الفصل | 18

لا تتغزّلوا، خلّوني مسالمة 💣🔪

شوفوا فوق صورة حقل الفراولة لتقدروا تتخيّلوا

وِدَدْتُ يَوْمَهَا لَوْ قُلْتُ لَكِ كَلَاماً لَا يَقْبَل التَّأْْوِيلَ كَ" أُحِبُّكِ "▪

..

ولأنّها تعلم أنّ بعض الطّرق ذات اتّجاه واحد وربّما نهايتها مسدودة أبت أن تتعمّق نحو النّهاية كي لا تعود طريدة شريدة بلا قلب يؤويها.

فحتّى الواقفون على السّفينة يخطئون قراءة أمواج البحر فأنّى لها أن تأمن قلباً مسّه الحبّ قبلاً..حبّ فتاة أجمل منها.

وما دخلها بين البحّار وبحره فلا هي سبّاحة لتنقذ نفسها من اضطراباته ولا هي غوّاصة ماهرة لتستكشف تفاصيله وتأمن غدره.

إنّها مجرّد مصارعة تُجيد منازلة كلّ من يعترض طريقها ليؤذيها، هي بالأصل تقف على الحافّة فلا داعيَ لتُسقط نفسها عمداً فتتكسّر !

جاهلة هي بما يدور بين المرأة والرّجل من مشاعر، تعجز عن فهم ما تكتنفه القلوب من أحاسيس تحوّل الرّجل لأحمق والمرأة لأحنّ كائن على وجه الأرض. تظنّ أنّها بمكابرتها وتجاهلها لذلك البريق الضّعيف المتولّد داخلها ستنجو من شَرَك الحبّ متناسيةً أنّ شرارة الحبّ هي التي صنعت بقلبها كلّ هذا التّناثر الذي يكتنفها والغيرة غير المبرّرة - بنظرها - من تشايونغ .

أمّا هو فمجرّد أحمق يتّكئ على الصّمت يأبى أن يصرّح بحاجته الماسّة لكوب ماء بارد في هذا الحرّ وسط جوّ خانق يصيبه بالدّوار.

ينتظر غير موفّر على نفسه عناء الانتظار، ربّما معجزة ستأتي لتحلً خيوط قلبه المتشابكة وتزيل الغبار عن مشاعره المجهولة التي لم يدرك ماهيتها بعد.

هو الذي على وشك عبور أرض ثريّة بزجاج منكسر حافي القدمين، وكلّ تركيزه منصب على تلك التي تقف لوحدها نهاية هذا الحقل الزّجاجيّ. مستعدٌ لإزالة الشّظايا شظيّة شظيّة من قدمه حين يصل إليها ويأخذها في حضن شوقٍ ودمعة لقاء غير آبه ببقايا الدّماء على الزّجاج المنكسر خلفه.. فالحبّ أغلى من كلّ ألم!

يفعل كلّ حماقة يفكّر بها حولها وهو الرّصين الذي لا تهدّه سوى أنثى تتراقص بثيابها المغرية، كيف أصبح غبيّاً لتشتّت جمعه فتاة لم تذقه من حلاوتها شيئاً؟

منذ متى أصبح من عشّاق القلوب الصّافية والبسمة الضّاحكة، حتّى هو لم يعد يعرف نفسه..أيّ ساحر قد عقد عُقدة تاهت بعقله في بحر غامض مجهول.

كلّ الكلمات التي تخرج من شفتيها مباركة السّمع في أذنه، وكل حركاتها مرجع يقلّده. كيف تجلس وبأيّ طريقة تتحدّث، ما العيب في مطابقة الحبيب؟!

حاولت عيناه بعث رسالة لها فكتبَ ألفاً، كلّها مُزّقت بتجاهل عيناها له.. عيناها اللّتان رمتاه في عالم ألف ليلة وليلة باحثاً عن مصباح علاء الدّين السّحريّ ليظفر بأمنيته 'قلبها'!

