الفصل | 22
▪ ضَائِعٌ.. فِيكِ، مَجْنُونٌ.. بِكِ و يَتِيمُ..حُبِّكِ!▪
..
الأغاني التي استمعت إليها عند كتابة البارت♡
kim bum soo - a sad story more than sadness
One direction-night changes
Mahogany LOX- take your man
..
كانت ستطرده رغماً عنه لولا تذكّرها لما فعلته تشايونغ معها وكيف عاملتها كأنّها خاطفة رجالٍ..هي ستتحدّاها وتظهر لها أنّها لو أرادت رجلاً فستحصل عليه، تفكيرها هذا لا يعني أنّها تخطّط لسرقة قلب بيكهيون منها لكنّها لن تبني سدّاً عالياً بينهما!
هذا ما أقنعت نفسها به~
" افعل ما تشاء، لن أهتمّ لأمرك " قالت لتتوجّه للمطبخ قاصدةً الأرفف العلويّة حيث وضعت علبة الشّاي لتأخذه بين كلتا يديها لكبر حجمه وتضعه على بار المطبخ.
هي من الأشخاص الذين يفضّلون الشّاي على القهوة، وتفضّل الرّيف على المدينة.. لا تخاف من الحيوانات كباقي الفتيات ولا تحاول الظّهور بمظهر اللّطيفة الجبانة بل على النّقيض تماماً.. ترغب في أن يراها النّاس على أنّها شخصٌ قويّ بلا إحساس!
بينما تقوم باعداد الشّاي لنفسها التقطت المنشفة الخاصّة بالمطبخ وألقتها على وجه بيكهيون الذي كان في وسط تثاؤبه المستمرّ..وهذا ما جعله يتوقّف ليمسك بها قبل أن ترتطم به، هو ملتقطٌ جيّد، نسبة انتباهه عالية جدّاً!
" نظّف الفوضى التي أحدثتها" لم ترفع عينيها عن الماء الذي تقوم بغليه متجاهلة تمتماته حول أنّه ليس الوحيد الذي أحدثها وأنّها شريكته في ذلك.
تحرّك بيكهيون جارّاً قدميه ليرمي الفضلات بالسلّة المخصّصة لها متجاوزاً ميني نحو غرفته بعد أن قام بغسل يديه، عمليّاً هي قد أصبحت غرفته!
" عليّ النّوم.. لديّ دوامٌ صباحيّ " تمتمت لتصبّ شايها بكوبها اللّطيف المميّز.. أبيضُ اللّون مع عبارة بخطّ أسود مخمليّ < أنتِ جميلة> باللّغة الإنجليزيّة وعلى الجوانب نقاط سوداء تمثّل النّجوم، في حين غاب القمر عن الصّورة قاصدين بذلك أنّ صاحب الكوب هو القمر بالأعلى.
سارت نحو غرفتها بعد أن قامت بإطفاء كلّ الأنوار ما عدا ضوء الحمّام.. لم تنس كذلك إغلاق باب غرفتها بالمفتاح تحسّباً لأيّ طارئ لتغلق أنوارها بعد أن شغّلت تلك البلورة السّحريّة لتنشر ذلك اللّحن الحزين بأرجاء الغرفة، حزينٌ كقلبِ صاحبته!
جلست على حافّة السّرير ترتشف من شايها على مهل ونظرها معلّق على البلّورة السّحريّة التي تحبّها كثيراً..أو ربّما تحبّ الذي أهداها إيّاها، من يعلم؟!
شردت بين جدران متاهة أفكارها المتشابكة و أسئلتها التي تُركت دون أجوبة..عاجزة عن فكّ قيود القدر التي لُفّت حولها.
وكأنّها تغرق في صمت قاتلٍ ولا أحد يهرع لإنقاذها، كلّ ذكرياتها السّيّئة تطاردها في كلّ مرّة نظرت لتلك البلورة.. هي بابٌ لفوّهة الماضي السّحيق حين كان الجميع ينامُ وهي تبكي على وسادتها في صمت.
ماتزال عالقة في فراغ لا نهاية له، تتخبّط بين أقاويل لكلا والديها تدور بعقلها محدثةً ضجيجاً مزعجاً لم تعُد قادرةً على تحمّله..
