Chapter 24
لسوء حظهما كان المطر بهذا اليوم يهطل بغزارة ، مما جعل الطرقات منزلقة ، درجات الحرارة التي انخفضت كثيرًا جعلت هروبهما عثرًا و خاصةً على نادر الذي رفع يده يمسح دموعه ليتوقف فارس بقلق :
" هل أنت تتألم ؟ هل نسترح قليلاً ؟ "
هز رأسه نافيًا :
" لا وقت سوف يمسكون بنا ! "
" و ها أنتما يا شقيان! "
شهقا الاثنان معًا و سرت رعشة بجسديهما الغارق بمياه المطر ، تراجعا خطوات قبل أن ينهار نادر من يد فارس فجلس إلى جانبه سريعًا مذعورًا عليه و مِن مَن حوله ليقول نادر و عيناه تغرق بالدموع :
" أهرب و جِد المساعدة فأنا خائف !"
كاد يعترض لكن نادر دفعه ليصرخ به بخوف :
" إهرب يا فارس! "
تراجع فارس خطوتين قبل أن يهرب من المكان ، يتخطي برك المياة بتعثر حتى انتفض جسده حين ارتدت صرخة نادر بقوة بالمكان ، ابتلع رمقه و وضع كل تفكيره أن يخرج من هذا المكان المخيف ليجد المساعدة لكنه ما كاد يخطو خطوة واحدة أخرى حتى خذلته قدميه بتعثرها بإحدى برك المياة ، شجع نفسه لينهض لكنه تفاجأ بالكثير يلتفون حوله و يبتسمون نحوه بشر ، فتسارعت أنفاسه في ذعر ، قبل أن يخفي أذنيه و يغمض عينيه بشدة يصرخ بعلو صوته ، صرخة يتبعها صرخة حتى انخرط بالبكاء بخوف مستسلمًا ينتظر منهم أن يمسكوا به لكنه بدلاً عن ذلك شعر بالهدوء ، لحظات حتى شعر بأحدهم قربه قبل أن يشعر بيده تمتد و تمسح على فروة رأسه بحنان هامسًا :
" فارس لا بأس ."
رفع عيناه الغارقتان ليحدق بذلك الوجه البشوش ، شعر بالراحة له قبل أن يبتسم الأخر و يقول :
" صديقك بخير ، لقد تولى صاحبي أمره و الشرطة بأخر الزقاق بالاضافة لوالدك ."
.
.
رمش بعيناه بهدوء ، يحدق بتلك العينين الزرقاوتين ، البراقتين ، لولاهما كان تَشبَّه بالأخر!
" أنت كنت هناك ! "
همس فارس و هو يحدق به بصدمة ليبتسم الاخر :
" أجل ، أنا هو ."
ابتسامته كانت ألطف شئ يراه بيومه ، نبرته الحنونة ، هدوءه و قوة شخصيته ، كل ذلك جعل الارتياح يغزو قلب فارس نحو الأكبر كما حدث معه ذلك اليوم قبل إختفاءه تماماً ! و عدم تصديق أحد برؤيته!
إقترب منه و أحكم ذراعه الأيسر حول خصره ليساعده بالنهوض ، جلسا سويًا على طرف السرير بينما أبعد المعني قلنسوته عن رأسه لتظهر ملامحه بشكل أوضح و هو يحدق بفارس بابتسامة ، تآمل فارس ملامحه بشئ من الدهشة ، التفاجئ ! .. لكن رغم كل شئ كان هناك راحة شديدة غمرته بوجوده ، لم يشعر بها من قبل مع أي من أفراد أسرته!!
.
.
باليوم التالي ، بالتاسعة و النصف صباحًا و رغم الغيوم التي تناثرت بكثرة و أحوال الطقس التي ترصد وجود أمطار غزيرة لعدة أيام الا أن ذلك لم يهم سالم الذي كان يمسك بحقيبة كبيرة هو و زوجته و الحقيبة الثالثة كانت لفارس الذي وضع فيها أغراض الرسم و كتبه و أقلامه و القليل من ملابسه ، لسببٍ ما كان الجميع متفاجئاً من تقبل فارس للمغادرة ، الصمت كان يلفه ، أكثر هدوءًا و إستقرارًا عن ذي قبل ، سالم كذلك كان مرتاحًا لأنه لن يحدث مشكلة بينهما بسبب أمر العودة لأنه ما كان ليتراجع عن قرار قد إتخذه لصالحه مهما كان درجة تقبل الطرف الاخر أو رفضه !
