[ إمرَأة الأثر لامسَت رجلَ الفعل.]


γυναίκα του ίχνους άγγιξε τον ρήμα άνδρα]

- ملاحظة: لما تتكلّم نوڤالي و هايزل مع بعض فتكون بالإنجليزي و مع الآخرين يوناني.
إذا تكلموا إنجليزي مع شخص آخر رح وضّح هالشي.

نوڤالي:

ولادَة نجمٍ جديد.

____________________

|

واجهَت السقف بوجهٍ خال، زفرَت، تنهّدت، شابكَت ساقيها العارية حول ملائة السرير القطنية.

كان صوتُ المروحة هادئ و الشعور كذلك.

تستَطيع سمَاع هايزل غرايس تَعود لغرفة نومهما المشتركَة حيث غادرت للحظات تحضُر مرطبات أو مشروب ما.

هذا الجنَاح الواسع يمتلِك نافذة كبيرة تطلُّ على منظر للأحياء الملونة و الخط المائي للبحر في الأفق.

الأثَاث، التلفاز المكعبي و صوتُ الأغاني السريعة بإيقاعٍ 'مزركش،
الرواق و المخرج..

كان كلّ شيء كما كان سابقا بسنوات،
لكنّها لم تعد تلك الفتَاة من السَابق بعد الآن.

-- لا أفهَم لما الفضول، أعني..
يبدو أنه أرَاد العبث فحسب.--
تقول هايزل فتستَقيم نوڤالي جالسة، تجمعُ لها يديها و تضعُ كوبا من عصير البرتقال بينهمَا تساعدهَا على إمساكه.

-- شكرا..

حسنا، ليسَ فضولا بقدرِ ما يستهويني أمره.
أنتِ متأكدة أنه نفس الفتى؟--

ترتَشف هايزل من قنينتهَا و تجلِس على الأريكة البندقية جانبا.

-- نعم، نعم، أخبرتكِ أنه نفسه من المينَاء.
الوقح بينهُما، و لا عزيزتي هو ليسَ فتى،

هو قرد.--

ضحكَت نوڤالي بصخَب ما جعَل اوسكَار غراي يستَفيق من قيلولتهِ فوق سريره الخاص قربها.

-- همم، أتسائل منذُ ذاك ما قصدهُ
بـ أراك مجددا؟--

تقول نوڤالي و الأخرى ترفع كتفَيها مرة ترتوي من مشروبها.

-- القرود تحبُّ العبث، أخبرتكِ.--

-- توقفِ جديا، الأمرُ بدى أكثر من عبثِ صبية.
ثمّ ما فُرص وجوده بالفندق؟--

-- نوڤالي أنا أعرفكِ، أنت لا تفكرين هكَذا.
ماذا حدث؟
ربما يعرف من تكُونين و يود العَبث أو الإستغلال حتى، هو موظف توصيل،
هذا ما يجبُ أن تفكرِي فيه و ليس الفضول
حولَ غريبٍ مريب يظهرُ فجأة.--

كيفَ ستخبرهَا أنها الفكرة.
فكرة أنّه يعاملها بطريقة عادية، لا قلق، لا توتر، لا خجل أو شفقة.

-- هو لديهِ يخت! ما الذي سيستغلُّه بي؟
قدرتِي على الضحك دون صوت؟--

بحَثت نوڤالي عن المنضدة قرب رأس سريرهَا و وضعت الكأس فوقها تستَلقي مجددا لنُسيمات المروحة.

-- و هذهِ أيضا،كيفَ لموظف توصيلٍ أن
يمتلك يختا؟--

تنهّدت هايزل تُعلمِها أن:

-- سألتُ خالي، قال أن الكثيرين قدمُوا و لم
يتعرّف عليه.
غالبا هو منحَرف ملاحق. --

-- إلهِ توقفِ.--
ضحكَت نوڤالي حتى كادت تختَنق فذابَت جدية هايزل نحو ضحكها هي الأخرَى.

أرجَأتها لاحقا هادئَة.

-- صفِيه لي..--

--نتحدّث عن الفتيان؟ هل هذَا ما آل إليه الأمر؟--

اوسكَار غراي قفَز فوق السرير يستَلقي على بطنها فتداعبُه.

-- حسنا هو بالتَأكيد ليس نوعي المفضل.--

-- واه هذهِ كمية كبيرة من التَفاصيل، ماذا كنتُ لأفعل بدونكِ؟--

-- تواعدين القُرود و تفطرين بحليب الموز علَى الأرجح.

