Chapter 20


أصدرت السماء صوتاً قوياً لتبدأ الأمطار بالتساقط مغرقة الشوارع ، باللحظة التي وضعت فيها أشرطة الأدوية المهدئة التي صادرتها أمس أمام أعين سالم و عامر بالإضافة لأمجد ، أمام حدقتيه الرمادية ظل ينتظر توبيخاً ، لقد ظنها لن تخبرهم و تهدده فقط!!

" هل كنت تكذب عليّ؟ "

نظر لعامر الذي سأله ليهمس مشيحًا وجهه بعيدًا:
" لم أكذب .. لقد أهملتها منذ فترة بسيطة .."

" و أشرطة المهدئ التي أخذتها هذه ، ماذا تفعل؟ "

احتد صوت عامر فتراجع فارس خطوة للخلف ، ثم أجاب بتلعثم و هو يحدق بالأرض :
" أنا فقط كنت متعب! .. أنا .. أنا .."

" ما السبب؟ "

قاطعه عامر يحدق به بتمعن ، بينما صمت فارس لا يعرف ماذا يقول لكنه أجاب بخفوت :
" كلما أخذ دوائك أشاهد الكوابيس ، كنت أخذ المهدئ لكي استطيع النوم لكنه لم يكن يجدي نفعا لذلك .."

سكت للحظات ليقول بارتباك و تردد و هو يشعر بنظرات الغضب المطلة من عين والده :
" كنت أخذ قرصين لأستطيع..."

بتر كلماته بفزع حين نهض سالم يتجه نحوه بغضب لينهض عامر كذلك و يحيل بينهما قائلاً :
" سالم هدئ من غضبك ، هذا الأمر لا يحتاج لغضب بل يحتاج للهدوء! "

رد بغضب وهو يحدق بفارس :
" أي هدوء يا عامر! هذا الفتى يريد أن يقتل نفسه! هو حتى لا يستشيرنا!! "

" أيً يكن ، فالموقف لا يحتاج لغضبك ، إهدأ!"

تراجع سالم و قرر أن يهدأ ، فإلتفت لفارس و أمسك بيده ليأخذه لغرفته ، ما إن أغلق عامر الباب خلفهما حتى قال فارس بحزن :
" لما يكرهانني؟ .. دائماً ما يغضبون عليّ لأني لا أجيد التعامل مع المواقف بينما هما لا يهتمان لأمري!! "

بعثر عامر خصلاته يجيبه بهدوء :
" لا يوجد والدين يكرهان إبنهما .. هما غاضبان لأنك لا تستشيرهما و تفعل ما برأسك .. أخذك للمهدئ ضار لصحتك .. سيجعلك مدمن عليه صدقني .. لذلك أنت المخطئ هذه المرة ."

أومأ فارس ، قاده عامر نحو المكتب ، جلسا سوياً ليقول عامر :
" ما رأيك بأن ترسم؟ "

ضرب الرعد فجأة ليعقد فارس جبينه بضيق فابتسم عامر :
" هل تخاف صوت الرعد يا بيكاسو؟"

نظر إليه ، لم يسمع هذا اللقب منذ فترة طويلة ، منذ متى يعرف عامر؟ .. تقريباً أكثر من ثلاث شهور !

" بالعكس لا أخاف لكن الأمر فقط أنه يعيد لي بعض المشاهد الغريبة المرعبة! "

ضيق عامر عينيه للحظة قبل أن يقول بتفكير  :
" هل لها علاقة بالكوابيس؟ "

أومأ فارس ليردف عامر :
" كيف تبدو؟ "

فرد كفَّيْه أمامه يحدق فيهما ليهمس :
" مرعبة! "

حل الصمت لثواني حتى بتره عامر قائلاً :
" أحضر دفتر الرسم و القلم و حاول أن ترسم ما تراه بأحلامك ، تستطيع؟ "

