10. الرسمة

أكتوبر – ستٌ وعشرون عامًا قبل تأسيس قرية كونوها

أرض النار – نطاق عشيرة سنجو

1.

قال بوتسوما:

— ها هو ذا اقتراحي: سنحفر شبكة من الخنادق تحت الأرض ونعززها بأعمدة معدنية وننقسم إلى ثلاث فرق. الأولى تضم النخبة، سوف تواجه كيوبي وتحاول شلّ حركته باستخدام تقنيات الدوتون. الثانية هي الأكبر من حيث العدد، ستواجه جيش أوتشيها. أمّا الفِرْقَة المتبقية فتضم مختصي العمليات الخاصة، سيسلكون الطريق تحت الأرضي ليحدّدوا موقع قيادة الأوتشيها ثمّ يهاجمون زعيمهم بخطة محكمة ويجبرونه على فك سيطرته على كيوبي. ما رأيك أيها زعيم؟

تفحّص أوياما الوجوه المرتبكة للقادة الجالسين على جانبي قاعة الاجتماعات السرية، وشفاههم المضمومة تكتم الكثير.

— هاما-يو.

أومأت مستخدمة الغنجوتسو الجالسة على يسار والدها.

— أظنّها فكرة سديدة، لكننا أنفقنا طائلًا من الأموال على الدروع الجديدة. إن أنفقنا المزيد في سبيل تحقيق هذه الخطة، فحتى لو فزنا في المعركة، سنخسر في النهاية.

ردّ عليها بوتسوما بتوتر:

— خسارة معتبرة أم خطر محدق، أيُّهمَا تفضلين؟ أوّد سماع اقتراحٍ أنجع إن كنت لا تشاطريني الرأي.

تدخل إيساياما بصوت هادئ:

— لدي اقتراح.

أعطاه الزعيم الإذن بالكلام:

— نعم، كلنا آذان مصغية.

— بالإضافة إلى الخسائر المالية، ستكلفنا هذه الاستراتيجية الكثير من الأرواح والمواهب، فلا فرصة لنا في مواجهة كيوبي حتى وإن كنّا من النخبة. هذا ليس قتالًا تتساوى فيه فرص النجاة والموت، إنه انتحار جماعي.

أرعد بوتسوما:

— إذن أنت تقول أنّ جنودنا جبناء غير مستعدين للتضحية بأنفسهم لوضع حدٍّ لهذا الرعب. لا أمانع إن لم تساندني، أنا مستعد لمواجهة كيوبي وفخرٌ لي أن أقود المقاتلين الشجعان الذين يريدون إنقاذ العالم!

— ما أقوله هو أننا بحاجة إلى إيجاد حلٍ أقل تكلفة. وللإجابة على سؤالك، أنا لست مستعدًا للتخلي عن طفلي الذي لم يولد بعد وتركه يعيش في مجاعة.

— ماذا تقترح إذن؟

— إن تخلّينا عن الإقليم الشمالي الغربي، فلن يعود هنالك سبب لوقوع هذه المعركة.

ثارت ضجة في الغرفة. طهّر إيساياما حنجرته وتحدث مرة أخرى:

— أقترح أن نبلغ الأوتشيها بقرار انسحابنا. سنطلب رسولًا للاتفاق على الشروط، ستخضعه آني-وي لغنجوتسو قوي وبمجرّد أن يعود إلى عشيرته سيعمل جاسوسًا لنا ويسمح لنا باستعادة اللفافة دون إراقة قطرة دم.

ردّت عليه هاما:

— إنها فكرة لا بأس بها، لكن احتمال فشلها كبير. لقد أخضعت الأسرى سابقًا لغنجوتسو لأستخدمهم جواسيسًا، لكن الأوتشيها قتلوهم في مكان لقائنا. لن يواجه آكيرا مشكلة في التخلص من الرسول حالمَا تنتهي مهمته، فهو لا يثق في أحد، حتى لو كان شخصًا مقربًا منه مثل تاجيما. هذا الرجل عديم الرحمة، يقال أنّه قتل أخاه وزوجته في سبيل تطوير الشارينغان الخاص به.

أجاب إيساياما بحزن:

— فهمت.

— ولا تنس أنه إن سيطر الأوتشيها على الإقليم الشمالي الغربي، فسنفقد سبل التجارة مع أراضي الشلال والعشب والأرض والحديد. لا يمكننا السماح لهم بحصرنا، هذا الإقليم مهم للغاية.

