هواجِس العِشق • 21 •
هواجِس العِشق || جُيون جونغكوك
اهلاً بِكُم في الجُزء الواحِد و العِشرون مِن محاوِف الحُب 💫🤍
لُطفًا لا تَبخلوا عَلي بتصويتٍ لطيف و تعليق ألطَف لأستَمِر 🥰
قِراءة مُمتِعة يا رِفاق 🤍
•••
قَطَّرت دِماءُ الآسيوي عَلى جَسد الايطاليَة و مَلابِسها حَتَّى تَلونت بالأحمَر ، جونغكوك لِشدَةِ صَدمتِه لَم يَشعُر البَتة بالوَجع رُغمَ إنغِراس السِكين بداخِل صَدرِه بَل ظلَّ متسمِّرًا و عَيناهُ بمنتَصِف تلكَ الشَهلية تَنظُر
" م..مالذي ت..تفعلي.. " ذَهبتُ منهُ كَلِماتُه سَهوًا و قَد بدأ الألَم يَبرُز حينَما راحَ مَفعولُ الصَدمة ، مَسكَ بيدِها بِقوَة و إعتَصرها بِكفه لِيحمل جَسدِه بِثُقلٍ عَنها مُخفِضًا رأسُه كي يَرى ماذا حَلَّ بِجسدِه
لَم يَرى غَير الدِماء تَغطي كامِل صَدرِه و بَطنه و قَد هَربت فِكرةٌ لِرأسِه انها قامَت بِتشويه جَسدِه ، عَقلٌ نَرجسي كَعقل جونغكوك لَم يَستوعِب هذه الفِكرَة و كادَ ان يَفقِد صَوابِه للحظات ، ثَقُل تَنفسُه و إنتَشل الخِنجر مِن كَفِّ الاميرة الهادِئَة " انتِ بدأتِ تنسينَ من أكونُ بِحق الجَحيم " هَسهس
ايليزا وَضعت يدِها على كَتِفه تَدفعهُ الي الوراء " يَكفي ، لَقد داوتَني بإمكانِك الرَحيل الان " لَم تَستطِع يَدِها ابعادِه مِن عَليها فَهو أثقل مِنها بالفِعل
جونغكوك إنقضَّ عليها و ثَبتَّ يديها أعلى رأسِها لِيدخُل الي العَربة و يُغلِقها ، إتسَعت عُيون الاميرَة بِصدَمة فَهي لم تَتوقع ردَّ فِعل كَهذِه البَتَّة " جونغكوك مالذي تَفعله! اُخرُج كي لا أصرُخ الان " تَكلمََت بِجديَة و حاوَلت تَحرير مِعصميها مِن قَبضتِه
" مالذي فَعلتِه بِحق الجَحيم ..؟ " هَسهس و مَسك ذَقنها بالخِنجر المليئ بِدمه و هو يُطالِع عُيونها الحادَة " شَوهتُك! انتَ حقًا تَعتقِد ان هُنالِك شَئ بينَما يَجعلُني أخضعُ لك جونغكوك ..؟ ان كنتَ تعتقِد اذًا انت أكبَر مُغفل رأيتهُ في حياتي " قَربّّت وَجهِها من خاصتِه و حَدقت بِمُنتَصف عينيه المُشتَعيلَتين
" انتَ قَتلت عائلتي امامَ عيناي ، قَتلتَ اوليفر حَبيبي و زوجي لا تَنسى هَذا " هَمِست و كوَّرت يَديها قويًا تَتذكر يَوم مَقتل زَوجِها و نَظرات الشَماتة بِعُيون الآسيوي آن ذاك و هو يَسمعُ صُراخِها
" إن كنتِ انتِ نسيتِ كَيف لا تُريدين مِني ألا انساهُ ؟ " هَمِس بِدوره بِحدَة و ضَغط بالخِنجر على عُنقِها " ايليزا انتِ مُجردُّ كاذِبَة تُحاولين الهَرب مِن مَشاعِرك نَحوي بِأفعالُكِ الغَبية هذِه " اتمََ القَول بِغَضبٍ عارِم و رَمى الخِنجر بَعيدًا لِيستبدلهُ بيدِه التي إتخذت عُنقِها ملجَئًا
" أخبرتُكَ انكَ غَبيًا ان ظَننت اني أكنُّ شيئًا تِجاهُك ، انا أكنُّ لكَ فقط الكُره و المَزيد مِنهُ " هَسهست بِصوتٍ ضَيق بِفعل ضَغطِه على رَقبتها " لستُ ايليزا ، لستُ غبيًا و انتِ كاذِبَة " إنحنى الي مُستواها و تَمعَّن النَظر بِعيونها المُتوهِجَة " لَكني سأخبُرِك بأكثَر شئ حَقيقي تَعلمتهُ قريبًا جِدًا " هَمِس و تِلكَ الكُحليَة تُخيفُ الشَهلية بِحدتها
" نَحنُ مُجردُّ إثنَين واقِعينِ بالحُب لَكِن لا يُمكنهُما إختيارُ بَعضهما مَهما حَدث " خففَ شَدِه عَلى رَقبتها و إستقامَ مِن عَليها يَتجوَّل وَسط زرقاوَتيها ذاتُ مَرسًا هادِئًا " لانَّ الإنتقام مَن يَحكُم هَذِه اللُعبَة " هَمِس و فَتح باب العَربة لِيُغادِر و يَصفع الباب وراءِه بِعُنف
جَلست ايليزا بِصُعوبة و أخذَت تتنفسُ بِثقل و تَسعُل بِخفة مُدلِكَة عُنقِها " صَحيح ، الإنتقامُ من يَحكُم " هَمِسَت و نَدهت على غديز
طَلبت منهُ ان يُناوِلُها ملابس اخرى و يُنظف العربة مِن الدماء و ذَلِك ما إمتَثل لِفعله فورًا أما جونغكوك فَهو سار الي تلك البُحيرَة و دَخل في مُنتصفها يَغتسلُ جيدًا و يُبعِد الدِماءُ عَنهُ و عن جَسدِه
رأتهُ تيسا مِن بَعيد و بُقعةِ الدمِ تُحيطُه لِتوسع عَينيها و تَركض اليه " ي..يا ه..هل انتَ بِخير ..؟ " نَطقت بِقلقٍ و توتُر لِيستدير جونغكوك اليها بَعدما غَطس الي أسفلِ المِياه فقامَ بإرجاعِ خُصيلاتِه الي الوراء بِحركةٍ رُجوليَة تُقطِّر إثارةً كالمياه التي تَنزِلُ من شَعرِه
" انا بخير ، جُرحت و انا اداوي الاميرَة " قال بِهدوء ولَمح صَدمة تيسا و هي تُطالِع صَدره " مابِك ..؟ انَّ صدري مَجروح لا عَليك! " مَزقّّ ما تَبقى من القميص و رماهُ بعيدًا لِيزفر بِضَجر " ا..ان هُنالِك كتابةً على صَدرِك " نَطقت زوجتهُ مُقترنةَ الحواجِب
تَعجَّب جونغكوك و حَدق بِصدرِه فَلمح تِلك الحُروف المَنقوشَة عليه " كِتابة ..؟ " تَمتم و رَفع عينيه الي تيسا " هل يُمكنك قراءِتها ؟ " حَركت الفتاة رأسِها نَفيًا و إستطردت " انها حروفٍ انجليزية ! لا أستطيعُ قراءتها في الواقِع لا اجيد ذلِك " حركَت رأسِها مُعارِضَة
زَفر جونغكوك بإنزعاج و بعثر شعرَه بغضب " احتاجُ مرآه ، اللعَنة مالذي فعلتهُ تلك المَجنونة " هسهس و لَكم المِياه بقبضتِه " سأجلِب لك المرآه و أعود " إستطردَت تيسا و رَكضت الي بَقية الموكِب تبحثُ عن مرآه مِن بين النِساء
عادَت بِواحدةٍ صَغيرة بَعد فتَرة و مَدتها الي جونغكوك الذي إنتَشلها مِنها و أخفَضها صَوب صَدرِه يُحاوِل قراءَة ما كُتِب ، إتَسعت مُقلتَيه بِصدمَة و هو يَقرأ تِلك الأحرُف التي كَونَّت إسمُها " ايـلـيـزابـيـتـا! " هَمِس و رَفع سوداوتيه الي زوجتِه المُترقِبَة " ماذا كَتبت ..؟ هل حقًا كتبت شيئًا على صَدرِك بالسكين ..؟؟ "
اعادَ لها جونغكوك المرآه و لازالَ مذهولاً مِما فَعلتهُ بِه الأميرَة ، ظنَّ بدايَةً انهَا شَوهَت لهُ صَدرهُ عبثًا لَكِن حينَما وَجد ذاكَ الإسم مَنحوتٍ بخطٍ جَميل فَوق ثَديهِ الأيسر جَعل طَيف إبتسامةٍ يَنمو على شِفاهِه
رَفرَف بِنسريتيه عاليًا و رآها تَقفُ بعيدًا قُرب عربتِها و هي تَلُف غطاءًا على جَسدِها بِفعل البَرد و غديز يُنظِف العَربة " إنها لَيست هَينةً البَتة! " هَمِس
وَكزتهُ تيسا من كَتِفه و قالت بإنفعال " جونغكوك هل انتَ بِخير! اُحدِثُك منذ سَاعة " القائِد إنتَفض مِن يَدِها و كردِّ فِعلٍ مِنهُ مَسكها من رِسغها و جَذبها بِسُرعةٍ تَغطِسُ بِرفقة داخِل المِياه
