[ أبصَرت حين رآها. ]
[Είδε όταν την είδε]
||
يخوّف أن الاغنية فوق تشبه شريد جوف تمثاله
،ڤايبز التسعينات كذلك لأن زمن الرواية بالتسعينات.
•
__________________________________
لسعتهُ بلمسَة يداها، مسامهُ، التَهب.
و قد صرخَ شيءٌ ما داخله ثمَّ انكتَم...
جوفهُ خوى لوهلَة، و في لحظَة بعد لسعتهُ الشمس و لسعَه الإدراك.
التحسّر، بصرَ جسدَها و تحسَّرت روحه على الجَمال و الشباب المهدُور، و ذلك شعور إنساني فطري.
-- finally you found him./
أخيرا وجدتِه..--
صوتُ أنثويُّ الحواف غارقُ اللُّب صدرَ من جانبه، كانَ صدرهَا يتخبط لتنظيمِ تنفسها.
هو لم ينتَبه لركضهَا صوبهم حتى نطقت، و قد كانَت تحادث الأخرى على ما بدى له.
رييه كانَ قد اختَفى عن سطح اليخت، ينوي النزول إليهم.
-- Not thanks to you, of course.
الشكرُ ليسَ لكِ بالطبع.--
تردُّ ذاتُ النظارات و يدهَا لا زالت تداعب فروَ الكلب الكبير الذي بدى مستسلمََا لها، شدّت لجامه حول يدهَا و استَقامت تزمُّ شفتيها ذاتِ خطوط الشادنجِ.
رقيقَة، غضّة الإهابِ ،مرسومَة الحوافِ.
أنفٌ بسيط بطرفٍ كرويٍّ صغير و قد كانَ أول ما يختطفُ البصرَ، و خداهَا ملساء نزهَة للنظر.
-- Come on! He looked at me with those puppy eyes of his and i
couldn't resist.
بحقّكِ! لقد نظرَ لي بعيون الجراءِ خاصته و لم
أستَطع المقاومة.--
تذمّرت صديقتهَا سرياحَة الطول بقدٍّ مِبطان.
و حتى الآن بدتا منخرطَتين في الحديث و التلاوم على أن تكترثَا لرجلي الطاولة جانبهما ليسَ بعيدا.
تنهّدت ذات النظَارة منهَا مكتفية و أنهت الحديثَ تقول:
-- Well... Hazel, i told you not to fall for it, Oscar grey becomes out of control if you put sugar in his system.
حسنا... هايزل، سبَق و أخبرتكِ أن لا تنخدعي بذلك، أوسكار غراي يخرجُ عن السيطرة إن وضعتِ سكر بجهازه الهضمِي.--
كانَت تشرحُ و أناملهَا تسرّح ظهره و قد التفَّ الكلب حول قدميها و لعَق ركبتها اليمنَى فهدأَ ما بها من غيظ للحظَة لكنّها قصيرة.
-- لماذَا اتهمتِ الموظف بالسرقَة إذا؟--
و القائل لم يكُن هايزل بَل ذاك الذي توارى بظل الصمتِ مطولا حتى فهِم ما يجري حقّ فهمه.
و ربما قد ظنّتا أن الحديثَ بالإنجليزية سيواريهمَا لو أن حولهما تطفلٌ، لكنها كانَت أحد اللغَات التي يتقنهَا النّحات و حتى رييه -الذي هروَل نحو إليثيان للتو-
قد استوعَب تلكَ المؤامرة.
حقيقَة أنها كفيفَة جعلتهُ يمسك ذراع خليله، يدنُو صوب مسمعهِ بوجهٍ متجهّم المعالم يرجاه:
-- إليثيان، هذَا ليس وقت هوسِك، الفتاةُ
عمياء كما تراه أبلجََا.--
خنخن رييه قريبا من أذنِ النحّات، بيدَ أن شفقته التي ولدَت لحظة وعيهِ بتلك الحقيقة قد أَجهضتهَا مبادئهُ و غضبهُ الذي تزيده حرارَة أثينا سوءا.
-- لَم يكن لنا نيّة سيدي، كما ترَى...
بدأَت هايزل تشرحُ و قد انتَبهت أخيرا للواقفين قريبا على رصيف الميناء و قد أعمَت الشمس عيناها لحظَة التفتت لهمَا فرفعَت يدها تحميهما.
