4.1. اعتراف
ملاحظة الكاتبة: يحتوي هذا الفصل على مشاهد عنف. المعجم كالعادة في التعليقات. قراءة ممتعة!
أكتوبر – ست وعشرون عامًا قبل تأسيس قرية كونوها المخفية
أرض النار – المحيط
1.
تحرك المركَب الشراعي فوق أمواجٍ كالجبال وَسَط الضباب الكثيف. حجبت الغيوم الداكنة القمر المكتمل، معلنة عن ليلة ممطرة. احتمى نوبارا وكاتانا وشينيا في المقصورة، متجمعين حول طاولة يلعبون لُعْبَة الورق التي اقترحها البحار الشاب. صاح كاتانا:
— مستحيل! نوبارا، كفاك غِشًا!
— لم أغش، أنا بارعة!
اشتكى شينيا هو الآخر:
— أعتقد أنك تغشين أيضًا...
أمسكته الشابة من رقبته وضربت خده على الطاولة. سعل الأشقر، وهو على وشك الاختناق.
— قل ذلك مرة أخرى! أيها...
وضع كاتانا يده على فم صديقته وسحبها ليحرر الياماناكا من قبضتها.
— ماذا دهاك؟ إنها مجرد لُعْبَة!
قال كاتانا وهو ينظر في عيني زميلته:
— نوبارا-تشان في مِزَاج سيء اليوم، لا تأخذها على محمل الجِدّ يا شينيا.
أبعدت المقاتلة ذراع صديقها عنها واندفعت خارج المقصورة. متكئين على حاجز السفينة، حدّق شقيقها الأكبر وابنة عمها في الأمواج وهما يتبادلان أطراف الحديث.
— أتشعر بتحسن الآن؟
— أجل، شكرًا لكِ يا هاناكو. خفّ الصداع، لكن رؤيتي لا تزال مشوشة قليلًا. أيمكنك كتابة التقرير نيابة عني من فضلك؟
وضعت الكونويتشي يدها على ساعد رفيقها.
— بالطبع، لا تقلق بشأن ذلك. نم جيدًا الليلة، فقد نصادف أعداءً في أرض النار.
أمسك بأصابعها وأدار وجهه نحوها.
— هاناكو...
— لا تعترض!
— لا تذكري أنني استخدمت المانغكيو شارينغان للتلاعب بذكريات الأوزوماكي.
عكفت هاناكو حاجبيها مستغربة.
— لمَ لا؟
— الزعيم لا يعلم أنني أملكه. اكتبي أننا أخضعناهم إلى غنجوتسو. أيمكنكِ الاحتفاظ بهذا السر بيننا؟
— لكن لماذا تريد أن تبقيه سرا؟
— بخصوص ما قلته لك البارحة...
— نيي-سان!
استدار ثنائي الشينوبي نحو نوبارا الواقفة على بعد خطوات خلفهما. سأل هيدياكي بقلق:
— ما الأمر يا نوبارا؟ هل شعرت بتشاكرا غريب على متن السفينة؟
ضحكت الأخت الصغيرة.
— كلا، لم أفعل! أخبرتك ألف مرة أنه ما من أحد على متن السفينة! لم يتبعنا أحد!
— حسنًا... حدسي يخبرني بأنّ هنالك شيء مريب.
أطلقت المقاتلة تنهيدة غاضبة.
— أعطاني كاتانا طريقة لتحسين تقنيتي في السويتون. هلاّ ساعدتني في تطبيقها؟
— ليس الآن يا نوبارا، انتظري على الأقل حتى نصل.
— بلى، بلى، ستفعل! أريد أن أجرّبها الآن ما دُمنا محاطون بالمياه!
رقّ قلب هاناكو لإصرار صديقتها المتوسلة، فوقفت على أطراف أصابعها ووضعت شفتيها على أذن هيدياكي، فاحمر الشاب خجلًا من قرب أنفاسها.
— هيا، ساعدها يا هيدياكي، إنها عابسة منذ ذهابنا، سيسعدها ذلك!
— حسنًا... حسنًا.
قفزت نوبارا بسرور تعانق القائد.
— أنت أفضل أخٍ في العالم!
— هيدياكي... سأذهب لكتابة التقرير، فلنكمل حديثنا فيمَا بعد.
