بينما أتنقّل هنا وهناك، أراقب أعجوبةً من عجائب القدماء، أعجوبةً من صنع الإنسان، كانت الأفكار تعيث بعقلي فسادًا لكثرتها، ومن ضمنها روعة الإنسان إن استخدم تفكيره بشيءٍ مفيدٍ. أثناء هذا خطر ببالي أمرٌ ما، أردتُّ أن أعرف مدى معلوماتكم التاريخيّة،  لذا قررت أن أبدأ من مكاني، وأبدأ بطرح أسئلتي حول ما أراه. إذًا متابعينا الأعزّاء هل تعرفون أين أنا الآن؟
لم تعرفوا! حسنًا، سأعطيكم تلميحًا، أنا الآن أتنقّل في مكانٍ تاريخيٍّ بناه ملكٌ من حضارةٍ قديمةٍ يُدعى نبوخذ نصر الثاني، الّذي حكم بين العامين 562 و 605 قبل الميلاد.
والآن هل عرفتم أين أنا؟ وعن أيّ أعجوبةٍ أتحدّث وأيّ حضارة؟
أحسنتم! إنّها الحدائق المعلّقة للحضارة البابليّة.
وعلى ذكر كلمة حضارات، نتذكّر التّاريخ، هل قرأتم التّاريخ قبلاً؟ هل تعرفون معنى قراءة التّاريخ؟ سأخبركم بمعنیً مخالفٍ لما سيَرِنّ في عقولكم.

أن تقرأ التّاريخ يعني أن تعيش ضمن أحداثٍ ماضيةٍ مرّت منذ زمنٍ وحصلت فعلًا، هو كحكايةٍ طويلةٍ بأحداثٍ عديدةٍ، هو سقوطٌ وعلوٌّ، قيامٌ واندثارٌ. ولعلَّ الإنسان لا يستطيع تسجيل كلّ ما حدث ولا إيصال كلّ ما حدث للأجيال الّتي تليه، فالكتب بشكلٍ عامٍّ على مدار الزّمن تعرّضت للتّلف والحرق، وحتّى للاختفاء، فاندثرت معها العديد من العلوم والحضارات والأحداث.
ونحن هنا في القرن الواحد والعشرين، بما وصلنا من تاريخٍ للحقب الماضية والأحداث، نشكّل العالم القديم.  
هذا ما وجدته من القراءة في التّاريخ، ماذا عنكم؟ ماذا وجدتم من قراءة التّاريخ إن فعلتم؟

وعلى ذكر القراءة، أودّ مشاركتكم بعض الأحداث التاريخيّة المعروفة، منها لتذكيركم بها، ومنها إثراءً لثقافتكم، وبالطّبع لتشجيعكم على إبهارنا بكتاباتٍ من هذه الفئة. وسنبدأ مع حقبةٍ تاريخيّةٍ مشهورةٍ في الرّوايات، والتي هي العصور الوسطى. أوّل ما يتراءى لنا عند ذكر العصور الوسطى هي القارّة العجوز أوروبّا، مع السّيوف والقلاع قديمة التّصميم، أمّا مِن حيث الزّمن، فهل يعرف أحدكم في أيّ حقبةٍ زمنيّةٍ هي؟
نعم! هي الفترة الممتدّة بين القرن الخامس والقرن الخامس عشر، وقد كانت بدايات القرون الوسطى هي عند انهيار الإمبراطوريّة الرومانيّة، وقد تمّ تقسيم هذه الحقبة لثلاث فترات:

الفترة المبكِّرة: وهي الفترة الممتدّة بين القرن الخامس حتّى أواخر القرن العاشر، وكانت هذه الفترة يشار إليها بالعصور المظلمة للقارّة العجوز، حيث أصيبت حضارة غربيّ أوروبّا بالانحطاط الشّديد، ولم يتبقَّ من حضارة الرّومان القدامى سوى ما بقي في قلّةٍ قليلة. أمّا العلوم التي نُقِلَت عن اليونانيّين فقد اندثرت تقريبًا. وأمسى العلماء في جهلهم يتقبّلون الأساطير والشّائعات المتداولة على أنّها حقيقة.