و قبل أن تُكملَ حججها لشخصٍ غريب تحاولُ تجنّب أي مشاكل أخرى قاطعت صاحبة الكَلب مرافعتَها، تُعيد خياطة ما حدث منذ سمعت نبَاح اوسكار غراي و هروَلت نحوه مرتطمَة في عقلهَا أثناء ذلك.
-- لمَا تبرّرين له؟ يا أنتَ..
هل من مشكِلة معي؟--
اندفَعت تقول و لسخرية القَدر كانت جملتهَا هذه بالذات دونَ أي خطأ لغوي واضح، النحات عندَئذ فرّق جسده عن هيمنة رييه المُحرج منه حدّ التخم، يتقدّمه يدنُو الفتاتين.
-- نعَم هناك، الموظّف الذي اتهمتِه بالسرقة،
قد تتسبّبين بمشاكل لعمله،
رغم علمكِ بأن مفتعِل ذلك الحقيقي هو صديقتك.--
-- سيدي نحن فقَط كنا قلقتين من احتِمال ضيَاع كلبهَا، كما ترى هي..
تدخّلت هايزل عندَما لاحظت تصاعد الموقف و بمعرفتِها المديدة لطباع صديقتهَا فهذا سيطول، لكن الأخرَى شعرَت بشيء ما لم تشعر به من قبل.
شعَرت للحظة أن هذَا الغريب، و بطريقَة غريبة ملتوية، يعَاملها كإنسان.
حينَ تشبّعت و انغمَرت بهذا الواقع الذي لَم تعشه لمدة مرهقَة في راحتها، ارتعَشت يدها فارخَت اللجام و الكلبُ شعر بذلكَ فمسَح رأسه على فخذهَا.
-- توقفِي عن إثارة شفقَته هايزل، أقسُم إن لم تفعلِي.
و أنتَ، لدي سؤالٌ لك..
وجهُ النحات، لم يخفَّ تمقُّطا، هاجَر من طلائع هايزل لتقعَ على الأقصر بينهم، إن استثنينا اوسكار غراي بالطبع.
رييه في الجانَب يلعنُ اليوم الذي تعرّف به على هذَا الفتى--الأهوج، المتسلّط، المهووس.-- يفكّر.
--هل تكُون.. أنتَ الموظّف؟--
بهُت محيَاه لحظة ثم كشّر و أنفه تغضَّن،
-- أنتِ..
-- آه، لا.. نعيد، أنتَ الموظّف؟--
كَانت تصلُ لكلماتها بفتور كونَ اليونانية ليسَت لغتها الأولى، بيد أنّ ذلك كان متوّجا بإبتسامة دمثَة تزيّن ثغرها و لم يحتَج لرؤية عيناها كي يعرف أنّها تستفزه.
كانت الحرَارة المرتفعة من أخمص بطنه نحوَ أذناه تؤكد ذلك.
--هيا لا تصمُت الآن، لا تشفق عليَّ بعد.--
فاهَت بعد لحظَات، الحمَاسة التي غمرت أطرافهَا
قد تدفعُها لرقص السالسا.
هايزل كادَت ترمي نفسَها في البحر خلفها لحمَاقة صديقتهَا و الموقف و كلّ ما يحدث منذ أعطت قطعة الحلوَى البائسة لاوسكار غراي.
نظرَت للكلب تبتغِي شتمه لكنّه أخرج لسانه و ناظرها فزفرَت تبعد عيناها صوب منتحر آخر، أو محرج آخر.
ذاك رييه و لأنّه لاحظَ ما تمر به فعَل ما يفعلُه عادة عندمَا يضعه إليثيان بموقفٍ سخيف لا طائل منه.
-- أبيعكِ صديقي بقطعة واحدَة.--
قهقَهت و أجابتهُ تبعدُ ظفيرتها العرجونيّة، متوسطة الطول عن كتفها.
-- أبيعكَ الإثنَان مجانا.--
أشارَت للكلب و صاحبته التي كانَت تنتظر بإستمَاتة ردا آخر من الفتى، و من الأصوات حولها علمت أنهم الآن أربعة.
الهوَاء ساكن جهة اليسار إذا هايزل لم تبتعِد عنها و الشمس كانَت تلسع جانب ذراعها الأيمن العاري و ليسَ الأمام، إذا 'مدير جمعية حقوق الإنسان'
ذاك يقفُ أمامها.
