الفصل | 21
تخيلتوا قاعد هيك و شارد في ميني وهي تدرّب 😭💘
▪مَنْطِقُ الحُبِّ كَمَنْطِقِ الأَفْلَامِ الهِنْدِيّةِ ..بِلَا مَنْطِق!▪
..
قبل كلّ شيء... واتباد زففففققت
ملاحظة: كاتبتكم العزيزة كائن غريبٌ لا يؤمن بالحبّ ويكتب عنه..كائنٌ عجيبٌ لم يقع في الحبّ من قبل😐!
..
القلبُ من دون الحبِّ مجرّد عضلة تضخّ الدّم لباقي الجَسد فتحييه دونما روحٍ.. كزهرة ذابلة لا تُنعِم عليها قطرات المطر بشعور الإرتواء.
وبالحبّ يكون بوّابة واسعة لعالمين مندمجين من السّعادة والحزن، الغيرة والثّقة، الشّوق والصّبر، الجفاء والوصال..وكلّ تلك المشاعر التي لا نُلقي لها بالاً في بادئ الأمر لتنهِكنا آخره.
مشاعرٌ ضعيفة الوقعِ تجتمع لتحدث بداخلك ثُقباً قد تنبعث منه الزّهور الملوّنة فيزيدك بهجة وربّما.. ربّما يبقى خاوياً ومظلماً ليتحوّل لثقب أسود يلتهمك ساحباً إيّاك إلى عمقه الغامض.
شعورٌ مقدّس دنّسته أيادي البشر التي طالته ولطّخته ببصماتها المشوّهة فجعلته يبدو كفخّ يجب الحذر منه لميني.
هي تراه كلعنة تحلّ على الشّخص فيصبح قابلاً للكسر، لكن.. هي لن تمانع لو كُسِرت من قِبَل شخصٍ تعدّت في حبّه المألوف. شخصٌ يجعلها ترقص تحت المطر على وقع سيمفونيّة قلبها العاشق، شخصٌ تعيش من أجله!
الكره ليس ضدّاً للحبّ.. إنّما اللّامبالاة وعدم الإهتمام بالشّريك الذي غالباً ما يكون الطّرف الأضعف في المقايضة، فيعيش منتقلاً بين جداول الألم يرتوي منها بشربة قاتلة للفؤاد.
إنّه مؤلم، ممزّق للقلب و قاتل لدوافع الحياة، لكنّه في ذات الوقت سببٌ للسّعادة يجعلك تعيش في أحلام ورديّة جميلة تعدّل مزاجك طول اليوم.
...
" من أين تعرفين والدتي؟ "
اتّسعت ابتسامة والدة ميني لتبدأ بسرد حكاية طويلة عريضة للإجابة على سؤال قصيرٍ جدّاً.
كان جسد بيكهيون يغرق بداخل الأريكة وجفناه ينغلقان تلقائيّاً من شدّة الملل الذي رمته والدة ميني في أعمق أعماقه.. عليه إيقافها و إلّا سيسقط في النّوم ويصبح أضحوكة.
دفع نفسه للأمام يعتدل في جلسته ليقول صارّاً على أسنانه محاولاً كبت غضبه عنها " إذاً..ممّا فهمته أنّكما زميلتا دراسة، كلاكما درستما الموسيقى معاً! "
" وهو كذلك "
"هل مازالت تحبّ الموسيقى رغم أنّي أشكّ في ذلك بعد زواجها"
" على النّقيض هي تعشقها حتّى أنّ لها غرفة خاصّة بالمنزل للعزف والغناء "
قالت مندهشة من كونها لم تتوقّف عن حبّها رغم اعتزالها "الموسيقى عشقها الوحيد"
أومأ برأسه ليستدير نحو صوت الخطوات الذي التقطته أذناه، فكان والد ميني الذي نزل من الأعلى لتوّه.. بيكهيون قد قام بالتّدقيق به من رأسه لأخمص قدميه فانزعاجه منه لم يختفي بعد، فكيف يختفي وهو رآه يضرب فتاة جميلة ولطيفة كميني.. ميني التي بنظره تستحقّ كلّ هذا الحبّ في العالم ليحيط قلبها الهشّ!
اقترب والدها ليجلس بجانبه وعلى محياه تلك الابتسامة المرتجفة، قد بدا غريباً بعض الشّيء لكن بيكهيون لم يهتمّ للأمر و قرّر المغادرة..برفقة ميني فهو لن يتركها ولو ثانية لوحدها بهذا المكان.
