Chapter 29الاخيرة
كُـلٌّ يغيّرُهُ الزمان، وصاحبِي
باقٍ على الإخلاص لا يتغيّرُ.. ♥️
**
لمسة خفيفة ، ناعمة ، تسير على وجهه بكل هدوء ، لحظات حتى فتح عينيه ليبصر وجهه أمامه ، رجل ثلاثيتي يبتسم ابتسامة لطيفة حادة قليلاً ،لكنها أظهرت غمازته اللطيفة ، يرتدي بدلة سوداء على كتفيه نجوم لم يهتم بعدِّهم ، فلم يكن قادرًا على النهوض ، كان متعب ! و رغم ملابسه الغير مبتلة الا أنه تيقن من وجوده مع هذا الرجل أمام بحيرة أو نهر ربما؟ .. لكنه ما الذي يفعله هنا؟ و مع هذا الشخص؟ .. ألم يكن بداخل الكوخ مقيد؟!
نطق ذلك الرجل منهيًا ضياع أفكاره بابتسامة نصر :
" لقد انتهى كل شئ ، والدك هنا سيصل بعد دقيقة ."
" فارس! .. لقد أنقذته ! "
وجد صديقه قد قفز إلى جانبه لـ يعانقه بشدة فاتسعت ابتسامته ببطء و هو يرى صاحبه بخير عدا كدمة جانب فمه ، لحظات حتى ابتعد ليحدق بوجهه بقلق بعد أن استقام واقفًا أمامه ثم التفت خلفه مع صوت خطوات التقطتها أذنه ليجفل و يبتسم ناطقًا :
" أبي .. "
لكنه بتر كلمته يحدق بعينه الزرقاء لتزداد ابتسامته اتساعًا أكبر بعد أن أدرك أي الشخصَين أمامه :
" أنت عمي خالد!! .."
و اقترب منه معانقًا إياه باللحظة التي تزامن فيها تحرُك والده نحوه بعد أن أبرح جابر ضربًا بينما يتوقف يلتقط أنفاسه قبل أن يبتسم براحة فقد انتقم منه ، ابتسامة قد رآها فارس فعقد جبينه و هو يبتعد عن عمه و تحرك مقتربًا من والده ، فاتجهت عين والده الرمادية لعينيه المثيلة له ، فرد يديه على جانبيه يرحب به بأن يقترب فـ فعل فارس و اقترب ليدفع بجسده بين يديّ والده ببطء غير مصدق أن الأمر انتهى بهذه السرعة ، و خلالها كل الأمور المؤلمة مرت على ذاكرته و سرعان ما نزلت دموعه بقهر و هو يتشبث بجسد والده سامحًا لنفسه بالانهيار أخيرًا، فـ لف سالم ذراعيه حوله و انحنى قليلًا محتويًا جسده يهدئه ، لكن فارس كان يبكي ندمًا على كل لحظة مرت بينهما هو ترك فيها عناده مسيطرًا على علاقتهما ، هذا الامر و ما حدث معه جعله يدرك قيمة والديه في حياته!
اقترب ساهر ليمسح دموع نادر التي كانت عالقة على أهدابه فنظر إليه نادر و اقترب منه أيضًا ليحظى بعناق ينسيه كل ما حدث فرحب ساهر به بحنانٍ و شوق لغيابه و هو يتذكر كيف شكَّل عمه سالم وجه جابر من شدة الغضب بينما عامر كان يحدق بشقيقه بغير رضا ، مع احتلال الشرطة للمكان يقبضون على الاشخاص كلهم كما و أنهم وجدوا مخدرات داخل المستودع بذلك المنزل !
اقترب خالد من أخيه ، مبتسمًا بانتصار فحدق به سالم بشوق تحت نظرات الجميع المندهشة من وجود خالد على قيد الحياة عدا أمجد و عامر حيث كانا يعرفان بأنه على قيد الحياة بالفعل و كان السر المشترك بينهما ، لكنهما قررا إخفاء السر حتى تظهر حقيقة جابر .. اقترب سالم من أخاه و عانقه بقوة غير قادر على التعبير عن مدى فرحته و صدمته حين أخبره عامر بأمر وجود شقيقه و أنه لم يمت قبل أن يأتوا بساعات قليلة! ، و ها هو يصدق عامر ، أخاه موجود و هو من ساعد ابنه من الغرق!
ابتعد خالد و قبل أن ينطق سالم مستفسرًا ، قاطعه :
" كل شئ سأخبرك به بالمنزل ، فارس و نادر هما ليسا بخير ."
