الفصل | 8

▪أسميتُك مِن جهلي وطنًا، و نسيتُ أن الأوطان تُسلب .

- محمود درويش▪

..

مرحبا، كيفكم؟ أتمنّى تكونوا بخير❤

بارت طويل شوي كتعويض على عدم نشري البارحة...

أتمنى يعجبكم البارت 🍒❤

Enjoy💕

●●

هائمة هي بلا وجهة، بهذا الوقت المتأخّر من اللّيل تحاول كبح دموعها منذ وقت طويل.

هي لم تكن ضعيفةً ضدّ الكلمات الجارحة أو الانتقادات التي توجّه لها، لكن ذلك الموضوع بالذّات هي حسّاسة جدّاً بشأنه...

حقيقة أنّها يتيمة رغم حقيقة أنّ والدها مايزال على قيد الحياة، لطالما شعرت بالنّقص من هذا الجانب، وأحسّت أنّها شخص لا يستحقّ الحبّ.. لطالما فكّرت بأنّها مجرّد نقطة هامشيّة في حياة الجميع.

هي لم تجرّب يوماً أن تكون الموضوع الرئيسيّ بحياة أحدهم، ولم يأتي أحدٌ مهرولاً لأجلها..

مامن أحدٍ وقف بجانبها حين انهد طولها، أو هرول ليلقيها في حضنه حين بكت.

دائماً ما كانت تقوم بكلّ حاجياتها لوحدها، وتزيل الحجر الذي يعيق طريقها.. تبكي ليلاً بصمت بينما غيرها في حضن والديه ينعم بالحبّ.

يحزنها جدّاً ويخدش ثقتها بالنّاس ما فعلته تشايونغ التي اعتبرتها صديقتها، ليس بمعنى أنّها صديقتها المفضّلة لكن.. هي قد باحت لها بسرّها لأنّها ظنّتها ستتفهم مشاعرها وتقف بجانبها ولو ببعض الكلمات المنعشة !

جلست تسند ظهرها على جدار الحديقة العامّة المغلقة، تنظر ليديها شاردة الذّهن غير قادرة على إزالة تلك الغصّة عن حلقها.

ذلك الكلام لا يخرج من عقلها ويظلّ صداه بأذنها مهما حاولت لأنّه ..صحيح!

هي منبوذة تمّ التّخلّي عنها من الجميع، والدها يكرهها بلا سبب وأمّها عاجزة عن مدّ يد العون لها، لا صديق ولا حبيب يهتمّ لأمرها.

هي قد بدأت تفكّر..ماذا لو ماتت، هل سيلاحظ أحدهم غيابها؟

"لن يفعلوا" سخرت من نفسها بابتسامة جانبية.

الإحراج الذي تعرّضت له أمام بيكهيون يزيد من سوء حالتها، لا بدّ من أنّه يفكّر بها هو الآخر على أنّها فتاة منبوذة..كيف لا يفعل وحبيبته تراها بتلك الطّريقة.

انكمشت تضمّ ركبتيها إلى صدرها لتدفن وجهها هناك ويغطّي شعرها الأسود الطّويل وجهها.

هكذا أحسن، ستتمكّن بذلك من البكاء ولن يكشفها أحد، رغم أنّها متأكّدة من أنّ لا أحد سيفعل ولو فعلوا هم لن يسألوا مابالها!

هي قد بكت وبكت، واهتزّ كتفاها إثر شهقاتها وتعبها من الألم الذي يختلج فؤادها ويقسمه إلى نصفين.

توقّفت بعدما أحسّت أن عينيها غير قادرة على انتاج المزيد من الدّموع.

مسحت آثار الدّموع من على خدّيها لتلقي نظرة على انعكاس وجهها المتورّم بمرآتها الصّغيرة التي تحملها معها على الدّوام.

عيناها منتفختان وأنفها وشفتاها محمرّان، أحسّت بحرقة داخل عينيها لتفركهما وترجع المرآة إلى حقيبتها.

