Chapter 4


قبل بداية الرواية لا تتخطو ما سأتحدث به لأنه مهم جداَ ✨

اولاً،  عدة أشخاص أخبروني أن روايتي أسمائها متشابهة مع رواية فريجولي ظناً أني مقتبسة الأسماء منها فأردت التوضيح كبدايةً:
ان الأسماء" فارس -نادر" هي أسماء شائعة جداً و ليست مصنعة مثلاً 😅.

ثانياً : ليس من الممكن مثلاً أن أقتبس من الرواية شيئاً،  هذا أمر أنا نفسي أرفضه كمبدأ في أي رواية لي،  لكن بالنسبة للأسماء فلم يأتي بعقلي و أنا أكتبها أن إسمَيّ فارس و نادر هم نفس ابطال رواية فريجولي و ليس من الممكن مثلاً أن أترك كل ذلك و انسخ من رواية فريجولي شئ،  حتي لو كانت رواية احبها و ادمنتها منذ عدة سنوات و روايتي جديدة لكني احترم كاتبتها و دون ذلك انا ابداً ابداً لن أفعل .. كما ليس لأن أحدهم اتخذ احد الاسماء كبطل في روايته و انا مثلا اتخذته فأكون سارقة!!!
فمثلاً لو كل الكاتبات و الكاتبون امتلكوا الأسماء أهذا يمنعني عن اتخاذ اسماً لأنه مشابهاً لفلانة و علانة؟!!!

الاسماء شائعة يا جماعة و انا سأعترف لكم اعترافاً بسيطاً،  قبل كتابتي لأي رواية افكر بأسماء شخصياتها بدقة و أبحث بجوجل و اختار منه الأسماء و أثناء كتابتي للرواية وقع الاختيار علي فارس و بما اني اكتب الرواية ببطل لديه صديق مميز فأنا بعد بحثي وجدت أن نادر يليق كصديق و طبعاً كاعتراف أخر،  فأنا أبحث عن الأسماء و معناها قبل وضع الشخصية و مكانتها فالاسم يدل علي صاحبه ، و حقاً لم انتبه أن الأسماء متشابهة الا حينما نبهتي احداكن بذلك ..

يعني اسم 'فارس':  المحارب،  او الفارس المحارب!

بينما نادر:  فهو قليل الوجود او نادر الوجود.

و كلاهما وجدتهما يليقان ببعض لهذا اخترتهما! !

كما شئ أخر قبل أن أترككم .. في رواية فريجولي، فارس كان مراهق لكن نادر كان طبيبه،  رواية مختلفة كلياً عن روايتي هذه و لا شئ،  ولا اي شئ في الروايتين يمكننا المقارنة به بينهما لأن الاختلاف بينهما شاسع!! .. بينما روايتي ففارس و نادر أصدقاء طفولة،  و طبيب فارس هو مجرد شخصية في موضع رئيسية لكن ليس لها دور سوى لمساعدة فارس فقط!! 

مجدداً لأن الأمر أزعجني فعلاً،  أي تشابه مع اسماء الشخصيات سيكون صدفة وأنا لا أخذ من أي رواية اقتباساً او فعل،  و لو أخذت مثلاً فأنا أكتب أسفله اسم الكاتب و طبعاً بيكونوا مؤلفين عالميين بالطبع .. مجدداً لا تتخذوا الصدفة سرقة،  فأنا لا أسرق و لو تظنون ذلك سأتوقف عن الكتابة نهائياً .

اسفة للاطالة.

استمتعوا ...
....



لتكن ملجأي حين أستند عليك يا صديقي!

توزعت سحب لطيفة في السماء ، اشتدت حركة الرياح في منتصف الليل ، رغم ذلك لم يهتم بها كلاهما حيث كانا يجلسان معاً يلعبان ألعاب الفيديو بغرفة لا ينيرها سوى نور اللعبة الالكترونية !