-- استعمَال حالتكِ للتواقحُ على غيركِ
براحة أكبَر دليلٌ على نقصِ توجيهكِ التربوي.--
هو لم يفعَل، أعصابُ رييه ضربت بعضَها بقوة و هايزل دهُشت مقائيها.
-- إليثيان يكفي، لقد تخطّيت الحدود هذه المرة.--
لم يجِبه، جمَع ذراعيه لصدره فبرزَ و رفع ذقنه الغَرور كأنها تراه حقا.
لاحَظ ارتِعاش كتفَيها، أناملها، حتى قدميهَا.
لم تكن طبيعية أو نَاجمة عن تفشي الغضبِ فحسب، وجهُ صديقتها أيضا مُقلق.
-- علَى الأقل، لا.. أتواقحُ في أمر لا يخصّني.--
تقول و تشدّ لجام الكلب و تخطو أماما ليفعَل اوسكار غراي كذلك و يقُود طريقها مبتعدا.
يسهّل ذلك عليها عدمَ الإرتطام و تبقَى هايزل هناكَ واجمَة فيه، فيها، و في الموقف.
--لمعلُوماتكَ فقط، لقد ظننا أنّ بضياعه قد أخذه
أحدهم، عليكَ تعلّم بعض الآداب، سيدي.--
شدّت حقيبتها التي على مَا يبدو تحمل كاميرا تصوير و كلاهمَا رمقهَا و هي تحثّ جسدهَا مبتعدة عنهما نحو السفينة.
-- سعيدٌ أنتَ الآن؟ أشبعتَ نَزعتك الغريزيّة؟--
يخاطبُه رييه بحنقٍ باد و يرجأ ملامحهُ التي لا تفسر بعد سوى أنه صمت قليلا ثمّ استدَار يجيبه
-- ليسَ بعد.
يجعلُ الآخر حائرا في محياهُ ثمّ يصرخُ حتى يصلَ صدى صوته في فوضى الصخب حولهم.
-- ياهٍ يا مليحَة القدِّ، كلبكِ حطم زجاجات في
يختنَا تقدّر بمائتي يورو.--
-- إليثيان ميدوس فليلعنكَ الرب.-- تمتمَ رييه قربه و الفتَاتين التفتَا لصوته، كان يضعُ كفاه حولَ فمه و قد أرخاها لتوه مبتَسما كالسم.
هايزل قلبَت عينَاها تعود للسيرِ و تتجاهلُه تماما أما الأخرى فقَد أجابته.
-- لديكَ يخت، يمكنكَ تدبرُ أمرك.--
أوسكار غراي أخذ منهَا إشارة و اقتادها بعيدا، تغادرُ المكان رفقة هايزل لإحضار ملحاقاتهمَا و آخِر ما لمحهُ النحات هو طيورٌ سويدَاء الحلة تحلّق صوبَ المدينة.
-- إليثيان لقَد رأيت غضبكَ مرات عديدة خلَال السنوات معا لكن.. هذا.. الذي فعلتهُ..
هو سفَالة.--
شرَح رييه وجهة نظره بصَراحته المعتادة، يضربُ الحديد ساخنا دونَ إكترَاث و لكن عندَما طالع وجه رفيقه وجدَه شاردا مبتسمَ الثغر حدّ شدقيه.
بانَ صفُّ أسنانه و توهّج السائل في رقبتهِ السمراء بفعل ضوء الشمس حين ابتلعَ سلافه يقول
-- تلكَ الفتاة.. آه.
-- همم؟
تسائلَ رييه عندما صمَت الآخر فجأة، تجاهلَه بنفس المبسَم و استدار حوله يطرّي حلقه و يبحث
-- أشعُر بالعطش،
لنشرَب معا في بُكرة الصباح
و نلُوم صِبانا.--
نظرَ الحائر لصديقِه يصعد اليخت ثمّ للممرِّ الذي سلكتهُ السائحتين، نفضَ يداه على خصرهِ مرهقا و تبعَ النحات في جلسَة سُكر و سمر.
|
___________
على حافة النافذَة الخشبية حطّ عقعَقٌ بجناحٍ لامع الزُرقة، ريشه الباقي أسود و زادَه غبَش حلولِ المساء ظلالا.
دقّ منقاره بالعارضَة و وثب مرتين ظرِيف الشكل، جعَل بحركَاته البسيطة انتبَاه النحات ينصبُّ ناحيته.
