تفاوت متشابهَيْن
الفصل الثّاني عشر: تفاوتُ متشابهَيْن.
نصّ الفصل:
«حَوِّل…حَوِّل! أيسمعني أحدكم؟»
فشلت محاولة الاتّصال، وضعتُ الجهاز الغبيَّ في جيب سُترتي البيضاء بينما أتمنّى السّحق لمن خَطّط لموتي هُنا، على جسرٍ بين المشتري والأرض.
أولًا عليّ اتباع أصول اللّباقة كعادتي -لا داعي للتّصديق- في التّرحيب بكم أعزّاءَنا، كيف هي أحوالكم؟ هل تستمتعون بفصولِ هذا المختبر أم أنِّي نُفِيتُ إلى هُنا من أجل لا شيء؟
معكم عبر الفضاء مباشرةً مراسلتكم لياما، من موقعها الاستراتيجيّ على هذا الجسر الّذي سينهار بعد دقائقٍ ليودِي بحياتها، وقد قُطع اتّصالها مع مقرِّ الفريق كآخر حدثٍ مهمٍّ في حياتها.
لكن لا بأس، تجاهلوا كلَّ شيء، سأؤدّي واجبي وأوصل رسالتي وإنْ كنتُ على عتبةِ الموت، جئت اليوم إلى هُنا كي أشرح لكم درسًا بسيطًا، ما هو الفرق بين الفانتازيا والخيال العلميّ؟
أظنُّ أنّ كثيرًا منّا طالما خلطوا بين الاثنين، كلاهما خيال، أليس كذلك؟ أين يكمن الفرق إذًا؟
قبل أيِّ شيءٍ فلنتعرّف على فئة الفانتازيا بشكلٍ مبسّط.
الفانتازيا هي تناول الواقع الحياتيّ المألوف من زاويةٍ غير مألوفة، أيْ أنّه معالجةٌ إبداعيّةٌ خارجةٌ عن المعروف في الواقع، لا تحتاج فيها قوانينًا أو أسبابًا ومُسبّبات؛ لأن ما تكتبه يعتمد على الجزء الحالم في عقلك، الجزء الّذي يتخيّل المستحيل، يستطيع رسم شرّيرٍ ورديَّ اللّون أو ربّما أميرةً بلسانِ ثعبان -اعذروا خيالاتي السّوداء-.
والنّقطةُ الأهمُّ في فئة الفانتازيا هي أنّه ما من أحدٍ يستطيع سؤالك عن مدى واقعيّة ما تقول، لن تصبح قصّتك رديئةً؛ لأنّك قلت أن بطلك يستطيع الطّيران أو أنّه يملك قدرةً تمكّنه من تحديد مواقع المجوهرات، لن يقول لك شخصٌ ما: «هذا مستحيل!» ببساطةٍ لأنّ هذا خيالك، ملككَ، فضاؤك الحرُّ الّذي تستطيع فيه رسم ما تشاء، لا يوجد فيه قوانينٌ إلّا الّتي تحدّدها بنفسك، ولكن حذارِ أن تتضارب قوانينك ويصبح عالمك فوضويًّا، تخيّل ما تشاء ولكن دون اختلاق فوضى تسبّبُ التّشتّتَ للقارئ.
يمكننا إعطاءُ أمثلةٍ على فئة الفانتازيا بسلسلة روايات «هاري بوتر» الشّهيرة، حيثُ أنّ الكاتبة اخترعتْ قصّةً خياليّةً بحتة، تعتمد على السّحر، الحظِّ وبعض الكائنات الخياليّة، إلّا أنّها لاقت نجاحًا باهرًا؛ لأنّها وببساطة عملٌ فانتازيُّ رائع، ذو خيالٍ مميّز.
الخيال العلميُّ يختلف عنه، من اسمه، خيالٌ لكنّه يملك أُسُسًا واقعيّةً وسليمةً، لا شيءَ فيه نابعٌ من الصّدفة وكلُّ حدثٍ له سببٌ ومُسبّب، لا تستطيع الجزم بأنّ بطلك يطيرُ أو يلقي نارًا من بين يديه ببساطةٍ فقط؛ لأنّ ألف سؤالٍ سيواجهك، كيف فعل هذا؟ إلامَ استندتَ عندما أعطيته تلك القدرات؟
ولهذا تعتبر فئة الخيال العلميّ هي الأقربُ للواقع والأحبُّ للمنطقيّة، كما أنّها تخدم العقول واسعةَ الخيال مُحبّة المنطق، إذ تعطيهم حلًّا يفيدهم ويريحهم.
وعند ذِكر الخيال العلميّ لا يجبُ أن ننسى ذكر أعمال الكاتب العظيم جول فيرن، حيثُ كان علامةً في أدب الخيال العلميّ وتميّز برواياته الخياليّة المنطقيّة؛ ممّا جعل لها لمسةً ساحرة، على سبيل المثال رواية من الأرض إلى القمر وكذا رحلةٌ إلى مركز الأرض، فخضعتْ كلٌّ منها لقوانين المنطق بشكلٍ ما، رغم أنّها كانت خياليّةً بحتة.
إلى هُنا أعزّائي نُلقي كلمة الختام، أرجو أنّ شرحي كان مفيدًا، وأرجو أنّكم استمتعتم معنا، لا تنسوا طرح أسئلتكم دون تردّدٍ، وتذكّروا أنّ فريق النّقد دومًا بالجوار، ويحبّكم. -غمزة-
«لياما.. لياما أتسمعينني؟ أأنتِ بخير؟ لا تقلقي لقد أرسلنا المساعدة، إنّهم في الطّريق».
وأخيرًا عمل اللّاسلكي الغبي. -تبكي-
دُمتم لنا نبراسًا.
كتبتِ الفصل العضو لياما.
المصادر:
ويكيبيديا.
موقع المعرفة.
موقع arageek.
كتاب تنمية الخيال العلميّ.
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top