24. مولد كاتانا

ملاحظة الكاتبة: شرح المفردات اليابانية والمعجم في التعليقات. الصور التوضيحية في نهاية الفصل.

ديسمبر – ستٌ وعشرون عامًا قبل تأسيس قرية كونوها المخفية

أرض النار – نطاق عشيرة أوتشيها

1.

تهاطل المطر على السقف وتدفّق على الإنغاوا. اخترقت صاعقة من البرق الشوجي الضخم وأضاءت ملامح إيري وظهرها المغطى بيوكاتا سوداء تحمل بفخر شعار المِرْوَحَة تحت شعرها الفحمي الحريري. لم يزعج هزيم الرعد نوم الأم الشابة، لكن تاجيما ظلّ يحدّق في السقف، بحاجبين مجعّدين وشفتين مضمومتين. كلّما أغمض عينيه، ظهرت صورة امرأة أخرى في ذهنه. صوتها الرخيم الذي استحوذ على انتباهه. نظراتها الثاقبة برموشها المنحنية التي جعلته يشعر وكأنه كتاب مفتوح. ابتسامتها الساحرة التي تقول أكثر مما تحتمله شفتاها الممتلئتان. إنه يكرهها بكل خلية في جسده بسبب تأثيرها عليه. هو الذي ظنّ نفسه سيّد مشاعره، كيف سمح لنفسه أن يضعف إلى هذا الحد؟

صرّ على أسنانه. لا يمكن أن يسمح بذلك. إنّه محض انجذابٍ عابر. لقد رأى من الكونويتشي ما يكفي لتعمير هذه البلدة، لكن ولا واحدة منهن تقارن بشريكة حياته. صاحبة دربه وحافظة أسراره. ابتلع ريقه، لكنّ مذاق الزَّيف الممزوج بالسذاجة ظلّ عالقًا في حلقه. تردّدت ضحكة ساخرة في رأسه، مصحوبة بكلمات والده: أأنت واثق من أنّك تريد الزواج من تلك المحتالة؟ أنت ابن الزعيم، يمكنك الحصول على أي امرأة أخرى... بل يمكنك الحصول عليهن جميعًا!

شدّ تاجيما قبضته على ذراع شريكته، وبشفتين مرتجفتين قبّل صدغها. لن يجرأ قط على إيذاء إيري. لن يسمح لنفسه بأن يصبح قرينًا لأكثر شخص يحتقره. تحتّم عليه أن يذكّر نفسه بذلك، مرة أخرى هذه الليلة...

مرّت عدّة سنواتٍ على ذلك اليوم، لكنه شعر كما لو أنه مازال يستطيع سماع أصوات والديه وهما يتجادلان، وبكاء هاناكو في مهدها وهو يحاول تهدئتها، ودوي رعدٍ بعد رعد في سماءٍ رمادية ترفرف فيها رقاقات الثلج. ومن شوجي غرفة نومه، رأى أمّه تتشبّث بذراع أبيه وهو مصمّم على الرحيل.

— إن غادرت، أقسم أنني سأقتل نفسي!

أوقف ذاك الصوت اليائس المنكسر والغاضب شعر تاجيما الصغير. ترك لعبة أخته المحبوبة وغادر الغرفة. على الإنغاوا، أمسك آكيرا برقبة زوجته والدموع تنهمر على وجهها.

— أخبرتك أنني أفعل هذا من أجلنا، لِمَ العناد؟

— أوزوماكي! آكيرا، عندما تزوّجنا عاهدتني بأنك ستظل وفيًا لي، ألم تقل بأنني الوحيدة التي تستحق أن تكون أم أطفالك؟ قلت إنك تصاحبها فقط من أجل مصالح العشيرة... كيف لك أن تنجب منها طفلًا وتتصرّف كما لو أنّه أمرٌ طبيعي؟ لقد خنت ثقتي، خنت عائلتك وعشيرتك، لقد دنّست دماءنا. أنا... أنا... أمقتك.

قبّل آكيرا بحنان شفاه زوجته المرتجفة، واضعًا حدًا لعتابها، ومسح بإبهامه أنهار الدموع على وجنتيها.

— ما هذا الهراء الذي تتفوهين به؟ أنا لا أحب سِواك! أنت وحدك من تستحقين أن تكوني زوجتي!