الفترة المتوسّطة: وهي القرن الحادي عشر مع منتصف القرن الثّاني عشر، حيث شهدت أوروبا انتشار أسلوبٍ عامّ عُرف بالرّوميّ.

الفترة الأخيرة: وكانت من منتصف القرن الثّاني عشر حتى نهاية هذه الحقبة. وقد اتّسمت بداية هذه الفترة بالمصاعِب والمعاناة والكوارِث التي لحقتها، فالمجاعات والطّاعون والحروب قد هدّدت تعداد السّكان في أوروبا الغربيّة، فبين عاميّ 1341 - 1350 سَلبَ طاعون الموت الأسود حياة ثُلثِ سُكّان أوروبا. كما التّنازُع داخِل الكنائس الكاثوليكيّة والحروب الأهليّة وثورَات الفلّاحين في الممالك، جميعُها كانَت أسباباً سيّئةً في الفترة المُتأخّرة. أمّا في ما بعد القرن الرّابع عشر فقد كانت هذه الفترة فيها انتعاشٌ وولادةٌ جديدةٌ للثّقافة الأوروبيّة والعلوم، وكانت هذه الفترة هي المؤسّس للنّهضة الصناعيّة الأولى في القارّة العجوز.

وفي ظلّ تلك الحقبة كانت هناك الحملات الصليبيّة أو الحروب الصليبيّة بصفةٍ عامّةٍ، وهو اسمٌ يُطلَق حاليًا على مجموعةٍ من الحملات والحروب الّتي قام بها أوروبيّون ما بين أواخر القرن الحادي عشر إلى الثّلث الأخير من القرن الثالث عشر. 
وشهدت تلك الحقبة أيضًا حرب المئة عامٍ بين فرنسا وإنكلترا، حيث قامت العديد من المعارك بين الشّعبين إثر ادّعاء العائلة الملكيّة الفرنسيّة بأحقّيتها بالعرش على البلدين.

ومن هذه الحقبة يمكننا خلق أفكارٍ ورواياتٍ عديدة، منها روايةٌ عن عائلةٍ عانت الأمَرَّّين في فترة الطاعون، أو عن عائلةٍ من الفلّاحين وغيرها.

أمّا تاليًا، فسنستذكر حربًا مشهورةً جدًا، وهي تعتبر أكبر حربٍ حصلت تاريخيًّا، هل عرفتموها؟
بالطّبع! فمن لا يعرفها، إنّها الحرب العالميّة الثانية!
وهي حربٌ دوليّةٌ بدأت في الأوّل من سبتمبر من عام    1939 في أوروبّا، وانتهت في الثاني من سبتمبر عام 1945. شاركت فيه الغالبيّة العظمى من دول العالم منها الدّول العظمى في حلفين عسكريّين متنازعين هما: قوّات الحلفاء، ودول المحور، كما أنّها الحرب الأوسع في التّاريخ. وشارك فيها بصورةٍ مباشرةٍ أكثر من 100 مليون شخصٍ من أكثر من 30 بلدًا. وقد وضعت الدّول الرئيسيّة كافّة قدراتها العسكريّة والاقتصاديّة والصناعيّة والعلميّة في خدمة المجهود الحربيّ. تميّزت الحرب العالميّة الثانية بعددٍ كبيرٍ من القتلى المدنيّين، القصف الاستراتيجيّ الّذي أودى بحياة حوالي مليون شخصٍ، ومنه القنبلتان الذرّيتان اللّتان ألقيتا على هيروشيما وناغازاكي. أدّت الحرب إلى وقوع ما بين 50 و85 مليون قتيلٍ حسب التّقديرات؛ لذلك تعدّ الحرب العالميّة الثانية أكثر الحروب دمويّةً في تاريخ البشريّة.

ولعل هذه الفترة الأبرز والأكثر ألمًا قد تصنع آلاف الرّوايات والقصص الّتي تحكي معاناة المدنيّين وربّما الجنود الّذين عاصروها بوحشّيتها وعقدها. وبالفعل قد برزت رواياتٌ وأفلامٌ عالميّةٌ عن هذه الفترة بالذّات، كرواية أُفُولِ القمر، حيث تتناول هذه الرّواية أحوال قريةٍ نرويجيّةٍ صغيرةٍ، سيطرت عليها ألمانيا النّازية خلال الحرب. وقد حقّقت صدًى واسعًا حتّى اعتُبِرَت من أقوى القصص الّتي صوّرت فظائع النازية، وحثّت الدول الديموقراطيّة على التصدّي للوباء النازيّ. وفي الرواية تأكيدٌ على قوّة الشّعوب وإصرارها وحريّة الإنسان وكرامته إن هو اختار ذلك.

