12.1. ماكي

نوفمبر – ستٌ وعشرون عامًا قبل تأسيس قرية كونوها

أرض النار – نطاق عشيرة أوتشيها

1.

سألته هاناكو بنبرة أرادتها محايدة رغم رعشة التردد في صوتها:

— كيف حالك؟

وضع هيدياكي جرة على الرف ونظر إليها بفضول.

— أنا بخير، لكن عيني اليمنى متضررة، مع ذلك باستطاعتي رؤيتك... تبدين متوترة، ما الأمر؟

— يفترض أن يحمي ختمك كاتانا من غنجوتسو هاما، لكن انتهى به الأمر أن كشف نوايانا.

— أهذا ما يربكك؟

— هيدياكي، ما الذي تفعله؟

عقد الشاب ذراعيه واتكأ على الطاولة. حدقت هاناكو في عينيه مستفسرة.

— عندما تكونين قوية، دعي عدوك يعتقد أنك ضعيفة، حتى يستخف بك ويرخي دفاعه. عندما تكونين ضعيفة، دعي عدوك يعتقد أنك أقوى منه، حتى يشعر بالذعر. إن خاف السنجو منّا وسيطر عليهم الخوف، سيتراجع أداؤهم.

— حقًا؟ أكانت هذه نيتك؟

— كانت تلك إحدى نواياي.

— وما هي نواياك الأخرى؟

— التحقق من هُوِيَّة سارق اللفافة.

تذكّرت هاناكو تقرير أخيها: لم يعلم الأوزوماكي باختفاء لفافة كيوبي حتى أرسل لهم السنجو رسولًا. قالت نوبارا أنّ الدخيل في السفينة قد أخذ مظهرها قبل أن يطعن كاتانا. وقد رأته هاناكو من الخلف، بالرغم من أنّ الضباب أخفى ملامحه، إلا أنها استطاعت أن تتبين شعره الأسود الطويل.

— أتظنه شخصًا من عشيرتنا؟

— احتمال وارد بقوة. من هم الأشخاص الذين كانوا على علم بمهمتنا؟

— لقد تحدّثت إلى ماكي في اليوم الذي سبق رحيلنا. كانت تعلم أنني ذاهبة في مهمة في اليوم الموالي، لكني لم أخبرها عمّا تقتضي. وفي صباح يوم مغادرتنا، قابلت آرايا. هو لم...

أوقفت هاناكو جملتها وحاولت أن تتذكر شكل الدخيل. كان أطول منها، ولكن بسبب الضباب والمسافة التي فصلت بينهما، لم تستطع معرفة جنسه. تلك الصفات القليلة التي التقطتها يمكن أن تنطبق على أي شخص آخر، من الحماقة أن تشك في أصدقائها.

— هذا سخيف يا هيدياكي. لو كان أحد هذين الاثنين، لكانت نوبارا قد تعرفت عليه من خلال التشاكرا خاصته. فهمت ما تحاول القيام به، لكن الوضع ينقلب ضدنا. لقد عزز السنجو دفاعاتهم بعد معرفة هذه المعلومات والقول بأنّنا لا نملك كيوبي هو اعتراف بأنّ لهم الأفضلية. لا أريد التدخل في أمور خارجة عن اختصاصي، لكني لست مقتنعة بحججك... تريدنا أن نتواطأ معك وأن نثق بك، لكنك لست صادقًا معنا.

ابتسم هيدياكي، مما زاد من استياء صديقته.

— سأتناقش مع تاجيما حول خطة لمواجهة استراتيجية السنجو، بالاعتماد على المعلومات التي جمعها كاتانا. ستعرفينها في الاجتماع، لا أستطيع أن أخبرك أكثر من هذا الآن. دعينا نلتقي بعد الاجتماع، سأعطيك مزيدًا من التفاصيل.

أومأت الكونويتشي برأسها.

— هل... أعني، لو أنني وافقت على الزواج منك... هل كنت ستخبرني بخطتك؟

رفع الخبير الاستراتيجي حاجبيه وزمَّ شفتيه ثمّ أجاب بابتسامة صغيرة:

— لا شك في ذلك! أنا لا ألومك وهذا لا يعني أنني لا أثق بك، لكن الزواج مستوى آخر تمامًا من الثقة والحميمية. لو كنتِ زوجتي لشعرت براحة أكبر في إخبارك بأشياء أحتفظ بها لنفسي.

على الرغم من تظاهره بالحيادية، إلّا أنّ هاناكو شعرت بألم في صوت هيدياكي. أدركت يقينًا أنه يواجه وقتًا عصيبًا في تقبّل رفضها. هو يبكي تحت قوقعته الصلبة. لقد أمضت الأيام العشرة التي مرت – منذ أن أخبرها بمشاعره – وهي تتذكّر كل لحظة قضياها معًا. كل شيء أخذ معنى: ابتساماته الخجولة، تشجيعه لها، محاولته العبثية لإغوائها عندما كان ثملًا ليلة زفاف تاجيما. لن تستطيع قياس عمق خيبة أمله، لكنها مقتنعة بأنّ سعادته معها ليست مضمونة.