" غلبتُك!!! "
قفز نادر صارخاً بحماس و هو يقهقه ليزيد عبوس فارس أكثر و هو يترك يد اللعب جانباً ليقول مقترحاً بضجر :
" لنغيرها يا نادر ، لست من محبي كرة القدم ."

ابتسم نادر يحدق فيه :
" أعلم لهذا جعلتك تلعبها لأستشعر الفوز ."

ضيق فارس عينيه بضيق ليخاطبه :
" تريد إثبات أنك تستطيع الفوز علي لأنك تخسر أمام ساهر دائماً ."

حك نادر مؤخرة رأسه باحراج :
" الصراحة أجل .. لأنك لا تحب لعبها لهذا أردتك أن تخسر أمامي ."

فنهض فارس بغضب خفيف :
" أنت مزعج."
ثم جلس علي سريره يرجع خصلاته للخلف بضجر ، فتبسم صاحبه و هو يجاوره محاولاً إرضاءه :
" حسناً سنلعب ما تريد لعبه .. أخبرني ما تريد و لنفعله سوياً ."

همهم فارس يفكر ، ثم همس مقترحاً :
" لنلعب لعبة التخمين ."

ابتسم نادر يومئ بالموافقة :
" لنبدأها إذاً ."

جلسا مقابلين علي السرير ، أحدهما أمسك السماعات الكبيرة مغطياً بها أذنه ، و الاخر ابتسم يفكر بالذي سيفعله .. مر الوقت بهما يلعبان و لم ينتبها علي الساعة التي تجاوزت الثانية بعد منتصف الليل .

حين تعب نادر زفر أنفاسه في تعب ليقول :
" لننم يا فارس ، الساعة الثالثة فجراً ."

همهم فارس ليقول :
" حسناً ."

ابتسم نادر و حَبَى نحو الوسادة ليستلقي بتعب ، تبسم الأخر فقد كان قد تعب حقاً ليستلقي بجانبه بصمت قد قطعه نادر بخفوت :
" فارس .. "

همهم فارس مستمعاً ليكمل الأخر :
" أنا ممتنّ لأنك رفيقي ."

حل الصمت ، فارس ابتسم حين استشعر دفء كلمات صديق طفولته ليهمس و قد أمسك بيد صديقه :
" و أنا كذلك .. شكراً لكونك معي في الحزن و الفرح ، في الأمل و اليأس .. أنا سعيد لأنك صديقي."

ابتسم نادر بخفه قبل أن يغلبه النوم ، فناظره فارس بابتسامة ليغمض عيناه أيضاً و بعكس تلك المرات هذه المرة غرق بنوم عميق خالي من الكوابيس و كأن وجود صديقه كان كفيل بشعور الأمان و السكينة الذي يشعر بهما جواره دائماً .

حين أتي الصباح و قد تجاوز الساعة للحادية عشرة صباحاً فتح نادر عينيه في وهن يشعر و كأن أحدهم ملتصق به ، فنظر إلي جانبه و ابتسم حين اتضح أن فارس الفاعل حيث كان ينام بكل سكينة علي كتفه! فأغمض عيناه يفكر ، لولا وجود فارس بحياته لما مر من تلك الأوقات العصيبة ، رغم كل شئ كان وجود فارس كافياً لمنحه الدفء و إنشغال أفكاره ، شخص وحيد مثله لا وجود لأحد في حياته غير شقيقه الذي يكون دائماً مشغول عنه لذلك كان وجود فارس محبب لقلبه ، فبإمكانه إخباره عما يرهقه دون كلل أو ملل ، دون شك أن فارس لن يخونه و لن يمل منه ابداً !

" فيما تفكر ؟ "

أخرجه من أفكاره صوت فارس الواهن ثم إعتدل يفرك عيناه بتعب ليجيبه نادر بابتسامة مستغلاً الفرصة لإغاظة صديقه :
" لا شئ سوي أني صورتك حين كنت تنام كطفل أحمق ."

شهقة خرجت من جوف فارس تعبر عن إعتراضه و هو ينظر بصدمة لنادر الذي قهقه علي رد فعله قائلاً :
" أمزح معك ، لقد نسيت فعل ذلك ، كما إني إستيقظت قبلك بدقائق ."