أمّا آخر الأحداث فهي ثورةٌ عربيّةٌ كانت على عهد العثمانيّين وسمّيت بالثّورة العربيّة الكبرى، وهي الثّورة التي انطلقت من الحجاز والشّام للتحرُّر من الحكم العثمانيّ التركيّ. قُرنت هذه الثّورة بالشّريف حُسَين (1853-1931)، إذ قادها في 10 يونيو سنة 1916 ضدَّ دولة الاتّحاد والترقّي (القوميّون الأتراك) الّذين سيطروا على الدولة العثمانيّة منذ يوليو 1908، بعد انقلابهم العسكريّ على السّلطان عبد الحميد الثَّاني.
وكان القوميّون الأتراك آنذاك قد اعتمدوا سياسة التّتريك، القائمة على تمجيد التركيّة، تعزيز اللّغة التركية، اضطهاد العرب، وتطبيق نظام الحكم المركزيّ، وبذلك يحرمون العرب من أيّ استقلالٍ ذاتيّ.
هذه السّياسة أدّت إلى ظهور جمعيّاتٍ وأحزابٍ تنادي بالمساواة بين العرب والأتراك. وما زاد الطّين بلّةً هو سياسة جمال باشا التعسفيّة في بلاد سوريا، وقيامه بشنق زعماء الحركة العربيّة ومفكّريها بحجّة الخيانة العظمى. كلّ ذلك جعل العرب ينقمون على الأتراك فاندلعت الثّورة حيث تولّى الأمير فيصل ابن الشّريف حُسَين قيادة القوّات العربيّة، وقدّم للحلفاء مساعداتٍ محدودةً للثّورة؛ خوفًا من قيام قوّةٍ عسكريّةٍ عربيّةٍ في المستقبل. فهاجمت تلك القوّات مناطق عربيّةً عديدةً، وأنزلت خسائر كبيرة في صفوف العثمانيّين، واستطاعت احتلال البلاد السوريّة. وانتهت المعارك بعد توقيع هدنةٍ مع الأتراك.

ومن هذا الحدث يمكننا أن نستشفّ بعض الأفكار الّتي قد تصنع قصصًا ما مثل: قريةٍ قد استبدّ بها العثمانيّون بسياستهم الوحشيّة، وقيام شبابها عليهم، ومن هؤلاء الشّباب حبيب فتاةٍ قد أرهقتها الحياة، وبعد معاناةٍ يتمّ تحريرهم على يد رجال الثّورة ويلتقي الحبيبان.

والآن، بعد هذا العرض لبعض الأحداث التاريخيّة، نودّ منكم إعطاءنا بعض الأفكار لرواياتٍ تاريخيّةٍ من هذه الأحداث. هل بإمكانكم ذلك؟
ننتظر إبداعكم :heart:

وأخيرًا، سنعرض عليكم بعض الرّوايات التاريخيّة من عالمنا البرتقاليّ، فرغم  ندرة كتّاب هذه الفئة وجدنا بعض الرّوايات الّتي تستحقّ القراءة مثل:
إستثنائيّة، سمراءٌ في القرن السّابع عشر، رحلةٌ إلى عصر الفراعنة.
وبهذا نكون قد أنهينا تلك العاصفة التاريخيّة لمعلوماتكم.
الآن دعوني أستمتع بجمال الحدائق المعلّقة.
نلقاكم قريبًا

دمتم بودّ.
العضو ديجور.

المصادر:
موقع المعرفة: العصور الوسطى.
موقع المعرفة: الحرب العالمية الثَّانية.
موقع المعرفة: حدائق بابل المعلَّقة.
كتاب المنهج الجديد في تّاريخ لبنان والعالم العربيّ، الثانويّة العامّة، الفروع كافة دار بركات.