قامت من مكانها تحكم قبضتها على حقيبتها لتسير مبتعدة عن الحديقة في طريقها نحو السّاونا، قد قرّرت المبيت هناك فهي على أيّ حال لا تملك ما يكفي من المال لتحجز غرفة في فندق هذا من جهة، ومن جهة أخرى هي ليست مستعدة للعودة لذلك المنزل ولا تملك نيّة لفعل ذلك.

رفعت رأسها تنظر للافتة العملاقة التي كتب عليها .." ساونا، طريقك للسّعادة"

أخرجت ضحكة ساخرة..حول ذلك الكلام

"سعادة في مؤخّرتي" بصقت شتيمتها لتدخل.

توجّهت لعاملة الاستقبال ودفعت مقابل بقائها هنا لليلتين متتاليتين، تكاليف النوم هنا ومصاريف الماء و الطّعام!

هي لم تسلم من تحديق العاملة المستمرّ بوجهها المحمرّ و المتورّم، قد أزعجتها ولكنّها تفادت إثارة أيّة مشاكل هي في غنى عنها.

أخذت المفتاح الخاصّ بخزانتها لتفتحها وتجد هناك ملابس خاصّة بالسّاونة برتقاليّة اللّون ومطويّة بشكلٍ جميل.

سحبت الملابس بلا مبالاة ووضعت حذاءها هناك تنتعل الخفّ الخاصّ بالمكان.. وتوجّهت لغرفة تغيير الملابس.

عادت ثانية وقد ارتدت تلك الملابس البرتقاليّة لتقوم برمي ملابسها هناك وتغلق الخزانة باحكام.

توجّهت حيث حمّام البخار وضلّت هناك ما يقارب النّصف ساعة تحاول تصفية ذهنها من كلّ الأفكار السّلبيّة والحزينة، فعقلها بارع في تذكيرها بكلّ حادث مؤلم مرّت به كي يضمن بُكاءها بشكلٍ هستيريّ.

توجّهت أخيراً لتأخذ عشاءها فعصافير بطنها باشرت زقزتها المزعجة...

كانت تضرب جبينها بالبيض بقوّة كعقاب لضعفها غير المبرّر، كما تراه هي.

وبينما هي كذلك اهتزّ هاتفها معلناً عن وصول رسالة، أخذته لتتأكّد من الرّقم ..

"هل أنت بخير؟"

قطّبت حاجبيها مستغربة، هي لا تعرف صاحب الرّقم لذا ظنّت أنّه شخصٌ يتسلّى بازعاج الآخرين.

وضعته بجانبها لتكمل تقشير بيضتها لتبدأ في التهامها لكنّ هاتفها رنّ بصوت صاخب ليظهر ذات الرّقم..

"لم يتّصل؟ ياله من وقح" سحبت رمز الاتصال للخانة الحمراء لترفضه.

كادت تستأنف ماكانت تفعله لكنّه شتّت انتباهها باتّصاله الثّاني لذا هي قد قرّرت الرّدّ عليه فحسب.

وضعت الهاتف قرب أذنها تصرخ عليه " أيّها اللّعين، كفّ عن ازعاجي!"

"واه، أنت شرسة حتّى على الهاتف" سمعت صوته المألوف.

"بيكهيون-شي؟" رفعت حاجبيها متسائلة بعد أن هدأت نبرة صوتها.

" هل أنت بخير؟" سأل للمرّة الثّانية بهدوء .

"وهل لم أكن بخير؟" هو قد علم أنّها تبتسم بسخرية.

"لا تجيبي بسؤال آخر!"

"أنا بخير" أجابت باختصار شاردة بحبّة البيض أمامها.

"لكن أين أنت؟"

"حيث يجب أن أكون!" لا طائل من اخباره بمكانها، ليس وكأنّه يهتمّ لذلك، هو اتّصل بسبب الشّفقة وتأنيب الضّمير ليس إلّا.

"ما تزالين غاضبة صحيح؟ ميني انظري تشايونغ كانت ثملة ولم.."

"سأغلق"

" مرحباً..واه أغلقت في وجهي تلك الوقحة!"

