هواجِس العِشق • 18 •
هواجِس العِشق || جُيون جونغكوك
أهلاً بِكم في الجُزء الثامِن عَشر مِن رواية مَخاوِف الحُب 🤍💫
تَفاعلُكم اللطيف على أخر تشابتَر ليتهُ يكونُ حاضِرًا دومًا 🥺 شكرًا مِن القَلب يا رِفاق اُحبكم ❤️
قِراءة مُمتِعَة
•••
قيلَ لَها ما قَدَّ حَفرتهُ بالحِبر على تِلَك البَيضاء النَقيَة فَزارَ إحمِرارُ نَبضِها قَرعُ طُبولِه مُتزايدًا مَع لَمسَةِ شَفتِه ، إرتَكبت مَعالِمُها و رَفعت يدِها مِن صَدرِها تُمسِك كَتِفه العاري المَخدوش و تَدفع بِه بِرفق الي الخَلف
" مـ..من أينَ جلبتَ هَذِه ..؟ " هَمِسَت و زرقاوَتيها تَتبِعُ وَميضَ عيناهُ ، أحسَت بلمَسةٍ عَلى خدِها مِن طَرف أصابِعه تَتلوها هَمستهِ الخَفيفة " كَتبتهُ إحدَى الأميرات " حَرك انامِلُه دائِريًا على وَجنتها المُحمرَة
يَدِه تَسللَت الي عُنقِها أينما إلتَفت أصابِعهُ حَول رقبتها فَضغط بِخفَة على نَفسِها و إنخفَض الي اُذنها مُتمًا الهَمس بعدما طالُ صَمتها " أنتِ أتيتِ لِعرينِ الأسد بِقدَميك " إبتَعد الي الوراء يَنظُر لِعينيها مَقرونَة الحاجِبين
لَم تَلحق أن تَستوعِب الذي يَحدُث حَتى قامَت يَدِه بالضَغطِ قويًا على عُنقِها فإذ بِها تَرفعُ جِسمها مِن عَليه فَيخبُط رأسُها بِجدار القَفِص بِعُنفٍ أدنَى لِتجمُدِ أطرافِها و تَفرِقَة شِفاهِها مَصدومَة
نَظرت بِداخل عيَنيه و يَدها تَلتفُ حولَ خاصتِه التي تُعانق عُنقِها فأحسَّت بالدِماء تُلوِّنِ بَشرتها البيضاء ، إرتَخت بِبُطئ و سَقطت مُغمًا عَليها بالقُرب مِن جَسدِه فإبتعد هو بِتروٍ و مَمدها بالقَفُص يُناظِرها لِبُرهَة
نَظر ليدِه التي إحمَّرت أكثَر من دِماءها ثُمَّ نَظر الي مِعطفها الأبيض الذي أضَحى مُلطخًا فَشرِد مُتذكرًا إياها عَروسًا بِفُستانٍ رُسمِت عَليهِ بَشاعةِ مَجرزة أسرتِها بالكِامل ، أفاقَ من شُرودِه و إنحنَى اليها يُبعِد خُصيلاتِها عَن وَجهِها و يُمسِك ذَقنها بِرفق
عادَ الحَارِسان مِن الغابَة بَعد أن تَعِب كليهِما مِن إيجاد ذَلِك الذي أشارت عليهِ الأميرة ، تَوقف كليهما عَنِ الحَركة حينَما وَجدا جَسد غديز المُغمى عَليه بِقُرب القَفص فإذ بِهما يَركُضان بِسُرعة نَحوه
إنحَنى أحدِهما اليهِ يَتفقدُه و الأخر نَظر بداخِل القَفص فَوجد الأميرَة مُلقاة بالداخِل على بَطنها و الدَمُ يَملئ مُحيطُها " اللعنة !!! اللعنة لَقد هَرب و أيتليتا بالاميرَة " صَرخ بِقوة و رَكض يَنظُر الي باب القَفص المُغلَق
نَظر الثاني اليه و طالَع ايليزا المَرميَة بالداخِل ، إتسَعت مُقلتاه بِشدَة و إستقام هامِسًا " علينا إعلام القائِد حالاً ..! حالاً " تراجَع الي الوراء و إلتفت راكِضًا الي المُعسكَر ، أما الأول فقامَ بِتحطيم قُفل القفص و فتحهُ ليقوم بِجَّر سُموِها الي الخارِج بِكُل حَذرِ حَتى لا يُؤذيها " أتمنى ان لا تموت ، سَتقع مُصيبة فَوق رأسنا و نُعدَم فورًا "
أخذَ الاميرَة الي خَيمتِها عَلى الفَور و تَوزعَت دورِيَة حَول المِنطقَة يَبحثون عن جونغكوك قَبل أن يَهرُب أبعد ، بالفِعل بَحثُهم ظلَّ لِطلوعِ الفَجرِ عبثًا فَهو قَد تلاشَى كَما لو لَم يَكُن موجودًا مِن الأساس ، مالا يَعرِفهُ أحد أنهُ بالفِعل مُتسللٌ ماهِر و يُصعَب إيجادُه
ايليزا فَتحت عُيونِها رُويدًا رويدًا تزامُنًا مع طُلوعِ الفَجر ، أحسَّت بِوجعٍ شَديد مِن خَلفِ عُنقِها و رأسِها عاشَرهُ الصُداع ، لَم تَقدِر على الجُلوس فَجالت بِشهليتيها على الأنحاء حَتى سَمِعت صَوت المُمرضة تقول " هاه ، لَقد استيقظت صاحِبَةُ السُمو "
نَظر الضابِط اليها ما إن سَمِع ما قالتهُ الأخرى فَهرول نَحوها و وَقف عند رأسِها قائِلاً " سُموَكِ .. هل انتِ بخير ..؟ أفعلَ لكِ ذَلِك الآسيوي شيئًا ..؟ " سال قارِنًا حواجِبه و عُيونِه على ايليزا المُستلقيَة
ظَلَّت علَى صَمتِها طَويلاً و هي تَتذكر أخر ما جَرى ، مُقتطفاتٍ مِن ذاكَ الحِوار الذي دارَ بينهُما زارَ عَقلِها ثُمَّ .. تِلك الضَربة تَليها قُبلةً سَمِعت همستهُ بَعدِها و إذ هي لَثمةُ إبليس شَدَّت على غِطاء السَرير قويًا و نَطقت بِصوتٍ مُهتَز " لا أذكُر شيئًا " ألفتت وَجهِها بعيدًا
قَرن الضابِط حواجِبه بِغَضب و أزالَ قُبعته العَسكريَة قائِلاً " سُموك قد حَذرناكِ من التِجوال ليلاً و لم تُنصتِ لَنا ، أرجوكِ إلتزمي بالتَعليمات الواجِبة لسلامتكِ حَتى نوصلِك للسلطان مُعافاة " لازَمت الحِدة كَلِماتِه حَتى خِتامُ حَديثه فإلتَفت مُغادِرًا الخَيمة