لم يجيبه فارس بل فتح الدرج ليخرج كراسته و أقلامه ، ثم شرع بالرسم .. عامر أخذ يشاهده ، مرت الدقائق تلتها الساعات ، فارس لم يتوقف عن الرسم و عامر كانت عيناه على ما يرسمه فارس ، يعقد جبينه تاره و يفرده تارة مندهشاً .. رويداً رويداً كان يفهم ما تعني ما يرسمه .. حتى سمع شهقة بسيطة من فارس ، نظر إليه ليجده يمسح دموعه و هو يكمل الرسم رغم إهتزاز يده التي تؤلمه لكنه لم يتوقف ، ذلك جعل عامر يدرك مشاعر فارس حول تلك الكوابيس ، لم تكن أبداً مجرد كوابيس ، و إن لم تكن جزء من حقيقة! .. بل حقيقة يعرفها عامر! .. ليست مجرد ذكريات عادية ، حينها علم ، ما وصل إليه فارس من مرض كانت تلك الذكريات هي البداية لكل معاناته !

فرد الرسم أمام سالم و أميمة ، كانا بغرفتهما ، تبادلت أميمة النظرات بقلق مع سالم ، ثم نظرا لعامر الذي نطق باستياء :
" لما أخفيتم عنه الحقيقة؟ "

ارتبكت أميمة بينما ظل سالم ينظر للرسمة ، كل معاناة عانها صغيره رسمها بيده ، همس :
" لم أكن أعلم أن هذا قد يحدث ،و أن يتذكر تلك الساعات المشؤومة !! "

" الان ليس وقت يأسكما .. علينا أن نساعده ، ربما هذه أصل المشكلة ، معاناته من النيكتوفيليا ، تدهور ساعات نومه و إكتئابه أحياناً ."

أومأ الاثنان بتفهم ، ليتكلم عامر مخاطباً سالم :
" سالم ، أعلم أن بيننا غضب و كره ، لكن رجاءً لا تدعه حائلاً بيني و بين علاجي لفارس ."

أومأ سالم لتتكلم أميمة لتذكرها أمراً ما :
" عامر ، هل تعلم أن فارس لا يرسم ملامحه؟!"

"أعلم ، هو ينساها .. لأن أحداث الماضي تطغي على الحاضر ."

هَم بالذهاب لكن استوقفه سؤال سالم الجاد :
" أنت لم تقتله صحيح؟ .. و إن كنت لم تفعل فهل تعرف قاتله؟ .. "

ابتسم عامر :
" إسأل فارس سيجيبك ."

توسعت عينيه بصدمة ، هل فارس علم بالأمر؟!!

.
.

دخل سالم لغرفته ، رآه مستلقياً على سريره شارداً بمعالم السقف ، حتى رآه يغمض عينيه بإرهاق .

شعر فارس فجأة أن أحدهم يجلس الي جانبه ففتح عينيه متوجهاً بها لوجه أباه تحديداً عينيه السوداء ليبحر فيهما !!

ابتسم سالم و مد يده يبعد خصلاته الطويلة عن عيناه ثم قال بخفوت :
" أريد الجلوس معك ، أريدك أن تخبرني هل تحبني؟ .. ما مشاعرك تجاهي حين تراني؟ "

سأل ذلك بشئ من السرعة  و بدون تفكير مما جعل فارس يبتسم سراً ، اعتدل جالساً ليجيبه :
" هات يدك ..!"

مد يده مستغرباً طلبه ، فأمسك بها و أدارها لينحني نحوه يُقبل ظاهر يده بهدوء ، ثم اعتدل يحدق به بشبح ابتسامة لتتسع إبتسامة سالم و فارس يقول :
" ربما لا تعني الكلمات بقدر الافعال ."

