Chapter 19


تجاوزت الساعة الخامسة و النصف مساءاً ، لم يعد فارس كما و أن هاتفه مغلق مما جعل القلق يتسرب لقلب والديه بينما عامر كان قد اتصل عدة مرات يسأل عنه حتى ألغى الجلسة لليوم ..

" لقد تأخر! أين له أن يذهب؟!! "

عاد لؤي من الخارج ليقول بتعب :
" لقد بحثت عنه في الحديقة و اتصلت على ساهر لأرى نادر لكن هاتفه مغلق ."

تنهد سالم بضجر ، كان غاضباً من فعلته و طيشه .. أخرج لؤي هاتفه ليحاول الاتصال به مجدداً ، لكنه ابتسم بارتياح حين رن هاتف ساهر ، و لحظات حتى أجابه ساهر بصوت ناعس :
" اهلاً يا لؤي ."

ابتسم لؤي ليسأله :
" أهلاً ، أين نادر ؟ "

عقد المعني جبينه و اعتدل عن سريره ليرى نادر يستلقي على ظهره على الأريكة ، بملامح متضايقة و قد كان شارداً ، فأجاب ساهر بغرابة :
" أنه هنا ، ما المشكلة ؟ "

" هل فارس معه؟ "

عاد ساهر للنظر لشقيقه قائلاً :
" فارس؟ انتظر سأسأله لأني كنت متعب و نائم ."

ثم وجه سؤاله لأخيه :
" نادر ، هل رأيت فارس اليوم؟ "

خرج نادر من شروده لينظر لأخيه قائلاً :
" لقد أوصلته لنصف الطريق و هو أكمل للمنزل ، أخبرهم أننا نعتذر للتأخير ، لقد كنا نقضي وقتاً لطيفاً معاً ."

خفت صوته بأخر كلمة ، كان وقتاً لطيفاً جداً !!

أجاب ساهر على لؤي بالذي قاله نادر قبل أن يشرد مجدداً ..

ما إن أنهى المكالمة حتى إعتدل نادر و نهض يقترب من شقيقه حتى وقف أمامه بملامح جامدة ، فتح هاتفه و شغل ما سجله ليتجمد ساهر للحظات و هو يستمع إلى صوتها مع شخص أخر ، دق قلبه بألم حين علم أنها تستغله لأجل القلادة التي معه!! لم تحبه! بل إستغلت حبه لها؟!!

اختفى الصوت فينظر ساهر بصدمة نحو نادر الذي نطق بجفاء ممتزج بحدة و هو يريه صورتها مع ذلك الرجل :
" من تحبها كانت تستغلك يا أبله .. كانت تخدعك!! "

كان مصدوماً و هو يلتقط الهاتف و يحدق بصورتها و صورة ذلك الشخص!! .. لم يخيل له أن تفعل ذلك!!

" كيف فعلْتَ ذلك؟!"

سأل مصدوماً و هو يوجه نظراته إليه ليجيبه نادر بحزن :
" أعتذر لك يا أخي لكني لم أتحمل رؤيتك تعاني بسببها ، سرقت هاتفك أثناء نومك و أرسلت لها أن تقابلني بكافيه و حين وصلت أرسلت لها رسالة أنك لديك أمر عاجل و لن تذهب و حين غادرَت .. ذهبت خلفها إلى أن وصلت لمكان مهجور ، تسللت و ..."

" كان معك فارس صحيح؟ "

سأله بانزعاج فبتر نادر كلماته و نظر لأخيه بصمت فتأكد ساهر من نظراته أنَّ فارس كان معه ليتكلم ببعض الغضب :
" هل تعي ما كنتما تفعلانه؟! .. هل أنت أحمق يا نادر؟!! "

تراجع نادر للخلف بارتباك ليحتد صوت ساهر و هو يجذبه بغضب من ذراعه :
" لما فعلت ذلك؟! لأجلي ؟! .. لأحترق أنا لكن ما كان عليك أنت و فارس فعل ذلك و الذهاب بذلك المكان الخطر!! "

أنزل نظراته بخوف :
" أنا أسف ، لكني كنت أحاول.."