" و لن يكونا..لم ينتهي الأمر بعد .."
التفت الجميع بصدمة على صوته الحاقد ، كان يشير بمسدس قد اختطفه من شرطي ليصوبه نحو فارس و ابتسامة مجنونة على ثغره !
الوقت توقف! .. عقارب الساعة كانت تمر ببطء! .. عيناهم المحدقة في جابر تلاقت مع ذاك المسدس مع تحريكه لزناده ..
لحظات مرت بصعوبة على الجميع تزامنًا مع رصاصة انطلقت نحو الفتى الذي أغمض عينيه قبل أن يشعر بشئ يضربه على قدمه معركلاً إياه و شخص يسقط فوقه حاميًا إياه بجسده!
قبض على يديه بغيظ و هو يحدق بحقد بعين شقيقه الأصغر الذي يبادله النظرة و هو يمسك يده لأعلى مما جعل الرصاصة تنحرف لنفس الاتجاه ليأخذ المسدس من يده و يدفعه نحو الشرطيان الذان أمسكا به و هو يصرخ علي شقيقه :
" ستندم يا عامر ، ستندم و ستدفع ابنتك ..."
بتر كلامه متفاجئًا من صفعة تلقاها من كف شقيقه تلاها جذبِه من قميصه بغضب :
" لا تلفظ اسم ابنتي على لسانك القذر يا جابر ! .. انا لم أكرهك رغم كل ما فعلته بي ، و رغم قتلك لأبي و رغم كل شئ ! لكن ذلك لا يمنع أن أدفعُك لتتعفن بالسجن. "
ابتعد عنه و التفت ليسمع ضحكاته الساخرة و هو يقول :
" لا تقل كلامًا ليس معك دليلاً عليه يا أخي الصغير ."
" لكننا نملك الأدلة الكافية التي تدينك يا عزيزي "
كان أمجد من قال ذلك و هو يقف أمامه بابتسامة باردة رادفًا بسخرية:
" يبدو أن عائلة عِمران ستسبب لك جلطة بالسجن ... ساهر سجل مكالمتك كاملة من أول حرف نطقته بها ، بينما .. كامل كان قد ترك بعد موته دليلاً قاطعًا .."
تزامن سكوته مع رؤية الاخر لقلادة ذهبية مدورة الشكل فابتسم جابر بتهكم :
" انها لا شئ.."
قاطعه يكمل و هو يلاحظ الدماء التي بدأت تتضح من الشاش على خاصرة جابر :
" الشريحة التي بها و التسجيل الصوتي بطريقهم لمركز الشرطة مع ماجد ليضيفهم لقضيتك التي ستغلق الان و المجرم قد تم الامساك به غير قضية الاخوين بقتل والديهما و اعترافك أمام نادر و فارس .. نادر أخبرني بذلك ."
أخفض نادر نظرته و اعتصر يده بحزن فعانقه ساهر يمسح على خصلات شعره بحنان و هو يرمق جابر بهدوء و انتصار لأخذه بثأر والده رغم ما مر من سنين! .
" فارس؟! .. "
اتجهت نظرات الجميع نحو سالم ، كان يحتضن فارس الذي ارتخى جسده ينهار أخيرًا بعد ما حل به من عذاب ، فاقترب منه خالد يتحسس جبينه و هو يبتسم بحزن :
" لقد تأذى كثيرًا ."
...
مرت أيام على تلك الحادثة ، و رغم الهدوء و الراحة التي غلَّفت معظمهم الا أن ما حدث أثَّر على نادر و فارس كثيرًا ، خاصةً فارس الذي أصبح يستيقظ ليلاً أكثر من المعتاد يشرد أكثر ، دائمًا ما يرى يديه ممتلئة بالدماء ظنًا أنه أصبح مثل جابر !
كان يستلقي داخل المشفى ينتظر أن ينتهي الطبيب من فحصه جسديًا لمرة أخيرة قبل أن يغادر ، نادر كان يجلس إلى جانبه ، متضايقًا لحالته ، يعلم جيدًا ما أصاب جسد صديقه من ضرب مبرح و جروح عميقة و كدمات ! عكسه تمامًا !
" فارس عليك أن تنسى ، أنت لم تقصد أن تكون مثله ."
خاطبه نادر بتعب و هو يمسك بكف يده يضغط عليه محاولاً إيصال إليه فكرة أنه لم يخطئ ليعذب نفسه بتلك الطريقة ، كما أنه لا أحد سيعاقبه ليفعل!!