نهض من مكانه ناظراً لعيني والدها بثبوت مرسلاً رسالة مفادها أنّ ما يقوله ينفّذ فوراً وبلا أيّ نقاش.
"أنا وميني سنغادر"
نهض الآخر هو وزوجته في تزامن ليردف وحاجباه يهتزّان بتوتّر غير مبرّر، لم يبدو مرتاحاً البتّة ربّما لأنّه يعاني من مرض السّكري.
قال والدها طالباً الصّدق..رجلاً لرجل هما سيتحدّثان " أجبني أوّلاً "
أومأ بيكهيون كموافقة على سؤال الوالد له.
" هل أنت حبيبُ ابنتي حقّاً؟" نبرة صوته كانت ثابتة وغير مهتزّة، لم تبدو عليها الحدّة أو الشّدّة التي قابلهما بها وهذا ماجعل بيكهيون يطمئن ليجيب بكلّ شفافيّة.
" هي ليست حبيبتي ولكنّها شخصٌ عزيزٌ على قلبي " أنهى حديثه بابتسامة كتأكيد على مشاعره ناحيتها.
أنزل والدها رأسه ليزفر الهواء خائب الظّنّ، ثمّ اقترب من بيكهيون ليضع كلتا يديه على كتفَي بيكهيون ويقرّب وجهه قليلاً منه كي يسمع جيّداًً ما سيقوله، هو قد هزّ داخله بتلك النّظرة الغريبة..نظرة لم يرها قبلاً ولم يعدها ..
" اعتني بها، هي ماتزال طفلة وسول تعجّ بالأشرار.. "
ما الذي يتفوّه به؟ ألم يكن الشّخص الذي صفعها بكلّ قوّته قبل ساعة؟ هو يجعل بيكهيون مشوّشاً عاقداً حاجبيه يحاول تفسير تصرّفات هذا الرّجل الغريب!
ردّ بيكهيون مانعاً توتّره عنه"هذا لا يحتاجُ لتوصية، سأكون الوصيّ عليها هناك"
كلام بيكهيون جعل والدها يطمئنّ لذا سحب يديه عن كتفيه ونقل نظره لزوجته آمراً إيّاها " أعلمي ميني بمغادرتهما "
أومأت الوالدة لتتخطّى الطّاولة الزّجاجيّة وتتوجّه لغرفة ميني بالطّابق العلويّ أمّا والدها فقد اعتذر من بيكهيون ليصعد لغرفته كي يحظى ببعض الرّاحة في حين بقي الآخر لوحده.
وفي وحدته انضمّت إليه القطّة التي راحت تفرك جسدها بقدمه سعيدة جدّاً بانظمام فرد وسيم لعائلتها الصّغيرة...
انحنى بيكهيون ليحملها معجباً بجمالها ولطافتها.. " أعرف فتاةً بنفس مواصفاتك..، جميلة، لطيفة وشرسة، و مخالبها بحدّة مخالبك"
قبّل القطّة وجلس واضعاً إيّاها بخضنه يداعبها وكلّ ما يدور بعقله أنّ ميني تحبّها وهذا ما يعجبه بالأمر، الفتيات المحبّات للقطط جذّابات بنظره!
أمّا في الطّابق العلويّ كانت والدة ميني تطرق باب ابنتها ليمرّ الوالد من خلفها متوجّهاً لغرفته، هي قد تابعته بعينيها حتّى اختفى خلف باب غرفته.. تصرّف غير متوقّع، كانت تظنّ أنّه سيقلب المنزل رأساً على عقب بسبب غضبه لكنّه على النّقيض هو كان هادئا جدّاً !
الأمر دعاها للشّكّ، هل فعل شيئاً بابنتها؟
جحظت عيناها بفزع لتباشر الطّرق بقوّة على الباب تنادي باسم ابنتها.. كادت تطرق للمرّة الثّالثة غير أنّ الباب فُتح لتظهر ميني بعينيها المنتفختين من شدّة بُكائها..لقد بدت متعبة وكأنّ الرّوح غادرتها وفوق ذلك هي كانت تجلس في الظّلام الحالك لوحدها، هي أيضاً بدت غريبة كوالدها.
تحرّكت الوالدة لتدخل غرفة ابنتها معقودة الحاجبين وأوّل ما قامت به كان إنارة الغرفة المظلمة.