شَهِقت و تّمسكَّت بِه بِسرعة تَحتضنه بِفزع " م..مالذي تَفعلهُ ا..انا لا اُجيد السِباحَة " نَطقت بِخوف جَعل جونغكوك يَتيقظ أنها ليسَت ايليزا بَل زوجتُه ، إقتَرنت حواجِبُه و أبعَد الصبيَة عنهُ مِن خَصرِها مُناظِرًا عَينيها العَسليَة التي راحَت تَحومُ بِرفقة الفِتنة حالَ إنبثاقِ ضوءِ الشَمس عَليها
" غَديز اودُ غَسل وَجهي في تلك البُحيرَة ! " قالت ايليزا و نَظرت نَحو صديقُها الذي هَمهم " سأذهبُ معكِ حالاً هيا " أغلقَ العربة بعدمَا أنهى تنظيفُها و إقترب مُن سُموِها يَنزل معها التَلة بِحذرٍ كَي لا تَتعرقل الاميرَة
كانت ايليزا تَنظُر الي خُطواتِها بِحَذرٍ تام فالحِجارَة كَثيرَة " المَكان جَميلٌ هُنا الا تَتفِق ..؟ " أعلَت حَدقيتَيها الي البُحيرَة لِتتوقف عَن السَير حينَما رأت جونغكوك بِرفقة تيسا و كِليهما بِذاكَ القُرب الحميمي
غديز تَوقف عن السَير يُناظِر ما تَوقفت لأجله الأميرَة فَتحمحم و نظَر الي سُموِّها " سُموِّك سأخلي البُحيرَة لِتستخدميها براحَتِك " قالَ بِهدوء و تَقدم لِيسير لَكِن ايليزا مَسكت عِضده و نَفت " كَلا غديز! لا تُزعجهما " تَحدثت بِصوتٍ هادِئ و صَعدت مُجددًا الي عَربتِها
" أخبِر الجَميع انهُ علينا الذَهاب ، اودُ الوصول للقصر باقرب فُرصَة "
جونغكوك سَمِع صَوت الحجارَة التي تَتسربُ من التلَة و تخَبِطُ المياه دَلالةً على وجودِ شخص بالجِوار فَرفع كُحليتيه مِن على زوجته مُناظِرًا ظَهر ايليزا المُغادِرَة ، أدركَ مَوقفه و أبعَد تيسا عنهُ بسرعة " اا..اه بشان ذَلِك ! "
تيسا تَمسكت بالصَخرة عند اليابِسَة و صَعِدت عَليها مُتنفسَة بِثقل لِيتنهد جونغكوك مُبعثرًا شعرُه المُبلل ، غادَر البُحيرَة و تَمشى نحو الثياب التي جَلبتها له تيسا بادِئًا بارتداءِها ثُمَّ إتَجه ليجَلب ملابِسًا لِزوجتِه
بَعد عِدة دَقائِق إنطَلقَ الموكِبُ مُجددًا مُغادِرونَ نحو العاصِمَة
•••
" سَننطلِق الان .. هل المَوكِب جاهِز ..؟ " تَحدث المَلِك مُوجِهًا حديثُه الي مُساعِده الشَخصي الذي يُناوِب مكان جونغكوك حاليًا " نَعم مَولاي ، نحنُ ننتظِر امرُك لِنتحرك " إستَرسل الخادِم قائِلاً
" و اللورد ليو..؟ هل هو جاهِز ؟ " إستدارَ نحو مُساعده بعدَما حملَ سيفه لِينظُر الخادِم نحو يدِ جلالته ثُمَّ قال مُتحمحِمًا " سيدي اللورد ليو قَد عاد الي تركيا مُتحجِجًا ان والدِه يحتاجُه فورًا "
شدَّ اركون قَبضته مُنزعجًا و غادر الجناح مُتمتِمًا " ذلك الصَبي لا يَكف عن كونِه متهوِرًا ، والدِه لم يُربيه جيدًا هكذا هي طِباع العُثمانيون دومًا سيئَة و بشِعَة " لَحقه مُساعدِه و هو يَستمع لِتذمرات مولاه مُتنهدًا بِضَجر
حسنًا غيابُ جونغكوك سبب زَلزلةً واضِحَة بكامل الدَولة و الأمر يُؤثر سَلبًا على نَفسية المَلِك الذي أضحَى يخَشى الأغتيال بأيةِ وَقت ، الأعداء أصبحوا كُثر
غادَر جلالتهُ بِرفقة مَوكِبه نحو الدَولة العُثمانِيَة تحديدًا القَصر المَلكي لِلسُلطان الحالي مُراد الذي كانَ في إنتظارِ حُضور ايليزا على أحرِّ من الجَمر
لَطالما سَمِع عنها الكَثير و بِما انهُ رجَلٌ عاشِق للشعر العَربي العَريق كانَ دارِيًا ان سُموِّها تُجيدُه ممَّا زادَ شَوقًا لِمُجالَسِتها و التَحدُث طَويلاً عن تلك الأمور
•••
وَصل اللورد لِيو بِرفقة تايهيونغ و يوجين الذان استمرا بالشِجار طيلَة الطَريق الي القَرية " الأن وَصلنا الي القرية كَيف سَنعرِف اينَ منزل ذاك الشاب ..؟ " نَطق اندرو و هو يَلتفُ بِحصانه نَحو الضابِط الذي يَحضُن الآسيوية النائِمَة بين ذِراعيه " هل نامَت هذِه ..؟ " دَفع حاجبه للأعلى
" من الجَيد انها نامَت و الا كنتُ رميتها عند أقرِب بئر ، انها تَتحدُث كثيرًا! لا أعلَم كيف لا تملُ من الكلام ، المُشكلة انني افهم ما تقولُه لانها تتحدث الكورية ، انت بدت لك كمَا لو انها تُغني لهذا لا تفهمها سيدي! " تَذمََر تايهيونغ و هو يشعُر بالفتاة تُحرُك انفها ضِد عُنقِه و تُحيطه بِكلتا يديها
تَحمحم اللورد ثُمَّ ضَحِك على شَكلِهما " حسنًا تايهيونغ لابأس! لا تُنكر انها لطيفَة! ثُمَّ دعنا في موضوعِنا الان كيف سَنجِد البيت "
وَكز تايهيونغ يوجين " إنهضي لَقد حانَ دورُكِ لِتعطينا مساعدتك " هَزها بِخفة من كَتِفها لِتبدأ بفتح عَينيها و رَفع أيديها عاليًا تَتكسل و هي تَعلوا بِعسليتيها من الظَلام الي وَجهِ العَسكري مُنتهَى الإبداعِ و الفِتنَة
واشَكت على السُقوط و فقدِ توازِنها لِتصرُخ و يُمسِكُها تايهيونغ سريعًا من خَصرِها كي لا تقع و يَقعون بِمُشكلة عِلاجُها " هل عَليك ان تكوني أكثَر حذرًا لُطفًا ..؟ " نَطق مُعاتبًا فقامَت بإزالة يديه عن وَسطها النَحيل " أنزِلني حالاً الهي الا تستحي ..؟ " هَمِست بالقُرب مِن وجهِه
أندرو كانَ فاقِد الأمل يُطالِعها بِقلة حيلَة فقامَ بالقفز من حصانِه و أخرَج من جَيبه صورَةٌ مرسومَة الي جونغكوك ً اقترَب يسأل بِها عنهُ عند المُزارعون
دَقق المُزارِعون في صورتِه و أخبروه انهُ قَبل وصولِهم بساعاتٍ كانَ هُنا و غادَر مع الموكِب الي العاصِمَة ، إتَسعت عينانِ اللورد و عاد مُسرِعًا نحو جوادِه ليمتَطيه و يُمسِك بالسِرج " تايهيونغ لقد وجدناه هيا " تَكلَّم بِحماس و هو يُخبئ الرسمَة " تايهيونغ ..؟ " أدار رأسِه بِبطئ نحو الأخر
حيثُ كانَ العَسكري يَتشاجر مع يوجين فوق الحصان حَتى سقط كليهما على الأرَض مِن الجَواد و إستقرَّت يوجين عَلى جَسِد اليوناني ، اتَسعت عينانِ اللورد و دَلَّك جبينُه بِقلق " كان اسوءُ خيار جلبهما سويًا ! " همِس بقلة حيلَة
صَرخت يوجين بألم بِرفقة تأوه تايهيونغ المُتوجِع شاكِيًا من ظَهره و مَسكت عسليَة الأعيُن بِقميص البُندقي " انهُ كلهُ بسببك!! " جَلست تُدلِكُ رأسِها بتألِم كونهُ خبطتهُ في صَدرِه الصَلب ، تايهيونغ جَلس بِصعوبَة و هو يُمسِك ظهرِه بِتوجُع " أعتقد ان ظَهري قد كُسِر "
ناظرتهُ يوجين بِقلق و مسكتهُ من كَتِفه " حقًا هل تأذيتَ كثيرًا؟ " هَمِست و نَظرت بعينيه ، بُندقي العينيَن لم يَروقُه قلقها و دَفع يدِها عنه لِيرفع عينيه لِمكان اللورد لَكِنه بشكلٍ ما إختَفى
لَقد رَحل و تركهُما بِمُفردِهما في هَذِه القَرية !