نظر إليه بهدوء :
" أنا بخير ، لا تقلق."
عقد نادر جبينه بضيق لينهض ممسكًا إياه من قميصه بغضب يجذبه لتتلاقى أعينهما :
" لا أقلق؟! فارس رجاءً أوقف عنادك هذا ! ذلك الامر أصبح ماضيٍ ، نحن بخير ، انا بخير ! .. جميعنا بخير الا أنت! .. "
تركه يتنهد بآسى يستدر عنه مهدئًا نفسه ثم التفت إليه و إقترب يعانقه بحزن مترجيًا:
" أرجوك ، ليس لي أصدقاء غيرك! .. لا أريد فقدانك ، لا أريدك أن تبتعد عني! .. نحن أكثر من مجرد صديقين نحن أخوين!! .. تجاهل كل شئ و حاول أن تعيش يومك فقط ! ارجوك"
زفر فارس أنفاسه بتعب و هو يبادل صديقه العناق، لو يعلم أن داخله محطم! .. لو يعلم فقط أنه لم يعد يعلم كيف يلملم شتات روحه الممزقة!
" نادر ... ألم تكرهه؟ "
ابتعد عن صديقه يحدق به بهدوء و كأنه يحاول أن يكتشف عما يتحدث ليردف فارس و هو ينظر لعين صديقه :
" جابر ، أقصد جابر ألم تكرهه رغم ما فعله بوالديك؟ "
أخذ يحدق به لثواني حتى مرت دقيقة ظن فيها فارس أنه لن يجيبه حتى تبسم نادر بحزن قائلاً :
" من أخبرك أني لم أفعل؟ .. أنا أكرهه ، قولتها لأخي لكن أتعلم ما كان رد أخي ساهر رغم كل شئ؟ .."
نظر إليه بانصات ليبتسم نادر بشئ من الراحة :
" لقد قال أن الشيطان سيفكرنا دائمًا بالشخص الذي أذانا لبثِّ فينا روح الكراهية و يدمر نفسيتنا ، لذلك عليك عدم المبالاة بالشخص الذي أذاك و إن تذكرته فتمنى له الخير و ستنسى بعد ذلك .. لهذا أنا لا أريد أن أكره أحد .. لأن القلب حين يمتلئ بالحقد لا يعود كما كان من قبل ."
ابتسم فارس باللحظة التي دخل فيها الطبيب بابتسامة هادئة ..
توالت الاحداث بعد ذلك ، قرر فارس أن يكمل علاجه النفسي مع عامر ، بينما نادر كان يشجعه دائمًا أن يكمل ، أميمة لم تكن تدعه بمفرده أبدًا ، أصبحت أشد اهتمامًا به ، بينما سالم أصبح أكثر أوقاته بالمنزل ، أحيانًا يتدخل بخصوصياته و يجلس معه حين يرسم ، يمدحه بكلماته ، يشجعه ! .. بدأ يأخذه بالاجازة الاسبوعية معه بالشركة ، ثم للحديقة و تنتهي باجتماعهم هو و والديه معًا بغداء أسري لطيف بين ثلاثتهم بأحد الحدائق أو المطاعم ، حتى تحسن فارس عن ذي قبل ، أصبح أكثر إشراقًا ، ابتسامًا! .. أصبح لديه القدرة على التجول مع نادر بالخارج ، يندمج مع الأطفال ، يشاركهم اللعب بالحديقة مع نادر الذي كان قد تقرب من أخاه أكثر ، ما عاد يكتئب لذكرى والديه فقد أدرك أنهما بمكان أفضل الآن !
خالد عاد لحياته بين أفراد أسرته ، معه زوجته و طفل صغير بالعاشرة ، سرعان ما اندمج مع عائلة والده ، و خاصةً مراد الذي أصبح أغلب الاوقات معه ، لؤي الذي عاد لحياته الجامعية ، أمجد و حياة أسرته الجميلة ، ماجد و زوجته ، الجميع كان قد عاد إليهم الهدوء لتخلصهم من أكبر عقبة في حياتهم .. و بالطبع كان سالم قد أخذ يستجوب خالد عن سبب ما فعله ليجيبه أنه كان و لابد من فِعل ذلك حتى يستطيع إمساك جابر الذي لم يكن يعلم بأنه مازال على قيد الحياة حتى ذلك اليوم ! .. أخبره أن عامر من طلب من والده فعل ذلك أثناء غيبوبة خالد ، و قد أعلم أمجد بالأمر ليتركاه سرًا ، حتى تولى عامر أمر خالد بعد موت والده المفاجئ .. ذلك جعل علاقة الصداقة تعود بين سالم و عامر حيث إعتذر الاول من الثاني عن سوء فهمه و تصرفه!
