6.1. الغنجوتسو

أكتوبر – ستٌ وعشرون عامًا قبل تأسيس قرية كونوها المخفية

أرض النار – نطاق عشيرة سنجو

1.

رفع الجاسوس الشاب رأسه قائلًا:

— أدعى كاتانا.

همهمت هاما بتنغّم:

— هممم... كاتانا، إذن... كاتانا... كاتانا... اسمٌ جميل!

اجتاح ضغطٌ مفاجئ جمجمة الأوتشيها. أهو بسبب الخَتْم الذي وضعه هيدياكي على ذكرياته؟ وفقًا لما قاله هذا الأخير، تستخدم هاما السمع لحبس ضحاياها في غنجوتسو بواسطة آلاتٍ موسيقية، لكنها لم تلجأ إلى أيٍّ منها! أيًا كان مصدر هذا الشعور، الوقت ليس مناسبًا لإثارة الشكوك حوله. لذا ابتسم بخفوت، كابحًا ملامح الألم من على وجهه.

يقينًا منه بموجب خبرته بأنّ للانطباعات الأولى تأثير مصيري، انحنى كاتانا بأدب، وتحدّث مرة أخرى بتواضع:

— أرجو أن تعذريني على حماقتي يا هاما-دونو. أنا ممتن لكِ على إنقاذي من أولئك الهمجيين.

— العفو يا كاتانا.

قاطعه بوتسوما:

— من أيّ عشيرة أنت؟

تشنج دماغ كاتانا وهو يكافح لإيجاد إجابة مقنعة. أينتحل هُوِيَّة شخص حقيقي يمكنه التحقّق من وجوده... أم يعطيه هُوِيَّة مزيّفة؟ بدا له الخِيار الثاني أكثر عقلانية، لكن هذا الرجل لا يصدّق سوى الأدلّة الملموسة.

— ما الأمر؟ هل ابتلعت لسانك؟ لقد أخبرناك باسم عشيرتنا، عليك أن تطلعنا على اسم عشيرتك!

— لست من عشيرة مشهورة مثل عشيرتكم، لقد ولدت وترعرعت وَسَط عائلة متواضعة من أرض الأمواج. أمّا الآن فأنا حرفي رحّال.

سأل بوتسوما أخته بعينيه، فأومأت برأسها. مع أنّه استغرق ثانية، إلّا أنّ هذا التبادل لم يغب عن عين الأوتشيها. الضغط الذي يشعر به عائد إلى الغنجوتسو بلا شك، لكن متى... كلّا! أيعقل أنها استخدمت... صوتها؟ يا لها من تقنية مرعبة.

— بعبارة أخرى... أنت جاسوس! لحساب من تعمل؟ الحاكم الإقطاعي؟ أحد أعداء الأوتشيها؟

— لا أعمل لمصلحة أحد!

صرّ كاتانا على أسنانه وسالت قطرات من العرق البارد على عموده الفقري.

«هذا الرجل لا يطاق... إن تماديت في الكذب فسيدرك بأنني لست تحت تأثير غنجوتسو أخته.»

— إذن لمَ أرادوا رأسك؟ إياك أن تتظاهر بالبراءة، قد يكون هيدياكي عدوًا لنا، لكني أعلم أنه لا يقتل الناس من أجل المتعة! لديه سبب وجيه للتخلّص منك.

ابتسم الأوتشيها بفخر، غير قادر على كبت السعادة التي غمرته عند سماع هذه الكلمات.

«فهمت... هذا هو هيدياكي نيي-تشان! توقّعاته في محلّها، وقد وثق بي. لن أخيّب ظنّه!»

— أحيانًا أبيع المعلومات التي أكتشفها في أثناء عملي، أفعل ذلك لأعيل أسرتي... لكنني لست جاسوسًا بمعنى الكلمة. أنا رسّام... وأعمل نجّارًا أيضًا.

أطلق بوتسوما ضحكة ساخرة.

— يمكننا أخيرًا الحديث دون لفٍ ودوران. لا شك أنك علمت أشياءً عن الأوتشيها... أشياء تكلف الكثير من المال، أليس كذلك؟

— أخبرنا بما تعرفه يا كاتانا، وأنا أعدك بأننا سنهتم بعائلتك.

أخفض الغريب رأسه وتمتم بصوت خافت:

— من يدري... ربّما تخلّص الأوتشيها منهم.

عقد السنجو ذراعيه وطهّر حلقه ثم تحدّث ثانية بنبرة مهيبة:

— اسمع أيها الشاب. لم تنقذك أختي لجمال عينيك! أنت حيٌّ ترزق بفضلنا. لسنا ندين لعائلتك بشيء، فقد أنقذناك أنت. لست الآن في وضع يسمح لك بالتفاوض!

أطلقت هاما زفيرًا. اقتربت من الجاسوس ووضعت يدها على كتفه.

