Chapter 18
سبحان الله بحمده سبحان الله العظيم ❤️✨
..
.
- حَوقِلوا
"فَلعّل الله يُغيّر مِن أجلك كُل شيء ليُرضيك ويُرضي قلبكَ."🤎🦋
.
.
.
.
أحياناً تملُكنا الغاية أن نتحرك لنحصل على متطلباتنا ، أهدافنا و حياتنا ، لكننا لا نفلح أبدًا بالوصول ، دائمًا ما نجد المشاكل و الطرقات الملتوية صعبة الوصول !!
فتح عينيه الواسعتين التي تميزت عدساتها باللون الرماديّ .. رمش بأهدابه الطويلة و هو يعتدل جالسًا ، جذب دُبِّه المحشوّ لحضنه و أبعد الغطاء ينزل عن سريره بخوف ، كان يخاف الوحدة و الظلام قبل أن يحبهما و يجد ملاذه فيهما .. تحركت قدميه الحافيتين على البلاط البارد بعباءة نومه القصيرة البيضاء .. لا يسمع صوت أحد والديه بالمنزل ، ما ان لامست يده مقبض الباب و رغم قِصره استطاع فتحه ليخرج من غرفته لتقابله ظلمة منزله ، عض على شفتيه بتوتر ليهمس :
" ماما؟ ... "
ثم تفاجأ بنفسه يتعثر بقوة و يسقط على وجهه ، شهق بألم و نزلت دموعه حين لم يجد من يهتم به ، حينها علم أن كلاهما بالشركة ، و لا أحد منهم فضّل البقاء لأجله ، تركاه بمنزل وحده ملئ بالظلام رغم علمهما بمرضه و خوفه الدائم من الظلام !
نهض يسير بعرجة بسيطة بسبب قدمه ، ليترك الدب من يده حتي سقط أرضًا ، كانت دموعه تسيل على خديه و هو يتحرك وسط الظلام نحو هاتف المنزل الأرضي ، أمسك به و كتب رقم يعرفه جيدًا ليضع السماعة على أذنه منتظرًا الرد ..
" سالم؟ .."
" عمي كامل ؟... هذا أنا .. فارس."
أجابه بحزن ، فرَقَّ قلب كامل ليسأل بهدوء و هو يعتدل في سريره بعد أن أبعد النعاس :
" هل ذهب والديك مجدداً للشركة دون أخذك؟ .. هل أحضر نادر و أتي للجلوس معك؟"
" أريد نادر."
همس بحزن و إلحاح ، فرد كامل بابتسامة :
" حسنا يا صغيري ، إبقي بمكانك إلى أن أحضر إبني نادر لأجلك ."
" حـ .. حاضر عمي ".
ترك الهاتف ثم تقدم ليجلس على الأريكة ضامًا نفسه بخوف ، بينما تلك اللحظة تنهد كامل و هو يتصل علي سالم ، كانت زوجته نائمة و بحضنها نادر ذو الست سنوات .. ما إن رد سالم حتي نطق كامل بغيظ منه دون أي مقدمات :
" ألديك قلب لترك طفل بالخامسة وحده بالمنزل لأجل العمل يا سالم؟!! "
أتاه صوته بدهشة :
" هل إتصل بك؟! "
تنهد المعني ليقول بتعب من تصرفاته هو و أميمة :
" حقاً أي قلب تملكه أيها الغبي أنت و أميمة؟! .. كيف تتركا طفلكما وحده؟! لا تنسى أنه مريض! "
" نحن مغادران للمنزل ، لا تقلق يا كامل ."
أنهي المكالمة بينهما ، توقفت السيارة أمام منزل ذو طابقين أمامه بوابة سوداء ملتف بسور حوله ... نزلت أميمة بسرعة لتدخل بينما تسمع سالم يخاطبها بانزعاج :
" ما كان عليكِ الذهاب معي ، كان عليكِ البقاء لأجل فارس ."
فردت بغيظ :
" و ما كان يمكنني ترك العمل ، عليّ فصل عملي عن منزلي يا سالم!! "
تنهد سالم ، لا يريد المشاجرة معها مجددًا لأجل ذلك ، هي من حقها الإختيار رغم أن الأمر يأتي على رأس إبنهما !
