جولة هزلية


الفصل الرّابع عشر: جولةٌ هزليّةٌ.


كان مقرُّ مجلّةِ «سيرك الكوميديا» مزدحمًا للغاية، فهنا نرى جميع الشّخصيّات الكرتونيّة يعملون بجدٍّ واجتهاد، خصّيصًا في هذا اليوم الصّعب! ففي هذا اليوم سيودّعون النّاس التي قرأتْ وتعمّقت بالمقالات التي تمَّ نشرها طيلة هذا الشّهر!

تقدّمت فنّانتنا الجميلة البقرة الضّاحكة وسط الاجتماع النّهائي في هذا المكان، فنجد الأرنب باغز باني الثّرثار آكل الجزر يجلسُ بجانب كلٍّ من (توم، جيري، ماشا وويني) على يمين منضدة الاجتماع الضّخمة! أمَّا على اليسار، فنجد (السّنجاب آلڤين، بطّوط، ميكي ماوس، وودي نقّار الخشب، السّنافر، سيلفستر وتويتي).

قالتِ البقرة الضّاحكة، وهي تضع الملفّات، الأوراق وجهاز الحاسوب أمامها، ليناقشوا مقال النّهاية لهم في تلك المجلّة:

-«حسنًا يا سادة! اليوم علينا بكتابةُ المقال الأخير في تلك المجلّة». أنهتْ البقرة الضّاحكة كلامها وهي مشغولةٌ في كومة الأوراق التي أمامها، وبينما كان السّنافر مشغولين بالثّرثرة مع باغز باني، قفز جيري على المنضدة نظرًا لحجمه الصّغير وقال: «علينا إعطاء ملخّصٍ لفئة الكوميديا، كخاتمةٍ نهائيّة للمجلّة».

نظرتِ البقرة الضّاحكة لهم وابتسمتْ بهدوءٍ: «قوموا بتسجيل ما سأقوله؛ حتى نختتم هذه المجلة سريعًا!»

بدأ كلُّ شخصُ في الاجتماع بوضع جهاز الحاسوب أمامه؛ حتّى يقوم بكتابةِ كلِّ ما تقوله البقرة الضّاحكة فورًا.

أخذتِ البقرة الضّاحكة نفسًا عميقًا، وقالت: «الرّواية الكوميديّة أو القصّة الكوميديّة هي عملٌ روائيّ أو قصصيّ عن الأدب الفكاهيّ، ويركّز الكاتب في هذه الفئة على إضحاك القُرّاء، وفي نفس الوقت يصقلُ في عقولهم فكرةً ومغزى ممتازين؛ لذا فنحن نعيد ذِكرَ نصائحنا عن تلك الكتابة المضحكة، وهي:
على الكاتب أن يجعل خياله متحرّرًا من تركيز الإضحاك بموقفٍ بعينه، تسوَّد الخطوات الثّلاثة الأساسيّة اللّازمة لجعل النّكتة أو الطّرفة كُلاً واحدًا للاستفادة من القدرة على التّلاعب بالكلمات».

-«كذلك هنالك أنماطٌ عدّة في أساليبِ الإضحاك ونظريّات على الكتابة الكوميديّة خصيصًا، ولعلَّ نظريّة المفاجأة هي التي تحدّثنا عنها خصيصًا في إحدى نظريّات الإضحاك، لذلك فإنّ فئة الكوميديا تركّز بشكلٍ كبيرٍ على الأحداث وتكوين الحَبكة المضحكة والهادفة كذلك، وتُبرز مدى صراعِ الشّخصيّات أثناء الرّواية الكوميديّة وأنّهم قد يصارعون أشياءً غبيّة! ولكنّ هدفها هو إضحاك النّاس والمرح معهم ولا ننسى أنّ هناك رواياتٍ كوميديّة تعرضُ قضيّةً اجتماعيّةً بشكلٍ ساخرٍ ومضحك، وهذا يعتبر من أشهر أنواع الكوميديا الموجودة في عالمنا الأدبيّ».

-«ناقشنا كذلك في مجّلتنا عن البدايات الخاطئة التي يبدأها الكاتب عادةً في الرّواية الكوميديّة، وغالبًا ما يبدأ بحدثٍ تافه لا صلةَ له بالرّواية بتاتًا، لنقوم بعدها بالتّحدث عن الفرق بين الأحداث الهادفة المضحكةِ والأحداث التّافهة، وضربنا مثالًا على هذا، فقد يستعمل الكاتب ألفاظًا بذيئةً بهدفِ إضحاك القُرّاء، وهذا خطأٌ كبيرٌ للغاية!»

-«تعلّم الكثير من الكتّاب في مجّلتنا عن كيفيّة خلقِ شخصيّة فكاهيّة، وما هي أهمُّ جوانب تلك الشّخصيّة؟ وتكلّمنا تحديدًا عن الشّخصيّة المجنونة وكيف يتأثّر بناؤها! كذلك لن ننسَ مقالنا عن أنواع الكوميديا، كالكوميديا السّوداء، الكوميديا السّاخرة، الكوميديا التّراجيديّة كذلك الكوميديا وباقي الفئات الأدبيّة».

-«والأهمُّ من ذلك، تلقّن النّاس من مقالات مجّلتنا عن الكتابة بالفُصحى، وكيف يكون الفصل فصيحًا ومضحكًا بذات الوقت، كذلك الصّراع الكوميديّ وكيفيّة توظيفه ووجود عنصر التّشويق باستمرارٍ أثناء سريان الأحداث».