بعثر شعره ، للحظات بقي الاثنان فيها صامتان يتطلعان على بعضهما ، قبل أن ينطق سالم :
" هل يعني ذلك أنك سامحتني؟ "

" هذا يعد استغلالاً ! "
توسعت ابتسامته و هو ينطقها بعفوية فضحك سالم بخفة معقباً :
" لم أعلم أنك تستطيع الابتسام! "

أشاح فارس ناظره عن والده دون رد ، لحظات من الصمت يتابعه فيها سالم بابتسامة حتى سمعه يقول بخفوت :
" كنت أظن أنني أكرهكما لكني كلما يحدث بيني و بينكما مشكلة أتضايق ، ذلك لأنكما والداي .. ربما لم أشعر بحبك لي للآن ، لكني أحبك ."

اختفت ابتسامة سالم ، ربما لا يُظهر حبه له لكن ذلك لا يعني أنه لا يحبه!

حين أراد الرد قاطعه هاتفه يرتفع رنينه ، فأخرجه يرد و هو يسير نحو النافذة .. بينما إستلقى فارس ينتظر أن يأتي لكن رويداً رويداً أغلق جفنيه دون أن يشعر مخفياً رماديتيه و غارقاً بالنوم ، فقد كان مجهد !

" حسناً مسافة الطريق و ستجدني أمامك ، حضر كل شئ فقط ."

قالها يغلق الخط ، ثم إلتفت و حديث فارس داخل أعماق عقله ، فتح فمه ليرد لكن إستوقفه تكور فارس حول نفسه من البرد بينما هو غارق بالنوم ، ابتسم و هو يقترب منه ، تحسس تنفسه ثم هَم بتعديل وضعية نومه ، لدهشته حين لم يشعر به فارس أو حتى يحرك جفناً واحداً!  لكنه لم يهتم بينما يقوم بتغطيته و إعتدل يحدق به للحظات ، يفكر بعمق و أحداث السنوات الماضية تدور بعقله ، ثم تذكر أنه لم يسأله عن الأمر الذي أراده مما جعله يُخرج تنهيدة يائسة و يرجع شعره للخلف ، بعدها قرر الذهاب للشركة .

.
.

" جابر عبدالمجيد ؟ .. هل كان هنا؟! "

انتفض سالم جلال ثروت بكل هيئته مصدوماً من الإسم الذي قاله سكرتيره الخاص للتو !! .. جابر صديقه الذي إختفى بعد موت شقيقه !! .. بالتأكيد لا!! "

نظر الرجل للأرض يومئ له بقلة حيلة ، يؤكد له الإسم مرة أخرى ليرمي سالم بنفسه على الأريكة بصدمة ، لا يستوعب ما يحدث الآن!

لحظات أخذها بالصمت دون أن يجد ما يملي به أفكاره!! حتى رفع حدقتيه السوداء محدقاً بسكرتيره ثم قال بأمر :
" هيثم ، أريد أخباره ، جميعها!!.. حاول بشتى الطرق! "

أومأ هيثم:
"حاضر سيد سالم ."

ثم إلتفت يغادر ، بينما بقى سالم شارد العقل يفكر ، لما بعد كل تلك السنوات من الاختفاء قد ظهر بتلك الطريقة الغامضة؟ .. بالتأكيد هناك سبب لا يعرفه!!

أخذ هاتفه و غادر ، كان شارداً حتى وصل لسيارته بالجراچ، توقفت قدميه و إتجه ناظره لشخص غريب ملفح بالسواد يقف بعيداً بين  الناس المارَّة ، يحدق ناحيته و كأنه يراقبه ، تمعن سالم النظر نحوه ، هناك شئ يخبره بأنه يجب أن يعرف من هو و سبب نظراته تلك ، شئ ما يحركه لكن حين بدأ بالتحرك حتى إختفى تاركاً ابتسامة لمحها سالم جعلت عيناه تتسع في صدمة !

" سيد سالم نسيت المحفظة! "

أخرجه من شروده صوت هيثم ، فإلتفت نحوه بعقل لا يستوعب ما حدث قبل لحظات ، فتنهد مخبراً نفسه أنه يتوهم فقط! ثم مد يده أخذ المحفظة و شكر هيثم ليركب سيارته نحو منزله .