طريقة حديثها وكلماتها محفوظة بعقله كلمة كلمة، قد بات يحفظها بتفاصيلها الصّغيرة لدرجة خوّلت له رؤيتها وهو مغمض العينين.

يراها ولا يقدر على تقبيلها فهي تفرّ في كلّ مرّة تلامس أنامله سفح بشرتها لتتركه خلفها منحني القامة خاوي الوفاض...

قلبه الثّمل برحيقها يصرخ بأن ' كوني لي '، فكيف لا تقرأ الحبّ في نظراته ولا ترى العشق معلّقا على رموشه والهوى منبعثاً من شفتيه؟ هل هي ضريرة مشاعرٍ أم كاسرة قلوب؟!

...

أطلّ تشانيول من خلف بيكهيون المختبئ خلف الجادر يطلّ برأسه على غرفة خالة الأطول التي كانت تجلس أمام مرآتها تجمّل نفسها.

" لمَ تختبئ؟ " سأله تشانيول بغباء ليلتفّ بوجهه ويداه تتشبّثان بإيطار الباب كأنّه في مهمّة مخابرات سريّة.

أشار بيكهيون بسبّابته وبعينيه نظرة إصرار " هل ترى ذلك القناع، إنّه لي! "

التفّ ليسحب تشان خلفه ويرصّه ضدّ الحائط قائلاً بجديّة وبعقله لا تدور سوى كلمة واحدة ' قناع تجميليّ '

" أنت ستشتّت انتباهها لأدخل أنا وأسرق ما أريد "

أزال تشانيول يدي بيكهيون راسماً ابتسامة ساخرة وتحرّك نحو الغرفة بخطوات جريئة يتحدّى خوف الآخر.

ثقة مفرطة ومشية عارض أزياء واثق بشورت قصير وقميص بالٍ ممزّق!

دلف غرفة خالته عامداً لأخذ ما يريد دون إذن أحد، فلا شخص في هذا العالم تعلو كلمته على كلمة بارك تشانيول، حتّى وإن كانت خالته هي التي تقف بطريقه هو سيركل مؤخّرتها المسطّحة ويدفعها بعيداً عن طريقه.

إنّه الرّئيس اللّامع كالنّجوم.

وصل لمنضدة مستحضرات التّجميل ليضع يده على الأقنعة لينتشل منها اثنين ويلتفّ قاصداً العودة بنفس طريقة دخوله البطولة.. لعلّه يجهل مقولة
' دخول الحمّام ليس كالخروج منه '

لم ينتبه لخالته التي سحبته من شعره ليرجع للخلف واقعاً على الأرض الباردة التي عانقت مؤخّرته وراح يفرك شعره الذي كاد يقلع من مساماته

" هل تسعى لتصبح فتاةً أيّها الوغد؟ "

سحبت منه القناعين لتضربه على رأسه بهما.

"خالتي، الأقنعة للرّجال والنّساء على حدّ سواء " تذمّر محاولاً الوقوف لكنّها سحبته من قميصه ليقع ثانية وتقترب من أذنه.

هسهست بغضب تصرّ على أسنانها " هل تريد أن أنشر صورتك وأنت بثياب الفتيات حين كنت مراهقاً؟ "

أغمض عينيه بالعاً غضبه فخالته الشّريرة لا تملك شيئاً تهدّده به سوى تلك القصّة المحرجة، حتّى أنّه مستعد لدفع مال كثير (هو لا يملكه) لمحو تلك الصّورة عن الوجود!

"حسناً ..حسناً " تذمّر ليقف نافضاً عنه الغبار وعيناه تترصّدان بالقناعين اللّذين وُضعا على المنضدة.

وبحركة رشيقة مدّ ذراعه الطّويلة ساحباً إيّاهما ليركض بكلّ سرعته نافذاً بريشه متفاديا الخفّ الذي أُرسل خلفه.

تجاوز بيكهيون كصاعقة مخلّفاً تيّار هواء حرّك شعر الأخير للجهة التي ركض إليها. لم ينتظر بيكهيون تفسيراً ولم ينتظر واحداً بل انطلق بكلّ سرعته مندفعاً خلفه حين لمح الخالة تركض هي الأخرى.