" أين اللورد!! " تَكلَّم تايهيونغ بِقلق و أراد النُهوض لكنهُ لم يَستطِع و سَمع كليهما صوت فَرقعةِ عظامِه ، قَضمت يوجين شَفتها و نَهضت من الارض تنفُض فُستانها " آآآآآآآي يَبدوا الأمر مُؤلِمًا .. " هَمِست
أندرو مَسكَ بِسرجِ حِصانه و إرتَحل من القَريَة خَلف موكِب الأميرَة مُسرِعًا ، قَد علِم أن انتظار انتهاء شِجار هذان الإثنين سيدومَ طَويلاً و هو ليس مُستعِد أن يُضيِع المَزيد مِن الوَقت لِذا غادر على الفَور
أخذَ منهُ الطريقُ ركضًا بأسرعُ ما لَدى حِصانهُ ساعتَين حَتى بدأ يَرى ذاك الموكِب من أعلى التَلةِ يسير على قُرابَة من دُنو العاصِمة ، إبتَسم راضِيًا و تَوجه نَحوهُم بِسُرعَة و هو يَلهثُ لشدَة الرَكض المُتواصِل
حالَ وُصولِه الي مَوكبِهم صَرخ بِقوة " إنتظروا .. تَوقفوا " تقدَّم من نهايَة الجُنود الذين يسيرونَ من الخَلف و حَدق بالضابِط الذي جاء بِحصانِه من بِداية المَسيرَة و طالَع اللورد الوَسيم
" من تكون حَضرتك ..؟ "
" انا اللورد ليو ، ابنُ حاكم الأناضول و أتيتُ من اليونان للبحثِ عن شَخص مُهِم " إسترَسل ليو قائِلا و هو يُمسِك بسرج حِصانه الذي يَتحركُ بِه بِخفة ، إنحنى لهُ الضابِط حال تعرفهُ عَليه و كَذلِك إنصاعَ بقيَة العساكِر لهُ مُنحنيون
" سُمو الأمير .. لابد انكَ تبحث عن سُمو الأميرَة ..؟ " تَحدث الضابِط بعدَما إرتَفع و عدلَّ استقامتهِ مُناظِرًا وَجه الامير " اميرَة ..؟ ايةُ اميرة ..؟ " تعجبَّت ملامِح أندرو و إقترنت حواجِبه بِخفة " سُمو الاميرَة الايطالية! ايليزابيتا "
جونغكوك كانَ واقِفًا وسط اؤلاءِك الجنود عاقِدا حواجِبه بشدَة بينَما يستمِع الي صَوتِ أندرو ، رَفع كُحليتيه اليه و ناظَرهُ من بَعيد مُبتسِمًا بجانِبية " وَجدتني أيها اللورد الصَغير ، فَخور بِتربيتي " همِس بِصوت خَفيف لَم يسمعهُ سِواه
ايليزا تَعجبَّت لِتوقف المَوكِب بعدما واشَكت على أن تغفوا فقامَت بِفتح السِتارة و طلَّت على غديز " هاي غديز! لِما توقفنا ..؟ " همِست و ناظرها الاخر الذي كانَ مُنتبِهًا مع اللورد " لقد أتى إحدى الأمراء مِن السُلالة العُثمانية "
" هاه ..؟ " غادرتها سَهوًا و زادَ تعجُّب ليو أكثَر حينما قيل لهُ اميرَة ايطاليَة " كَيف وصلت اميرة ايطاليا الي هُنا ..؟ لَقد قُتلت بالفِعل في الحَرب على يد القائِد جُيون ..؟ " تكلَّم أندرو و ميَّل رأسه بتساؤول
" سيدي قَبل أشهُر وَجدنا آسيوي على الحُدود يَحملُ فتاة ، حينَما تَعقبناهُم وَجدنا انها الأميرَة الايطاليَة و تأكدنا من ذَلِك عبر وَشمِ السُلالَة اضافةً انها قالَت ان الآسيوي الذي مَعها كانَ مُساهِمًا بتأذيها و ان اليونانيون إحتجزوها و عَذَّبوها "
إتَسعت عُيون اندرو بِخفة و هَمِس بِصدمة " غَيرُ معقول! ايليزا أميرة ..؟" طالَع عَربة الأميرَة مِن بَعيد و إبتلعَ ريقه لِينظُر نحو الضابِظ " عَظيم لَكني لستُ ابحثُ عن الاميرَة الان بَل أبحثُ عن الآسيوي الذي كانَ معها ، اين هو ؟ "
توترََ العسكري و طالع عساكِره خَلفه و مِنهم جونغكوك المُبتسِم بِهدوء ، عاود النَظر نَحو أندرو و قال " سَيدي لَقد قُمنا بإحتجازِه لِشَهرين و مِن ثُمَّ هَرب ، بحثنا عنهُ قدر المُستطاع لكن مِن الواضِح انهُ مات "
" ماذا تَعنيه مات هَذِه ..؟ انتُم تَعرِفون من يكون هذا الآسيوي ..؟ " نَطق أندرو بإنفعال و غَضب مُحدِقًا بِمنتصف أعيُن الضابِط " لَقد قيل انهُ عسكري معسورُ الحال في الجَيش اليوناني " أدلى بِقوله مُبرِرًا و أكمَل " كَما ان الأميرَة قامَت بالشَكوى ضِده و أمرت بِسجنه و تَعذيبه و فَعلنا لنأخذ منهُ معلومات لِصالح دولتنا سيدي! "
إزدادَت أعيُن اللورد تَوسعًا و صَرخ " ماذا عَذبتموه ايها الحَمقى! هَل نَويتُم المَوت جَميعًا ..؟ أتعلمون انهُ ان وَصل خبر لجلالته أنكم ألحقتُك الضر بِه سَتُقام حربٌ أخرى !" صاحَ بِغَضبٍ مُنفعِلاً مما جَعل العَساكِر يَتعجَّبون
" لِ..لما قد تُقام الحَربُ سيدي ..؟ " تَحدث الضابِط بِقلق و نَظر الي أندرو الذي أخرج رَسمةُ جونغكوك مِن جَيب بِنطالِه و فَردها أمامَهم مُهسهِسًا
" لأنهُ القائِد الأعظَم للأساطيل اليونانيَة جُيون جونغكوك "
تجمَّد الدَمُ في عُروق العساكِر أجمَع ما إن تَسللَت هويةُ الآسيوي الي عُقولِهم ، نَظر كُل مِنهم الي بَعضهِم البَعض و تزايد التوتُر عِند الضابِط الذي أضحَى يُقطِّر عَرقًا " ل..لم أفهَم ما مَعنى ذَ..ذلك "
" مَعناه أن تُجهِز نفسِك للأعدام " تَحدَّث اللورد بِغَضب و مَسك سِرجه مُتخطيًا العساكِر نَحو عَربة الأميرَة القاعِدَة تُحادِث غديز ، الصَبي حالَما رأى اندرو يَتقدَّم إنحنَى بِسُرعَة و عَلِمت هي أنَّ اللورد قادِم
أنزَلت الستارَة على النافِذَة حالَ وقوف أندرو قُربَ عربتِها و إنحناءِه نحو نافذتها ، مَدََ يدِه و طَرق على الباب طَرقتين خَفيفتين و نَبضاتِه تَزدادُ تسارُعًا كُلّّما خَمن أنهُ سيَرى الفتاةُ الايطالِيَة
ايليزا رَفعت قِطعةُ القُماشِ تِلك حالَ طرقِه على باب عَربتها و تَلاقت عُيونها الشَهلية بِعيونِ اللوردِ السماءِيَة ، تَوسعَّت جُفونِها و فَرقت شَفتيها بِخفَّة " اءء! اندرو ..؟ " هَمِست و قامَت بِفتح الباب بدلاً مِن ابقاءِه حاجِزًا بينهُما
