شريحة من الماضي (1)

مرحباً!! أتمنى أن تستمتعوا بالقراءة ☺ ارجو منكم عمل فوت قبل القراءة...

بسم الله الرحمن الرحيم


البداية...

مرحباً أنا ريم اﻷخت الثانية في عائلتي ..والمعروفة جداً بالهدوء ..فكلما رآني شخص ما وصفني بالهادئة ولكن ليس بالطريقة اللطيفة ..فهو يصفني بالهدوء معناه إما منطوية أو صاحبة عقدةٍ نفسية أو حتى متكبرة ..مهلًا لم كلّ هذا الكلام القاسي يقال عني ..أهذا ﻷنني فقط ﻻ أجد الموضوع جديراً بالتناقش فيه ..أو أنني ﻻ أحبذ الحديث مع أشخاص معينين ..أو أنني ﻻ أجد الكﻻم المناسب لقوله فحسب ..لهذا أكتفي بالصمت...

...يا له من عالم سطحيّ النظرة...

كان لدي صديق عزيز على قلبي ..يفهمني وأفهمه ..وبالطبع نتشارك اﻷسرار أيضاً ..وكان هناك سؤالٌ أحب تكرار سؤاله عليه ..مع أني أعرف اﻹجابة ..أنا فقط أحب رؤية تعبير وجهه عندما يعيد إجابته ..لديه وشم سمكة على معصمه ..وعندما رأيته ﻷول مرة لمعت عيناي وهرعت إليه وسألته عن ماهية تلك السمكة على معصمه فسألته:

أنا : جدي! جدي! ماهذا على معصمك ؟!

ماذا أتستغربون أن هذا الصديق هو جدّي ؟؟!

في الواقع لقد كنت صغيرة ومنطوية كما يقولون ..ولكنه الوحيد الذي لحظة ما رآني لم يصفني بالكئيبة المنطوية والهادئة ﻻ! ..لقد إكتفى بأخذ يدي ..أنا وحدي مع أنني كنت واقفة بين أخواتي ولكنه أخذ بيدي أنا لوحدي ...

أخذني إلى غرفته الخاصة والتي ﻻ يدخلها أحد ..أنا جادّة ﻻ يدخلها أحد حتى أبي ﻻ يدخلها ..وعندما دخلنا جلست على طرف السرير ..وكان أمام السرير الذي أنا جالسة عليه سرير آخر جلس هو عليه ..لقد كانت تلك أول مرة ألتقي به فأنا وأبي وأمي وأخواتي نعيش خارج البلاد ..لذا كانت تلك المرة الأولى التي أراه بها ..كان عمري حينذاك ثمان سنوات ..بينما نحن في الغرفة تبسّم لي فجأة وبدأ يتحدث معي...

جدي : مرحباً أيتها الصغيرة ما اسمك؟؟

أنا بتوتر : أ..أنا ﻻ أتحدث مع الغرباء! لما أنا هنا؟

جدي : ألم تعرفيني بعد ؟!

أنا : ﻻ لم أعرفك من تكون أنت ؟؟!

جدي : إنني جدك

أنا باستغراب : ولكن ما معنى تلك الكلمة بالتحديد؟

جدي بابتسامة هادئة : تعني أن والدك هو إبني

أنا بعدما توسعت عيناي وذهبت ﻷجلس بجانبه : أهذا يعني أنك تستطيع معاقبة أبي وأن تأمره بأن يفعل ما تريد؟؟

جدي بعدما قهقه : هذا صحيح

أنا : ووووه! كم هذا رائع ولكن المعذرة أيمكنني أن أسألك سؤالًا ؟

جدي : نعم لما ﻻ ؟

أنا : ما تلك السمكة التي على معصمك؟؟!

جدي : اممم حسناً في يوم من الأيام كنت أتوضأ ﻷصلي في المسجد ..وأثناء ما كنت أتوضأ قفزت سمكةٌ ما من الماء واستقرت على يدي

وبالطبع ﻷنني كنت صغيرة حينها صدقته وذهلت بالقصة ورحت أحكيها لكل من أراه أمامي

كان جدي يمتلك على السطح غرفة كبيرة صنعت من الخشب ..وكان يربي فيها نعاما ودجاجا ..فأخبرني ذات مرة أنه مستعد ليجعلني أمتطي نعامة ..فقلت له حينها لم ﻻ؟! فلنقم بذلك اﻵن ..فقال لي جدي أنه متعب ويريد أن يستريح فقلت له حينها ﻻ بأس إسترح ..وكانت اﻷيام تمر وأنا أنامض ،ألعب ،أتشارك الطعام مع جدي ...