ايليزا إجتمَعت الدُموع بِجحورِها و حاوَلت الجُلوس فَمدت يديها الي المُمرضَة التي مَسكتها و أجلستها مُسندَة ظَهرِها على حاشِيَةُ السَرير ، وَضعت لها وِسادةٌ خَلفها و طَالعتها " لم تُكن ضَربتكِ خَطيرة ، كانَ يعلم أن يَضرِبُكِ جيدًا أي ارادَ فقط اغماءِك ليسَ موتِك " تَحدثت و هي تَمُد كأس الماء الفاتِر لِسموها
ايليزا أنتشلتهُ منها و تَجرعت مِنهُ بينَما تُطالِع الفراغ لِبُرهَة " هَل هَرب ..؟ " نَظرت نَحو المُمرضَة التي أومات بِقلق " أجل سُموك لا أحد يَعلم كيف تَمكَّن من ذَلِك ! لَقد هرب و لم يَترُك أثرًا خَلفه ، المُخيَّم مُنقلب رأسًا على عَقب و قيل أننا لن نتحَرك حَتى نَجِده "
شَرِبت ايليزا الماء بِتروٍ و هي تُبحلِقُ في بابِ الخَيمة تُنصتُ الي كَلِمات المُمرضَة بِسكون " لَم يَكُن بقاءهُ يَنفعُ بشئ " نَطقت بِهدوء و أعطتها الكأس لِتستلقي على جانِبها و تَجذِبُ الغطاء عَليها " لُطفًا إرحلي و أغلقي مَخرج الخيمة مَعكِ "
نَهضت المُمرضة و غَطت صاحِبَة السُمو جيدًا ثُمَّ غادَرت الخَيمة مُغلقة اياها بالسَحاب ، ايليزا حَشرت رأسِها بالوِسادَة و هي تَعتصِرُها بِقبضتيها فإنهمرت الدُموع كَشلالٍ كُبِتَ عن الضَخِ لأعوام " أنتَ دومًا تَستغِلُني لِمصالِحكَ جونغكوك ، دومًا " هَمِست بِغصَة
•••
" هيا لٍيو ، إنها أخِر لُقمَة لأجلي " نَطقت اُخت أندرو الصُغرى و هي جالسةٌ بِقربه تُطعمهُ حَتى يتغذى جَسدِه بعد تلك الإصابات البَشِعة بِفعل الحادِث " شبعِت سيلفا ، يَكفي لا نِفس لي لأكثِر " أبعَد يدِ شَقيقته مُحركًا رأسهُ بالنفي
تنهدت سيلفا بِيأس و أبعدت الصينيَة بَعيدًا فأخذت تمسحُ على شَعر أخيها بلطف مُحدقَة بعيونه الزرقاء " يا أخي منذُ ان نَهضت على خير و عافِيَة و مَلامِحُكَ يَعتريها العُبوس و الحُزن ؟ أخبرني مالذي يُقلقُك ؟ ها انت ذا بِصحة جيدَة و سنعودُ الي تركيا قريبًا الي قصرِنا و نذهب الي قَصر جدي ايضًا "
نَظر اندرو الي شقيقته التي تَطِّلُ عليه و هي تُحاوِل مُواساته ، حركَ رأسه بالنفي مُجددًا و غادرتهُ تنهيدَةً مُتألِمَة " ليسَ هذا ما يُزعجني يا سيلفا ، كُل ما في الأمر انني مِن البدايَة دخلتُ الي ذَلِكَ الغار لأحميها .. لكن هه انظروا الي هذا الوَضع الأن لقد دُهِست بلا شَك و لم يَجدوا لها أثرًا "
قَلّّصت سيلفا عيونِها و كتفت يديها الي صدرِها مُبحلِقة في شقيقِها " هاه؟ أهي تِلك الجارِية الإيطاليَة ؟ اليست تلك الوَقحة التي تُسبب المشاكِل الي السيد جُيون ؟ " لَوت شَفتيها بِعدم رِضى فَتلقت نظرةً هادِئة مِن ليو " انها هي صَحيح ، حسنًا الفتاة مَظلومة! السيد جيون من يقومُ بِمُحاربتها و الا ما كانت لِتتواقح معه صدقيني ! "
" ليو انتَ فقط تُتعب دِماغك عبثًا ، لا تقل انكَ احببت الفتاة ؟ " شَهقت و صَفعت خَديها بيديها ، ضَحِك اندرو ساخِرًا و نهض مِن السَرير مُنتشلاً قميصه كَي يلبسهُ " لا ، انا لن اُفكر فيها على ذَلِك النحو سيلفا ، فَقط الفتاةُ تَكسر خاطري و أردتُ مساندتها فَحسب "
نَهضت سيلفا و دَنت تُساعِد شقيقِها بارتداء المَلابس ، سَمِع كليهما صَوت طَرق الباب فأذِن لِدخولِ الطارِق فإذ بالحارِس ينحني عند دلوفِه ناطِقًا " حَضرة اللورد لِيو ، المَلِك يأمر حَضرتكم بالتَجهز لِلسفر معهُ الي تُركيا على الفَور "
إقترنت حواجِب أندرو و طالَع اخته التي إندهشَت بدورِها و رفَعت حاجِبها " لِما خالي يودُ السَفر الي تُركيا فجاةً ! " هَمِسَت فَحرك أندرو راسُه مُتعجبًا و إبتعَد عنها مُغادِرًا جناحه " إتبعني علينا الرَحيل الي المُعسكر حالاً " نَطق مُشيرًا على حارِسه و هو يُعدِل ياقة قَميصه
•••
- المُعسكَر -
المَلِك كانَ يُجهِز خُطةً مُحكمَة مع قادتِه هُناك حَتى يَدخُلون الي الحُدود العُثمانِيّة بدونِ أيةِ مَشاكِل
كانَ تايهيونغ جالِسًا أسفل الصَخرة الفاصِلَة بين مُخيم الأسرَة و المُعسكَر يقومُ بِرسم خريطَة مُحكمَة كي يَستدِلُ عليها الموكِب لاحِقًا ، رأتهُ يوجين مِن بعيد و هي تَمُد الطَعام للعساكِر و تُرتِب سُفرَة الطعام مع الجُنديات
" لِما لا تأكُل مع بقيَة الجنود ..؟ " سَمِع صوتِها مِن فوقِ رأسِه فَلم يُكلِف نفسهُ برفع بندقيتيه لَها و إكتفى بِقول " انا مَشغول كِفايَة " احسَّ بها تجلسُ بِقربه و تَضع بِحضنه صينية الأكل فإقترن حاجِبيه و أدار راسه اليها يناظِرها
" عليكَ ان تأكل كي يتغذا عَقلك و يفكِّر أحسن " نَطقت و نَظرت الي الخَريطة التي تَعتلي صخرةٍ صغيرَة ، مَدت يديها كي تَحملِها لكنهُ صَفعها عليهما و طالعها و هو يَطوي الورقة و يُخبئها " هذِه امور سِرية لا يَطلِّعُ عليها الغُرباء " تَحدث و مسكَ حساء الخُضار يحتسيه