كلاهما ينكران ذنبها في عيشها لحياة تعيسةٍ مشتّتة، والدها يرى أمّها المذنبة ووالدتها ترى العكس. هما قد جعالها تتمنّى لو لم يلتقيا، لو أنّ القدر تخطّاهما لانتهى كلّ شيءٍ قبل بدايته!
زفرت بتعبٍ وعيناها معلّقتان على ذات المكان..تتذكّر ما قاله له والدها قبل ساعات، هو قد دمّر آخر أمل لها في أن تكون شخصاً مهمّاً في حياته..رماها إلى آخر الكون خائبةً لتدرك أنّها شخصيّة ثانوية وربّما ..شخصيّة داعمة لا حاجة لها!
اقتربت من المنضدة ابتي وضعت عليها البلورة لتتمدّد قريباً منها تمسح عليها بأطراف أصابعها ومع كلّ كلمة قالتها تشكّلت الدّموع بعينيها
" ليتكما لم تتزوّجا، وليتني لم أُولد..كُنت لأكون أسعد كطائرٍ يحلّق عالياً بدل أن أدفع ثمن ذنب لم أقترفه.. هل أنتما سعيدان برؤيتي أكبر ذابلةً بهذا الشّكل المخيف؟"
توقّفت لثانية بسبب الغصّة المؤلمة التي تشكّلت بحلقها لتتذكّر بعضاً من حديثها مع والدها.
" تمنّيت لو أنّي كنتُ ابنتكما المدلّلة بدل أن أكون ابنة غير مرغوبٍ بها، أنا لست ابنتك يا أبي، حتّى لو كنت كذلك فأنّا أُنكر الأمر كي لا تغضب.. كي لا تنزعج من هذه الحقيقة المرّة، سأخبر كلّ العالم أنّني ابنةٌ لقيطة تمّ التّخلّي عنها.. يتيمة الأب، لكن.. هل يمكنني سؤالك لآخر مرّة، لمَ تكرهني؟"
لم تتمالك نفسها بتذكّر إجابته التي حطّمتها، قد فشلت في كبح جماح دموعها التي انسابت على خدّها كسيلٍ جارٍ وعجزت عن ايقاف تلك الشّهقة التي دعتها لدفن رأسها بالوسادة كي لا يسمعها بيكهيون، فالشّفقة آخر ما تريدُ أن يحسّه الآخرون ناحيتها!
كان جسدها النّحيل يهتزُّ وبعض شهقاتها الضعيفة تُسمع، إنّها فتاة هشّة تدّعي القوّة مُخفية حُطام قلبها الفتيّ.
تلك اللّيلة، لم تتوقّف عن البُكاء إلّا بعد وقت متأخّر بعد أن وصلتها رسالة من بيكهيون.. الذي أرسل لها صورة مُضحكة لوجهه.
وكأنّه شعر بحاجتها الماسّة للضّحك، هو الآخر عجز عن الخلود للنّوم بسبب تلك الأفكار التي هاجمته دُفعة واحدة. كلّ ما خطر على باله تلك اللّيلة كان له علاقةٌ بميني، القبلة وخجلها من الأمر، حادثة الفوط الصّحيّة وكلّ اللّحظات الجميلة التي شاركها إيّاها.. إنّه توّاق لخلق لحظات أجمل معها.
ليس بصفته أيّ شيء، هو فقط يُريد ملء حياته بإكسير معدّل للمزاج اسمه 'كيم ميني'.
حين فقد الأمل من قدرته على الخلود للنّوم قام من السّرير ليقف بجانب النّافذة المغلقة ينظر من خلالها مكتّفاً يديه إلى صدره حين باغته تلك الذّكرى، لقاؤه الأوّل بميني.. رغم أنّه منذ زمن طويلٍ إلّا أنّه ما يزال على وفاق مع ذاكرته.
يومها قد قلبت المنزل رأساً على عقب بسبب ظنّها السّيّء به، اعتقدت بأنّه لصٌّ لذا قامت بالصّراخ والقفز مهدّدة إيّاه بسحب أحشائه من بطنه لكن انتهى بها الأمر مثبّتة على الحائط مكبّلة اليدين بيد واحدة تخصّ بيكهيون، منذ ذلك اليوم هو قد لاحظ شيئاً جميلاً بشكلها العامّ .. البراءة!