حين إقترب منهما يجر حقيبته خلفه أبعدت أميمة ناظرها عنه مما جعل سالم يشعر بالغرابة دون أن يعلم سبب نظرة الحزن بعيناها ، لكنه تجاهل الأمر بالوقت الحالي حين رأى نظرة التجاهل من فارس و هو يتقدم من جدته ليجلس بجانبها و يرتمي في حضنها لتحيطه هي بذراعيها بحزن لمغادرته ، ظل هادئًا و كأنه يترجاها أن تفهم ما بقلبه و أن لا تتركه يغادر هذا الحضن مهما كلفها الأمر لكنها تركته لتبعده للحظة و الحزن بعيناها ، حزينة لمغادرته ، فابتسم لها ليسمع جده يقترب منهما قائلًا بشئ من الحنان الغير معهود منه :
" أليس لي مثل نصيب جدتك منك يا فارس؟"
نظر إليه فارس و نفى و هو يقترب منه حتى ما عاد يفصله عن جده الا شبرًا لينحني عليه جده و يعانقه بقوة ، لم يستطع أن لا يبدله فرفع يديه حين أحس بمحبته ، كم هو رائع عناق جده ، له لمسة لطيفة تكاد تداوي جروحه !! لكن هل للأب نفس اللمسة أو أقل؟!
نظر لوالده باللحظة التي أبعده جده فيها ليمسح على خصلاته برفق قائلاً:
" لا تنسي أن تزورنا يا فارس ، فنحن سنشتاق إليك كثيرًا ."
أومأ لجده لتقترب منه مريم ، بعثرت شعره بلطف لتعطيه كراس رسم قائلة :
" هذه لكي لا تنسى زوجة عمك يا فتي ."
ابتسم لها بخفوت قائلاً :
" لن أنساكي يا عمتي ."
كانت أميرة قد إقتربت لتعطيه علبة ألوان كبيرة فاتسعت ابتسامته بفرحة ، هذه الاشياء تسعده حقًا !
" شكرًا لكما ."
تفاجأ بذراعين تعانقه من الخلف بينما يهمس صاحبها في أذنه بشئ لم يسمعه أحد غيره :
" بعد يومين سأتي إليك و نهرب سويًا لنذهب لنادر ."
ابتسم فارس يومئ للؤي بالموافقة ليقترب مراد منه بابتسامة :
" ليس معي شئ لكن سأسلم عليك فقط ."
ثم هَم بمعانقته لثواني معدودة تلاها ابتعاده عنه ليقف خلف والده الذي نظر إليه بقلة حيلة لينظر بعدها لفارس الذي بادل الجميع الابتسامة ، فيتحدث أمجد مخاطبًا سالم بشئ من المرح :
" لا تغادر به ثم تجعله يختفي من حياتنا ، هو جزء من العائلة أكثر منك لذلك لا تجعلني أستخدم سلطة الأخ الأكبر ."
ابتسم الجميع و كذلك سالم ، مع بعض الكلمات التي تبادلوها معًا و الضحكات اللطيفة أحس بعدها فارس بالوحدة تغمره بعدما كان وسط جو أسري لطيف ، أصبح وحيدًا ما إن خطت قدميه منزلهم القديم ، كان يرى الابتسامة تتعلق بوجه والديه لكنه لم يجد الا أن يرمي نفسه على الاريكة و يغمض عينيه بملل !!
نظر إليه سالم و تنهد بقلة حيلة ، ليخاطبه :
" انهض لتغير ملابسك .. "
لم يكد يكمل حتى نهض فارس يتجه نحو غرفته بالطابق الثاني ، سالم كان مندهشًا فهو ما زال يذكر طريق غرفته !