أندرو تَمكَّنت منهُ الصَدمة بالكامِل ، رُؤيتها بِذلك الشَكلِّ المَلكي لَم يَستوعِبهُ عَقلهُ بَعد ، ذاكَ الفُستانُ البُني الغامِق الذي تَرتديه مَع قفازاتٍ طويلَة سوداء مُشبكة تُظهر بياضَ بشرتِها بِرفقة قُبعتها التي تَحتوي على قُماشةً مُشبكة كَالحالُ مع قفازاتِها تَدلى على مُستوى زرقاوَتيها و تُبرِز أكثَر ما تَبقى مِن وَجهِها
الشَفتين الحَمراوَتين و الأنفِ النَحيل المَرفوع بِشموخٍ كَـ كِبرياءُها " ايليزا ..؟ " نُطِق أسمها مِو حُنجرتِه بِعدمِ استيعاب " سينيورا ايليزابيتا لُطفًا " ردََت عليه بِدورها بإبتسامَة و أفسَحت لهُ مجالاً حَتى يصعَد العَربة " إصعَد لِنتحدث بالداخِل "
اللورد بَقى مُتطيًا فَرسهُ يُطالِعها بِعدمِ تَصديق ، كانَ يَنظُر اليها فَحسب يُقلرِنها بالتي كانَت في اليونان قَبل أشهُر مع ذاكَ الثوب الرديئ ، الشَئ الوَحيد الذي لَم يَتغيَّر كِبرياءُها بِرفقة جَمالِها " لَقد عَلِمت "
نَزل من فَرسِه و مَدَّهُ الي غديز لِيصعد العَربة بِرفقة الاميرَة و يُغلق العَسكري الباب عليهِما " مالذي عَلمته ..؟ " تكلَّمت الاميرَة بابتسامَة و حَمِلت مروحتِها السوداء ذاتُ الريش و بَدأت تُمروِح بها امام وَجهِها
" عَلِمتُ ان كِبرياءُكِ كبرياءُ اميرَة! دم السُلالات الحاكِمَة يَتوهجُّ بِك " تَكلَّم أندرو و لازالَت زرقاوَتيها تَنفقدُ كُلَّ إنشٍ فيها ، تضايقَت ايليزا قليلا و تَحمحمَت مُزيلَة قُبعتها فَوضعتها الي قُربها و نَظرت اليه " اتيتَ تبحث عن جونغكوك ام عَني ..؟ "
تحنحن أندرو و مسحَ على أنفِه ليعتَدل في جَلسته و يَضع بندقيته بالقُرب منه مُتحدِّثًا " كِليكما ، علمتُ ان وجدتهُ سأجدِك ، لكن من الواضِح اني وجدتُكِ و لم أجِده " حَدق في عَينيها حينَما ابتَسمت " انتَ خائِف عليه؟ جونغكوك ليسَ سهلاً و أثبتَ لي ذلِك رُغم اني وشيتُ به لكنهُ تمكَّن من الهَرب "
" لِما وشيتِ به ايليزا رُغم انهُ دخل و ساعَدك ؟ " تكلّّم أندرو مُتعجِبًا فقد ظَنَّ ان علاقتِهُما كَعلاقة مَعشوقين سِريين يَتظاهران بالكَراهيَة ، سَمِع تلك التَنهيدة تُغادِر صَدر سُموِّها و هي تُشيح ابصارِها بعيدًا عنهُ و تُطالِع النافِذَة
" لإنتَقم! جونغكوك فَعل كُل شئ بي اندرو ، قَتل عائلتي ، قتلَ زوجي ، حاول الإعتداء عَلي عدة مَرات من قَبل و الكَثير من الامور السيئَة لِذا الا تَعتقد انهُ يستحِق ان يُعاقِب ؟ " نَقلت ابصارِها من النافِذَة الي التُركي مُجددًا
" لَكِّنها الحَرب ايليزا! القوانين تنصُّ عَلى أن القوي يَقتلُ الضَعيف " إستطَرد ليو قائِلاً مِما جَعل ايليزا تَنفعل و تَردف " نحنُ لَسنا في غابَة اندرو! "
حَدق اللورد في شَهليتيها مُباشرَة و تَقدَّم يَنحني نَحوها و يُناظرها عن قُربٍ أكثر " لَكننا نَفعل ، الحياة عبارَة عن غابَة ايليزا " هَمِس و عادَ مكانهً مُتكتفًا ، تَضايقت الاميرَة و زادَت مِن سُرعَة المِروحة حَتى راحت خُصيلاتِها تَتطاير
" جونغكوك ظالم اندرو ، انهُ يقتل دونَ رحمَة حتى انهُ قتل والد الناس الذين كانَ عندهم في الحَرب و قطع رأسُه ، قالوا كانَ وزيرًا او ماشابه " تَكلمََت شارِحَة بيدِها الحُرَّة مُنفعلَة فَهي لا تُريد ايجاد أي حُجََة تُعفي ذِمَة الآسيوي
تُحاوِل النَفاذ مِن مِشبكته قَدر المُستطاع
" اه؟ اجل لَقد قُتل في الحَرب! لانها حَرب! ايليزا هل تَعرفين ما مَعنى حرب؟ لا يُمكن ان يعود الاثنين على قَيد الحَياة فهمتِ كيف؟ ما رأيك لو قُطِع رأس جونغكوك اسيكون ذلِك مُنصِفًا لك ؟ "
تَبرقَّت عَينين سُمِّوها و تَحركت مِن مكانِها بِسُرعَة طارِقة خَشب العَربة " تَحرَّك من مكانُك بِسُرعة! الهي ما هَذا الفالُ البَشِع " ضَحِك اللورد عَلى تَصرُفها و تناقُضِها ليقترِب منها و يَضع يدِه على رأسِها بلطُف " سُعدت انكَ بقيتِ حية من عائلتِك و لَم يَقتلُكِ جونغكوك "
أبعدَ يدِه و تبادَل النَظرات الصامِتة بِرفقتها لِوقتٍ وَجيز ، ضَحِكت الاميرَة بِخفة و ارجَعت خُصلاتِها الي الوراء مُستطرِدَة " حسنًا علي أن اكون مُمتنَة لِهذا اليسَ كذلِك ..؟ " تَبسمَّت و تَفتلت بِعينين أندرو الهادِئ الذي اومئ لها
" اين هو الأن ؟ "
بَحلقت الاميرَة في مِروحتِها و وَضعتها في حُضنها لِتأخُذ قُبعتها ترتديها و تُناظِره مِن خَلف المِشبكة " لابدَّ انهُ في مكانٍ ما يُخطط لشئ ما " هزَّت كَتفيها و عَلِم أندرو أنها تُخفي عنهُ شيئًا لِيبتسم و يَنظُر خارِج النافِذَة مُتنهدًا
" انتِ لن تَبقي عند عمي طويلاً صحيح؟ "
" لَدي نِقاش طَويل مع السُلطان مُراد ليو " إسترسلت بابتِسامَة و نَظرت الي القَصر العُثماني مِن بَعيد و هُم يَقتربونَ مِنه رويدًا رويدًا
•••
" مَولاي ، لَقد وَصلت السينيورا ايليزابيتا الي قَصر حَضرتكم و هي مُتواجِدَة في جَناح زوجة سُموكم " تَحدث خادِم الجناح المَلكي و هو يَنحني أمام السُلطان الجالِس في مَكتبِه يُراجِع اوراقَ عملِه
رَفع رأسِه نحو الخادِم و ابتسَم " مُمتاز! " رتَّب اوراقِه و خبئهًم بالدُرج لينهَض و يَحمل رداءِه يَرتديه فقامَ بِحمل عمامتِه المَلكيَة و إرتداها لِيُغادر نَحو الحَرملِك الخاص بِحريمِه و جناح زوجتِه
