Chapter 26


جلس بارهاق و يده تحتضن الهاتف العام على أذنه  ، و هو يسأل الطرف الاخر بتعب :
" هل استيقظ مريض غرفة رقم 221 ؟ "

رفع نظرِه خلسة لمكتب السكرتارية و هو يستمع للطرف الاخر الذي قال :
" أجل ، منذ أول أمس ."

أبعد الهاتف عنه مكتفيًا بهذه الراحة ، فقرر أن ينهض كي يعطي الهاتف لسكرتارية والده لكنه لم يقدر على النهوض ليعود للجلوس و قد غزاه دوار عنيف أخر فأغمض عينيه بأنفاس تزداد تعبًا ، حتى شعر بيدين تسند كتفيه ففتح عينيه للشخص الذي سأله بقلق :
" أنت بخير ؟ .. ارتح إلى حين إخبار والدك ."

أومأ بتعب أكبر و هو يسند ظهره للخلف ممسكًا بمعدته التي بدأت تصدر أصواتًا فتقدمت منه فتاة لتجلس بجانبه ، كان هناك كيسًا مملوءًا بالوجبات لم يمسه حتى الان رافضًا لتناول أي شئ ، حتى عاد هشام و هو يتذكر كلمة سالم بكل برود بينما يتابع اجتماعه :
" إجعله يتناول وجباته ."

دون أن يزيد او ينقص ، أو حتى يشعر أنه قلق عليه ، متابعًا إجتماعه كأولوية قصوى!

نظر باستياء لفارس ليجد فتاة تحاول الحديث معه :
" كاميليا ، لقد طلب السيد سالم بأن نجعله يتناول وجباته ."

حين سمع فارس ذلك و رغم تعبه و عدم قدرته على النهوض ، تضايق بشدة فها هو مجددًا يفضل عمله عليه لذلك و بشكل عنيف جذب الكيس و دفعه بكل قوته ليتناثر كل شئ على الارض تحت توقف الجميع يحدقون به بصدمة و عدم فهم ، تنفس بغضب ليخرج هاتفه ، بأيدي مرتجفة ضغط على زر الاتصال فأتاه صوته :
" فارس؟ ..."

قاطعه ينطق بتعب و بعض الغضب :
" عمي أمجد .. لو كنت موجودًا بالقرب من الشركة تعال لتعيدني .. تعيدني لمنزل جدي ."

" هل أنت بالشركة؟ .. ما بك ؟ صوتك يبدو .."

قاطعه مجددًا بعصبية :
" لمرة واحدة أوقفوا استفساراتكم اللعينة!! "

أتاه صوته :
" إهدأ فارس .. سأتي لأقلك.."

" تعرف؟ أنا لا أريدك كذلك ، سأغادر وحدي !"

أنهى ما قاله يقذف هاتفه ارضًا ليتحطم ، مما جعل الجميع يشهقون بدهشة من غضبه ، لكنه لم يهتم بينما يغادر بمفرده ، فقرر هشام اعتراض طريقه فوقف أمامه قائلاً باعتراض :
" ماذا تظن نفسك فاعلاً ؟ ..."

قاطعه فارس بغضب و هو بالكاد يقف :
" دعني وشأني ، أنا حر بما أفعل! "

ثم غير طريقه فاعترضه هشام مجددًا و قد شعر بالغضب من عناده ليقول بحدة :
" اسمع لدي خمسة اخوة صغار و أنا من أعتني بهم مع أمي لذا تصرف بتهذيب و الا لن يهمني والدك ، أتفهم؟"

ارتعشت يد فارس بغضب ، بينما تقدمت كاميليا تخاطب هشام بقلق :
" هشام أنت أحمق؟ أنه ابن المدير !!"

رد و هو يبادله التحديق بضيق :
" لا يهمني حتى لو طردت .. هذا الفتي قليل الادب و عليه .."

بتر كلماته يشهق بخضة و هو يبعد رأسه عن مرمى تلك المزهرية التي تحطمت خلفه ، لحظات من الصدمة من الجميع حتى فتح هشام عينيه يحمد الله أنه لم يصب لكنه ما ان نظر لمكان الفتى حتى وجده قد إختفى من أمامه فكشر منزعجًا منه و هو يضرب على وجهه بغضب لتبتسم كاميليا بقلة حيلة :
" إهدأ فالآن علينا اللحاق به و إيجاده."

قاطعها صوته الجاف و هو يمسك بعض الملفات بيده يطلع عليها :
" ما هذه الجلبة يا كاميليا؟"

توسعت أعينهم بقلق الا هشام الذي نطق :
" سيد سالم إبنك هرب ."