أنزل الهاتف ينظر إليه بصدمة، كيف لها أن تغلق بتلك الطّريقة الوقحة؟!

استدار لينظر لتشايونغ النّائمة خلفه، هي قد غطّت في نوم عميق بسبب ثمالتها.

تحرّك من جانبها ليخرج من الغرفة ويغلق بابها خلفه، قد كان يشعر بالذّنب بشأن ما فعلته تشايونغ، كان عليها أن تتحلّى بحسّ الآداب العامّة على الأقل.. هو لا ينكر أنّه يكره بعض الأشخاص لكنّه لم يقم يوماً بتوجيه كلمات جارحة من المستحيل أن تعود لجعبته!

توقّف ينظر نحو غرفة ميني المقابلة لغرفة تشايونغ، انتابه بعض الفضول ليرى ما بداخلها، شخصيّة نشيطة وغريبة كميني صعب أن تتوقّع نمط غرفتها.

هو لم يفسّر ذلك الفضول الذي اعتراه بمعرفة شيء جديد عنها لذا انصاع له فقط سامحاً لقدميه بدفع جسده نحو غرفتها يضع يده على مقبض الباب ليفتحه ببطء، يفكّر هل من حقّه أن يقتحم غرفتها في غيابها؟

دفع الباب بخفّة ولامس الجدار بيده اليسرى يبحث عن زر الإنارة لينير المكان.

جالت عيناه كلّ المكان، قد كانت غرفتها مرتّبة بشكل جميل..، كانت الغرفة مطليّة باللّون الرماديّ البارد ومليئة بملصقات المصارع جيكل هي حتّى قد قامت بقصّ صورتها والصاقها بجانب صورته.

"يبدو أنّها معجبة مهووسة!" ابتسم ليسير نحو بلورة صغيرة موضوعة على الطّاولة الصغيرة بجانب السّرير.

حملها بين أصابعه الطّويلة يقلّبها باحثاً عن زرّ التشغيل.

حالما وجده ضغط عليه فأضاء و انتشر لحن عذب وحزين جعله يمدّ شفتيه برضى على مدى عذوبته.

بداخل البلورة كان كوخ صغير تحيط به أربعة أشجار متوزّعة على جوانبه الأربعة، هو قد قام برجّه لتتناثر حبّات بيضاء ناصعة كحبّات الثلج .

هذا اللّحن ليس غريباً عليه، قد سمعه من قبل وهو ينبعث من غرفة ميني..بالنّظر للأمر لم يكن صعباً عليه أن يحزر أنّها تنام على ضوء البلورة وصوتها.

"تدّعي القوّة وتخاف الظلام.." قال بهدوء يعيد البلورة لمكانها.

هو للتّوّ قد انتبه للطّابع الأسود الذي يملأ المكان، تقريباً كل شيء تقع عليه عيناه يكون باللّون الأسود...

"اللّون الأحمر أجمل منه!" أردف زامّاً شفتيه بغير رضى.

نظر إلى صور جيكل ثانية "واه، أنت وسيم حتى بالقناع، ولديك جسد رائع أيضاً..!"

مدحه ليخرج متوجّها لغرفة تشايونغ ليغرق في نومٍ عميقٍ بجانبها.





...

كانت تجلس والجدّات ملتفّات حولها، تحكي لهنّ قصصها المسلّية وكيف أنّها حشرت تلك الطّماطم بفم شابّ محتال.

هي قد قفزت بمكانها تحاكي حركتها المبالغ بها من تلك المرّة لتظهر بمظهر البطلة المغوارة.

"سأخبركنّ بسرّ" قالت وهي تضع يدها بجانب فمها لتحوز على اهتمام الجدّات.

"هل تعرفن جيكل بطل كوريا بالمصارعة؟"

"من هو؟"

"ماذا قلتِ؟ طبّاخ؟" كانت تلك الجدّة التي لا تسمع من الكلمات سوى الشّتائم.

فلو تحّدثت ميني بكلام عادي لن تسمعها ولو لعنت أو شتمت كزلّة لسان هي ستوبّخها وقد تلقي عليها منشفتها المليئة بالعرق.