ارتسمت ابتسامة على محياه وصورتها محفورة بعقله، حتّى أنّه أصبح يتخيّلها أمامه وهي تضحك باشراق.. هل يمكن للعالم أن يحمل فتاة تتّصف بكلّ الصّفات الجيّدة منها والسّيّئة؟!
" سايكو" همس لتتّسع ابتسامته أكثر ويقفز على سريره ملتقطاً هاتفه.
هو قد قضى اللّيلة في ازعاجها بارسال صور ورسائل صوتيّة مضحكة حتّى نامت هي وبقي هو مستيقظاً..
كانت السّبب في عدم نومه فهي لم تغادر تفكيره طوال اللّيل!
..
انقلبت على بطنها بحالتها الكارثيّة تلك وشعرها المنكوش، فمها مفتوح ورجلاها ممدودتان في اتّجاهين مختلفين، كانت غارقة في نوم عميقٍ حقّاً وآخر ما تحتاجه هو الاستيقاظ منه لكن لا تبقى اللّذّة كما تشتهي الأنفس!
"بيون بيكهيون، سأقتلك" تمتمت بين أضغاث أحلامها.
صدح صوت المنبّه بصوت ديكٍ عالٍ جعلها تنتفض من سريرها لتسقط أرضاً على مؤخّرتها تنظر حولها لا تفقه أين هي ولا حتّى من هي.. مدّدت ذراعيها متثائبة ليطرأ على بالها ذلك الحدث المهمّ، دوامها الصّباحيّ!
" قُضِيَ عليّ" هسهت لتحاول الوقوف بعد أن علمت أنّ بيدها نصف ساعة فقط ..لكن ما إن نهضت حتى وقعت على وجهها متعثّرة بغطاء سريرها الملتفّ حول رجليها.
أنفها الصّغير المسكين قد جُرح " أنفي، عزيزي.. أنت بالكاد تستنشق الهواء بسبب قصرك!"
حرفيّاً هي قد وبّخت أنفها وتنمّرت عليه..!
تجاهلت جُرحه الحارق وراحت تركض في الأنحاء تجهّز نفسها ومازاد الطّين بلّة هو عدم تمكّنها من اختيار ثيابٍ جميلة فقد سحبت قطعَ ثيابٍ عشوائيّة لترتديها وتخرج نحو المطبخ لأخذ علبة عصير .
وقفت أمام باب الثّلّاجة وملامح الغضب بدأت بالظّهور على محياها لتتبعها بتأكيد جسديّ حين ضربت بابها بقوّة.. العصير الذي تحبّه تمّ القضاء عليه، تشايونغ قد شربته كلّه!
" هي تعلم أنّي لا أحبّ تناول شيءٍ على الفطور!" صرّت على أسنانها بغضب بسبب طبيعة رفيقتها المزعجة.
كانت ستتجاوز بار المطبخ وتتوجّه لباب الخروج ولكنّ ملمح الغرفة المجاورة لغرفتها جذبها، لقد أرادت التّأكّد من وجود بيكهيون هنا ولا ضرر من التقاط صورة مهينة له إن كان ينامُ بطريقة عشوائيّة مثلها.
لامست يدها مقبض الباب لتديره ببطء قاصدة الدّخول لكنّها فُوجِئت بوجوده مغلقاً..فاتّسعت عينيها متخيّلة كلمة منحرفة تُطبع على جبينها.
" ماذا يحدث بحقّ النّقود، هل يراني كمنحرفة ؟ أوموو أصابني تشنّج.." ضغطت بقوّة على مؤخّرة رقبتها مدّعية أن تشنّجاً قد أصابها بسبب بيكهيون.
"أحمق منحرف" رفعت قبضتها بوجه الباب .
هي كانت بصدد المغادرة للمرّة الثّانية لكنّها تذكّرت أنّ بيكهيون لم يتناول طعام فطوره، تلك القوّة الخفيّة التي سحبتها للمطبخ كي تعدّ له وجبة خفيفة لم تدرك ماهيتها ولمَ تمَّ سحبها رغماً عنها..ورغم تأخّرها هي قد باشرت صنع شطيرة مربّى المشمش مع كوب قهوة بالحليب...
وكانت عاقبة مخاطرتها ركضَها للجامعة القريبة نسبيّاً بأقصى سرعتها مع شعرها المنجذب للخلف مع موجة الهواء القويّة.
