أسدل الستار
أرضُ الظلامِ تحوم الغربان حولها من كلّ جانبٍ، ومنازل السّكون تنبت على عشبٍ أسودٍ كاحل، ويمتلك فيها شياطين الإنس والجنّ صولجان الشرّ مُفرغين به ضوءًا أحمرًا دمويّ!
يسيطر على العالم باثًّا شرّهُ ورعبه عليه مستمتعًا ومتلذّذًا بمخاوف العالمين.
وبهذه المناسبة المليئة بالخوف والذّعر والشّرور وزّعوا الهدايا وعلّقوا زينةً على شكلّ أرواحٍ شرّيرةٍ بأرجاء منازلكم، مُهّنئين مُباركين لكاتبتنا المبدعة SAKU______RA الّتي أبهرتنا وسحرتنا مثلما أخافت قلوبنا وأخذت عقولنا بقصّتها المرعبة والمخيفة «شيطانٌ من الرّخام» والّتي ترنّمت بفوزها بمسرح الرّعب بعرضٍ مُخيفٍ للغاية!
مُباركٌ لكِ أيّتها المبدعة ونرجو لكِ المزيد من التقدّم والتألّق سواءً بفئة الرّعب أو بالفئات الأخرى.✨
لكن وقبل أن ننتقل لنقدنا المتواضع لقصّتكِ الرّائعة؛ نودُّ أن نعرض لكم الغلاف المُبهر الّذي صنعه جنود التّصميم لقصّتكِ المخيفة «شيطانٌ من الرّخام» ونأمل أن يلقى إعجابك.
نقد قصّة «شيطان من الرّخام»
كما قالت أمٌ عظيمة «احمي طفلًا قد خشي الذعرَ يومًا، حتّى لو ستُصرف شيطانَ الوهمِ بحلمهِ» فقد أظهرت براكين تلك الجملة عن حياوات الرّعب الّتي نلتقي بها دومًا وأبدًا، ومرايا الدّماء تأتي للأحلام وتُذهِب عنّا السّلام والراحة، فتتبدّل بسكون روحٍ شيطانيّةٍ غريبة، تُخيف القلب وتشلّ عظام الجسد، وتذهب عقول الواعين مشيبًا.
حتّى نبصر ماضيًا أليمًا، علينا بالتطلّع إلى نجوم السّماء الحالكة، رغم الضّياء والهياج الّذي تطلقه، إلّا أنّها قد تحمل طغيانًا وكِبرًا لا نعلم ماهيّته تمامًا، أو تسكنُ روحٌ شيطانيّةٌ بأحجار الزقاقِ الصّلبة؛ حتّى تتخفّى في سردابِ الشرِّ؛ لتفعل ما تريده إرضاءً لرغباتِ السّواد الآدميّ، فقربانٌ نقدّمه لهم كفعلٍ شنيعٍ، ولا نبالي بأن الربّ عزّ وجلّ يراقب ثواني حياتنا دومًا!
إنّما الفكرة القصصيّة بقصّة «شيطانٌ من الرّخام» قد أسقت جذورها بالماء الكتابيّ ونمت حتّى انبثقت منها فكرةٌ غريبة الأطوار نوعًا ما؛ أمٌ قد رزقها الله بثلاث أطفالٍ كالملائكة. القدر دائمًا ما يبهرنا بما يخفيه، فتجد حالة الأمّ الشّخصيّة أرملة! قد أخذ الله منها زوجها الّذي طالما أغرقته بعشقها وحبّها له، سبحان الخالق! قد أجبرتها الحياة بأن تبحث عن منزلٍ جديدٍ وعن العمل الّذي ستكفل به نفسها وأطفالها الصّغار، فذهبت بها الحياة لأن تعيش في منزلٍ قد أظهرت الأحداث أنّه قديمٌ تقريبًا في بلدةٍ قد هجرها النّاس من ظُلماتها وضبابها الكثيف؛ نجد بعدها أحداثًا مخيفةً تجسدّت على هيئة تمثالٍ شيطانيٍّ لعين، قد لاحق الشخصيّات أثناء القصّة!