دخل خلفها ليجدها تحتضن طفلها تحاول إيقاظه فقد وجدته نائمًا على الأريكة ، فتقدم سالم ليجذبه منها يحمله وهو يخاطبها ببرود :
" ما نفعله فقط أننا نزيد رهبة طفلنا بتركه وحده كل ليلة يا أميمة ."
لم ترد أميمة بل نظرت ليدها باستياء من نفسها ، ليكمل سالم :
" هو غير طبيعي ، أكثر طفولية من المعتاد و لا يفهم ما معني عمل ."
" بابا؟ .."
نظر إليه ليجده قد فتح عينيه قليلاً يحدق به فابتسم ابتسامة لطيفة و قبَّلُه من جبينه يقول :
" أنت بخير يا فارسي الصغير ؟ أسف لأن البابا تركك و غادر مع الماما ."
نزلت دموعه و هو يخفي وجهه بصدر والده الذي عانقه بحزن يقول :
" لا بأس ، أنا أعتذر ، لا تبكي! "
تقدمت أميمه لتمسح على خصلاته :
" لا بأس صغيري أعدك لن أغادر و أتركك مجدداً وحدك ....."
.
.
كان مجرد وعد ذهب في مهب الريح ، حين فتح عينيه علي تلك الذكرى و خرج بسرعة من المياة يتنفس بقوة فقد بقي لأكثر من دقيقتين دون تنفس !! .. دون أن يشعر و تلك الذكرى تهاجمه .. كثيرًا ما تركاه لأجل العمل .. أم طموحة ، و أب ديموقراطي ... كان يفضلا العمل عليه دائماً ، حتى بدأ يعتاد على اليأس من وجودهما ، مرة بعد مرة ، بدأ يعتاد ، بدأ ينطفئ نور وجودهما .. لكن الآن هل حقاً سوف تعيد إليه ذلك النور ؟... هل ستفى بوعدها؟ .. أم أنها ستقطع نفس الوعد دون إكماله؟!! .. يتذكر أن بعدها تركاه ، ذلك اليوم لن ينساه أبداً !! .. حين كان يحاول الذهاب معهما لكنهما تركاه دون توديعه حتى!!
أسند جسده علي حافة البانيو بإرهاق ، يشعر بالدوار يعصف برأسه ، لكنه رغم ذلك نهض يخرج من المياة ليمسك بملابسه يرتديها بصمت و إرهاق ..
" فارس! هل انتهيت؟! "
استند على الحائط و هو يسير نحو الباب ، كان قد تملكه التعب أكثر ، لكنه قاومه حتى فتحه و خرج إليها لينتقل نحو السرير يرمي نفسه عليه فاقتربت منه و جلست إلى جانبه واضعة يدها على جبينه ،لتعقد جبينها في قلق ، فلقد كان شديد الحرارة !! ..
تحركت تغطيه قبل أن تستدر تغادر:
" أنت مريض جداً يا فارس! لما لم تقل..."
أمسك بطرف فستانها فسكتت و استدارت نحوه ليهمس بتعب:
" أمي .. لا تتركيني....ارجوكِ..."
أغمض عينيه ، كانت تسمع تنفسه العالي المضطرب ، لا تعلم ماذا تفعل ؟ .. تقدمت منه ، كانت خائفة عليه .. فلم تجد الا أن تبتسم بتكلف و هي تجلس الى جانبه تمسح على خصلاته برفق تحادثه بحنان :
" فارس ستكون بخير ، أنها مجرد حمَّى .. لكن انهض لتأكل أولاً."
فتح عينيه بإرهاق ، كانت رؤيته مشوشة .. لم ينطق ، فابتسمت نحوه و هي تساعده بالجلوس و تقوم بتدفئته ، ذهبت لتقدم له الطعام ثم شرعت بإطعامه .. هذه المرة ابتسامتها حقيقية و هي تشعر و كأنها عادت لدور الأم مجددًا .. كيف لها تركه لأجل العمل ؟!!
مرت الدقائق تلتها الساعات ، كانت قد تجاوزت الساعة للعاشرة مساءًا و هي باقية إلي جانبه .. كان نائماً ، مرهقاً بشدة .. تحسست جبينه لتجد أن حرارته إختفت ، بتلك اللحظة فتح عينيه ليجدها أمامه ، فابتسمت في وجهه و حركت أناملها على خصلاته الداكنة فهمس بهدوء :
" لم تذهبي !"
كان مندهشاً حتى و إن لم يُظهر .. كان دائماً يعاني وحده و الآن هي كانت بجانبه و لم تدعه وحده!!