زفر فارس بضيق ثم نهض يدخل الحمام تاركاً نادر مستوياً علي السرير مقرراً النوم مرة أخري .

بعد نصف ساعة قرر نادر أن يغادر فاصطحبه فارس للخارج ، كان يود مرافقته لكن عمه أمجد أخبره أن يجلس و أن السائق سوف يوصله .

جالس بهدوء شديد شارداً تماماً مندمجاً بأفكاره ، فلاحظه أمجد حيث كان يجاوره بمسافة بعيدة قليلاً ليخاطبه :
" فارس ؟ "

انتبه فارس علي نداء عمه فنظر نحوه دون التركيز علي وجهه ، ليردف عمه بهدوء :
" أريد نقاشك بأمر مهم ."

عُقد جبين فارس و أشاح بوجهه عنه يفكر عن أي موضوع مهم يتحدث؟!

لم يهتم أمجد بردة فعله و هو يكمل بجدية و هدوء بينما يترك ما بيده و يوليه إهتمامه :
" بصراحة موضوعان ، أردت توضيح الفكرة قبل أن تجد نفسك فيهما فجأة .."

صمت قليلاً و الأخر جالس يستمع و قد غزاه القلق و يبدو أنهم إتخذوا قراراً بالفعل لكنهم يعلموه بالأمر فقط، ليسمع عمه ينطق :
" الأمر الأول ، بدايةً للأمر لقد قررنا و جدك متابعة حالتك عند طبيب متخصص بالنفسية .."

قاطعه بانزعاج :
" لكني لا اريد! "

ضاقت عين أمجد ليتجاهل ما قاله قائلاً بحدة قليلاً :
" لا تقاطعني ."

تضايق فارس من حدة صوته لكنه لم يجادل :
" حاضر ."

تنهد أمجد و نظر إليه مجدداً يكمل :
" أعلم أن ذلك الأمر مزعج لكنك لا ترى ما نراه نحن ، أنت لست بخير لهذا الحل الوحيد أنك ستتابع حالتك مع الطبيب و لكن .. لا تظن الأمر كسابق عهده ، الأطباء الذين لم يكملوا علاجك بسببك ليسوا كالطبيب الذي سيداوم علي علاجك ، فذلك لن يكون سوى دكتور عامر ."

توسعت عين فارس بعدم تصديق لينظر لعمه متناسياً ما قاله :
" دكتور عامر ؟! .."
أومأ أمجد ليصمت فارس قليلاً ثم قال بغضب :
" تعني أنكم سبب ذهابي مع لؤي له و كله لأجل أن يراني؟! .. كنتم تخدعوني!! "

" لم نخدعك ، هذا كان لمصلحتك فلو أخبرناك أنك ذاهب لطبيب كنت ستهرب من الأمر أو ترفض ، لهذا كان الحل الوحيد و عليك تقبل وضعك ."

استاء أكثر لكنه لم يتكلم بل أخذ يحدق بيديه و الأخر يكمل :
" .. الأمر الثاني هما والديك .."

نهض فارس رافضاً بشدة الاستماع لهذا الامر ليقول بغضب :
" لا تحدثني عنهما ، أنا ذاهـ.."

جذبه أمجد من ذراعه ليجعله يجلس رغماً عنه و هو يزمجر بحدة :
" أخبرتك لا تقاطعني ! كما أن الأمر يخصك و يخص تصرفاتك أيها الطفل!"

جذب فارس يده من يد عمه و نطق رغماً عنه و بشئ من الغضب :
" أنهي الأمر لأني أود الذهاب ."

رمقه أمجد بشئ من الغضب كذلك لحديثه الوقح ، الأمر الوحيد الذي يرفض الحديث عنه أو سماعه لكنه تجاهل ذلك مردفاً :
" والديك يودان محادثتك .. الأمر جِدي تماماً و أنت لا تبالي .. لا تنسى كونهما سافرا لأجلك .. هما من يرسلان المال الذي تستخدمه في حياتك و علاجك و كل شئ! .. لقد حاولا محادثتك طوال الخمس سنوات و لكنك تجاهلت كل ذلك!."