قد يبدو قالب الفكرة الظاهريّ مبتذلًا أو مكرّرًا، كما نعلم بأن الشّياطين قد تسكن الأثاث الّذي بمنزلك حتّى! وفكرة التّمثال المسكون وُجدت بالكثير من الأفلام والقصص حتّى، ولكن! ببراعة الكاتب وإبداعه قد تتحول فكرةٌ قصصيّةٌ مكرّرة إلى فكرةٍ مبتكرةٍ بفضل الأحداث والحبكة، ذاك ما فعلته الكاتبة مؤكدًا، فاستطاعت مبدعتنا فكّ ثغرات وهفوات الفكرة الّتي لاحقتها أثناء الكتابة، وأحسنت بتمثيل فكرتها الذهبيّة إلى أحداثٍ وصراعاتٍ أحدثت التّشويق والفزع والرّعب بنفس القارئ.
عند اكتمال الشّيء، يصبح هو مثال الجودة وممتاز المقام، قد تتغاضى بعض الأحيان عن مُفكّرات عقلك؛ لتكمل الأحداث بتشويقٍ وانفعال، وهو ما لم تتحكّم به الكاتبة تحديدًا، فلا نستطع عدم ذكر ذلك أثناء نصّنا النقديّ! إذ سردت الكاتبة أحداثًا قليلةً تُعتبر! ولكن كان يجب أن تأخذ حقّها من الذّكرِ أيضًا، فمثلًا حدث مجيء ماري جارة جينفير، حدثٌ غير مبتكر، فقد وجدنا أحداثًا كهذه موجودةٌ بالكثير من القصص للأسف، لِمَ لا يُستبدل هذا الحدث بحدث وجود جينفير مع ماري وهي تصرخ وتبكي مثلًا فجأةً؟ أو إنتاج أحداثٍ أخرى غير ذلك؛ حتّى تبعتدي تمامًا عن وجود ثغراتٍ في الفكرة؛ لِذا قولًا واحدًا نقول، بأنّ الفكرة جيّدة جدًا أقرب أن تكون ممتازة، وبالانتباه جيّدًا لِما نقوله، سوف يتحفّز خيالك وتبدعين أكثر وأكثر بالمرّات القادمة!
و لا ننسى وجود المغزى من الفكرة الأساسيّة، فذهبت بنا جسور الفكرة نحو مسارٍ بسيط، فالاحتراس الواجب موجودٌ بفطرة الإنسان لا محالة من ذلك! فتتعلّم كذلك بأن تبحث أكثر عمّا ستفعله مستقبلًا، فلا تعلم يا عبد الله، قد تكون هناك مظاهرةٌ وقطيعٌ مظلم وموحش، ينتظرك ويتمنّى أن ينقضّ عليك بأيّة لحظة، فتمّ إيصال المغزى بشكلٍّ ممتازٍ، وأظهرت الكاتبة الكثير من المواضع الّتي يجب ذكرها أثناء سيرورة الأحداث.
يُختطف القارئ في بداية الأمرِ بسرعة، فشريطٌ من التّكوينات القصصيّة المثاليّة تبيّن لنا صناديق عديدة تحوي عناصرًا جذّابة مؤثّرة! وكلّامٌ عن النّص النفسيّ للقصّة؛ فنجد المقدّمة قد أخذت لنا مجرًا آخرَ من النّقودِ المفزعة! كحلولٍ لبعض المشاكل النفسيّة لجينفير الأم الواعدة والحامية لأطفالها الصّغار.
فبدأت مقدّمة القصّة بسيّدةٍ جميلةٍ تُدعى «جينفير ماكلاويد» تقود سيّارتها صوب بلدةٍ تُسمّى «توفيلد»، وقد وصفت الكاتبة البلدة بأنّها مظلمةٌ وضبابيّةٌ نوعًا ما، وقد كان معها أطفالها الصّغار «جون، آلين، وسوزي» إضافةً إلى كلبها كاسبر وكما ذكرت الكاتبة بوصفٍ مميّزٍ فإنّ الحزن والآلام قد احتلّت أجزاء وجهها الشّاحب، كأنّ ذكرى قديمة قُطِّرت بعقلها بألم، حتّى تساءلنا ما تلك الأحزان الّتي واجهتها الأمّ بالماضي؟ هل فقط تذكُرها لزوجها الميّت؟
وقد عرف القارئ بأنّها ذاهبةٌ إلى منزلها الجديد، الّذي اشترته بثمنٍ بخس، ممّا وضّح لنا أنّ الحال الاقتصاديّ للأمّ متوسّطٌ نوعًا ما، ومع تشويق المقدّمة والغموض الّذي احتوته بنهايتها إذ أنّها وجدت بابًا خشبيًّا قديمًا ومُهترئ، مُغطّى بستارةٍ قديمة للغاية، حين أزاحتها وجدت بأنّ منزلها خلفه مقبرةٌ مسيحيّة، تعلوها أشجار الأرز مظلّلةً إيّاها؛ حتّى عجزت أشعّة الشمس الصّفراء عن الوصول إليها، ويخبرنا الرّاوي بأنّ الأمّ لم تكن تعلم بوجود المقبرة خلف المنزل، عند تحدّثها مع المالك الأصليّ.
