11. مشاعر مكبوتة
نوفمبر – ستٌ وعشرون عامًا قبل تأسيس قرية كونوها
أرض النار – نطاق عشيرة أوتشيها
1.
صرخ آكيرا وألقى بلفافة على ابنه:
— فعلت ماذا؟
أخفض كاتانا رأسه هاربًا من نَظْرَة الزعيم الصارمة.
— كنت تحت تأثير الغنجوتسو، لم تكن تلك نيتي! لكنني...
— اخرس!
جلس الأبُ في مكتبه يحلّل الوثائق التي أعدها ابنه. وقفت هاناكو على يمينه وقبضت على ساعدها.
تلعثم كاتانا قائلًا:
— جعلتهم تلك المعلومة في حالة هلع. لقد كتبت التدابير التي سيتخذونها وسمّمت أيضًا مخزونهم من الساكي...
— هذا واجبك! أنت لا تفعل ذلك من أجلي. حماقتك هذه تضاف إلى فشلك في المهمة السابقة. سنسوي الأمر لاحقًا. يمكنك الانصراف.
2.
عاد كاتانا إلى غرفته مرتديًا يوكاتا أسود، وهو يمسح شعره المبلل بمنشفة بيضاء. لقد أرهقته رحلته وما زال يتعافى من آثار تقنيته الجانبية، لذا فالشيء الوحيد الذي يشغل باله الآن هو النوم.
رحّب به فراشه الناعم. دفن رأسه في الوسادة وغاص بأفكاره في عالمه الخاص. لو امتلك آكيرا القدرة على قراءة أفكاره، لتبرأ منه. لكن لا والده ولا أي شخص آخر بإمكانه أن يراه هناك، في غرفة العلاج، مع نانامي، تحت ضوء القمر.
دس أصابعه في حقيبته وسحب رسمة النينجا الطبية. حدّق فيها بابتسامة بلهاء، ثم أغمض جفنيه وتخيّل ثانية اللحظة التي أعارته فيها الكتاب. لم تظهر والدة الشابة قط. اجتاحته موجة من الدفء عندما التقت شفتاه بشفتيها.
أسقط الورقة، وامتلأت عيناه بالدموع. ما الذي يفكر فيه؟ أي رجل وقح وعديم الأخلاق هو؟ يتخيل عدوته... بعد كل ما فعله.
نادته هاناكو وهي تطرق الباب:
— كاتانا!
وضع الشاب الصورة تحت وسادته ومسح وجهه.
— نعم، ني-تشان، تفضلي بالدخول!
دخلت الأخت الكبرى الغرفة وجلست بجوار أخيها على الفوتون. سألته بصوت رقيق:
— كيف تشعر؟
هز كتفيه. قالت وهي تعانقه:
— أنا سعيدة بعودتك سالمًا معافى. استجاب الله لدعواتي.
تنحى كاتانا جانبًا وطبع قبلة على جبهة أخته.
— ما العقاب الذي فرضه عليكِ بسبب فشلنا؟
— لا شيء، لقد كرّر خطابه المعتاد، لكنه لم ينزعج مثل اليوم. فاجأني. عرفت أنه كان يدخر غضبه لك. ثم... لقد وعدت هيدياكي بأن أبقي المانغكيو خاصته سرًا، لذا ألقيت باللوم عليك... وفي النهاية، خَتْم هيدياكي لم يقيك حتى.
— لماذا يريد إبقاء قوته سرًا؟
— لا أعلم.
دسّت هاناكو خُصْلَة من شعرها خلف أذنها ونظرت بعيدًا.
— سألته، لكنه لم يجبني بعد. حسنًا... لم أصر. لم أره منذ أن عدنا.
— هل تشاجرتما؟
— إطلاقًا! ما الذي جعلك تفكر في ذلك؟
— أخبرتني نوبارا أنّكما تتواعدان.
تورّدت خدود هاناكو.
— بالحديث عن نوبارا، إنها قلقة عليك، من الأفضل أن تزورها.
ضحك كاتانا بهدوء.
— أنت تتهربين من الموضوع، يبدو أنّ نوبارا على حق! على أي حال، أودُّ التحدث مع هيدياكي نيي-تشان وستأتين معي طبعًا. أعتقد أنّ الهدف من تقنيته هو أن يجعلني أُخبر السنجو عن خططنا، فقد كانت تلك المعلومة الوحيدة التي أفصحت عنها! هذا غير منطقي...
— لِمَ قد يفعل هيدياكي هذا؟ لن يقوم بشيء يؤذي عشيرتنا أبدًا، لا بد من سبب وجيه لفعلته!
— هذا ما سنكتشفه!
نهض كاتانا وعدّل حزام اليوكاتا خاصته.
— من هذه؟
حملت أخته صورة نانامي بين يديها، فانتزعها منها مذعورًا ودسّها في حقيبته. تلعثم قائلًا:
— نينجا طبية من عشيرة سنجو.
— ولِمَ رسمتها؟
— همم... إنها بارعة. إن ألقينا القبض عليها فستكون مفيدة لجيشنا. لدي شيء أعهد به إلى الخالة سايوري أيضًا، فلنذهب.
3.
سار الأخ وأخته في أزقة حي أوتشيها وانتهى بهما المطاف في مساحة التدريب. جلسا تحت شجرة يشاهدان نوبارا وآرايا يتبارزان، هي بمنجلها وسلسلتها وهو بسيفه العملاق.
قال آرايا موجهًا سلاحه إلى رقبة الشابة:
— فُزت!
عبست نوبارا والتقطت سلسلتها. سارت نحو كاتانا وبدون سابق إنذار، لكمته في بطنها. اشتكى وهو يقرص خدها:
— تبًا، لقد آلمتني!