توقف للحظة عن رؤية أوراقه ثم رفع وجهه يحدق بوجه هشام بغير فهم :
" ماذا تعني؟ "

تنهد هشام و أخبره بكل ما حدث ليناول سالم الملفات لأحد موظفينه ثم يتركهم و يخرج دون أن يتكلم .. تبادل هشام مع كاميليا النظرات بقلق فيبدو أن مديرهم غاضب!

" إلهي أرجو أن لا تحدث مصيبة ! "
قالت كاميليا بقلق و هي تمسك بهاتفها لتتصل على أحدهم ، فنظر لها هشام قائلاً باستنكار :
" كاميليا لا تفعلي حتى يجده! "

لم يكمل حتى وجد رنين الهاتف و الاخري تقول بجدية :
" السيد سالم حين يغضب لا يشعر بنفسه و تصرفاته القاسية .. الوحيدة من ستحل الوضع هي المدام أميمة ."

تركها هشام و عاد لمكانه بتعب من تصرفهم بينما عاد الجميع للعمل مجددًا غير مهتمين بالأمر ،فعلى كل حال أنه ابنه و هو المتكفل به و بتصرفاته!

توقفت السيارة أمام المبني العملاق ، ليعطي السائق أجرته و يترجل من السيارة ليحدق بالمبنى قبل أن ينظر حوله ، المكان كان مكتز بالناس و المرضى بالاضافة للسيارات المركونة بالمكان ، فتحرك يخطو ببطء متجنبًا الاحتكاك بهذا و ذاك تجنبًا للمشاكل ، دلف لداخل المستشفي يسير باحثاً عن الغرفة المطلوبة ، حتى ضُرب جسده بأحدهم فتراجع بقلق و تتسع عينيه شاهقًا بصدمة و الاخر يحدق به مندهشًا من وجوده بهذا الوقت بينما يحمل معه قهوته و قبل أن ينطق تراجع الفتي ليهرب من أمام ناظريه فشهق عامر و اتجه يرمي قهوته بسلة القمامة ليسير خلفه يبحث عنه و بالنهاية عاد أدراجه لغرفة نادر ، المكان الوحيد الذي سيذهب إليه فارس !

و بالفعل بعد دقائق معدودة دلف فارس لغرفة الاصغر و تبسم حين رؤيته نائمًا ، ليسمعه خلفه يخاطبه بانزعاج منه :
" متى غادرت مدرستك؟ "

انتفض فارس و هو يحدق به بعبوس ، ألا يمكنهم تركه علي راحته قليلاً ؟!

" فارس!! "

اغمض عينيه بانزعاج حين سمع صرخته السعيدة ثم فتح عينيه و التفت نحوه بابتسامة ، فغادر الاخر السرير و انقض على فارس يعانقه بكل ذرة شوق احتبست داخله ، لحظات حتى بادله فيها الاخر بتردد و قد امتلأت عينيه بالدموع ليهمس بنبرة مهتزة :
" أنا أسف لما حدث لك بسببي."

عبث الاكبر بشعره يقول بضحكة لطيفة :
" ليس بسببك لكن إن حدث لك مكروه كنت سأجن ."

ابتعدا عن بعضهما لكن فارس عاد ليبتسم و هو من يعانق نادر مجددًا غير مصدق رؤيته بخير ، فتنهد عامر و خرج ، فمازال لديه الكثير من المرضي اليوم !

توقف للحظة و ابتسم بجانبية و هو يتقدم نحو سالم ليربت على كتفه قائلاً بخفوت :
" كن رقيق معه ، لا تجعلني أندم لإتصالي بك ."

تنهد سالم ، كيف يمكنه عدم القلق و الغضب من فعلته؟

.
.

حرك قدميه ذهابًا و إيابًا و هو جالس فوق السرير بجانب صديقه ، كان قد جاءت روفيدا بالوجبة لتضعها أمامه قائلة :
" عليك تناول هذه ."

عبس نادر و هو ينظر لطعام المستشفي الغريب! ليقول متذمرًا :
" أعيديه يا روفيدا ، أنا أريد طعام أفضل ."

تنهدت بتعب منه لتقول محذرة :
" إن لم تأكله سوف أخبر أخاك و عندها سيتركك هنا بالمشفي ، كما إن الطعام الذي أمامك صحي تمامًا ! فما المشكلة؟! "

رمقها بانزعاج باللحظة التي نطق فيها الاخر قائلاً :
" اليوم فقط يا أنسة دعيه يتناول الطعام رفقة صديقه .. "

تزامن مع رفع الكيس أمامهم ليمتعض وجه فارس حين رأى والده بينما أومأت روفيدا لتغادر .