قَلَّصت يوجين عينيها و تحدثَت مبتسمَة " لَكِنك تعرف انهُ ان اردتُ اخذها سأفعل صَحيح ؟ " قالَت جاذِبة إهتمام تايهيونغ الذي نَطق بتملمُل " يوجين اختصري مالذي تُريدنه ؟ " نَظر اليها عاقِدًا حاجبيه
" حسنًا يا صاح ! أخلاقُكَ ضيقَة " دَحرجت عينيها بِملل و أخذت الخبز تُغمسه بصلصلة المعكرونة و تتناول منهُ فطالعت ملامحه المتفاجِئة " انتِ تقصدين أن اعصابي ضيقَة ؟ " دَفع بحاجبه للأعلى لِتهز كتفيها " نفس الشئ ، لَكِن اسمع ! اعتقِد اني علمتُ شيئًا مُهمًا "
إعتدل تايهيونغ بِجلسته و ناظرها بإهتمام " مالذي علمتيه ..؟ " نَظر بعينيها العسليَة فإقتربت مِن وجهه بِشدَة هامِسَة " لا أحد عليهِ سماعَ هذا " الجُندي دَفعها الي الخَلف بإحراج " إبتعدي ، سيُظَن اننا نتبادَل القُبل "
إستقامَت يوجين و نَفضت ملابسها ضاحِكَة على خَجله فَمدت يدِها اليه و قالت بابتسامَة " حسنًا تعال مَعي " حَدق العسكري بيدِها البيضاء فقامَ بإمساكها و استقام نافِضًا ملابِسه مِن الغُبار " سنرى اينَ ستأخذينا حضرتُك "
سارَ معها الي أحدِ الخِيم و دَخل برفقتها ، وَجد فَتى مُستلقي على الفِراش هُناك و مُغطَى فَبدا انهُ تمَّ مُداواتِه قَبل سُويعات قليلَة ، نَظر الي يوجين التي أشارت على الشاب و قالت " انهُ تركي ..! و تمَّ إمساكه و هو يَتجول بالحُدود و تمََ اصابتهُ و جلبهُ الي هُنا "
تايهيونغ قرنَ حاجبيه أكثر و تَكتف دافِعًا أحدهما الي الأعلى " و مالذي سيُفيدُني انا بِهذا ..؟ " إلتَفت يد الأسيويَة على عضدِه و جذبتهُ الي الجانِب لِتهمس بِصوت خفيف " لَقد قال و انا اُعالِجُه انهُ في مَنزِلهم يَمكُث آسيوي مُتصاوِب و حالتهُ خطرة جدًا "
إتسَعت بُندقيتا تايهيونغ و نَظر الي ذَلِك الشاب ثُمَّ بَحلق بيوجين التي أتمََت القول " و قالَ لي ايضًا أنهُ يستمرُ بالهَمِس باسم دَولةِ اليونان و هو مُغمَى عليه ، شعَّر هذا الشاب انهُ شخصية مُهمَة و اراد مُساعدتهُ لِذا اتى الي الحُدود ليتحدث مَع أحد الضُباط لَكِن بدل من أن يستَمِعوا لهُ قامُوا باطلاق الأسهم عَليه " شَرحت الأسيوية بيديها و هي تَهمِسُ حتى لا يَسمعها أحد و يَنقُل الخَبر
تايهيونغ مَسكها سريعًا مِن عضدها و أخذَها بعيدًا عن مَخرج الخَيمة " اللعنة ! قد يكونُ هو القائِد!! اسمعي ان لا اُريدك ان تتحدثي بِهذا امام احد حَتى المَلِك أسمعتِ ..! عَلينا اولاً ايجاد القائِد حَتى لا تتعرض حياتِه للخَطر " أشارَ عليها فَسحبت هي ذراعها و قالَت بإنزعاج " كَلا انا سأستعمل هذا الخَبر لِصالحي و لن أصمُت "
" يوجين لا تكونِ مَجنونة . هذا خَطِر إفهمِ " حَذرها تايهيونغ ضاغِطًا على أسنانِه بِغَضب فَطالع الفَتى " أعداء القائِد كُثر ، إنهم يسعونُ جاهدون كي لا نَجدِه و ان وَصل الخَبر لَهم سيقتلون هذا الشاب حَتى لا نَجًِد السيد جُيون "
فكَّرت يوجين قليلاً و لَوت شَفتيها لِتهمهم " حسنًا لن تَخرُج مني كَلِمة ، اتا ايضًا اريدُ ايجاد السيد جيون لانهُ يهُمني " نَفضت يديها لِيُطالعها تايهيونغ و يُميل رأسه فإقترب ماسِكًا ذِراعها مُجددًا " يَهُمِك ..؟ أسمعِ يا فتاة .. تَكونين أحببتِ الرَجُل لانهُ من دولتُكِ ..؟ "
طالعتهُ يوجين بِسُخريَة و جَذبت عضدها بِغضب " اُحبه ماذا هل انتَ مُختل ..؟ الرَجُل اينَ و انا أين! انهُ بالكاد يَذكُرني اساسًا واضِح مُغرَم بتلكَ الفتاة الشَقراء! انها تَستحِق حقًا فاتِنَة " تمتمَت بشرود نِهاية كَلِماتها مُتذكرة ايليزا و هي تُدافِعُ عنها
هَمهم بُندقي الأعين بِتفهم و هو يُطالعها بِشك " حسنًا لا يَهُم ، ما يُهم الأن ان لا أحد يَجِب ان يَعلم عن هذا الشاب " أشرَّ عليها هامِسًا فاومأت لهُ ايجابًا
ما لَم يَكُن يعلمهُ كليهُما هو وجود اُذنٌ خامِسَة تَنصِت لَهُما جيدًا
•••
المَلِك كانَ جالِسًا على عَرشِه يَستقِبُل سُفراء باقي الدُول و هُم يَجِلبون إتفاقيات صُلحٍ و اُخرَى مُعاهدات للسلامِ و بَعضُها لِشنِّ الحَرب القَريبَة
لَم يَكُن مُنتبِهًا البَتة ، كانَ مُشوشًا و شارِدًا حَتى انهُ لم يَتمكن من التواصِل معهُم بشكلٍ جَيد ، لَطالما تَولى جونغكوك كُل هذِه الامور بِشكلٍ مِثالي ، خُصوصًا انهُ يُجيد أكثَر مِن ثلاثونَ لُغَة تُمكنهُ مِن التحدُث مع الدُول الاخرى جيدًا
" أينَ السيد جُيون ..؟ نحنُ عادَةً نتعامَل معهُ و غِيابُه عن الساحَةِ قد يُؤدي الي أضرارٍ ضَخمة " نَطق أحد سُفراء دولةِ بريطانيا العُظمَى ، كَلامِه أحدثَ غضبًا عارِمًا لِلملك الذي نَطق بِصرامَة " السيد جُيون في اجازَة ، سافر الي دولتِه في الوقت الراهِن و لن يعودُ الا بعد بِضعة أشهُر "