كان بيكهيون يضحك ويصرخ بفرح وهو يلاحق تشانيول الذي هرب لغابة الخيزران حيث لا أحد هناك يكون في هذه الوقت!

بعد أن توغّلا في الغابة متأكّدين من عدم تتبّع الخالة لهما جلسا أرضاً والفرحة العارمة ظاهرة عليهما.

هما قد ضربا كفّا بكفّ محتفلين بالإنجاز الرّائع فلم يحتمل بيك الإنتظار لذا سحب قناعا وأخرجه من غلافه متحمّساً فهو لن يظهر أمام ميني بهالاته السّوداء ولو كلّفه الأمر حياته!

وضعه بعناية على وجهه مطبطباً على وجهه بأنامله بخفّة فهذا وجهه الوسيم غالي الثّمن، قلّده تشانيول فيما يفعل ليتكآ على إحدى أشجار الخيزران ينتظران ساعة من الزّمن.. وفي تلك السّاعة هما قد غطّا في نوم عميق ..عميق جدّا!

..

بين الطّرق الطّويلة للفراولة كانت ميني تنتقل تقطف كلّ حبّة صالحة تحت الشّمس الحارقة ترتدي قبّعة تحميها من حرّها، هي قد انتظرت قدوم تشانيول وبيكهيون لكنّهما لم يظهرا.

أشارت ساعة يدها للثّانية عشرة لكنّهما لم يأتيا بعد، حسناً لابدّ من أنّ بيكهيون الأخرق يتسكّع في أرجاء القرية يحاول إيقاع بعض الفتيات لذا فأمره مفروغ منه لكن ماذا عن تشانيول، هل رافقه إلى هناك؟

" بيكهيون، هل تسعى لافساد أخلاق زوجي؟ " هسهست بين أسنانها لترمي ما بيدها وتركض قافزة فوق سلّات الفراولة متجاوزة ربّة العمل التي نادتها مارّة عليها كزوبعة رمليّة مضطربة.

في لمح البصر كانت أمام المنزل تقتحمه باحثة عنهما لكنّها فشلت في إيجادهما.

جلست على المنضدة الخشبيّة تلتقط أنفاسها مضيّقة عينيها تستذكر حديثهما البارحة، قد اختفيا سويّا فلابدّ من أنّهما ذهبا لمكان مشترك يعرفانه.

"غابة الخيزران" وقفت من مكانها متّسعة العينين بعد الاستنتاج الذي قفز له عقلها.

" وغد حقير " صرخت بأعلى صوتها لتندفع تجري باحثة عن غابة الخيزران بحكم أنّها لا تعرف مكانها.

لمحت أوّل فتاة بطريقها لتقفز بطريقها تخضّها من كتفيها سائلة عن مبتغاها فأجابتها الأخرى وجلة مرتعبة من هذه المجنونة التي تبدو كوحش مفترس غاضب.

تركتها ميني لتسقط أرضاً خائرة القوى.. " فلتحمنا أيّها الرّبّ، هذه الفتاة روح شرّيرة تلاحقني! "

تلك السّيّدة المنحوسة قد جمعتها الأقدار مع ميني، كلاهما قد قدمتا لبلدة داميانغ لسببين مختلفتين.. الأولى دائمة التّردّد لتنذر نذراً في كنيسة البلدة المقدّسة وميني من أجل المال.

" هل هذه إشارة سخط عليّ من الرّب؟ " قالت واضعة يدها على أيسرها الذي يدقّ كقلب قطّة خائفة.

راحت تصلّي وهي على الأرض تتضرّع لتتمّ مسامحتها وإزالة مسّ ميني عنها!

توقّفت ميني عند مدخل الغابة تتّكئ على ركبتيها لتلتقط أنفاسها المبعثرة من الرّكض، زفرت مخرجة ثاني أكسيد الكربون ..أو ثاني أكسيد البيكهيون الخانق من رئتها.