توقّفت البقرة الضّاحكة أخيرًا عن الكلام، وشربت كوب الماء الذي كان بجانبها.

وفجأةً، صرخ الأرنب باغز بحماسٍ: «هيّا بابا سنفور، اقرأ لنا مقاطعَ مضحكةٍ من الكتاب الذي تحمله» وافق الجميع مجتمعين حول بابا سنفور ومترقّبين حديثه، بدأ بابا سنفور يقرأ من الكتاب قائلًا: «هناك ذلك الرّجل الذي يقول لي أنّه يهوى أكل الدّهون على الرّغم من أنّ الطّبيب أوصاه بالامتناع عنها؛ لأنّ قلبه مريضٌ جدًا وشرايينه التّاجيّة تحوّلت إلى أنابيبٍ من الزّبد.

أقول له في حكمة أنّه من الأفضل أن يمتنع عن أكل الدّهون، فيقول في حماسٍ وهو ينثر لعابه في وجهي:

-«أنت لا تفهم ما قلت لك! شراييني التّاجية مسدودةٌ تمامًا، هذا الكوليسترول موشك على قتلي».

-«هذا يؤكّد وجهة نظر الطبيب!»

-«بل يؤكّد أنّك لا تصغِي لي، أنا أحبُّ الدّهون هذه نقطةٌ، والنقطة الأخرى هي أنّ شراييني التّاجية مسدودة».

أقول في صبرٍ أنّ عليه الاختيار بين الاستمتاع بالدّهون أو الاستمتاع بالشّكوى من حال قلبه، لا يمكن أن يجمع بين الحسنيين أبدًا، دهنٌ لذيذٌ أو قلبٌ سليم، لا يوجد حلٌ ثالث.

فيستغفر الله ويتنهّد ويأخذ شهيقًا عميقًا يعينه على الصّبر، ويقول:

-«لكنّ شراييني التّاجيّة في حالٍ سيّئةٍ جدًا، هل فهمت أخيرًا؟»

-«هل تقصد أنّ وضعك لن يزداد سوءًا، وأنّه من الأفضل أن تستمتع بكل شيء ما دامت هذه هي النّهاية؟»

فبصق على الأرض في غيظٍ: «يا أخي فأل الله ولا فألك، أنت رجل مثقّف ويجب أن تنتقي كلماتك، أنا أحبُّ الدّهون، بل إننّي آكل الزّبد مباشرة بلا خبز، وأمقُت شرائح اللّحم الأحمر».

-«فلتنعم بالدهّن إذن!»

-«لكن هناك مشكلة شراييني التّاجيّة، أنت رجلٌ متعلّمٌ وطبيب ومستحيل أن تجهل خطر ذلك على صحّتي».

في النّهاية تكتشف أنّك أضعت ساعة كاملة، ولم تفهم بعد ما يريد.¹»

تعالت الضّحكات في المكان، ليقفز وودي نقّار الخشبِ من بين الحضور: «لدي مقطعٌ طريفٌ قرأته سابقًا، هل تريدون أن أرويه لكم؟»

ليتحدّث بعد موافقة الجميع قائلًا: «زبون: أريد أن أعيد هذا الكتاب لو سمحت.

بائعة الكتب: ما المشكلة؟

زبون: إنّه تالف، بالكاد لمسته، هذا أمرٌ سخيف!

بائعة الكتب: ماذا تقصد؟

زبون: أقصد أنّ كلَّ ما فعلته هو أنّني أسقطته في الحمام بالخطأ، والآن انظري له! غير قابل للقراءة حتّى!²»

تحدّثت ماشا مبتسمةً: «أعتقد أن هذان الموقفان مضحكان فعلًا، فقد كانا واقعييّن بدرجةٍ كبيرة!»

وافقها بطوط قائلًا: «هذا صحيح، بالإضافة إلى أنّ اللّغة في هذا الحدث لم تكن صعبة فقد فهمناها جميعًا بكلِّ سلاسة، ولم تكن ذات ألفاظٍ مكرّرة أو مبتذلة».

أضاف تويتي ضاحكًا: «إنّ طول الحوار والسّرد في أوّل لقطة ناسب الحدث تمامًا، وجعله مضحكًا من غير وجود مبالغةٍ في التّوضيح».

في النّهاية تحدّث ميكي ماوس بسرور: «أتّفق معكم جميعًا، إنّ فهم وتطبيق هذه النّقاط مهمٌ للحصول على مواقف طريفة ومضحكة تبهجنا جميعًا».

انتهى النّقاش، وقفت الشّخصيّات جمعاء، وانظروا! إنّها تلوح لكم أيّها القُرّاء، صرخ الجميع سعداء: «مع السّلامة، سنشتاق لكم أيُّها الأعزَّاء».

الجميع سيشتاق لكم، لكنّنا فريق النّقد سنلقاكم في كتابٍ آخر مع الكثير من المعلومات القيّمة، دمتم بخيرٍ وهناء.

تمّت كتابة الفصل من قِبل العضوين زهرة وسنيم.

المصادر:

1- كتاب زغازيغ، للكاتب أحمد خالد توفيق، الصفحة 84.

2- كتاب أشياء غريبة يقولها الزبائن في متاجر الكتب، للكاتبة جين كامبل، الصفحة 39.

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top