15

"اسمَـع، انا أعتذِر حسنًا؟ ما كان يجب أن أحاول طعنك بظهرِك، أيمكنك تركِ أذهب وحسَـب؟" تذمَـرت حَـين بلغت قدمَـاي حدهَـا وحَـاولت استعطَـافَه ليتركنِـي.

هو عكَـف ذراعَـيه ونفَـى برأسهُ دُون التحدُث لِـي ثُـم أشَـار لِـي أن أُكمِـل ما بدأت.

لأننِـي حاولتُ إصابته حِـين لم يكُـن مستعدًا، هو تقدَم بالشكَـوى إلَى أبِـي الذِي ترَك لهُ حُـريَّة معاقبتِـي على أفعالِـي الهوجَـاء.

وكَـان عقابهُ لي غريبًا أكثَـر من كونه مُؤلمًا جسديًا.

قال أننِـي لن أغادر قَـبل أن أستطِـيع طعنهُ بجزء من جسده حقًا، ولا أذكُر كم مرة حاولتُ وفشلت وكم مرة رمَـيتُ نِصال الخَـيبة بإتجاهه فأمسكهَا بيديه العاريتين.

تنهدُت أُلقي بالخِنجر ذو النصل الحَـاد بإتجاه صدره فعَـاد يمسكهُ، الأمر حلقة متكررة لا تنتهِـي.

"تستطيعِـين فعل أفضل من هذَا" هُـو قَـال يسير بإتجاه ويُمسك بكفِـي المُرتجِـف لشدة التعب وعاد يضَـع به الخنجر.

"أُترِيد المَـوت؟ ماذَا إن تعرضت للأذَى؟" عقدتُ حاجبَاي في حـِيرة من أمرِه الغَـير مفهوم.

"أنا لا أُمانِع التعرُض للأذَى علَـى يديكِ، أنا هُنا لحمايتِك ولخدمتك بالنهَـاية" ردَّ يُحدِق بعينَاي وترَاجع للخَـلف ينتظر مني مهاجمتهُ.

"لمَ تَـفعل هذَا؟" سألتُ مرة أخرى أحاوِل الوصول لخَـيط المنطِق بما يحدُث هُنا.

"إن الغضَـب سلاحٌ رائِـع، إن استطعتِـي استغلاله جيدًا ستحققِـين الكثير، لذَا أحاوِل جعلكِ تستخدمينه بشكلٍ مفيد....إن أستطعتِ حماية نفسكِ فلن تُضطرِي للتضحيَّـة من أجل رغبة أحدهم ولن تضطرِي اللجوء إلى أحدٍ ليحميكِ كما حدَث قبل أيَـام"

لَـستُ أفهَـم.

لَـستُ أفهم أيٍ مما يقوله الچنرَال دائمًا، لمَ يتحدَث بألغازٍ مُريبة طوال الوقَـت، لمَ يقُـوم يتصرفاتٍ غير مفهومة؟.... لمَ أشعُـر أنهُ يود قتلِي وبالثانية الأخرى يهتم لأمرِي؟

فقط ماذَا يخفِـي؟

"أنا لم ألجأ لأحدهِم ليساعدنِـي أثناء العاصفَـة، أنت من ظهرت من اللَامكان حينهَـا" وبمَا عسَـاي أجادِل في هذا الموقف المُرِيب.

"هيميرَا.."

صمتُ أحدِق به وأتسعَـت حدقتَاي بعض الشَـيء، شعرتُ بالقشعرِير تسير من عنقِي وإلى نهاية ظهرِي.
"أفقدَت عقلك؟ لا تُنادينِـي بإسمي بتلك البساطة! أين هي أخلاقك؟" تحدثتُ مُغتاظة مُؤشرة لهُ بطرف الخِـنجِر.

عقدتُ حاجباي مرة أخرى حين وجدتهُ يسير مُقتربًا منِـي وشاهدتهُ يدفع النصل الحاد بطرف اصبعهُ بعيدًا ثُم أنحنَـى ليضعنِـي بحالة من الذُعـر حين كان التواصل البصري بيننا للمرة الأولى بهذَا القُـرب.