" لم أغادر هذه الغرفة .. لأنك كنت مريضاً .."
سكتت للحظة تنظر لساعة هاتفها ثم نظرت إليه لتردف :
" سأذهب لرؤية والدك فأنا لم أره منذ أن دخلت غرفتك ."
أومأ بتفهم ، رغم أنه لا يصدق نفسه! هل بقيت لتعتني به حقاً؟!
نهضت تزامناً مع طرق الباب ليدخل مراد ، ابتسم لزوجة عمه ثم نظر لفارس يقول :
" هيه يا أحمق ، مازلت مريضاً؟ "
لم يرد عليه فارس بل قام بسحب غطائه يغطي به وجهه كاملاً ليعبس مراد ، أهو لا يطيقه لهذا الحد؟
نظر لأميمة ليقول بهدوء :
" عمتي ، عمي سالم يريدك ."
ابتسمت و اتجهت نحوه :
" أنا كنت ذاهبة لرؤيته ، تعال لنذهب سوياً ."
ابتسم يومئ بهدوء قبل أن يغادر معها ...
اعتدل فارس ، بحث بناظريه عن هاتفه حتى وجده ليأتي على اسم نادر و يتصل به ..
بتلك اللحظات فتح نادر عينيه على صوت رنة هاتفه و عبس لأنه يعلم من المتصل ، لكنه نهض من جانب شقيقه الذي نطق بنعاس و انزعاج :
" نادر أطفئ هاتفك كي أستطيع النوم ."
لم يرد عليه نادر و هو يتجه للصالة و هو يجيب على فارس :
" لماذا تتصل بي بهذا الوقت يا وقح؟! كنت نائمًا!! "
أصدر ضحكة قصيرة و هو يرد ببهجة :
" اعرف أنك تقدس النوم يا أحمق ، أردت إخبارك أني سعيد .. "
انفردت ملامحه و ابتسم لصاحبه :
" ما أسعدك يا صغيري؟ "
تجاهل فارس أخر كلمة و أجابه :
" طوال النهار كنت مريضاً و لك أن تتخيل!! والدتي أعتنت بي و لم تخرج الا و أنا بخير دون حمَّى!! "
" يبدو أن والديك أصبحا يهتمان عن ذي قبل .. لا تيأس يا فارس سيعودا أفضل من البداية ."
" أتمنى ذلك يا نادر .."
سكت الاثنان للحظات ليقول فارس :
" نادر ، تخفي شئ؟ "
ابتسم نادر :
" دائماً ما تشعر بما أخفيه حتى و إن لم أكن أمامك ."
ابتسم فارس:
" إذاً أخبرني؟! "
" ماذا أقول؟ ، أنا متضايق لأجل أخي ."
عقد الاخر جبينه ليسأل بقلق :
" لماذا؟ ماذا حدث؟ "
أتاه صوت نادر يقول باستياء :
" أنها تلك الفتاة سلمى يا فارس .."
" ما بها؟ "
" لقد عادت لحياة أخي مجددًا ، تحاول الوصول إليه و إقناعه بالعودة إليها .. أنا لا أشعر بالراحة من ناحيتها ..!"
سكت للحظات ليكمل بتنهيدة :
" أخي مشغول البال منذ يومان ، و اليوم عرفت سبب ذلك حين سمعتها تحادثه عبر الهاتف .. لقد كانت تستفزه بكلامها ، كنت مستمع للمكالمة لأن صوتها كان ظاهراً ."
همهم فارس بتفهم ، يفكر مع صديقه بهذه المشكلة .. كيف لهما حلَّها؟
سعل فارس بخفة ثم أجاب صديقه بصوت خافت :
" نادر لدي فكرة .."
أنصت جيداً:
" ما هي؟ "
ابتسم فارس بخبث :
" حين نتقابل سنتحدث بهذا الشأن ."
" حسناً ."
.
.
بعد يومان ... أثناء نهار يوم السبت ..
كان بغرفته يضبط ركنه الخاص قبل أن يعتدل يتنهد بتعب ، و هو ينظر بغير رضا للوحاته .. لم يرسم منذ فترة!!
