Chapter 9


" لنبدأ من جديد و كأننا لم نُذنب قط؟"

سمعته يقول لي ذلك في همسٍ هادئ، كنت مرهق ، لم أنم طوال الليل ، ذهبت للمدرسة ، هناك حيث تحدث إليّ نادر بما حدث معه أمس و مع ساهر و تلك المكالمة الغريبة ، و موعد تلك الفتاة الذي من المفترض أنه اليوم .. لم أرد أن يذهب بمفرده لكن مكالمة عمي أمجد جعلتني أتجه لمنزلي مودعاً رفيقي رُغمًا عني ، و قبل أن أدخل وجدته قد سحبني معه طالباً مني أن أركب سيارته ، رغم تعبي لم أجادل و ليتني فعلت فها أنا مع عامر في الجلسة الأولي في العلاج ، العلاج الذي يودون به أن أصبح بخير .. كان يسألني إن كان حدث موقف معي بصغري ما زال عالقاً بذاكرتي ، و كان هناك مشهدين ، مشهد مغادرة والداي لحياتي و مشهد أخر حين تشاجرت أول مرة بالمدرسة و مقابلتي لذلك المتسول .. ففضلت إخباره بالمشهد الاخر و كتمت الاول بذاكرتي ، داخلي .. فهذا مكانه المناسب ، لا يمكنني البوح به لأحد أخر غير نادر .. لا أحد يحق له معرفته !

أخبرته أن ذلك اليوم قبل سنتان  أو أكثر ، كان لحظتها قد مر ثلاث سنوات على تواجدي بمنزل جدي و أعمامي ، فقبلها بالطبع كنت متواجد مع أبي و أمي بمنزل منفصل قبل أن يروني فتي غير ناضج ، و يكتشفوا أن لدي مشكلةٍ ما ليقررا فجأة العودة لتلك الڤيلا ، كنت قد تشاجرت مع عمي أمجد و ذهبت للمدرسة وحدي ، كانت المرة الأولي لي ، كنت خائف لكني ذهبت و وصلت بطريقةٍ ما ، لم يهتم أحد إن كنت قد وصلت أم لا رغم علمهم أنها مرَّتي الأولي ، لكن لحسن حظي وجدت نادر حين وصلت ، فقررت الجلوس معه الا أن المدير طلبه فجأة لأن ساهر كان يريده كي يذهب للطبيب فقد كان مريضاً  ، ودعني و ذهب لأبقى وحيداً ، قبل نهاية اليوم سمعت صوت ينادي باسمي لكني تجاهلته حتي انتهي الدوام ، فلملمت أغراضي بهدوء ثم غادرت لكن قبل أن أمر من بوابة المدرسة وجدت ذلك الولد يسحبني بعنف و قد مزق لي سترتي المدرسية ، انكمشت باشمئزاز و خوف و طلبت منه تركي ، فرفض و سخر مني ، لم أعلم ما اسمه حتى ..
" ألم أخبركم أنه غريب الأطوار؟ "

قال ساخراً لرفيقيه الذي ابتسما لي بسخرية كذلك و استخفاف بمشاعري وقتها ، ارتسم الحزن علي ملامحي دون أن أعرف ، كنت مستاءً فوجدت نفسي أدافع عن نفسي بكل عفوية:
" أنا طبيعي .. أنا إنسان ! "

ثم وجدتهم قد انفجروا بالضحك مما جعل الجميع يتوقف ينظرون إلينا ، فتجمعت الدموع بعيناي ، لم أستطع مقاومتها و أنا أسمع الأخرين يصرخون بأني مجنون ، أبله ، غبي !! .. ألقاب ليست تشبهني!! .. فنظرت للفتى الذي كان يبتسم بانتصار و لحظتها تذكرت أنه قد تعارك من قبل مع نادر و ربما كان ينتقم منه من خلالي لأن نادر يومها لقنُه درساً لن ينساه أمام الجميع لأنه شتم والديه المتوفيان!! .. جذبت نفسي من يده لكنه أحكم قبضته علي قميصي و شدني منه بقوة مما جعله يتمزق أكثر فصرخت و أنا أدفعه بعدوانية دون أن أشعر برد فعلي و أنا أرمي نفسي فوقه أضربه بكل غضب داخلي ...

سكتُّ فلاحظ عامر سكوتي ، كنت قد فقدت طاقتي لمجرد تذكر ذلك اليوم ، فشعرت به يخاطبني بخفوت :
" أكمل يا فارس ، أنا مستمع ."

