المكان في الفانتازيا
المكان في الفانتازيا
متاهة! أجل، هذا ما وجدت آليس نفسها به بعد مرورها بالكثير حتّى هذه اللحظة، ولكنّها لم تستغرب الأمر؛ فهما في النّهاية ذاهبين إلى بلاد الفانتازيا.
بينما أليس وأرنبها اللّطيف يجوبان المتاهة بغية إيجاد مخرجٍ منها، نظر الأرنب إليها للفت انتباهها قائلًا: «أليس أليس! هل تعلمين لمَ المكان عنصرٌ مهمٌّ في الفنتازيا؟»
رفعت حاجبيها مستغربةً من السّؤال العشوائيّ، مع ذلك ردّت: «من قال أنّ المكان مهمٌّ فِي الفـ...»
قطعت حديثها حين توجّه انتباهها نحو الغريب الّذي خرج على حين غرّةٍ من المتاهة، جعل فعلها الأرنب يصوّب عينيه حيث تركّز.
ظهر مخلوقٌ غريب المظهر متكئ على عصاه، بدا وكأنّه لم يأكل لأيامٍ وسيموت من أوّل نمسة هواء، رغم قِصر قامته إلّا أنّه لم يتراجع عن التّلويح بعصاه والصّراخ في وجهيهما: «فلتخرجا من حديقتي! أو سوف تندمان بعد ضياعكما في ما لا يسبر غوره!»
حدّق الأرنب وأليس ببعضهما البعض قبل أن تنفجر هذه الأخيرة بالضّحك ساخرةً منه: «توجد حشرة تودّ الموت».
نسخ الأرنب أفعالها: «حتّى أنا أستطيع إسقاطكِ بضربةٍ واحدة».
عقد الغريب حاجبيه من وقاحتهما الصّارخة، لم يوقف هذا أليس، لوّحت بيدها أمامه طاردةً إيّاه: «تنحّى جانبًا أيّها العجوز».
«حسنا إذًا...» تمتم المنادى بـ«العجوز» تحت أنفاسه، انتزع الغطاء الّذي يغطي به رأسه، وبنفس اللحظة أصبح أطول وبملامح جذّابة تُسقط قلب من يراه ببنطاله، ابتسم نحوهما وقلب عصاه بين يديه تعلوه نظرةٌ شرّيرة: «عودا إن استطعتما».
نطق بعدها بكلماتٍ غير مفهومة، ليظهر الأرنب مسجونًا في قفصٍ حديدي، أشار بها ثانيةً نحو نفس القفص: «عشائي لهذه اللّيلة».
وجه نظراته نحو أليس المتجمّدة مكانها: «بالنسبة لكِ، فلست مهتمًّا بتناول البشر، لكنّ تركك مستحيل».
قلب عصاه المشؤومة من جديدٍ ليرمي بسحره عليها مختفية على صوت قهقهاته، ما إن فتحت عينيها اللّتان اُغمضتا من المفاجأة حتى وجدت نفسها تهوي نحو بركةٍ من الفراشات، بدأت تقفز كالكنغر في محاولةٍ للخروج من هذا المكان.
لفتت انتباهها وجود لوحةٍ خشبيّةٍ ضخمةٍ و باليةٍ نُقش عليها «العالم البديل».
تبعت فضولها جارّةً قدميها لاستكشافه، تلاشى خوفها بالمنظر الجميل للمباني ذات التّصميم الملتوي بألوانٍ زاهية، حتّى العشب النّضر يتمايل مع همس الهواء، لاحظت نظرات سكّان المدينة لها، سبّب لها هذا ارتعابًا وتوتّرًا من جديد، لم تمضي لحظات حتّى وجدت نفسها مقيّدة من قِبل فرسانٍ بدروعٍ فضّيّة، عجز لسانها عن الحراك وعقلها عن استيعاب الصّدمات المتتاليّة، فقط حين حاولت لم يلقِ أحدٌ اهتمامًا لمَ تقوله أو تفعله.
رغم جمال القصر الجذّاب، وُسّعت حدقتيها لرؤيتها شبيهًا لها يجلس على العرش وكأنّ ما بينهما كان مرآةً.
نظرت شبيهتها الملكة ناحية الفرسان مبتسمةً فتركوا أليس أرضًا متراجعين خطواتٍ إلى الخلف، استقامت الملكة من عرشها تقترب منها حتّى وقفت مكانها عند رؤيتها العدوان في موقفها، ليّنت صوتها لتطمئنها: «فلتهدئي يا صغيرتي، نحن لا نبتغي إيذاءك ففي الحقيقة...»