ارتفعت معتدلة في وقفتها بذلك الشّعر الذي سرّحته على شكل ذيل حصان وعلى رأسها قبّعة سزداء زادت مظهرها جمالاً .

تحرّكت داخلة الغابة دون خوف أو ذعر، لتتفاجأ بجمالها الخلّاب..أشجار الخيزران الخضراء العالية قد جعلت أشعة الشّمس محتشمة الطّلّ ترسل خطوطاً نحيفة لتضيء أرضيّتها.

" ماذا لو ظهر لي جنّيّ وسيم ووقع في حبّي، وااه سأطلب منه مقابلة جيكل..لالا سأطلب الزّواج منه مقابلته لا تكفيني!" قالت بحماس لتضحك بشرّ

توقّفت مكانها تضرب أخماساً بأسباع " لكن لو وقع الجنّيّ في حبّي سأقدم له بيكهيون قرباناً كي يسامحني.. سأطلب منه تزويجي من جيكل وتشانيول، آه يا قلبي تخيّل الأمر يسرّع من نبضي ماذا لو وقع فعلاً؟!" غبيّة كبيكهيون، من أين تأتيهما أفكار ديزني الطّفوليّة؟

هي قد طردت الأفكار الطّفولية من عقلها وقرّرت التّركيز على هدفها فجالت بعينيها في المكان تتقدّم ببطء لعلّها تلمح جسدي الأخرقين الأحمقين، وبينما هي على تلك الحال تبحث سمعت صراخ شابّين فأيقنت أنّهما الغبيّان المزعجان فراحت تمشي بحذر على أصابع قدمها وكلّها ذعر ممّا ستجده.

ورويداً رويداً بدأت الصّورة تتّضح، تشانيول وبيكهيون محشوران ببعضهما يصرخان وكلب أسود ينبح عليهما، جبانان..!

" ميني، أنقذينا " توسّل الإثنان منتحبين.

تجمّدت مكانها وهي ترى هذا المشهد المثير للصّدمة، أين الشّجاعة والرّجولة..أين عضلات تشانيول وقوّة بيكهيون في النّزال؟!

أغمضت عينيها تفرك جبهتها بتعب من هذين الوغدين لتتقدّم بعدها نحو الكلب وتجلس القرفصاء تداعبه وعلى غير ما توقّع كلاهما هو قد رضخ لها وراح يلعب معها ويتفاعل بكلّ حماس.

رفعت نظرهما تنظر لهما بحنق واستخفاف " استريحا، يالكما من وغدين جبانين.. انظرا عيناه تشعّان باللّطافة!"

صرّ بيكهيون على أسنانه قائلاً بغضب " النّظرة الوحيدة التي أراها بعينيه تفصح عن رغبته في قضم قطعة من مؤخرتي! "

" أجل، أجل عيناه تقولان أريد قطعة من كليهما!" وافقه تشانيول هازّاً رأسه.

"ألن تبتعدا عن بعضكما؟" صرخت عليهما ليفزعا مبتعدين .. لم ينتبها أنّهما يتبادلان الحضن بسبب ذعرهما.

نقلت ميني نظرها للكلب لتربّت على رأسه تودّعه وقد تحوّل للألفة والوداعة ..

"هيّا، وراءكما عمل شاقّ" استدارت لتسير بضع خطوات لتلتفّ مفاجئة اللّذين تبعاها بطاعة متجاهلين أمر الكلب الذي يزمجر .

صرخت لتفزعهما ثانية "أزيلا القناعين، هل أنتما فتاتان؟"

..

مرّ النّصف الثّاني من النّهار في العمل، بيكهيون وتشانيول بقيا يعملان لوقت متأخّر كعقاب لهما بسبب غيابهما صباحاً وميني توجّهت لمشاركة أهل القرية في وليمة كانوا قد أعدّوها احتفاءً بعاداتهم في التّعبّد والتّقرّب من الإله بنذر نُذر بكنيسة القرية المقدّسة...

