الفصل الأول

بعد مرور آلاف السنين على فناء السحرة وإختفاء معظم مصاصي الدماء من الوجود أصبحوا مجرد خرافة وقصص تخيف الأطفال لمنعهم من الخروج ليلاً من منازلهم والنوم مبكراً .

ستقع أحداث روايتنا في المدينة التي لا تنام " نيويورك" وتحديداً في ذلك القصر الضخم حيث تعيش أسرة "والتون " به بكل أفرادها وبقوانين صارمة ترفض خروج أحدهم أو يفقد حقه بالإرث .

لنتوجه معاً الى إحدى الغرف حيث كان هنالك شاب في السابعة عشرة من العمر يجلس أمام مكتبه الخاص بالدراسة وقد بدا الملل يحتل تقاسيم وجهه الجميلة ، عيناه الخضراء كحقول شاسعة من العشب اليانع في بداية الربيع ، وشعر حريري يصل لمنتصف عنقه تقريباً بلون جذع الشجر ، أغلق كتابه بهدوء ومن ثم رمى بجسده الى سريره بكل تعب .

حياته مملة للغاية يستيقظ ليذهب للمدرسة ثم يعود للمنزل ويتجه لغرفته ولا يغادرها إلا بمواعيد الطعام فقط !

سخر من نفسه عندما إنتبه أنه قد وصف هذا المكان بالمنزل فهو قطعاً لا يشعر بأي إنتماء لهذا المكان البغيظ وكل من فيه فوالديه ماتا منذ صغره وهو لا يمتلك أي ذكريات عنهم ولا حتى صورة ما ليعرف كيف هو شكلهما !

خرج من تفكيره هذا فهو دائما ما يقنع نفسه بأنه ليس بحاجة لأي إنسان بجانبه وأنه يرغب بتمضية بقية حياته يعيش بسلام كما هو الآن ، وضع يده على عيناه العشبيتين وهو يحاول أن يتوقف عن التفكير تماماً بأي شيء آخر ، بضع دقائق فقط هي ما فصلته عن دخوله لعالم الأحلام .

*************

لم يعلم كم مضى من الوقت ولكنه فتح عيناه بتعب على صوت طرقات باب غرفته وصوت الخادم يتحدث برسمية شديدة :" سيد كلارنس لقد تم وضع العشاء وأتمنى أن لا تتأخر عن القدوم ! "

سمع صوت أقدام الخادم يبتعد ليتنهد بهدوء وينهض بصعوبة فطريقة نومه لم تكن صحية أبداً ، توجه من فوره لغسل وجهه و النزول قبل أن يتأخر فهو ليس مستعد للشجار مع جده أو أحد أفراد تلك الأسرة .

أوقف تفكيره عند هذا الحد لينزل بهدوء ويتجه لمقعده والذي كان بعيد نسبياً عن بقية الأسرة أقرب شخص كان يجلس بجانبه عن اليمين كان شاب بنفس عمره تقريباً ذو شعر أسود قاتم يصل لأذنيه بالكاد وعينان زرقاوتين كمياه البحر في صباح هادئ يدعى بهنري إلا أنه لم ينظر حتى لكلارنس !

ومقابله جلست فتاة عينيها إمتزج بهما اللونين الأزرق والأخضر ليضفي عليها شيء من الحيوية ، بينما شعرها كان يصل لما بعد منتصف ظهرها بلونه الأشقر الباهت ، تحدثت بإبتسامة كعادتها :" هل أنهيت واجباتك المدرسية كلارنس ؟ أم أنك كأحدهم تهمل كل شيء ؟"

نظر لها بهدوء وهو يجيب :" أنهيتها منذ زمن "
بينما تجاهل آخر جزء من كلامها حتى لا تحدث مشكلة هنا .

نظر هنري لها بغيظ شديد ليتحدث :" لا شأن لكِ كريستي ، أنتي هل فقدتي ذاكرتك عندما فشلتي بإجتياز إمتحان اللغة الفرنسية ؟"

أرجعت شعرها للخلف بقليل من الغرور وهي تكاد تجيبه لولا تدخل الرجل الذي كان يجلس بجانبها ليتحدث بصرامة :" كريستي و هنري لا يجوز أن تتشاجرا لاسيما وأبي يجلس هنا معنا "

نظر كلاهما لذلك العجوز الذي كان يجلس بهدوء وقد ساد شعره اللون الأبيض بفعل تقدمه بالسن بينما عيناه العسليتان إحتفظتا بقدر كبير من الحده ليتحدثا بذات الوقت :" نعتذر لذلك جدي "

أومأ لهما موافقاً ثم أشار بيده ليبدء الجميع بتناول الطعام بصمت ، حدق كلارنس بذاك الرجل الذي كان يجلس بجانب كريستي وعيناه القاتمتين باللون البني وشعر شبه مجعد بذات لون عيناه وقد كان أكبر أبناء هذه الأسرة وهو أحد المرشحين لإدارة الشركة بعد والده في الخامسة والأربعين من العمر ويدعى بكارلوس ولديه وحيده هنري بينما زوجته توفيت منذ عدة أعوام .