لم يتسنى لها إكمال جملتها بسبب صوت فتح الأبواب العالي، وُجهت الأنظار نحو الدّخيل الوقح لمقاطعة ملكتهم. وياللعجب! إنّه السّاحر نفسه.
خرجت ابتسامةٌ صغيرةٌ من فمه: «مرحبًا ملكتي، سمعت بأمر دخيلٍ هنا، أين يكون؟ إنّي أودّ اللّعب معه».
ظهر على وجه الملكة انزعاجٌ واضح من قلّة أدبه وتصرّفه الطّفولي، انتبه على أليس أخيرًا ليتمايل في مشيته نحوها وهي من كانت تراه الرّعب بذاته: «أنا آسفة، رجاءً، لا تؤذيني!».
رفع السّاحر حاجبه مستغربّا قبل شدّ خدّيها قائلًا: «هاي أليس، ألم تلاحظي غرابة أنّكما متشابهتان؟ كشخصٍ واحد! أوه صحيح أنتما كذلك».
هتف بمرح بآخر كلامه، بينما نظرت كلتاهما إلى بعضهما بتساؤل، في الواقع لا تستطيعان تكذيبه فالشّبه بينهما لا يصدق.
صفّق السّاحر بيديه لجلب الانتباه له ثمّ أشار نحو الملكة بعصاه العجيبة: «أليس هذه كانت أكثر لطفًا وقدّمت لي بعض البسكويت! هذا ما جعلها تأتي برحلتها الممتعة للقمّة وتصبح ملكة»، حوّل عصاه نحو أليس الأخرى: «أمّا هذه كانت لئيمةً وأنا لا أحبّذ هذا النّوع من الأشخاص؛ فاهتمامهم فقط بأنفسهم»، ختم كلامه بتنهيدةٍ صغيرةٍ وأشار نحو السّقف ليظهر قفص الأرنب المنسيّ معلّقا بالهواء يُسمع صوت صرخاته في القاعة كامرأةٍ تلد.
تلاعب بعصاه جاعلًا من القفص يتحرّك بسرعةٍ كبيرة، فبدل التّوقف عن الصّراخ زاد صوته علوًا، تأسّفت أليس على صديقها الّذي يعاني، لم تُرد البقاء تراقبه في هذه الحالة: «توقّف أرجوك! أنا حقًّا أعتذر عمّا بدر منّي من وقاحةٍ تجاهك، لذلك دعنا نذهب، أعدك أنّك لن ترى وجهينا مرّة أخرى!».
أمال رأسه، واستوعب أنّه لم يوضّح شيئًا: «أليس هذا ليس بُعدك، وعليه فأنا لستُ السّاحر الّذي أزعجتيه مباشرةً، يجب عليك العودة إليه والاعتذار منه شخصيّا، لكنّ…»
«لكنّ؟» ردّت أليس لعدم فهمها لماذا توقّف عند هذه الكلمة، ارتفعت زاوية شفة السّاحر تاركةً تعبيرًا لا يُبشّر بالخير.
«عليّ عقابك أوّلًا، لنلعب لعبةً بسيطة».
«توقّف أيّها السّاحر!» رغم نبرة الملكة الحازمة تجاهل كلامها مكملًا إلقاء تعويذته، وجدت أليس نفسها وسط حلبة تبدو كالخاصّة بالمصارعة، ترتدي ملابس الفرسان مع درع بيدٍ والأخرى تحمل سيفًا خشبيًّا والسّاحر يطفو فوقها، بدأ يُقدم العرض للجمهور: «سيداتي وسادتي! أرحب بكم في مصارعتنا، معكم حشرتنا الصغيرة أليس».
لم يبدي الجمهور أيّ تفاعل نحوها، أكمل السّاحر متقلبًا في الهواء: «ضد نجمنا المحبوب الرّائع الّذي يُدمر المباني بمجرد لكمة ويقتلع الأشجار بيديه العاريتين، رحبوا بالسيد أرنوب».
يستقبل الأرنب نهاية كلامه بضرب الأرض والصّراخ بصوتٍ خشن ثم ينطلق ركضًا مع الهتاف نحو أليس المرتعشة، لقد اتخذ قرارًا بالقضاء عليها بالفعل حان وقت استخدام ورقتها الرابحة وهي إطلاق العنان لأقدامها هربًا، بالكاد تستطيع التفكير لإيجاد حلّ قبل ملاقاتها حتفها وقفت أمام الجدار ليتمّ خداعه بكوّنها دون مهرب ما إن اقترب تزحلقت بعيدًا عنه ليصطدم بالجدار الّذي انهار فوقه، صفق السّاحر للمنظر: «كما هو متوقع أرنب غبي، حتى لو امتلكت عضلات بعالمك أو العالم البديل!».