وفي أحد الأيام تذكرت قصة النعام تلك ..فذهبت أبحث عن جدي ﻷخبره بأني أود وبشدة إمتطاء تلك النعامة ..وعندما وجدته أخيراً كان ممدداً على سريره ينعم بنوم مريح ..وبما أني كنت أود إمتطاء النعامة ذهبت ﻷوقظه ..دق الباب أبي ودخل الغرفة وبعدها أخبرني أننا سنعود إلى الديار وأنه علي ترك جدي ينام فهو متعب ومن ثمّ ذهب ..نظرت إلى جدي وبدأت أبكي إذ أنني أردت الحديث معه ورؤية إبتسامته قبل المغادرة ..فبدأت بدفع جدي وأنا أبكي بقوة محاولة إيقاظه ..ولكنه لم يستيقظ ..إبتسمت بهدوء وذهبت وكنت ميقنة أنني سأعود ﻷراه وأمتطي تلك النعامة ....

بعد مرور 5 أشهر...

لقد أصبحت في التاسعة من عمري ..ولم أسمع خبراً عن جدي ..بدأت أتهاون وأنسى أمر جدي تماماً ..وفي إحدى الليالي ذهبت مع عائلتي إلى المﻻهي لنلعب ونلهو أنا وأخواتي ..بعد مرور بعض الوقت تعبت من كثرة اللعب والجري والصراخ ..فقررت الذهاب ﻷجلس بجانب أبي لمسامرته ..فهو بالتأكيد يشعر بالملل وهو يشاهدني أنا وأخواتي نلعب ..جلست بجانبه ونظرت بعينه...

..إ..إن أبي يبكي!! عيناه تدمعان بشدة ..إبتسمت لي أمي وأخبرتني أن أذهب وأكمل اللعب فأبي متعب ..قليلاً...ﻻ! لم أستطع الذهاب فحسب فاختبأت وبقيت أستمع إلى الحديث الذي يدور بينهما:

أمي بلطف : عزيزي ماذا بك لماذا تبكي؟

أبي وعيناه تدمعان : أتذكرين ذلك اليوم عندما كنا مع والدي وكنا نجهز الحقائب للعودة ؟؟

أمي : نعم وماذا بعد؟

أبي : كان والدي نائماً وعندما ذهبنا إكتشف إخوتي أن والدي ق..قد توفي !

بمجرد سماع تلك الكلمة ... قلبي!! نبضاته تزداد!! أعتقد بأنني سأموت بمجرد سماع خبر كهذا أنا لم أتحمل وأجهشت بالبكاء ولكن بصوت منخفض حتى ﻻ يكشفني والداي

أمي باستغراب : ولكن كان هذا منذ خمسة أشهر مضت!

أبي : لقد أخفى إخوتي ذلك عني خوفاً على صحتي

وفجأة سمع والداي شهقات بكاء من تحت الطاولة ..فأنزﻻ رأسهما ليكتشفا ما اﻷمر....لقد وجداني أبكي وأكاد ﻻ أستطيع فتح عيني ...

أخذتني أمي بين أحضانها ..لكنني كنت قد فقدت الوعي ..لم تتحمل أمي هذا وصرخت بألم ﻷجلي ..أخذني والداي بسرعة إلى المشفى ..وقام أبي بتوصيل أخواتي إلى المنزل ..في حين بقاء أمي معي وهي تبكي ...

جاء الصباح وأمي قد سهرت تبكي وتنتظر إستيقاظي ..في وقت الظهيرة وأمي مازالت منتظرة بدأت أنا أفتح عيناي ببطئ ..فرحت أمي بشدة واحتضنتني بقوة ..وجاء والدي وبدآ يسأﻻنني إذا كنت بخير ..ولكنني فقط كنت ﻻ أرد ..قلقت أمي بشدة ..واستدعى أبي الطبيب ..ومن ثمّ قام الطبيب بفحصي ..فنظر لوالداي نظرة جدية وأخبرهما أنني فقدت النطق إثر صدمة قوية أثرت على نطقي ..لم ترد أمي أن تظهر حزنها أمامي ..فكانت تكتفي باﻹبتسام لي والتربيت على رأسي واحتضاني

بعد مرور شهران من الرعاية الخاصة ..إستطعت النطق وأخيراً ..كانت فرحة أمي كبيرة وكذلك أبي وأخواتي ..ولكن كلما كنت أتذكر موت جدي أبكي بحرقة حتى يومي هذا...

بالطبع ستتسائلون ما دخل هذا الموضوع بالرواية : المواقف التي رويتها في هذا البارت أثرت فيّ أنا وشخصيتي وحياتي بشكل عام

وفي المرة المقبلة سأبدأ بسرد قصتي التي غيرت مجرى حياتي ...

---وأخيراً أتمنى أن يعجبكم البارت---

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top