غمزت هاناكو لنوبارا قبل أن تعود إلى المقصورة. ما أن شعرت باختفاء تشاكرا ابنة عمها، عقدت الأوتشيها الصغيرة ذراعيها واستبدلت ملامحها الطفولية بوجه جاد.
— ما الذي تفعله بحق الجحيم؟
رفع هيدياكي حاجبه.
— أنا من يجدر به أن أطرح عليكِ هذا السؤال!
— كنت ستخبرها بكل شيء! تاجيما قال أن نبقيها هي وكاتانا خارج الموضوع.
سألها ساخرًا:
— ومنذ متى تكترثين لأوامر تاجيما؟
— أنا أتفق معه في ذلك. أفهم أنك تحبها، لكن صدقني يا نيي-سان، هي لن تكون في صفنا!
— أنسيتِ ما قالته عند ذهابنا؟ لم تعد لدي شكوك بعد الآن، هاناكو ليست دمية أكيرا، إنها عاقلة وذكية، إنها...
— إنها صديقتي، أنا أعرفها أكثر مما تعرفها أنت. هي ابنته وليست دميته! إنها مخلصة له، مثل كاتانا، وأتفهم موقفها. علينا ألّا نقول لهما شيئًا في الوقت الحالي.
تنهد هيدياكي بعمق واتكأ على الحاجز.
— أنا... لا أريد أن أخون ثقتهما.
ربّتت نوبارا على ظهر أخيها.
— نيي-سان... كيف تشعر الآن؟
— أفضل من الأمس، لكنني استنزفت التشاكرا خاصتي.
— لقد بالغت في الأمر... لم يكن عليك استخدام تلك التقنية صدقني، لا أحد يهتم بوجود أولئك الإثنين... أجل، كنت ضد فكرة التخلص منهما، لكن...
— الأمر مهم بالنسبة لي... من أجل هدفنا. لا أريد أن أكون مثله... قطعًا!
— حسنًا، فهمت. لكن كن صبورًا... بخصوص هاناكو وكاتانا. والآن، يجب أن تساعدني في تعلم هذه التقنية! لا أريد أن أرهقك، سأكتفي بتوجيهاتك.
— اشرحي لي إذن.
ألقت الشابة بنفسها على سطح المحيط وقد ركزت التشاكرا في قدميها، ما سمح لها بالبقاء واقفة بدلًا من الانغمار في الماء. أسند أخوها رأسه على راحة يده ونظر إليها بفضول.
— أحتاج إلى نقل كَمّيَّة كبيرة من الماء من المحيط باستخدام تقنية الاستدعاء لاستخدامها في المعركة بدل تحويل التشاكرا خاصتي إلى مياه. ولكن أريد استخدامها بالتزامن مع تقنية السويتون الخاصة بي. كاتانا ألهمتني هذه الفكرة، لكن لا أعرف إن كان ذلك ممكنًا. ما رأيك؟
حك هيدياكي ذقنه وهو يتأمل أخته التي بدت وكأنها تضمحل في الضباب مع ابتعاد القارب. رمش بعينيه عدة مرات. هل زادت رؤيته سوءًا أم أنّ الضباب صار أكثر كثافة؟
— حسنًا... عليكِ أن تتعلّميها على مراحل. ابدئي بالتحكم في مياه المحيط باستخدام التشاكرا الخاصة بك. هذا من الأساسيات، أي مستخدم للسويتون قادر على ذلك.
سألت بابتسامة بلهاء:
— و... كيف يجدر بي فعل ذلك؟
تنهّد هيدياكي بيأس. هزّت نوبارا كتفيها وعضّت شفتها.
— ما أدراني! تعلم الكاتون لم يكن معقّدًا هكذا!
— الأمر ليس معقّدًا يا نوبارا. انقلي التشاكرا خاصتك إلى الماء، ثم حوّلي طبيعتها إلى سويتون.
صرخت وهي تعصر قبضتيها:
— كان عليك أن تخبرني بهذا منذ البداية!
— ابقي هادئة وركِّزي!
— فهمت، فهمت!
أغمضت الشابة جفنيها وشكلت ختمًا بيديها، تاركة التشاكرا الخاصة بها تتغلغل في أعماق المحيط. وإذا بعينيها تتسعان لدرجة أن مقلتيها كادتا تخرجان من محجريهما. صرخت منادية أخيها:
— نيي-سان! هناك مجموعة من الشينوبي أو القراصنة أمامنا مباشرةً!