وجه نظرة مستاءة لفارس الذي سأله ببرود :
" ما الذي جاء بك خلفي؟ أليس لديك إجتماع؟ "

لم يتجنب نظراته و هو ينطق :
" لقد انتهى الاجتماع ."

ابتسم فارس بتهكم لينطق :
" أجل لذلك تذكرت أني إبنك! "

تجاهل ما قاله و هو يقترب من نادر ليعانقه مربتًا على شعره قائلاً :
" كيف حالك اليوم ؟ "

تبسم نادر مجيبًا إياه أنه بخير بينما ظل فارس ينظر لوالده بغرابة ، هل كان يعلم باستيقاظ صديقه و لم يخبره ؟!

.
.

توالت الايام بعد ذلك حتى مر شهر كامل ، تبقي القليل على عيد مولده لكنه بطبيعة الحال لم يعد يهتم لأنه يكره يوم ميلاده ، و كلما اقترب يومًا يشعر بالضيق أكثر و قبل أسبوع واحد من عيد مولده ، ها هو بالمدرسة ، يتلقي توبيخ الاستاذ حين وجده نائمًا وسط محاضرته ليأمره بحل العشر مسائل على لوح الكتابة بل و الأسوأ جعله أمام زملائه واقفًا يساعده في الشرح ، هو لم يكن واعيًا أصلاً .. خلال الفترة الاخيرة أصبح أرقه يؤثر بالسلب على حياته الدراسية ، و تركيزه الذي أصبح أقل ما يقال أنه منعدم! و رغم كل ذلك رفض تمامًا متابعة حالته مع عامر بل و يحبس نفسه بغرفته رافضًا رؤية والديه حتى يدخل سالم عنوة ليراه!

كل ذلك عنادًا بأبيه ، و سالم يعلم ذلك لكنه لم يتكلم ، تركه على راحته لكنه منعه من الاتصال و التواصل بمنزل جده بأي شكلٍ كان ، عدا مراد بالطبع الذي من النادر مقابلته رغم أنه معه بنفس المدرسة !

كان يستمع بعدم تركيز لشرح الاستاذ ، نادر كان يجلس ينظر إليه بقلق ، يشعر بخموله و تعبه ، ليقرر أن ينهض مقاطعًا الشرح قائلاً :
" أستاذ ، دع فارس و أنا مستعد أن .. "

" بل مستعدًا للخروج .. اذهبا حالاً للمدير و خُذا ظرفيّ استدعاء لوليَّا أمركما "
قال بغضب فعبس نادر ، هو على كل حال يكره هذا الاستاذ الذي دائمًا ما يشعر بالعصبية و ينفعل على الجميع دون أن يرأف بأحد!

أخذ حقيبته بشئ من العصبية و حقيبة رفيقه ثم تقدم ليمسك بيد رفيقه و قال للأستاذ بغضب :
" سنغادر المدرسة كلها إذا أردت ، و الاستدعاء يمكنك تقديمه بنفسك لوالدينا ."

ثم أخذ فارس و غادرا تحت صدمة الجميع بما قاله للتو لكن الاستاذ عاد ليشرح مجددًا و هو يتمنى لهم أسوأ عقاب .

" لما فعلت ذلك ؟ "

سأله واهنًا فتوقف نادر و إلتفت ليحتضنه دافنًا رأسه بكتفه و عابثًا بخصلاته ليقول بابتسامة :
" أنا قربك إن إحتجتني."

ارتجفت يد فارس ، كان يريد مثل هذا العناق ، لكن صديقه كان يشعر به و هذا مريح مما جعله يبتسم و هو يبعده ليقول :
" يكفيني هذه الكلمات يا أخي ."

ابتسم نادر ثم قال :
" إذاً هل ستخبرني ما حدث ؟ "

تنهد فارس بقلة حيلة ليقول :
" لا شئ سوى منعي من التواصل مع أسرتي بسبب رفضي لمتابعة حالتي النفسية مع دكتور عامر ليس و كأنه كان موافقًا منذ البداية على دكتور عامر لكنه لا يصدقني بشئ لذلك أغيظه ."

" كل ذلك ولا شئ؟  ..  فارس للحق والدك معه حق ، فالمرض ظاهرًا عليك و الامر يزداد سوءًا ! "

" لا يهم ، أنا بخير ."