ظهر بيكهيون لاهثاً من خلف الوالدة بعد أن صعد ركضاً بعد سماع صوت الطّرق القويّ ظنّاً منه أنّ والدها مقدم على ايذائها.. كلاهما لم تنتبها له لذا قرّر الوقوف عند الباب الذي لم يُغلاقه كلّه، لم يُنكر أنّه أراد سماع ما ستقولانه..فضوله بشأن ميني يدفعه ليكون متجسّساً رغم كرهه لهذا الفِعل!
أنارت الوالدة الغرفة لتظهر تفاصيلها..وذوق ميني الجميل واضحٌ عليها!
سريرٌ عند الزّاوية بجانب النّافذة كما تحبّ بملاءة بلون السّماء اللّيليّة الدّاكنة تزيّنة قلوب باللّونين الأبيض والورديّ ، وبجانبه منضدة خشبيّة صغيرة عليها مصباح إنارة ليليّ على شكل قلب فميني تخاف النّوم لوحدها في الظّلام رغم أنّها تصبر على الأمر حين تكون في سول.. دولاب ملابس صغير ومكتبة أخرى صغيرة مليئة بالكتب .. كتب التّنمية البشريّة كلّها حول موضوع واحد ' كيف تصبح قويّاً ولا مبالياً'
جلست ميني على سريرها لتتمدّد بعدها معلّقة نظرها على السّقف ووالدتها تجلس على كرسيّ قريبٍ منا ونظراتها معلّقة على وجه ابنتها ممّا دفع ميني لتتحدّث متضايقة من تلك النّظرات.
" ما الخطب أمّي، تحدّثي "
تحدّثت والدتها بنبرة شكّ " هل تحدّثتي مع والدك ؟ كلاكما غريبان عن العادة! "
" لا " هي تكذب، تكذب كي تسلم من أسئلة والدتها التي لا تنتهي فهي في مزاج لا يسمح لها بسماع محاضراتها وكلماتها الكارهة لوالدها وكيف أنّها منحوسة بلا حظّ كونها تزوّجت من شخصٍ مثله.
كلّ تلك الكلمات السّيّئة التي تقولها واصفة حياتها تحطّم مزاج ميني وتدفعها للحطّ من قيمتها والشّعور بالهوان، فوالدتها تستعملها كإناء تفرغ به غضبها وتشحنه بطاقتها السّلبيّة لتتركها تتخبّط في حزنها لتبلّل وسادتها بدموعها الخفيّة التي لا تظهر إلّا ليلاً!
" أنت تكذبين "
" أمّي أرجوك أنا لا أرغب بالحديث بشأن الأمر."
"أعلم أنّه قال لك كلاماً أغضبك، وما عساه يفعل غير ذلك؟ أنا لم أهنأ بحياتي مذ تزوّجته.. ليتني هربت من البداية..."
قاطعتها ميني بابتسامة نابعة عن قلب متألّم وعينٍ على وشك البُكاء " لما كنتُ سأولد، ليتك فعلتِ!"
تلك النّبرة المتحطّمة التي سمعها بيكهيون من خلف الباب غرست بقلبه خنجراً جعله يحسّ بألمها، حياتها تبدو مبعثرة جدّاً.
" لو تعلمين ماذا فعل المرّة الماضية لقد اشترى قطعة أرضٍ ومنحها لعمّتك تلك العجوز الشّمطاء في حين أنّ ابنته مغتربة بلا نقود ..."
استنشقت ميني كمّاً وفيراً من الهواء حين أحسّت بدمعة متمرّدة تسقط من عينها لتنساب على جانب وجهها بحكم أنّها نائمة، هي لا تريد حقّاً سماع مثل هذه الأحاديث المملّة.
" أمّي، هل يمكنك تغيير الموضوع "
"إلهي، الجميع هنا يكره سماع حديثي، من شابه أباه ما ظلم"
زفرت الأخرى بقوّة لتنهض بجذعها العلويّ ما تزال جالسة على السّرير .
راحت تتحدّث دون توقّف لتنهي كلامها بصراخ مخفية وجهها الباكي بين يديها " تعلمين أنّني أعاني هناك لوحدي وأقضي كلّ أوقات فراغي إمّا بالعمل أو بالبحث عن واحد.. ورغم هذا لا تعفينني من هذه الأحاديث التي رُتّلت بأذني لواحدٍ وعشرين سنة، اللّعنة إرحماني!"
