5.2. هاما
أرض النار – نطاق عشيرة سنجو
3.
في قصر الزعيم، فتحت هاما الباب المنزلق لغرفة الشاي ودخلت لتجد أوياما وابنه الأكبر بوتسوما جالسين، متقابلين، يلعبان الشوغي.
— أبتِ، لقد عدت!
رفع زعيم السنجو عينيه السوداوين الثاقبتين إلى ابنته، وامتد فمه النحيف والمحاط بالتجاعيد في ابتسامة ترحيبية.
— أهلًا بعودتك، هاما-يو.
جلست الجندية، وقد استبدلت زيها القتالي بكيمونو أرجواني وقصّت شعرها، بين والدها وأخيها وشبكت يديها.
— أحمل لكما أخبارًا سارة من سايمون ميتاراشي-دونو. يقول أن معداتنا صارت جاهزة.
— ممتاز! سنناقش التفاصيل هذا المساء قبل الاجتماع مع القادة. ابق إيساياما على اطلاع.
أومأت هاما برأسها.
— لقد... أحضرت لك هدية أيضًا!
استفسر بوتسوما عاكفًا حاجبه:
— هدية؟
ضحكت أخته الصغرى بهدوء.
— صادفت هيدياكي أوتشيها في طريق عودتي. كان يطارد شابًا جريحًا، فأنقذته وأحضرته معي.
— لمَ فعلتِ؟ ماذا لو كان من عشيرة معادية لنا؟
— ماذا تقصد بلِمَ؟ أنا واثقة أنه يعرف شيئًا مهمًا عن الأوتشيها، هيدياكي لا يطارد أيًا كان!
— ظننت أنك ستخبرينني بأنك تخلصت من هيدياكي! أتسمي تلك هدية؟
تدخل الزعيم:
— بوتسوما-يو! إن لم تخاطر من أجل حماية ملكك فلن تفوز بالمعركة. دع هاما تتولى أمر هذا الغريب. إن كان عدوًا للأوتشيها، فقد يكون مفيدًا لنا. وإن كان عدونا فسنتخلص منه أو نستغله.
— الأمر عائد إليك يا أبتِ، ما أقوله هو أنه علينا أن نكون حذرين.
تنهّدت هاما:
— ليس بإمكانه فعل شيء على أي حال، إنه متضرر بشدة.
***
استلقى جسد كاتانا الهامد على طاولة الفحص. وقفت أمامه امرأة ترتدي كيمونو أبيض، كشفت أكمامها المطوية عن ساعديها النحيلين اللذين بالكاد لامسا صدر الأوتشيها العاري. أحاطت هالة خضراء مضيئة بيديها وتركّزت على الجرح، حيث لم تتبقَّ فيه قطرة دَم. التحمت حواف الجرح الوردية ببطء لتغلق الفجوة بينها.
أخذت السنجو ضمادة مطهرة كبيرة ولفّتها حول جذع مريضها. وضعت أذنها على أجزاء مختلفة من صدره ثم أطلقت تنهيدة خفيفة، فقد طمأنها سريان الهواء في مجاريه الهوائية ونبضات قلبه المنتظمة.
عبر كل من هاما وبوتسوما مدخل المستوصف يسرعان بين الأسرّة الممددة هنا وهناك. عندما وصلا إلى نهاية القاعة الكبيرة، فتحت هاما الباب المنزلق. انفتحت أمامهما غرفة أقل اتساعًا، محاطة بأرفف متعددة تصطف عليها جرار زجاجية تحتوي على أعشاب طبية مجففة وأوراق وكتب.
دوى صوت ابنة الزعيم العذب:
— كيف حاله يا عزيزتي؟
التفتت النينجا الطبية نحو محدثتها وهمّت بالانضمام إليها، نازعة القبعة البيضاء التي أخفت شعرها الأشقر المجدول على شكل تاج.
— حالته مستقرة، لكنه فقد الكثير من الدماء. سيحتاج إلى وقت للتعافي.
— ماذا عن جرحه؟
— لقد طُعن في رئته اليمنى بأداة حادة، مما تسبب في نزيف صدري داخلي. بالحكم على طول وعمق الجرح، يمكنني القول أنه كان خنجرًا. بالحكم على حالة تخثر الدَّم، فمن المرجح أنّ الهجوم وقع قبل أربع ساعات...
— حسنًا، شكرًا على عملكِ الدؤوب يا نانامي.
أومأت الشقراء برأسها بأدب.
قال بوتسوما:
— نحن بحاجة إلى التحدث معه، يمكنكِ الانصراف.
— هو... لم يستعد وعيه بعد.
أشار الرجل ذو الشعر الداكن بذقنه:
— إنه يتحرك!
لاحظت نانامي ارتعاش أصابع كاتانا، فركضت نحوه.
«أين أنا؟ هذا المكان...»
عندما فتح جفنيه، أعمى الضوء الأبيض كاتانا. في خضم تلك الصورة الشبيهة بالحلم، برزت أمامه عينا نانامي السماوية.
«صحيح... أنا مَيْت. هل هذا... ملاك؟»
وضع بوتسوما يده على كتف نانامي ودفعها برفق، ليأخذ مكانها على رأس الجاسوس. سألها بنظرة ارتياب:
— ماذا قال؟
— كلمات غير مفهومة... الدواء الذي أعطيته له يمكن أن يسبب الهلوسة. من الأفضل أن ننتظر حتى يستيقظ يا بوتسوما-ساما.