حسنا إليكِ، يبدو في العشرينَات بيد أنّ جسده لا يقول ذلك، أسمر و الشُكر ليس للشمس فقط، شعرُه داكن بظلٍّ بندقي، عينَاه قاصلة كفكّه و طريقة حديثه الوقحة تلك.

لديهِ هالة غريبَة و طريقَة عنيفة في النَظر حوله.
شفاهٌ قابلة للعمل، سيءٌ أنه يدخن.--

كادت نوڤالي تصرخُ لطريقة حديثِ هايزل تلك، تعلمُ أنها تتكلم بيد واحدَة الآن تحديدا.

-- و لما ليس نوعكِ المفضل؟--

-- هو أقصَر مني.

لو لم يكُن اوسكار غراي يثبّتها لوقعت نوڤالي أرضا بينمَا تقهقه.

-- مدونة "معاناة طويلة".

عندمَا لاحظت هايزل مزاجَ نوڤالي المعتدل اتخذت القرَار بالإفصاح عن:

-- لقَد اتصلت بي والدتكِ، تودّ الإطمئنان.--

أعادَت نوڤالي ملامحِها الهادئة، تزخَر ثناياها حينَها بشتاءٍ بارد، عاينتهَا هايزل دون حديثٍ.

-- ضعيهَا في قائمة الحظر.--

______________________

|

جهاز التحكّم بيده منذ مدة، يغيّر و يغيّر القناة تلو الأخرى بيد أنه لَم يكن يبحث عن شيء محدد.

عار الصدر،و الساقين حدّ الفخذين.

حرَارة جوِّ اليوم تكَاد تفور لهَا الرؤوس، و المكيّف قد أُرهق سرِيعا لكِبر هذه الصالة.

يستَلقي على أريكته مقابلا التلفَاز، يناظره نعِسا يشعُر بالخمول.

-- صباحُ خيرِ بعد الظَهيرة لكَ يا غالي ساهر الليَالي و..

ما الذي فعلتُه لأستحقّ هذا المنظر المقرف؟--

كانَ ذاك رييه قاصدََا نقص احتشَام الآخر، يمتلكُ مفتاح هذه الشقة كما يمتلِك مفاتيح كلّ الأماكن التي لإليثيان ما عَدا مشغَله.

لم يلتَفت النحّات له أو يُفاجأ، أكمَل تغيير المحطَات يجيب:

-- دخَلت دون قرعِ الباب، كالعادة.--

همهَم الآخر و وضعَ الأكيَاس التي يحملها فوقَ عارضة المطبخِ الذي يُطلّ على الرواق و الصالة و أخذَ ينظّم المشتريات في مكانهَا.

-- ما الذي تفعَله؟--

-- هذهِ شقة البكَاء على الأطلال، أعلَم أنك بدون طعَام بمجرّد حلولكَ ها هنا..
آهغ، إلهِ ما كلّ علب الآيسكريم هذه؟
جديا بدأتُ أشكّكُ في هويتك الجنسية،
الرجَال يذهبون للصَيد عند اضطراب هرموناتهم. --

استَقام الآخر عند ذلكَ الحد و الهوَاء ضرَب عريَّ ظهره أخيرا.

-- هل هذا...
أحضِر بنات اليونَان أجمع إلى هنا حبي،
إحرص علَى إغلاق النوافذ إحتراما للجيران.--

أخفَض رييه رأسهُ يوقف ما يعبثُ به في الثلاجَة، تخصّر و واجه صديقه الحائر فقد كانَ ينتظر منه القهقَة و المتابعة في ذلك.

-- لقَد رأيت غلاف المجلّة صحيح.
هل هذَا سببُ انعزالكَ هنا إليثيان؟--

ابتَلع المُخاطب شفته السفلَى داخل فمه، عينَاه أصبحت وعرَة ثمّ رما نفسهُ في مكانه مجددا.

-- ليسَ تحديدا، كنتُ قد علمتُ من أزاليس قبلَ إصدار صورهمَا معا.
أتعلَم ماذا؟
لم أشعرُ كما توقعت من نفسِي أن تشعر.
هل هذا منطقي؟--

صوّب عيناه نحو رييه فأومأ له و أغلَق الثلاجة يتوجّه للجلوسِ قرب إليثيان الذي ابتَعد يترك له مكانا.

-- هيا.. أنتَ لست طبيعيا منذ مدة،
أخرِج ما بجوفك.--

-- ما بجوفِي؟

لنتخَطى هذا الليلَة، أفلا؟--

نظَر جانبِه و بعد أن حمَل كلّ الجدية في ملامحهِ تحولت حين التَفت مجددا لإبتسَامة طويلة مستفزّة.