فعدت لأتذكر باقي تلك الذكرى ، تلك اللحظة التي انفجرت فيها بالبكاء ثم دفعني عنه و ضربني هو و زميليه ، الشجار جعل المعلمين يهرعون إلينا ،ما إن أبعدوهم عني حتى نهضتُّ أترنح ، جذبت حقيبتي و دون أن أشعر  ركضت دون أن أهتم بشئ ، قلبي يؤلمني ، لا أعرف كيف انفجرت هكذا؟!! .. قلَّلتُ سرعتي حتى صِرت أتمشى ببطء ، كانت قد جفت العبرات على طرف جفنايْ و ذهبت بطريق غير طريقي مما جعلني أشعر بالضياع ، ثم فجأة وجدت من يقهقه بحماقة بجانبي فاشمئزيت من الرجل الذي ظهر أمامي ، شعره مجعد و متشابك كالأشجار و كأنه لم يمشطه لسنوات ، وجهه ملئ بالسواد و الطين وجسده كذلك كما كان يرتدي ملابس بالية ، لا أكذب عليك فلقد خفت منه ! .. خفت لدرجة تراجعي للخلف قليلاً وأنا أحدق به بغرابة ليبتسم لي مقهقهاً و يقول جملة غريبة :
" تعلَّم كيف تكون وحدك ، لأن يومًا ما ستجد نفسك وحيدًا ! "
و ظل يضحك و هو يقفز كالأحمق ، لا أحد من المارة انتبه لي او له ، الجميع تجاهله ، غادر و تركني حائرًا ، عدت لمنزل جدي بالمساء فوجدت الجميع يجلسون دون أن يهتموا بوجودي أو تأخري ، لم أنظر إليهم و هم يحدقون بي جميعاً بصدمة من مظهري ، كان يبدو بالفعل أني تعاركت مع أحدهم ، جروحي كانت كثيرة و نفسيتي تحت الصفر لكن لم يجادلني أحد سوى عمي أمجد .

سكنتُّ و أنا أنظر لعمي أمجد الذي حدق بي  كذلك ، كنت أجاهد لفتح عيناي ، عامر نظر لي و قال ناهيًا الحوار حين رآني متعبًا :
" لنكمل بالغد .. "

حين سمعته وضعت يدي على وجهي و أنا ثابت في مكاني ، فنهض عمي أمجد يقترب مني و يجلس الى جانبي باللحظة التي تقدمت فيها فتاة صغيرة بالخامسة تمد لي يدها بكوب عصير برتقال و ابتسامة بريئة علي شفتيها ، رفعت نظري خلفها فوجدت إمرأة بمنتصف الثلاثينات من عمرها تبتسم لي بلطف و قد لاق بها حجابها على وجهها،  لكني لم ابتسم بل أبعدت عيني بسرعة أحدق بالفتاة ، كنت أستند علي أمجد لأني أشعر بعدم التوازن ، رفعت الطفلة الكوب لي ثم قالت بقلق و براءة ليست عادية و هي تحدق بي  بعيناها الواسعة ، كانت الفتاة التي رسمتها سابقاً :
" إشرب هذا ، ماما أعدته ، لهذا إن شربته ستصبح مثل سوبر مان ."

رمشت على لطافتها ثم نظرت لعامر فوجدته يحدق بها غير مصدق تصرفها ، مهلاً لما يحدق فيها هكذا؟!!

شهقتُ بألم حين دخل العصير لعيني و إمتلأت به ملابسي و قد شعرت ببرودته الحادة!! غطيت عيني و أنا أميل علي عمي ، عيناي تحرقاني!! .. سمعت صرختها و هي تشتمني لأني لم أخذ منها العصير بينما يصرخ عامر بها بأن ذلك قلة أدب ، أنا حضنت عمي و إنفجرت بالبكاء فجأة ، لم أشعر بنفسي و أنا أبكي بحرقة ، ليس بسبب العصير !! .. ليس بسبب الطفلة!! .. لكنها كان التراكمات!!

تقدم عامر بسرعة ناحية الفتى و قد ذهبت مليكة لتحضر كوب من الماء ، كان أمجد يحتضن الفتي الذي انفجر بالبكاء فجأة ، تمسك بعمه بقوة و هو يخرج شهقاته بعنف ، فنطق أمجد بقلق و هو يمسح على شعره مستغرباً ردة فعله من الموقف :
" فارس  ، أنها طفلة! لم تعني ما فعلته لكي تبكي! "

ازدادت حدة بكائه ، بكي أكثر ، كان يود لو يفهمه أحد لكن لم يحدث ، تلك اللحظة قال عامر و هو يأخذ الماء من يد زوجته :
" فارس أنظر إلي و إشرب بعض الماء ، حاول أن تهدأ .."

