن نخضعك لعلاج نفسي فأنا أرى أن مشكلتك نفسية "

نظرت له بحقد شديد لأجيب بصوت خافت :" لكنني لا أريد ذلك ، أنا بخير أقسم لك "

إبتسم بسخرية شديدة :" أعتذر يا صغيري ، لكن لمصلحتك والآن سأضع المغذي لك ، كن مطيعاً "

وهنا حان دوري للابتسام بسخرية شديدة فمنذ متى وأنا قادر حقاً على الإعتراض ، فكل ما يخرج مني هو صوت خافت ويتجاهله البقية !

• بذات المدينة الفقيرة •

توقفت تلك السيارة الفاخرة أمام الشارع الذي يستلقي به ليرفع رأسه وينظر لها ببرود هادئ ، نزل منها رجل يرتدي بذلة سوداء فاخرة وقد رمق المكان بإزدراء شديد ، ثم وجه نظره نحو الشاب الذي كان يرمقه بحقد ليبتسم بخبث وهو يقترب :" سيد والتون ، ما رأيك بالعودة للمنزل ؟"

إتسعت عينا الشاب ليقف ويتراجع قليلاً وهو يتحدث بصوت حاد :" من أنت ؟ من ثم أنا لست من آل والتون بأي حال من الأحوال وإن كانت أمي منهم "

إتسعت إبتسامته السقيمة وهو يجيبه :" عزيزي والداك ماتا ، شقيقك المدلل لا يذكر وجودك حتى ! وأنت هنا مُلقى بالشارع دعنا نعقد إتفاق ما "

جلس ببرود ليتحدث:" أنا أستمع ، تحدث "

~ كين ~

وأخيراً يمكنني التوجه للمدرسة غداً ، كم هذا الأمر ممل للغاية ، البقاء بالمنزل ، تنهدت قليلاً لأجيب نفسي :" ليس وكأنني لم أغادر المنزل فأنا كنت أقوم بزيارة والتون الغريب بالمشفى !"

لم أكد أنهي تلك الفكرة حتى فُتح باب الغرفة العفنة التي أجلس بها إلتفت لأراه آريان وهو ينظر لي بغضب شديد ، مذهل هذا ما كان ينقصني الآن !

~ الكاتبة ~

إقتحم آريان الغرفة كالثور الهائج ليتقدم ويمسك بياقة قميص كين وهو يتحدث :" هي أنت لا تتصرف كما يحلو لك فأنا هو سيدك ! أخبرني حالاً أين تظن نفسك تختفي وتظهر ؟"

تحولت عينا كين للون الأحمر وهو يجيب بخضوع تام :" لقد شعرت بشيء من الفضول تجاه ذاك الفتى والتون لذا كنت أراقبه فقط !"

ترك ياقة قميصه وقد إبتسم بخبث شديد ليتحدث بعدها بهدوء مفاجئ :" هكذا إذاً أنت مهتم به ، كم هذا لطيف "

ظهر شيء من الإنزعاج على وجه كين وهو يشعر بخطر او بمكيدة جديدة يبنيها الشخص القابع أمامه إلا أنه قطع أفكاره عندما أردف آريان :" هنالك شخص من أسرة معادية لنا أريدك أن تجبره على سحب إشتراكه من الصفقة الجديدة ولايهمني كيف تفعل ذلك وأريد أن يتم تنفيذ الأمر قبل نهاية الأسبوع"

أجابه بهدوء وعيناه الحمراوتين إنخفضتا :" أمرك سيدي "

جلس بعدها آريان مجدداً ليبعد طرف قميصه عن ذراعه اليمنى وهو يتحدث بتكبر :" هيا تعال وتناول طعامك ، عليك أن تكون شاكراً لإنني لم أحرمك منه بعد أن أخبرت جميع من بالفصل أنك صديقي ! "

أخفض كين عيناه واتجه لسيده ليجلس على الأرض بجواره وقد أمسك بيد سيده دون أن يعلق على أي حرف قاله له الأول ، ليغرس أنيابه بها بخفة وبأقل قوة ممكنة وبالرغم من ذلك فقد أغمض آريان عينيه بشيء من الألم وهو يردف :" تباً، ليس وكأني سأجعل من وحش صديقي ، بل مجرد حيوان أليف تذكر هذا جيداً .

أغلق كين عيناه بهدوء في محاولة منه للحفاظ على هدوئه فهو حتى وإن غضب لن يمكنه فعل أي شيء .

•*******

نهاية الفصل

آسفة على تأخير بتنزيله ..

وكل عام وإنتوا بخير ينعاد عليكم بالصحة والعافية

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top