نقطة الخلاف بين الحدث والواقعيّة تكمن هنا:
عند وصف الكاتبة للمنزل وصفًا مميّزًا، وصفت أنّ المنزل لديه رواقٌ خارجيّ، أي أنّ ذلك الرّواق مفتوحٌ، كسرد حدث أنّ جينفير رأت آلين من غرفة الجلوس بالمقبرة! إذًا ألم تلاحظ جينفير بتاتًا المقبرة عند رؤيتها للمنزل أوّل مرة؟ كان يجب إيضاح ذلك أكثر.
كانت مقدّمة القصّة هادئةً لم يكن بها حدثٌ كبيرٌ يشوّق القارئ أكثر، ولكن كفكرة رواية مرعبةٍ كهذه، فإنٌنا نجد أنّ هدوءها والغموض الّذي احتوته قليلًا هو ما جعل بداية النصّ القصصيّ بدايةً مُوفّقةً من الكاتبة، ورمت بنفسِ القارئ المزيد من الاستغراب والتّشويق.
الحدث التّالي، بعدما ذهب الأطفال إلى المدرسة، وأصبحت جينفير تبحث عن عملٍ عن طريق جهاز الحاسوب، وفشلها في ذلك مؤكّد! فكيف تجد عملًا بتلك البلدة الّتي تعيش بها؟ ولكن يسيرُ الوقت لدقائق معدودة؛ حتّى تتعرّف جينيفر على جارتها ماري، الّتي دقّت بابها وأتتها بسلّةٍ بها القليل من الطّعامِ، وبدأت جينفير بتبادل الحديث مع ماري، حتّى عاد الأطفال من المدرسة «جون، وآلين، وسوزي» وابن ماري الصّغير «توم».
اشتدّ الصّراع الخارجيّ منذُ ذلك المشهد المفزع! وهو قول جون الصّغير بأنّ هناك يدان باردتان قد لامسته البارحة وهو نائم! وعاند الطفلُ الصّغير مصرًّا أنّ الّذي كان يلمسه هو يدا أمّه لا غير!
قد وصفت الكاتبة بدقّةٍ الجانب النفسيّ للأمّ، فلقد صُرعت ممّا قاله جون ابنها! وخفق قلبها يدُق بنبضات الرّعب والخوف، وأقنعت نفسها وابنها بأنّ تلك مجرّد تهيّؤاتٍ وهلاوس لا صحّة لها، ولكن هل كانت الأمّ مُحقة فيما تقول؟ أيمكن أن تكون فقط هلاوس مخيفة؟
الحدث التّالي، بعدما خرجت جينفير من غرفتها هي وآلين وسوزي إلى الحمّام، قد لُحِم السّرد بخيوطٍ سوداء مخيفة، أظهرت ظلّ جينفير الّذي أصبح ساكنًا على الحائط! وبدأ ذلك الظلّ يكبر شيئًا فشيئًا مُشعلًا الخوف في قلوب القرّاء، متحوّلًا إلى شخصٍ ليس بآدميٍّ مطلقًا بل إنّه شيطان!
هنا لاحظنا مشكلة مهمّة جدًا بالأحداث، فلقد اتّخذت الأحداث تحوّلًا كبيرًا على نحوٍ سريعٍ قليلًا، في أحداثٍ كهذه يجب أن يُستخدم السّرد للتّمهيد؛ حتّى يستوعب القارئ ما يقرأه؛ ممّا سيزيد الخوف والقلق في نفسهِ، لكنّ السّرعة تسرق من القارئ شعور الانفعال أو الرّعب أثناء الحدث الّذي مرّ سريعًا نوعًا ما.