جذبه من كتفيه فلم يحاول أن يبتعد ، شهق و هو يمسح دموعه ، ثم حدق للطفلة التي نظرت له باستياء ، عامر ناوله كوب الماء ، فقربه من شفتيه ليشرب بشفتين و يد ترتجفان ، مسح أمجد علي شعره و قال و عامر يبعد الماء عنه :
" فارس أصبحت بخير ؟ "

انكمشت ملامحه مرة أخرى و شهق غير قادر علي تمالك نفسه و دموعه تنزلق بغزارة ، فتنهد أمجد باستياء و هو يجذبه لحضنه مجدداً تاركاً إياه يفرغ ما بداخله و هو ينظر لعامر الذي أومأ له بأن يتركه حتى يهدأ فزفر أمجد أنفاسه بتعب ، يشعر بارتجاف جسد فارس بين يديه دون أن يستطيع تهدئته.

تقدمت ميرا تجذب قميص والدها و قد امتلأت عيناها بالدموع :
" بابا ، هل هو يبكي بسببي؟! .. كنت أزعجه فقط لأنه لم يأخذ .."

مسح علي شعرها مقاطعاً إياها بلطف :
" حبيبتي ما فعلتيه خاطئ لكن هذا لم يكن السبب الرئيسي لبكائه .. أنت فقط جعلتيه ينفجر ."

لم تفهم ما قاله ، لكنها نظرت إلى فارس و تقدمت منه ثم دفعت والدها بعيداً قليلاً تفسح لنفسها المجال ثم جلست بينه و بين فارس ، فتحت فمها لتحدثه لكنها عادت لتنظر لوالدها و تهمس :
" بابا ما إسمه؟ "

ابتسم و هو ينظر لمليكة ثم لها :
" فارس ."

اتسعت ابتسامتها باعجاب ثم همت بجذب قميصه بقوة تخاطبه ببهجة :
" فارس ، يا فارس .."

أشارت لها والدتها ففهمت الفتاة و نزلت عن الاريكة و سحبت منديل من العلبة ثم عادت لتجلس جانبه ، جذبته من ملابسه مرة أخرى حتى نظر إليها بنظرة عابسة لترفع يدها تمسح وجهه من العصير ، فتكلم أمجد بابتسامة ساخرة و هو يشير لنفسه :
" أيتها الشقية العصير هنا و ليس بوجه فارس! "

فنظرت له و ردت بغرور :
" أنت لا ، أنا أساعد صديقي فقط."

رفع حاجباً بدهشة بينما ابتسم والديها بقلة حيلة ، في حين نظرت لفارس و مدت يدها تمسح دموعه عن وجهه لتقول بحزن :
" أنا أعتذر .. لم أقصد .."

تبادل والديها النظرات في دهشة واضحة ، أهذه الشقية إعتذرت؟!!

انتبهت عليى تحديق والديها بها فنظرت إليهما بنصف عين بغرور فتبسما على ملامحها و شقاوتها لكن لحظتها سمعوا صوت فارس و هو ينهض يريد المغادرة :
" أريد الرحيل .."

لم يدع لعمه فرصة ليتكلم لأنه خرج بالفعل ، ما إن لامس باب الشقة حتي فتحه و إختفى عن أنظارهم فتنهد أمجد و نظر لعامر :
" نستأذن الأن يا عامر ."

نظر إليه المعني وقال بجدية :
" إهتموا به جيداً ، هذا الفتي يخفي أكثر مما يظهر .. إن حدث شئ فأبلغني."

أومأ له أمجد ثم غادر خلف فارس ، نزل من العمارة و إتجه نحو سيارته ليجده جالساً فيها بهدوء شديد ، يغمض عيناه و يريح جسده علي المقعد  في صمت ، يكتف يديه لصدره .. رآه عمه كذلك لكنه لم يتكلم ، فمن الجيد أنه هدأ ! .. ما حدث بالأعلى شئ لم يفهمه ، لم يكن موقف يستدعي البكاء! .. تذكر كلام عامر ، و حديثه و تلك القصة .. يتذكر ذلك اليوم حين عاد متأخراً .. وبخه بشدة علي التأخير لكن الفتى تجاهله و غادر لغرفته يغلقها خلفه لمدة يومان دون أن يذهب للمدرسة أو السماح لأحد أن يحدثه أو يراه .