نهض ليدفعه على السرير ، ثم نهض يحمل معطفه و يسير نحو باب الشقة و هو يخاطبه بحدة :
" لا تخرج ، لو عدت و لم أجدك لن يحدث خير يا نادر ."

رضخ نادر للأمر :
" حاضر يا أخي ."

سمع صوت باب الشقة يُغلق بقوة خلفه فرمي بظهره علي السرير مستاءً .. لقد أراد المساعدة ، فلم يكن للغضب داعي!!

.
.

" أسف لأني تأخرت ."

همس فارس و هو يحدق بالأرض مخفياً يده التي ترتجف ، كان والده ينظر له بعدم رضا ، غاضب حقاً من فعلته ، لكنه لا يجد العقاب المناسب لذلك .. تنهد بغضب ليسأله :
" لما تأخرت و أين كنت؟ "

ابتلع فارس ريقِه بارتباك و هو يتحاشي النظرات عن والده :
" لقد .. لقد أخبرتك .. أنا كنت مع نادر .. نتمشى .."

" أنت تكذب .."

" ليس كذلك! "

هتف و هو يتراجع خطوة عن والده الذي نطق بحدة :
" ما هي الحقيقة يا فارس؟! "

سكت فارس ، يشعر بالضغط ، صدى تلك الرصاصات كانت ماتزال ترن بأذنه ، معها تعاد تلك المشاهد من أحلامه ، هو بالكاد استطاع الهدوء و نادر يحاول تهدئته قبل افتراقهما! .. يشعر بالرهبة و الأجواء الكئيبة تزيده ضغطاً ! .. فهمس بترجي :
" أبي ، أرجوك دعني أرتاح قليلاً .. سأخبرك بعدها كل ما تريد .."

" لن أدعك تذهب دون إخباري .. أنت أصبحت أكثر دلالاً عن ذي قبل ، أصبحت تسير على هواك دون العودة لي أو لوالدتك .. ذكرني كم عمرك يا فارس ؟! .. "

قاطعه بانفعال و غضب :
" شهرين فقط و سوف أكمل الخامسة عشر! ألست كبيراً كفاية لأمنع تحكمك بي؟!! "

كاد يغادر من أمامه لكن والده جذبه من ذراعه بقوة ليوقفه أمامه ، رمى عكازه و إنحنى نحوه يبادله التحديق ليهمس بغضب :
" كبير؟ .. هل تصدق نفسك يا فارس؟ .. لا تجعلني أتعامل معك بالطريقة الأخري .."

بادله فارس بتردد :
" أي طريقة؟ .."

" تريد أن تعرفها ؟ "

دق قلبه بخوف و قبل أن يحدث شئ كان قد جذبه أمجد خلفه ليتحدث إلى سالم قائلاً :
" إهدأ يا سالم ، لا داعي للغضب ."

زفر سالم بغيظ ليلتفت يسير بعرجة بسيطة بينما يلقي كلماته بأمر قاطع :
" لا أريد رؤيتك خارج غرفتك لحين إشعار أخر ."

لم يهتم فارس و هو يترك جانب عمه ، كان مرهق ، يود لو أن يرتمي الآن على سريره فهمس لعمه بترجي :
" أرجوك إسمح لي بالذهاب ."

" حسناً ، سنتحدث لاحقاً .."

تقدمت أميمة ، رغم غضبها منه الا أن قلقها كان من يظهر ، لم تحاول التدخل بما حدث بينه و بين سالم لأنها تعلم أن إبنها يود ولو القليل من الحدة للحِد من تصرفاته ..

أمسكت بيده و نظمت خصلاته الداكنة برفق ثم أخذته لغرفته ..