أصدرَ صوتا بين أسنَانه يُقارب الصفير مستحسِنا وجود الرفيق المسائي غير المتوقّع هذا، و بينمَا النحات يميلُ بجسده عن مقعد الخشب و يعملُ على تعديل الساقين الغضتين لتمثَال ” حبيبة البحر “.
كانَ العقعق يبَادله حديثَ الصفير ذاك.
التمثَال كان طلبية خاصَة لسيدٍ أعمال ما يمتلكُ فندقا ذائع الصيت هنا في أثينا و بعض المركبَات السياحية بيدَ أن إليثيان لم يبذُل عناء معرفة شيء عنها أو عنه بعد أن أخبَرته أزا صفات طلبيته.
تمثَال لفتاةٍ شابة تُمسك وشاحََا وحيد يستُر مفاتن جسدها و يبدُو كأنه يبثُّ بها روحا نقية، تداعبهَا حتى تظهَر ملامحَها ضاحكة مستمتعة.
حيثُ يريد صاحب الطلبية وضعهُ في مسبَح الفندق لسبب مَا، و ما جعَل إليثيان يقبَل هذه الطلبية رغم الأخريات اللائي لم تُحذف من قائمته بعد هو:
دقة التفاصِيل التي ذكرهَا مالك الفندق.
حين كانَت أزا تذكرها عبرَ الهاتف، شعر النحات أنّ الشابة ” حبيبة البحر“ حية، يراها أمَامه تفترُّ و ثغرهَا يقطرُ فرحا.
رآهَا تراقص الوشاحَ و تدور و تدُور حتى تمكّن منه الإفتتان و رغَب بجذبها.
يذكُر جيدا أنه ثمِل مع رييه ذاك المساء منذ شهور ثمَّ حضى بليلَة صاخبَة الوقع مع إحداهن، لم يعُد يذكر إسمها بعد أسبوعين.
رفعَ جسده عنهَا و كانَ يركز حدقتيهِ على خط رقبتهَا و هنَاك استعمَل إبهامه الحرّ في رسم ظلٍّ ما.
صدره قد تلطّخ و أراد تنظيفهُ منذ ذلك لكنّه مسلوب الكيانِ حتى ينتهي من خلقِ حبيبة البحر هذه.
عندما كان يتأكد من وجهِها أخيرا، يضعُ آخر لمساته و تعديلاته.
رفعَ ذقنه يرجأُ ثغرها، ملامحُه عبسَت يتمتمُ كأنها تفهمه
-- تبتسمين بطَريقة خاطئة حبي.--
رفعَ ذقنه أكثر كَي تستطيع-التمثال- رؤيتهُ و هو يفتح ثغره على وسعه حتى بانت أسنانه أجمع في إبتسامة واسعَة خرقاء.
--هكَذا..--
كانَت صامتة، كما هو متوقّع من تمثال فتنهّد و جذبَ شفتيها بين سبابته و إبهامه يقتلعُها.
استدَار يدندُن و يداعبُ العجينة بين أنامله بصعوبة، ثمّ نظر للعقعق يغَادره بفستَانه الكحيل.
فتغرّد جوفهُ بمَا أبصره من جمال ظلٍّ حبيسَ أجفانه، منذ يومِ الميناء غريب الأحداث.
أعاد تعديلَ الفم لاحقا، و حبيبة البحرِ ابتَسمت كأنها حية، حرة و مغتَبطة حدَّ الثمالة.
______________
|
يقُوم إليثيان تارتاروس بتوصيل منحوتاته بنفسهِ لصاحبها الجديد، قد فعَل ذلك منذ أن بدأ هذَا العمل و لاقت أعمَاله شهرة.
لكن صاحِب تلك المنحوتة لن يحزر أبدا أن عامل التوصيل ذو القبعَة داكنة الزُرقة و البذلَة المموهة قد يكون النحَات الأشهر ميدوسا.
يجهّز التمثال حيثُ يسنده بأعمدة و يغطي الحوافَ بنثارة بلاستيكية، يضع فوقه صندوق مخصّص يقيه الصدمَات و يخرجهُ فجرا مصفرا بأغنية ما مداعبا الطيور.
يضعهُ بشاحنة نقلٍ صغيرة كان قد إبتاعهَا و طلاها معَ ريهياس و تانيث منذ سنوَات في يوم ملوّنٍ بالبهجة.
يزلقهَا بسلمٍ في بطنِ شاحنته و يغلقُ الباب و الناس نيامٌ، يتوجه للمقهَى في آخر الشارع و يبتاعُ قهوة بالحليب مع حبيتين كرواصون كالعادة.