" واه، سول غيّرتك حقّاً، أصبحتِ بلا أخلاق وترفعين صوتك على والدتك.. تعلمين أنّي أسرق منه المال لأبعث به لك وأخاطر بنفسي من أجلك بينما أنت تنزعجين من كلمات خانقة أفرغها لأرتاح"
" أمّي، أرجوك" توسّلت ميني ويدها قد باشرت بالارتجاف بسبب الضّغط المنصبّ عليها..حديثها قبلاً مع والدها قد أنهك قوّة قلبها وازعاج أمّها لها زاد من حدّة توتّرها وضغطها على أعصابها.
" أرجوك، هل تكرهين سماع صوتي حقّاً.."
" الرّحمة..." قاطعتها ميني بصوتها المتضرّع المرتجف ودموعها المنهمرة..والدتها جيّدة جدّاً في تغيير مسار الكلمة وقصدها ولكن رغم ذلك هي أحنّ أمّ برأي طفلتها..
بعد انهمار دموعها انطلقت شهقاتها وزادت حدّة ارتجافها، ذلك لم يكن إلّا بسبب الكبت.. هي تكبت كلّ شيءٍ بداخلها، كلّ المواقف السّيّئة التي تعرّضت لها مع شايونغ، هايجين، مدرّبها القديم وصولاً إلى والدتها ووالدها.. كلّ ذلك مدفون عميقاً بداخلها فضاعت بين حُطامها و اختنقت بغباره. واليوم بعودتها لمنزلها.. لمأواها ومكان ضعفها انفجرت تلك البالونة التي كبرت مع الوقت.
"ميني!" اقتربت منها والدتها لتلمس عضدها محاولة تهدئتها لكنّ ميني أبت ذلك وضربت يدها لتبعدها عنها.
وفي تلك اللّحظات السّوداوية بالنّسبة لها التفّت يدٌ بمعصمها تجذبها لتقف وترميها في حضن دافئ، قد ارتطمت بصدر قويّ دفنتها به تلك اليد التي شدّت على ظهرها بقوّة لتصعد نحو شعرها تمسح عليه بحنان.
لم لزاماً عليها رفع رأسها لتعرف من هو، عِطرُه الرّجوليّ المعطّل لعمل عقلها والمسرّع لدقّات قلبها قد أرسل رسالة منبّهة لعقلها أن ' احذر هذا سفّاح القلوب، بيون بيكهيون '!
"اهدئي، أنا هنا.. بجانبك " صوت أنفاسه الحارّة المرتطمة بأذنها حين تحدّث بعث داخلها هدوءاً لم تعهده، بكلمة منه قد أوقف تلك العاصفة الهوجاء، لكنّه دفع ناراً مجهولة النّسب تولد بداخل قلبها وتتأجّج..وكأنّه حرّك شيئاً كان في سبات لوقت طويل!
نظر لوالدتها بشفقة، هو يعذرعها فمن الواضح أنّها تحبّ ميني ولكنّها فقط متعبة ومرهقة من نفسها وكلّ ما حولها.. هي أيضاً كانت تبكي على السّرير نادمة على كلّ حرف قاد ابنتها للانهيار.
على كلّ هي لم تنهر بما في الكلمة من معنى ولكنّها شارفت عليه. وبحضن سحريّ من هذا المصارع الوسيم قد زال كلّ اضطرابها.. بشكل مؤقّت على الأقل!
" أستأذنك سيّدتي نحن سنغادر، لا تقلقي عليها هي ستكون بخير برفقتي "
أومأت والدتها لتقترب منها بعد أن ابتعدت من حضنه و احتضنتها هي الأخرى لتقبّلها على جبينها وتمسح دمعاتها مكوّرة وجهها بين يديها " أنتِ قويّة، ميني"
ابتيمت آخر كلامها لتعيدها لحضنها ثانية تربّت على ظهرها
" آسفة، لم أقصد الضّغط عليك"
تحدّث بيكهيون محذّراً ميني " سأنزل لتجهيز السّيّارة، لا تطيلي الدّراما وإلّا غادرت وتركتك هنا "
" أحمق" هسهست تحت أنفاسها وهي تمسح دموعها .
أحمقٌ لأنّه أقام حرباً ضاريةً داخلها...
أحمق لأنّه هدّ حائطاً اسمنتيّاً حاصر قلبها، وأذاب كتلة الجليد الملتفّة حوله...
قد جعلها ترغب بكتابة اسمه في السّماء، كي تتذكّره دوماً على أنّه الشّخص الثّاني بعد جيكل .. يمنحها حضناً نعيميّاً من الصّعب الحصول عليه!