المُخِـيف لَـيس هيئته أو حِـدة نظرَاته، بل ذلك الفرَاغ المرئي بعينيه، لا وجُـود لأي نوع من التعبير داخل مقلتيه....تمامًا كَوجهه.

ألَـيست العيُـون مرَايَا الرُوح؟ ألَا وجود لروحٍ داخل هذا الشخـص؟

"بوقتٍ مَا لن أستطِـيع الظهُـور....ولن يكُـون ابن عمك موجودًا لينقذكِ، لن يكُـون سواكِ والمَـوت"

أطبقتُ شفتَـاي حِـين خاننِي لساني ولم أستطِع التحدُث بالمُقابِل.

لم أستطِـع السير.

لم أستطِـع إبعاد عينَاي عنهُ.

وكأننِي قـيدتُ نفسي بأغلالٍ صنعتهَا من ذُعرِي.

"ابتعِـد..." تمتمتُ أحاوِل ابعادهُ عنِـي.

"إن أردتني أن ابتعد، فعليكِ بإخضاعِـي"

لمَ أشعُـر بالخَـوف؟ لمَ لا أتحرَك؟
ماذا دهانِـي؟ ما الذِي يحدُث لي؟ لمَ لا يُطيعنِي جسدِي!

كَـان هُناك شيء ما يحدُث بداخلِي...لقد شعرتُ بهذَا.

لا أستطِـيع السيطرة على يدَاي أو قدمَـاي، ولم يكُـن هذا من صنيعي!

بل إن يدَي أخذت تتحرك من تلقَـاء نفسهَا.

"اطعنيني، هيميرا.." هو همس واتسعَـت عيناي في خوفٍ لا يقِل عن الظاهِـر بجسدِي.

امسكتُ بكفِـي الذِي يحوي الخنجـر أحاول منعهُ عن التحرُك.

"أخبرتكِ أن تطعنيني" هو أمسك بيدِي الفارغة وترك الحرية ليدِي التي تحركتُ من تلقاء نفسها فطعنتهُ.

لقد طعنته..

لقد طعنت الچنرال..بيدي تِلك.

لَـم أدرك متَـى أبتعد وتركنِي أحدِق بالفرَاغ بذَات الذُعر داخلي، غير قادرة على الحرَاك بينما هو قد أستقام...بجسدٍ ينزِف، وبخنجرٍ مغرُوز إلى داخله.

"يالكِ من فتاة قوية" رفَـع الچنرَال يدهُ إلَـى رأسِـي كتعبيرٍ عن الرضَا ثُـم استدَار ليخرج من المكان كلهُ.

ووقفتُ انا لا أستطِـيع إغلاق جفنَاي ولا إيقاف جسدي عن الإرتجاف...ولا نسيان ما شعرتُ به منذ دقائق.

لم أكن انا.....لم أكن انا من تحركتُ، لقد شعرتُ أننِي انفصلتُ عن ذاتي لعدة ثوانِي..وأن روحِـي مدفونة عميقًا حيث لا يوجد سوَى البرد....لقد كُنت مغيبة العقل كنت فاقدة للوعَـي؛ ولكنني أبصر.

لم يكن هذا خوفِـي، ولم تكُـن ذاتي الضعيفة.

ذلك الشخص به شيء ما....هُناك شيء ما حوله، أنا أعلم هذا.

منذ الوهلة الأولى التي رأيتهُ بها، كُل مرة فقدتُ بيها قدرتي على الحركة، وكم المرات التي دَس بها الذعر بقلبي كالسُم كلما نظرتُ لعينيه، وحين نظرتُ بهذا القُرب إليه شعرتُ أنني أختبر المَـوت.

هُناك شيء ما أشعُـر أنني لا يجب ألَّا أعلمِـه.

أنا أشعر أنني أقرَب للمَـوت.

_____________________

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top