— فهمت. لقد وجدت صعوبة في التحدث معك عن مهمتي في أرض الدوامات أيضًا، لكنني فعلت... أخبرتني أنه لا ينبغي لنا إخفاء الأسرار في سبيل نجاح المهمة، وأنه يجب أن نضع مشاعرنا جانبًا.

— أجل، قلتُ هذا، لكنني لم أستطع الوفاء بوعدي. ليس لأنني لا أؤمن بذلك، بل كان عليّ أن أفكر وأتصرف بسرعة. لم يكن لدي الوقت الكافي لأشرح لك وجهة نطري، ولو أخبرتكِ بخطتي حينها لعارَضتِها!

التوت معدة الكونويتشي من الغضب الذي انعكس في عيني ابن عمها. وقفت على أطراف أصابعها ووضعت يدها على خده ثمّ ألصقت شفتيهما بلطف. تمتم على فمها:

— هاناكو... ماذا تفعلين؟

عندما لم يحصل على إجابة، انسحب هيدياكي دون أن ينظر إليها. انفتح باب مكتب سايوري خلفهما وخرج منه كاتانا. قال وهو يتفحص وجهيهما المحرجين:

— هل فاتني شيء ما؟ سمعتكما تثرثران ثم عمّ الصمت! ما الخطب؟

— كنا نتحدث عن مهمتك. آسف إن شعرت بالخيانة يا كاتانا. كان الهدف من ختمي حمايتك وجعل السنجو يعتقدون أننا سنستخدم كيوبي. لم تسنح لي الفرصة لشرح نواياي لك، لكني كنت واثقًا من أنه يمكنني الاعتماد عليك، ولم أخطئ الظن. سترى ثمار عملك في الاجتماع.

بابتسامة، عانق كاتانا ابن عمه.

— شكرًا على حسن ظنك بي، نيي-تشان.

— سنتركك يا هيدياكي، سنتحدث مرة أخرى بعد الاجتماع.

ربتت هاناكو على ظهر أخيها واتجهت إلى المخرج، وإذا بامرأة شابة طويلة القامة، ترتدي يوكاتا أرجوانيًا، ذات شعر أسود طويل مصفف في ضفيرة تتدلى على كتفها، تدخل القاعة.

— أهلًا بعودتك يا كاتانا-ساما، أتمنى أنك غير مصاب.

— أنا على أحسن حال، شكرًا لك، ماكي سنسي.

نظرت ماكي حولها، ثم إلى الرفوف حيث رُتِّبت جرر الأعشاب الطبية.

— جزيل الشكر على مساعدتك، هيدياكي-ساما.

— على الرحب والسعة، ناديني هيدياكي فحسب.

قالت وهي تلعب بضفيرتها:

— من الصعب الاعتياد على ذلك.

لم تغب عن ناظري هاناكو الفرحة التي أضاءت وجه صديقتها، وأثارت فضولها، لكن صوت صديقتها الرقيق أعادها إلى الواقع:

— إنه لأمر جيد أنني وجدتك هنا يا هاناكو-تشان، كنت سأمر على منزلك... ننوي إقامة سهرة فتيات الليلة، أترغبين في الانضمام إلينا؟

عضّت الكونويتشي على شفتها. مضى وقت طويل منذ أن حضرت أمسية كهذه. لم تمانع مقابلة صديقاتها، ولكن بمجرد أن يبدأن في الحديث عن الزواج والأطفال، تشعر بعدم الارتياح. نظرت إلى ابن عمها. ما الذي دفعها إلى تقبيله؟ اجتاحها الندم من أنانيتها التي ستنمي آمالًا كاذبة في نفسه. ربما بإمكانها أن تطلب من صديقاتها الأكبر منها بعض النصائح، فوافقت مبتسمة:

— حسن، لم لا؟

— عظيم! خشيت أن تقولي لا!

2.

ما أن وطأت قدما كاتانا غرفته حتى دخلت هاناكو وراءه وأغلقت الباب. سألها وهو يضع حقيبته في خزانة الملابس:

— ماذا قال لكِ؟

— لا شيء أكثر مما أخبرك به. سنعرف المزيد بعد الاجتماع.

— نعم، بالطبع.

— وماذا عنك؟ ما الذي تحدثتما عنه أنت وسايوري-ساما؟ هل أعطيتها الصورة؟

لم تستطع هاناكو منع نفسها من طرح السؤال، ظنّت أنها تخلصت من تلك المشاعر، لكن الرابطة التي نسجتها مع نانامي تعذّبها منذ أن وقعت عيناها على صورتها. فقد عادت إليها الذكريات التي ظنّت أنها دفنتها، ودعت ألّا يلاحظ أخاها القلق على وجهها.

— لا، لمَ تسألين؟

هزت هاناكو كتفيها.

— لا أظن أنّ إلقاء القبض عليها فكرة جيدة. لن يتركها أوتو-ساما تعيش بيننا، سوف يقتلها مثل كل الأسرى.