ارتفع رنين هاتفه فعبس بانزعاج ، فلقد نسى أن يُصمتُه .. لكنه ما إن رأي اسم نادر حتى أجاب فورًا بدون مقدمات :
" هل نجحت الخطة؟! "
ليأتيه الرد بصراخ متحمس :
" أجل يا فارس ، خطتك كانت ذكية و لم تشعر أن الرسالة من أحد غير أخي! .. لقد أرسلت لي رسالة تقول أنها ستنتظرني في المكان القديم حيث أخر مرة .."
اتسعت ابتسامة فارس ، كاد أن يصرخ لكنه لم يفعل و هو يسأله بحماس :
" إذاً ، متى الموعد ؟! "
" يجب أن يكون بعد ساعة من الآن.."
" حسناً لتجهز ، أنا سأقابلك ! "
أغلق المكالمة سريعاً لينتقل لسترته السوداء ، ارتداها بعجلة من أمره و أخذ هاتفه و خرج مسرعاً ، خطى درجتين تلو الأخري ، حتى أنهى الدرجات ثم هم بالهرولة نحو الخارج دون أن ينظر لأحد من أسرته مما جعلهم يستغربون سرعته!! فهذه أول مرة يخرج فارس بعطلة الأسبوع ، و الشئ الأغرب تلك الابتسامة ، و كأنه عازم على فعل شئٍ ما!!
" فارس! .."
توقفت خطواته السريعة ليستدر لأباه الذي خطي نحوه ببطء بسبب قدمه و هو يستند على عكازيّه :
" ماذا؟ "
وقف أمامه يضيق عيناه :
" إلى أين أنت ذاهب بهذه السرعة؟ "
رد بهدوء دون النظر إليه :
" لقد كنت ذاهب لنادر ."
" و أين نادر؟ "
كتف يديه و أمال رأسه يحاول معرفة السبب ليرد الأصغر بضيق متجاهلاً سؤاله و هو يهم بالذهاب :
" أنه أمر يخصني لذا دعني أذهب ، فأنا تأخرت.."
بتر أخر حروف جملته حين عركله عكاز والده الذي جذب به إحدي قدميه فكاد يسقط لولا أنه وقف بسرعة ثم إلتفت يحدق بوالده بضيق أكبر حين قال ببرود :
" أجب على سؤالي ؟ "
تنهد فارس ليقول بانزعاج :
" و ما الخطأ أن أقابل صديقي...؟"
قاطعه:
" لأن الأمر مريب .. أنت حتى لا تريد إخباري السبب"
" و هل هناك سبب كي أقابل صديقي ؟ .. "
عقب باستياء ثم نظر له منفعلاً :
" دعني فقط أذهب!! هو ينتظرني بالحديقة! "
تنهد سالم بتعب ، كان يشعر بالشك أنه يكذب، هو حتى يحاول المراوغة! .. أليس هذا غريباً؟!!
" إذهب لكن لا تتأخر ."
ما إن نطق حتى إلتفت يغادر مسرعًا قبل أن يُذكِّره أحد أن لديه موعد مع عامر بعد ساعة و نصف من الآن !
ما إن إختفى عن الأنظار حتي رن هاتف ماجد الذي فتح عينيه بملل لينظر للإسم حتى توسعت عيناه بصدمة .. لينظر له مراد بغرابة :
" ماذا يا أبي؟ "
نظر لإبنه ثم نظر لسالم و هو يشعر بالغيظ لينطق :
" ذلك الغبي لديه موعد الثالثة عصراً مع عامر!"
تنهيدة متعبة خرجت من سالم ليس لأنه مستاء لأجل عامر بل لأن فارس تهرَّب من الموعد!!
سار ماجد يحادث عامر و يشرح له الأمر و أنه سيتأخر قليلاً دون سبب محدد فسكت عامر و رضخ للأمر .
.
.
ما ان خطت قدميه ذلك المكان حتي بحث بناظريه عن رفيقه ، كانت كافيتريا كبيرة ، هناك الكثير من المقاعد الموزعة خارجها ، لم يهتم بعدد الناس ولا لروعة المكان .. حين رآه يجلس على إحدى المقاعد تقدم ناحيته بهدوء ثم إتخذ مقعداً مقابلاً له ليحادثه نادر بهدوء و هو يعدل القلنسوة مخفياً وجهه أكثر :
" أنها خلفنا ."