— لا تسئ الفهم يا كاتانا. نحن في خضم حرب كلّفتنا أرواح إخوتنا وأخواتنا الذّين ضحوا بأنفسهم من أجل قضيتنا، وما زالت تسلبنا أحبائنا... نحن لا نفعل هذا من أجل أنفسنا فحسب، بل حتى لا يعاني أمثالك وعائلتك من ظلم الأوتشيها! نحن نقاتل من أجل العدالة في هذا العالم. من أجل أن يعمّ الحب والسلام! قد تبدو هذه المعلومات عديمة القيمة لك، لكن بالنسبة لنا ولهذا العالم... فهي تعني الكثير!

أومأ كاتانا برأسه وانهمرت دمعة من عينيه شقّت طريقها على أنفه. لا يكفي أن يتظاهر بتأثره، عليه أن يخبرها بمعلومات خاطئة ومعقولة في نفس الوقت. فتح فمه، لكن لم يخطر بباله شيء.

— إنهم... الأوتشيها... سوف... لقد سمعتهم...

تلعثم وهو يفكّر.

— سيتحكّمون بـ كيوبي للسّيطرة على العالم!

ضغط الشاب بأصابعه على شفتيه.

«سحقًا! لماذا قلتُ ذلك؟ هل نجح غنجوتسو هاما؟ هذا غير منطقي... أنا أتفوه بالأكاذيب منذ مدّة وختم هيدياكي نيي-تشان يحميني. هل فعلت لي شيئًا بيدها؟ كلّا، كنت سأشعر بذلك... أم أنها...؟»

اجتاح الارتباك وجوه السنجو. تبادل كل من هاما وبوتسوما نظرات الرعب. ملأ الصمت – مصحوبًا بجوٍ كئيب – الغرفة، سرعان ما كسره صوت نانامي المتردد:

— ما هو... كيوبي؟

قال بوتسوما وهو يستدير نحوها:

— هذه معلومات سريّة للغاية، لا تكرري ما سمعته لأحد!

أجبرت الشقراء نفسها على ابتسامة متحفظة وأومأت برأسها. لم يغب استيائها عن هاما التي تركت كاتانا وانضمّت إليها في الجزء الخلفي من غرفة العلاج، حيث وُضِعت أكوامٌ من الكتب على الأرض.

— كيوبي مخلوقٌ مدمِّر يمكن السيطرة عليه بواسطة الشارينغان. لقد استخدمه هيكاكو، الزعيم السابق لعشيرة أوتشيها، منذ ما يقارب الأربعة عشر عامًا لإبادتنا. يقال أنّه قادرٌ على تحويل قريةٍ بأسرها إلى رماد في غضون ثوانٍ. آنذاك، ساعدنا الأوزوماكي... لقد ختموه وعالجوا جرحانا.

شحب وجه النينجا الطبية وتخدّرت أصابعها، فتركت قبعتها تسقط ووضعت يدها على عنقها، تفكّ أزرار ثوبها الخانق.

— فهمت.

— سيحدث إفشاء هذه المعلومات فوضى في صفوف جيشنا. لذا علينا التحقق من صحتها أولًا.

— لا تشغلي بالك، لن أخبر أحدًا عن الأمر.

2.

اجتمعت عائلة نانامي حول مائدة مفروشة بالأطباق، أرز متبّل بالكاري باللحم والجزر، ومرق ميسو بالفطر والبصل، وسلطة الملفوف الأبيض. أضيئت غرفة المعيشة بالعديد من الفوانيس، لكن غمرها جو بارد. حوّلت النينجا الطبية نظرها من النافذة المطلّة على القمر إلى شقيقها. فرز أكيناري قطع الجزر بعيدان الطعام، ولم يترك أيًا منها يجد طريقه إلى فمه. وبّخته قائلة:

— أنت لا تتناول وجباتك كما ينبغي، لهذا خسرت اليوم!

زمّ الصبي الأشقر شفتيه عابسًا، وتحولت عظام وجنتيه إلى اللون القرمزي. حدّق والد نانامي في ابنه من زاوية عينيه.

— نانامي، دعي أخاك وشأنه.

تتركه وشأنه؟ هل هي قادرة على ذلك بعد ما علمته هذا الصباح؟ استجمعت شجاعتها وقالت متوسلةً:

— أبتِ، أكيناري ليس مستعدًا للقتال بعد. أرجوك أعد النظر في قرار مشاركته.

صرخ الصبي:

— كفى! أختٌ غبيّة! أنت تحرجينني دائمًا أمام أصدقائي. سبق وأخبرتك ألّا تُحضِري لي الغداء!

— لا تتحدث مع أختك هكذا!

— كيف سينمو جسمك إن لم تأكل بشكل صحي؟

اشتكى الأخ الأصغر بصوت باكٍ:

— أبت! الجميع يسخرون مني بسببها. يقولون لي أختك مفرطة في الحماية.

وضع الأبُ عيدان الطعام، ومسح فمه وشرب كأس الساكي في جرعة واحدة.

قالت الأم بلا مبالاة:

— عزيزي، أترغب بالمزيد؟

— كلّا، شكرًا لكِ يا آيامي.

— نانامي، نظّفي الطاولة وأعدّي شاي والدك.

نهضت الشابة وقبضة يدها وأسنانها مشدودة.