تنهد و هو يحرك السيارة بعيداً عن المبني المعماري ، الصمت كان سيدهما حتى وصلا للمنزل .. نظر أمجد لفارس ظناً منه أنه قد نام لكنه وجده شارداً يحدق  بالسماء التي غربت شمسها ليبقي الظلام سيد الموقف ، تآمله للحظات ، يراه مندمجاً جداً بل لاح له طيف ابتسامة رسمت علي شفتيه ، رغم غرابة الموقف إلا إنه ابتسم ، رغم كل شئ فهذا الفتى مازال يفاجئه !

" لقد وصلنا ."

نظر إليه فارس بصمت فوجده قد أوقف السيارة أمام بوابة الڤيلا ففتح باب السيارة و تحرك ليغادرها .

.

فتح باب الشقة بعصبية ليدخل ، و الأكبر دخل خلفه يناديه بغضب :
" نادر؟! .."

قاطعه دفعِه للمزهرية التي تحطمت أرضاً ليقابله الأخر يصرخ بعصبية :
" تريد التفكير بتركي؟!! إفعل إذاً! .. "

" نادر اسمعني؟ "
خاطبه بنفاذ صبر لكن الأصغر امتلأت عيناه بالدموع و هو يتابع صراخه بغضب :
" أخبرني من الأن ؟ أخبرني إنك تريد إختيار تلك الفتاة و تبعدني عن حياتك ! .."

" فهمك خاطئ للأمور.."

" لم أفهم سوى الحقيقة! هي تركت لك الإختيار ، هي أو أنا ؟ .. أنت حتى وقفت متسمراً تفكر بعرضها؟!! "

سكت للحظات يمنع دموعه من النزول ، ليقول ساهر بعد تنهيدة :
" يا نادر ، لم أفكر ..."

" إذهب إليها ، لا أريدك.."
صاح و هو يمسك بمزهرية أخرى صغيرة ليرميها علي شقيقه الذي تفاداها بدهشة يسمع حطامها خلفه،  و الأخر يكمل صراخه :
" إذهب إليها أيها الخائن!! .. "

فهتف ساهر بغضب قد احتله :
" لماذا أنا خائن يا نادر ؟ .. ألأني أحب ؟ او لأني أريد أن أعيش حياتي؟! "

سكت نادر فجأة محدقاً بشقيقه ، معه حق بكلامه ، لكن ليس هكذا؟! .. أنسى أنه أمانة والديه؟

" خنت .. خنت أمانة والدي.."
همس بصوت مهتز و هو يلتفت ليدخل غرفته تاركاً كلماته بيأس :
" صحيح من أنا لأمنعك عن حياتك؟ .. يمكنك إختيارها ."

تزامن حديثه بإغلاق باب غرفته تحت نظرات ساهر الذي وضع يده علي رأسه من فرط الاستياء ، ثم تحرك نحو الطاولة ليرمي بنفسه علي أحد مقاعدها ، ذاك الأحمق زاد الأمر سوءاً فقط! .

رفع نظره نحو باب غرفة الأصغر ، لا يعلم كيف وصل إلي هناك؟ كيف علم بشأن المكان ؟! ..

تنهد و هو يذكر ما حدث ، حين وجد رسالتها و قرر الذهاب ، حيث ذلك الكافية جلسا سوياً و طلبا مشروبيْ من الفراولة .. 

" ألازلتِ علي قرارك يا سلمى؟ "

خاطبها بهدوء فنظرت إليه و هي تشرب من مشروبها ، لم ترد فأكمل بحزن :
" سلمى تعلمين مقدار حبي لكِ..."

فنظرت إليه باستخفاف :
" حب؟ .. أين ذلك يا ساهر ؟ .. أخبرتك أن هناك شخصاً من عائلة مرموقة قد تقدم لي و لكني أريدك و لقد أخبرت أبي عن الأمر .."

" ماذا قال لكِ؟ "

رمقته باستياء ثم أجابت بجدية :
" قال أنه موافق.."

ابتسم ساهر لكنها أكملت:
" لكن بشرط .."

فاختفت ابتسامته حينما أكملت ببرود:
" هو يعلم أنك مسؤول عن شقيقك ..."
ضيق عينيه و كأنه يعرف ما ستقوله :
" .. فكان شرطه أن تختار بيننا ، فلن تعيش إبنته مع طفل أخر مع زوجها ."

" إذاً ؟ .."