تجاهلتها ميني لتكمل " في الحقيقة، أنا هي جيكل!"

بقيت الجدّات متصنّمات دون ردّ فعلٍ منهنّ، ظنّت أنّهنّ في صدمة من أمرهنّ لكنّهن التففن حول بعضهنّ يتبادلن أطراف الحديث طاردات ميني من حلقتهنّ المقدّسة..

قد بدا كلّ ما قالته مجرّد كلام فارغ، فهنّ لا يعرفن جيكل ولا يملكن أدنى إهتمام لأمره!

حدّقت بهنّ بحقدٍ، لتلتقط أذناها حديث امرأة أربعينيّة جذبت انتباهها

"مستعدّة لدفع مبلغ طائل لو استدعى الأمر!"

مبلغ طائل، رائحة المال قد داعبت فتحتي أنفها بالفعل!

راحت تسير نحوها تنظر بعشوائيّة للمكان حولها مدّعية عدم اهتمامها، وكأنّها لم تشغّل أذنيها لالتقاط أدقّ الأصوات.

"العمل في الحقل ليس بذلك السّوء، لا أدري لمَ شباب هذا الوقت يكرهون الفلاحة!"

جلست ميني خلفها، وحجم أذنيها قد أصبح أكبر بأضعاف مضاعفة.

"حسنا، سأبحث عمّن هم مهتمّون بالعمل، أجل سأغريهم بمبلغ جيّد..طابت ليلتك!"

أغلقت المرأة الخطّ ووضعت الهاتف بجانبها لتتنهّد بقلّة حيلة، هي تملك حقلاً كبيراً للفراولة ولكنّها تعاني من قلّة اليد العاملة، وبسبب صعوبة العمل أغلب العمّال إمّا يتكاسلون أو يستقيلون!

كانت ميني تتخيّل نفسها تقفز بين كومة ضخمة من المال بسعادة بالغة تثير غيرة جميع من يكرهونها.

هي لم تنتبه للمرأة التي التفّت تنظر إليها بحاجبين مقطّبين وجبين مجعّد، نظراتها كانت حادّة...

"المعذرة، آنستي..أعتقد أن هناك الكثير من الأماكن الجميلة التي يمكنك الجلوس بها!"

ميني كانت تلتصق بظهر السّيّدة وذلك ما ضايقها، وأخيراً انتبهت الأخرى لنفسها وابتعدت تترك مساحة شخصيّة لها. وراحت تدقّق النّظر بها تحاول استعمال ما تعلّمته من علم قراءة الوجوه.

حسناً عينا هذه السّيّدة ضيقتان وأنفها مسطّح وفمها صغير جدّاً، حاولت عصر مخّها لتتذكّر ولو معلومة واحدة تخصّ هذه الملامح لكن عقلها الأخرق لم يتذكّر سوى كون أصحاب الفم الصّغير أشخاص جدّيون وقليلوا الكلام..باختصار هي يجب عليها الابتعاد عن هذا النّوع لأنّ الجدّيّة وميني خطّان متوازيان لا يلتقيان!

قبل أن تتحدّث السّيّدة قاطعتها ميني مباشرة خطّتها في كسب الأشخاص الجدّيّين أمثالها.

ابتسمت لتردف بهدوء "أنت جميلة أونّي"

"أونّي؟" قالت مستغربة بما نادتها به.

ميني محتالة بارعة في جعل النّساء الكبيرات تحببنها..

"ماذا؟ ألستِ أكبر منّي؟!" شهقت تغطّي فمها تحاول طهي خطّتها على نار هادئة..

قهقهت السّيّدة غير مصدّقة تلمس وجنتيها بخجل لتردف " لو تزوّجت كانت ابنتي لتكون بنفس عمرك"

حدّقت بها ميني بنظرات غير مصدّقة "بربّك كفى مزاحاً أونّي، أنت تبدين في عشريناتك"

"أنا في السّادسة والأربعين صغيرتي!"