فتح فارس باب غرفته القديمة بتردد ، كل شئ ، كل ركن بهذا المنزل يُذَكِّره بطفولته الكئيبة ، شعور بالرفض كان يحيط به و يغمره داخل ثنايا الكُرْه !! لكنه ما عاد بمقدوره الكلام ، حتى لو طلب العودة! فوالده سيرفض بحجة أنه مكان آمن! ، و لسان حاله يقول بسخرية ' و هل يتعافي المرء بنفس البيئة التي قتلته؟! '
تقدم نحو سريره ، كان منظمًا مرتبًا ، ليس هناك ذرة تراب واحدة و يبدو أن والده تولي أمر التنظيف لإحدى الخدم قبل مجيئهم ، تذكر كيف كان يستيقظ على وحدته ، و بكاءه دونهما ، فأغمض عينيه في ضيق ، ثم فتحها و إتجه بناظريه نحو المكان حيث شرفته ، تقدم منها لتتضح له ضحكات لأطفالٍ و مراهقين بعمره ، بالقرب من المنزل و على بعد مسافة ليست بكبيرة كان هناك حديقة تجمع الاولاد و الاطفال ليتشاركوا اللعب فيها معًا ، الكثير من المنازل الهادئة حول المنزل بفناءات لطيفة مشبعة بالورود ، لفت نظره سيدة كبيرة بالسن بالكاد تسير ممسكة بطبق ، كانت تأخذ من الطبق لتنثره على الأرض ليفاجأ بسرب من الحمام الزاجن يلتفت حولها ، انبهرت عينيه لهذا الجمال و انشرح صدره قليلاً لهذا المكان ، لما لم يرى مثل هذه المناظر من قبل؟ حيث مدينته؟
لفت نظره الكثير ، كان رجلان يسيران معًا أسفل شرفته فحدق فيهما ، كان يسمع ضحكتهما و أحدهما يدخن السجائر ، أبعد نظره عنهما ليرى السيدتين الذان كانا يجلسان على عتبات منزل إحداهما حيث يتبادلان الاحاديث بتناغم .
انتفض بفزع منتقلاً بناظريه لتلك الكرة التي عبرت جانبه لتقع بمنتصف غرفته ليفاجأ بفتي بعمره يناديه قائلاً ببعض التوتر و الاعتذار :
" أنا أسف لذلك ، أيمكنك إعطائي الكرة ؟"
شرد فارس ، هذا المكان أشخاصه مختلفين جدًا ، أكثر هدوءًا و طيبة ربما أو حيوية؟ ، انتبه على صوت الفتي مجددًا فأومأ بتوتر و عاد للداخل ليحمل الكرة و يتجه للشرفة ليرميها نحو الفتى الذي أخذها ثم نظر لفارس مبتسمًا :
" أنت جديد هنا؟ لأول مرة أراك بالحي .. ما رأيك أن تنزل للعب معنا؟ "
للحظة دون أن يعرف الإجابة ثم أومأ نافيًا الأمر دون أن يتكلم فتفهم الفتى موقفه ليغادر ، ظل فارس يتبعه بعيناه حتى انضم لزملاءه من بعيد ، ثم شعر بيد والده تبعثر شعره قائلاً :
" ما رأيك أن تذهب؟ "
" لا .."
" جرب لبعض الوقت ، لا شئ لتخاف منه ."
" لا أستطيع ، لست مستعدًا .."
" بماذا لست مستعد؟ "
" بمقابلة الناس ، بالتعايش معهم .. أنا أجبن من أن أندمج مع أحد أو رؤية شفقتهم تجاهي ."
" لكنك مع نادر .."
نظر له يقاطعه بانزعاج :
" نادر صديق طفولتي ، أكثر شخص قد قدم الاحتواء و الصدق و المحبة دون أن أطلبه منه ، قدم لي ما لم تقدماه ."
ضيق سالم عينيه قائلاً بضيق :
" أمازلت على موقفك ؟ ألن تري ما نحاول فعله لأجلك ؟ حتى أنظر لنفسك .. والدتك تحاول تقديم كل ما بيدها لأجلك لكنك لا تشعر ."
ابتسم بسخرية :
" و هل كنتما تشعران بي حين كنتما تتركاني وحدي؟ .. أين كنت موجودًا حين إختطفت أنا و نادر؟ ..."