حيثُ كانت هناك ايليزا جالسة بالقُرب مِن زوَجة السُلطان التي تَحمِل ابنها البالِغ مِن العُمر سِتة أشهُر ، لَم تَكُن عَلاقة الاميرَة مُحببة بالأطفال لَطالما كانت دومًا هنالِك فَجوة بينهُما فإكتفت بالنَظر الي الأمير الصَغير بابتِسامَة دونَ لمسِه
" انتُم حينَما تُنجِبون الامراء تَعتبرون أزواج السُلطان ؟ " إحتَست من الشاي مُتسائِلَة بينَما تُناظِر السُلطانَة " في الواقِع أجل ، الجارِيَة الأقوى هي من تُنجب امير لِلسلطان و تُصبِح سلطانة " ردَّت بابتسامَة جَعل الاميرَة تَزدادُ تعجبًا
" اذًا ليسَ لديكُم زواج ..؟ هه نحنُ نتزوج لا نَملِكُ نظام الجَواري مِثلكم! " قالت ايليزابيتا مُستغربَة و هي تُناظر الجواري يُرتبون الجناح " لَقد حدَث مرَّة و تزوج السُلطان الراحِل سُليمان القانوني بالسُلطانَة هُيام ، لا أحد يُرشِّح ان تُعاد تلك المًعجزة مِن جَديد "
هَمهمت ايليزا مُتفهمَة و نَظرت نحو الفتاة الجالِسَة بالقُرب مِن السُلطانَة و قد كانت هادِئَة مُنذ مجيئها " من تكونُ هذِه ..؟ " طالَعت السُلطانة التي ردَّت بهدوء " هذِه السُلطانَة لورانَس ، زوجة السُلطان الراحِل أخ مُراد "
حَدقت ايليزا بِعينين لورانس الهادِئَة و قَد بان عَلى وَجهِها الهَمُّ و الحُزن ، تَعجبّّت من ذَلِك و لم تُعهره اهتمامًا خُصوصًا حينما فُتِح باب الجَناح و سُمِع صَوتُ الخادِم يَصرُخ " دَستور ، جَلالة السُلطان مُراد يَدخُل الجناح الان "
نَهضت ايليزا بِرفقة السُلطانتين و وَقفن الي جانِب بِعضهِّن حيثُ كليتاهن انحنيين عَدا الاميرة التي بَقت واقِفَة تنتظِر دُخول السُلطان بابتسامَة
وَضعت كأس الشاي جانِبًا و عدلت قُفازِها الأيمن مُحدِقة بِدخول جَلالتِه و تَقدُمِه مِنها ، إبتَسمت و زرقاوَتيها تَنظُر بِعينيه مُباشرةً حينَما وَقف أمامِها " سينيورا ايليزابيتا " قالَ بابتسامَة فردَّت سُموها بذاتِ المُحيَى البَسيم " سُلطان مُراد "
مَسك السُلطان بِيد الاميرَة و قَبَّل ظاهِرُها بِنُبلٍ جَعل زوجتِه تَغلي غَضبًا لَكِّنها فَضَّلت الصَمت فَليس بإمكانِها التَدخُل " مِن المُريح رُؤيتك وجهًا الي وَجه بَعد كُلَّ تِلك الرسائِل و المكاتيب " قالَ مُراد و شابك يداهُ خَلف ظَهرِه دافِعًا بِصدره الي الأمام
" في الواقِع منذُ ان كان والدِي حيًا كنا نُخطط لِزيارَة لاخيك السُلطان الراحِل ، تعازينا لَكم نيابَةً عن عائلتي " إستطردت ايليزا بدورِها مُدعيّّة الأسَى بشأنِ موت اخيه بالحَرب ، ناظَر السُلطان لورانَس و قال بتأسُف " أجل تُوفي اخي بِمعركةٍ طاحِنة بالفِعل، اسفي على عائلتُكِ لَقد حزِن الجَميع على ما حَلَّ بُهم لَكِن كما إعتدنا القائِد جُيون لا يَرحمً أحد "
ضَغطت لورانس على فُستانِها قويًا حينَما سَمِعت إسم الآسيوي و حَدقت بايليزا التي نَطقت بإبتسامَة " و نحنُ لن نَرحَمه ، اذًا جَلالتك الا تُفضل ان نتكلم على إنفراد ..؟ هُنالك الكَثير لِنتناقش فيه "
" طبعًا ، تَفضلي معي الي الخارِج " أفسحَى لها المَجال لِلعبور لِتنظر ايليزا نَحو السُلطانتين و تستأذِن لِلذهاب مع جَلالته و بالفِعل غادَر كِليهما الي جناحِه الخاص " لَقد رافقني اللورد ليو مِن مُنتصفِ الطَريق "
" لَكِن اين هو ؟ " ناظَرها السُلطان و هُما يَتمشيان في الحَرم و كُل الجواري مِن حولِهما يتهامسن " في الواقِع قال انهُ وراءهُ عمل ، انت تَعرِف ان القائِد جُيون في أرضك " تَوقفت عن السَير و نَظرت بعينين السُلطان " أي انهُ عليه ايجادِه قَبل ان يَفتعل كارِثة ما هُنا و يُعيده الي اليونان " هَمِست
إنبَثق الرُعب في قَلب لورانَس التي غادَرت مِن بَعدهُما و سَمِعت أخَر ما قالتهُ الأميرَة ، بِسُرعة حَمِلت نَفسها و غادَرت الي جناحِها و هي تَرتجِف
•••
" عَلينا التَسلُل الي داخِل القصَرِ تيسا " تحدث جونغكوك و هو يُناظر زوجتِه الجالِسَة الي قُربه في أحد أزِقة شوارِع العاصِمَة يتناولونَ الفطائِر الساخِنَة " لَكِن لما لا تُخبرهم هويتَك سيدخلونَك مباشرَةً ! " تحدَثت الصَبية و أضافَت العسل على فَطيرتها ثُمَّ تناولتها
القائِد صَمت الي ثوانٍ يُفكِّر ثُمَّ نَطق " لا أستَطيع " نَظر جانِبًا و إستمرّّت التُركيَة تُناظره الي وَقت طَويل " أتعلَم ، لطالَما قالَ الجميع عنكَ انكَ قاسٍ يَستحيل الجُلوس معك لثانيتين او حَتى التحدُث بِرفقتك " تلاقَت عيونِهما بِمُجرد ان نَظر لَها مِن جَديد
" انها حَقيقة ، لَكني اتعلّّم ان اكونَ جيدًا و سَلِسًا تيسا ، اعتقَد ان إحداهُنَّ قامَت بِتهذيبي " تكلّّم بِبسمةٍ خفيفَة و أكل من فطيرته مُناظِرًا التُربَة أسفلهُما ، تَبسمت تيسا و تركت مِن يدِها الفطيرَة " فَعلت شيئًا عظيمًا اذًا "
" لَم تترُك لي حَلاً سِوا التَهذيب لِلتعامُلِ مَعها " اتمّّ القَول و حَدق بعينين التُركيَة " انها ثاني فتاة إستطاعَت التَسلُل الي تَفكيري تيسا ، اعتدتُ العَبث بالنساء و نسياهُنَّ حالَ مُغادرتِهن لَكِنها مُختلفَة تمامًا "
إقترنت حواجِب تيسا مُتعجبَة و مَسحت شَفتيها من عَسل الفطيرَة " علمتُ ان الثانِيَة الاميرَة ، لَكِن من هي الاولى ..؟ " سألَت بِفضولٍ غلَّف كلماتِها و هي تُطالِعهُ بإهتمام مُترقبةً اجابتهُ