غطى حجاب من الحزن عيني الجاسوس، لكنه أجبر نفسه على الابتسام. قال بصوت ضعيف:

— أنت محقة. لقد... داوت جروحي. سأكون جبانًا لو ماتت بسببي، أليس كذلك؟

اتسعت عينا الكونويتشي. اعترف ورأسه مطأطئ:

— لقد كذبت عليكِ. رسمتها لأنني لم أستطع أن أكف نفسي عن التفكير فيها. أعلم أنها فكرة سيئة وأنها من السنجو. أنا فقط... لا أدري لم أظلّ أفكّر فيها.

بإيماءة أخوية، لفّت هاناكو ذراعيها حول كاتانا وربتت على ظهره.

— لأنها لطيفة؟

— نعم. هل تساءلتِ يومًا، في مهماتك، لماذا هؤلاء الناس أعداءنا وليسوا أصدقاءنا؟

— أجل، لكنني أعي أنهم يكرهوننا. هم يقولون أشياء فظيعة وخاطئة عنا، ولهذا لا يمكن أن يكونوا أصدقاءنا يا كاتانا! من واجبنا أن نعيد النظام لهذا العالم. إنها مسؤوليتنا لأننا نمتلك الشارينغان. إن اعترضوا طريقنا، يجب أن نقاتلهم... في سبيل قضيتنا الأسمى.

— أعرف كل هذا... لكن في قصتهم، نحن هم الأشرار. هم يكرهوننا فقط لأنهم لا يعرفوننا حق المعرفة.

فكرت هاناكو في كلمات شينيا الذي وصفها وعشيرتها بالوحوش المتعطشة للدماء في حين أنّ زميله فعل بها نفس الأشياء التي استنكرها فاجتاحتها موجة من الكراهية. قالت بحزم:

— هم يرفضون التعرف علينا، بل يفضلون تصديق ما يريدون تصديقه، ومن سوء حظهم... يومًا ما، ستكون الحقيقة واضحة جدًا لدرجة أنهم لن يتمكنوا من إنكارها.

أخذت وجه أخيها بين يديها وحدقت في عينيه.

— أخبرني هيدياكي ذات مرة أنه علينا أن نكون خطرين، لا عديمي الرحمة، وأنا أتفق معه. علينا أن ننتصر في هذه الحرب لنفرض سلطتنا، لكن سيكون من القسوة أن نقتل غير المقاتلين... مثل هذه النينجا الطبية. العالم الذي سنبنيه يحتاج إلى أشخاص مثلها.

ابتسم كاتانا بحنان وقبّل جبهة أخته الكبرى.

— كنت مرتبكًا في الأيام الماضية. أشعر بتحسن بعد التحدث معك. أعتقد أني سأتحدث مع هيدياكي نيي-تشان أيضًا. إجاباتكما تبدو منطقية أكثر من قصص آكيرا عن الأجناس السامية والدنيا، محاولة فهم ما يقوله تصيبني بالصداع!

ضحكت الشابة بخفة.

— لست مخطئًا، لكنه يتحدث عن خبرة. وفي النهاية، هو والدنا، ويعرف أكثر مما نعرفه. هو يريدنا فقط أن نكون مثاليين، لهذا يغضب عندما نخيب أمله، فهو يريد الأفضل لعشيرتنا، ودائمًا ما تجد بعض الحقيقة فيما يقوله، حتى لو بدا كلامه غامضًا. أعتقد أننا ما زلنا صغارًا جدًا لنفهمه.

قلب كاتانا عينيه مستنكرًا.

— لطالما ظننت ذلك، إنه والدي وعليّ أن أتحمله حتى عندما يسيء إليّ. حتى عندما يحتقرني، لا يجب أن أخيّب ظنه أو أعصيه... ثم تحدثت مع تلك الطبيبة التي تمر بمشكلة مماثلة مع والدتها. أعلم أنني أخفقت، لقد فقدنا لفافة كيوبي بسببي ولم أعرف حتى كيف أنظر في عينيه، لكن... لماذا يتجاهل المعلومات التي خاطرت بحياتي لجمعها؟ لماذا يتجاهل جهودي ويجد دائمًا سببا لينتقدني؟

تألم قلب هاناكو. هي تعي أنها لا تستطيع أن تعارض أو تقنع أخاها بعكس ما يقول. هذا النوع من المناقشات مع نانامي هو ما دفعها إلى التمرد على والدها بالتخلي عن مهمتها الأولى لاستعادة لفافة كيوبي، خيارٌ ندمت عليه، ولا تزال عواقبه تعذبها.

— أعتقد أنهما أمران مختلفان. لا تقارن نفسك بها، فأمها لا ترأس جيشًا ولا عشيرة. هذه الأفكار تضعفنا وأوتو-ساما يريدنا أن نكون أقوياء.

أومأ كاتانا برأسه وأطبق شفتيه وهو غير مقتنع تمامًا.

— سأتركك ترتاح.

— شكرًا لك، ني-تشان، عمتِ مساءً.

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top