اتسعت عين سالم بصدمة بينما أكمل فارس و هو يواجهه :
" لأجل نفسيكما ، قررت إحضار مربية لي رغم معرفتكما أني نشأت مثل أطفال التوحد ، أخاف الغرباء ! .. تراني بخير الان ، أواجه لكن مازالت عقدة الخوف داخلي ، مازلت لا أستطيع الاندماج مع أحد .. لولا الله ثم نادر لما كنت قد ذهبت لمدرسة و لا قد تعلمت ، لم أكن سأشعر بقيمة النجاح و لذته .. أبي أنا أتذكر كل شئ ، لا تعلم يا أبي كيف وقف نادر بقربي كلما ضايقني الاولاد بالمدرسة ، لا تعلم كم من المرات تجمعوا حولي و ضربوني بينما أنت بعيدًا و أمي معك دون أن تتصلا لتطمئنا عليّ! ... "
سكت حين أحس بدموعه ستخونه فأخذ نفسًا عميقًا و قال :
" لا تطلبا مني شئً ما لم تستطيعا تقديمه لي بالشكل المطلوب ."
غادر من أمامه ، مغادرًا المنزل تمامًا ، دون أن يعرف وجهته ! .. بدأ يسير بشوارع الحي ، لا يعرف أين يذهب ، ولا يعرف أي الطريق سلك بطريق منزله ، حتى توقفت قدميه و المطر يهطل بشدة حتى أغرقه! .. هناك شئ يقبض على قلبه ، ليس ألمًا بقدر ما هو ضيق مما يحدث معه ، فرد كفه و المطر يغرقها ، أخذ يحدق بكل قطرة مطر اندمجت مع بعضها بكف يده ، لو أنه قطرة من المطر لكان قد تبخر و اختفى مع بداية ظهور الشمس ، لطالما تمنى الخفاء ، تمنى عدم وجوده الغير مرغوب فيه !
أنزل يده مستنشقًا الهواء ، يمليء به رئتيه بقدر ما يستطيع ثم زفره ببطء يفتح عينيه و يجده أمامه يبتسم له بود لينطق فارس بحيرة :
" هل أنت شبح؟ .. "
هز المعني رأسه نافيًا ، فتكلم فارس بضيق :
" لكن لما تظهر لي وحدي؟ "
" لست أظهر لك وحدك ، أنا هنا لأحميك ."
نظر له بحيرة :
" تحميني من ماذا؟ "
دفن يديه بسترته يقول :
" أحميك .. أحميك ممن يريد أذيتك ."
" لكني بخير ، لست بحاجة لأحد.! "
تمعن النظر نحوه بتلك الابتسامة قبل أن تختفي ليقول :
" أنت تتوهم ، أحيانًا نحتاج لقرب بعضنا ، للود و المحبة لننشأ بقوة .. لربما خلقنا الله لذلك ، لنكون معًا ، و الحب خُلق لنشعر به لا أن نرميه .. القلب يُقتل بالحب و يحيا به كذلك يا فارس .. لذا لا أصدقك حين تقول أنك لست بحاجة أحد .. لما إذاً تعاني من بُعد والديك؟ من يطلب حنانهما و إهتمامهما الان؟ .."
سكت قليلاً ليقول :
" الاهتمام بداية للمحبة ، ما لم تجد إهتمامًا ستشعر بفقدان جواهر الحب بقلبك لذلك أنت تعاني .. بطبيعة البشر نحن نميل للإهتمام بالاخرين و الاهتمام بنا من قبل الاخرين كذلك ، و بداية المحبة تبدأ بإهتمام .."
" و لكن كيف لي الشعور بذلك الاهتمام ؟ "
قال منفعلاً محبطًا فتبسم الاخر و هو يقترب منه :
" أنت لا ترى ، لكنها حقيقة أمامك و تحدُث ، حاول أن تعيش الواقع قليلاً ، لا أن تجعل نفسك بوهم قلة الاهتمام مِن مَن حولك ، فالجميع كان مهتم بك لكنك لم تكن ترى ، فطبيعة الحال ، نحن لا نشعر بما نريده الا بعد فقدانه ."
" ماذا تعني؟ "
لمس وجنته بشرود :
" أعني .. لا نشعر بقيمة الشئ الا بعد فقدانه ، حين يحدث 'الفقدان' كل شئ يزول ما عدا شعورك بالألم ."