جونغكوك إعتَدل بِجلستهُ و حَرك رأسهُ نَفيًا " لا يهم " قضمَ اخر قضمة مِن طعامه و رَفع عيونِه نحو الفراغ مُسترجِعًا ذِكريات الماضي
إستَغربت تيسا أكثَر و لم تَرغب بالغوص اعمق فقد تَسمع اجابةً لن تُرضيها فإقترَبت و أسنَدت رأسها على فِخذه مُثيرَة دَهشة القائِد " ماذا ..؟ " حَدقت بعينيه حينَما ناظرها رافِعًا حاجِبه " انا مُتعبة من السَفر و لابأس بالاتكاءُ على زوجي لاخذ قِسطًا من الراحَة ، اليس؟ "
إبتسَم بِخفة و طبطبَ على رأسِها " حسنًا نامي لأرى و ارتاحي قليلاً فورائِنا الكَثير في إنتظارِنا " إستنَد برأسِه على الجِدار خَلفِه يَنظر نَحو السَماء
إبتسَم بِخفة حالَ تذَكر عَيونِ ايليزا الزرقاء و تَشكلَّت لهُ صورتِها بينَ تِلك الغُيوم البَيضاء ، أنزَل رأسِه نحو صَدرِه و فَتح زرين مِن قَميصِه لِيُحدِق بالجُرح عَلى ثَديه ناحِتًا حُروف إسمها " ايـلـيـزابـيـتـا " هَمِس
•••
" اذًا سينيورا ، غايتُكِ نهائِيَة ؟ " تكلَّم السُلطان و هو يَحتسي القهوة بِجوار السينيورا في تَراسِ جناحِه " نَعم ، بعدما أصِل الي هَدفي انا سأضمن لكَ حِصتك من الأمر سُلطان مُراد " حَدقت بِعُيون السُلطان بخاصَتيها الجذابَتين
إبتسَم السُلطان و تركَ الفِنجان فوق الطاوِلَة " غايتُكِ صعبةُ المَنال دامَ جونغكوك مُتواجِد في الساحَة ، عليكِ التَخلُص مِنه " إقتَرح قائِلاً و نال إهتمام سُموها التي عارَضت مُستطردة " لا اُريد ان أقتلُه مُراد! انا مُشوشَة حياله لَكن ابدًا لا اُريد موته " نَفت مُعارِضَة و شربت من فِنجانها مُناظرة الفَراغ
مُراد أطالَ النَظر الي الأميرَة سارِحَة الفِكر و حَمل فِنجانه يَحتسيه " هل تُؤمنين بالحُب سُموك ؟ " ناظرتهُ ايليزا مُباشرَةً و إسترَسلت " اؤمن ، لَكِن علمتُ مؤخِرًا ان لَيست كُلَّ انواعُ الحُب تَكون مُسالِمَة ، قَد نُحِب و نُحَّب حُبًا سامًا ، ألا تَتفق ؟ " غَمِزت لهُ و حَملت حبةُ العِنب تَتناولها
" كُلَّ مِنا يُحب على طَريقته لَكِن أسمَى انواعُ الحُب تلك التي تَخلوا من الأذيَة " قالَ مُراد و حمل الشوكَة يَغرِسُها بالتُفاح المُقطع لشرائِح و يتناولها بينَما يُطالِع سموِها التي تَنظر نحو البَحر " الأمر مُمِل سُلطان ! " ناظرتهُ
" نحنُ ابناءُ الكِبرياء ، إن تَوقَّف ابانا عَن العَبثِ في عِلاقتُنا سَتسقُط المُتعَة ، الحُب و السَلام لا يَصنعان شيئًا عَدا الأشخاصُ الضُعفاء ، المَعارِك و الكَراهِيَة تَصنعُ الأقوياء ، الحُب يَجعلك ضعيفًا يا مُراد ، احيانًا تودُ التَخلي عن كُل شئ لأجلِه لَكِن هل حَقًا العِشق يستحِق كل هذِه التَضحية لأجله ؟ "
بَحلقت بِمُنتصف عَينان السُلطان مًتسائِلَة بعدما حَملت تُفاحة و قَضمت منها ، مُراد صَمت لِوقتِ طويل و أطلق تَنهيدة عميقَة لِينظُر الي السَماء " بالنِسبة لكِ ، لا لا يستحِق أما بالنسبَة لي فأجل ، يستحِق كُل مِنا يُفسِّر حكايةُ حُبه حسب ظُروفه "
لَم يَكُن جوابًا سارًا لِسموِّها فَتمنت لو أن جوابِه كان العَكس لِحكايتها ، ليتهُ كانَ يَستحِق " من جونغكوك إنتقلنا الي الحُب و العِشق ، الامر مُبتذل ، دَعني اذهب ارتاح اذًا و نتناقش في التفاصيل لاحِقًا " قالَت ايليزا بابتسامَة و نَهضت بينَما تتناولُ التُفاح الاخضر
وَقف السُلطان مَعها و ابتسم مُهمهمًا فأذن لها بالرَحيل مع خادِمة تُقلها على جناح ترتاحُ فيه مِن تَعب السَفر ، دَلفت الي الجَناح البَسيط الذي جُهِّزَ لَها ، كانَ مُتواضِعًا يَحملُ زخاريف عُثمانِيَة مُحلِقًا فيه هواءٌ بِرائحَة العود
أزالَت ايليزا فُستانِها و دَخلت بِرفقة الجواري الي الحَمام يُحممونِها و يَعتنون بجسمِها بَعد طيلَة الطريق فإستَرخت و هي تَشربُ العَصير بِنكهةِ التوت مُغلقَة زرقاوَتيها مُتأثِرَة بَتمسيدات الخَدم لِعُنقِها
حالَ أن غاَصت بإعماقِ إستراخائِها راودَتها مُقتطفاتٍ مِن تِلكَ الليلَة ، أحسَت لِوهلةٍ بيدِه الخَشنَة تُلامِسُ نُحلَ عُريُ خَصرِها و تَتحسسهُ بأصابِعٍ قَوية ، إرتَعد بدنُها بِخفَةٍ مُسترجِعَة همساتِه بالقُربِ من مَسمعِها و تأوهاتِه المُستمرَة بإسمِها وَسط سوادٍ حالِكُ الظُلمَة
ثَقلُت أنفاسُها أكثَر و فَتحت شهلتيها مَفزوعَة لِتشهق حينَما مَررت الجارِيَة إسفنَجة الصابونِ على فِخذها " ت..توقفي " هَمِست و ناظرتها الخادِمة بتعجُّب " سُموك هل انتِ بخير ..؟ " أخذت ايليزا نَفسًا عميقًا و أطلقتهُ مُحركة رأسِها بالنَفي " اخرجن ، سأتِّم استحمامي لِوحدي " أمرتهُنَّ بالرَحيل و غادَرن
ما إن رَحلن أعادت ايليزا خُصيلاتها المُبللَة الي الوَراء و تَنفست بإضطِراب مُحاوِلة كَتم كُل ذرةِ مَشاعِر انتابَهتها في هَذِه الثانِيَة لَكِنها لم تَصمُد اكثَر و إنفجَرت بالبُكاء بِصوتٍ أفاقَ صمتِها الطَويل
كُلَّ بُكاءِها الصامِت خَرج اليَوم و هي تَسكُب المياه الساخِنَة على جِسمها المُحمر تَقومُ بِفركِه بأظافِرها و الدُموع تُخالطُ المياه مُتخفيَة بِحرص ، زادَ بدنُها إرتِعاشًا و رَمت إبريق المياهُ جانبًا لِتمسِك وَجهِها بيديِها و هي ترتَعِش
" ا..انت مَن اوصلتني الي ه.هذه الحَالة يا جونغكوك ، هَ.هل كان ي..يستحق التقاءُ..التقاءُنا و ه..هذا الحُب مَوت عائلتي ..؟ "
•••