و كالعَادة يخبرهُ العامل أن
-- لدينَا فطائر محلاة.
--أفضّل الكرواصون، شكرا.
كانَ يكرر ذلك كلمَا حضر إليثيان رغمَ أنه يعلم بما سيجيبُه، و كان النحات يجلِس في نفس المقعد كلّ مرة ليستطيعَ مراقبة نوافذ الحيّ و يخمّن مثلا
' إن فُتحت نافذة الآن فسيُعجبه التمثال.
' إن فتحَت نافذتين بعد فسأذهب معَ رييه للملهى.
'إن مرّ أحدهم فأزا ستتصل بي.
كانَت تلك تخمينَات غير ضرورية و عشوَائية المبدأ بيد أن النحات كَان يفعلها كلّ مرة في ذاك المقهَى، و لم يعلم يوما هل يرِيد بذلك قتل الوقت و بنـاء أحداث لم تحصل بعد أم أنه كانَ فعلا يصدّقها.
يعودُ لشاحنته بعدَ دفع الحساب و يراقبُ القطط التي تملأ شوارع أثينَا تستيقظُ و تموء.
و مع إقترَاب موعد التسليم يشغّل محركه و يقُود شاحنتهُ الزرقاء مجهولة المصدر نحو المكان الذي طُلب من أزاليس هاتفيا.
و هكذا كانَ الحال دوما، لا أحَد يعرف هويته و لا أحد يعلم أنّ النحات يستمتُع دوما برؤية ردات فعلِ زبائنه ما إن يكشفُ الغطاء عن عمله الفني.
كانَ ذلك شعوره الألذ.
و الآن و هو قريب من فندقِ أثينا غولدن القريب نسبيا من بيته في واقع الأمر، يلاحظُ شروق الشمس بارزا و يبدأُ البشر بالحياة.
يتوقف عند النافورة بالمدخل و يتوجّه له أحد الموظفين
-- صباحُ الخير،
ماذا تحملُ سيدي؟--
-- صباحُك..
طلبية المنحُوتة لمالكِ الفندق.--
يقول بإبتِسامة، عينَاه ترصد السنينَ على وجه الموظّف فيناظره بإحترام.
يشيرُ له بالإستدارة عبر البنَاء الشاهق إلى داخل المساحَة الخلفية حيثُ خصّص منها للمسبح المُغلق، حديقة جانبية استقبلتهُ أولا.
ساعدَه عاملين في الولوجِ و إنزال التمثَال المغلق و حينَ وضعوه على بلاطِ المسبحِ كان المكَان لا زال خاليا.
انتظَر دقائقَ غير طويلة ليلحقهُ المالك و عيونه تشعُّ حماسا، هالته وقورٌ ببذلة تخنقهُ في هكَذا حر.
رمَق ما يراهُ هو عامل توصيل ثمّ رحب به ببرُود اعتيادي، ذاك حينَ صمت إليثيان و شرَع يفتحُ الصندوق و يعري حبيبة البحر مِن ستارها.
تشبّع المالك بمنحنياتهَا و روحِ الغبطة التي بثّها 'ميدوسا ' فيها ثمّ راح يبتسم و يدُور حولها راضيَ التقاسيم فشعَر النحات قربهُ بتلك اللذة مجددا.
-- يالِي هذا الجَمال..--
تمتَم و التَقط إليثيان ذلكَ منتشيا، ثمَّ أدخل الرجل يده في جيبهِ يُخرج مبلغا ما لكن الآخر أوقفه.
--ثمنُ التوصيل علَى حساب النحات.
احضى بيومٍ جيد، سيدي.--
أخفَض مقدمة قبّعته يحييه و عاد بخطوةٍ للخلف يبتغي الرحيل و جسمٌ ما كانَ في الأسفل، بمستوى ساقيهِ حين التفت.
-- ما الذي..
نبَح مرتين كالمرة السَابقة و إليثيان رفعَ عيناه عنه يتبَع السوط الجلدي من رقبة الكلب حدّ اليد التي تمسكه.
و قد كانَت هناك، تلك الفتاة ذات النظارات.
لكنّها هذه المرة نزَعتها، عينَاها كريش عقعَق الأمس و كانَت حادة الطرفين، ثعلبَ.
ترمُش تارة و تنفرج تارة، فارغَة النظرة.