— إذن ابقَ! ما شأنك بنسلها الملطّخ بدماء الأوزوماكي؟ دعها تعود من حيث أتت. في غضون شهر، سنرزق بطفل آخر. إنه ولد، أنا واثقة من ذلك. سوف يكون قويًا مثلك، أوتشيها حقيقي.

جثت أمه تتوسل، وأباه يبتسم. انقبضت معدة تاجيما من هول المشهد.

— ما زلتِ ساذجة يا عزيزتي ساوا... القوى التي سيمتلكها ذاك الطفل هي كل ما أحتاجه، كل ما يهمني! يستحيل أن أدعها تأخذه. إنه ملك لي.

تلعثمت ساوا وهي تفلت ذراع زوجها:

— ماذا؟

— إياك أن تخبري أحدًا بذلك! ولا حتى سايوري، ولا حتى انعكاسك في المرآة!

هزّت ساوا رأسها وعيناها واسعتان. ضحك آكيرا بمرح وربّت على خدها.

— سأرجع قبل موعد ولادتك. إن أحسنتِ التصرّف، فستحصلين على مكافأة كبيرة.

في غمضة عين، اختفى الرجل ذو الابتسامة الساحرة. اقترب تاجيما بتردد من والدته التي وقفت تداعب بطنها المستدير بوجه خالٍ من التعابير. وقعت نظراته على جواربها المبللة بسائل أخضر زيتوني.

— أوكا-ساما... ثوب الكيمونو الخاص بك متسخ!

حدّقت ساوا في البقعة التي تشكّلت بين فخذيها للحظة قبل أن تلتفت إلى ابنها بفزع:

— بسرعة! نادي سايوري وأخبرها أنّ ماء الجنين قد نزل وهو أخضر اللون!

الطفل الذي كان عليه لم يفقه ما معنى ذلك، لكنّ تاجيما شعر بالخطر في صوت والدته. لذا، وبدون أن يضيع دقيقة أخرى للاستفسار، شقّ طريقه عبر الأرضية المغطاة بالثلوج إلى المستوصف، ودخل مكتب سايوري دون أن يستأذن. أسقطت الطبيبة ريشتها من فزع المفاجأة.

— ما هذا يا هذا؟ أين ذهبت آدابك؟

— خالتي سايوري! إنها كا-ساما، تقول أنّ ماء الجنين قد نزل منها وهو أخضر.

تبادلت الطبيبة نَظْرَة حَيْرَة مع زميلتها قبل أن تلتفت إليه.

— متى حدث ذلك؟ هل بدأتها انقباضات المخاض؟

هزّ الفتى رأسه نافيًا، ولكن قبل أن يتمكن من الرد، حزمت النينجا الطبية حقيبتها الجلدية وعبرت العتبة.

— كوهارو، لنذهب!

2.

اختبأ تاجيما خلف الباب نصف المفتوح، وحدّق في الطبيبة بعينين فضوليتين وهي تمسك بقمع معدني فوق بطن أمه. وضعت أذنها عليه، وبعد لحظات، أعلنت بنبرة تأسف:

— طفلك يعاني يا ساوا ولم يبدأك المخاض بعد. لن ينجو. كوهارو، حضري لها بعض شاي التوت...

ردّت الأم وهي تنتحب:

— لا! يمكنكِ إنقاذه! أنا أعلم أنك تستطيعين ذلك!

— سوف أحاول ولكنني لا أضمن لكِ بأنه سيعيش. كوهارو، الشاي...

— حاضر سيدتي.

— كلّا! لن أشربه. لا تستغبيني، أنا قابلة، وأنت تعرفين جيّدًا ما أتحدّث عنه. لن يكون الجنين قادرًا على تحمّل مخاضٍ طويل! يجب أن تستخرجيه على الفور.

نظرت سايوري بحذر إلى حقيبتها على حافَة السرير – حيث حفظت أدويتها وأدواتها الجراحية.

— لا تملي عليّ ما يجب القيام به، أنا الطبيبة، أنا من تقرّر!

أمسكت ساوا بيد سايوري بقوة.

— أرجوكِ، أتوسّل إليكِ!

— قد تموتين أثناء العملية! لا يمكنني المخاطرة بحياتكِ لإنقاذ جنين غير مكتمل النضج وعلى وشك الموت. لديكِ طفلان، وما زلتِ شابة، ستنجبين طائلًا من الأولاد. هذه الأمور تحدث للجميع، هذه هي سنة الحياة!