السَفير البريطاني تَفاجئ و الوزراء اليونانِيون نَظروا الي بَعضِهم البَعض مُتهامِسون على غَرابة الوَضع " يا حَضرة المَلِك اركون ، نحنُ عقدنا اتفاقِيَة مع السيد جُيون و إن لم يَكُن حاضِرًا لِلتفاهُم قَد يُحدِث ذلك فجوةً في عِلاقة الدولتين " تَكلمَّ السفير و أشار بيدِه على رسالتِه من مَلكه
أشرَّ أركون الي مُساعِده بأخذ الرِسالَة مِن السَفير و قِراءتُها ، شَدّّ قبضتهُ قويًا و هو يَرتِجفُ غضبًا ، تكادُ دولتهُ تنهارُ على رأسِه فقط بِغياب القائِد لِشهرين
غادَر السَفير البريطاني و أدار اركون رأسِه الي مُساعِده الشَخصي و هَسهس بِصوتٍ حَمِل ذرات الغَضب " أجلبوا لي القائِد جُيون و لَو مِن تَحت الأرض "
" مولاي علينا طَلبُ الأذن اولاً من السُلطان حَتى ندخُل الي تُركيا و إلا .." لَم يُنهي كلامِه فإذ بالمَلِك يَصرُخ بِغضب إهتَزت لهُ جدرانُ البَلاط " أدخُلوا و أن اضطررنا لِشن الحَرب ! أسمِعت ، أدخُلوا و ابحثوا عنهُ ريثَما اُنظم سفرتي هُناك بَعد شَهر "
إنحنَى المُساعِد بِخوَف و اومئ برأسِه بطاعة " ا..امرك "
•••
في المُعسكَر ليلاً
اللورِد لِيو وَصل الي المُعسَكر ليلاً و نَزل مِن حِصانهُ مُتوجِهًا الي خَيمة القائِد جُيون بَعدما نَده على تايهيونغ حَتى يُخبره بالمُستجدات ، دَخل تايهيونغ من وراءِه و إنحنَى بإحترام " حمدًا لله على سَلامتك سُمو الامير "
أندرو إلتَف الي تايهيونغ و إقترب منهُ بِسُرعة " أخبِرني تايهيونغ ، هل حَدث شئ سئ الي ايليزا ..؟ " حَدق بِبُندقيتا تايهيونغ الذي تَعجب فهو ظَنََ انهُ سيسأل عن القائِد لَكِنهُ فعل العَكس
" في الواقِع يا حَضرة اللورد نَحنُ لم نَجد لا جُثتها و لا جُثَة القائِد ، اذًا فالمُعادلَة كالأتي ، كليهِما عَبرا حُدود الدولة العُثمانيَة و هما في إستضافَة بلاد حَضرتك " تَحدث تايهيونغ بإبتساَمة عَبثت في أعصاب أندرو الذي صاح " ماذا ..؟ دَخلا الي تُركيا! انتَ متأكد ..؟ "
حَرك تايهيونغ رأسهُ ايجابًا " صحيح سيدي ، انها أخبارٌ مُؤكدَة " نَظر وراءِه و إقتَرب ماسِكًا بِيد اللورد فَسحبه جانبًا و هَمِس " هُنالك شاب تُركي أعتقد انهُ سيوصِلُنا الي القائِد قريبًا و بالتالي سَنجد الفتاةُ معهُ بلا شَك "
اندرو طالَعهُ بإهتمام و اومئ برأسِه " عَظيم ، لَكِن خالي يودُ ان يأخذُني معهً الي تُركيا اي بالتالي سأذهبُ مع الموكِب " إقترنَت حواجِبه مُخللاً انامله بشعرِه العسلي فأطلق تنهيدَة غاضِبَة " تبًا فقط "
" سيدي انا برائي عليَنا رؤية الشاب اولاً و التحدُث معهُ ثمَّ لاحِقًا نفكر كيف نَذهب بِسرية " إقترَح تايهيونغ و ارتدَى قُبعتهُ العَسكريَة ثُمَّ سارَ مع اللورد الي خَيمة ذاكَ الفتَى ، العَجيب في الأمر ان كليهُما وَجدا يوجين نائمَة على الكُرسي كَما لو انها دَخلت في غيبوبَة
تايهيونغ تَركها تَحرُس الشاب جيدًا لَكِن من الواضِح ان احدَهُم تَمكن مِنها و وَصل الي المواطِن التُركي .. فَهو لَيس موجود إطلاقًا
•••
جونغكوك تَمكَّن مِن الهَربِ و مُداواةِ نَفسِه جيدًا بعدمَا تَسلل الي إحدى القُرى المَنسيَة التُركيَة و بَقى عِند أحَد الأجداد يَرعونَه بأدويتِهم التقليديَة ، كانَت حالتهُ يُرثى لَها بِكُل معانٍ لِلكلِمَة فقد واشَك على المَوت لَولم يَفطِن لِنفسه باكِرًا
بَقى شَهرين مُتتاليَن يَتداوى عِند اؤلاءِك الأجداد بالقَريَة و العساكِر التُركيَة تبحثُ عنهُ بِكُل مكانٍ وُجِد لكِن فِعلاً كَما لو انهُ إبرةٌ في كَومةٍ مِن القَش
القائِد إستعادَ وعيهُ بعَد أسبوعيَن بالفِعل لَكِنه لم يَحصلُ على قِواهُ بَعد ، كانَ كارِهًا لِوضعه الذي يُجبِره ان يَلزَم الفِراش طيلَة الوَقت و ان يَضطر ان ياخُذ المُساعدَة من حَفيدَة الجَد و الجَدة
كانَ واضِحًا عليها أنها تَخدِمهُ مع رَغبةً كَبيرة مِنها و الأمر ضايقهُ أكثر ، لِما لا تأتي ايليزا بالخطأ و تُصبِح بِشكلٍ ما هَذِه الفتاة الصَبِيَة ، ذَلِكَ ما تَخيلُه و الحَفيدة تقومُ بإطعامِه الحَساء و تُراقب عُيونه السَوداء بإعجاب
جونغكوك تَضايق حينَما وَجد نفسهُ يُفكِر بِسُموها فَتحمحم و أبعَد يد الفتاة مُعتدِلاً بجلستهً " هذا يَكفي لقد شَبِعت " نَطق بِبحةٍ أستعمَرت نبرته ، وَضعت الصبيَة الصينيَة جانِبًا و طالعتهُ بِفضول قائِلَة " هل انتَ شخصيَة مُهمَة في الدولَةِ اليونانِيَة ..؟ "