-- ثمّ.. لدي فكرَة، دعنا نتصّل بأزا و نعبَث بأعصابها.--

تفهّم رييه الأمر و قهقَه يُظهر تحمسا، نهضَ الآخر متجها للأكيَاس،هو متأكد أنّ صديقه قد أحضر بعض الجعة و حين وجَدها حمل القارورة و غادر يُحضر قميصا له.

تركَه دون تزرير و ارتَدى سروالا يصلُ لركبته.

ابتَلع نصفها لعطشهِ و أخبَر رييه بينمَا يحضّر الفطور و الغداء الذي لم يتناولهُما بعد، راقبه الآخر قليلا ثمّ مثل انشغالهُ بالأخبار كمَا يمثّل إليثيان رغبتَه بالمرح.

ربما.

-- صحيح، لم أخبركَ ما حدث منذُ يومان..

-- إن كانَ شيئا غريبا فأرجوك، لا تُخبرني. --
قلَب النحات مقلتَاه.

-- ألا تصمُت، لا..
التَقيت بفتاة المِيناء مجددا، و كلبَاها.--

كَان يملأ الوعاء بالماء مبتَسما كثعلب.

-- حقا؟ هذا سحرُ أثينا.
أرجوك أخبرني أنكَ لم تفعَل ما أظنكَ قد فعلت.--

--آه لا إطلاقا، كنتُ لبقا و عرَضت عليها سيجارا.

تذكُر تمثال "حبيبة البحر "؟--
وضعَ الوعاء فوقَ النار و أغرق السباغيتي بهِ و قد بدى صوتهُ أبعَد فاقتَرب رييه للمطبخَ كون الأخبار مملة.

-- الفتَاة التي راقَصها وشاحها؟--

قال بأخفَض طبقة لصوتهِ و إليثيان استَدار نحوه يومأ، عينَاه ركّزت بمكان واحد و هو المغسلة.

--تلك..
التمثَال كان إهدائا لهَا، أو و أقتبسُ من المحادثة التي لم أتنصّت عليها بالطبع:
شخصٌ لم تعُد هو بعد الآن.
أظنّ أنها كانت راقصَة تعري بذاك الخصر.--
ضحكَ رييه حتى بانَ ضرسه و ملامحُ صديقه الساكنة في قوله جعلتهُ يضحك أكثر.

-- سأحضّر الصلصَة و أنت إذهب للإستحمَام و لنتحدث أثناء الطعام.--
وافق إليثيان بينَما رييه يُخرج حبات الطَماطم الناضجة من الكيس.

-- آه صحيح،
في المَساء سنذهب لحفل افتتَاح ملهى جينوڤان، لقد دعا كلانَا.
هاتفكَ كان مغلقا لفترة، لقد..
لقد قلقنَا عليك. --

____________________

--لو أنكَ تستثمر الفراغ الذي تشعُر به في تمثَال الميدوسا.--

تقول أزاليس و هيَ تدلف الصالة تنتزِع نظاراتها و تحرّك شعرها الحالك بعيدا.

توقف الإثنَان عن الضحك فبعَد أن أنهوا المناقشة حول علَاقة فتاة كفيفة بتمثَال حبيبة البحر و الصحافة بلا أدنى نتِيجة، انخَرطا في انتقَاد جميع معارفهم.

-- ما الذي تفعلِينه هنا؟--

-- طلبتُ منها الحضور، سنذهَب معا لحفلة جينوڤان..
كالأيَام الخوالي.--

أجَاب رييه عنها و حينها انتَبه النحات لتجهّزها و فستَانها القصير داكن الزُرقة، كَانت مثالية كالعادة و تجيدُ التنسيق بين البسَاطة و البذخ.

-- لم أركِ منذ أسبوع و هذا كلّ ما تفكرين به؟
آح.--

ابتَسم دون رغبة حقا، فقط يُرسل لها معنى واضح.

يقفُ صوبهَا لإحتضانها فتسير ناحيتهُ تعاينُه،
ثمّ أفصحت

-- إن عاملتُك كوالدتكَ فما فائدة لعبي لدور الباردة الجادة الحادة في مثلث الصَداقة هذا؟--

ضحكَ و هو يجمَع كتفيها داخل وِسع ذراعيه و حينَ وضع ثغره قربَ أذنها همس.

-- مجرٌد دورٍ آخر.--

فهمت ما يقصِده، فهمت جيدا حتى نسَت أن تسلّم على رييه.