حل الصمت ، كان الشارع فارغ تماماً و الليل قد أسدل ستائره الليلية ، فتكلم بابتسامة :
" تعال لأرجعك لمنزلك فوالدك خرج بالفعل ليبحث عنك ."
رفع نظره له بضيق :
" هل تراقبنا؟ "
اتسعت ابتسامته بسخرية :
" لا تخبر أباك فقط ."
تنهد فارس بضيق ليقول متذمرًا :
" كنت لأطلب معرفة إسمك لكني سبق و عرفته ، فقط لما لا تُظهر حالك؟ "
" لأني شبح! "
قالها بسخرية فتنهد فارس باحباط ، بينما يسير معه لمنزله ..
بعد وصولهما ، قرر الاخر الذهاب ليلتفت فارس للدخول للمنزل ليجد أبيه واقفًا أمامه يمسك هاتفه بيد و الهاتف الاخر كان خاصته الذي تركه على السرير حين كان يمسك الكرة بيده بينما أميمة نهضت و اتجهت نحوه هامسة باسمه بقلق لينتبه سالم عليه و يلتفت نحوه بدهشة و ارتياح لرؤيته لكنه حقاً غاضب لفعلته !
كادت أميمة تحتضنه لكنها تراجعت و اكتفت بابتسامة بسيطة على محياها قائلة :
" لقد قلقنا عليك ، أنت بخير؟ "
أومأ لها ليسمع والده يسأله غاضبًا :
" أين كنت يا فارس؟ "
نظر نحوه ، يرى ملامحه الغاضبة ليجيبه بهدوء :
" لقد أضعت طريق العودة و حين تذكرت نسيان هاتفي .."
" و كيف عدت إذًا؟ "
سكت فارس للحظة ، لكنه عاد لينطق :
" لقد أوصلني شخصًا ما قال أنه يعرفك و .."
" هل ذهبت مع شخص غريب يا فارس؟! "
قاطعه سالم يصرخ بوجهه فتوتر فارس ليقول :
" هو ليس ، ليس ... "
إقترب منه سالم أكثر ليجذب ذراعه بغضب فحدق به فارس بخوف و الاخر يصرخ :
" فارس قل الحقيقة! "
ابتلع رمقه بقلق لينطق مشجعًا نفسه و هو يجذب يده :
" لا تصرخ بي! أنت من أغضبني لذلك خرجت لأني أكره هذا المنزل و أكره كل ذكري متعلقة به فيكما و .. "
شهق فارس وتراجع بخوف حين رأي يد سالم تُرفع بهدف صفعه ليختبئ خلف أمه التي وقفت أمام سالم مستغربة غضبه هذا الذي لا مبرر له أبدًا قائلة بغضب :
" ما بك يا سالم؟ بدلاً أن تشكر الله على رجوعه؟ .. تضربه؟ .. لا تنسي سبب مجيئنا هنا ، هي لرعايته .."
لم يتمالك سالم أعصابه ليصرخ بها :
" لكنك لا تعرفين شئ! لا شئ أبدًا ! "
تعالى صراخها من تفكيره :
" ما الشئ الذي تخفيه إذًا؟ لأيام أراك تخفي أمرًا و لا تشاركني به لكنك لا تأتيك فرصة الا و تقسو على ابننا دون مبرر!!"
زفر سالم أنفاسه غاضبًا ليمسك كتفيها قائلاً :
" يا أميمة لا تقفي الان هكذا! دعيني أتحدث معه بطريقتي .. "
" أنه إبني مثلما هو إبنك ، لا تنسي أني تنازلت عن مكانتي و منصبي لأجله لذا لا تخفي أمرًا عني بشأنه! "
كلامها جعله يستشيط ، ليترك كتفيها و هو يتراجع لدقيقة ليفتح هاتفه على تلك الرسائل فتتوسع عيناها و هي تقرأ حروف الرسالة واحدة تلو الأخرى!!
' كم هو لطيف جدًا ابنك فارس! '
' أه لقد كان فارس معي اليوم '
'لما أراك محبطاً يا عزيزي ، لا تقلق سأتخلص من ابنك قريبًا فهو سهل الخداع ! '
و اخر رسالة بتاريخ اليوم مرسلة تقول :
' فارس معي الان ، هو مقيد أمامي ، لا تقلق سأرسل لك صوَرِه و هو غارق بدمائه لأحرق قلبك ."