في تلك الأثناء حين كانت هي تركض استيقظ بيكهيون ليتمدّد بكسل ثمّ نهض جارّاً خفّه بكسل ويده تحكّ مؤخّرته، شعرٌ منكوش وبقايا لعاب على ذقنه..هو أخرق كميني تماماً!
لمح بعينيه نصف المغلقتين ذلك الطّعام المغطّى بغطاء خاصّ ليقترب بفضول من تلك الورقة الملصقة عليه والتقطها فابتسم بعد أن قرأ ما كُتِب عليها وراح يلقي نظرة على ما أعدّته ميني من أجله مع تلك الاِبتسامة التي لم تغادره من البداية.
' استيقظت أيّها الأخرق؟ لقد وضعت اصبعي في الحليب، أعلم أنّه سيصبح أكثر حلاوة لكن على الأقل ستصاب بالغثيان '
تحرّك نحو الحمام وباشر روتينه اليوميّ تحت المرشّ يتفاخر بعضلاته المشدودة أمام المرآة..!
بعد ذلك توجّه للمطبخ ليتناول ما أعدته من أجله، رغم أنّه تناول أشهى أنواع الطّعام إلّا أنّ هذه الشّطيرة تنافسها جميعاً وتتغلّب عليها بسهولة.. حُلوة وشهيّة!
..
منزل متوسّط الحجم، بطابقين.. وفي المطبخ على طاولة الطّعام كوضعت تشايونغ آخر طبقٍ لتكتمل الصّورة التي ترغب في التقاطها وارسالها لبيكهيون.
عليها أن تقنعه أنّها زوجة مناسبةٌ لوريث شركة هيونداي، ربّما هي تحبّ بيكهيون ولكن المال يحظى بذات الحبّ .
التقطت صورةً للمائدة لترسلها مباشرة لبيكهيون وترسل بعدها رسالة مفادها أنّها هي التي أعدّت كلّ شيءٍ لوحدها..وكما قالت
- أنا زوجة رائعة، صحيح أوبا؟
لم تعلم أنّه أراد كتابة
- لا، شطيرة ميني أشهى من طعامك هذا فلا تحاولي!
أغلقت هاتفها لتتحرّك باحثةً عن والدتها التي كانت تتحدّث بالهاتف مع إحدى صديقاتها.
"أجل، هي فاشلةٌ بالدّراسة .. أحمد الله أنّ ابنتي ذكيّة وتحصل على علامات عالية" سمعت صوت والدتها بالغرفة لتدخل منظمّة لها.
أكملت بغرور مبتسمة لابنتها" تشايونغ جميلة وطويلة القامة، كما أنّها تواعدُ شابّاً ثريّاً، حسنا لا يمكنني الإفصاح عن هويّته ولكنّه صفقة رائعة لنا"
أضافت وهي تمسح على يد تشايونغ " من يعلم، ربّما بنهاية هذه السّنة أو السّنة القادمة، حبيبها مستعجل للزّواج منها ولكنّها تتريّث إلى حين إنهاء دراستها.. تعلمين صعوبة تربية الأولاد ومسؤوليّة الزّواج"
عضّت تشايونغ على شفتها منزلة نظرها بخجل، قد سرحت بعيداً بشكل مفرط في خيالها.
أنهت والدتها الإتّصال لتنظر بحدّة ناحية ابنتها " أصبحت كاذبة بسبب ابنتي الفاشلة، هل أنت غبيّة لهذه الدّرجة حقّاً، كيف تعجزين عن جرّ بيكهيون من ذيله؟ أنت تواعدينه منذ مدّة ولم تجعليه خطيباً لك على الأقل..ثمّ لقد علمت أنّك أحرزت المرتبة الثّانية في اختباراتك، هل تمازحينني؟هل تعبت عليك وصرفت أموالي لأجل هذا الإنجاز؟"
والدة تشايونغ باحثة عن التّميّز والتّألّق ولو على حساب الآخرين .. تحبّ التّباهي والظّهور بمظهر المرأة التي تملك كلّ شيءٍ بيدها، وهذا ما جعل شخصيّة ابنتها مشابهة لها. فتشايونغ أيضاً أنانيّة تحبّ السّطوع بتوهّج أكثر من غيرها، وهذا ما جعلها تختار مواعدة بيكهيون الذي رتّبت لقاءه معها في حانة من حانات سول.
