الفصل | 25

▪أبعِديهُم عَنكِ وَ قرّبينِي مِنْك▪

بعيداً عن الصّورة القاتلة😭😭😭😭

لما توصلوا لجزء غناء بيكهيون استمعوا للفيديو بالأعلى☝️

اينجوووي❤


..

هذه اللّيلة أقسى من سابقاتها؛ فالفقد بات فقدين والدّمعة أصبحت دمعتين.. والدها والشّخص الذي وقعت في حبّه.

هي قد أنكرت مشاعرها نحوه لعديد المرّات ولكنّ اشتياقها له حين كانت تبكي والدها ورغبتها في دفن نفسها بين أحضانه أزال الغبار عن الحقيقة لتظهر بشكلٍ واضح ..ميني تحبّ بيون بيكهيون بلا شكّ!

قلبها الذي ظنّته ميّتاً دقّ بعد زمن طويل ثمّ عاد ليموت ثانية ويختفي كقتيل للحبّ، لكنّها لم تكن آسفة على منح تلك المشاعر الجميلة لبيكهيون فمهما فعل هو ما يزال كاسر قفل قلبها ومُبطل تعويذته .

هو الشّخص الذي جعلها توقن أنّ قلبها ما يزال حيّاً وبمقدوره أن يحبّ ويعشق ولكن.. انطلاقاً من هذه اللّحظة هي ستكبح مشاعرها وتدفنها عميقاً لتكتب كلّ الدّموع والأحزان في كتابٍ ليس له عنوان.

هي لن تحزن لأنّها متعوّدة على الخسارة؛ فقد خسرت طفولتها، قلبها، سعادتها، طمأنينتها، والدها ثمّ بيكهيون...!

قد أصبحت متأكّدة من أنّها فتاة لا حظّ لها بهذا العالم، أدركت آخر المطاف أنّ عليها الرّحيل عن الجميع قبل أن يرحلوا عنها.. لا ضرر من أن تعتزل النّاس وتوقف قلبها عن الإحساس كي لا تبكي ثانيةً بهذه الطّريقة فلا طاقة لها لتوديع شخصٍ آخر بعد الآن.

رفضت تناول العشاء مع والدتها لتتجاوزها صاعدة إلى غرفتها منهارةً تمسك دموعها عن السّقوط، هي باتت تكره هذه الحال، لا تعلم حتّى على من تبكي..

حين أحبّت فقدت !

كلّ مرّة تصعد للطّابق العلويّ تواجهها غرفة والدها، هي تراه بكلّ شبر وكلّ زاوية في هذا المنزل، لو أمكنها دفع حياتها مقابل عودته لفعلت دون أدنى خوف...

هي تسقط للأسفل ببطء ولا تمدّ يدها لأحد؛ فأن تموت بكرامة خير من أن تستنجد بشخصٍ يدفعها أعمق ممّا كان مقدّراً.

أخفضت بصرها متجاهلة النّظر لغرفة والدها لتدخل غرفتها وتغلق الباب خلفها وترتمي على سريرها.. وكما يقال ' النّوم علاجٌ لكلّ شيء' هي قد طبّقت تلك الحكمة وحاولت النّوم وانتهت كلّ محاولتها البائسة بالفشل..

كانت تفكّر ببيكهيون و تشايونغ، لم تُنكر أنّها تمنّت بقاءَه بجانبها والطّبطبة على ظهرها.. لكن ما باليد حيلة فهي تقرّ بحاجة تشايونغ له ولن ترضى أن يتركها بتلك الحالة بين الحياة والموت، حتّى على نفسها قد كانت عاتبة لأنّها لم تذهب معه لزيارتها فلا بدّ أنّها تتألّم وتُعاني بصمت.

كانت الواحدة ليلاً وميني لم تنم بعد لذا قرّرت الاتّصال ببيكهيون والإطمئنان على تشايونغ..

نهضت من على سريرها لتلتقط هاتفها الواقع على الأرض وتجلس ثانية تفتح قفل شاشته لتتفاجئ باتّصالات كثيرة من بيكهيون، ومن الواضح أنّ الأمر أسعدها ولو بقدر ضئيل فرؤية رقمه ضمن الإتّصالات الفائتة يُرسِلُ فراشات تدغدغ قلبها!

