01: عشبٌ أخضر.
بدأ يطرُق على الباب بألحان معيّنة حتى فجأة تم فتحه وظهر من خلفه فتًى بشعر مبعثر وملامح وجه غاضبة. «أقاوم نفسي كي لا أشتمكَ أرتو، ما الذي تريده؟» هسهس النْعِس بوجهه ليبتسم الآخر ويجيب: «هيّا حرّك مؤخرتك النعسة كي نذهب، اليوم سوف نزور الأهرامات، حماس!» قال أرتورو وصفّق بيداه ومشى بطريقه.
«أيضًا اشتِم كما تريد رومانو، لا أحد هنا يفهم الإيطاليّة» قال أرتورو ليقلب الآخر عيناه، أغلق الباب ثم بدأ يجهّز نفسه بينما يشتم بالإيطالية.
أما في الجهة الأخرى فكان أرتورو المتحمس يمرُّ على أصدقائه كي يوقظهم ويتحركوا لزيارة الأهرامات، ستة أصدقاء قرروا أن يقوموا بزيارة حول العالم في عطلتهم الصيفيّة، وتوقفوا الآن في مِصْر، واليوم هو دور الأهرامات.
جلس أوتورو على المقعد أمام الطاولة ينتظر أصدقاءه، وكي يمرُّ الوقت قرر القراءة بشكل أكبر عن مِصْر والأهرامات بشكل خاص.
أوتورو يحب الاستكشاف وزيارة الأماكن السياحيّة، ومن شروطه في هذه الرحلة هي أن يزوروا على الأقل معلَم واحد قديم للبلد الذي هم فيه. وفي وقته على الطائرة يقرأ عنه ويقع بحب المكان.
كان والده عالم آثار ووالدته مضيفة طيران، لهذا اجتمع حب الأب في الاستكشاف وقدرة الأم على توفير التّذاكر في معظم الأحيان وتم تكوين شخصيّة أوتورو المحبّة للآثار والسّفر؛ فكانا والداه متى ما سنحت لهم الفرصة يأخذوا طفلهم الوحيد في رحلة حول العالم. لكن بالرّغم من رحلاته العديدة كانت هذه أوّل مرّة يأتي بها إلى مِصْر، لهذا هو متحمسٌ لها جدًا بسبب كلام والده عنها وما قرأه.
صفع أحدهم رقبته ليأن ويبدأ بفركها. «ما الذي...لمَ فعلت هذا روما؟» سأل بغضب لينظر له الآخر بحقد ويجيب: «هذا لإيقاظي بتلك الطّريقة الفظيعة، وأيضًا اسمي رومانو، لا تلقبني بـروما لأنه اسمٌ غبي مثل من يحمله» قال بغضب بينما يجلس على المقعد، أما الآخر ابتسم حين لاحظ الغضب بادٍ على وجهه بسبب لقب روما، هو اسم الفتى الذي يتنمّر على رومانو بالجامعة. «حسنًا أعتذر أيّها المواطن» قال بمزاح ليقهقه الآخر بخفة فاهمًا مزحته، فمعنى اسم رومانو هو المواطن الرومانيّ.
«أهذه الطاولة التي اخترتموها؟ ألم يكن هناك طاولة داخل المطبخ؟». صدح صوت أنثويّ من خلفهم قائلًا بسخرية نظرًا لأن الطاولة كانت قريبة من مطبخ صالة الاستقبال. «ظريفة» قال أرتورو لتقلب سياتا عيناها.
جلست بجانب حبيبها رومانو وبدآ بالحديث، لكن فجأة اصطدم بها شيء لتقع عن كرسيها على الأرض، رفعت رأسها لترى أوتورو الذي يمسك ضحكته وفتًى أسمر يمسك بحقيبته خلفه. «أيّها الغبيّ! ألا ترى أمامك؟» صاحت بغضب بينما تقف بمساعدة رومانو. «أعتذر، ظننت أن العشب على رأسك هي الأرض لهذا كنتُ أركض» قال ساخرًا من شعرها الأخضر وضحك ليضحك معه أوتورو ويضربان كفّهما.
«واحدة جيدة برونو» قال أوتورو وجلس برونو بجانبه على الكرسي بينما يحرّك شعره غير الموجود بفخر. «غريب أن معنى اسمكِ الفتاة مرتفعة الشأن والتي يحترمها الجميع، وها نحن ذا نسخرُ منكِ في كلِّ ثانية» قال أوتورو لتنظر لهما الأخرى بغضب لكن رومانو احتضنها وهو يقاوم أن يبتسم لأن كلامه صحيح.