ما ان دخل الغرفة حتى قال :
" لما لم تدافعي عني؟ .. كنت أظنك ستجعليه .."

" يصمت؟ .. كنت سأفعل لكنك كنت تستحق الأمر ، لا تعلم كم كنا قلقين عليك .. لقد خرج لؤي للبحث عنك و نحن كنا نحاول الاتصال بك دون جدوى! "

جلس على السرير يهمس بإحباط:
" أعتذر لذلك ."

تنهدت يائسة ثم إقتربت منه و جلست إلى جانبه لتقول بحنان :
" صغيري ، نحن نحبك حقاً ، أنت لست مكروهاً .. أنت لن تفهم مشاعرنا الا حينما تكبر و تصبح أباً ."

عبس ليقول بتذمر :
" لكني لم أنسى أنكم فضلتـ..."

قاطعته قبل أن يكمل :
" لم نفضل العمل عليك .. يوماً ما ستعرف الحقيقة ."

نهضت ، تسير نحو الخارج لكنه أوقفها حين قال بشرود :
" أمي هل كنت مخطوفاً و أنا صغير؟ .. "

تيبس جسدها و اتسعت عيناها بصدمة لكنها سرعان ما عادت لطبيعتها تبتسم بحيرة و هي تستدير إليه تسأله :
" ما الذي جعلك تقول ذلك؟ .. لا أبداً بني لم يحدث شئ كهذا ."

أومأ بشرود ، ثم قال :
" هذه الأيام أحلم بمشاهد و كأني بمكان ما مع طفل صغير ، أحاول دائماً إنقاذه لكن يحدث شئ مرعب لا أتذكره حين أستيقظ ."

ابتسمت بتكلف :
" أنت فقط لم تكن ترتاح جيداً لذلك تتوهم فقط ."

خرجت بعد كلماتها تلك ليغمض عينيه بإرهاق ..

' ساعدوني ..'

' ساعدني فارس...'

تردد صدي تلك الكلمات بخياله ، ليستلقي يائساً من معرفة السبب .. حدق بالسقف ، هل يتوهم حقاً؟! .. أهو مجرد حلم؟! .. أم أصيب بالجنون؟!

مر الوقت به ، يفكر ، لا يعلم ماذا يفعل ؟!

.
.
.

دخل ساهر للشقة موصداً الباب خلفه ، ثم جال بنظره للشقة و عقد جبينه من الهدوء الطاغي عليها ، اعتاد أن يجد صوت الهاتف يعلو و صوت نادر يصرخ بحماس او يتحدث لنفسه أثناء اللعب لكن الآن هو أهدأ بكثير !!

" نادر؟ "

لم يأتيه صوته مما جعله يقلق و لم يخطر بباله إلا أن هناك مكروه قد أصابه بسبب ما فعله ، فدخل الغرفة بخطوات متعجلة حتى وجده يستلقي على معدته دافناً وجه بين ذراعيه و يتحدث بصوت خافت ، فنظر ليجد الهاتف قرب ذراعه مفتوحاً على إسم فارس ليبتسم و هو يتراجع للخلف و الأصغر يخاطب صديقه بضجر :
" لا أعرف يا فارس ، هو غضب ثم خرج !! "

أتاه صوت فارس أكثر ضجراً :
" و أنا عوقبت لأنه شك بي فقط أنني أكذب!! هو حتى لم يمهلني فرصة للتوضيح ! "

تنهد نادر بقلة حيلة ليبتسم فجأة :
" لا بأس المهم أننا استطعنا فعل ذلك و هربنا ! "

" أجل ، انا سعيد لأن حقيقة تلك الفتاة ظهرت أمام ساهر .."