أنهتها مصدومة قلقة بينما أجابها غاضبًا :
" رأيتي؟ رأيتي سبب غضبي عليه؟ .. أعطيني سبب واحد فقط لكي أستطيع التأكد ان كان كلام هذا المجهول صحيح أم كذبة؟ "
" لكن هذا كذب! لم .. لم .. "
نطق بحزن ، دون تصديق لما قرأه ، أراد التبرير ، إخباره أنه لم يذهب لأحد ، لا يعرف أحد ، كلما خرج كان فقط مع نادر أو ..
تقدم سالم منه ليقول و هو يريه الرسائل مجددًا :
" دعني أعلم فقط هل تعرف من أوصلك؟ "
" أبي أنا ..."
" أجب على قدر السؤال ."
شعر بالضغط ، هو أصلا لا يعرف سواه ،هو من كان يقابله لكنه لا يستطيع إخباره ،لن يصدقه .. لن يفعل أبدًا!
" فارس .."
تجاهله و إتجه لوالدته محتميًا بها :
" أمي .."
أحست أن سالم ضغط عليه ، كما و أن تلك الرسائل لربما كانت لتزعج سالم فقط و أنها مزيفة؟ فنظرت لسالم لتقول :
" سالم إهدأ ، تحقق من الرسائل أولاً ثم تعال لحظتها و أقنِعني أن ابني يعرف ذلك الشخص."
" أميمة! .."
قاطعته بحدة :
" لا تقل أميمة ، بل لا تصدق كل ما يُرسَل لك بخصوص ابنك فأمامي ابني كان يسجن نفسه بغرفته دون الخروج منها فكيف بهذه الرسايل التي تقول بوضوح أن فارس كان يخرج من غرفته بل من المنزل بأكمله؟!! "
لم يرد عليها ، فهو في حيرة من أمره حقًا! بينما هي تركته و أخذت فارس لغرفته ، جلست على السرير و عانقته لتهدئ من روعه ، كان خائفًا ، هو لا يعرف أي أحد فكيف سيخرج و ..
" امي هل تصدقيني؟ "
مسحت على شعره و ظهره بحب :
" لا تقلق بني ، أبيك لم يقصد إخافتك لكنه قلق بشأنك لهذا لم يستطع التحكم بالأمور .. سامحه ."
تمسك بها أكثر يهمس :
" أمي أنا أسف لصراخي عليكِ أمس ."
تبسمت و هي تلعب بخصلات شعره :
" ظننتك مازلت غاضبًا مني لهذا كنت أخاف التقرب منك لكنك مهما حدث لازلت إبني ، صغيري و روحي ، لا أستطيع الغضب عليك ."
" و ها أنا أشعر بقربها ، لأول مرة أعانقها ،أشعر برحيقها ، أمي ، أنطقها و أنا كلي إحتياج إليها ، كم هي لطيفة هذه الكلمة ، تعطيك شعور بالحب و الامان يفوق أي شعور أخر ، عناقها يعطيك شعور لطيف لن تحظي به بحياتك ، ليتني ناديتك أمي منذ وقعت ، ليتك كنتي معي حين أردتك ، ليتك تظلي معي طوال العمر ! أرتوي بعناقك حتى ما بعد الشبع أعطش له مجدداً! "
*
*
*
يتبع..
و بارت كله غامض
هل فهم أحدكم شئ؟ 😂🤝
أطول بارت كتبته ف الرواية حتى الان لذلك لن أنزل غيره اليوم 😂
و سوف أحاول التنزيل في وقت فراغي نظرًا لأن زفاف أخي سيكون بدايته من الغد حتى يوم الخميس "ليلة الزفاف" عقبالكم بئا 😂❤️❤️✨
كلكو معزومين 👀❤️✨❤️❤️
و بما إني وعدتكم فلازم أوفي بوعدي ❤️✨
لا تنسوا التقييم؟
رأيكم
المشهد الذي عجبكم؟او تأثرتم به؟
و توقعاتكم؟
الي اللقاء ❤️✨
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top