صمت فنظر له فارس ينطق بعناد ليخفي ألمه :
" لكني لم أكن أريد المال بقدر ما أردت حضنهما لكنهما فضَّلا العمل و حياتهما عليّ .. لن أسامحهما على الخمس سنوات التي ضاعت مني يا عمي .. أستأذنك ."

نهض مجدداً ، هناك غصة بقلبه إن تركها سينفجر بأي لحظة لهذا أراد أن يغادر ، الأمر حساس بالنسبة له لكن عمه أكمل قبل أن يختفي عن ناظريه:
" كان قد تبقي أشهر و يأتيان لكنهما لأجلك خلال أيام ستجدهما أمامك ."

لم يكمل خطواته علي السلم و قد توسعت عيناه لهكذا خبر!! ، خلال أيام؟! .. كيف له مقابلتهما حتى!! .. رغم كل شئ فلا يستطيع مواجهتهما!!

قل توسع عيناه و أمسك الدرابزين يصعد و كأنه يستند عليه كي لا يسقط أو يتعثر !!

بالنهاية لم يجد الا زاوية الحجرة لينكمش علي نفسه فيها محتضناً قدميه لصدره و كأنه يحمي نفسه ، الأمر فوق طاقته ليتحمله .. ببساطة؟! .. كيف يذهبون دونه ثم فجأة يعلم أنهما سيعودان فجأة !!.. أيْ فجأة و في أي لحظة سيراهما !! .. لكن هل سيتعرف علي ملامحهما بعد تلك السنوات؟! فذاكرته تكاد تخونه عن تذكر كيف كانت ملامحهما!!

تحررت دمعة تلو الأخرى ، وحيداً ينازع ألامه ، انتحب و كأنه لم يبكي قط ، بصوتٍ منخفض تائه ، محبط و محطم .. لا يجد من يرمم قلبه المنكسر .. فالمجروح من عائلته لا يشفى أبداً!

انتهي الأمر به نائماً بتلك الزاوية محتضناً نفسه كطفل ، لم يكن يهتم بحالته أو حتي البرد الذي بدأ ينتشر بالأجواء لقرب الشتاء !

عاد نادر للشقة ، كان شارداً يتخبط بين أفكاره ، ما إن فتح الباب بمفتاحه حتى رأي شقيقه نائماً علي الأريكة بوضع خاطيء ، فاستغرب فعلته و أغلق الباب ثم تقدم منه ، ثم وجد نفسه يجلس أمامه يراقبه بصمت و ابتسامة حنونة علي ثغره ، شقيقه الوحيد كان موطنه ، رغم موت والداه كان ساهر الأب و الأم ، منذ كان بالسابعة عشر و هو يهتم به و يرعاه حتى بعد موت والديهما ، لم يجعله يعاني من شئ ، وازن بين دراسته و عمله و رعايته كأخ أكبر لشقيقه الصغير ، استطاع ساهر إحتوائه بكل مشاكله رغم أنه كان صغيراً .. حتي الآن ، أصبح بالخامسة و العشرون و لا زال ملجأه ! .. هو ممتن له و بشدة كونه رعاه في أشد حالاتهم ضيقاً و ظلمة فقد كان ينير دائماً أعماقه بالحب و الأمل ، ابتسامته كانت كالنجاة بالنسبة لنادر ، كانت تحتويه!

تنبه لصوت ساهر و هو يفتح عيناه ليجد نادر أمامه متزين الثغر بابتسامة و الذي سأله باستغراب :
" ما الذي جعلك تنام بهذا الشكل هنا؟!"

ابتسم ساهر و إعتدل يحدق بأخاه الاصغر مجيباً بصدق :
" لقد افتقدتك و لم استطع النوم بالحجرة و أنت لست موجود فيها ."