«يا رفاق انظروا من وجدت في طريقي إلى هنا، أنه مرشدنا السّياحيّ لهذا اليوم، الأستاذ مُصطفى» قال صوتٌ أثنويّ لتظهر فتاة ذات شعر أسود اللون بعيون زرقاء، ماريسا. «السّلام عليكم يا رفاق» قال مصطفى ليحيه الجّميع بالجملة التي أخذوا وقت في حفظها: «وعليكم السّلام»، حيث ماريسا تستطيع التحدّث باللغة العربيّة وهي من علّمتهم ايّاها.
ثوان قليلة حتى أتى آخرهم، ڤيرو بشعره البُنيّ وابتسامته العريضة. «بما أن الجميع هنا الآن، هلّا تحركنا؟» سألهم مصطفى ليومئ الجميع، حملوا حقائبهم ومشوا خلفه. جلسَ كُلٌّ منهم في السّيارة وانطلقوا من الفندق الذي يقيمون به إلى الأهرامات.
كانت الرحلة مليئة بالضحك والسخرية من شعر سياتا، ڤيرو يقرأ بشكل أكبر عن الأهرامات وما بداخلها، ماريسا تتحدث مع مصطفى كي تسترجع لغتها العربيّة بما أنه مضى وقت لم تتحدّث بها. كانت قد تعلّمتها لأنّ والدها عربيّ الأصل وتحديدًا من مِصْر، لم تأتي لأم الدنيا سوى مرات قليلة لذا هذه ليست زيارتها الأولى للأهرامات، لكن كانت متحمسة كي تُري أصدقائها المكان وترشدهم.
بعد دقائق وصلوا للمكان وتفاجأوا بسبب جمال الأهرامات وكبر حجمها، أخرج أرتورو الكاميرا الخاصّة به وبدأ يلتقط الصور بينما يشرح لهم مصطفى عن الرّائعة التي من عجائب الدنيا السّبعة.
كان يُسمح للسياح بدخول الأهرامات لكن كان يجب عليهم دفع المال لهذا دفعوه، كان المدخل ضيقًا وعانوا في عبوره، أيضًا الهواء كان ثقيلًا نظرًا لأن نسبة الأكسجين قليلة في الداخل.
وبالطبع قامت ماريسا بأخذ علبة أوكسجين معها في الداخل، لديها مرض في القصبات الهوائيّة ولا تريد أن يحصل لها أي شيء، لكن بنفس الوقت تود الدخول.
بدأوا بتفقد الجدران وغرفة المقابر، وأكثر شيء حاز على انتباه أرتورو وڤيرو هي الكتابات على الجدران، كلاهما لا يعرفان الهيروغليفيّة لكن منظرها شدّهم.
«أتعلم؟ لقد قرأت في موقع غير معروف أن هذه الكتابات تحتوي على أسطورة عظيمة» قال ڤيرو لينظر له أرتورو بسرعة وحماس ويردف: «أخبرني!» قال ليقهقه ڤيرو ويومئ ليجيب: «الشخص الذي كتب المقال قال أنه لا يزال يدرس اللغة كي يحلل هذه الكتابات بالشكل الكامل، هو لم يحلل كل النصوص، لكن حسب ما ترجم؛ أن هناك فرعون مشهور قديمًا قد دُفِنَ هنا، معه الكثير والكثير من الآثار والذهب في غرفته، أيضًا بقوًى خارقة، وكل من يلمس هذا الشخص سوف تتحرر القوى ويصبح مثله. لم يكمل الباقي لكن هذا كافٍ لي كي يجذب انتباهي».
قال ونظر أرتورو للحائط بفمٍ فاغر وعيون مذهولة. «هل تود البحث عنه؟» همس ڤيرو هذه الكلمات كي لا يسمعهم أحد ونظر له أرتورو بدهشة وأردف: «هل تمزح؟ هذا خطير!» قال ليبتسم الآخر بجانبية وقال: «ولأنه خطير سألتكَ أوّلًا؛ أعلم أنكَ تحب هذا النوع من المغامرات. أيضًا هيّا! ذهب، آثار قديمة، مال، أتقول لي أنكَ لا تريد هذا؟» سأل بنبرة تجذب أي شخص لها، وبدأ الآخر يفكّر بكلامها.
«هيّا أرتو، أعلم أنكَ تود فعل هذا. أيضًا ما الشيء السّيِّئ الذي قد يحصل؟ النصوص بالفعل مترجمة، وأظن أن الباقي يشرح عن هذا الفرعون وما هي قواه أو ما فعل. على الأقل لنأخذ ما بالداخل ونهرب، لا نريد قواه. ماذا قلت؟» سأله ليومئ أرتورو ببطء ويقول بتردد: «فقط المال!» ابتسم الآخر لما سمعه وأوما، «فقط المال يا صديقي» قال بينما يحيط كتف أرتورو بيده.