بسروَال جينز قصير و بَاهت، قميصٍ دون أكمَام دامغُ الصُفرة يخشَى تغطية جُلّها فيحرِم الناظرين.
و وجهُها قد بانَ كل ما بهِ لمّا رفعت شعرَها في كعكة فلم يتمكّن مرة بعد من معرفَة حدّه.
و قد احتَاج لحظات ليحفظَ تلك التفاصيل كمَا اعتاد أن يفعل، لكن أطول مما اعتَاد أن يفعل.
ثمّ عاد بعينَاه لخصرهَا العاري و كانَ يقسُم أنها ورثتهُ عن فينوس بمَا يعرفه النحات عن التمثَال مقطوع الذراعين المشهُور.
صفّرَ و تظاهرَ أن ذلك كان للكلب الذي حرّك رأسه فرفرَف سوطه و هي إشارة علّمتها له صاحبتهُ و ليسَ مركز تدريب كلاب المكفُوفين،
يفعلها كلما وجد شخصا قد قابله من قبل فينبّهُها.
لكن هذه المرة و بوجود مالك الفُندق هي ظنتهُ يقصده كونهُ خال هايزل و قد جمعتهُما سابق معرفة.
إليثيان أخفض بصرَه مبتعدا عندما أقبَلت هايزل من بعيد لسبب لم يعرفه، شعر بإنّ إثارة مشهد هنا لن تكُون في صالح أحد.
-- صباحُ الخير خال.--
-- مرحبا يا فتيَات، نوڤالي لم أظنّكِ ستأتين.--
يقُول فيفترُّ النحات و هو يستَسيغُ الإسم بين نواجذه، و الفتَاة التي ظنّها ستكون أكثر وداعة الآن أجابت
-- نعم، نعم، فكيفَ لأعمى أن ترى تمثَالا صح؟--
خطأٌ لغوي آخر، لكن الجملَة مفهومة و بيّنة و قد تظاهرَ النحات بأنه يسير مغادرا المكان الفسيح المغلق.
-- و أمرٌ غريب، كونكَ طلبتهُ احتفائا بي.--
توقّف عن المَسير عندَما نبسَت ذلك و شعَر بحاجة ماسَة لرؤية وجوههم الآن فاستَدار.
كانَت هايزَل ترفعُ غرّتها عن وجهها و ردائها الصيفي زاهِي الزَهر يسرُّ النظر لمنحنياتهَا و وجهها بعيدا عن مرمَاه يتأمّل براعة التمثال بإعجاب بالغ.
و خالهَا يقابل الأخرى، نوڤالي، بملامحَ هادئة لا تتقلّب و كأنما تراه.
و كَانت ذات الخصرِ المليح قد وضعَت يدها على وجهِ "حبيبة البحر" ثمّ أفلتت لجام أوسكار غراي فبركَ أرضا و راحَت تتحسّس ملامح التمثال بالأخرى.
-- لم أقصِد شيئا مما تفكّرين به و أنتِ أدرى..
-- ليسَ و كأنكَ قصدت، لكنني ممتنَة لذلك، الصحَافة تكُون كذلك أيضا.--
قالت و شفتَيها افترت إبتِسامة دمثَة صاقلة الطرفِ و عندما انحنَت شدَّ السروال القصير وركيهَا و قد كانَ النحات قد وصلَ الباب لكنه لم يغَادر بعد.
-- نوڤالي.. الصحَافة لا تهمنِي في شيء.
أسميتُها ”حبيبة البحر“ لأجلكِ.--
-- لأجلِ شخصٍ لستُ هو بعدَ الآن، خال.--
هايزَل أشاحَت بصرها تخفي الوجع الذي استبدَّ بأيسَرها لما نبسَت صديقتها ذلك و الخال تندّى جبينه.
لكنّ شفاه نوڤالي لم ترتخِي بعد و يداها جالت من ذراعي التمثال إلى الوشاحِ ثمّ خصر ”حبيبة البحر” حيثُ وجدت شيئا ما.
تغضّنت جفونهَا لمّا قرأت ما حُفر:
-- ميدوسا..
همم، أسطُورتي المفضلة.--
إليثيان شعَر بطعمِ لاذعٍ في حلقه و أراد فقط تدخينَ سيجارة و مراقبتهَا و هي تتحسس تمثَاله أكثر و تلكَ الخطوط التي يرسمها جسدها و هيَ تتحرك.