زحف الأرنوب من تحت الأنقاض، علق الأرنب داخل القفص مقلبًا بعينه السيد أرنوب: «أبدو رائعًا هكذا، انظرو إلى هذه الوسامة والعضلات المفتولة».
اقتربت الملكة من الحلبة موجهةً كلامها إلى أليس: «لقد أبهرتني شجاعتك، سأقوم بمساعدتك وإعادة الأرنب إذا استطعتِ الإجابة على سؤالٍ بسيط، ماهي أهمية المكان بالفنتازيا؟»
تذكرت كوّنها سمعته قبلًا وبدأت في التفكير بعمق لهذا السّؤال المصيري.
صاح الأرنب من فوقها بغية المساعدة: «أهميته من أهمية بيتك!»
لم تلقي بالًا لكلامه وأطلقت ما تراه صحيحًا من أفكار: «علمت! لنقل أننا برواية خياليّة لم يتمّ تحديد المكان بها، ألن يكون مملًا قاتلًا للمتعة والتّشويق؟ فأهميته تكمن في إبراز الخفايا، إيصال الفكرة للقارئ وإضافة الحماس للخيال».
دوى صوت فرقعة سعيدة من السّاحر: «أحسنتِ، هل هذه إجابة طفل بالخامسة من عمره؟ ما ألطفك!»، أكمل الساحر كلامه مشيرًا إلى الملكة: «هي قالت ستساعدك لكنني لن أفعل».
فرقع أصابعه معًا ليختفي مع الأرنب، قامت الملكة بفتح باب سري لتلحق أليس بهما، استجمعت هذه الأخيرة ما تبقى داخلها من شجاعة لتقفز داخله.
وجدت نفسها تعبر بين الشجيرات ركضًا، ترى من بعيد سنجابة تسير مع فتى يتحدثان قبل مقاطعتهما في ظهور فتاة شابة جميلة تخبرهم بدخول الغابة ويقابلها الرفض والتنمر على طولها.
بثوانٍ تحولت إلى عجوز تنبعث منها هالة شريرة شعرت بإحساس غريب وكأنّ الأمر تكرر، حينها ترى السّاحرة ترفع مكنستها وتضرب الشاب محذرةً بكلماتها: «أخبرتك أن تدخل وإلّا-»
هربت قبل سماع ما تبقى من كلامها، دخلت معبدًا ضخم وأُغلق الباب فور دخولها، كانت الآثار والتماثيل الحجريّة جميلة رغم شقوق ما خلفه القِدم عليها.
انتبهت لكتاباتٍ تقابلها على الحائط الغليظ «نور بنهاية النفق = .2».
استمرت بالسير لوجود المزيد من هذا: «السّاحر سيهزم و يصبح مثل الخميرة = ..5».
مجرد التفكير في السّاحر كالعجين جعلها تضحك، ما يزال هناك المزيد من هذه النقوش: «كساء = 3».
الكلمة غريبة عليها ولم تستطع فهمها، لربّما إذا استمرت ستفهم ما المغزى من كلّ هذا.
«حلّ اللّغز يعني تميّزك =4 ..».
ليس مهمًا، لا شيء مهم بعد رؤيتها الباب الكبير بعيد، تقترب منه لتجده منقوشًا بالكلمات أيضًا: «مُرّ الحياة هو ما يعطيها لذتها = 1.»
تظهر 5 حروف أخرى كلما زاد اقترابها سبقتها كلمة: «العالم الـ»، تتذكر الكلمة الّتي تحدثت عن لغز لتعلم أنّ عليها القيام بحلّ هذه الأحجيّة الصعبة للخروج.
تجلس للتفكير بشكل أوضح هل تدمج الكلمات؟ أم الحروف؟
ظهر الشاب الّذي كان مع السنجابة من العدم لكنّ بدونها: «كيف أتيت هنا؟»
الشاب نفسه كان مستغربًا من سؤالها: «من الباب، برأيك من أين؟»
لكنّها ظنّت أن الباب مغلق فكيف هذا: «هل الباب مفتوح؟»
بدا الإنزعاج واضحًا بمحياه ونبرة حديثه: «لا، قد أقفل حين دخلت».