ضغطت تشايونغ على قبضة يدها كاتمة غضبها العارم بسبب احساس الفشل الذي بثته والدتها داخلها..صامتة لا تردّ عليها فلو فعلت ستنهال عليها بالضّرب. فرغم أنّها فتاة بالغة إلّا أنّها عاجزةٌ عن ردعها.
ضربتها والدتها على رأسها موبّخة إيّاها " تصمتين؟ ماذا أفعل بابنة فاشلة مثلك؟ هل أزوّجك لابن السّيّدة هان فقط؟!"
" سأحرص على الزّواج من بيكهيون حتّى لو كلّفني ذلك.."
"كلّفك ماذا؟"
"الحمل منه!"
...
غادر بيكهيون نحو منزله فهو لم يكن هناك لوقت طويل وكان لزاماً عليه الذّهاب لتفقّده ورؤية صديقه دو كيونغ سو الذي يستعمل المنزل حال غيابه عنه.
هو قد استعمل المصعد للوصول إلى شقّته المتواضعة، حين قام بشرائها رآى أنّها الأنسب لشابّ عازب مثله فهو لا يحبّ البقاء لوحده في منزل واسع وإلّا كان ليشتري أفضل شقق سول.
فُتح باب المصعد لتطأ قدمه الأرضيّة وتتحرّك يميناً نحو شقّته التي تقع في الزّاوية آخر الرواق.
طول الطّريق وهو يفكّر بمغامرته في حقل الفراولة وكيف حدثت تلك القبلة التي تجعله يحمرّ خجلاً بسبب الضّربات المتسارعة التي تحدثها داخل قلبه. يبتسم كالأبله غير مدرك أنّه وصل لباب شقّته، الطّريق الطّويل أصبح قصيراً بالتّفكير فيها!
فتح الباب ليلج للدّاخل وأول ما لمحه بعد خلعه لحذائه والولوج أكثر كان ظهر دو كيونغ سو النّائم على الأريكة .
بيكهيون قد أقسم أنّه رأى غيمة سوداء عاصفة راعدةً فوقه حتّى أنّه فُزع بصوتها المدوّي..هل صديقه بخير؟!
اقترب منه بحذرٍ مادّاً يده ليديره نحوه وير مابه، وما كاد يفعل حتّر انتفض كيونغ سو من مكانه ليجلس في حين سقط الآخر أرضاً ولكنّه سارع بالنّهوض وعلامات التّفاجئ بادية عليه..
صديقه يجلسُ بانضباط كعادته ولكنّه.. وعلى غير عادته إنّه ييكي، دو كيونغ سو يمكنه البُكاء .
" ما خطبك؟ هل أنت حزين لاشتياقك لي؟"
نقل كيونغ نظره نحوه بصفة مفاجئة أسرت رعشة في جسد بيكهيون .. نظرة قاتل متسلسل " يبدو أنّك تريد تشريح جثّتك مع حبيبتك تلك! "
تجاهل حديثه ليقترب منه " أخبرني ما خطبك؟"
ماكاد يضع مؤخّرته على الأريكة حتّى قفز مترين للخف حين صرخ عليه بصوته الباكي " إنّه بسببك!"
عقد حاجبيه مميلاً رأسه بتساؤل.." ماذا فعلت أنا؟"
"اللّعنة عليك بيون بيكهيون" انتحب مخفيا وجهه بين يديه..لقد بات يستعمل جملة ميني المعتادة.
بيكهيون لا يفقه ما يقول ولا يعي حتّى ما يحدث، لقد كان مشغولاً بتكذيب ما تراه عيناه.. دموع كيونغ سو!
"انتظر لحظة" ركض بيكهيون للمطبخ ليحضر كوباً مقتدر الحجم وقرّبه من وجه كيونغ فنظر له الآخر بارتياب " ما الذي تُقدِمُ على فعله؟"
" فلتبكِ بقوّة.. دموعك غالية وقد تتحوّل للآلئ فأبيعها وأصبح فاحش الثّراء!" أنهى جملته بضحكة شرّيرة كساحرة المكنسة الطّائرة ليتلقّى ضربة قويّة على بطنه جعلته يجلس رغماً عنه.
" أخبرني لمَ تبكي؟" سأل بيكهيون.
" تلك العجوز..قامت بتقبيلي " شهق ليدفن نفسه في حضن بيكهيون مكملاً بكاءه على نفسه .. لقد أصيب بصدمة قويّة حقّاً!