غادَر النحات لتغيير ملابسهِ فجَلست تريح قدميها من الكعب، أرجأ ريهياس وجهها ثمّ نبس

-- هل أنتِ بخير؟--

-- فقَط لنفعل هذا،
هل أخبرتَه أنهما سيكونا هناك؟--

أبعَد رييه وجهه عنهَا شطرا، مسَح أحد حاجبيه بسبابته و خاطبَها هدرا

-- أريدُ التأكد من أمرٍ ما، أنوي التريّث حينا.
و لنرَ إن كان صادقا.

لم تفهَمه أزا و أرادت الإستفسَار مرة بعد غيرَ أنه أنهى الحديث بإعتدالهِ، وقوفه،
ثمّ ذهابه لمكان ما بالشقة.


|

_______________

-- فقَط لأنّني ذاهبَة هذا لا يعنِي أنكما
انتصرتما.--

تقول زامّة شفتيها المطليتين بدرجَة بين الأحمر و البنفسجي، عينَاها قاصلة الطرَف زاد بهائها بخطٍّ لاينر أسود من الماهرة هايزل.

فستَان ينزلقُ عن كتفَيها و بياضه لامعٌ، كانت تعقِد ذراعيها لصدرهَا فبرز.

استبدَلت النظارات الشمسية بأخرَى دائرية ذات إطار فضيِّ رقيق ناسب الفستَان، صندلٌ أسود بشريط واحد و الطلاء لعشر أصابع حمراء دموية.

بصَرتها هايزل من المقعَد الأمامي و أسنانها جميعا تظهَر، أسدلت شعرهَا و ارتدَت طقما من قطعتين أحمر ضيق و مكياجُها أهدأ من نوڤالي.

و كَان السائقُ للعجب هو خالهَا، بسروال بندقي و قميصٍ صيف مزَرّر عاجي و به رسومٌ متدرجة اللون.

رفعَ شعره ما جعله يبدو أصغر حيثُ الذي شَارف الأربعين يحب الخروج من بذلة المدير سريعا عندمَا تدقُّ الساعة السابعة مساءا.

له سابق معرفَة بجين و بما أنّ كلاهما اختار أن يكون رجلَ أعمال بسن صغيرة فقد امتدّت علاقتهما السطحية لليوم.

-- أنا لا أستطيعِ الإنتظار، نوڤالي فقط استَرخي سيكون هذا ممتعا. ص د ق ي ن ي.--

-- هذَا تماما ما يُقال قبل أن تقَع كارثة
"استرخ سيكون هذَا ممتعا"، ثمّ بوم!
اللحظَة التالية نستَيقظ في كوبا بسلاسلَ حديدية متهمتين بقتلِ الوزير.--

قهقَه الخال و هو يضغَط الدواسة أكثر، تندفع السيَارة فتصرخِ هايزل بحماس و نوڤالي تحاولُ إيجاد شيء تتمسك به.

-- إن كنتِ قلقة بشأن عدّاد ثمالتي فأعدكِ أنني لن أشرب أكثر من خمس أكواب.--
تقول هايزل سعِيدة بذلك و تصفق أخيرا ثمّ تجذب المرآة لتتأكد من مكياجها.

-- آخر مرّة ثملتِ بها من كأسين ثم قمتِ بإرغام أوسكار غراي على شرب الخل لأنكِ ظننتِ أنه دواء زكام بعد أن لاحظتِ أنّ فرائه 'الأبيض' شاحب!
أكرّر الأبيــض.--

-- لا بأس نوڤالي، أنا سأكون حذرا إذا.--
يقترح الخال بإبتسَامته الحذقة تلك فتتنهّد ذات النظارات و تجيبه.

-- بحقّ السماء أنت أسوأ منها، لقَد رميت ساعتكَ و قلت أنك تريد رؤية الوقت يطير!
آهغ، ما كان عليّ القدوم لليونان أصلا، ماذا كنتُ أتوقع من إجتمَاعكما معا..--

بعد دقائق توقّفت الموسيقَى عن التسرب لأذنَيها فرفعَت رأسها تنتَظر صوتيهِما، ذاكَ حين خرجَ الخال من السيَارة و هايزل فتحت الباب قربها تجذبها حذرة.