زفرت بيأس: «حسنًا، لنحاول حلّ هذا اللّغز فيتسنى لنا الخروج».
وافق لكوّنه يريد الخروج، انتابت أليس فكرة جعلتها تبتسم بغرور، حركت أصابعها لكتابة جملة: «العالم الموازي».
فتح الباب لتعلوها ابتسامة انتصار لتشرح بغرور: «نقطة واحدة تعني أن تقوم بعد الحرف بعدد الكلمات والكلمة الّتي تَعدّها تتوقف عندها ثم تَعدّ الأحرف حسب الرقم كذلك، وتسلسل الحرف هو نفس الرقم».
خرج كلٌ من أليس والشاب، أول ما وقعت أعينهما عليه كان الأرنب داخل القفص والمفتاح فوقه، الصادم كان وجود السنجابة ميتةً أمامه، بينما أليس أسرعت لإخراج صديقها الأرنب الفتى اهتم بالسنجابة والدموع تملئ عينيه لفقدانه صديقته الوحيدة.
ظهر السّاحر يتمايل فوقهم مبتسمًا كعادته يطلق كلماته ساخرًا: «أتعلم لمَ سنجابتك ماتت؟ لأن أرنبها حيٌّ هنا، بالعالم الموازيّ إمّا أن يكون حالك أفضل من شخصيّتك الأخرى أو أسوء… وياللأسف كنتَ الخيار الثّاني».
نما الحقد بنظرات الفتى اتجاه أليس، أراد خنق الأرنب لكنّ أليس رمت القفص عليه وهربت مع أرنبها، لم يستسلم فلاحقها أمّا السّاحر مستمتعٌ بالفلم أمامه.
تفتح بوابة دخلت منه أليس وأرنبها وحدهم، أراد الأرنب شكر أليس لولا التحول الغريب في شكليهما، أصبح لأليس أرجل حمار وأنف خنزير وبالمقابل اختفت آذان الأرنب وتحولت أقدامه لأقدام بشر بعضلات.
سمع صوت السّاحر منفجرًا ضحكًا: «أصبحتما أجمل، بما أنّ هذا المكان هو آخر محطة لنا فقد تعبت من اللّهو بكما، سأعطيكما فرصة، إمّا أن تنجحا فتخرجا أحياءً أو تضيعا إلى الأبد في العوالم الثلاث بهذا الشكل».
أراد كلّ منهما البكاء، قلّب الأرنب عينيه نحو شكل أليس الجديد سائلًا إيّاها: «هذا مريع، أين نحن على أيّ حال؟»
«لا أعلم، لكنّ السماء زهريّة بشكلٍ غريب، هل ذلك الحمار يرقص الباليه؟!»
أدار الأرنب رأسه بسرعة إلى حيث تنظر، رأى حمارًا يرتدي ملابس باليه راقصًا بكلّ براعة بجانبه قِطٌ يرتدي جينزًا ضيقًا مع كعب عالي، لم يقتصر الأمر على الحمار والقط، فقط فهنا فجلة تبيع البصل، هناك وحيد القرن يلاعب السمكة الفضيّة داخل الحوض.
حاولا معًا الوقوف لتتبين لهما حروف تطفو وحدها بالسماء بعضها يغني والآخر يطبخ، بسبب حركتهم الّتي لا تتوقف بذلت أليس جهدًا لقراءتهم وقد أعاقها حركتهم لتتضح أنها: «أهلًا بكم في عالم الخيال».
«عالم الخيال ها؟ هذا يفسر هذه الغرابة، لازال المكان المفضل للجميع».
أردف الأرنب يحافظ على توازنه بصعوبة بسبب أقدامه الجديدة: «نستطيع تخيل أنفسنا على طبيعتنا؟»
فكرة أليس لربّما تكون مناسبة، أغمضا عينيهما للتخيل... ياللأسف فشل هذا، أطلقا تنهيدة محبطة، لكنّ ما الفائدة من البقاء والنحيب.
سمع الأرنب حوارًا يدور بين الكعك والفطائر عن العمدة الّذي يستطيع حلّ مشاكل الجميع وعن عبقريته، فسحب أليس لسؤالهم عنه ثم الذهاب إليه.
دخلا منزلة العمدة، رحّب بهم كأس شاي يسألهم عن مشكلته، بدأت أليس: «السّاحر جعلنا هكذا، أنا الآن قبيحة!»
قاطع الأرنب سلسلة شكواها «هي قبيحة منذ زمن، لقد جعلها أكثر جمالًا، هو يمنعنا من العودة إلى عالمنا».