اتّصلت به تنتظر أن يردّ وبالفعل هو قد ردّ بسرعة وكأنّه كان ينتظر اتّصالها بفارغ الصّبر.

-ميني، لقد اتّصلت بك كثيراً. لمَ لا تردّين؟

سأل بصوته الذي يبدو متعباً.

هو قد جلسَ على كرسيّ المشفى في ذلك الرّواق مقابل الغرفة التي تنام بها تشايونغ المخدّرة.

لعقت ميني شفتها الجافّة شاعرةً بدوار طفيف لتردّ

- كان على الوضع الصّامت، أخبرني كيف حال تشايونغ؟ هل هي بخير؟

فرك ما بين عينيه بتعبٍ ليجيب

-لقد قاموا باعطائها ابرة مهدّئة وهاهي نائمة الآن، كذلك قاموا بخياطة رسغها.. قد شارفت على الموت حقّاً.

تنهّدت لتردف

- لا تتركها لوحدها فقد تُقدم على محاولة انتحارٍ أخرى، لكن هل لي بسؤالك؟

- تفضّلي.

أسند ظهره على الكرسيّ مغمض العينين.

جمعت كلماتها بتردّد

-لمَ حاولت الانتحار، هل يعقلُ أنّه بسبيك؟!

-لقد انفصلت عنها، ويبدو أنّ الأمر لم يعجبها.

قال بكلّ ببساطة.

رفعت حاجبيها بعدم تصديق، هي ليست آسفة ولن تكون.. انفصالهما شيءٌ مستحيل لكنّه تحقّق، شيءٌ تمنّت حدوثه منذ اليوم الذي بقيت فيه برفقة بيكهيون بالسّاونا وجرّبت البقاء بقرب شخصٍ رائع مثله.. ليتها التقت به أوّلا قبلها!

-هي تحبّك .. لا تنفصل عنها!

قالت لتعضّ على شفتها بحزن فهي تعلم أنّهما سيعودان ولو كان السّبب شفقته عليها.

ابتسم بجانبية ليقول بخبث

- هل تقصدين ذلك حقّاً؟!

صمتت قليلاً لتقول

-بلى.

- لمَ قبّلتني إذن؟ هل أنتِ منحرفة؟!

اتّسعت عيناها واختنقت بلعابها، هو قد سبّب لها نوبةً من السّعال كادت تختنق على إثرها بينما يضحك على لطافتها.. هي متناقضة بحقّ؛ تقبّله وتخجل لاحقاً!

-سأغلق

كادت تغلق لولا ايقافه لها حين سألها عن سبب استيقاظها فأجابته بأنّ النّوم جافاها.

-ألم تتمنّي مرّة أن أغنّي من أجلك؟

-أجل

- ابقي على الهاتف إذن.. سأغنّي من أجلك حتّى تنامي ولكن قبل ذلك فلنتحدّث قليلاً

-حسناً

تمدّدت على ظهرها في حين وقف هو مغادراً نحو حديقة المشفى كي لا يُزعج المرضى.

-هل تحبّينني؟

سأل لتجفل هي.

-سأغلق

سمعت قهقهته من الجانب الآخر مردفاً بسرعة قبل أن تغلق

- لقد كنت أمزح..، أخبريني هل تحبّين فان جوخ؟

جلسَ على الكرسيّ خارجاً واضعاً قدماً على الأخرى منتظراً جوابها.

- ربّما..

كانت إجابة متردّدة منها.

- تعلمين أنّ جزءاً من أذنه مقطوع، صحيح؟

-أجل

أجابت ونسبة حماسها للأمر قد ارتفعت فهي تعشق هذه المواضيع، ويبدو أنّ بيكهيون مثقّف في هذا المجال.