جونغكوك رَفع عينيه بِسُرعَة اليها و لَم تلبَث إذ وَجدت جسمِها مُقيدًا بِعُنف أسفل خاصتهُ و يداها مربوطَةً بقبضةِ يدِه أعلى رأسِه ، وَجدت سَكاكينًا تُخرِجُها عيونِه و هي تُطالِع خاصتِها بِحدَة و شراسَة " مَن اخبِرك بهذا ؟ " هسهس
تسارَعت نبضاتُ الفتاة بِخوفٍ و إرتَجفت بِهلع مُن تغيرِه المُفاجئ ، لَطالما كانَ هادِئًا طوال الشَهر و النِصف الذان مَرا ، نَفت برأسِها بِهلع و قالَت و هي تُتأتِئ " ل..ل..لم ي..يفع..يفعل أحد .. ا..انت قُل..قلت "
عَقِد جونغكوك حاجِبيه و أبتعد عنها قليلاً لِينظُر بِعينيها بِحدةٍ أقَل " انا ماذا قُلت ..؟ " أمال راسِه بِخفة فأكمَلت الصبيَة " ق..ل..قلت و انت نائ..نائم ا.. ان الي..اليو..نان " تَكلمت بِخوفٍ و ذُعر فإبتَعد جونغكوك و نَهض
" أنسي ما قُلتهُ تمامًا! انا مُغيب عن الدُنيا خلال تلك الأسابيع لِذلك لا اُريد سماع هذا الكَلام منك مجددًا " أخذَ قميصًا كان مرميًا بالقُرب من فراشَه و بدأ يرتديه ، الصبيَة جلست تُمسِك بقلبِها و هي تُطالِع ظَهره المليئ بالجُروح
" لَكِن أخي ذَهب الي اليونان حَتى يُخبِرهُم انكَ هُنا ! " قالَت و هي عابِسَة و إستقامَت تنظُر الي أنعكاسِه بالمِرآه ، جونغكوك إلتفت اليها و شَدََ قبضتِه " تبًا ! " هسهسَ و حَمِل الخِنجر خاصتهُ لِيغرسهُ في بِنطاله فسارَ مُغادِرًا بِسُرعَة
" الي أين انت لم تُشفى بَعد " صَرخت و هي تَلحقهُ لِتقف عند الباب تُطالِع ظَهرِه حتى لَحظة تلاشيه " تبًا جَدي سيقتُلني ان علِم انهُ غادَر هكذا " هَمِست بقلق و عادَت الي الداخِل تَتمشى في مَنزِلهم بِقلق
العَساكِر لازالوا في الطَريق يوصِلون سُموِها الي العاصِمة و لِبُعدِ المَسافةِ و السيَر البَطيئ قَد أخذ الوَقتُ شَهرين و هُم لازالوا يَسيرونَ صَوب القَصر ، حينَما تَمشوا مِن الطريق العام وَجدوا عُمالاً يُصلِحونَ الطُرقات هُناك فإستصعَب أمر عُبورِهم
لِذلكَ قد تمََ تَغيير الطَريق الي أخَر يَمُر بالقُرى المُجاورِة و بِضعَة طُرقٍ مُختصَرة ، ايليزا كانت جالِسَة في عَربتها تَسنُد راسِها على الباب و مِليون فِكرةٍ تَتجولُ في عَقلِها بدونِ أذنٍ او رَغبةٍ مِنها
صَدرت تنهيدَة طَويلة مِنها و نَظرت الي يَديها لِبُرهَة " إنها أطوَل فترةٍ لم أرى بِها جونغكوك مُنذ اول مرة إلتقينا في القَبو ، لَم نفترِق هكذا مِن قبل ، إشتقتُ لإزعاجِه و إستفزازِه ، رُبما الشئ الوحيد الذي يَجعلُني أغضبِه بِلا تَوقف هو عِلمي انهُ لن يؤذيني بشكلٍ بشع في الأخِر "
رَفعت مُقلتيها و فَتحت النافِذة بِخفة حَتى ترى السَماء " لَكِنهُ يُجيد الإنتقام جيدًا مني ، حسنًا هو يُؤذيني لكنهُ يُبقيني حَية في الأخِر " بَحلقت في تِلك الغُيوم البيَضاء الكَبيرة ذاتُ مَظهرٍ فاتِن فإبتَسمت بِلا شُعور " أنا أشعُر انهُ قَريب " هَمِست و أستندت على النافذَة برأسِها تتأمُل الطَريق
هيهاتٍ قَد ذاقَت الأحاسيسُ المُرَّ حَتى المَمات ، الوَجعُ غُرِسَ في الصَدرِ دونَ أدنَى إثبات ، خُِّدرَ العَقلُ مُتغيبًا كالنائِمُ في السُبات ، الجانيَ يَضخُ الدمَ في العُروقِ مُنتَصِرًا بالآهات ، آهاتٍ تُغادِرَ فمٍ يَهابُ التراهات
ذاكَ ما وَجدت ايليزا نَفسُها تَكتبُه على ورقةٍ اُخرى تُزينُها بِحروفٍ مُزخرفةٍ بَخطِها الجَميل ، قرأت ما نَحتتهُ و رَكزت بِذلك المَقطع التاني " أهو الوَجع مَن غُرِسَ في الصَدر..؟ أم " رَفعت شَهليتيها مِن الورَقة و نَظرت خارِج النافِذَة
ما سَقطت عَليه أنظارُها رَجُل آسيوي بِعيونِه الكُحليَة آسِرَة الشَهليَة ، شَردت في تِلك العُيون الذي يَقِفُ صاحِبُها بالقُرب مِن عُمال البِناء " أم .. الحُب " هَمِست و سُرعان ما أدرَكت ما رأته فأتسعت عيونِها بِشدَة و فتحت باب العربَة صارِخَة " أوقفوا العَربة بِسُرعَة "
تَوقف الجُنود عَن السَير و قائِد العَربة شَد سِرج الأحصنَة حتى يَثبتوا ، فَتحت ايليزا الباب و نَزلت مُسرِعَة و قَبل أن تَتحرك أستوقفها الضابِط الذي وَقف أمامِها بِحصانِه و قال " ما الأمر سُموِك ..؟ "
" إبتعِد عن طريقي " قالَت و تَخطتهُ راكِضَة نحو عُمال البِناء هُناك تَتفقدهم ، نَقلت عيونِها بينَهم تَتفحصهُم " لَقد كانَ هو! انا مُتأكدة رايتُ عيناه " هَمِست و ارجَعت شعرِها الي الوراء " هَل مِن خَطب ..؟ " سألَها أحد العاملين
نَظرت اليه و حَركت رأسها بِنعم " هَل كانَ هُنالك بينكُم رَجُل آسيوي ..؟ " نَطقت وسطَ لُهاثِها فَبحلق العامِلون بينَ بَعضِهم جيدًا و نَفوا " لا! "
تَنهدت بِقلةِ حيلَة و همهمت لِتلتفت عائدَة الي العرَبة " هَذا هُراء ، مالذي سيَجلِب جونغكوك هُنا ..؟ هه عامِل؟ " مَسكت يَد الجُندي و رَكبت بِمُساعدتِه المَقصورَة لِتجلس مُبحلِقَة في تِلك الورَقة