— لا تتحدثي كما لو أنه مَيْت... أتوسّل إليكِ يا سايوري، أنقذيه، أنا أريده بشدة! بل أحتاجه... سيتخلى عني آكيرا إن فقدت هذا الطفل.

— يكفيك غباءً! ماذا لو فعلت ما تطلبين؟ هل تعتقدين أنه سيعيش طويلًا؟ وأنه سيكون بصحة جيّدة؟ ما الفائدة من المجازفة؟ هل يستحق آكيرا حقًا ما تعانينه لإرضائه؟ تقبلي الأمر الواقع، هو لن يمتن لك أبدًا. بعنادك هذا، جعلت نفسك رهينة في يده. هل فكّرتِ في تاجيما وهاناكو؟ هل أنت مستعدة للتخلي عنهما؟

— أنا أثق بك، لن أموت...

— حمقاء!

ما رآه تاجيما بعد ذلك تركه منعزلًا في غرفته لبقية اليوم. التجهّم البادي على وجه والدته وهي تعض على وشاحها أعطاه فكرة عن شدة الألم الذي شعرت به عندما استخرجت سايوري ذاك الكائن الهزيل المزرق والمغطى بطبقة بيضاء كالزبد من بطنها الفائض بالدم.

3.

تأوّهت إيري في نومها وسحبت قبضة تاجيما من ذراعها. فتحت جفنيها الكبيرين ونظرت إلى الشوجي. توقف المطر وبدأ نور الفجر يبزغ. تمتمت قائلة:

— على رسلك...

ابتلع تاجيما ريقه. لن يستطيع إيذاءها، لن يسمح بذلك. دم آكيرا يجري في عروقه، تلك حقيقة، لكنه مختلف. لقد عاهد نفسه، وأقسم أنه لن يتبع خُطا والده أبدًا. لن يقتدي به في شيء... سيصبح أبًا أفضل وزوجًا أوفى وزعيمًا أنزه وأقسط ومقاتلًا أنبل.

— آسف.

— ماذا يدور في ذهنك؟

— تذكّرت تفصيلًا مهمًا لا أعرف كيف نسيته... أخشى أنّ ذاكرتي تخدعني.

— أي تفصيل؟

— سبب شجار والديّ الدائم.

فركت إيري عينيها وحدّقت في رجلها في حَيْرَة.

— ألم تخبرني أنّه كانت لوالدك عشيقة؟

— بلى، حظي أبي بشعبية كبيرة بين النساء وصاحب العديد منهن، ولكن من المفارقات أنّ أمي لم تذكر سوى واحدة فقط. أميرة من عشيرة أوزوماكي، لطالما أُعجبتُ بشعرها الأحمر عندما كنت طفلًا. حظيت بجمال منفردٍ عن الأخريات، وكرهتها أمي لذلك. والأدهى أنها قد أنجبت ولدًا... لكنني لا أعرف ماذا حدث له. هو في نفس عمر كاتانا، لقد ولدا في نفس الوقت تقريبًا، قبل ثمانية عشر عامًا.

— أتعني أنه ابن والدك؟

— أعتقد ذلك.

— يا للعجب! لديك أخ لا تعرفه.

— الأهم من كلّ هذا، هو أنّ هذا الطفل ليس ثمرة مصادفة. الآن وأنا أرى الأمور من منظور أوسع، صرت على يقين أنّ آكيرا يحتفظ به في مكان ما... إنه ورقته الرابحة. هناك نبوءة في عشيرة أوزوماكي تقول بأنّ أحد أفرادها سيمتلك قوى حكيم المسارات الست ويتحكّم بكيوبي. هذا ممكن فقط إذا امتلك دوجوتسو... أي الشارينغان.

أومأت إيري برأسها.

— أفهم ما ترمي إليه، لكن في مكان ما... مثل؟

— داخل عشيرة أوزوماكي ربما... أو داخل عشيرتنا. لا بد أنّ والدتي قد اكتشفت ولادته بواسطة إحدى القابلات أو النينجا الطبيات آنذاك، وإن كان قد ولد هنا، فلا بد من أثرٍ يقودني إليه.

— سأبحث في سجلات المواليد. لكن أشك في أنّ والدك سيترك أثرًا خلفه.

— أنت محقة.

المعجم


Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top