-- لقد وصلنَا، سندخُل من مكان آخر لأن الصحَافة تستقبل ضيوف جينوڤان من الجهة الأخرَى.--

--فقَط لتعلمِي أنني لم أقصد حركة التمثال.--
يتبَع الخال قول هايزل و رأسُ نوڤالي يلتفت ناحية صوته، ابتَسمت دون حاجة و ألحّت

-- تبريرُ الأمور لا يمحِيها،
لندخل سريعا...--

نظرَ الخال و إبنَة أخته لبعضهِما ثمّ جعَلتها تتبعها ممسكة يدهَا نحو مدخل ما، دقّ الخال الباب ثم ما إن رآه الطرف الآخر حتَى فتحه له.

الموسيقَى الصاخبة للتسعينَات استقبلتهُم مجددا، الأضواء البنفسجية و الزمرديّة تتمايل ذهابا و إيابا كمن اتخذَ ساحة الرقص رغمَ الوقت الباكر.

لم ترَها نوڤالي و على الأغلَب لم تكن لتشعرَ بالراحة لو كانت تفعل، على الجوانب أرائكُ مغطاة بزغبٍ ناعم و طاولات دائرية فضية تتخذّ لون الضياء الذي يحطُّ عليها.

الكثير.. الكثير.. من الفساتين القَصيرة و بذل التسعينات الشبابية.

بارٌ لتوزيع المشرُوبات بجميع أصنافها و كرة عملَاقة تتوسط الساحة.

-- رائع، سأفقدُ سمعي أيضا.--
نبَست نوڤالي عندمَا اقتادهم أحد الموظفين لأريكة في الأعلى تطلّ على ساحة الرقص و هنَاك أخريات جنبها و في الجهة الأخرى كذلك.

شاسع، هذا ما يتصفُ به الملهى.
و لا يبدُو أن ضيوف جين سيتوقفُون عن الحضور بعد.

-- السيد أطلَس سيكُون هنا بعد دقائق.--
يقول الموظّف و يغمزُ هايزل فتفرقعُ العلكة التي بفمها و ترفع كتفيها.

-- هو لم ينتبه بعد أنكِ أطول منه، لا تضعِي نفسك في هذا الموقِف إبنة الأخت. --

يقول الخال بعد أن ذهَب الموظف، فتزمجر هايزل و تشيحُ نظرها عنه عندما ضحكَت نوڤالي و قد استوعبت ما حدث.

تتبّعت هايزل غرايس الموظّف بعينَاها حتى وصل للبَاب الخارجي،

كان رئيسه يرسم أفضل إبتسامته بينمَا أضواء كاميرات الصحافة تلتقط له الصور مع كلّ ضيفٍ يصل.

الأسئلة، الصخبُ، كانت ليلَة صيفية إحتفالية بإمتيَاز في أثينا.

توجّهت عيون الصحَافة مجددا للوافد الجَديد، سيارة قرميزية باهضة الثَمن، و الذين نزلوا منها بدوا كذلك أيضًا.

أزاليس و رييه كانا معروفين للغَالبية فمَن سيأتي لحفل جينوڤان دون جمعِ معلومات عن شلة أصدقائه.

ناقدة فنية و ملحنٌّ موسيقي مشهور، الوجه الثالث يعرفهُ البعض على أنه مستثمر و البعض لم يتعرّف عليه لكنه وسيم و منَاسب للصور لذا التقطوا ما أمكنهم.

بذلتهُ ظلّ من الرمادي، القميص التحتي أسود و قد كشفَ صدره فبدَت أكثر راحة.

رييه كَان بسروال جينز و قميص أسود يناهز رقبته دون أكمام، رفعَ شعره و غمزَ للكاميرا الأقرب له.

يحبُّ لعب دور الفتى العابث رغمَ مرور كل هذه السنوات.

أزاليس كانت تتقدّمهما تمشي بثقتها المعتَادة و قد تخمّرت بإبتسَامة هادئة.

وضَع إليثيان يده بجيبِه و راحَ يدندن كلمَات الأغنية التي تصله من الملهَى، دنا من رييه، بلّل شفته الأدنى بطرف لسانه فتسببت حركتهُ بسقوط إحدى الصحفيات متعثرة.

مثّل التأثر و وضع ذراعهُ على كتف رييه المتضاحك

-- هل تظنُّ أنها ستكون بخير؟--

--ستبحثُ عن هويتك ليومين..--
ضحكَا و التحقا بأزا لينزلَ جينوڤان عن الدرجِ متعجبا

-- إليثيان! لم أعتقِد أنك ستحضر..--

قال بسَعادة و أخذ صديقه الصغير في حضن كونهُما لم يلتقيا منذ مدة

-- لم يعُد أحد يقيم حفلاتٍ مثلك بعد الآن،
ما كنتُ لأضيّع الفرصة.--

يجيبُه غامزا فيمسَح جينوڤان أرنبة أنفه منخفضا يهمس له.