كَورتها بِغَضب و رَمتها الي الخارِج قَبل أن يُغلِق عليها الضابِط الذي فَتح ستائِر النافِذَة و طالَع عُيون الأميرَة الشَهليَة " أعتَقِد انكِ بحاجة الي الراحَة سُموِك ، نكادُ نصل قريَةً قَريبة و سَنستريحُ فيها الليلَة حَتى تحظين بِراحة "
هَمهمَت لهُ و عاوَدت وَضع الستار لِتتكتف و تُسند راسِها الي الوراء " اُخرج من عَقلي أرجوك " هَمِسَت
ما إن صَعدت الأميرَة العَربة مِن جَديد عاوَد المَوكب التَحُرك و السَير نحو تِلكَ القَرية ، سَكتت هي الي لَحظات و دَمت تفتحُ السِتار و تَطلُ على العَسكري الذي يسيرُ بالقُرب منها " هَل هُنالك أخبار عن الأسيوي الأسير ..؟ "
" لا سُموِك ، لابد انهُ مات حتمًا .. لا وجود لأي خَبر يُذكَر عنهُ "
لَم يُعجبها ما قالهُ و أعادت السِتار لتتأفأف " مُستحيل يكون مات مُستحيل! جونغكوك قَوي حتمًا " إبتلَعت ريقُها بِقلق " هَل يُعقل ان تتناولهُ الحيوانات المُفترَسة! " بَعثرت شَعرِها بإنزعاج " لا يَهُم لِما اُفكر بِه من الاساس " هَسهست بِغضب
بَعدما رَحل المَوكِب تِجاه القَرِيَة الآسيوي خَرج مِن خَلف الجُبيل الصَغيرالذي سَببًا انهيارًا صَخريًا و أغلق الطَريق الرئيسي ، نَظر الي الجُنود يَسيرونَ بعيدًا و إبتَسم لينَحني على رُكبته و يَحمِل تلكَ الورَقة البيضاء
قامَ بِفتحها و إستقامَ يقومُ بقراءَتِها حرفًا حَرف " حسنًا هي لَم تَبكِ هذه المَرة و هي تَكتُبها ، لَكِنها أخطأت بِالتَعبير " إبتَسم و طَوا الورقة لِيقوم بِتخبئتها وَسط مَلابسِه ثُمَّ وَضع قِناعهُ لِيُغادر مُسرِعًا
وَصل المَوكِب الي القَرية بِحُلول الرابِعَة مساءًا ، تَمَّ تَجهيز أفخَم منازِل القَرِية لإستقبال الأميرة الليلَة و الإعتناءِ جيدًا بِها و إكرامِها و كَذلك كُلَّ جُندي تم إستقبالِه في بَيت عَدا الحَرس الذينَ بَقوا قُرب بَيت سُموِها
" واه واه واه! اُنظري جَدتي فَقط الي كُل ذاكَ الجَمال! " هَتفت الصَبية العِشرينيَة و هي تَقِفُ قُرب نافِذة غُرفةِ الجَريح تُراقِب ايليزا التي تَدلِفُ البيت المُجاوِر لَهُم " انها اميرَة البُندقيَة! كانت آسيرَة عند اليونانِيون " نَطقت الجَدة و هي تُنظِف فِراش جونغكوك السابِق و تُرتِبه
إلتفت الصَبية الي جَدتها و قالَت " لَكِنها مَحظوظة! بَدل ان تُصبِح جارِيَة لِلملك اليوناني جَاءت عِندنا و حَتمًا سيتزوجها السُلطان! لن يُفوتها " تَذمرت عابِسَة و امسكت الوِسادَة التي رَمتها عليها جَدتها " هَذِه وُلدت أميرة ، لَم تولد وَسط الأبقار و الماعِز مِثلك ، إذهبي هيا حَضري العَشاء "
تأفأفت و ألقَت الوِسادَة جانِبًا و هي تَسمعُ الضَجيج بالخارِج بِفعل تَجمُع الناس على بيتِ جارِهم لِرؤية الأميرَة ، دَخلت المَطبخ و سَمِعت طَرق الباب " تيسا ، افتحي الباب لابد انهُ جَدُكِ " صاحَت الجَدة من الغُرفَة
نَشفت تيسا يَديها بعدما اُبتلت مِن المياه و تَوجهت تَفتَح الباب " جدي هَل سَمِعت لقد اتت الامي.. " قَبل ان تُتم كَلامِها بِحماس رأت جونغكوك واقِف أمامِها و هو مُقنَعٌ بالكامِل ، إتسَعت عينيها و قَبل ان تَصرُخ و تَلقت الإنتباه دَخل و أغلق لها فمها بيده ماسِكا بالأخرى عُنقها من الخَلف " لا تَفضحينا " هَمِس
نَظرت داخِل عينيِه البارِزَة لِوحدِها تَغتُر بالجَمالِ و الحُلي و حَركت رأسِها بإفتنان لِتُبعد يَديه ، أغلق جونغكوك الباب وراءِه و ناظَر الجَدة التي خَرجت مِن غُرفته " اوه بُني ..؟ عُدت ايها الشَهم ! " إقترَبت منهُ بأبتسامَة لِيُحرك رأسهُ
" مرحبًا جَدتي ، لَقد غادرتُ فقط لأشتري بِضعة اغراض تحتاجينها ، حتمًا ضايقتُكم بوجودي طويلاً و لم اُرد ان اكونَ عبئًا " تَحدث جونغكوك و هو يَحمِل الأكياس التي تَحتوي على مؤون لِلبيت و مَده الي تيسا
حَملتهُم الصبيَة و رَكضت الي المَطبخ " ابدًا بُني! العَكس لَقد سُعدنا بوجودك مَعنا ، نحنُ نفعل الخَير لله ، هيا ادخل ارتاح سَتُعد تيسا العَشاء قريبًا " ربتت على ذِراعه بِلُطف فاومئ هو بإبتسامَة مُمتنَة بعدما أزال الشال عن أنفه و شِفاهه
سارَ الي الداخِل و وَقف عِند النافِذَة حَتى يُغلِقُها لَكِن سُرعان ما إجتمَعت عُيونِه بِعُيون الأميرَة الشَهلية التي بِدورها تَقفُ في شِرفة غُرفتها ، إتَسعت مُقلتيه و أغلق النافِذَة بِسُرعَة " تبًا هل رأتني ..؟ "
ايليزا لَم تُصدِق ما رأتهُ و فَركت عيونِها " هل أتخيل للمرة الثانِيَة! لَكِن هذه المَرة لَم أرى عُيونًا بَل رأيته! رأيتُ جونغكوك ..!!! " غادَرت الشِرفة بِسُرعَة و نَزلت الي الطابِق السُفلي و هي تَحمِلُ بيديها ثَوبها الأحمَر
