«ليليث»

شيطانةٌ عظيمة الأثر في أساطير الأولين.

تخدع، ترتع وتتمتّع بدمار النفوس البشرية التي تستطيعُ لفّها حول أصابع يديها، خنقها، سحقها أو حرقها في جحيمِ رغباتها وحقدها عليها.

أو..
روح ارتدَت عباءة الانتقام، تخنق وتحطمّ كل هو وذلك والذي، تبتلعهم ذكرًا ذكرًا في نار حقدها القديم التي لا تشبع..

تزحف عبر عقولهم وتربطُ أعصابهم لتلعبَ متقافزة بينها حتى تنقطعَ.

أو..
زوجة متمرّدة، امرأةٌ انسلخَت عن ما قُدّر لها أن تكونه، ابتلعت أفعى بدلَ أن تبتلع تفاحة الخطيئَة في جنة الخضوع.

التهمَت رشدهَا على طبقٍ من أشواك التوقعات العالية، تسلخ جلدهَا وتتحول هي لأفعى، ماكرة، مخادعَة، خبيثة، مشعوذة، منبوذَة، يرتبط اسمها بالشيطَان لأنها انقادت لصوته تتبعه..

لكن هل حقًا كانت ما تم وصفهَا به لاحقا، بعد أن كسرَت القواعد التي وُضعت عليها قيدًا يتبعه قيد أغلظ؟

عندما يكسرُ أحد القانون يُعتبر مجرمًا.
القاضي لا يرى الماضي، لذا يسمعُ الحاضر ويتحدثُ عن المستقبل.

ليليث مثالٌ لأكبر تمرد، أول انتقَام للذات، القادم.

وقفت في محكمَة كمجرمَة وقالت حكمها بنفسها، أنها ليسَت مذنبة لأنها خُلقت مختلفة.

لن تعدمَ حريتها لأنها أقوى من أن يحتويهَا إسم واحد، هدف واحد، أو كلمة واحدة.

ولأنها تعلمُ أن المستقبل سيحمل ليليث أخريات، سيتم نبذهن وكسرهن وصلب أجسادهِن وحرق أرواحهنّ الجميلة لأن بريقهُن سيعتبر نارا، والنار رحمُ شيطان.

لذا سيقال أنهنّ شيطانات، وأنهنّ انقدن راقصاتٍ نحو صوت الشيطان، وتبتر أيديهن وأرجلهن وما بينها ليتوقفن عن الرقص..

يتوقفن عن الغناء.
يتوقفن عن الصراخ.
يتوقفن عن الكلام.

وتستعمل أفواههنّ لأشياء ترضي الأسياد المزعومين.

لكن ليليث تحبُّ الرقص، والكلام عن الحياة، والصراخ على الحياة، وتحب الغناء..

وكانت تحبُّ صوته.
لكن ما نحبه يجعلنَا أضعف.

وليليث تكره الضعف، والارتجَاف وتكرهُ الملل.

لذا حرّقت الطريق أسفل قدميها وهي تتسلق عرش القوة الذي لطالمَا رغبت به.

واستمرَت بالغناء على ذلك العرش.
واستمرّت القصص عنها.

وقد غنت ليليث عبرَ التي بحثت عن زوجهَا بعد السقوطِ العظيم.

عبر إمرأة في التاريخ.

وقد غنت ليليث مرة عبرَ ميدوسا..
عبر فتاة قيل لها أنهَا مجرد فتاة..
عبر أمٌ اُنتزع منها طفلها.
عبر الضائعين المغتصبين المذبوحين الجائعين في الحرب..

غنّت عبر صبية قُتلت أسفلَ الدرج لأنها تعثرت آخره واقعَة في الحب.
عبر أخرى أرادت أن تمسكَ سيفًا.
عبرَ التي صلّت في المسجد و ابتهلَت في الكنيسَة وقرعت الجرسَ تدعو وعبر التي لم تجِد يديها لترفعها والتي رفعتها فبُترتا من المعصم.

عبر التي بترتا من الكتَف لأن الكتف تحطّم عندما كُسرت أجنحتها مخافة أن تطيرَ للسماء ويعلم العالمُ أخيرا أنها ملاك.

غنت عبرَ امرأة، أختٍ، ابنة، أمهات، زوجات..

غنت عبر ملكَة..
عبر متشردة..

عبر المكتشفات، الواعيات والجاهلات، العالمَات، والكاتبات، والأديبات.
عبر من تداوي ومن تجرح.
عبر التي تمتلكُ صوتًا والتي لا تملك ثمنه.

عبر من تختبىءُ خلف جلدها ومن تظهِره كله.
عبرها وعبرهنّ وعابرةً العدم.

ولا زالت ليليث تغني عبر النساءِ،
وعبر الرجال أحيانًا..

لأنها تحب أصواتهم.

________________________

"ليليث تغني عبري.."

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top