-أنا من قطعت ذلك الجزء بأسناني، لقد قمتُ بعضّه

ميني تكاد تقسم على أنّها سمعت صفير الرّياح داخل عقله الفارغ، قد ظنّت أنّه سيأخذها لعوالم ممتعة بين فلسفات وتأويلات نفسيّة ولكنّه وككلّ مرّة يُفاجئها بذكائه الحادّ الذي تخطّى الحدّ ليصبح غباءً .

قلّبت عينيها بملل تساير غباءَه

-حقّا؟ واه.. وأنا التي ظننت أنّ كلباً قد قضمها، آسفة بشدّة أيّها الكلب لقد اتهمتك باطلاً.

ابتسم لأنّ شخصيّتها لم تتغيّر، مازالت تُجيد ارجاع كلامٍ حادّ. هذا يعني أنّه يملك فرصة في ارجاع روحها القديمة وانقاذها من الاندثار في عالم الحزن.. هو على كلّ حال لن يتركها وسيفي بوعده ببقائه بجانبها للأبد!

- لا تتأسّفي فذلك خطئي لأنّي استعملت طقم أسنانك التي تشبه أسنان الكلاب لعضّه..

أغمضت عينيها صارّة على فمها محاولة عدم الضّحك لكنّها استسلمت للأمر وأطلقت العنان لضحكتها، هو قد اشتاق لتلك الضّحكة المميّزة التي بات قادراً على تمييزها من بين آلاف الضّحكات..

كلّ ما يخصّها مميّزٌ لديه!

-لم أكن أعلم أنّي أمتلك طقم أسنان!

قالت بين ضحكاتها.

- كيف ستعلمين وأنتِ تعانين من داءِ النّسيان؟

-وكيف علِمت أنّي مصابة بداء النّسيان؟

- لقد نسيت سبب عضّي لأذنه، ألا تتذكّرين؟!

ابتسمت على طفوليّته، ولكنّ الأمر يعجبها فهو قادرٌ على التّصرّف هكذا غير آبه لصورته البرّاقة التي يظهرها لزملائها في المصارعة، هل هي مميّزة؟!

-هلّا تكرّمت سيّدي وأخبرتني السّبب؟!

قهقه بيكهيون على نبرتها التي قامت بتفخيمها كاحترام له ليردف بغرور ..

- لقد وُصِف بأنّه ملك السّيلفي لهذا سافرتُ بالزّمن وقمتُ بالانتقام منه فلا أحد يُنافسني على لقبي، أنا الوحيد الذي أجيد التقاط صورٍ رائعة لنفسي بينما هو يخلط ألواناً غبيّة لرسم نفسه، وااه لقد قام بتلوين وجهه بالبرتقاليّ، ياله من معتوه!

- إنّني أحتضر .

انفجرت ميني ضاحكة تكادُ تختنقُ بلعباها لشدّة ضحكها وقد شاركها الآخر يضحك على تفاهته التي اكتشف أنّها بلا حدود بالفِعل!

- سأحجز مكاناً في المصحّة العقليّة!

- لا تحجزي في التي كنتِ بها، فحالتك لا تبشّر بأيّ خير.. أنت لم تتحسّني ولو بنسبة قليلة!

- معتوه.

-أحبّك.

فتحت عينيها على وِسعهما وقد سرت رعشة مؤلمةٌ ببطنها لتصيب قلبها مباشرة مضيّقة مجال تنفّسها، هي لم تتوقّع قوله لتلك الكلمة مُطلقاً. بل لم تتوقّع سماعها في حياتها!

عمّ الصّمت بينهما وأمفاسها المضطربة على مسمع بيكهيون الشّقيّ الذي حوّر الكلمة بكلّ ذكاء.

-لقد وضعت ممرّضة ما ورقة بيدي مكتوبٌ عليها كلمة أحبّك، يال جمال خطّ يدها.. جميل كجمالِ وجهها!

رفع حاجبيه منتظراً وابلَ الشّتائم التي ستمطره بها ولكنّها خيّبت ظنونه حين أردفت

- يبدو أنّها تُعاني من قصر النّظر، أنت قصيرٌ ولستَ وسيماً!

وقحة، هذه هي ميني لن تتوانى عن جمع كرامتها على حساب كرامتك.