نبس يُضيِّق عينيه أكثر بهدوء دون رد فعل فنظرت له و قد فهمته لتقول :
" أعرف تلك النظرة ،تريد رأيي؟ .. رأيي من رأي أبي ، فلا أريد الحياة مع رجل لديه مراهق."

" أنه شقيقي ؟ .."

" و إن يكن فأنت بمقام ولي أمره .."
قاطعته تحدق به بجفاء و تكمل لا مبالية بمشاعره:
" ساهر هو سيكون عثرة بطريق حـ..."

شهقت بفزع و هي تنهض تحدق بمن رمى عليها العصير بصدمة ، رأته ، كان فتى بالرابعة عشر ذا أعين عسلية مائلة للخَضار و شعر أشقر ، يحدق بها بغضب لتسمع ساهر يصرخ عليه مستنكراً فعلته :
" نادر ما الذي فعلته؟! "

فدفع بالكأس أرضاً لينكسر ثم نظر لها بغضب و قد نظر كل من بالكافية لهم:
" إن لم يعجبك حال أخي فلما دخلتي حياته من البداية؟ .. لما دخلتي لتفرقينا؟.."

جذبه ساهر من يده بقوة يهتف به :
" نادر أصمت.. "

الا أنه جذب يده بقسوة ثم دفع شقيقه بغضب و هو يصرخ :
" دعني وشأني أيها الغبي! "

ثم ركض بعيداً فأخرج ساهر مال من محفظته ليضعه علي الطاولة ملقياً نظرة غاضبة نحو سلمى التي بادلته النظرة ليذهب و يتركها ، فأخذت حقيبتها و هي تشعر بالحرج ، فلقد تلونت ملابسها بالعصير !!

.

تنهد بقوة و هو ينهض متجهاً لغرفة الأصغر ، وقف أمام الباب ليطرقه لكنه سمعه يصرخ من الداخل :
" إذهب من هنا ، لا أريد رؤية وجهك!"

لكن ساهر نطق بهدوء :
" لا تصرخ هكذا حنجرتك ستؤلمك ."

كان يستفزه و حين لم يسمع رداً ابتسم و هو يكمل بسخرية :
" بما أنك تحبس نفسك و تصرخ كالمجنون فسأعود لسلمى .."

فُتح الباب تالياً كلماته ليظهر بوجهه الغاضب الغارق بالدموع ، نظر له بغضب و تعب فابتسم ساهر قائلاً بصوت هادئ :
" تعرف أنك أهم أولوياتي .. "

" لكنك كنت تفكر أيُّنا ستختار ! "
قال باكياً معاتباً إياه ، فانحنى نحوه ليقول بلطف :
" لم أكن أفكر ، كنت أريد أن أعرف إختيارها هي؟ .."

" حقاً؟! "

أومأ له ثم تبسم يمزح :
" تعلم ؟ تبدو أحمق و أنت تبكي كالأطفال؟ "

ناظره الفتى باستياء و احراج فقهقه ساهر و التفت يقترب من هاتفه و هو يقول مقهقهاً :
" كما متى رأيتني أخونك ؟! أنت لست زوجتي أيها الأهبل! .. أنت شقيقي الصغير لا تبتزني بوعدي لوالدانا .. حتي إن لم أعدهم ، أنت نفسِّي لذلك لا أحد يتخلي عن نفسِّه ."

كلماته جعلت البسمة تحتل ثغر نادر لينته لما يقوله عبر الهاتف :
" سلمي؟ .. لقد إتخذت القرار .."
سكت للحظات يستمع لبهجتها ليقطعها ببرود :
" يمكنك إختيار الشخص الذي تقدم لكِ .. لا يمكنني الاختيار بينك و بين أخي .. سلام."

ثم نظر لشقيقه و ابتسم فبادله نادر الابتسام و هو يتقدم ليعانق خصره فمسح علي شعره مخفياً ألم قلبه ، فلقد أحبها ، أحبها بكل قلبه لكنها أنانية ، لم تحب سوى حياتها و مستقبلها !

*
*
*
يتبع...

رأيكم بـ

ماضي فارس و التنمر عليه؟ 🙁💔

انفجاره إثر التراكمات؟

نادر و ما حدث؟

و التقييم؟ ☺️

و اسفة للتأخير هذا فصل بعيدًا عن النشر الاصلي ..  اي لن انشر غيره اليوم لكن حين اقوم بذلك سوف انشر اثنين معاَ

استمتعوووو 👌☺️😝

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top