كانَ يومُ الإثنين ، حينَما كانَ الشَعب يَدخُل الي ساحات القَصرِ للتفاوضِ مع السُلطان و إدلاء بِمشاكِلهم المالِيَة و التجارِية و احيانًا العائِلية لهُ و إلبحثِ عن الحُلول ، كان جونغكوك مُتنكِرًا مِن ضِمن اؤلاءك الشَعب بِرفقة زوجتِه تيسا الواقِفة بِجوارِه
كانَ جونغكوك يَرتدي زيًا تنكُّريًا الي جانِب انهُ يُمسِك عصاة يَستندُ عليها كَما لَو أنهُ أعرجًا لا يَفقهُ من السيّّر شيئًا ، وَصل كليهما هو و زوجتِه الي خادِم الدَولة الذي يأخذ بِمشاكل الناس و يوصلِها الي داخِل البلاط حيثُ يكونُ سموِّه
" ما مُشكلتِكما ..؟ " تكلّّم الخادِم و نَظراتِه كلها على جونغكوك الذي بدا مُسكينًا مَعسورَ الحال يُثير شفقةَ الناظِرين " يا سيدي ، نحنُ نريدُ مُساعَدة ، انا اعملُ في مَجال الخِياطَة و زوجي أبكم و أصم لا يُجيد الكَلام و لا يسمعُ حَتّّى ، ليس لدينا ما نأكل او حَتى ماوى لَقد هاجرنا من قريتُنا و اتينا الي العاصِمَة لعل و عَسى ان نَجد رزقُنا هنا ، بالتأكيد جلالة السُلطان لن يَخدُل بِمساكين مثلنا " تكلّّمت تيسا بِصوتٍ يكادُ يُصبِح باكِيًا ، كان مُرتجِفًا لدرجة أرَقت قلب جونغكوك الذي يُطالع الأرض بِضعف " * النِساء جيدات بالكَذب اكثر من اي شَئ اخر * "
" حسنًا يا سيدتي لَكِن ماذا يُمكن ان تُفيدين القَصر .. و السيد بماذا يستطيع ان يَخدم و هو أعرج و أبكم ..؟ " قال الخادِم بعد ان صَمت لثنايتين يُفكر بِحالهما السِئ فَنظر نَاحية الآسيوي عاتِر الحال ، ثيابُه المُمزَقة و التي تملئُها الاوساخُ و التُربَة الي جانِب اسوداد وَجهه و لحيته الغير مُرتبَة
" يَستطيع ان يَعمل كمُزارِع للحديقة المَلكية و الإهتمامُ بها ، زوجي يِحب الزهور جدًا " نَطقت تيسا و ناظرت جونغكوك لِتُمسك يده تمسحُ عليها بلطف " ان وافقتُكم سَيكون اكثر شَئ سعيد تُقدمونَه لهُ في حياتِه ، لطالَما اراد العَمل لاسعاد عائلته لَكِن حالتهُ الصحيَة لا تسَمح " شَدَّ الآسيوي على يدِها و قام بِتقبيلِ باطِنها لِينظُر الي الخادِم الذي يُناظرِه بِحُزن
" و انا استطيعُ العمل كَخياطَة للقصر ، اُجيد حقًا الحياكَة و الخِياطة بشكلٍ مُذهل " بَدى التَلهف واضِحًا على صَوتِها مِما جَعل الحادِى يُهمهم و هو يُدوِّن كلََ ما قالتهُ " انتظرا جانِبًا حتى يتم اعلامُ السُلطان بشأن امركما "
وافَقت الصَبية و مَسكت يد زوجِها لِتسيرَ به و يَقف كليهِما الي الجانِب بِرفقة البَقية أينَ ينتظِر كُل منهم حُكم السُلطان ، غادَر الخادِم الي البَلاط و حَكى كُل المشاكِل التي اوتَت اليه اليَوم ابتداءًا منذ دخولِ اول شَخص إختِتامًا بجونغكوك و زوجتِه ، فَكَّر جَلالتهُ مُطوّّلاً بِحال جونغكوك و زوجتِه و أمر برؤيتهِما
حالَ أن رأى كِليهما بِتلك الحالَةِ المُزريَة وافَق على عَملهما في قَصرِه و أعطَى كُليهما الأحقيَة في بدأ وَظيفَتِه من اليَوم كَما انهُ زودَهُما بِغرفةٍ صَغيرة يَمكوثانِ فيها لِكونِهما بِلا مأوى
تيسا غادَرت مُباشَرةً الي الحَرملك حيثُ بدأت العَمل هُناك مع الجواري و إنتقاء الأقمِشَة مَعهُن أما عن الآسيوي و هو بِفمٍ صامِت اتجه الي الحَديقة المَلكِيَة يَسقي الزَرع تَحت مُراقَبة الحَرسِ لهُ
راقَب زُهور التوليب و تبَسَّ ثِغرُه حينَما خَطرت على مُخيلتُه ايليزابيتا مُباشرَةً ، قامَ بسيقها بِحَذرٍ مُخمِنًا كَم أنَّ رَمز هَذِه الزَهرة يُشبِهُها ، كانَت رمزًا لِلجمالِ و الأناقة و الرومانِسيَة حيثُ أنَّ مَظهرِها يوحي بالكِبرياء و التَفاخُر
لَم يَمضي على تَذكُّره لَها ثوانٍ فإذ بِرنينِ ضَحكاتٍ يَتسللُ مَسمعهُ و لَم يكُن ذاكَ الصَوتُ إلا يَخُصها ، رَفع مُقلتيه بِبطئ من عَلى الزَهر و إلتَف برأسِه نَحو سُموِّها التي كانت تُلاعِب قِطَة السُلطانَة في الحَديقَة مُمرِرَة اصابِعُها النَحيلة داخِل شَعر الثانِيَة
كانت القِطَة تَتشبثُ بصدرِ الاميرَة و تقومُ بِلعق وَجهِها بينما سُموِّها تُقهقه عليها و تمسحُ على شعرِها برفق " يالا جَمالُكِ ، لَقد أحببتُكِ جِدًا " حَملتها من ابطيها عاليًا ثُمَّ أجلستها بِحُضنِها تستمِع الي خَرخراتِ القِطَّة المُطمئِنَة
" لَيتني أستطيعُ ان اكونَ بِكلِّ هذا الإطمِئنان الذي انتِ عَليه " هَمِست و رَفعت عَينيها من القِطَّة الي تِلك الزُهور التي تَحتضٍنُ افاقَ الحَديقَة ، رأت ذاكَ الرَجُل العاتِر يُعطيها ظَهرِها و يَسقي الورود مِما جَعلها ان تَشعُر بالحمَاس لِتبادل الاحاديث مَعهُ حول النباتات
حَمِلت القطة فوق كَتِفها و نهَضت بِفُستانِها الأرجواني ذا نَفشةٍ بسيطَة و هَيكلٍ ذا حَمالاتٍ صَدرية عِند الثديين أبرزَ مَعالِمُها بشكلٍ آسِر يُعطي ذاكَ الجَسدِ رونَقًا ، كانَ شعرُها مُسرحًا مَع ظُفيرةٍ صَغيرة تُلملِمُ فيها خُصلتين من الأمام و تَختمُهما بِظفرةٍ عند نهاية الرأسِ فَبقى بقيةُ الشَعرِ مَفرودًا
تَمشَّت نَحو جونغكوك الذي تَصلَّب جَسدُه كُلما إزداد إقترابُ رائحتُها من أنفِه ، تَخبطَّت نَبضاتِه و بدأ يَتعرق و لَم يُدرِك كَم مرًَة ينتابه هذا الأحساسُ بِرفقتها بَعد لَكِّن الذي تأكد منهُ لا مُحال أنَّ قلبهُ ليسَ بِخَير