-حقّاً، لا بدّ أنّ الفتاة التي أخبرتني أنّي وسيم حين كانت ثملةً عمياءٌ تماماً!

قطّبت حاجبيها بشكّ، هل يقصدها؟ حسناً هي تفقد كلّ ذاكرتها حين تثمل بسبب ضعف تحمّلها للمشروب ولذلك من المستحيل أن تتذكّر ما حدث.

- أو ربّما فقدت عقلها بسبب المشروب، أراهن أنّها كانت تقصد أنّك بشع.

قام من مكانه ليسير والفرحة بادية على وجهه، أيّ شخصٍ غريبٍ يراه قادرٌ على تأكيد فرضيّة تحدّثه مع حبيبته على الهاتف. هو كان يتعمّد اطالة الحديث معها كي يغدق نفسه بنعيم صوتها العذب!

- هل تناولتِ عشاءك؟!

عادت نبرته للجديّة لتجيبه بالنّفي وانهال عليها بعدها بكلماته الموبّخة لها..

-ماذا تحبّين أن تأكلي عادةً؟

أجابت بعد تفكير طويل..

- السّجق، اللّحم، النّودلز، الجاجميونغ، الدّكبوكي، حساء الخضر، البيتزا، الهامبرغر وكلّ الوجبات السّريعة إضافة للحم الدّجاج المقليّ ..لا أحبّ السّمك كثيراً لكن لن أرفضه إن قدّمته لي. بالنّسبة للفواكه الخوخ، الفراولة، والعنب.. لا أحبّ البطيخ ولن آكله ولو تضوّرت جوعاً..حسناً سآكله ولكن لن أستمتع به ففي النّهاية يجب عليّ أن أعيش. ولن أنسى حليب الفراولة والشّوكولا وكذلك المكسّرات والفوشار... كما ترى أنا لا أحبّ الكثير من الأطعمة، هذا فقط.

ردّ عليها بصدمة بعد طول صمته بسبب حديثها المتواصل ..

-فقط..!

-آه، لقد نسيت أنّي أحبّ المثلّجات بطعم الفراولة كثيراً!

-واللّعنة، ستصاب كوريا بالمجاعة لو واصلتي على هذا المنوال!

- سأنتقل للدّول الأخرى إذن.

-غبيّة، هل تشعرين بالنّعاس؟

-قليلاً، فلتغنّي لي كي أنام بسرعة..واه، لقد تحمّست لسماع نهيقك.. أ-أقصد صوتك العذب!

قهقه على نعتها لصوته بالنّهيف وحمحم لينبّهها قائلاً

-لكنّني أحذّرك، ستقعين في حبّ صوتي!

هي تحبّك كلّك، و صوتك لحنُ قلبها فكيف لا تحبّه؟!

-لا بأس.

قالت ليتسلّل ذلك الصّوت العذب بنبرته المليئة بالمشاعر، كان صوتاً ملائكيّاً حسّاساً يجعلك ترتفع وتنزل مع نوتات الأغنية التي زادها جمالاً وإحساساً.

هي قد شردت تتخيّل شكله، ومن الواضح أنّه يقود سيّارته.. كان شاعريّاً جدّاً أن يأخذ من وقت قيادته ليسمعها صوته الهادئ لتنام على نغماته التي توقعك في حبّه رغماً عنك!

-ميني، هل نمتِ؟

لم يتلقَّ جواباً منها لذا قرّر قول ما أراده دون أن تسمعه.

- أحبّك، ألا يمكنكِ ملاحظة ذلك أيّتها البلهاء؟

أضاف قبل أن يغلق الخطّ

- ليلة سعيدة، اُحلمي بي رجاءً!

...

أشرقت الشّمسُ معلنةً عن حلول يومٍ جديد، تشايونغ كانت ممدّدة على ذلك السّرير الطّبيّ وبجانبها الممرّضة المسؤولة عن حالتها تقوم بعملها المعتاد ححين فتحت هي عينيها ليستقبلها منظرٌ مشوّشٌ للمكان حولها فأغلقت عينيها ثانيةً لتعيد فتحهما بعد لحظات.