— خسرت بسببك، لقد شتّتت انتباهي!
ضحكت هاناكو على تصرف ابنة عمّها الصبياني. صاح آرايا من خلفها:
— يا نوبارا، ما هذه الضجة؟ ظننتكِ قلقة بشأنه!
تحولت وجنتي الجندية البيضاء إلى القرمزي.
— هذا أمر طبيعي! تخيّل لو اكتشف السنجو هويته وسرقوا عينيه!
— ليس هذا ما كنتِ تقولينه.
— يكفي يا آرايا، اخرس!
انضم آرايا إليهم بهدوئه المعتاد.
— صباح الخير يا هاناكو، أهلًا بعودتك يا كاتانا.
ردّ الجاسوس ساخرًا:
— هل افتقدتني أنت الآخر؟
— إطلاقًا، لكن نوبارا لم تتوقف عن النحيب بسببك، وهذا أزعجني!
انقضّت نوبارا على آرايا وجذبته من شعره، وَسْط قهقهة كاتانا وهاناكو. رفع المبارز الشابة النحيفة على كتفه بالرغْم من ركلاتها ولكماتها.
— أفلتني!
ظلّت نوبارا تئن وتضرب على ظهره فتركها آرايا تسقط على العشب وربط شعره الأسود الطويل.
استفسرت هاناكو:
— هيدياكي في البيت؟ ظننته هنا.
— كلّا، نيي-سان يساعد أوكا-ساما في المستوصف.
4.
وجدت الأخت وأخاها هيدياكي يرتب جرار الأعشاب الطبية على الرفوف، وبمجرد أن رآهما، توقف وحياهما. قال وهو يربت على كتف كاتانا:
— تسعدني رؤيتك ثانية.
— بفضلك ما زلت حيًا أرزق، نيي-تشان.
أجاب هيدياكي بمرح:
— ويحك! قد تسمعك أوكا-ساما.
— أردنا أنا وهاناكو التحدث معك ولكن لدي شيء لها أيضًا.
— إنها في مكتبها.
ثمّ سأل وهو يحدق في عيني هاناكو:
— ما الذي تريدين التحدث معي بشأنه؟
أشاحت الشابة بنظرها بعيدًا والتقطت إحدى الجرار على الطاولة.
— سوف أساعد هيدياكي ريثما تعود يا كاتانا، أسرع.
***
جلست المرأة ذات الشعر الحالك المصفّف بأناقة في مكتبها وسط أكوام من اللفافات والكتب، وأخرجت الغليون من فمها تاركة الدُّخَان يتصاعد من بين شفتيها ذات الأحمر الملتهب.
— أوه، من لدينا هنا؟
قال كاتانا بنبرة مازحة:
— آه، كنت على يقين أنك ستفتقدينني أيتها الخالة!
— أرى أنك افتقدتني أكثر لأحظى بزيارة منك!
كتم الجاسوس ضحكة وتقدّم نحو الطبيبة. قال وهو يخرج زجاجة صغيرة من حقيبته:
— أحضرت لكِ الترياق المضاد للسم الذي يخطط السنجو لاستخدامه. واثق من أنك إن درستِ مكوناته، فستتمكنين من إنتاج كَمّيَّة كافية منه.
أخذت سايوري القارورة وفحصتها على ضوء فانوسها. قالت بلا مبالاة قبل أن تعيد غليون الغليون إلى فمها:
— ممتاز. يمكنك الانصراف الآن.
أثار التغير المفاجئ في نبرة السيدة وعينيها الباردتين المزينتين بالكحل، قشعريرة كاتانا، حتى الزعيم، بالرغم من مزاجه العصبي، لم يخلق هذا الإحساس في نفسه.
— لدي معلومات مثيرة للاهتمام حول وحدة السنجو الطبية.
— لست بحاجة إليها. للأعداء طرقهم ولنا طرقنا.
أحنى رأسه بأدب مستأذنًا وتحرّك نحو الباب، ولكن قبل أن تصل يده إلى المِقْبَض، أوقفه صوت ساوري:
— مهلًا!
نهضت وسارت نحوه.
— ما مشاعرك تجاه ابنتي؟
مشاعره تجاه نوبارا؟ لم يسبق أن سأل نفسه هذا السؤال، فمن البديهي أنه يحبها كثيرًا، بالرغم من منافستهما، ولكن لماذا جعله ذلك فجأة غير مرتاح؟
— إنها... بمثابة أختي الصغرى.
— لكنّها ليست كذلك.
— ماذا تقصدين بأنها ليست كذلك؟ هذه هي مشاعري...
— لنوبارا حلم... لا بل هدف. وهو أن تسير على خطى والدها، هي ترغب في أن تغدو قائدة عظيمة، لكن وجودك حولها يشتّت انتباهها. ضحكتك، نكاتك، حكاياتك... كلها تبعدها عن الطريق الذي اختارت أن تتبعه.
— أنا لا أرى... مهلًا... تظنين أن...
قالت بنبرة ملؤها التأنيب:
— أجل، إنّها واقعة في حبك!
طغى شعور الذنب على الشاب. كلّا، ما تتفوه به هذه المرأة هراء. ردّ عليها:
— لن تتخلى نوبارا عن هدفها من أجلي، قطعًا. إنها طموحة للغاية.
— عدني بذلك يا كاتانا.
شعر الأوتشيها بمعدته تتلوى تحت وطأة هذه الكلمات. يعدها بماذا؟ أي يد له في مشاعر وخيارات ابنة عمه، أيان ما هي، لن يستطيع التحكّم فيها.
— لا أفهم ما المطلوب مني... أنا...
— أليس الأمر واضحًا لشاب ذكي مثلك؟ توقف عن تغذية آمالها العقيمة. اخرج من حياتها!
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top