قاطعه متحمساً :
" أجل و الأفضل أننا استطعنا الهرب منهم! لم أتخيل نفسي أنني استطيع دفع شخص كذلك العملاق ! لكني فعلتها و المضحك أنه سقط! "

ضحك فارس بخفة ليتشارك معه نادر ، دون أن يعلما الخطر الذي يحيط بهم ببطء ، رويداً رويداً إلى أن يُطبِق عليهما !!

بعد مرور عدة أيام ، كان الولدان يستعدان لإمتحانات الفصل الاول الدراسي ، فارس لم يخرج من غرفته بالفعل الا للمدرسة ثم يعود مع السائق مرة أخرى ، رغم أن هذا أشعره بالضجر الا أنه لم يتكلم أو يتذمر! فهو معتاد على الوحدة ، يكفيه فقط أن نادر يتحدث معه دائماً على الهاتف أثناء وجودهما بالمنزل .

أخذ يحدق بالدفتر ، كان هناك معادلة غريبة ، لا يشعر أنه يستطيع حلها ، يشعر بالتعقيد فجأة!! .. فأغمض عينيه بعدم تركيز ، لساعات هو يذاكر و لم يرتح ولا لحظة!!

فُتِح باب غرفته لتدخل والدته ، تفاجأت أنه مازال مستيقظ لهذا الوقت ، الساعة تجاوزت للثانية بعد منتصف الليل .. فتقدمت منه تسأله بحيرة :
" لما لم تنم للآن يا فارس؟ الوقت متأخر!"

فأجابها و هو يعود بناظريه لدفتره :
" أنا معتاد ، أم نسيتي؟ .. لا أستطيع النوم بالمساء ."

لم ترد ، هي بالفعل تعرف أنه مصاب بالنيكتوفيليا ، مرضي النيكتوفيليا لا يستطيعون النوم بالمساء .. تنهدت ، متى يُحَل هذا الأمر ؟!

" هل تأخذ الدواء الذي يصفه لك عامر؟ "

توقفت يده عن الكتابة دون أن يرد عليها ، فتحركت هي نحو درج الكومود ، فتحته أمام ناظريّ فارس و أخرجت أشرطة الدواء التي لم يؤخذ منها الا بضع حبات ، فردتهم أمامه و نطقت باستياء :
" ألم تكن تأخذ الأدوية يا فارس؟! .. ألا تريد أن تعود لطبيعتك؟! "

عقد جبينه بضيق :
" لكني سعيد هكذا ! "

اغتاظت منه ، لا تعلم ما الجيد من أفعاله! .. إلتفتت لتضع الأدوية مكانها ، حينها قررت أنْ تُخبر سالم عن الأمر لكنها لمحت شريطاً أخر فارغاً الا من حبة واحدة ، أخرجته و قرأت إسمه لتتوسع عيناها بصدمة ، مهدئ!!!

نظرت نحوه لتجده ينظر لها باستياء و قبل أن تنطق قال بضجر :
" لا تعبثين بممتلكاتي !"

عقدت جبينها بغضب :
" أي ممتلكات؟ أتريد تدمير نفسك؟ .. ماذا كنت تفعل بالمهدئات؟ .. ألم يخبرك عامر أن المهدئات مرفوضة؟! "

" بلي فعل ."

أجاب ببرود و هو يعطيها ظهره لكنها نطقت غاضبة و هي تأخذ الشريط معها و تبحث عن غيره حتى وجدت شريطاً أخر كاملاً :
" سوف أصادر هذه المهدئات ، و غداً صباحاً سوف تقف أمام والدك و طبيبك لتخبرهم ماذا تفعل ."

إلتفت إليها بانزعاج :
" لكن هذا ظلم!! "

فنظرت له بضيق :
" الظلم هو ما تفعله بنفسك .."

كاد يتكلم لكنها قاطعته بحدة :
" كلمة أخرى و ستجدنا ننتقل لمنزلنا القديم ، و ستعاقب هناك بينما سأشرف عليك ."