" بيكهيون، أين هو؟"

"هل تقصدين ذلك الشّاب الوسيم؟" قالت الممرّضة واعجابها ببيكهيون بادٍ بوضوح لتشايونغ.

" فلتعرفي حدودك، أخبريني أين هو؟" ردّت بفضاضة وهي ترفع نفسها بصعوبة لتجلس.

قلّبت الممرّضة عينيها لتجيب مستفزّة إيّاها " رأيته حين اتى لزيارتك ولم يُطل البقاء، ثمّ التقيتُ به في الحديقة حين كان يغنّي لشخصٍ ما بالهاتف.. ماذا كان اسمها؟ أجل ميني..لقد غنّى لها لتنام!"

شدّت على الغطاء و اتّسعت عيناها إثر غضبها، وراح صدرها يعلو ويهبط لتشكّل الشّحنة السّوداء داخلها.. هي على وشك الخسارة ضدّ ميني، ميني التي لم تكن يوماً بقدر جمال تشايونغ، ليست منافسةً لها حتّى..هكذا اعتقدت هي!

اعتذرت الممرّضة لتغادر المكان تاركة الأخرى بعينيها الحمراوتين تحرّك حدقتيها يميناً ويساراً تتخيّل ما يفعله بيكهيون مع ميني.

هي قد خاطرت بحياتها من أجله لكنّه يعاملها بهذه الطّريقة المُخزية!

عمليّا هي لم تحاول الانتحار فقد اتّصلت بالإسعاف قبل قطعها لرسغها لتصلها المُساعدة قبل فوات الأوان...

وبينما هي على تلك الحال من بكاءٍ وشحذ كرهها ناحية ميني اقتحمت والدتها المكان مسرعة بخطاها لتتوقّف عند تشايونغ وتصفعها صفعة قويّة دوى صوتها في المكان.

" فاشلة لعينة، كيف تتركينه يذهب من بين يديك؟!"

" فاشلة!" أعادت تلك الكلمة التي سمعتها منذ صغرها.

فاشلة حين تتحدّث وحين تطبخ وحين تلعب وعندما تدرس وحين تحاول الإيقاع بشابّ غنيّ وقعت في حبّه بالفعل!

تلك الكلمة تجرحُ قلبها وتقودها لمقت نفسها أكثر فأكثر في كلّ مرّة تعايرها بها، تشايونغ ترعرعت على أن تكون أيقونة لكلّ ما تفعله؛ فوالدتها لا ترضى بما دون القمر!

" ألا تخافين على حياة ابنتك، أم أنّي لا أهمّك؟" صرخت تشايونغ آخر كلامها غير محتملة مدى الألم الذي تُلحقه بها تلك الكلمة.

" كيف لا أخاف عليك وأنا أحاول تأمين حياة مترفة لك؟ لا أريد ان تمرّي بما مررت به مع والدك الفقير!"

" لكنّه يحبّك، أليس الحبّ أهمّ ؟ أليست حياتي أهمّ من نعتي بالفاشلة؟ ألا ترين أنّك تدمّرنني.. الأمر صعبٌ عليّ، يجب أن أكون جميلة على الدّوام بلا أيّ شوائب بجمالي أتصرّف كفتيات الطّبقة الأرستقراطيّة التي لا انتمي إليها، لا أخاف الحشرات لكنّي أزيّف ذلك كي أبدو أنثويّة أكثر في عيني بيكهيون ليقوم هو بقتلها باحتضاني مزيلاً خوفي المزيّف، أحبّ تناول شتّى أنواع الطّعام لكنّي أدّعي أنّي صعبة الإرضاء كي لا يدعوني بالنّهمة والشّرهة.. وعن المشاعر.. أنا يا أمّي لا أشعر بالشّفقة على الحيوانات التي تُنشر فيديوهات لتعذيبها ولا أتعاطف مع من فقدوا أحبّاءهم ولكنّي أزيّف ذلك أمامه كي يحبّني. أنتِ جعلتني وحشاً بلا مشاعر لا يرى سوى نفسه، أنا مجرّد عاهرة تبيع جسدها لتحصل على المال، بيكهيون لا يحبّني رغم مثاليّتي إنّه يحبّ ميني.. ميني الحقيرة اللّقيطة التي كرهها والدها تلك المنبوذة قد أحبّها رجلٌ كبيون بيكهيون وريثُ شركة هيونداي، أليس ذلك ظلماً؟!"