"أيّ عجوز؟"
"عجوز حقل الفراولة" صرخ آخر كلامه حين مرّ وجهها بين عينيه ليخفى وجهه أكثر بحضن بيك.
"ماذا؟ هيا إلى قسم الشّرطة سنقدّم بلاغ تحرّش بحقّها" بيكهيون يدرك مدى بشاعة هذا الإحساس فهو كاد يكون ضحيّتها.
المسكين ذهب للحقل باكراً كي يستفسر عن عدم عودة بيكهيون للمنزل فتفاجأ بتلك العجوز الثّملة المنحرفة.. التي باغتته حين سألها عن مكان صاحبة الحقل بقبلة على شفتيه!
..
بعد أن أنهت ميني اختبارها توجّهت لإدارة الجامعة لتأخذ أوارقاً رسميّة خاصّة بها ...
وعلى غير عادتها كانت تسير من دون البحلقة في الوسيمين المتناثرين حولها كذبابٍ ميّت، حقيقة هي تشعر بالإكتفاء، كما لو أنّها ملأت عينيها بوجه شابٍّ وسيمٍ سرق تفكيرها.. وهي يُمكن أن يكون بيكهيون الذي تفكّر به الآن؟ ربّما هي تفكّر إن أكل أم لا من باب الإنسانيّة فقط.. دعونا لا نبالغ في تقديراتنا!
توقّفت عند باب المدير حين رأته يقف هناك مع عدّة فتيات لتتقدّم منهم محاولة التّحدّث معه لكنّه كان مشغولاً بفرد ريش الطّاووس حوله. وفي ذلك الحين رنّ هاتفها فظهر رقم والدتها على الشّاشة فعمدت للرّدّ غير أنّ المدير قاطعها آمراً بنبرته الخالية من أيّ احترام " أغلقِ هاتفك!"
"إنّها والدتي.." ردّت عليه ميني، تعلمه أنّه لا يمكنها إغلاق الهاتف بوجهها.
" من الأهمّ هنا؟ هل تقارنينني بوالدتك؟" اقترب منها رافعاً صوته فشدّ بذلك أنظار الجميع.
هو كان أطول من ميني قليلاً بشعر أسود فحميّ، وبطن بارزة بعض الشّيء. الجميع هنا يناديه بالمريض النّفسيّ الدكتاتوريّ.. طبعاً دكتاتوريّ على كلّ فتاة لا تمنحه فرصة في مواعدتها والمرح معها!
نظرات ميني الثّابتة ضدّ نظراته الحادّة الكارهة .. هي قد أجابته بنبرة آلية باردة تعلّمتها من كيونغ سو " بالتّأكيد أنتَ.."
ابتسم بغرور بسماعه الجزء الأوّل لكنّها صفته بذيل سمكة حين أكملت باستهزاء " أنتَ أقلّ شأناً وأهميّة من والدتي، المعذرة"
انحنت انحناءة بسيطة مهينة إيّاه بذلك وردّت على هاتفها بابتسامة مستهزئة.. لكن ما كادت تستدير حتّى امتدّت يده لذراعها وأدارها بقوّة حتى سقط هاتفها من يدها ووقع أرضاً فانحنت لتأخذه لكنّه سبقها بوضع رجله عليه...
هو لم يدرك أنّه آذى لتوّه طفل ميني الصّغير وأنّها لن تمرّر له هذه الغلطة مطلقاً!
نفثت الهواء ليتطاير شعر غرّتها ونظرت نحوه بعينين ترسلان أشعّة حمراء تقسم الجسد لنصفين..
" أنزلي عينيك أيّتها الوقحة!" صرخ عليها رافعاً يده القذرة عليها بصدد صفعها ولكنّها تصدّت لها وأمسكت بيدها الأخرى ذات اليد مرسلة كلّ قوّتها لقدميها اليمنى التي ارتكزت عليها لترفعه فوقها بطريقة أفلام الأكشن وترميه أرضاً .. كانت رمية قويّة لدرجة جعلت صوت عظامه مسموعاً!
زفرت الهواء على غرّتها للمرّة الثّانية ثمّ انحنت بنفس الطّريقة المهينة " يمكنك طردي إن أردت"
هذه هي ميني شعارها ' لا للذّلّ ' طبعاً الأمر ليس ساريَ المفعول مع الروبوت دو كيونغ سو فهو سيقطّعها إلى أشلاء!