بَدت كَقِصةٍ سِحريَة تُذهب الحواس بِذاك الفُستان
قابَلها أبنُ صاحِب البَيت الخارِج لِتوه من الحَمام و تَجمَّد مكانِه حالَ رؤيتِه لها تَنزِلُ الدَرج بِتلك الطَلة المُبهِرة ، ايليزا تَوقفت عند نهايَة السُلم حينَما رأته و إبتَسمت بسمةٍ مُتوترَة " مرحبًا .. عن إذنِك " حَملت فُستانها و هَرولت مُتخطية اياهُ الي الخارِج ، الفَتى ظلَّ مصدومًا مكانهُ و لم يلفِظ حرفًا
فَتحت ايليزا الباب و وَجدت أربعةُ حُراسٍ واقِفون ، طالعوها أربعتِهم و نطق غديز مِن ببنهم " إلي اين سُموِك ..؟ " خَطت الأميرة خُطوتين الي الخارِج و طالَعت البَيت القَريب مِن الذي هي بِه و قالَت " أودُ زِيارَة هذا المنزِل "
طالَع الحُراس المنزِل البسيط بإستِغراب و قال غديز " حسنًا سمُوك ساعلِمهم انك قادِمَة " حَركت يديها نفيًا بِسُرعة خِشية أن يَعلم جونغكوك و يَهرُب
" لالا ، لا اُحِب كل هذا التَبرهُج ، اودُ ان اكونَ مُتواضِعَة لُطفا " تَحمحَمت و تَمشت صَوب ذاكَ البيت لِتقومَ بِطرقه فَوقف حارسان مِن خَلفها ، توتَرت هي و نَبضاتِها تَتقاتَلُ بداخِل صَدرِها
فَتحت لها الجَدة و بَحلقت فيها بِصدَمة لِتعود الي الوراء و تنحَني " سُمو الأميرَة ، زارتنا البَركة " ايليزا إبتَسمت و دَنت منها تُمسك يدِها و تمسحُ عليها بلطف " الصِغار من يَنحنون لِلكبار جَدتي ، شكرًا لِلطفك "
إنبهَرت الجَدة مِن مَدى لُطف الأميرة و إرتفعت اليها تمسحُ على شعرِها بُلطفٍ حَتى سَمِع كليهِما صَوت كُسِر كأسٍ ، كانت تِلك تيسا التي غادرت المَطبخ و هي تَحملُ كوبًا فأسقطتهُ و صَرخت بِقوة حينَما رأت ايليزا
طالعتها ايليزا مُتعجبَة و لوحَت بيدِها " مرحبًا ، انا اُدعى ايليزابيتا! " ناظَرت الجدَة و قالت بإبتسامَة " في الواقِع! جَذبني منزلِكم من الخارِج جدًا! خُصوصا طلاءِه الأبيض اللطيف و تِلك الزهور و النباتات البسيطَة لِذا انتباني الفُضول لزيارتِكم ، هل يُمكنني رؤية بيتكم ؟ "
جونغكوك كانَ واقِفًا خلفَ باب الغُرفة يَستمِع الي ما تقولُه السينيورا قارِنًا حواجِبه بِخفة " تِلك الكاذِبَة الصَغيرة ..! " فَتح الباب قليلاً و طَلَّ منهُ يُناظِر فُستانِها الأحمَر و يَديها التي تُمسِك خاصَتي الجَدة
رأى غديز واقِف خَلف ايليزا فقامَ بإقفال الباب مُسرِعًا و تَوجه الي النافِذَة يَطُل للخارِج ، وَجد الحَرس يُحاوِطون كامل البَيت لِيقوم بالشَتمِ تحتَ أنفاسٍه
" ا..اوه سُموِك ..؟ انهُ لمن الفَخر لنا أن تُعجب سينيورا مِثلُكِ بِبيتنا المُتواضِع ، بالطبعِ يُمكنك ادخلي " أشارت الجَدة الي الداخِل فإلتفتت الاميرة الي حَرسِها و قالَت بهدوء " انهُ من غير اللَطيف ان تَبقون هُنا ، أغلقوا الباب و انتظروني بالخارِج ، قليلاً و سأتي "
تَمشت الي الداخِل بِرفقة الجَدة و جَلست على كُرسي وضعتهُ لها تيسا لِلتو ، ابتسَمت لها و شَكرتها فَمدت يدِها تلتمِسُ شعر الثانِيَة التي وَجدت وجود السينيورا هُنا شيئًا ليسَ بِمحلِه مُطلقًا
بَقت تيسا شارِدَة في وجهِ ايليزا لِوقتٍ طَويل و في ذاكرِتها يعودُ جونغكوك و هي تُعالِجهُ ليلاً يَتلو إسم ايليزا بإستِمرار ، شَهليتان زَوقاوَتان " * ذلِك الذي إسمهُ راكان .. يستَمِر بِذكر اسم كَإسم الاميرَة! و يقولُ شهليتان! * "
تَحمحَمت و إبتعدت عَن ايليزا بعدما ضَربتها الجَدة بِعُكازها على مؤخرتها " ساعةً اُناديك و اُخبرك اذهبي لِتجلبي الضيافَة للأميرَة ! " قالَت الكًبرى بِغَضب فَهرعت الصُغرى الي المَطبخ مُستعجِلَة
ايليزا طالَعت الجَدة و قالَت بابتسامَة " هل تُقيمان لِوحدكِما ..؟ " نَظرت الي الجِوار و طالَعت باب غُرفة جونغكوك ، شَدت على فُستانها و إبتلَعت ريقِها " في الواقِع اُقيم انا و زَوجي و حفيداي ، حفيدي ذَهب الي الحُدود لِعمله و هاهي ذا حَفيدتي برفقتي هي و جدِها " تَحدثت الجَدة بإبتسامَة
" حقًا ..؟ و أين ابويهِما " ناظَرت ايليزا الجَدة بإهتِمام و سَمِعت تنهيدَة الأخرى المُتحسرَة و هي تقول " يا بُنيتي كانَ لي إبنٌ مَقامهُ عالٍ في الدَولة ، لقد كُنا نَعيش في القَصر المَلكي مع السُلطان و في الحَرب التي اُقيمت قُتِلَ وَلدي عَلى يَد الظالِم جُيون جونغكوك ..! قَطع لهُ رأسهُ بدونِ رحمةٍ و أرسلهُ الي السُلطان و حينَما لم تَحتمل زوجته الخَبر قتَلت نفسها مِن بَعدِه و بَقى لي التوأم حفيدي و حفيدتي ، هَربنا بِهما انا و زوجي الي هُنا حتى لا يتِم ايذاءُنا او إيذاء الطِفلين "