" عُذرًا .. هل يُمكننا التحدُث قليلاً ..؟ " وَقفت خَلفهُ مُباشرَةً و تَكلمَّت بإسلوبٍ لَبِق بَسّّم مُحيى القائِد ، مَرَّ أسبوعين تَقريبًا لَم يَسمع فيهما صَوتِها ، لا يُمكِر انهُ بدأ بالأشتياق لِتواجُدِها بالقُرب مِنه ، أصبَح أمر إبتعادِها لسويعاتٍ سببًا لتضايقِه بدونِ عُذر لَكِنهُ لازال يُنكِر ، مسألةُ الكِبرياء لَديه صَعبة
هو يَعلم ان استدارَ لها سَتعرِفهُ لا مُحال فهي سَتمُيز عَينيه مُباشرَةً لِذا ظَّل يُعطيها ظَهرَه يُمثِّل انشغالِه بسقي الزُهور كَما لو انهُ حَقًا أصمَّ لَكِنهُ رَغِب بسماعِ صَوتِها أكثَر و أعطتهُ مُرادَه حينَما إستَرسلت " الا تَسمعُني ..؟ "
" سُموِّك ..؟ " كادَت ان تُمسِك كَتِف الآسيوي لَولا سَماعِها صَوت السُلطان يُناديها ، إلتَفت نَحو جلالتهُ و رَسمت ابتسامَة بريئَة " سُلطان مُراد ، صباحُ الخَير " انزَلت القِطَة من كَتِفها و راحَت الهِرَّة تَركًض نحو اطفالِها و زوجِها الذَكر
" صباحُ النور ، لا تُتعبي نَفسُكِ بُمُحاكاتِه عبثًا ، إنهُ اصمٌ أبكَم لا يُجيد الكَلام و لا يَسمعُ ايضًا " نَطق السُلطان و نَظر نحو ظَهر جونغكوك الذي يُنصت اليهما بِصمَت تام ، ايليزا ادارَت رأسِها نحو الآسيوي و أحسّّت بِشعورٍ لامسَ صدرِها " * غَريب ، أشعُر انهُ العَكس * ح..حقًا .. "
نَظرت الي السُلطان الذي هَمهم و طبطبَ على كَتِفها " أجَل سُموُِّك ، لقد رَتبتُ لكِ جولةً بالخَيل مع أندرو كَما رغبتِ ان كنتُ تودين الذهاب مساء هذا اليوم " قالَ بابتسامَة و رافق سُموِّها لِلجُلوس بِقرب سُفرة الفواكِه و التَحلية
تناوَلت ايليزا من العِنب و اومأت بِحماسٍ بدا على وَجهِها " أجل ، عَليَّ حقًا الذهاب و التَنفيسُ عن نَفسي قليلاً ، أخِر ما تَعرضتُ لهُ لم يَكُن هينًا " هَزَّت كَتفيها و تَنهدََت مناظرَِة السَماء " لكِنك تَتحسنين يومًا عن الأخَر هُنا ، وَجهِك يُشرق يومًا بعد يَوم " إستطرد جَلالتهُ مادِحًا إشراق و جَمال مَلامِح سُموِّها
جونغكوك لَم يَكُن راضِيًا عن هَذا المَدح خُصوصًا انهُ مسَّ به نوعًا مِن التَغزُل مِما جَعلهُ الأمر غاضِبًا ، كوَّر اصابِعه بِتضايُق و إنتَقل للطرفِ الأخر الأقرب مِن كليهما حَتى يُنصت أكثَر و إنحنَى يَسقي النباتات
" نَفسيتي تَتحسُن جيدًا جلالتك ، انتم لا تُقصِّرون بتاتًا بِجعلي مُرتاحة انا مُمتنَة " قالَت ايليزا شاكِرَة و هي تبتسِم و راحَت شهليتيها تُراقِب جونغكوك الذي إنحنى الي الارض واضِعًا عكازِه الي جانِبه " هل هو جَديد هنا ؟ اين ذَهب العم راشِد ؟ "
" اجل العمُ راشِد في اجازةٍ صِحية و سيحلُ هذا مَكانهُ ريثما يعود نَجِد لهُ عملاً أخر ، مِسكين أبكم و أصم ، مُتزوج و أعرج ايضًا ليسَ لديه ما يَعملُ به " قالَ مُراد و شَرِب من عصير التوت لِينظر الي ظَهر جونغكوك الذي تَبسّّم بٍجانبيَة و هو يَقصُ الاعشاب الضارَة قبل سَقيها
" اوه حقًا ! كَسر خاطري ! تعلَم انا حَقًا اُحِّب الزهور و النباتات ، انا اُجيد لُغة الاشارَة ايضًا لِهذا لا اُمانع من الأنضمام اليه " نَطقت سُموِّها و نَهضت مِن مكانِها لِتسير نَحو جونغكوك ، إنحَنت لِلجُلوسِ الي جانِبه تَحت تَعجُّب السُلطان
تَكلمََت ايليزا بِلُغةِ الإشارَة و أوضَحت لهُ رَغبتها الماسَة بالبقاءِ معهُ و الإعتناءِ بالأزهار ، الآسيوي أدارَ وَجهِه جانبًا و أوضَح بِدورِه عن خَجلِه بالمُكوثِ معها و أن زوجتِه غَيُّورَة و سَتقومُ بِمُعاتبتِه
ضَحِكت ايليزا على ما قالهُ بِلغة الاشارَة و أوَصلت لهُ انها حَتمًا لن تُفكِّر بِه كَنوعٍ مُفضل مِن الرِجال ، جونغكوك تبسَّم على ضِحكتها التي غادَرت ثِغرها بشكلٍ نَقي لِلغايَة ، احسََ لِوهلةٍ ان روحَ الاميرَة قد تَجددت لَكِنهُ لم يَكُن يَعلم القادِم بَعد
السُلطان أتتهُ جارِيَة و أخبرتهُ باذنه بشأن مُهِّم أدى استدعاءِه الي الداخِل لذلك نَهض و تَرك الأميرَة بِرفقة الآسيوي الي وَحدِهما ، جونغكوك أرسلَ لها كَلِماتِه بِحركاتِ يدِه و أخبَرها أنَّ الأيطاليونَ يُغرمون بالجَميع بِلا مُنازِع لِهذا يَخافُ على نَفسِه مِن السُقوط في المِشبكَة
راقَبت ايليزا حَركات يدِه بِشهليتيها و قَضمت شَفتيها تَكبُت ضِحكتها ، رَفعت زرقاوَتيها الي اُذن جونغكوك التي تُقابِلُها و تَقدَمَّت ماسِكَة ذَقنهُ فَـ بِبُغتةٍ أدارَت رأسِه اليها لِتصطدِم نَظرات كِليهما بِبَعض
تِلكَ الكُحليَة و مُنافِستُها السَماءِيَة
" لَكِنَّك نوعيَ المُفضَّل يا جونغكوك "
•••
عيد سَعيد و عُمر مَديد 🤍💫
نتمَنى ان يَمحي الله كُل ذنبٍ إقترفناهُ بِصومنا في رَمضان و أن يِطهِّر ارواحِنا جَميعًا 🤍 كَيف اجواءُ العيد لديكم يارفاق ..؟
هل احببتم بالتشابتر ..؟ تسلسل الاحداث ..؟
ماذا عن لورانس ..؟ من تعتقدون انها تَكون .؟
هل تعتقدون حقًا ان حُبَّ جونغكوك و ايليزا يستَحق ان تُقتل عائلتها لأجله ؟
برائي ان لم تقتل العائلة في الحَرب ما كانت الرِواية لتكن موجودَة من الاساس ، لكنهُ سؤال يستحق التَخمين فيه
بعض انواعُ الحب تكون سامَة تتسِمُ بالانانيَة علينا اخذ ذلك بعين الاعتبار
احتاجُ رأيكم لانهُ حقًا يهمني لهذا تفاعلوا جيدًا لاجلي 🥺🤍💫
اراكم على خَير في القادِم ان شاء الله
دُمتم في حفظ الله و رعايته ❤️
.
.
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top