-- فلنأمل أن لا يحصُل كما في السابق، لدي سمعة جيدة لأحافظ عليها الآن.--

-- إنها علامَات النهاية فعلا.--
يقول رييه الذي سمِعهما فيجني قهقهاتٍ صاخبة من جين ثم يحضنه أيضا و أزاليس التي وضعت يدها تشابك ذراعهُ بعد أن عرضها عليها.

-- لقد مللتُ دورَ المِضياف، تيم، خُذ مكاني و أبقوا أعينكُم حية.--

يُخبر مساعده عند الباب ثمّ يدلف و أزا بجانبه و رييه وإليثيان خلفهمَا.

استقبلتهُم الأضواء و صخب الحفلِ مباشرَة، الرؤوس التفّت في حضرتهم كمَا اعتادت أن تفعل دوما لكن هذه المرة السَبب هو مركز الحفل ذاك الذي يرتَدي بذلة كُحلية و يبدو كقطعة من الجنة بإبتسَامة دمثة دبلوماسية.

-- إرفعُوا صوت الموسيقَى لا وقتَ للخطابات المملة.--

صرخَ جاذبا قدحا عندَما هدّأ الدي-جي وقعَ الإيقاع فعادَ الحفل للحياة مجددا.

نظَر للأعلَى فلمح أحد الوجُوه المعروفة، كان يلوّح له و تذكَر إسمه بعد ثوان.

-- لنذهَب للأعلى رفاق، ذاك معجبٌ كبير بميدوسا.--

أرجأ إليثيان الذي أخَذ كأسَا صغيرة من صوانِي الموظفاتِ الفاتنات.

-- هلا نظَرتم لهذَا، يا لي ضيقِ الدنيا.--

قال عندَما تعرّف عليه و على الفتاة الوحِيدة بجانبه، أزاليس عرفَت الرجل لسابقِ لقائهما و رييه عرفَ الفتاة ذات النظارات من المينَاء.

صعدُوا بخطى هادئَة يستمتعون بأجواء الإحتفال و عندَما وصل جينوڤان للطابق الأعلَى توجهت موظفتين لهُ
تأخذن طلبَاته التي تمثّلت بزجاجة شامبانيا.

-- الخَال!--

-- جينوڤان أطلس..
وقتٌ طويل دون رؤيتكَ. --

سلّما ثم تصافح الخال معَ أزا، رييه ثمّ إليثيان و نوڤالي كَانت تُمسك الكأس بين يديهَا هادئة المحيا.

-- هذهِ أزاليس قد التَقيتما قبلا كمَا كانت تخبرني، رييهياس، وإليثيان..
أصدقائي من أيامِ الصبا.--

--آها، تبدو مألوفا هل تقابلنَا من قبل؟--

بعد مصافحة سألَ الخال إليثيان الذي صمَت و نفا أن كلا بإبتِسامة مستمتعة، كانت عينَاه تزور جسد نوڤالي أكثر.

إمتنان لمَن جعلها ترتَدي الأبيض و لمن جعلَه يرى كتفيها و يضيفُ الخطوط لدفتر ملاحظاته ، فكّر.

-- هذهِ نوڤالي، صديقة العَائلة الأعز.
كَانت...--

-- لقَد أتينَا نستَمتع بالحاضر خَال، و ليسَ تذكر الماضي.
سررتُ بلقائكُم جميعا، أعني...--
خطأٌ وحيد، يبدو أنها تتحسّن في اليونانية.

طيفٌ حسر لاحَ بالمكان، أزا و جينوڤان الذين يلاحظان للتو فرَاغ نظرتهَا و حركات جسدها، لم تكن تنظر لهم و هي تتحدث.

تقدّم رييه للكلام لكن إليثيان منَعه ففهم رغبتهُ، نزع يده و اقترَب منها يأخذ كفّها الغضة بين يديه.

-- سررتُ بلقائكِ أيضا،أنا رييه.--

قال و هي ابتَسمت بوسعِ شدقها لفعله، ذاك ما تتمناه من الجميع.

لحقتهُ أزاليس ثمّ جلست قربهَا تعبّر عن إعجابها بفستانها، جينوڤان فعل المثل و قبّل إلتقاء اصبعيها الوسطى و البنصر بعيدا عن خاتم سبابتِها.

عندَما اقترَب إليثيان منَها اختَطفت حواسها رائحة ما، صافحَ يدها سريعا و صدرت عنه

-- مرحبا.--
وحيدة ، ستعلَم إسمه لأنه آخرهم.