انتهت الجولة في هذا الهرم وبدأوا بزيارة الباقي، كان أرتورو ينظر للجدران، وحين التفت نظر لماريسا التي تتنفس ببطء من خلال القناع، كل ما يظهر هو عيناها بلون البحر، لطالما كان معجبًا بها، وهو يشك أنه واقعٌ بحبّها بالفعل. لكن هي وڤيرو أحبّاء وهو لا يود خسارة صداقتهما، لهذا أبقى مشاعره لنفسه يتعذب في كل مرة يراها سعيدة، لكنها ليست سعيدة بسببه. أبعد نظره عنها حين ذهب ڤيرو نحوها وعاد ليتأمّل الجدران بينما يفكّر بالمحادثة التي حصلت قبل قليل.
هو لا يود المال لأنه بالفعل يملكه، لكن يريد الذهاب للاكتشاف والمغامرة، يريد فتح تابوت الفرعون لكن حسب ما قرأ ربّما يكون هناك لعنات على التابوت أو حتى بكتيريا قد تقتله لهذا لن يغامر، فقط زيارة سريعة.
بعد انتهاء الجولة في باقي الأهرامات خرجوا، وفي طريقهم للعودة مرّوا على عدة محلات كي يشتروا الهدايا لأنفسهم أو لباقي العائلة، ثم على مطعم. وها هم الآن في غرفة ڤيرو يخبرهم بما قاله لأرتورو ويقنعهم بهذه المغامرة الصّعبة.
«أتمزح؟ هذا خطير جدًا يمكن أن يتم القبض علينا ونحن نتسلل لهناك!» قالت سياتا ليقلب ڤيرو عيناه ويجيب: «نحن لن نتسلل، الحارس سوف يعرف أننا قادمون، وسوف ندفع له مبلغ مالي كبير، على أساس أننا فقط سوف نزور الهرم، نلتقط بعضة صور ثم نخرج» فسّر وفكّروا بكلامه.
«أنا معك، لا ضرر من المغامرة قليلًا» قال برونو ليبتسم ڤيرو ويضربه على كتفه كتشجيع.
«لا أعلم يا رفاق، تبدو هذه فكرة سيئة» قالت ماريسا بهدوء لتومئ سياتا: «هي لا تبدو بل أنها فكرة سيئة بالفعل، أنا لن أذهب» قالت وخرجت من الغرفة، الجميع نظر لرومانو ليتنهد: «سوف أذهب وأقوم بإقناعها، لو وافقت سوف نكون أمام غرفتنا بتمام منتصف الليل، لو لم توافق أنا لن أذهب أيضًا» قال وخرج من الغرفة.
الباقي نظر لماريسا والتي فركت يداها بتوتر، هي لم يسبق لها وخاضت مثل هذه المغامرات، عادةً هي الفتاة التي تحب الجلوس بالمنزل لوحدها، حتى الرحلة هذه بالكامل وافقت عليها بعد إقناع كبير.
«إذا أتت سياتا فسوف آتي، أنا أثقُ بها لتحميني أكثر منكم، لا إهانة عزيزي ڤي» قالت ليرفع ڤيرو يداه بينما يقهقه: «لم أخذها، هي عن مئة رجل صحيح» قال وقهقه الجميع معه.
---
بعد ثلاثة ساعات وقبل منتصف الليل بدقيقة، وقف أرتورو وبرونو أمام غرفتهم، ڤيرو ومعه ماريسا، كلهم ينتظرون خروج الثّنائي الآخر. دقائق مرّت ولا أحد خرج، لهذا حمل كُلٌّ منهم حقيبته وكانت ماريسا سوف تدخل الغرفة لكن صوت فتح الباب أوقفهم، خرج منه رومانو المبتسم وسياتا العابسة.
«نصف الثروة لي لأنني بنيت للساني عضلات وأنا أحاول إقناعها أن تأتي» قال ليبتسم الجميع، حملت ماريسا حقيبتها وذهبت لاحتضان سياتا، مريسا أصغر منها بسنتان وكانت تعتبر الأخرى مثل أختها الكبيرة، هما تحبان بعضهما ولا يفترقان إلا نادرًا.
خرجوا من الفندق ووقفوا أمام السّيارة التي استأجرها أرتورو، ركبوها ثم انطلقوا في مغامرتهم بينما يقود ڤيرو بهم، أرتورو على جانبه والباقي بالخلف.
---
1377 كلمة.
رواية جديدة تحت مسابقة نوفيلا الحرة، كما قلت في الوصف الفكرة لهم لكن الباقي لي، حماس! *-*
نوفيلا لو تقرأوا أنا أحبكم. 👀🖤
-فوزوني-
أحبكم تو إيميز، كونوا بخير. 🖤
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top