الحدث الّذي بعده، امرأةٌ تستدرج آلين إلى المقبرة! بعدما رأتها جينفير من نافذة الرّواق الخارجيّة، حتّى تخبرها آلين بأنّ هناك سيّدةٌ قد طلبت منها أن تلحقها للمقبرة! من تلك المرأة يا تُرى؟ أهي من الشّياطين أم من الأرواح؟ إذ برز الصّراع الداخليّ بروحِ الأم عمّا يحدث لها في ذلك المنزل المخيف من أحداثٍ غريبةٍ ليس لها تفسير! أو أدلّة علميّة موزونة.
تاليًا ظهر قسّيسٌ يُدعى سباستيان في المقبرة عندما دخلتها جينفير، ثم تبادلا الحوار معًا، وسرد لها القسّيس ما حصل في تلك المقبرة الّتي شُوهد بها من قبل جينفير تماثيل منحوتةً وعليها صلبان، من بينهم تمثالٌ للقدّيسة مريم العذراء والمسيح عيسى عليه السلام.
فقد تبيّن من كلامِ سباستيان أنّ البلدة قد تعرّضت لفيضانٍ قويٍّ هَّجر سكّان القرية من بيوتهم، فيما بعدها بمدّة ظهرت مجموعاتٌ من النّاس مارست عبادة الشّياطين، عبر أفعالٍ شنيعةٍ بالمقبرة وتقديم القرابين للشّيطان، وهو ما قد أوضح لنا حقيقة الأمر، بأنّه قد يكون السّبب فيما يحدث لجينفر شيطانٌ يريد التّخلّص من الأمّ وأبنائها!
أحداثٌ قد خيطت عن شريان القصّة وهي الحبكة على شكل انحدارٍ انسيابيٍّ متسلسل، قد تكوّنت الحبكة البسيطة من عُقدةٍ واحدةٍ وهي صراع الأمّ مع الشّيطان الّذي تجسّد على هيئة تمثال!
فسارت الحبكة بشكلٍ متسلسلٍ ومُرتّب، فقد توضّحت الحبكة عندما اختفى توم فجأةً، ووجوده ميّتًا عند أحد القبور بالمقبرة وأنّ من قتله وفعل تلك الأشياء المخيفة بالمنزل هو شيطانٌ متجسّدٌ على شكلّ تمثال، ذلك الّذي عرفته جينفير عندما رأت التّمثال بإصبعٍ مفقود! ثمّ دخلت غرفة نوم توم بمنزل ماري، ووجدت ذلك الإصبع ها هناك بكلّ بساطة!
القول الفصل، بعض الأحداث سارت بطريقةٍ سريعةٍ للغاية، وهذا ما رأيناه عندما اكتشفت جينفير الشّيطان بسرعةٍ فائقة دون التأكّد حتّى، فما الّذي جعلها واثقةً وثوقًا تامًّا أن التّمثال هو السّبب؟ فقد أخلَّ ذلك قليلًا بالحبكة ممّا حال بينها وبين أن تكون حبكةً ممتازةً مثاليّة، كان من الجيّد أنّ الكاتبة لم تهمل الأحداث التمهيديّة في القصّة، وأعطتها مجرًى مناسبًا بالقصّة، ولكن هذا لا ينفي وجود الثّغرات الّتي وقعت بها بالحبكة قليلًا، فنقول بأنّها حبكةٌ جيّدةٌ جدًا أقرب لأن تكون ممتازة؛ والإنصات لِما قلناه جيدًا؛ سيطوِّر الحبكة أكثر وأكثر، ويجعلها أكثر قوّةً ومتانةً ممّا هو الحال عليه بحبكة قصّتك الجميلة.
قد ترك عنصر التّشويق بكلّ موضعٍ من مواضع القصّة أثره، رغم عدم وجوده في مواقع قليلةً، إلّا أنّه أدّى وظيفته بالشّكل المطلوب للقارئ، فرأينا الأحداث المشوّقة تتّخذ طريقًا منتظمًا أثناء سريان الأحداث، ومنها انبثق حبُ التطلّع والاكمال في نفس القارئ على نحوٍ ممتازٍ.