هل ما تحسُّ به مجرّد امتنان وغبطة بجميله ؟!
..
كانت تجلس إلى جانبه تعضّ على شفتها منتظرة منه أن يدير مفتاح السّيّارة وينطلق كي يصلا باكراً قبل الفجر. متوتّرة لا تعلم ما حلّ بها.. هل تذكّرها لأمر القبلة وقفز قلبها إثر ذلك أمر طبيعيّ؟
وبينما هي شاردة تنتظر منه انهاء حديثه بالهاتف مع تشايونغ أحسّت بجسده يقترب منها شيئاً فشيئاً حتّى بات وجهه بقرب وجهها و بسبب قفز قلبها وتسارع نبضاته التي أرسلت فراشات ببطنها أغلقت عينيها بقوّة مستسلمة لما سيفعله، ولم يخلو عقلها من تلك الأفكار المنحرفة فقد جهّزت نفسها لقبلة من بين شفتيه اللّتان باتتا تعجبانها، شكلهما المثلّثيُّ يُغريها!
طال انتظارها لشعور طريّ يُلامس شفتيها ولكنّه لم يحدث، لا شيء ولا حتّى أنفاسه الحارّة من المرّة السّابقة.. فتحت عينيها ببطء لتجده في مكانه ينظر ناحيتها باستغراب وأحسّت بملمس حزام الأمان على كتفها لتنظر إليه مستنتجة أنّه اقترب منها كي يربط لها بحُكم أنّها متعبة.
"ما بكِ؟"
"لا..لاشيء، سأحاول النّوم قليلاً، لا تزعجني!" تأتأت لترجع المقعد للخلف بشكل غير سليم فتراجعت بخشونة حتّى أنّ جسدها ارتدّ للأمام قليلاً.
قهقه بيكهيون على موقفها المحرج ليردف "ومن سيسلّيني طول الطّريق؟"
أدار المفتاح محرّكاً السّيّارة لينطلق مغادراً مدينة جونجو نحو سول..
ما الذي قاله؟ تسلّيه؟ ثمّ لمَ لا يتّصل بتشايونغ ويُحادِثها طول فترة قيادته بما أنّها حبيبته، ما دخل ميني بأمر تسليته؟!
" اتّصل بحبيبتك" نبرتها لم تخلو من الغيرة ولكن ذلك لم يكن واضحاً لبيكهيون الذي قاطعها قائلاً
"لقد انتبهت للتّوّ أنّنا لم نتناول شيئاً منذ الصّباح، بطني المسكينة" قال بعد أن لمح مطعماً شعبيّاً في سلسلة محلّات على جانب الطّريق .
أنزلت ميني نظرها لبطنها التي لم تتوقّف عن ايلامها منذ الصّباح، هي قد رجّحت أنّ الأمر عائدٌ لتوتّرها.. " بطني تؤلمني لا أعتقد أنّي سأستطيع تناول أيّ شيء"
سألها بيكهيون وهو يلتفّ يساراً بالسّيّارة بعد أن عدل عن فكرة تناول الطّعام بذلك المطعم " هل هذا بسبب توتّرك؟"
مسحت على بطنها "ربّما"
" بالمناسبة، قد اكتشفت أنّك طفلةٌ باكية!"
هو لا يريدها أن تنام وتتركه صامتاً لذا أنسب طريقة كانت افتزازها كي يُخرج منها تلك الشّخصيّة ذات الطّباع الحادّة تماماً كما يحبّها!
ضغطت على الزّرّ أسفل الكرسيّ ليندفع بها بقوّة للأمام حتّى تبعثر شعرها لكنّها لم تهتمّ وأبعدت عن وجهها تلك الخصلات المتمرّدة لتحدّق به بحدّة " من منّا الباكي، هل أذكّرك بما حدث في غابة الخيزران؟"
" تقصدين القُبلة، كانت سيّئة للغاية!"
اتّسعت عيناها على وقاحته معها، كيف له أن يذكر أمراً حسّاساً كهذا؟ هي قصدت خوفه من الكلب ولكنّه يعود ليصدمها بتفكيره المنحرف، وماذا قال.. سيّئة!
" اللّعنة عليك، أيّها الوغد"
" هذا سيكلّفك 50 تمرين ضغط!" قال ببرود وهو يقود بيدٍ واحدة والأخرى يخرجها من نافذة السّيّارة.