فتحت الأخرى عينينا مدّعية الصّدمة لتجلس على ركبتيها وتضع يديها على الأرض ترتكز عليهما بينما تحدّق بالأخرى عن قرب..

" هل يمكنني معرفة سرّ جمالك؟! "

"يا، لقد أخجلتني.."

حمحمت لتضيف " عليكِ ألّا تتزوّجي وستبقين نضِرة مثلي! "

حسناً ميني تشاطرها ذات الرّأي بالفعل..، تربّعت على الأرض تمدّ شفتيها بعبوس "كيف سأبقى نضرة وأنا أعاني من كلّ هذه المشاكل، ترين أنّني بالسّاونا وسأبيت هنا بسبب طرد صاحبة المنزل لي، لقد تأخّرت عن دفع الإيجار"

"ألا تملكين المال الكافي؟"

"أنا لا أملك المال بالأصل، مفلسة تماماً"

فكّرت تلك السّيدة لبعض الوقت فارزة كلّ الاحتمالات الممكنة لعرض طلبها على ميني لتردف أخيراً.

"ما رأيك بالعمل معي، ألن تمانعي العمل في حقل فراولة كبير؟"

رمشت ميني مرّتين تحاول كبت فرحها العارم، هي قد أرادت القفز عاليا والصّراخ بأعلى صوتها لكن عليها الآن التّمثيل بشكل مقنع.

"حقّا، هل ستسدين لي هذا المعروف؟" نظرت إليها بعينين لامعتين تمسك يدها بكلتا يديها .

"أجل، لكن بشرط أن تجيدي العمل..لابدّ من وجود خبرة سابقة"

" ياه، أنا اعتدت العمل بالحقول، قطفت البرتقال والمشمش والفراولة أيضاً"

كاذبة فقدماها لم تطآ حقلاً من قبل!

" زوّديني بطريقة للتّواصل معك! "














...

جهّزت نفسها وخرجت من السّاونا متوجّهة للخارج حتّى تتناول غداءها فقد تأخّرت في الاستيقاظ بسبب سهرها مع تلك السّيّدة تدلّك لها كلّ جسدها مقابل مبلغ من المال وبذلك المال قد هرعت لتناول البيتزا التي تحبّها.

كانت تسير بسعادة واضحة على محياها، وكأنّها ليست ذات الفتاة التي كانت تبكي البارحة، لم يخطئ بيكهيون حين وصفها بالسّايكو!

كانت تدندن وتحرّك جسدها بشكل طفيف كي لا يلحظ النّاس أنّها ترقص...

تناولت البيتزا التي أرادت وتحرّكت نحو مدينة الملاهي، تضيع وقتها حتّى يحين وقت التّدريب، هي قد تخلّت عن دوامها بالجامعة ولا تريد تضييع فرصة التّدريب.

جلست على أحد الكراسي تناظر الأفعوانيّة وهي تسرع بشكل مخيف ليصرخ النّاس بهستيريّة..من مكانها قد شعرت بالخوف فماذا لو جربتها؟

هي جبانة فيما يخصّ السّرعة الشّديدة ولهذا لا يمكنها تجربة هذه الألعاب مطلقاً..ستموت لو فعلت!

ضيّقت عينيها متفادية النّظر للأفعوانيّة ونقلت نظرها للنّاس المجتمعين على العشب يتبادلون أطراف الحديث..تلك هي ميزة فصل الرّبيع. كل شيء يبدو جميلاً فيه.

...

تمدّد بيكهيون الذي استيقظ للتّوّ على قبلات تشايونغ.

"صباح الخير حبيبي"

لم يردّ هو عليها واكتفى بالمغادرة نحو الحمام ليتركها خلفه مصدومة.

"هل يقاطعني الآن؟ من أجل تلك المدلّلة؟!" ضحكت بغير تصديق لتقف وتلحق به لكنّها وجدت باب الحمّام مغلقاً.

هو قد تعلّم الدّرس من تلك المرّة!

"بيك، دعنا نتحدّث" طرقت على الباب بخفّة لتحصد التّجاهل.