كتم غضبه و هو يستدير لينام على مكتبه ، حتى لا ينفجر فيها ، كل مرة تهدده بالعودة لذلك المكان ، هو لا يريد العودة ، دون أن يعرف السبب ، لكن في هذا المنزل أصبح يشعر بالانتماء للجميع ، هو يستطيع الاحتماء في أحدهم إن غضب والده ! و هذا يكفيه!

.
.

اتصف هذا الصباح برياح شديدة ، رغم الايام السابقة الخالية من الشتاء الا أن هذا اليوم ينذر بهبوط الامطار بغزارة ، كان سالم يجلس على الاريكة يرتدي بلوفر أسود ثقيل ، يحتسي قهوته ، إقترب لحظتها أمجد ليجلس واضعاً قدماً على الأخرى ، ليبتسم سالم قائلاً :
" ذاهب للشركة؟ "

تنهد :
" أجل ، لقد إتصل بي مايكل ، قال أنه سيقابلني بالشركة لأمور ضرورية تخص الشراكة ."

همهم سالم بتفهم ، لأن أمجد الشقيق الأكبر فهو يحمل كل شئ على عاتقه :
" إن كنت متعب من الأيام السابقة سوف أذهب مكانك"

نفي أمجد و ابتسم :
" لا يا سالم ، كما و أن قدمك بالكاد فككت جبيرتها أمس و أنت تحتاح للراحة ، و ماجد لديه موعد مع المدرسة اليوم بشأن إبنه فلقد تشاجر مجدداً ."

ابتسم سالم بتهكم :
" أطفال هذه الأيام مثيرون للمشاكل ."

ابتسم أمجد ثم اختفت ابتسامته و هو ينظر لسالم :
" سالم ..."

" نعم؟ "

للحظات يصمت حتى قرر أن يحدثه بالأمر رغم عِلْمه أنه حساس جداً لهذا الموضوع :
" .. لقد أعدت فتح قضية مقتل خالد ."

وضع سالم فنجانه و التفت لأخيه بصدمة :
" لما فعلت ذلك؟! . "

تنهد أمجد ليقول :
" القضية سُجلت ضد مجهول يا سالم! .. المحقق حدثني و قال أنه وجد دليلاً أو شئ يدل على قاتل خالد ."

" بعد كل تلك السنوات؟! .. لقد مر خمسة عشر عاماً! "
نطق بصدمة دون تصديق ، ما كاد يرد أمجد حتى قال أحدهم بسخرية :
" عادت للفتح؟ .. يبدو أن الحقيقة يجب أن تظهر ."

نظرا نحوه ليجداه عامر فاحتدت عين سالم و لكن قبل أن ينطق سمع زوجته تقول :
" لا تغضب يا سالم هو أتى لرؤية فارس ."

تقدم عامر ليجلس مقابلاً لسالم ، لم يظهر أن عقله انشغل بما سمعه قبل لحظات!!

تقدمت أميمة تري نظرات الغضب المشعة من زوجها لعامر لتنطق لكلاهما :
" إسمعا قبل كل شئ ، دعا أي خلاف بينكما جانباً ، سالم أن دعيت عامر لأجل فارس .. لأن الأمر لم يعد يطاق و إبنك عنيد ."

نظر سالم لها :
" ماذا فعل فارس ؟ "

تنهدت لتحكي ما رأته أمس حين مرت عليه لتطمئن إن كان نائماً أم لا ، كان عامر يسمع ما تقوله و يغتاظ فكل ما يفعله في مهب الرياح؟!! .. زفر بضجر ليخاطبها بهدوء :
" نادِيه يا أميمة ، أريد رؤيته ."

--
;
*

يتبع..

توقاعاتكم؟

ملحوظة:  بدأ العد التنازلي للنهاية 🙂

للتقييم

مشهد عحبكم؟

و سأحاول إنهاء الرواية قبل نهاية الشهر

الي اللقاء ❤️✨


.

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top