تصاعد غضب أليس لكلمات الأرنب الجارحة: «اصمت! أرجوك أيّها العمدة ساعدنا كيّ نستطيع هزيمة السّاحر والعودة كما كنا».
«لا بدّ أنكما متعبان، تفضلا بعض الماء»، قال العمدة فقاما بشربه، أمّا هو أكمل كلامه: «الآن تستطيعان هزيمة السّاحر، هذه مياه مدينة الخيال تعطيكما القوة! لذا انتقما منه الآن».
زاد ارتفاع الأدرينالين عندهما بسبب كلامه، حلّق بهما العمدة ليشاهد ما يفعلانه، انطلقا في شجار مع صرصور، تنهد على غبائهما، ناداهما ليسرعا نحوه ويقوما بضربه، صرخت أليس بحقد بينما ترفسه بقدمها: «أنتَ من جعلني قبيحة، سأجعلك أقبح مني!».
لم تكن نبرة الأرنب أقل حدّة وحقد: «أنتَ من أخذ عضلاتي، سأنتقم منك!».
بدأ العمدة بالصراخ كالأطفال، نال جزاءه من تقديم شراب مخمور للسّخرية منهما، نادى حراس الحلوى لإبعاده عن هذين المسعورين، أمر برميهما خارج المدينة وخلال تنفيذ العمليّة قام الأرنب بتناول قطعة من أحد الحراس لكوّنه بالنهاية مجرد حلوى، بدأ كلاهما بالبكاء، أمّا السّاحر الّذي يراقب حدّق بشماتة: «سأعيدكما قبيحين كالسابق، لكنّ لدي سؤال مقابل، بعد زيارتكم للعالم البديل ماذا يكون هو برأيكما؟»
مسحت أليس دموعها: «هو مثل عالمنا، لكنّ الفرق أنه يحدث تغيّر رئيسيّ يجعل الأحداث تأخذ منحنى آخر، مثل أليس الّتي لم تكن وقحة مثلي عكس ما فعلت، غيرت الأحداث وأصبحت ملكة».
تحوّل تلاعب السّاحر للرضا قائلًا: «لأنّك اعترفتِ بوقاحتك سأعيدك وحدك، أمّا أنت سأعطيك سؤالًا مشابهًا ما هو العالم الموازيّ؟»
اقتربت أليس بغية تغشيش الأرنب كوّنها تدرك مدى غبائه، أشار السّاحر بعصاه تحذيرًا: «سأُعيدك جميلة كالسّابق».
أطبقت شفتيها لأنّها غير مستعدة للمخاطرة، صرّح الأرنب المسكين بيأس: «سؤال آخر أرجوك، هذا صعبٌ جدًّا».
أومئ السّاحر شارحًا: «العوالم الموازيّة هي مجموعة تحدث فيها أشياء ليس من المفترض أن تحدث يا عزيزيّ، أيّ أن تولدي كفتى أو لا تولدي من الأساس، أيّ أن نلتقي هنا أو لا نلتقي أبدًا، إنّ عوالم تعاكس بعضهما فقط، بعد فشلك سأعطيك سؤالًا أخيرًا».
قاطعه الأرنب مسرعًا: «ستسألني عن عالم الخيال! حسنًا سأجيب، هو العالم الّذي كلّ شيء به ممكن، حتى أحلامك يمكن أن تتحول لواقع هنا».
أعاده السّاحر لطبيعته، كما فعل مع أليس: «لم أتوقع إجابة من أحمق مثلك، الآن وقت عودتي، وضياعكما للأبد».
قام الأرنب بإخراج قطعة الحلوى الّتي أخذها من الحارس المسكين، مدّها للسّاحر بأسف: «نعتذر على وقاحتنا سامحنا رجاءً».
لان قلبه لهما بعد أن تمّ مسح الأرض بهما من قبله، ليقوم بدفعهما عبر البوابة التالية الّتي فتحها بمفتاح معلّق برقبته ولكنّ قبل أن يغلقها ألقى تعويذة في الهواء باتجاه الأرنب وابتسم بشرًّ يهمس لنفسه بأنّه سيكون من الممتع مقابلته لاحقًا في بلاد الفانتازيا.
ثم استدار السّاحر للشاشة قائلًا وهو يحرك عصاه: «حسنًا أعزائيّ القرّاء، أنا لستُ شريرًا كما تتوقعون، أودّ سؤالكم فقط، ماهو عنصر المكان تحديدًا بالفنتازيا؟ أبهروني بحكمتكم!»
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top