مع كلّ كلمة كانت دموعها تتضاعف وتزداد غزارة، هي مدركة أنّها أصبحت وحشاً بشريّاً لكنّها لا تبالي، لن تبالي مادام هدفها الحصول على ذلك الوريث الذي تحبّه!

انهارت الوالدة على الكرسيّ وقد أثّرت بها كلمات ابنتها الموجوعة.

" لا تقلقِ صغيرتي، بيكهيون سيكون ملكك وإن لم يكن.. هو لن يصبح ملك تلك اللّعينة!"

...

استيقظت ميني وهي تشعرُ بتحسّن بعد أن نامت على صوت بيكهيون الملائكي، صوتٌ كالبلسم الشّافي!

مدّدت ذراعيها وعيناها مغلقتان بسبب أشعّة الشّمس المتسلّلة من النّافذة التي فتحتها والدتها باكراً.. هي كانت قادرةً على سماع صوت العصافير المزقزقة الذي يدفعها للابتسام رغماً عنها.

استقامت لتجلسَ فاركة عينيها تتثاءب وبينما هي كذلك تردّدت تلك الجملة بعقلها " أحبّك، ألا يمكنك ملاحظة ذلك أيّتها البلهاء؟"

"هل فقدتُ عقلي؟ لقد أصبحت أتخيّل ما لم يقل وبصوته أيضاً!"

ضربت رأسها لتجرّ قدميها نحو الحمّام وحين خرجت منه استقبلها صراخُ والدتها من الأسفل وهي تنادي عليها.

" ميني فلتنزلي، صديقاك يبحثان عنك"

" أنا لا أمتلك ولو صديقاً واحداً !" تثاءبت لتنزل غير آبهة بشعرها المبعثر وبيجامتها التي ارتفعت على أحد رجليها مظهرةً ساقها النّحيلة.

نزلت على الدّرج بكسلٍ تترنّح وعيناها نصف مغلقتين لتُقابل وجهين مألوفين.

" تشانيول والآلي.." أغلقت فاهها متداركة ما قالته لتقول بسرعة حاكّة مؤخّرة عنقها.

" أ- أقصد تشانيول أوبا والسّيّد القدير دو كيونغ سو العظيم!" عضت شفتها لتنحني بأدبٍ لهما وتكمل النّزول ...

ما إن وطأت قدمها أرضيّة المنزل ظهر بيكهيون من خلفهما وهو يحمل أكياساً كثيرةً، قد تفاجأ بوجود كيونغ هنا أكثر من تفاجئه بتشانيول.

" جميعهم وسيمون، لكن إيّاك واختيار الأصلع.. إنّه يبدو سفّاحاً!" همست والدتها بأذنها لتنتبه لنظراته التي توحي بأنّه سمعها.

هي قد تجمّدت مكانها حين قال بصوته العميق ونظراته الباردة "جرائم القتل في ازدياد هذه الأيّام"

أخرج من جيبه بخاخ فلفلٍ ليمدّ يده نحو والدة ميني " يمكنك رشّه على العينين مباشرةً، مع أنّي لا أمانع إن ماتت ابنتك ولكنّي أخشى أن أجنّ بسبب بكاء بيكهيون عليها.. صوته يتحوّل لصوت فتاةٍ حين يبكي!"

ركله بيكهيون من الخلف " اخرس أيّها المجنون!"

ضحكت والدة ميني بتوتّر لتأخذ البخاخ وهي تشعر بعدم الرّاحة أمّا ميني فقد كادت تبلّل سروالها من شدّة الخوف.. وهذا ما جعلها تستأذن

" ربّما أحتاج لدورة المياه" انتحبت لتركض نحو الأعلى ماسحةً حتّى أثر ظلها خلفها .