" أريد قتلك " صرّت على أسنانها تمتم لكنّه تمكّن من سماعها .
"75"
" لكن.."
"85.. "
أغمضت عينيها تحاول كبت غضبها فهذا لن يعود بالنّفع عليها.. يمكنها قتله في مناسبة أخرى!
أرجعت رأسها تسنده على ظهر المقعد تنظر عبر النّافذة التي أنزلت زُجاجها للتّوّ.. كم تحبّ الطّريق المؤدّي لمدينتها، إنّه كطريق بين ضفّتي الجنّة الخضراء بأشجارها وأزهارها وكلّ خضارها في فصل الرّبيع الذي تعشقه.
قد ملّت من المدينة وهوائها الملوّث وقلوب أناسها الذين فقدوا إنسانيّتهم..
"اتّصلت بي تشايونغ قبل قليل كما رأيتي، وأخبرتني أنّها غادرت لمنزل والديها بما أنّها أنهت اختباراتها.."
أدارت وجهها نحوه تحدّق به بحاجبين منعقدين، من أكبر مخاوفها أن تنام لوحدها بذلك المنزل... ليتها بقيت في منزل والديها!
" سأبقى لوحدي.. يالني من تعيسة!"
نظر ناحيتها ..إلى عينيها مباشرةً "لمَ، هل تخافين؟"
نظرته الجريئة جعلتها تخجل فنظرت أمامها، يمكنها محادثته دون النّظر لعينيه والتّوهان في بحر أفكارها الورديّة " الفضل يعود لخيالي الواسع الذي يُرعبني برسم أشكال مخيفة بين عيني، المرّة الفارطة حين غادرت تشايونغ نمت بالسّاونا"
السّاونا، لقد أصبحت ذكرى جميلة في ذهنه..هو قد ابتسم حين تذكّر تمثيليّتها التي أحرجته وجعلته يبدو كرجل منحطّ.
" أنت مصارعة، لو علم الآخرون بشأن خوفك هذا سيسخرون منك"
" لن يسخر أحد مالم تسخر أنت!"
"100 "
" اللّعنة، اللّعنة، اللّعنة" راحت تضرب أرضيّة السّيّارة بقدميها متذمّرة من شخصيّته الجادّة التي اعترته فجأة..ربّما يُعاني من تعدّد الشّخصيّات.
"100 ضرب ثلاث لعنات..إن تحدّثت أكثر سأجعلك خادمة عند دوكيونغ سو"
حدّقت به بزاوية عينها بحقد ليردف و لم يُتعب نفسه بالنّظر ناحيتها " يمكنني إضافة النّظرات إن أردت"
تنهّدت بسخط فكبحها لرغبتها الجامحة في خنقه أمر صعب جدّاً..هي قرّرت تجاهله والنّوم لما تبقّى من مسافة، لكنّ تشنّجات بطنها منعتها عن ذلك...
..
بعد مدّة معتبرة من الوقت وصلا للمنزل فنزل بيكهيون أوّلاً حاملاً بيده أكياساً بها طعام كانا قد اشترياه من مطعم كاد أن يغلق بسبب تأخّر الوقت، تحرّك ناحية ميني ليناولها الأكياس وانتقل لصندوق السّيّارة الخلفيّ ليحمل صندوق الفراولة التي تجعل لعابه يسيل!
فتحت ميني الباب لترجعه خلفها بقوّة كي يرتطم ببيكهيون المسكين الذي كاد يُسقط لولا توازنه.
"سايكو، أضيفي مئة أخرى" صرخ عليها بينما يدفع الباب بقدمه ليدخل خلفها متوجّها لطاولة المطبخ.
وضع الصّندوق هناك والتفّ ليلمح طيفها وهي تغلقُ باب غرفتها، زمّ شفتيه في عبوس وتوجّه للسّجادة المفروشة على الأرض بجانب الأريكة وعليها وُضعت طاولة كان يحملُ الأكياس ليخرج منها شتّى أنواع الطّعام اللّذيذ ويرتّبه باحترافيّة عليها، ثمّ نهض لاحضار كأسين وعودَي أكل وملعقتين..
هو قد عاد بتلك الأشياء ليضعها مكانها ثمّ جلس ينتظر ميني التي تأخّرت لذا نادى عليها بصوته العالي " سايكو، دقيقة أخرى وسَألْتَهِمُ كلّه وحدي"
" آتية " صرخت هي الأخرى كي يسمعها ليُفتح الباب مظهراً إيّاها بملابس منزليّة مريحة.
