همساتٌ أُخرى

ما هو أساس أيّ منزل؟
أجل، الحجر...
تضع حجرًا فوق الآخر مرّةً وراء الأخرى، فيتكوّن لديك جدار قويّ، متين، تعيد الكرّة فتحصل على جدران أكثر، ومن هنا يتكوّن منزل ذو أساسٍ متماسك.
هكذا هي الحبكة، الجدار الّذي ترتكز عليه الرّواية، وإن كان بها حجر واحد فقط غير مناسب تختلّ الرّواية، وبحجرٍ هنا فأنا أقصد الأحداث.

أي أنّ ما يجعل الرّوايات مثاليّة هو وجود أحداث متسلسلة، متناغمة، فيغذّي كلّ حدثٍ منهم الحدث الّذي يليه وتتكوّن حبكة متقنة.
والجدير بالذّكر أنّ الحبكة واحدة في جميع الفئات الأدبيّة سواء كانت اجتماعيّة، عاطفيّة أو حتّى رعب!

هل الموضوع سيّان أيضًا على فئة الرّعب؟
بالطّبع هو كذلك! في قصص الرّعب تجد الكاتب يبدأ بالعقدة فتجد البطلة تصارع  للنّجاة من قاتل متسلسل أو وحش أسطوريّ، ثمّ تكتشف الحلّ، وتدريجيًّا يظهر سبب تكوّن العقدة، فتعلم دافع القتل عند المجرم أو كيف وصلت البطلة للوحش.
أو قد تبدأ أحداث الرّواية بالصّراع فالعقدة ومن ثم الحلّ.

وقد تتساءل هنا إذا كان الأمر بهذه البساطة، لِم لَم تنجح بعض القصص والرّوايات في هذه الفئة؟

فأسألك أنا، طريقة عمل المعكرونة بصوص الجبن سهلة للغاية كذلك، لِم لَم ينجح البعض في صنعها؟
سأخبرك أيضًا لماذا، قد تجد شخصًا يضيف بعض التّوابل أكثر من المطلوب فتجد الطّعم حادًّا وغير مستحسن، وهناك آخر ينقصها جدًّا فلا تشعر بالطّعم اللّذيذ للوجبة.
هل هذا يعني أنّهم كانوا يودّون منّا ألّا نستمتع بطعامنا؟
بالطّبع لا! هم فقط أرادوا جعل أطباقهم ممّيزة وساحرة... ولكنّ السّحر انقلب عليهم!

لذا سنفترض أنّ طبق المعكرونة هو الأحداث، ما الّذي قد يحدث فيجعل من الأحداث مبتذلة، وغير مستحبّة؟

بالضّبط! التّفاصيل... وهنا ردًّا على سؤالك قد تجد كاتبًا أسهب في كتابة حدثٍ ما وأظهر تفاصيلًا لا تفيد القصّة بشيءٍ، وآخر اختصر حدثًا مهمًّا من شأنه قلب الموازين في القصّة، وهذا يؤثّر بالطّبع على سير الأحداث فتشعر بالملل من الإسهاب، أو بعدم ترابطك مع تصرّفات الشّخصيّة بسبب إهمال أحداث مهمّة.

لذا نصيحة لهؤلاء الكتّاب، أن يعطوا كل حدثٍ حقّه، وأن يسألوا أنفسهم: «إذا كنت أنا القارئ، ما الّذي قد يجعلني أملّ من هذا الحدث؟»
كما ننصحهم بأن يظهروا التّفاصيل المهمّة فقط في قصصهم.

أجد أحد رفاقي هبّ واقفًا بينما يتذمّر: «وماذا عن اقتطاع الأحداث؟ متى يكون مشوّقًا وجيّدًا، ومتى يكون مبتذلًا ويُفقد القصّة رونقها؟»

-الإجابة عن هذا السّؤال سهلة، ولكن بدايةً دعني أخبرك عزيزي، أنّك تقصد تأثير اقتطاع الأحداث وكيف يؤدّي إلى التّشويق، أو إلى الانحدار الانكساريّ.

سأتّفق هنا في نقطة معك -ولعلّها مع معظم القرّاء كذلك- اقتطاع أحداث من وسط الفصل يجعله مشوّقًا للغاية، وهي حركة خبيثة من الكتّاب لجعل القارئ يغوص أكثر داخل كتابه، ولكن إذا أردت ككاتب اقتطاع الأحداث فعليك بكشف الحقائق بعد ذلك، مع توضيح ما حلّ بالأبطال، وهي الطّريقة الإيجابيّة الصّحيحة كذلك. 