— لا، ابقي! أودّ التحدث معك.

جلست مرة أخرى وشبكت يديها على فخذيها وقلبها يخفق من الغضب الذي ارتسم على وجه والدها. لم يكن جذب انتباه دايسكي مهمةً هيِّنة أبدًا، وقد غدت تتخيل الكلمات تخرج من فمه قبل أن ينبس ببنت شِفَة. تكرار نفس الحجج مرارًا وتكرارًا.

— ما دمت تعاملين أخيك مثل الطفل الصغير، فلن ينضج أبدًا. أرض المعركة هي سبيله ليصبح رجلًا!

— لكن عمره لا يتعدى الثماني سنوات. سيعود جثة هامدة لا رجلًا!

— الشينوبي يعيشون لينالوا شرف الموت في ساحة المعركة دفاعًا عمّا يؤمنون به. هذا هو الفرق بين الرجل والطفل. حياتنا ليست ثمنًا باهظًا لندفعه لتطهير هذا العالم من جنس الأوتشيها الملعون.

— لكن يا أبت... ما تقوله لا يغيّر حقيقة أنّ أكيناري طفل! هذه معتقداتك أنت، لكن ماذا عنه؟ إنه لا يعرف حتى ماهية الحرب ولا من هم الأوتشيها!

— لا يمكنه أن يبقى جاهلًا طوال حياته، إنه كبير بما فيه الكفاية ليفهم. كما أنه يريد أن يشارك في هذه المعركة. أنت الوحيدة التي تخالفيننا الرأي ورأيكِ لا يهم. كنت في العاشرة عندما انضممت إلى الوحدة الطبية، لكنني لم أمنعك. وما زلتِ تفعلين ما يحلو لكِ مع أنّكِ تعرفين جيدًا رأيي حول ذلك...

أخفضت نانامي رأسها في يأس. الكلمات العالقة في حلقها تخنقها. لا جدوى من المجادلة. كيف يمكن أن يكون قلقها – النابع من حبّها الكبير لأخيها – أمرًا سيئًا؟ ماذا بوسعها أن تفعل لتبقى غير مبالية؟

— يمكنكِ الانصراف. ولا أريد أن أسمع أنك حضرت حصة تدريبية أخرى أو أحضرت له وجباته. دعيه يتدبّر أمره بنفسه.

تمتمت وهي غير مقتنعة تمامًا:

— أمرك أبت.

نظرت مدّة وجيزة إلى أكيناري، الذي سرعان ما أشاح بوجهه بعيدًا، ثم جمعت الأطباق في صينية وغادرت الغرفة.

— اغتسل واخلد للنوم. ستستيقظ مع بزوغ فجر الغد. أودُّ أن أرى ثمار تدريباتك.

— حاضر يا أبت.

فعل الفتى الصغير ما أُمر منه دون أن ينظر إلى الوراء. تنفّس دايسكي الصعداء وصبّ لنفسه كأسًا آخر من الساكي.

— فكّرت لو... لو تزوّجها من أحد زملائك فسنضع حدًا لمشاكلها!

— فضيحة واحدة تكفيني... لا يمكنني أن أفرض عليها ذلك.

ابتسمت الأم باستهزاء وقلبت عينيها الزرقاء

— ذاك الشبل من ذاك الأسد! أنت من يشجّعها على العناد والوقاحة بقلة صرامتك.

استقام الرجل وخرج إلى الحديقة متجاهلًا ملاحظة زوجته اللاذعة. انضمت هذه الأخيرة إلى ابنتها في المطبخ. جثت الشقراء تغسل الأطباق في حوض خشبي.

قالت آيامي بصوت عالٍ ونبرة تأنيب:

— لمرة واحدة في حياتك، الطفي بأمك! ماذا ستربحين من كل هذا؟ كم مرة عليّ أن أنبّهك أنّ المرأة الصالحة لا تتذمر ولا تجادل؟ لقد استفززتِ والدك إلى أن صبّ غضبه علي. أنتِ سعيدة بفعلتك، أليس كذلك؟

واصلت نانامي عملها دون أن تحرّك ساكنًا. أمسكت أمها ذراعها بغضب وأجبرتها على الالتفاف. انزلق طبق خزفي من يديها وتحطم على الأرض. صرخت أيامي في وجهها:

— أجبيني عندما أتحدث معكِ!

قطّبت النينجا الطبية حاجبيها الكثيفين، مما زاد من حدّة الغضب في عينيها الزرقاوين مثل المحيط الهائج. وقالت ببرود:

— ضقت ذرعًا من هرائكم جميعًا، هوسكم يصيبني بالغثيان.

تراجعت الأم خطوة إلى الوراء وعيناها تدمعان.

— لماذا تكرهينني؟ أتريدين أن أموت؟ أخبريني، هذا ما تتمنينه، صحيح؟ أن أختفي من حياتك، أليس كذلك؟

أغمضت الشقراء جفنيها وملأت رئتيها بالهواء. ربتت على كتف أمها ومسحت خديها.

— لا تقولي أشياء كهذه يا أماه، بالطبع أحبكِ.

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top