تلك الكائنات الحيّة بالقصّة تتماشى وتتماشى؛ لتعطي الطّابع الحيويّ للنّص الكتابيّ، وهي من تقع الأحداث لها، والّتي يظهر عليها الاندماج والانفعال بسيرورة الأحداث الّتي تحدث معها، فكان لعنصر الشّخصيّات النّصيب الأقوى من الذّكرِ بنصّ نقدنا المتواضع.
جينفير، الشخصيّة الرئيسة بقصّة «شيطانٌ من الرّخام» أمٌّ لثلاثة أطفالٍ، توفّى زوجها بحادث عملٍ، وأصبحت هي من تتكفّل وتعتني بأطفالها وحدها، حولها تمحورت الفكرة والأحداث كلّها.
تكوينًا خَلقيًا، كانت ذو جمالٍ ناعمٍ وطبيعيّ، بشعرٍ بنّيٍ قصير مع بضع خصلاتٍ عسليّة وعينين عشبيتيّن، فأجادت الكاتبة الوصف الخَلقيّ لجينفير بطريقةٍ جيّدة.
تكوينًا خُلقيًا، امرأةٌ امتازت بالخوف والضّعف كثيرًا، ولكن حصلت على بعضٍ من الشّجاعة والمثابرة حتّى تحمي أطفالها من الشّيطان اللّعين، رغم ظهور خوفها وضعفها، ولكن هذا لم ينفي ظهور شجاعتها، كانت خجولةً كذلك عندما تتكلّم مع الشّخصيّات الأخرى، والّذي كان مشوّشًا قليلًا بهذا الوضع، فلم نرى أحداثًا تثبت خجل جينفير القليل حتّى، وهذا ما عليك العمل به المرّات القادمة.
أمّا تكوينها النفسيّ، فقد وصفته الكاتبة جيّدًا، فمن أحزانها وآلامها الّتي تعانيها عندما تتذكّر زوجها تشارلي، وأيضًا الخوف والرّعب الّذي تشعر به في كلّ أحداث القصّة بسبب الشّيطان، وقد تمّ إيضاح مشاعرها وأفكارها بكلّ حدثٍ بالقصّة تقريبًا.
تكوينًا اجتماعيًّا، وكما علمنا فإنّ حالتها الماديّة كانت صعبة قليلًا، عند شرائها لمنزلٍ ذو سعر بخيس؛ لأنّها لا تملك المال الكافي لشراء منزلٍ أفضل، كذلك يظهر عندنا أنّها كانت تحب تكوين الصّداقات المختلفة.
لم نرَ للأطفال الثّلاث دورًا واسعًا بالقصّة؛ حتّى ظننّا بأنّهم شخصيّاتٌ ثانوية، لم يتم إيضاح أيّ جوانب شخصيّة لهم غير الخَلقي والاجتماعيّ فقط، إذ لم تظهر مشاعرهم، خوفهم أو رعبهم بالشّكل المطلوب والوافي، إذ أنّهم أطفالٌ بالمدرسة، أيّ كِبارٌ بما يكفي ليدركوا ما يجري ويخافوا ويشعروا بالحزن والفرح كذلك، لذا كنّا نودُّ أن تعطي الكاتبة لهم المساحة الكافية للتّعبير عن شخصيّاتهم.
علاوةً على ذلك، فإنّ الشخصيّات الثانوية الّتي تمثلت في «ماري، القسيس سباستيان، توم» كان دورهم وافيًا وممتعًا بالقصّة، فقد ظهرت جوانبهم كلّها خُلقيًا وخَلقيًا ونفسيًا واجتماعيًا، كما ولاحظنا إنقاذ سباستيان لجنيفير من التّمثال الّذي كاد أن يقتلها بل وقام بتكسيره إلى قطعٍ صغيرةٍ مخلّصًا إيّاها والبلدة منه إلى الأبد.
نهايةً، فإنّ عنصر الشّخصيّات قد برعت به الكاتبة وجعلت منه جبالًا وهضابًا ناصبةً بالقصّة، عدا الإهمال القليل بأطفال جينفير، إلّا أنّ الشخصيّات ككلّ كانت ممتازةً، وظهر اندماجها وتفاعلها مع الأحداث بالشّكل الصّحيح والمطلوب.