كانت هذه أخر كلماته قبل أن يغيب عدة أيام عن المدرسة ، فقرر نادر مفاجئته بعيد مولده بمنزل جده و بين عائلته كلها فذهب ليتفق هو و ساهر على حفلة عيد مولده التي يكرهها ، و بالفعل يوم مولده حين كان ضجرًا وجد رسالة من صديقه تدعوه لأن يخرج ، ثم أمسك الاثنان بيد بعضهما و سار الاكبر يجذب الاخر خلفه داخل المحل ليختار له ملابس لطيفة ، و رغم ضجر فارس منذ الصباح الا انه تبسم لرؤية إعتناء صديقه به ، و مر اليوم بالذهاب للعديد من المحلات حتى أتى المساء ليقرر الولدان العودة بسبب التعب مع السائق الذي أرسله أمجد ، كان فارس يجهل أفعال صديقه لكنه كان يعلم أنه يفعل ذلك ليسعده بعيد مولده بينما كان نادر يفكر كيف ستكون مفاجئة عيد ميلاده و أشرطة الزينة تسقط فوقه بينما يهتفون بتهنئته ؟!، بالتأكيد فارس سيسعد و تعود حيويته من جديد !

صرير السيارة القوي جعلهما يخرجا من خيالهما للواقع المرير قبل أن ينتفضا و تشخص أعينهما و زجاج السيارة يثقب بعنف لتتناثر قطرات الدماء عليه و يسقط السائق على المقود قبل أن يفكر حتى بشيء!!

كان الامر سريعًا حين وجد نادر الباب يفتح و رجل عريض البنية يجذبه من يده بقسوة لكنه كان يتذكر حادثة والداه ، و تتوسع عيناه بهلع و هو يتذكر جيدًا .. قبل إنقلاب السيارة بلحظات .. رصاصة اخترقت الزجاج لتنحرف السيارة و تلتفت عدة مرات حول نفسها! ليهمس بأخر شيء قبل أن ينهار أمام فارس المذعور :
" لا ..."

أمسك به الرجل يحمله على كتفه ليفاجأ فارس بأحدهم يفتح باب السيارة بجانبه و ينطق ببرود :
" أخرج ..."

باثًا الرعب بين خلاياه العصبية ، ليفقد قدرته على الحركة! .. لكن الاخر لم ينتظره بل مد يده ليجذبه بقسوة من ياقته و يرميه للخارج .. ثم اقترب منه متجاهلاً ألامه ليقوم بركله بكل قوة بمعدته جعله يشهق محيطَا معدته بيديه من الألم بينما الدم بدأ يسيل من فمه و هو يتنفس بصعوبة و عيناه ظلت تحدق بنادر الذي على كتف الرجل الضخم ليهمس :
" نادر .. "

ظهرت ابتسامته الجانبية و هو يلقي نظره على الولد الأخر متذكرًا إياه ثم عاد لفارس ليقف بينهما قائلاً بعبث :
" لديك خمس دقائق إن عبرتني سأتركك و صديقك أو سيُقتل كما حدث لوالديه ."

" ما .. ما الذي ستستفيد منه ؟ "

همس فارس بتعب لكن الاخر تجاهله ينطق ببرود :
" واحد ..."

توسعت عين فارس و هو يقاوم ألمه لينهض ، ثم حاول التقدم عابرًا لكنه تفاجأ بتلقيِه ركلة من الاكبر جعلته يسقط أرضًا يئنُّ بألم أشد لكنه عاد لينهض بينما يتنفس بصعوبة و هو يتقدم و عيناه لا تفارق صديقه بينما ينطق بوهن و سخرية :
" أنا أعرفك .. أنت الذي قتلت عمي .. عمي خالد ..."

ركلة أخرى جعلته يسقط بتعب أكبر ينزف من فمه و الاخر ينطق بتهكم :
" خمسة و انتهي العد ، سلام ."

نزلت دمعة منه و عيناه بالكاد تُفتح ، بالكاد يستطيع رؤية صديقه و الاخر يصوب عليه المسدس ثم همس بخفوت شديد ووعيه ينسحب :
" لا تفعل .. جابر .."

ثم ارتفعت صوت طلقة نارية و دماء منتشرة و الاخر يغرق بنومه دون أدنى فكرة عما حدث !

*
*
*
يتبع..

مرحبًا كان امس يوم زفاف سعيد و استمتعت كثيرًا 😂❤️✨يوم لن أنساه أبدًا ❤️✨

صورة من زفاف أخي على ابنت خالتي ❤️✨

×
×تم مسح الصور





لا تنسو رأيكم

و التوقعات

و المشهد الذي أثر فيكم

و التقييم

و أي سؤال عن الذي لم يفهم بعد؟ !!

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top