جابر حُكم عليه بالسجن طوال حياته مع الاعمال الشاقة ، بينما عاد عامر لعمله ، و بين أسرته الصغيرة التي تبقت له و بين مشاكسة صغيرته !
" كيف كان شعور النوم ليلاً ؟ "
" مريح ، مريح جدًا .. كأني إنسان أخر ، أنا نشيط! "
تبسم عامر لكلماته المرحة ، كان قد تغير كثيرًا ، أكثر انفتاحًا !! .. فسأله مجددًا :
" كيف ترى والديك ، أخبرني ؟ "
تبسم بخفوت و هدأ تمامًا و أخذ يحدق بما خلف النافذة ليقول بحب :
" هما جَنتِي .. ربما كنت محقًا حين قلت أن لا أحد يستطيع اكتساب محبتك غير أبويك ، بالفعل رأيت حبهما لي .. أنهما دافئان ، دافئان جدًا! .. لدرجة أني أشعر بنفسي كطفل صغير حين أجتمع معهما ، لا أراهما يتشاجران مهما حدث ، دائمًا ما يفكران بي قبل كل شئ ، قبل كل فِعل أو تصرف يصدر منهما .. أبي و أمي ، أفضل شخصين يقدمان لي الحب و الدفء ، أنا حقًا أحبهما .. هما وطن فكيف لي كُره وطني؟ "
كانت ابتسامته نابعة من قلبه ، باللحظة التي دخلا بها والديه بابتسامة دافئة لينظر لهما عامر بابتسامة قائلاً براحة تتغلغل داخل ثنايا قلبه النابض:
" لم يكن يحتاج إلى علاج بقدر ما كان محتاجًا لوطن! "
.
.
.
" لكل منا أمنيةٍ مخبئة بين ثنايا القلب ، لا أحد يستطيع الوصول إليها سوي خالقنا .. و كما أمانيكم المنتظرة ، كانت أمنيتي وطن!"
*
*
النهاية ..✨💙✨
#عاشقة_الخيال🖤✨
و انا حزينة 🙂💔
لقد عشت معكم لحظاتها و ممتنة لكل شخص علق بكومنت لطيف ❤️✨😥
لكن الان اخبروني؟
ما رأيكم بشكل عام بالرواية؟
ماذا استفدتم منها و من خبرات الابطال؟
هل وصلكم فكرتها؟
انا عن نفسي فكنت أفكر بهذا الأمر، حيث أن أغلبنا يبحث عن الملجأ و السند في أهله، و يعتبرهم الوطن الثاني، لقد كان هذا موضوع الرواية و هو البحث عن وطن العائلة بين الظروف المحيطة بالانسان و المرض، و لأن الانسان يصبح
م
عافى حين يحاط بعائلة سليمة نفسيًا، و النفسية لا تتعافى سوى في وطننا، لقد حاولت تشبيه الاهل بالوطن لأن فراق الوطن و الغربة مؤلمة و كذلك غربة الأهل أكثر ألمًا، هذا هو ما أردت توصيله!
ما رأيكم بالشخصيات و أفضل شخصيات لديكم و ماذا احببتم في الشخصية المفضلة؟
هل هناك شئ غير مفهوم حتى الان؟
أظن عرفتكم كل جوانب الشخصيات الرئيسية و الفرعية من فارس لنادر لساهر لمراد نفسه لسالم للجميع!
هل النهاية جيدة؟
احداث القصة؟
ما كانت توقعاتكم قبل الاحداث؟
احساسكم و انت تقرأون و أنتم ترون النهاية 😥💔
سأشتاق لكم حقًا
لكن لا تقلقو هناك أخرى 😂❤️
لكن افكر أن التنزيل سيكون بموعد محدد 🙂💔
و لكني اعتذر اليوم لقد نسيت موعد التنزيل بسبب انشغالي بأمرٍ ما 💔
ساشتاق لكن؟ 😥
لكن هل أنتم متحمسون للمزيد من الروايات و الابطال؟
و هل لو طبعت هذه الرواية بشكل ورقي كيف سيكون شعورطم تجاهها؟ .. أهي تستحق؟
و الي اللقاء 😥❤️
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top