انتقالًا للزّمان، فقد كانت أحداث القصّة تقع عام ألفين واثنين وتحديدًا بداية اليوم الثّامن عشر من شهرِ سبتمبر، لكن هذا لا ينفي بتاتًا الضعف الّذي يُعاني منه عنصر الزّمان بالقصّة، فقد ذُكر المساء مرّةً واحدة! ولكن الوصف هنا كان ضعيفًا أثناء الزّمن التفصيليّ للأحداث، وكان من الأفضل أنّ توسّع الكاتبة دائرة الماضي قليلًا عبر استخدام خاصّيّة «الاسترجاع الزمنيّ» حتّى يعلم القارئ ماهيّة ماضي المقبرة والبلدة أكثر ممّا رواه سباستيان على جينفير؛ لذلك اذكري الزّمان بالتّفصيل للأحداث؛ حتّى يشعر القارئ بوجود ذلك القالب الحسيّ أثناء قرأته لنصّك القصصيّ.
أمّا بالنّسبة للمكان، فقد كان بالتّحديد في دولة كندا، ببلدة توفيلد الواقعة في شرق وسط مقاطعة ألبرتا الكنديّة، كذلك كان المنزل من طابقين متوسّط الحجم وذو نوافذ مستطيلة، تتوسّط طابقه العلويّ نافذة الرّواق ذات السّقف المثلثيّ، فتمّ إيضاح ووصف المكان جيّدًا، كذلك المقبرة المظلمة وبلدة توفيلد كذلك.
وحديثًا عن الصّراع، فإنّ الصّراعات الداخليّة كانت موجودةً بوضوح، فصراع الأمّ مع نفسها حول ما يحدث لها من غرائب إلى اكتشافها للحقيقة الكاملة حول الشّيطان المتجسّد على شكلِ تمثالٍ من الرّخام؛ وكما ذكرنا فإنّ الجانب النفسيّ منها قد أبرز الصّراع الداخليّ، أمّا الصّراعات الخارجيّة فقد ظهرت بحُلتها السوداويّة والمرعبة، كمثل صراع الأمّ مع الشّيطان ومحاولة حماية أبنائها منه، أمّا الطّرف الأقوى في هذا الصّراع فقد كان الشّيطان، لكن تذكّرها لكلّام سباستيان بأنّ الرب سيساعدها، هو ما جعلها أقوى وأشجع ودفعها لأن تحاول أن تتغلّب عليه.
وبراوٍ سماويٍّ مجيد، كان عالمًا بكلّ شيءٍ بالقصّة، وكان اختيارًا موفّقًا من الكاتبة لسرد الأحداث بالشكلّ الصحيح، وأدّى وظيفته السّرديّة والوصفيّة بالشكلّ الصحيح، رغم أنّه قد شوّش على القارئ قليلًا ببعض الأحداث، فقد ظنَّ القارىء أنّ التمثال هو تمثال مريم العذراء، ولكن مع تقدّم الأحداث أظهر لنا السّرد بأنّه ليس هو! أيضًا قد ضعف قليلًا بوصف مشاعر الأطفال بشكلٍ أعمق، كذلك الزّمان كما ذكرنا سابقًا.
عباراتٌ تتجمّع مع عباراتٍ مكوّنةً جملًا سرديّةً ساحرة، فقد برز تسلسل السّرد من البداية إلى النّهاية، وكان مُدعّمًا تدعيمًا كافيًا من ناحية المضمون واللّغة، لفت نظرنا فقط تلك الجملة السّردية «تحت شمسٍ حارقةٍ في مرآة الحمام» ألم تكن السّاعة الثالثة فجرًا عندما ذهبت جينيفر إلى الحمّام؟ فكيف ذُكرت الشمس في ذلك الموضع؟ لكن حتمًا كان السّرد يسيرًا ومنظّمًا بطريقةٍ بسيطةٍ وجميلة، رغم احتلاله للقصّة وطغيانه على الحوار قليلًا، فعلى الكاتبة بعمل بعض التوازن والتّناسق بين السّردِ والحوار بالمرّات القادمة.
أمّا الوصف، فقد كان مليئًا بالمشاعر والتّعابير الفذّة بالقصّة، وصفت الكاتبة تقريبًا كلّ موضعٍ من مواضع القصّة، من ناحية الأحداث ومشاعر الشخصيّات عدا الأطفال، وكذلك المكان. رغم احتياج الزّمان بشدّةٍ للوصفِ الّذي تمّ إهماله نوعًا ما بالقصّة، مع ذلك كان الوصف ساحرًا وجذّابًا، ومؤشّرٌ ممتازٌ للاستخدام الصحيح له.