استغرَب الجميع ذلك فهي ليسَت طبيعته و نوڤالي تغضَّن جبينها ثم دحرت تفكريها بأمره.

-- تهانِينا للمكان الرائع جينوڤان.--
خاطَب الخال مالك المَكان مغتبطا و الذي كانَ قد جلس بينه و بين النحات يقابلُون رييه و أزا و نوڤالي بنفس الترتيب.

نظرَ إليثيان لساحة الرَقص ريثمَا يتحدث رجلا الأعمَال و هناك رأى هايزل تراقصُ أحدهم و تشرب و كأنّ ليس هناك غد.

إتسعت إبتسامتهُ حين استدار و أزا لاحظتهُ كمَا تلاحظ توتر رييه.

شربوا الشامبانيا و قد اقترَح جينوڤان نخبَا للأيام الخَوالي والبدايات والطريقَ الذي قادهم لليوم و كان إليثيان أكثر المعجبين بذلك.

-- نخبُ ذلك، نخبُه..--
تمتَم.
·

-- تشربون بدوني!--

صرخَت هايزل مكشّرة، لم يحس أحد بها تصعد لهُنا و من جسدها و تصرفاتها كان يبدو عليها السُكر.

زفر الخال يعرّفهم عليها بخجل لكنها لم تكتَرث للآداب كمَا أخبرت النحات يوم الميناء.

تقدّمت من الطاولة و أشهَرت إصبعهَا في وجه  إليثيان الذي لم يحرّك ساكنا أو ينتزع إبتسامته.

-- أنتَ تبدو مألوفا.

قهقهَ رييه بصعوبَة يحاول إيجاد كلام يقُوله و نوڤالي كانت تود رميَ هايزل من الشرفة.

--هل أنتَ جوني ديب؟--

قالت و أسنانها جمِيعا تظهر لسعادتها فإنفجَر إليثيان ضاحكََا عندما حاول خالها جذبها.

-- سيد جينوڤان كم هو طولك؟--
قالت نوڤالي فجأة بينَما الخال يعاني هناك.

-- ماذا؟ أعني.. إنه
مترٌ و واحد وثمانون ،لما؟--

-- جيد، هايزل يمكنكِ الرقص معه
إحتفالا بإفتتاح ملهاه إذا..--

توقفت الأخرَى فجأة و جينوڤان نظرَ للفتاتين ثم وقف، قاست طوله للحفاظ على كرامَتها ثم وافقت فنزلا.

قهقَه الجميع يراقبهما و نوڤالي تنهّدت بتعب، و ردت على الخال الذي شكرها.

وضعَ إليثيان مرفقه يتكأُ على الطاولة، كفه أسفلَ ذقنه و راح يرتشفُ شرابه بالأخرى يناظرها بعنفٍ كمَا سبق و أن وصفته هايزل.

تحمحَمت أزا و فتحَت أي موضوع مع الخال

-- إذا، آمل أنّ التمثال قد لاق إستحسانك؟--

رأسُ نوڤالي تحرك صوبهَا لخصوصية الأمر، و الخال إبتسم يتحدث فخورًا

--لم أتوقع أقلّ من ميدوسا،
شكرٌ كبير لكِ لإيصال كل تلك التفاصيل له آنسة إكالي، لقد انبَهرت بتجسيده لها،
لديكِ دين علي الآن.--

إبتَسم النحّات جانبه، كان يتحدث كمعجبٍ حقيقي غير أنه لا يعلَم أن من يتحدث عنه يجلس هناك.

و قد زارتهُ تلك اللذة مجددا، و وجه نوڤالي و كتفيهَا أمامه تحت الأضوَاء، مذاق الشامبانيا بين أسنانه، حلاوة حدّ الإنتشَاء.

فكّر بشيء ما، لكنه سيكُون صعبا في وجود الخال هنَا قاعدا.

--لا داعِي لذكر ذلك حتى، أعلَم أن ميدوسا سيكُون أكثر من مسرور لتقديم معجبيه عَن أي عمل آخر دوما.--

ناظرَت إليثيان فأشرَقت معالمه ثم التَفت لساحة الرقص مجددا يراقب هايزل و جينوڤان يستمتِعان،
رييه كانَ يبتسم بإتساع و ذراعه على ظهر المقعد.

-- و ماذا... تعلمِين عنه أيضا؟--
فاجأتها نوڤالي مستفسِرة و ذلك جعلَ إليثيان يستدير لها مسلوبا.