رمش كيونغ سو مضيفاً " ابنتك لا تمتّع بالحسّ العام، أخبرني بيكهيون أنّها اقتحمت فترة خلوته في الحمام العديد من المرّات، إنّها منحرفة"

ابتلعت الوالدة ريقها لتضحك بتوتّر وكادت تلحق ببيكهيون الذي أدخل الأكياس للمطبخ لولا إيقاف كيونغ لها.. هو قد أصبح ثرثاراً!

" ثمّ، أنا زوجٌ مثاليّ..أجيد الطّبخ علاوة على وسامتي وحسن أخلاقي وجمال ابتسامتي عكس هذا الطّويل الذي يكاد يحلّقُ بأذنيه" ابتسم بغرابة لتهرع الاخرى للمطبخ مدّعية أنّ بيكهيون ينادي عليها.

" هل تقصدني بكلامك؟" قلّص تشانيول عينيه والغضب أخذ طريقاً لتملّكه.

" لا، أقصد ابن الجيران!" سخر ليدلف غرفة الضّيوف و من خلفه تشانيول الذي لحقه متذمّراً.

تشانيول وكيونغ سو خطّان متوازيان لا يلتقيان لكنّهما ينطبقان!

صداقتهم ستصبح كمثلّث قائم قاعدتاه بيكهيون وكيونغ سو بحكم أنّهما قصيران ووتره تشانيول لطوله، ولو قمت بجمعهم وتجذيرهم ثم قسمتهم على اثنين أنت لن تجد شيئاً، لذا دعك من الرّياضيّات وتابع الرّواية!

غيّرت ميني ملابسها وصفّفت شعرها لتنزل حيث يجلس الجميع ملتفّين حول طاولة الطّعام يُشاركون والدة ميني طعام الفطور.

تشانيول وكيونغ قد ملآ المنزل صخباً، ولأوّل مرّة يرى بيكهيون شخصاً يفلح في ازعاج صديقه غيره هو، تشانيول يستحق الإشادة به.

تقدّمت ميني لتجلسَ بجانب والدتها ومقابلاً لها كان يجلس كيونغ وبجانبه تشانيول ثمّ بيكهيون.

" لو تعلمين كم أحضر بيكهيون من أغراض، السّجق، اللحم وجميع أنواع الفواكه.. هو لم ينسى الشّوكولا أيضاً، فلتشكريه!"

قالت والدتها لتنظر لبيكهيون بسعادة " هل سألتني عمّا أحبّ لأجل هذا، واه أنت كريمٌ حقّاً!"

ارتشف بيكهيون من قهوته ليردف بتبجّح " من أخبرك أنّها هبة مني، أنت ستدفعين مقابل كلّ ما أحضرته"

نظرت نحوه بحنق لتزيل نظرها عنه موجّهة إيّاه نحو تشانيول " تشانيول أوبا أفضل منك، كيف عرفت عنوان منزلي؟"

" لقد فتّشت بحسابك الشّخصيّ على الكاكاوتوك" أجاب صابّاً كلّ اهتمامه على الأكل.

" هل أنت متعقّب، لمَ تفتّش عن معلوماتي في كلّ مرّة؟" عبست مستنكرة الأمر ليجيب كيونغ بملامحه الجامدة

"ربّما هو قاتل متسلسل، أذناه الكبيرتان لاقطات أصوات وعيناه الجاحظتان كاميرات مراقبة"

تحمّست ميني لتسأل ضاحكة وقد أخطأت في بناء جملتها بطريقة غير رسميّة " ماذا عن فمه؟ "

رفع نظره إليها لتمسك والدتها بيدها خوفاً منه عليها ليجيبها بعد ذلك " إنّه مصرفٌ صحيّ كفمك!"

والدة ميني رغبت في ضربه وتلقينه درساً لتحدّثه مع ابنتها بهذه الطّريقة لكنّ رعبها تغلّب على شجاعها ما جعلها تهزّ رأسها موافقة على كلامه رغماً عنها حين نظر نحوها.