" اتّصلوا بالأمن الدّاخليّ"
التقطت ميني هاتفها لترسل رسالة للمتأوّه " هل يمكنك تدبير مال تسوية من أجلي؟ لا تنسى الذّهاب لمركز الشّرطة القريب من جامعتي.. سنلتقي هناك."
قلّبت عينيها بملل حين لمحت رجال الأمن يركضون ناحيتها، الأمر لا يحتاج لكلّ هذه الجلبة التي أحدثوها.
..
" ماذا؟ قمتي بضربه؟ هل أنت فتاة حقّاً؟" سأل بيكهيون الذي يسير بجانبها.
" هل كان عليّ قتله؟"
"واه، سايكو!" قال مبعثراً شعرها ليهتف بحماس " كان عليك تعليق رأسه عند مدخل الجامعة كي يكون عبرة لغيره"
" ما رأيك بمساعدتي في ذلك؟!" قالت بسعادة .
" بالتّأكيد.. "
" هل رأيت كيف سامحني على كلّ أخطائي حتّى المستقبليّة منها حين علم أنّك ثريّ.. تشه، إنّه معتوه لا قيمة له" .
" وهذا ما جعلني أخفي الأمر عن الجميع، المال يجمع حولك الذّئاب الجائعة بوجوه ماعز"
"ولهذا اتّصلت بك، استعمال قوّتك سيكون سلاحي " ضحكت بشرّ ..
مزاج ميني اليوم لم يكن جيّداً بسبب دورتها الشّهريّة والمدير زاد الطّين بلّة لذا أفرغت فيه كلّ سخطها على العالم .. ولكن ذلك لم يخفّف عنها كثيراً لذا طلبت من بيكهيون كي يُشاركها في الشّرب .. أو يرافقها بما أنّها تثمل من أولّ كأسين، وبلا مانع هو قد وافق!
توجّها للسلّم ذي الدّرجات الكثيرة مع وقت غروب الشّمس ليجلسا هناك مع كثيرٍ من علب البيرا.
جلسا على إحدى الدّرجات .. وباشرا الشّرب متبادلين أطراف الحديث.
" بيكهيون-شي" ندهت باسمه لينظر ناحيتها وهي تراقب الغروب.
" هل تفضّل الشّمس حين تسطع في منتصف السّماء، أو حين تشارف على الإختفاء لتكون صورة جانبيّة في لوحة مكتملة..؟"
عبست آخر كلامها لتشرب من علبة البيرا.
مدّ هو شفتيه متسائلاً.." هل يوجد من لا يفضّل الغروب؟"
أغمضت عينيها لتكمل " في الأعمال الدّراميّة.. ماذا تفضّل، البطل الشّرّير أم الخَيِّر؟"
حكّ أنفه ليجيب بلا تفكير..مستغرباً سؤالها واضح الإجابة " لا أحد سيختار الشّرّير.."
" أنا سأفعل، فالشّخصيّات الشّريرة تملك قصّة مؤلمة أكثر من الأبطال الرّئيسيّين، اكره هالة الكمال التي توضع حول البطل، في حين يُلقي المنتج كلّ سخطه على الشّخصيّة الشّريرة ويعاقبها على علّتها التي وضعها بها.. فيجعله يعاني من التّهميش والكره بدل أن يُعالج جراحه، أليس مؤلماً أن تكون عجلة دفع للأحداث ثمّ تتنحّى جانباً كشخص غير مرغوبٍ به؟"
ضحكت آخر كلامها بثمالة " غير مرغوب به، يالها من جملة مضحكة"
غير مرغوب به.. الجملة صاحبة الوقع الأكثر إيلاما على قلب ميني، لقد كبرت وهي تضعها كاسم فرعي لها، 'ميني غير المرغوب بها'
لم تمنح الفرصة لبيكهيون ليتكلّم حين انكمشت على نفسها مردفة بصوتٍ تعِب " أكره أن أكون شخصيّة رئيسيّة منمّقة، أريد أن أعيش على الهامش طول عمري"
أغلقت عينيها ثانية حين أحسّت بالدّموع تحاول الهرب من سجنها الخانق لتضيف رغم غصّة حلقها " أتمنّى أن أختفي كي يُزال الحِمل عن قلب والدي، أن يتمّ سجني في مكان سحيق في جزيرة مهجورة كي لا أُتعِبَ أحداً بوجودي.."