— ماذا؟
— شعرت بهم للتو، هناك الكثير منهم!
قفزت إلى القارب وركضت إلى مقدمته، فتبعها أخوها. بالشارينغان، رأى كلاهما سحابة زرقاء من التشاكرا وَسَط الضباب. تساءل الأخ الأكبر:
— تقنية الضباب؟ علينا أن نتأهب للقتال. إنهم يخططون للهجوم!
أسرع الأخ والأخت نحو المقصورة حيث نبّهوا ابني عمهما والبحارين. ودون إضاعة دقيقة أخرى، ارتدوا جميعًا دروعهم وأخذوا أسلحتهم. تساءل كاتانا وهو يربط غمد سيفه في حزامه:
— أتعتقدين أنهم تبعونا من أرض الدوامات؟
— كلا، لكنت شعرتُ بالتشاكرا خاصتهم!
ما أن غادروا المقصورة، حتى ظهر أمامهم من خلال الضباب ظل سفينة اعترضت طريقهم. ركض كل من كايتو وشينيا إلى قمرة القيادة وشرعا في تحويل الأشرعة لتغيير مسار السفينة ومنعها من الاصطدام بمقابلتها.
قفز عشرات الرجال الملثمين على متن المركَب الشراعي وهم يرتدون ملابس سوداء من الرأس إلى القدمين. أشهروا عن أسلحتهم وانتشروا في جميع الاتجاهات. هجم اثنان منهم على هيدياكي من جانبين متقابلين، فقفز بسرعة البرق إلى الوراء متجنبًا هجومهما وتركهما يصطدمان، وقد غرس سيف أحدهما في رقبة الآخر. تمتم لنفسه: اللعنة... من هؤلاء الرجال؟
وقف كاتانا ونوبارا ظهرًا لظهر في حين ركض خمسة رجال ليحيطوا بهما رافعين سيوفهم الحادة عاليًا. تمتمت نوبارا:
—سنتبع خطتي!
—يستحيل أن أدعكِ تواجهيهم بمفردك!
تذمرت تحت أنفاسها:
—سوف تعيق حركتي ليس إلّا. احمِ ظهري أيها الأحمق!
قلّص الأعداء المسافة بينهم وبين الأوتشيها وصوّبوا أسلحتهم نحوهما واحدًا تلو الآخر. قفز كاتانا بين رؤوسهم ومشى فوق ظهورهم ملوحًا بقوس نوبارا.
صاح أحد الرجال المقنعين:
— يا له من جبان!
همّوا جميعًا خلف الجاسوس الشاب فإذا بصوت نوبارا المرح يوقفهم مترددين.
— من الجبان... كاتانا؟
— مستحيل!
كانت المقاتلة مستلقية مثل دودة الأرض وَسَط السيوف المحيطة بها، الملامسة لجلدها دون اختراقه. وقد أمسكت بيدها مِقْبَض منجل مزدوج النصل على شكل مقص، امتدت منه سلسلة حديدية طويلة حبست حلقاتها العريضة رؤوس السيوف كالمسامير على الأرضية الخشبية. بحركة مرنة، تزحلقت نوبارا بجسدها النحيل لتحرر نفسها، وسحبت السلسلة إلى الأعلى بكل ما أوتيت من قوّة. تفرق الأعداء متجنبين أمطار السيوف التي انهالت عليهم. صرخت في نوبة من الضحك:
—مرة ثانية! هيا! هيا! أحضروا ألعابكم!
استرجع المقنعون أسلحتهم واندفعوا بغضب نحو نوبارا، لكن سيوفهم ارتطمت بسلسلتها التي كانت تلوح بها مثل الدائرة، مشكلة حاجزًا منيعًا.
—علينا أن نهاجم من اتجاهين مختلفين. لعبتها مزعجة، لكنها بسيطة للغاية. عندما تحمي يمينها، لا يمكنها حماية يسارها.
مدت نوبارا السلسلة وشكلت دائرتين، واحدة على يمينها والأخرى على يسارها. ردت باستهزاء:
—خطأ!
بينما دافعت عن نفسها من الهجمات القادمة من كلا الجانبين، ركض مقنع آخر نحوها مصوبًا سيفه إلى ظهرها.
—تمامًا كما توقّعت!