.
.

" بابا بابا ! أنظر رسمتي أنظر! "

صاحت ميرال الصغيرة و هي تجذب طرف قميص والدها و تريه ورقة بها رسمة غريبة لشخصين ، ابتسم متكلفاً لكي لا تحزن و هو يثني عليها :
" آه أنها جميلة يا صغيرتي .. "

فاجئه رميها للرسمة و هي تهم بالجلوس ملتصقة به على مكتبه فابتسم بينما قالت بصوت مرتفع متحمس :
" إذاً سأنافس فارس برسماته ، بابا أنا أفضل منه صحيح؟ "

تنهد و هو يترك ملفات المرضى على مكتبه ثم نظر إليها بيأس :
" أولاً لا ترفعي صوتك و تصيحي بتلك الطريقة ، أنت فتاة و الفتاة يجب أن تكون لطيفة و صوتها خافت ، ثانياً حاولي مراراً و تكراراً و يوماً ما سنغيظ فارس برسماتك ."

اتسعت ابتسامتها لتعانقه فبادلها مبتسماً قبل أن تدخل مليكة تخاطبهما بغيظ :
" العشاء جاهز منذ ساعة ، ألن تأتيا؟ "

ابتسما نحوها ثم أخذ عامر بيد طفلته و ذهبوا ليتناولوا العشاء معاً ، ربما من النادر أن يحظى عامر بتناول العشاء معهم ، غالباً ما كان يفوته بسبب العمل و المجئ متأخرًا !!

.
.

صوت ضجة عنيفة صدرت من المطبخ ، أصوات أطباق كسرت باللحظة التي فتح فيها ساهر لباب الشقة يدلف إليها لكنه عقد جبينه بقلق و هو يغلق الباب خلفه و يتجه بسرعة نحو المطبخ ، هناك وجد نادر يقف يحدق أمام كل ذلك ، هناك فوضى بكل مكان و النار مشتعلة أسفل طبق فارغ ، اغتاظ منه ثم إتجه نحوه يغلق النيران ثم أصبح يلملم القطع ثم يرميها بسلة القمامة و هو يعاتب نادر بهدوء :
" لا تستطيع عمل شئ واحد حتى! .. أنت..."

" أنا أسف.."

رفع نظره نحو أخاه حين سمع نبرته المختنقة ليجده يمسح بكم قميصه تلك الدموع التي إنهمرت ، فترك ما بيده و اتجه نحوه يمسح على شعره بقلق :
" ما بك يا نادر؟ الأمر ليس له داعي للبكاء! "

لكن كلماته جعلته يزداد بكاءً ، أراد التحدث و إخباره سبب تعكر نفسيته لكن خانه لسانه بالتعبير و النطق! .. مما جعل ساهر يقلق أكثر ، ما سبب بكاءه ؟!!

أخذ بيده و خرجا من المطبخ ، ثم جلسا على السرير مربتاً على رأس نادر محاولاً معرفة سبب بكاءه لكنه لم يتوقف عن البكاء ، لقد كان منهاراً !

ذلك جعل ساهر يتنهد بيأس و هو يعانقه مربتاً على ظهره برفق :
" ما بك؟ .. فقط أخبرني!! أرجوك يا نادر! "

" إذاً هل هناك من ضايقك؟ .. هل .."

" ال .. التاريخ .."