ولعلّ الانحدار الانكساريّ هنا هو ما يجعل اقتطاع الأحداث سلبيًّا، فتجد الكاتب قفز من حدثٍ لآخر، وأنشأ أحداثًا وتصرّفات مفاجئة للأبطال دون تمهيد للحدث أو توضيح للدّوافع الّتي أدّت إليه.

ولأنّ العمل الأدبيّ لا يقتصر على الحبكة فقط، تناولنا كذلك الحديث عن البدايات في أدب الرّعب، والّتي قلّما وجدناها مناسبةً ومثاليّةً وبها بعض التّوابل الحارّة الّتي تدعى بالتّشويق.

وهنا سنسأل، ألا يُقال أنّ الانطباع الأوّل هو الأكثر تأثيرًا -في كلّ مناحي الحياة تقريبًا-؟

الأمر كذلك بالنّسبة لبداية الحكاية، لذا ببساطة يجدر بالمقدّمة أن تلبّي فضول القارئ، تثير تشويقه لإتمام القراءة وتحفّزه لذلك أيضًا.
يحدث هذا عن طريق استخدام الأسلوب السّلس، الخالي من التّعقيدات والّذي يمهّد لفحوى الرّواية أو القصّة بشكلٍ مثير للاهتمام.

ولعلّ أكثر ما قد يمنع القارئ من إكمال الحكاية أنّ البداية ببساطة لم تنل إعجاب المتلقّي للعمل الأدبيّ، ولم تشدّه لمعرفة ما سيحدث تباعًا بالشّكل الكافي، بل ولم تستطع نقل فكرة الرّواية بشكلٍ صحیح سلس إليه، لذا لم يكلّف نفسه عناء إكمالها، إذ إنّها من البداية لم تكن بالجودة المطلوبة بنظره.

أمّا عن كيف نبدأ الحكاية فهذا سؤال له عدّة أوجه للجواب؛ إذ يمكن البدء بالاسترجاع الزّمنيّ مثلًا، أو بإمكانك أن تدخل بالحدث مباشرةً، أو حتّى من نهاية الأحداث كما لو أنّ الحكاية قد تمّت للتّو ومن ثمّ تعود لتروي منطلقها، بهذا نرى أنّ أمامك أكثر من طريقة لتبدأ بها عملك الأدبيّ، ولكن يا تُرى أي الطّرق هي الأفضل بالنّسبة لك؟

لا بدّ من أنّك تتساءل الآن كيف تبدأ قصّتك بطريقة جاذبة للقرّاء.
سأخبرك ببساطة أن:
• تبدأها بطريقة مشوّقة، بها لغز يتمّ اكتشاف حلّه بالفصل الّذي يليه، مثل: أن تتلقّى الشخصية الرّئيسيّة رسالة تهديد، أو مكالمة مريبة تهدّدها بالقتل إن لم تنفّذ ما يُطلب منها.

• أن تبتعد عن الابتذال الموجود، وتظهر جزءًا من الصّراع  في أولى فصول قصّتك، وهو ما سيجعل القارئ يُكملها كي يعلم إلى أين ستؤول الأمور.

• أن تستخدم أسلوبًا سلسًا بسيطًا، غير معقّد، وألّا تستخدم كلمات لغويّة معقّدة.

• أن تستخدم أسلوبًا يساير ويناسب حبكتك وسردها.

في النّهاية، نودّ أن نعلم آرائكم حول العناصر الّتي تم التّطرّق لها في القصص والرّوايات المرعبة.

وفي حال وجدت أحد هذه العناصر مبتذلًا هل ستكمل قراءتك بطريقة عاديّة، أم تخرج منها؟ 

إن وددت أن تكتب قصّةً بفئة الرّعب، فما العناصر الّتي ستشغل بالك في ترتيبها وتنسيقها، بحيث تكون قصّتك متقنة؟

شاركونا ما تعلمونه أيضًا عن هذه العناصر في فئة أدب الرّعب وكيف يجدر بها أن تكون.

تمّ كتابة هذا الفصل بواسطة العضوان ريمي وزاثورا.

دمتم بخير.⁦ 🤎

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top