تلك الكلمات والجمل الّتي تتبادلها الشخصيّات فيما بينها أو بين مشاعرها وأفكارها تمثّل عنصر الحوار، فيبثّ هو حياةً للقصّة بين الأحداث، ويعانقُ القرّاء قبل الشخصيّات، ولا نذكر الحوار الداخليّ المميّز والمحشو بالمشاعر والأفكار الّتي دخلت إلى قلبِ القارئ وترعرعت عليه، فتمّ إيضاح الحوار الداخليّ بالشّكل الممتاز والمطلوب بين الشخصيّات ومشاعرها، ولكن بالنّسبة للحوارات الخارجيّة فقد كانت قليلةً جدًا أقل ممّا يكفي! فلم يتمّ عمل توازنٍ بينها وبين السّرد، كقصّة رعبٍ مميّزةٍ لا نرى هذا الشّيء كإيجابيّة، كنا نودّ رؤية حواراتٍ أكثر بين جينفير والقسّيس، كذلك مع أولادها، لذلك على الحوار أن يكون متناسقًا مع السّرد ومتوازنًا ومرتّبًا بشكلٍ أفضل، رغم أن للسّرد أهمّيةً أكثر وأكبر من الحوار، إلّا أنّ إهماله يؤثّر سلبًا على القصّة.
وانتهت الحكاية أخيرًا، بنهايةٍ مغلقةٍ وهي التخلّص من ذلك الشّيطان اللّعين، وترك جينفير البلدة وذهابها للعيش مع أختها كاثرين في قصرها الكبير، فكانت نهايةً مُرضيةً ووافية للأحداث، وانتهت عندها عناصر القصّة.
أخيرًا فإنّ لغتنا العربيّة لها نصيبٌ من القول بلا شكّ، إذ كانت لغة نصّ القصّة جيّدةً وبسيطة، كان فيها فقط بعض الأخطاء اللّغوية، الّتي يجب أن ننبّه عنها:
١- «حفلا» تصبح «حفلًا»
«خاصا» تصبح «خاصًّا»
«مستلقيا» تصبح «مستلقيًا»
كما رأينا فإنّ الكاتبة لديها مشكلة بوضع التّنوين على الكلمات؛ لذلك نأمل أن تُراعي التّنوين بالمرات القادمة.
٢- «لا يتوقفون» تصبح «لا يتوقّفوا»
«إبتسامته» تصبح «ابتسامته»
«يا الاهي» تصبح «يا إلهي»
«إذهبوا» تصبح «اذهبوا»
«بدون» تصبح «دون»
ونهايةً، نشكر عزيزتنا الكاتبة على هاته القصّة الجميلة، الّتي بثّت في قلوبنا الخوف والرّعب كقرّاءٍ عاشقين لأدب الرّعب، نرجو أن تكون في تطوّرٍ وتقدّمٍ دائم.
فريق النقد دائمًا بالجوار. 🤎
___
أمّا بعد فإنّنا نريد أن نطلب من الفائز اعتلاء مسرحنا ممسكًا بمكبّر الصّوت الكبير، إذ أنّه على وشك أن يتلقّى هديّته الأخيرة المتواضعة، يسعدنا أن نقدّم لكِ ڤيديو إعلان تشويقيّ عن القصّة.
https://youtu.be/XX0OoyTohDo
وأخيرًا ها نحن ذا ننتهي من رحلتنا المخيفة والمرعبة الّتي طالت مدّة شهرٍ كاملٍ، وكانت مليئةً بالأكبال والنّيران الحارقة أثناء طريقنا إلى النّهاية.
نشكر كلّ من شارك بقصّةٍ قد أخافتنا، ونحن فخورون جدًّا بكم، إذ كانت هناك قصصٌ قد اقتربت علامتها جدًا من علامة الفائز، لكن حالت بعض الأخطاء بينها وبين أن تُشرفنا في فصلنا هذا، لا تنسوا بأنّ الطّريق ما زال في بدايته وفي جعبتنا المزيد الّذي نأمل أن يرقى اعجابكم.
دمتم بود 🤎 .
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top