أحنى أصغر الأشقاء رأسه وشبك يديه. هو قطعًا لا يريد البقاء تحت وطأة الأوتشيها، لكن هل الموت وحده السبيل للخلاص؟ لقد نجا من معركة تلو الأخرى وهو يتطلع إلى اليوم الذي سيضحي فيه بحياته من أجل عشيرته، ولكن منذ أن علم أنّ زوجته حاملًا، أصبح القلق رفيقه الدائم وصار يبحث دون كلل عن سبل أخرى للخلاص. فهو لم يعد يعيش لنفسه، شخصين آخرين يعتمدان على وجوده. دوّى صوت الزعيم الهادئ في الغرفة، وأخرجه من أفكاره:

— سنصوت. من يؤيد استراتيجية بوتسوما؟

رفع إيساياما رأسه. رفع جميع القادة أيديهم. ابتسم شقيقه بفخر، لم يواجه يومًا مشكلة في فرض آرائه حتى على الزعيم نفسه. بوتسوما مؤمن أنه دائمًا على صواب، وكلمته فوق كلمة الجميع.

2.

أرض الأمواج – نزل نجمة البحر

رفع كاتانا دلوًا ملأه من البئر وحمله إلى الطابق العلوي. دوى صوت أنثوي من الطابق السفلي:

— آنيكي، أسرع!

تنهد الأوتشيها تنهيدة ونقع منشفته. مرّ أسبوع على وصوله إلى هنا، وقد تبعه أحد السنجو عن كثب. رأى لمسة هاما وبوتسوما في ذلك، ولهذا لم يستطع العودة إلى عشيرته.

لم يحمل في جيبه فلسًا واحدًا، وادعى أنه فقد محفظته، فعرض المساعدة في الأعمال المنزلية لدفع أجر إقامته. صاحبة المكان وابنتها تعرفانه، فليست المرة الأولى التي يزور فيها نزلهم. لم يبق أمام الأوتشيها الذي أزعجه الموقف سوى أن يؤدّي دور المعيل والحامي لهاتين المرأتين، على أمل أن يبتلع مطارده الطعم.

فتح النافذة على مصراعيها، تاركًا هواء البحر المنعش يتدفق إلى الغرفة. لفّ منشفته ومسح بها الأرض. غادر السنجو هذا الصباح فأصرّ كاتانا على تنظيف الغرفة التي شغلها. فتّش الأوتشيها في أدراج الخزانة ولكن الزائر لم يترك أثرًا وراءه.

سألت شابة أمام المدخل:

— هل انتهيت؟

نظر كاتانا حوله.

— نعم، نعم... كل شيء نظيف هنا!

— حسنًا إذًا، الطعام حاضر.

— أيمكنك إسدائي خدمة؟

اتسعت عينا الشابة العسليتين.

— ما هي؟

— أحتاج إلى حبر وورق.

عقدت ذراعيها وحركت شفتيها.

— شرط أن ترسمني!

تذمر كاتانا في نفسه: هذا ما كان ينقصني.

— حسنًا، لكِ ذلك.

ابتسمت الفتاة وهي تلعب بضفائرها البنية.

3.

تأمّل كاتانا الصورة التي رسمها للتو تحت ضوء مصباحه. امرأة لا تشبه ابنة صاحبة النزل في شيء. زاد توقه إلى التحدث إليها، إلى رؤية ثغرها الباسم، وسماع ضحكتها... ولكن قطعة الورق هذه ظلت وستظل جامدة، لن تستمع إلى رأيه عن الكتاب أو تجيب على تساؤلاته، لن تتحرك هاتان الشفتان الرقيقتان ولن تلمع هاتان العينان الواسعتان.

جاء صوت الفتاة الرقيق من خلف الباب:

— آنيكي! أواثق أنك لست بحاجة لرؤيتي؟

— لا. أحتاج فقط إلى التركيز.

سمعها تتمتم متذمرة وتنزل الدرج. وعلى غير عادته، أخذ ورقة أخرى وراح يرسم وجهها المستدير، وعينيها اللوزيتين، وشفتيها الممتلئتين وشعرها المجعد. راضٍ عن النتيجة، ترك المكتب وجلس على الفراش. عضّ إبهامه، وأدى أختامًا يدوية، ثم وضع كفّه على الأرض، فظهر عدد كبير من طيور السنونو حوله.

شبك الأوتشيها كلتا يديه في خَتْم وفعّل الشارينغان محدقًا في عيون الطيور. تصببت قطرات من العرق على جبينه وازدادت بشرته شحوبًا، وبعد دقائق، فقد وعيه على البطانية واختفت طيور السنونو.

***

حدّق كاتانا في السقف المضاء بوهج مزرق. كم ساعة نام؟ رأسه يؤلمه بشدة. تشبث بالملاءات ونهض بحذر، كما لو أنّ دماغه سينفجر عند أدنى حركة قوية. كم من الوقت سيستغرقه الأمر ليعتاد على الآثار الجانبية لهذه التقنية؟ لقد مرت خمس سنوات منذ أن تعلّمها، لكن الألم استمر في الظهور إلى جانب الصداع، والدوار، والغثيان.

أخذ ورقة أخرى وغمس قلمه في الحبر. قد لا تسمح له حالته بكتابة تقرير لا تشوبه شائبة، لكنه أضاع ما يكفي من الوقت، عليه الآن أن يوصل المعلومات التي جمعها عن عشيرة سنجو إلى بأسرع ما يمكن.

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top