" سأخرج لاقتناء شيءٍ ما، إيّاك وأن تنهيه قبل عودتي!" قالت محذّرة وهي تسير نحو باب المنزل .
قطّب حاجبيه ليقف من على السّجّادة يقترب من مكان وقوف ميني " إلى أين..و في هذا الوقت المتأخّر؟ "
ابتسمت ببلاهة تفرك مؤخّرة رأسها بتوتّر.." تناول طعامك وغادر..، أراك غداً!"
هرعت لفتح الباب قبل أن يوقفها ولكنّه هو الآخر ارتدى الخفّ المنزليّ من عجلته ولحق بها ركضاً..حتّى أصبح يسير بجانبها.
" إنّها الثّانية ليلاً، أيّ شيءٍ هذا الذي يجب شراؤه الآن؟ " قال ناظراً إليها لكنّها تجاهلته وسرّعت من خطواتها فكيف يمكنها قول أنّها بحاجة للفوط الصّحيّة؟!
"أُوي، سايكو هل أكل القط لسانك؟" نكزها على ذراعها وهو يسير بنفس سرعتها.
" لا تنعتني بهذا الاسم!"
بعد منتصف اللّيل في هذا الشّارع الخالي من النّاس هما كالمجنونين يتشاجران تارة تتوقّف هي لركله أو ضربه على ظهره وتارة يُقيّد ذراعيها كي لا تلكمه فتقوم بعضّه على يده.
هما مجنونان يصنعان ذكريات جنونيّة ليتذكّراها لما تبقّى من حياتهما!
توقّفت ميني أمام باب الصّيدليّة لتلتفّ بشكل مفاجئ جعل بيكهيون يرتطم بجسدها ليتوقّف مكانه رافعاً رأسه بحكم أنّها واقفة على الدّرج.
" ابقَ هنا، لن أتأخّر " دفعته ليرجع للخلف وقامت بلفّه لينظر للطّريق " يمكنك مغازلة السّيّارات"
سدّدت لكمة قويّة لظهره وركضت لداخل الصّيدليّة، وعلى عكس ما طلبت التفّ ينظر لها من خلال الباب الزّجاج الكبير.. تتبّع يد الصّيدليّ التي تحمل ما طلبته ميني لتتحوّل أذناه للّون الأحمر ويختنق بلعابه فكحّ دون توقّف.
التفّ بسرعة في صدمة من أمره، هل كان مصرّاً على مرافقتها ليرى هذا المشهد؟ هو معتاد على هذه الأمور ويعلم عنها الكثير من تشايونغ لكن مع ميني .. الأمر محرجٌ قليلاً!
" ياله من موقف محرج، هل أركض فقط وأنتشل نفسي منه؟!"
كان يُفكّر بالهرب بجديّة إلى أن انتشلته تلك الصّرخة التي جعلته يستدير مذعوراً .. ليرى ميني وهو تشير له لذلك الرّجل الذي خطف منها الكيس وركض بكلّ سرعته ظنّاً منه أنّ به شيئاً قيّماً.
" لصّ ..لصّ" كانت تقفز مكانها متردّدة هل تلحق به أم لا ولكن بيكهيون لم يتردّد ولو للحظة فقد انطلق كالصّاعقة يركض خلفه متخطّياً لوحات الإعلانات والعقبات الأرضيّة بالقفز عليها..
شعره كان يُسحب بفعل التّيّار الهوائيّ الذي تشكّل إثر سرعته العالية، حتّى الكاميرات المثبّتة على سيّارات لن تتمكّن من التقاط صورة جيّدة له.
ميني لم تتمكّن من الرّكض بسبب حالتها لذا بقيت واقفة أمام الصّيدليّة تنتظر.
أُنهك اللّص من بيكهيون الذي يقتفي أثره بلا هوادة، فنقصت وتيرة ركضه ليتفاجأ بيد تمسكه من كتفه وتلفّه ناحيته .. ناحية ذلك الوجه المظلم الذي لم ينتظر دقيقة واحدة لالتقاط أنفاسه بل قد سأله بصوته الذي يخرج بصعوبة بسبب تنفّسه السّريع
" هل تسمع صوت سيّارة الإسعاف؟"
"لا" أجاب اللّصّ مرتجفاً من شدّة خوفه.