بالكاد همس بها و هو ينتحب على صدره ، فنظر ساهر نحو الحائط خيث الساعة المعلقة و توسعت عينيه لنسيانه ، عاد بناظره لنادر حين فهم سبب بكاءه و إنهياره ، اليوم السادس من ديسمبر هي الذكرى لموت والديه ، لم ينتبه على الأمر لأنه طوال النهار بالخارج ، اليوم الوحيد الذي ينهار فيه نادر ، تغلبه عواطفه فيتوقف عن الحياة ، مازال يذكر يوم موتهما .. و لأنه كان الشاهد الوحيد لموتهما ، حين إنقلبت السيارة بهما و هو معهما ، رآهما ميتان أمامه ، رغم أنه إستطاع لمسهما بيده و إحتضانهما رغم إصابته ، يوم كامل بقى فيه نادر معهما ، يراهما ميتان ، لا أحد يعلم عنهم شئ ، بطريق منقطع بين الأشجار ، حتى حل الليل و أغمى على نادر من شدة إصاباته ، حين فتح عينه وجد شقيقه الأكبر أمامه ، كان بالسابعة من عمره ، الكثير كان متفاجئًا من أنه نجى رغم أن الحادث كان خطيراً لسيارة إنقلبت عدة مرات و تكسرت من كل جوانبها ، حتى الزجاج الذي بالكاد بقى سليماً ! .. و حين استيقظ كان أول ما نطق به بكل هدوء و بكل طفولية :
" ماما و بابا غادرا دوني."

كان يدرك ، يعلم أنهما فعلاها قبله ، لكن ليس بارادتهما ، دون أن يودعاه لأخر مرة ، يحتضناه ، كان ساهر يعلم ما تركه ذلك بنفسيته ، يجعله ينهار تماماً  في كل ذكرى لوفاتهما .. يتذكر تلك المعاناة ، تلك الألام ، تلك المشاعر ، ثم ينهار دون مقاومة ، دون شعور كان لا يتحكم بنفسه!

ساهر كان أكثر ثباتاً ، يتقبل الأمور بقلب رحب ، حزين؟ أجل .. لكنه أكثر قوة من أن يُظهر حزنه أو ينهار! فهو كان يقول دائماً لنفسه إن إنهرت فاسمح وقتها لنفسك بخسارة أخيك !

شعر بهدوء بكاءه ، دون شهقاته ، ظل يمسح على خصلات شعره و هو يحدق بالمطبخ ، يعرف جيداً أنه كان يحاول نسيان اليوم بعمل أي شئ لكنه لم يستطع !

" نادر؟ ..."

لم يجيبه الأخر فأبعد شعره عن عيناه ليجده قد غفى بتعب ، يداه كان تتمسك بقميصه بقوة و كأنه خائف أن يتركه ، دموعه كانت تبلل رموشه ، ابتسم بحزن لحاله ، و هو يرفع قدميه ليناماً سوياً ، ظل محتضناً إياه كي لا يستيقظ و ينهار حين لا يجده بقربه !

.
.

أثناء العشاء ، كان يختلس النظرات إليه في الخفاء ، لا يدرك سبب شروده منذ جاء للمنزل ، لكن لم يكن وحده من لاحظ ذلك ، حين خاطبته الجدة بقلق و هي تحدق بملامحه :
" بني سالم، هل هناك ما يشغل بالك؟ "

رفع نظره لها ، للحظة قبل أن يبتسم لها بتكلفٍ :
" لا شئ يا أمي ، الأمر فقط أني مشغول البال قليلاً بأمرٍ ما و لن يهدأ بالي الا بالوصول لما أريده ."

أومأت بتفهم لتقول :
" حسناً لكن تناول عشاءك يابني! "

" حاضر ."

قال ثم نظر لفارس الذي سرعان ما عاد لطبقه يحدق به بتوتر فابتسم سالم بخفوت قبل أن تختفي ابتسامته و هو يراه يضع ملعقته و ينهض يهمس :
" شكراً لقد شبعت ."

" فارس أريدك بأمرٍ ما ."

خاطبه والده فاستدار يومئ بخفة ثم عاد يغادر نحو غرفته .

*
*
-
يتبع..

بارت جديد 👈👉❤️✨

احداث جديدة لطيفة 🙃❤️✨

توقعاتكم للقادم؟

تقييمكم

و اي شئ للان لم تفهموه؟ 😂👈👉

و لا اذكر أي أسئلة 😂

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top