" إن لم تصمت سأ-"

تمّ كتم صوت تشانيول بحشر قطعة خبز كبيرة بفمه من قبل دو كيونغ سو.

قد علت الضّحكات على هذين الأخرقين، و تابعت نظراتُ ذلك العاشق معشوقته التي تضحك متغزّلاً بمدى جمال ضحكتها وسحر عينيها المغمضتين بخدّيها الممتلئين!

قد علمت ميني كيف وجد تشانيول منزلها ولكنّها لم تتجرّأ على سؤال كيونغ سو.. وليومنا هذا بقيت طريقة ايجاده للمنزل مجهولة تعجز روايات أغاثا كريستي عن حلّ لغزها.. وربّما هي لن تجرأ على ذلك خوفاً على حياتها!

الدّفء ، ذلك هو الشّعور الذي غزى قلب ميني ووالدتها.. كون هؤلاء الثّلاثة حولهما وبجانبهما جعلهما سعيدتين جدّاً فعلى الأقل هم قد أضحكوهما وبعثا في قلبيهما المنهكين شرارة أمل بأنّ الحياة قد تخبّئ لهما الأفضل!

..

في غرفتها جالسةً على سريرها تتجهّز للنّوم...

كانت تبتسمُ وهي تَقرأ تلك الكلمات التي شاركها معها بيون بيكهيون مقهقة على أخطائه الإملائيّة

*wherever life plant you, bloom with grase*

قامت بالضّغط على زرّ التّعليق لتصحّح له أخطاءه

*plants, grace*

أضافت الكثير من الوجوه الضّاحكة لترسل له رسالة

- أنت غبيّ حقّاً!

هو بسرعة قد ردّ عليها

-كنت أختبر براعتك في اللّغة الانجليزيّة فحسب!!!

كادت تردّ عليه لولا طرق الباب واتباعه بفتحه من قبل بيكهيون الذي أطلّ برأسه يستأذن بالدّخول.

"أنت بالدّاخل فعلاً."

سحب جسده للدّاخل حاملاً كيساً ورقيّاً بيده ليغلق الباب خلفه ويتقدّم نحو سريرها يجلسُ بجانبها و البسمة لم تفارق وجهه.

" مفاجأة !" رفع الكيس بوجهها ليقوم بفتحه .

" مكسّرات" قالت بحمّاس ليضحك على ردّة فعلها الطّفوليّة.

" كانت بالسّيّارة، لقد قمت باخفائها هناك لأنّ كيونغ سو يحبّها ولو رآها سيلتهمها لوحده"

هو يهتمّ بها حقّاً، إنّه يزعزع قلبها ويبعثر دقّاته لتنظمّ لدقّاته المبعثرة.

" شكراً لك" ابتسمت لتقوم بمدّ الكيس ناحيته " فلنتشاركه"

بادلها الابتسامة موافقاً على عرضها.

أخذا يتبادلان اطراف الحديث ويتناولان المكسّرات وفي تلك اللّحظة انتبه بيكهيون للقطّة النّائمة بجانب ميني ليسألها.

" هل تنام بجانبك؟"

"أجل" أجابت باختصار .

" يالها من محظوظة!"

وفي تلك اللّحظة لامست يده يدها عند فتحة الكيس حين رتّب القدر التقاءهما قاصدين الأخذ من محتواه.

دقات قلبهما قد زعزت المكان لدرجة أنّ القطّة وكيبوبد مع زوجته و الثّنائي بيكهيون الشّيطان والملاك قد استفاقوا جميعاً من نومهم منزعجين بسبب الصّخب الذي أحدثه قلباهما~





يتّبع...💜

هاي، رغم أنّي أنّو أغلبكم نايم بس يلّا😌

بارت لمحو الحزن النّاجم عن البارت السّابق، حبيت انشروا الآن بسبب حماسي الزايد😭😭

يالني من خروووف!!!!

رأيكم؟

تابعوا حسابي على الانستغرام لحتى ندردش مع بعض : y.xeonii

وش رأيكم بمقولة "كلّما أحْبَبْتَ فقدتَ"؟

شكراً💜

Good night❤❤❤❤

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top