ابتسم نادر ثم اقترب ملبي رغبته بعناق أخيه الذي رغم تفاجؤه الا أنه لف ذراعيه حوله يبادله ، أخذ بالمسح علي خصلات شقيقه الشقراء كلون شعره ليقول بحنان :
" ما بك يا نادر ؟ .. منذ أيام ألاحظ أنك مستاء كما و تشرد كثيراً .. لذلك جعلتك تذهب لفارس كي تتحسن نفسيتك لكن يبدو أن الأمر لم ينفع."

لم يشعر نادر بدموعه و هو يجيبه باستياء :
" أنه حاتم يا أخي ، زميل لي بالمدرسة .. لأني و فارس دائماً معاً و كالدرع له بسبب حالته قام بالتنمر عليّ .. تعاركنا سوياً بحمام المدرسة ووجدته يلقبني باليتيم و كلمات أخرى أسوأ. "

مسح ساهر دموعه و ابتسم يرفع ذقن الأصغر لينظر إليه قائلاً :
" و ماذا في الأمر ؟ .. هذه حقيقة و أنت فقدت والديك ، حتي أنا يتيم .. لا تنسى أن والداك ذهبا لمكان أفضل من هنا .. ألم نتكلم بهذا الشأن من قبل؟ .. ثم تجاهله كلياً فهو فتى مختل! "

أومأ نادر متفهماً لكنه قال بانزعاج :
" أعلم لكن حاتم ذاك دائماً ما يزعجني ."

فبعثر شعره قائلاً :
" أتركه عليّ ، أمره سأتصرف بشأنه ."

أومأ نادر لكنه قال محذراً :
" لكن لعلمك والديه لديهم معارف و أغنياء عكسنا ."

رفع ساهر حاجباً و قال متهكماً :
" و هل ذلك يمنعني عما أفعل؟! .. نادر أنا رجل مسؤول و يجب أن أحمل مسؤولياتي بشكل جيد .. هو أذاك و أنا لا أتهاون عن من يؤذي أخي ."

ثم مسح علي شعره مبتسماً :
" و الآن إنهض و غير ملابسك حتي أحضر الافطار لأجل صغيري ."

عبس نادر :
" لست صغير ."

لكن ساهر ضحك مغيظاً إياه:
" و من كان يبكي منذ لحظات أيها الطفل!! !"

ليجد حقيبته ترمى عليه لكن ساهر تجنبها و هو يضحك ثم دخل للمطبخ ليحضر الافطار لكليهما قبل أن يغادر لعمله .

طرقات خافته جعلته يحدق بالباب بغضب بعد أن استيقظ علي وقعها، كان لا يزال يتخذ ركن غرفته ملجؤه .. حين سمع صوت العاملة بالمنزل تطلب منه فتح الباب لتناول طعامه فهتف :
" لا أريد ، غادري ."

لكنها أصرت عليه ، فصرخ بعصبية :
" قلت غادري لا أريد !!"

فزعت من صراخه لكنها نطقت بتردد :
" سيد فارس ، أنها أوامر سيد أمجد ..."

لكنه صرخ أكثر :
" فليذهب للجحيم هو و أوامره ، غادري! "

تنفس بثقل ليضع يده علي وجهه ، هو ليس بخير أبداً ، يوقن ذلك لكنه يقاوح تصرفاته ، حين لم يسمع رد منها علم أنها غادرت ، فاستند علي الحائط بجانبه لينهض بصعوبة ، يشعر و كأن جسده يزن أطناناً لكنه لم يعير للأمر أهمية و هو يتجه نحو نافذته يبعد الستائر ليجد أن الشمس أوشكت علي الغروب فحرك قدميه نحو دورة المياة المرفقة بغرفته ، قرر أن يتوضأ ليصلي فروضه التي فاتته ، لم يكد يسجد حتي بكى مجدداً ، بكى همَّاً و شكوى لربه !