هو قد خرج بعد دقائق يجفّف شعره ويحيط خصره بمنشفة بيضاء.

مرّ بجانبها وكأنّها شخص لا يعرفه، أو أنّها شبح لا يمكنه رؤيته، هو لا يدرك أنّه يشحذ داخلها كرهاً أكبر لميني المسكينة.

دخل الغرفة ليغلقها بالمفتاح وراح يغير ملابسه، من عادته أن يترك ملابس نظيفة عن تشايونغ ليغيّر متى ما أراد.

هو ولسبب ما أحبّ ارتداء اللّون الأسود اليوم، ربّما منظر الأسود بغرفة ميني قد علق بعقله.

خرج مرتديا سروال جينز أسود، مع قميص من نفس اللّون .

"هل تتجاهلني الآن؟" قالت تشايونغ تقترب منه بينما هو قد جلس ليرتدي حذاءه الرّياضيّ الأبيض.

عانقته من الخلف لتطبع قبلات على خدّه وتهمس بأذنه " لا تمنح فرصة للآخرين ليشوّهوا علاقتنا، أميري"

قال ببرود ويداه مشغولتان بربط خيط حذائه " لا تشوّهي صورتك لديّ تشايونغ، لا تعلمين متى سأضيق ذرعاً من أفعالك!"

أبعد ذراعيها عنه وتحرّك ليفتح الباب ويغادر تاركاً إيّاها بوجه غير مصدّق، هي قد ضغطت على قبضة يدها بغضب ممّا قاله.

..

كان يجلس خلف المكتب يتفحّص قوائم أسماء المتدرّبين ويفصلهم حسب قدراتهم وما أبدوه من احترافيّة.

هو قد وصل لذلك الاسم ليتوقّف ملقيا نظرة مطوّلة عليه "كيم ميني، رقم الملف 56"

ضغط على أزرار الحاسوب أمامه ليظهر ملفّها، وعليه صورتها..

قد بدت صغيرة بتلك الصّورة وكان شعرها قصيراً يصل إلى ذقنها.

"لطيفة!" ابتسم بهدوء لينتقل لقراءة معلوماتها الشّخصيّة.

عقد حاجبيه يثبّت نظره على سيرتها الذّاتيّة " لمَ لا يوجد شيء بخصوص ما أحرزته من تطوّرات؟"

على غرار ملفّات الأشخاص الآخرين الذين مُلئت ملفّاتهم بأبسط الانجازات ملفّها هس قد كان فارغاً تماماً وكأنّها لم تباشر التّدريب بالأصل!

شيء ما مريبٌ بالأمر..!

دفع الكرسيّ ليقف متّجها للخارج والغضب قد بدأ يعميه، من الواضح أنّ هناك تلاعباً رخيساً قد حدث خلف الكواليس، فكما سمع من الآخرين ميني مصارعة لا يستهان بقدراتها!

صفق بيديه ليجتمع الجميع حوله، جال بعينيه يبحث عن ذلك الوجه المألوف لكنّها لم تكن هنا!

زفر بغضب ليردف." فلتسمعوا جميعاً، أنا سأعيد تقييمكم من البداية، أي أنّ كلّ ماوجد بملفّاتكم سيتمّ حذفه وتوضع سطور أنا المسؤول عنها.. لا تقلقوا فكلّ شيءٍ سيكون نزيهاً ولن يظلم أحدٌ منكم"

"مفهوم؟!"

"مفهوم"

انهى كلامه لينقل نظره بينهم يحاول لمح علامات التّوتّر ليفضح أمرهم مبكّراً، وبالفعل هناك عشرة من الأشخاص بدوا خائفين جدّاً!

"هيا قوموا بتمارين التّحمية ريثما أعود أنا" قال ليتفكّك جمعهم ويتّجه كل واحد إلى مكانه المعيّن.

تزامن التفافه مع دخول ميني التي تحرّك نحوها لينتشل معصمها ويجرّها خلفه.

"هناك أمر علينا مناقشته"









يتّبع...


رأيكم يهمّني 😳❤

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top