-- نحاتي المفضّل.--
وجدَ الخال ذلك فرصة لتغييرِ الحديث و فعَل،
هايزل شرحَت بعد ذلك.
-- خالي طلَب إنجَاز هذه الفاتنَة من نحاتٍ مشهور للغاية في اليونان، قال أنّكِ ستُعجبين بالفكرة بمجرد أن تسمعِي عنه.--
كانَ الحديث يصبحُ مثيرا للإهتمام أكثَر فأكثر للنحات الذي نظَر للخارج إن كَان هناك أحد ثمّ أدخل جذعه مجددا.
-- ماذا؟ هل ينقُصه ذراع؟--
كادَ يفضحُ نفسه ضاحكا لكنّه آثر أن يختنقَ بها،
و تلك الفتاة.. حقا آهٍ تلك الفتَاة..
-- إلهِ نوڤالي... ما مزاجُ الحوامل هذَا؟--
تذمٌرت هايزل و الأخرى قهقَهت أخيرا تجعَل اوسكار غراي يقف متحمِسا دون سبب فعلي.
-- حسنا، حسنا، خال أنا سأفضّل أن يعاملني
الجميعُ كما تعاملني أنت، أني عاديّة.
لكن حركَة.. الصحافَة، ممم.. كيفَ تقُولونها؟
أثارَت غيظي.--
--كَان ذلك قد سرّب من أحَد منظمي الحملة الإنتخابية، و هي أمرٌ خارج يدي تماما نوڤالي، حصتي بهذا الفندُق متساوية مع المترشّح و يحق له ما يحقُ لي.--
برّر الخال و الذي فهمَ إليثيان أنه لم يكن المالك للفندق بل مجرد شريك فيه معَ مرشح للإنتخابات على ما يبدو، و تمثَاله و تلك الفتَاة لهمَا قصة ما سيحترقُ لبّه ليعرفها.
لكنّهم أنهوا الحديث حينَها و نوڤالي توقّفت عن فحص التمثَال و قرفصَت تبحث عن لجَام اوسكار غراي الذي ابتعَد.
خرَج عندمَا اكتشَف نيتهُم بالمغادرَة و راحَ يتبهنَس صوبَ شاحنته المركونَة قريبا و بعينِ الفنان أرجَأ تماثيل الأسود فوق سور الحديقَة الذي يطلُّ على قارعة الطريق.
كان قد أخرَج سيجارة من علبَته و ولّاعته القرميزيّة توهّجت في ضوء الشمس الحارق، التَهب المنظر
اشتَعل طرفُها الأبيضُ حينَ قبّل شفتيها و كانَ سيفتحُ الباب حين سمعَ ذاك النباحَ مجددا و
-- ما خطبُك يا فتَى؟--
تصدُر عن صاحبته و هيَ تحاول عدم الإرتطام بشيء ما أثناء حركة الكلب السريعَة و الغريبة تلك.
كانَ يركض نحو النحات و كَانت هايزل تقتَرب منهما.
أرجَأه مضطربا، يحرّك رأسه و يهزُّ اللجام في يدِ نوڤالي، هالتُها القريبة جعلت المنظَر يلتهب أكثر.
فأراد جعَله مثاليا.
أخرج السيجارة من فمه ينفُث دخانها حتى أحرقَ حلق الحائرة أمامه، لم ترَه يفعل لكن صوتَه قُرع كأجراس الكنائسِ جوفَها:
-- أراكِ قريبا، حبيبَة البحر.--
___________________
_______
Done.
آيڤي تحدّث بسرعة وش صار بالكون؟!
: )
بدأت معالم الرواية تتوضح حتى بالنسبة لي فقد كتبتها بفكرة أولية فقط، أدخلت بعض الغموض لأني مش أنا إذا ما سويتها.
|
الشخصيات التي ظهَرت اليوم:
لكم حرية التخيل و لي حرية الإختيار و المشاركة ^_^
[ هايزل غرايس ويتلي]
المصورّة (اذا انتبهتوا)، عندها فايبز غريبة لفتاة راقية لكن مبهجة، ممم، مدري.
[ نوڤالي آسبَاين]
الشخصية الأنثوية الرئيسية، كانت الخطة تكون هشة شوي بسبب حالتها لكن انا مرة سويت بنت ضعيفة متت.
Woman up up.
.
سؤال أو ملاحظة؟
_____________________
|
- رقَص إلتهاب الندوب.
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top