حين انتهى استند علي سريره بإرهاق يمسح باقي دموعه ، يشعر و كأنها لحظة إنفجاره ، منذ متى لم يبكي؟ .. هو حتي لا يتذكر أخر مرة بكى فيها ؟

" فارس إفتح الباب صغيري ."

كان صوت جدته ، فحدق بالباب ليقول بصوت قد سمعه من بالخارج :
" سأنام جدتي."

كانت كذبة يعلمها الجميع ، حيث يرافقه الأرق بالمساء ، هو كذلك كان يعلم أنهم يوقنون أنها كذبة لكنه لم يهتم ، فلقد كان تصريحاً مهذباً بأنه لا يريد رؤيتها ولا رؤية أي أحد .

لكنها أكملت بشئ من المحبة :
" حبيبي فارس ، ألا تريد البقاء مع جدتك؟ "

كاد يبكي مجدداً لنبرتها لكنه نهض ليفتح لها الباب و يواجهها بوجه جاف متعب ، فانحنت قليلاً و مسحت علي وجهه قائلة بحنان :
" أخبرني أمجد أنه حدثك لهذا جئت لأني أعلم أن الأمر حساس بالنسبة لك .. ما رأيك أن نجلس معاً و نتناول الطعام سويا؟ "

فهمس :
" لست جائع ."

تنهدت ، كان عنيداً!! ..لكنها كانت تتوقع رده ، لقد صنع حاجزاً بينه و بينهم منذ كان طفلاً ، رغم حبهم له الا أنه لا يرى ذلك ، كان يرى العكس ، يراهم يعاملوه بتكلف ليس إلا ، لأنها مسؤولية متكفلين بها ، ليس كأهله!! .. و كلما كان يفعل كلما اشتد الحاجز بينهما حتى أصبحت المعاملة أشد رسمية بينه و بين أسرته !

جدته لم تيأس بل أخذت بيده لينزل معها للأسفل ، كان الجميع متجمع علي العشاء و هناك ضيف موجود معهم لم ينتبه له فارس الذي كان يحدق بالأرض فقط .

" مرحباً بيكاسو الصغير ! "

جفل علي الصوت ثم رفع رأسه و لأول مرة يركز عيناه بأعين أحد الغرباء!

" دكتور عامر؟! "

همس بصدمة فمسحت جدته علي رأسه و نظرت لعامر الذي نهض يقترب منه جاعلاً بينهما مسافة قصيرة كي لا يخيف الفتى الذي إنكمش بجدته حين إقترب منه عامر و قد أبعد ناظره عنه بعد لحظات قليلة .. ابتسم عامر و خاطبه بلطف :
" أعرف أن الأمر مزعج ، لكني اليوم جئت لكي ترسم صورة لإبنتي الصغيرة لأن عيد مولدها غداً ."

فرق بين شفتيه لكنه لم يستطع النطق بسبب جهله لما سيقوله ، لكنه أومأ بشئ من التردد ليهتف عامر :
" جيد .. هل يمكن بعد العشاء؟ "

أومأ فارس مجدداً ليلتفت عامر غامزاً لأمجد الذي ابتسم بخفة ، فقد ابتلع الفتى الطُعم ، كان عامر قبل كل شئ يحاول التقرب منه ، الحل الأمثل الذي سيقوده لمعرفة الفتى و استطاعته مساعدته في العلاج هو بناء علاقة قوية ، ليست كعلاقة دكتور بمريضه بل علاقة صديقين !

*
:
*
يتبع..


رأيكم بعلاقة الصديقين؟

خوف الأخوين؟

سيعود والدي فارس قريباً،  هل سيستطيع تقبل الأمر؟!

الجميع اتفق بالفعل على وجود عامر كطبيب لفارس،  فهل سيتقبل فارس الأمر؟ .. و هل سيستطيع عامر اختراق حصنه المتين كنادر؟!

الأحداث كل بارت ستتجدد و ستفهمونها!

اي امور لا زالت مشوشة؟

للآن الرواية جيدة؟!
ام هناك مشكلة بالسرد؟

استمتعوا 💜🌼✨

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top