والشخص الذي يجلس بجانب هنري هو الإبن الثاني ويشبه شقيقه الأكبر كثيراً ، زوجته هي إحدى أكبر عارضات الأزياء وتتميز بجمالها وقد أورثته لإبنيتها ، بكل حال هو المنافس الثاني للحصول على إدارة الشركة بعد والده ويدعى بماركوس في التاسعة والثلاثين من العمر .

لديه ابنته الكبرى والتي تدرس في فرنسا بعمر العشرين عاماً وتدعى كاثرين والأخرى هي كريستي .

إنتهى كلارنس من تناول طعامه لينهض بينما يتحدث بهدوء :" لقد شبعت ، شكراً على الطعام "

تحدث كبير هذه الأسرة :" قم بإنهاء وجبتك !"

~ كلارنس ~

نظرت له بكل هدوء لأنظر بعدها للطبق الخاص بي وقد كان شبه ممتلئ فأنا حقاً أكره الطعام وكل الأدوية التي أخذتها لفتح شهيتي بائت بالفشل !

أعدت نظري لجدي بشبه توسل لكنه نظر لي بحده شديدة مما أجبرني على الجلوس مجدداً وسط نظرات البقية الساخرة .

وبعد فترة من الوقت كنت أجلس بجناحي الخاص وقد بدأت أشعر بغثيان شديد فمعدتي لم تتحمل كل ذلك الطعام فأنا بالكاد أتناول ربع الطبق كأقصى حد ، بالنهاية لم أتمكن إلا من إفراغ محتوياتها وما إن خرجت من دورة المياه حتى وجدت جدي ومعه خالي ماركوس وخالي كارلوس وقد كانوا ينظرون لي ليتحدث جدي :" إلى المشفى هيا أم نحضر طبيبك لهنا ! "

توسعت عيناي بصدمة وقد تراجعت للخلف عدة خطوات وأنا أجيبه :" أنا بخير حقاً لا داعي لذلك "

نظر خالي كارلوس لي وقد شعرت بنظراته الساخرة وهو يتحدث :" أنت ! حتى الطفل يتناول أكثر منك لذا قطعاً لن تكون بخير "

أجبته بشيء من الغضب :" لا شأن لك ، ليس وكأنك تهتم !"

رأيت الغضب يشع من عيناي خالي الآخر إلا أن جدي أنهى النقاش بقوله :" إستدعي الطبيب إلى هنا "

جلست على طرف سريري وأنا أشعر بالغضب الشديد فهم يتظاهرون بالإهتمام بي إلا أنهم حقاً لا يهتمون إلا بصورتهم أمام الإعلام .

بعد نصف ساعة تقريباً كنت أستلقي على السرير بينما يقوم ذلك الطبيب بفحصي ، أنا أغمضت عيناي بهدوء شديد عندما قام بحقني ليتحدث بهدوء :" هذه الإبرة للتعويض عن العناصر التي يفتقدها جسدك ، عليك القدوم للمشفى لاحقاً لعمل فحوصات ووضع مغذي أيضاً "

أشحت ببصري بعيداً عنه ليردف هو بملل :" سأتحدث مع جدك عن هذا الموضوع "

عضضت على شفتي السفلية بقهر شديد فأنا حقاً أمقت ذلك عندما أخبرهم أنني بخير عليهم الإقتناع فقط !

بكل حال إنها غلطتي لإنني لم أغلق باب غرفتي وبذلك دخل ذلك العجوز وأبنائه ، أنا أنتظر أن أكمل عامي الثامن عشر لأغادر هذا المكان ،بكل حال أمي هي الإبنة الثالثة لهذه الأسرة واسمها هو إيما وهي المعلومة الوحيدة التي أعرفها عنها فهم لا يتحدثون عن أمي وأبي ويمكنني الشعور بمقدار الحقد الذي يشعرون به إتجاههما لذا لم أتمكن يوماً من سؤالهم عنهما  .

باللحظة التي غادر بها الطبيب وضعت أطراف أصابعي على مكان الحقنة بيدي اليمنى لأنهض بعدها واستحم ثم قمت بإغلاق الباب بإحكام لأنام بعدها دون التفكير بأي أمر .

*****
نهاية الفصل

اتمنى ان تستمتعوا بالفصل

بحفظ الله ورعايته 😍

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top