-- أجدُه أمرا غريبا، لا بد أنكِ تعرفين من هو؟--

تلعثَمت أزاليس و الخال ضيق عينَاه في وجهها، حيث أنه قد فكر بالأمر من قبل.

-- لا.. هي علاقَة عمل عن بعد فقط.--

شتمت أزاليس النحات الصامَت،كان يرتشف هادئا و يدعهَا في كل هذَا وحيدة.

-- هيا آنسَة، أزاليس...
لا بدّ أنكما التَقيتما قبلا، أعطاكِ إسما، عنوانا،
أعني، هل فكرتِ أنه ربّما يكون جالسا معنا الآن
و لن نعلم.--

بَهت وجهُ رييه بينما كلّ ما حدث لإليثيان هو تجعد طفيف بين حاجبيه و تركيزٌ تام بتلك الفتاة.

تلك الكتلة الصغيرة، كانَت ذكية، لاذعَة و رغمَ أنها لا ترَى إلا أنها تستطيع أن تُبصر أفضل من الجميع.

و الآن عليه التخلّص من الخال.

أشَار بحاجبيه من أزاليس للرجُل جانبه و هي قد استوعَبته سريعا.

-- لا في الواقعِ هو حذرٌ جدا بشأن هذه التفاصيل.
يكُون ما حوله صامتا حينَ يحادثني، و يبقِي جمله بسيطة.--

مدّت يدها للخال فأخذها في كفه ينزلان للرَقص و قد أخبَر نوڤالي بذلك فإبتَسمت له فحسب.

إنخفَض كتفي إليثيان يجمَع أصابع كفيه ببعضِها و يثبّتها على سطح الطاولَة يسرفُ النظر لنوڤالي.

و كانَ رييه يبتهِل حينها أن لا يقومَ صديقه بشيءٍ وقح، مزعج، غريب، غير مفسّر أو في السيناريوهات الأبشع: سافل.

ذاك أنّه يعلم لذاعة لسَانه و آخر لقاء شفهِي جمعه بذات النظَارات التي تقابله هادئة،
أتترقَّب؟

-- ألن تتحدّث؟--

نبَست تجعلهُ يبتلع قهقهته، كانت تلك ردة فعله لمفاجأته المستمرة بها.

-- أنَا رجلُ أفعالٍ آنسَتي، أقدّس الملموس..
لكنّكِ الإستثنَاء حيٌّ، أفلا؟
و لهَذا الشأن بذاته أفضّل الصمتَ و الإستمَاع لكِ.--

شعَرت نوڤالي بحرارة موقفِها تصعد من ركبيتها حدّ الجلدَ العاري لكتفيها فشدّتهما، كان صوتهُ و طريقته في عرضِ الكَلم و صفِّ المعنى.

ذاكَ ما هوّش إطار الثَقة و السلاسَة الذي شغلتهُ هي.

هزهَزت خاتمَ سبابتها بإبهامها ثمّ فاهتهُ بنفس أسلوبه بإحتسابِ أنّ رييه لا زال هنَا.

-- و أنا إمرَأة الأثَر، أقدّس ما علي تركهُ في كلّ محاورٍ و تقَاطع طريق، و عليه.. سيدي...
راغبَة أنا في تحقيقِ مبدئك لنصِل مبدئي.--

رفعَ رييه حاجبيهِ معجبا بما فاهَت، ابتَلع قدحَه و عاين صديقَه بثغرٍ ماكر.

ذاك الذي أرجعَ ظهره لمقعَده يتسَائل هل عقلهُ ماجن أكثَر من اللازم أم أنّها قصدت ذلك.

نظرَ لها بعيونَ نعسة، هادئَة لكنّه قد لمح إرتجافَ يدها التي أخفتها تحت الطاولة.

لم تقصِد ذلك، ليس و كل ما بهَا من توتر.

-- فلنَرقص معََا إذا.--

_______________________

|

بارت طويل بس ليت فيه أحدَاث أكثر.
ذلك أن الأحداث الأقوى في القادم :)

|

س: من يقصد النحات و رييه بحديثهما عن صورهما معا بالمجلة و نحوه؟

س: تتوقّعوا نوڤالي عرفتهم؟ و تخمينكم عن ماضيها؟

• خال هايزل عاجبني بإسم الخال فما رح أقول اسمه ^﹏^

_______________

الشخصيات التي ظهَرت اليوم:

لكم حرية التخيل و لي حرية الإختيار و المشاركة ^_^

[جينوڤان أطلس]

حرفيا مفتونة بإسمه.

+

ما كنت أتوقع تواجد كل هالشخصيات صراحة.

_________

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top