ابتلعت ريقها ضاغطة علي عينيها المغلقتين لتكبح دموعها ثمّ فتحتهما لتستدير ناحية بيكهيون الذي بقي شارداً بها متفاجئاً بما تقوله.. لقد ظنّها قويّة جدّاً!
" أحتاج شخصاً ليسمعني ويحتضنني..شخصٌ يوقِف نزيف لياليَّ ويضع ضمّادة قويّة على قلبي، جرّبت أن أكون ذلك الشّخص، حاولت الإكتفاء بنفسي لكنّ ذلك يقودني للجنون"
دمعاتها المنسابة على خدّها متتابعة الواحدة تلو الأخرى تؤلم قلبه وتدفعه للوم نفسه، ليته كان بجانبها منذ البداية..!
"يالني من مثيرةٍ للشّفقة!" ضحكت بخفّة على نفسها حين انتبهت لشرودها بعيني بيكهيون وراحت تمسح دمعاتها.
لقد أراد قول أنّه هنا لأجلها، وأنّه الشّخص الذي سيحتضنها كلمّا بكت لكنّه.. لم يكن متأكّداً!
" أوه، أنت ترتدي الإسوارة، إيش إنّها تناسبك كثيراً!" قالت وهي تمدّ يدها لتلامس إسوارته .
هذه الأنثى لا تكترث بالحرب المقامة داخل قلب المسكين الذي حاول جاهداً لكبح رغبته الملحّة، شفتاها تغريانه منذ البداية لكنّه يردع نفسه لتأتي هي وتقترب منه ملامسة إسوارته..
إنّها تضغط على زرّ القنبلة اليدويّة، وعل حين غفلة منها سحبّها من معصمها أقرب إليه وحاوط وجهها بيده اليمنى ناظراً إلى عينيها الدّامعتين وبلا إذنها اقترب ليطبع قبلة دافئة على جبينها ليبتعد راسماً ابتسامة توحي بمدى تأثير نظرات عينيها عليه .. إنّه تحت تأثير التّخدير.
نزلت عيناه بانسيابيّة لتحطّ على شفتيها فتسارعت دقّات قلبه هو يريد ذلك الشّيء، لم يسبق له أن اختبر هذا الشّعور قبلاً..
شعور ورغبة ملحّة في امتلاك هاتين الشّفتين وصاحبتهما، هذه الأنثى هنا تنتمي له.. لكنّ هو مرتبط ومن غير الصّائب فعل هذا!
" فلتنسي ما أنا مُقدمٌ عليه، آسف" همس مخدّر الأطراف ليقترب منها أكثر ..وقبل دمجه لشفتيه بشفتيها
" أنت وسيم" أطلقت ضحكة صغيرة ثملة.
ابتسم لها ليكمل اقترابه منه قاصداً شفتيها اللّتان التقطهما في قبلة حافلة بشعور اللّذّة والرّغبة.
على هذا السّلّم ذي الدّرجات الكثيرة تحت سماء الغروب مودّعين الشّمس التي شهدت قبلتهما الشّغوفة..
ميني قد بادلته بكلّ حبّ، ولا أحد يدرك السّبب، هل لأنّها ثملة أم بسبب شيءٍ آخر!
ربّما هذه اللّيلة ستكون نقطة تحوّل في حياتهما..كلّ شيءٍ على المحكّ خصوصاً بعد تلك الصّورة التي التقطها صاحب الدّرّاجة النّاريّة الذي ركنها أسفل السّلّم.
صورة لقبلتهما~
لكن..
كلّ ما تحلم به حين تستيقظ ...سيختفي!
يتّبع...💜
هااي، عيدكم مبارك وكلّ عام وأنتم بألف خير.. تقبّل الله منا ومنكم صالح الأعمال❤🍒
اللي ذابت مشاعرها تصفّ هنا..😢
حبيت أنشر بما أنّ البارت جاهز، أتمنى يعجبكم.. احكولي أيّ شي بدكم تقولوهلي، أفرغ قلبك!
شو شعوركم اتّجاه الرّواية بجد، مملّة؟!
شكراً لكم و نلتقي يوم الأربعاء إن شاء الله، أو ربّما قبله حسب شطارتي في كتابة البارت الموالي.. دمتم سالمين❤
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top