نظر إليه عاقدًا جبينه في حيرة ، فأشار نادر سهواً إليها حيث تجلس فتاة جميلة بفستان بنفسجي طويل يصل للركبة ، كانت وحدها على إحدي المقاعد التي تبعد طاولتين أو أكثر عنهما ، كانت تنظر بضجر لساعة هاتفها ، فمن تنتظره لم يأتي بعد ، أخرج نادر هاتف شقيقه الذي سرقه منه ليرسل رسالة لها قائلاً بينما فارس ينظر إليه :
" أسف لن أستطع المجئ .. حصل أمر ضروري ."
أرسلها لها و ابتسم حين أومأ فارس أنها وصلت و رأتها لتنزعج من أمره ثم أخذت حقيبتها الجلدية الصغيرة و نهضت تغادر لينطق فارس :
" مطاردة؟ "
فابتسم نادر :
" مطاردة."
نهض كلاهما ليسيرا معاً بكل طبيعية لكنهما كانَ يسيران خلفها ، حتى استقلت سيارة أجرة ليفعلا المِثل ..
" هل من الجيد فعل ذلك؟ "
سأل فارس لينظر له نادر بنصف عين :
" ماذا تعني؟ "
تنهد يريح ظهره للخلف :
" أعني ، كان من الممكن أن نحادثها .."
" هي لن تقتنع بكلامنا ، لذلك علينا معرفة أسرتها و منزلها لأستطيع إنهاء هذه المهزلة .."
توقفت السيارة فجأة لينظر كلاهما للسائق الذي خاطبهما :
" أنها توقفت هنا ."
نظرا للخارج ليجداها تخرج من السيارة ، كان مكاناً مهجوراً بأحد البنايات قيد الإنشاء ، تبادل فارس النظرات مع نادر بغرابة و قلق قبل أن يجمعا على النزول و الذهاب خلفها لكن السائق قال قبل ذلك :
" يا أولاد ..."
نظرا إليه ليكمل بقلق :
" هذا المكان ليس مناسب لكما ، إن أردتما المغادرة سأعيدكما هيا ."
ابتسم نادر بامتنان :
" أشكرك جزيلاً يا عم ، لكن يجب علينا مراقبة تلك الفتاة لأنها تزعج أخي الأكبر .."
" لكن يا بني وجودكما بهكذا مكان سيؤذيكما .. "
" لماذا يا عم؟ "
سأل فارس بقلق ليتنهد السائق قائلاً :
" هذا مكب للمجرمين و القتلة ."
شهق فارس بينما احتدت عين نادر ليوجهها ناحية المكان و إصراره على أنه سيكشف أمرها زادت بعقله .. لينظر لفارس و هو يهم بالذهاب وحده :
" فارس إبقي مع السائق ، رجاءً يا عم ، إنتظرنا ."
" ليس لدي مانع لكن هذا خطر ."
" لكنه ضروري ."
خرج من السيارة ليتبعه فارس قائلاً بغيظ :
" لن أتركك وحدك لذا لا تحدثني كأنك أبي! "
تنهد نادر ، بالنهاية كان الثنائي يسيران متسللين لذلك المكان ، يبحثان عنها ، استطاعا تجاوز عدة رجال كانوا ينتشرون في المكان حتى وصلا لمبنى كبير متهالك قليلاً ، اختبئا خلف الجدار حين رآى الاثنان رجلين ضخما البنية يجلسان أمام المدخل ، فنظرا لبعضهما بحيرة ، كيف يدخلان؟!!
بحث نادر بعينيه ثم إقترب ليرى صخرة فأخذها تحت نظرات فارس له ، ثم رمي بها بعيداً حتى أصدر صوتاً قوياً مما جعل الاثنان يتركان مكانهما ليتجها نحو المكان فأمسك نادر بيد فارس بقوة و اتجها نحو المدخل ، دخلاه يتسللان يبحثان بناظريهما بحذر حولهما حتى توقفا على إحدى الغرف حين سمعا صوتها الغاضب تحادث أحداً ما .. نظر فارس لنادر مشيراً إليه على تسجيل الحديث ..
كانت هي تقف أمام رجل في نهاية الثلاثينات ينظر لها ببرود و هي تصرخ عليه بغضب :
" لا يمكنني فعل ذلك؟!! .. أنا بالكاد أستطيع إغواءه و التقرب منه لكنه عنيد!! .. حتى أنه جعلني أنتظره بالمطعم لكنه لم يأتي و أرسل لي إعتذاراً ..."