الاميرة إندهَشت مِما سَمعتهُ و تَبدلت ملامِحُها قويًا لِتضغط على فُستانِها أكثَر " ه..هل قام ح..حقا بقتل اب..ابنك ..؟ " نَطقت و هي تُراقب الهَمَّ على وَجه الجَدة التي اومأت بالإيجاب " صَحيح ، لقد فَعلها ، يُقال انهُ من يَحكُم اليونان و ليسَ المَلِك ، انهُ السبب بشنِ هذِه الحَرب و قُتل فيها الكَثيرون ، السُلطان لَم يقدر على وَحشيته و إستَسلم و تعاهدوا على السَلام بِشرط ألا يَقرب أحد من اليونان دولتنا "
نَظرت ايليزا الي قَدميها المُتخفية أسفل فُستانها و تَجمََعت الدُموع بِعيونِها مُتذكِرَة إحتلالِهم لِعُرسِها و قَتل جونغكوك والدِها بِقطعِ رأسِه ، كانت دِماءُ فُستانِها تَرجِعُ الي أبيها الراحِل بِفعل سَيف الآسيوي
أغلَقت عيونِها و إنهمَرت دِموعِها " صحيح ، انا أعرِفه هو لا يَرحم أحدًا " هَمِست و مَسحت وجنتيها لِتنهض " هل يُمكنك دَلي على الحَمام ..؟ "
أخذتها الجَدة الي الحَمام فَدخلت ايليزا و اغلقَت الباب لِتستند عليه و تَسقُط دِموعِها بِغزارة " أنت حَرقت قلب الكَثيرون يا جونغكوك ، الكَثيرون و مِنهُم انا " هَمِست بِحرقَة و تَمشت نحو المِياه لِتُبلل يَديها و تَمسحُ بهما على وَجهها
تَنفست بُعمق و فَتحت باب الحَمام لِتخرُج ، وَجدت الصالَة فارِغة فالجَدة دَخلت خَلف تيسا الي المَطبخ ، إستَغلت الفُرصة و سارَت بِسِرعة تَفتحُ باب غُرفة جونغكوك و دَخلت مُمسِكَة بِمقبضِ الباب
وَجدت جونغكوك مُستلقٍ على الفِراش و هو مُتغطٍ بالكامِل لا يَظهر منهُ شيئًا ، ضَغطت على مِقبضِ الباب و تَمشت الي الداخِل بِبُطئ كَما لو أنها عَرفت هويتهُ حَتى قَبل أن تراهُ او تَتأكد " انتَ .. هُنا " هَمِست
جونغكوك ضَغط على قَبضة يدِه بِعنفٍ من أسفل الغِطاء مُستشعِرًا اياها تَقفُ وراءِه ، رائحتِها إقتَحمت ثُقوب أنفِه فأغمضَ مُقلتيه بِشدَة كَمُدمِن الكُحول أتاهُ نَصيبُه مِن السِكر
إنَحنت حَتى تُبعِد عَنهُ الغِطاء لَكِنها سَمِعت صَوت تيسا من وراءِها " عفوًا ! " إستدارَت لها بِسُرعَة و ناظرتها مُبتلعة ريقها " هو .. اخيكِ ؟" إقتربت تيسا مِنها و هي تَنظُر بعينيها " كَلا سُموِك ، انهُ ليسَ اخي " تَخطتها و جَلست بِقُرب جونغكوك " انهُ زَوجي "
الآسيوي فَتح عَينيه و قرن حواجِبه مُتعجِبًا مِما سَمِعه لِلتو و لَم يَخف تَعجبه عن ايليزا التي نَطقت بإستفهام " لَكِن جدتِك لم تَذكُر انكِ مُتزوجَة ..! "
عَدلت تيسا الغِطاء على جونغكوك مُطبطبَة على ذِراعه حَيثُ جُرحِه تمامًا ، هي تناسَت خُدشه هُناك مِما جَعلهُ يَشتِمُها بِغضب تحتَ أنفاسِه " في الواقِع لَقد تزوجنا مُؤخرًا فَقط ، جَدتي لازالت لم تَعتد على وجودِه بيننا و هو مريض هذِه الفتَرة فَنحنُ نهتمُ به هُنا حَتى نُغادر الي منزلِنا لاحقًا " شَرِحت الصُغرى بابتسامَة
" * كَم الفتيات ماهِرات في إختِلاق القِصص * " جونغكوك تَنفس بِصعوبةٍ فالغِطاء سَميكٌ يكادُ يخنقهُ ، ايليزا لَم تقتنِع بِما قالتهُ الصغيرَة و إنحنَت تُمسك الغِطاء حَتى تُبعده " حسنًا دَعيني أرى زوجِك ، تَحمستُ فعلاً "
مَسكت تيسا يدِها تُبعدُها " لا يُمكنك سُموك انهً خجول جدًا لا يُحب الغُرباء " نَفت الصَبيَة لَكِن الاميرَة أصَرت و بَقت تُمسك بالغِطاء تُحاوِل رَفعه ، ايليزا تَعرِفُ جيدًا ان جونغكوك يُعاني مِن ضيقٍ في التَنفس و ان كانَ هذا ذاتِه هو حتمًا إنقطع عليه الاكسجين كُليًا
و إن كانَ هو هي إطلاقًا لَن تُغادر قبل ان تَراه ، نحنُ نتحَدثُ عن أكثَر انسانةٍ عنادِيَة قَد عَرِفها الآسيوي في حياتِه
إنزَعجت تيسا كَثيرًا مِن إصرار ايليزا فإذ بِها تشعُر بقبضة جونغكوك تُغادِر الغطاء و تُلتفُ حَول مِعصم الأميرَة ، إبتلَعت ريقها و نَطقت " هل رأيتِ ، لقد قُمتِ بإزعاجِه لقد غَضِب الان حتمًا " نَبِست تيسا و طالَعت عُيون الايطاليَة التي تُناظِر قَبضة الكوري
ايليزا إبتَسمت و رَفعت عُيونِها الي تيسا " أخبرتِني زوجَك ..؟ " نَقلت مُقلَتيها الي اليَدِ الثانِية خاصة الآسيوي التي رَفعت عنهُ الغِطاء فَجلسَ أمامِها و تَواجَهت عُيونِه الكُحليَة بِخاصتيها الشَهليَة
لَقد عُقِدَت العَينُ بالعَين
•••
مرحبًا ❤️💫
اخبارُكم مع التشابتر ..؟ انهُ طويل مُكافئةً لكم 🤍
اعجبتكم الاحداث ..؟
تعتَقدون ان افكار روايتي هذِه مكررة؟ هل سبق و ان قرأتم احداثًا كهذه من قبل ..؟
اكثر جزءية نالت اعجباكم ..؟؟
تايهيونغ ؟
يوجين؟
من تعتقدون اخذ الشاب ؟
جونغكوك ؟
ايليزا..؟
دُمتم بِخير و عافِيَة ❤️
نلتقي في القادِم ان شاء الله
.
.
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top