— لا نستطيع انتظاره أبد الدهر! إن مات، فسنفقد فرصتنا في معرفة ما يريده الأوتشيها منه.
— آنيجا! انظر!
بمجرد أن تبيّنت رؤيته، احتلت هيأة رجل في العشرينيات أو الثلاثينيات مجال رؤية كاتانا، من الصعب الحكم على سنه... العضلات البارزة في كتفيه ورقبته تشهد على خبرته القتالية الطويلة. وقد أظهرت حلكة عينيه البنيتين وحاجبيه المجعدين ملامحه الحادة التي أبرزتها غمازاته وفكه المستطيل.
«أنا على قيد الحياة... يبدو أن خُطَّة هيدياكي نيي-تشان قد نجحت، أنا مع السنجو.»
رنّ صوت هاما الرخيم:
— مرحبًا أيها الوسيم! كيف حالك؟
اتكأ كاتانا على يديه وجلس على الطاولة. تفحص الوجوه المحدّقة فيه، كل واحد منهم يرتدي تعابير مختلفة: وجه بوتسوما مرتاب، ووجه هاما مبتسم بمكر... وعندما التقت عيناه بعيني نانامي الزرقاوين أدارهما إلى هاما بارتباك.
— ما اسمك أيها الشاب؟
— من أنتم؟
أطلقت هاما تنهيدة وشبكت ذراعيها.
— آه، نحن لم نتعارف بعد! اسمي هاما وهذا أخي: بوتسوما.
وضعت إحدى يديها على صدرها والأخرى على كتف أخيها.
— نحن ابنة وابن زعيم عشيرة سنجو.
رفع بوتسوما ذقنه بتفاخر.
— سنجو؟ ماذا تريدون مني؟ أنا لست جنديًا!
سأل بوتسوما:
— ما علاقتك بالأوتشيها؟ ما سنفعله بك متوقف على إجاباتك.
ابتلع كاتانا ريقه، وأصابعه ممسكة بطاولة الفحص. أجاب بصوت مرتجف:
— لا تربطني بهم عَلاقة!
رفع السنجو صوته:
— لماذا كانوا يلاحقونك إذًا؟ أتعمل لمصلحتهم؟ أم... أنك جاسوس لأحد أعدائهم؟
«هذا الرجل مشكاك... وهو لا يبذل جهدًا لإخفاء ذلك، في حين أن أخته... ماكرة؟»
— اسمع يا فتى... الأوتشيها أرادوا قتلك ونحن أنقذنا حياتك. أظنك تعرف المثل القائل: عدو عدوي صديقي. هذا يعني أننا أصدقاء الآن، لا تخش شيئًا، فلا عدو ألدّ للأوتشيها أعظم منا!
صاح كاتانا وهو يبكي بهلع:
— لقد أرادوا قتلي وهم لا يعرفونني حتى، ما الذي يثبت لي أنكم مختلفون؟ أنا لم أطلب منكم شيئًا! أخبركم أنني لست بجندي، لا أعرف كيف أسدد ديني، لكن...
دفن الأوتشيها أصابعه في شعره الأشعث واستنشق دموعه. ضرب بوتسوما براحة يده المكتب، فاهتزّت الزجاجات التي فوقه، ما أفزع كاتانا.
— ماذا قلت للتو أيها المخنّث؟ أتجرؤ على مقارنتنا بأولئك الشياطين؟ ألديك أدنى فكرة مع من تتحدث؟
— اهدأ يا آنيجا، أنت تخيفه. جديًا، كيف سنكسب ثقته إن واصلت الصراخ هكذا؟
هزت ابنة زعيم السنجو رأسها في استنكار. أمسكت بكتفي نانامي وجذبتها بالقرب من الغريب. نظر كل منهما في عيني الآخر بعيون واسعة. أضافت هاما بحرارة وهي تمسك ذقن الشقراء بين إبهامها وسبابتها:
— أترى هذه المرأة الطيّبة؟ هذه طبيبتنا الجميلة: نانامي. لقد فعلت كل ما بوسعها لعلاجك! نحن السنجو مختلفون عن الأوتشيها. نحن خيّرون، لا نسفك دماء الأبرياء أبدًا، بل نتخلص فقط من الأشرار أمثال الأوتشيها. لهذا نُلقَّب بعشيرة الحب!
«جميلة؟»
بدا له وجه نانامي الذي على شكل قلب بشوشًا دون أن تمتد شفتاها اللتان تشبهان بتلات الورد، لكن شيئًا ما في ابتسامتها أزعجه. فقد بدت عيناها المستديرتان مليئتان بالعتاب... أو الغضب؟ انتابه انطباع بأنها تقرأ ما في نفسه. ومرة أخرى، لم يستطع إلّا أن يشيح بنظره بعيدًا.
»بلى... صحيح... ظننت أنّ القبح متوارث بين السنجو!»
— شكرًا لكِ. أنا مدين لك بحياتي.
— لا داعي لشكري، هاما-ساما هي من أنقذتك في المقام الأول.
طهّرت هاما حنجرتها وابتسامة الرضا ترتسم على شفتيها النحيفتين المزينتين بأحمر شفاه قانٍ.
— والآن وقد تعرفت علينا... هلّا أخبرتنا باسمك؟
تمتم بوتسوما وهو يتكئ على المكتب:
— هاما، بدأ صبري ينفد. انهي الأمر... بسرعة!
— كا... كاتانا.
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top