" مازلتي تريديه؟ "
سألها بهدوء فأجابت بتنهيدة يائسة :
" أريد ما يمتلكه و أنت تعرف ذلك .. "
سكتت للحظات لتردف بغيظ :
" سيد جابر ، الأمر بيني و بينه يغيظني ، هو غبي جداً ، صحيح هو يحبني لكنه لا يريد أن يختارني على شقيقه .. ذلك وحده يضعف موقفي .. القلادة التي معه لن أستطيع أخذها منه بسهولة ، يجب عليه أن يعطيني ثقته الكاملة ..."
كان كلاهما مصدوماً ، هي كاذبة منذ البداية! .. تستغل شقيقه!! .. تستغل قلبه!!
رفع فارس عينه و خرج من صدمته يقترب من الباب ، نظر من الفتحة الصغيرة به تحت نظرات نادر القلقة ، بحث بناظريه عن وجه من تُحدثه و هو يوجه الهاتف لهما ، لحظات من الارتباك حتى إلتقط الصورة لينير الفلاش للحظة و يختفي فتوسعت عين فارس لنسيانه الأمر ، فتراجع بخوف ليمسك به نادر بقلق حين سمعا صوته الغاضب يجهر :
" يا حراس ، انظروا من هناك ! "
تبادل نادر مع فارس النظرات ليجذبه كي يهربا لكن ارتفاع أصوات الرصاص جعل فارس يغطي أذنيه باضطراب!! مما عطل هروبهما ليهمس إليه نادر بخوف :
" تحمل يا فارس ، هيا لنغادر بسرعة قبل أن يمسكا بنا! "
أبعد يديه و سارا نحو المخرج بحذر و سرعة ليتفاجئا بالحارسين يقفان أمامهما ، فتوسعت عيناهما بصدمة و ذعر و خاصةً حين حاوطهما الرجال من الخلف ، مما جعل فارس ينكمش على صاحبه الذي همس بقلق :
" فارس علينا الهروب بأي طريقة ! "
" لكنهم قد يمسكون بنا! "
تقدم أحد الرجال من الأمام نحوهما قائلاً بخبث و شر :
" قِطَّان وقعا بعرين الأسد ، لا مجال للعودة يا صغيرايّ."
حرك نادر إصبعه على كف صاحبه كإشارة فسقط فارس على ركبتيه ليحدق به الجميع بغرابة لكن بتلك اللحظة نادر خدعهما و دفع بكل قوته من تحدث حتى سقط ليجذب يد فارس و يهربا فوراً من جانب الرجل الأخر الذي أراد الإمساك بهما لكنهما راوغاه ليتجاوزاه كذلك فركضوا خلفهما يحاولون الإمساك بهما لكن نادر و فارس كانا قد أسرعا بركوب السيارة التي سرعان ما تحركت بهما ليسمعا صوت إطلاق النار بالخلف، فاحتضن فارس نادر مخفياً وجهه بكتفه بينما يرتجف و نطق باضطراب :
" لا أريد الإقتراب من هذا المكان مجدداً يا نادر ، لا أريد العودة إليه ! "
عانقه نادر يطمئنه بخفوت :
" إهدأ يا فارس ، لن نعود .. لن نعود أبداً "
هدأ شيئاً فشيئاً على كتف نادر الذي نظر للسائق بامتنان :
" شكراً لك سيدي ."
ابتسم السائق :
" لا بأس ، المهم أنكما بخير ."
*
*
*
يتبع..
و فوضــــي!!! 😂❤️✨
لا تظنوا الرواية هادئة، الاحداث الحقيقية لم تبدأ بعد 🙂🔪
تهور المراهقين أمر فظيع حقًا 😂❤️لكني أحبه
ألم يذكركم هذا بشخص أخر "احدي شخصيات رواياتي الأخرى مثلاً؟" 🙄🙂😂
ألم تنتبهو لشئ؟ 😈
يبدو أن فارس و نادر وقعوا بورطة لكن ما توقعكم بهدف سلمي بالتقرب من ساهر؟
و هل سيعلم سالم عن إبنه شئ؟ 😋
لا تنسو التقييم 😂❤️✨
و ما المشهد الذي عجبكم بالبارت او اي مشهد أخر أخبروني به كانتقاد مثلاً، أو شئ لا تفهمونه؟
الي اللقاء ❤️✨
ميمز بسيط ع الماشي 😂
- الكُتاب لما بتتأخر عن تنزيل الفصل بتعتذر بأسباب قوية.
أسبابي: 😂😂
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top