اخترق سهم حنجرته قبل أن يبلغ سيفه مراده، فسقط على سطح السفينة وهو يبصق دمًا. ارتجف جل جسده وهو يكافح لاقتلاع السهم من رقبته.
—ما زلتُ هنا!
قطعت ضربة من سيف كاتانا شرايين الرجل المقنع واضعة حدًا لمعاناته.
تسلقت هاناكو الصاري ممسكة بعدة من الكوناي المتفجرة بين أصابعها. في الأسفل، ألقيت جثتان خاملتان تنزفان حتى الموت عند قدمي نوبارا، وعلى بعد أمتار منها، نشبت مبارزة بين كاتانا وعدو آخر. تراجع هذا الأخير إلى الوراء وشكل أختامًا بيده، فإذا بسلاحه يشحن بتشاكرا البرق. تساءلت هاناكو بتوتر: أيحاول أن يصعق كاتانا بالرايتون خاصته عند تلامس سيفيهما؟
ركزت الكونويتشي التشاكرا في ساقيها، ثم تمركزت في مكانها وصوبت نحو رقبة الرجل المقنع، لكن قبل أن تتمكن من رمي الكوناي، قطع منجل نوبارا عنقه وأرسل رأسه إلى المحيط كالكرة. عضت هاناكو على شفتيها وابتلعت ريقها وهي تؤنب نفسها: كيف يمكنني أن أشعر بالاطمئنان أنني لم أقتله في حين حاول قتل أخي؟ أنا مثيرة للشفقة...
تراجَع هيدياكي وهو يلهث حتى اصطدم بحاجز السفينة. واجهه ثلاثة أعداء يقتربون بخطى متسارعة، بدا أحدهم مهيبًا، ضخم البنية، وهو يلوِّح بفأسٍ عملاقة. صر الأوتشيها على أسنانه، حاول قدر استطاعته الحفاظ على وضعه الدفاعي، لكن صدغه دقّ ألمًا وقطرات العرق المتصببة على جبينه فاقمت رؤيته الضبابية. «سحقًا... ظننت أنه يمكنني إبقاءهم على قيد الحياة لمعرفة هويتهم، ولكن إن استمررت على هذا المنوال، أنا من سيفقد حياته!»
بينما هيدياكي يفكّر في حل لورطته، انفجر عنق اثنين من الرجال المقنعين كالبراكين، فتناثرت دماءهما حوله. خلفهما، طارت هاناكو هُنيهة قبل أن تهبط كالقطة على سطح السفينة. انفجر كوناي ثالث أمام قدمه، إلّا أنّ أحد خصومه قد اختفى وَسَط تلك المذبحة.
لوّح النينجا المتنكر بفأسه مستعدًا لشقّ هاناكو المحاصرة بينه وبين الصاري إلى نصفين. تحولت قزحيتا هيدياكي إلى المانغكيو شارينغان وأحاط به هيكل عظمي ضخم شفاف بهالة خضراء فاتحة. مَدّ يد الهيكل العظمي – السوسانو – للإمساك بعدوه، ولكن قبل أن يقبض عليه، انهار جسده المنهك وتلاشى الهيكل المدرّع. غرز أصابعه المرتعشة في خشب سطح السفينة وسالت دموعه الممزوجة بالدماء على خديه. «آسف... آسف... هاناكو.»
بعينيه نصف المفتوحتين، رأى ضخم البنية ذاك يضع فأسه أرضًا. «هل أنا أهلوس؟»
وضعت هاناكو يديها على أذنيها وتشبّثت بالصاري وهي تصرخ.
—هاناكو-سان، لا تخافي! هذا أنا... شينيا.
—دعني وشأني!
وقف هيدياكي على قدميه بصعوبة مستندًا على الحاجز، وهو يشعر بالدوار والغثيان. صرّ على أسنانه عندما رأى كاتانا يحمل جسد الياماناكا الهامد. «ذاك الفتى... استخدم تقنية عشيرته السرية لإنقاذ هاناكو. يا لي من عديم للفائدة!»
فصلت نوبارا شفرات منجلها وألقت بها حول رقبة صاحب الفأس، وما أن فتح شينيا عينيه حتى قامت بحركة قص بسلسلتها. تقاطعت الشفرتان وتناثرت الدماء على وجه هاناكو المذهول.
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top