"ستسمعه لاحقاً..إنّها قادمة من أجلك" غمز له ليتبعها بنطحة قويّة على رأسه ليسقط الآخر مغشيّاً عليه.
" هل كنت ستستعملها؟ ما سرقته لم يكن يستحقّ..غبيّ " انحنى لأخذ علبة الفوط التي تمزّق كيسها الذي كانت به مشتّت الذّهن.. كيف سيحملها؟
" محرجٌ جدّاً" بعثر شعره بضجر.
تنهّد بعد ذلك ليُباشر محاولاته البائسة في اخفائها تحت قميصه لكنّه فشل فقرّر حملها فحسب فتحرّك عائداً أدراجه نحو ميني .
أعدم كلّ تلك المسافة ركضاً في وقت قصير ليقف أمام ميني يناولها إيّاها محاولاً النّظر لكلّ شيءٍ من غير وجهها.. وفجأة أصبحت أرضيّة الرّصيف مثيرة للاهتمام ولافتة للنّظر.
كلاهما قد اكتسحتهما الحمرة، أذناه وخدّاها.
فرّك مؤخّرة رأسه ليشير لباب الصّيدليّة متحدّثاً بحرج وتوتّر شديدين"س-سأحضر لك قميصاً...أ-أقصد كيساً"
هسهست تحت أنفاسها تلعن ذلك اللّصّ، تمنّت لو كانت هي الشّخص الذي ركض خلفه لكانت أرسلته للمقبرة بدل المشفى!
"ت-تفضّلي"
"ش-شكراً" أخذته من يده وأخفت به ما اشترته ليغادرا في جوّ مشحون بالخجل من الطّرفين.
في كلّ مرّة تلتقي أعينهما يشيحانها بخجل ناظرين للجانب، هو يصطنع الكحّة وهي تدّعي انشغالها بمشاهدة الأشجار التي زيّنت منازل أهل الحيّ الذي تقطن به.
لطيفان جدّاً~
تنحنح بيكهيون أمام المنزل منتظراً ميني لتفتح بابه بمفتاحها..دخلا لتختفي هي داخل غرفتها وجلس هو يباشر الأكل .
توجّهت لدورة المياه لتغسل يديها وعادت لتجلس بجانبه على الأرض وتشاركه التهام تلك الأطعمة اللّذيذة.
هما قد قضيا وقتاً رائعاً في تبادل أطراف الحديث التي تقودهما في كلّ مرّة لشجارٍ ضارٍ ينتهي بشدّها لشعره، هو لا يُريد ضربها لكنّها مستفزة لذا حذّرها أنّه يمكنه ضربُ النّساء أيضاً لكنّه لم تتوقّف لذا عاقبها بمئة تمرين ضغطٍ آخر وهذا ما جعلها تهمد وتتراجع عن دوافعها المكبوتة.
" هيا للنّوم، لقد تأخّر الوقت!" قام من مكانه تاركاً الفوضى على الطّاولة وراح يمدّد عظامه.
" هل ستنام هنا؟ "عقدت حاجبيها باستنكار، لقد ظنّت أنّه أراد مشاركتها العشاء فقط!
"أجل، أنت تخافين النّوم لوحدك!" تثاءب ..
" هنا.. لوحدنا؟! مستحيل!"
يتّبع...💜
بونسوااغ❤
عدد كلمات البارت : 3205 ..نزولا عند رغبة متابعة عزيزة على قلبي بدعمها المتواصل💜💜💜💜💜
انجاز😭😭💘
شكراً لكلّ من تدعمني ولا تدع تعبي يذهب هباءً بكلماتها التّشجيعيّة وتعليقاتها الطّيّبة💜
وصلت ل 200 مليون متابع.. ااا قصدي 200 متابع😭 هرمنا من أجل هذه اللّحظة.. هو عدد بسيط بس أنا فخورة بيه.💜
وقعت بحبّ هذه الرّواية كثير لدرجة صرت فكّر بأحداث جديدة لها بس لما أبدأ بالكتابة تقفز أفكار مغايرة تماماً ويطلع البارت عكس ما قررت تماماً🙄
على كلّ رأيكم؟
أكثر جزء عجبكم؟
توقّعاتكم؟
شو رأيكم بما تخلص الرّواية إن شاء الله أعمللكم مقابلة مع الأبطال انتو تسألوهم وهم يجاوبوكم.. واذا بدكم بعمل مقابلة بخصوص معلومات عني نياهاهاها😈 انتو تسألوا وانا اجاوب؟!
تشااو💜
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top