وحين حلّ اللّيل أعدّ أهل القرية طاولة كبيرة الحجم تحمل شتّى أنواع الأكل الطّيّب واجتمعوا جميعاً حولها ماعدا الأخرقين فهما ما يزالان بالحقل يسدّان دين عملهما.

أتت ميني راكضة بحماس لتتّخذ مكاناً بين امرأة عجوز وشيخٍ فأغدقاها بالحبّ متبادلين معها أطراف الحديث عن حياتها وعمرها وما تدرس، وإن كانت تملك حبيباً.. وبعلمهما أنّها عازبة عرضا عليها مواعدة حفيدهما الذي يعمل طبيباً ولكن لكرهها الأطباء قد رفضت مباشرة!

التهمت كلّ أنواع الطّعام ولكن بطنها بلا قاعدة فكلّ ما تأكله يتبخّر ليحلّ شعور الجوع محلّه فتعمد لابتلاع طعام آخر.. هي لم تكن شرهة لهذه الدّرجة قبلاً إنّما تغيّرت منذ ابتعدت عن منزلها وحرمت من طعام أمّها وهذا ما جعلها تأكل الطّعام المنزليّ لآخر لقمة وكأنّه سيختفي عن الوجود.

نطق أحد المجتمعين" سيّد مين ما رأيك بتشغيل جهاز الكاريوكي؟"

"أجل.. دعونا نستمتع" هتف السّيّد مين مالك جهاز الكاريوكي.

ركض أحد الشّباب ليشغّل الجهاز فتصدر منه أغنية حماسيّة قديمة.. أغنيّة عشقها كلّ الكوريّين ' tears'

أغنية تتحدّث عن قوّة المرأة بعد الإنفصال لم تخطئ في تحفيز أيّ شخص للرّقص على أنغامها!

حين اشتغلت الأغنية قفزت ميني من مكانها بفمها الممتلئ لتركض نحو المايكروفون تحجزه لنفسها فهي ماهرة جدّاً في غنائها.. بغنائها الأقرب للصّراخ.

وقفت منتصف المكان والجميع يتابعها، فراحت تؤدّي حركات الأغنية الاستعراضيّة باحتراف وترقص مع البداية الموسيقيّة .

"أثيروا بعض الصّخب.." صرخت ليقفز الجميع متفاعلين معها بالرّقص العشوائيّ.

باشرت ميني الغناء في البداية لكن حين وصلت للنّوتات العالية أصبحت تصرخ وذلك ما أشعل تلحماس بقلوب الجميع حولها حتّى العجائز قد كانوا سعداءً بذلك

" فلنعتبر أنّه لم يحدث، فلنكن غرباءً..لماذا أنت عاجز عن السّماح لي بالرّحيل؟

يجب أن تنساني، قد يكون اتّخاذ هذا القرار صعباً الآن..

أعلم أنّك ماتزال بانتظاري و هذا يحطّم قلبي

اكرهني بدلا من ذلك ولا تظهر لي مودّتك

لا تبحث عنّي مرّة أخرى فأنت ستتأذّى

لا تنعتني بالمرأة القاسية لأنّي اخترت الفراق لوقت من الزّمن! "

أصبحت تقفز وتهتف لهم ليحتفلوا بحماس أكبر غير ملاحظة للشّابين اللّذين انظمّا للحفلة لتوّهما.

سرعان ما اندمج تشانيول بالحفل بينما بيكهيون ظلّ متسمّراً مكانه مركّزا نظراته المتفاجئة على ميني، هو لم يظفر بفرصة رؤيتها بهذه الحال من قبل، قد ظنّها هادئة تكره الاحتفالات ولكنّها كسرت كلّ توقّعاته برؤية قفزها ورقصها وغنائها..

إنّها تلعب بقلبه، هو لن يظلّ بيكهيون القديم بعد هذه اللّحظة.. قد ألقت عليه سحرها وجمّدته بمكانه لا يسمع شيئا سوى صوتها ولا يرى أحداً من غيرها!

تمّ التّلاعب بأوتار قلبه بنجاح من قبلها!

تابع الحفل لحظة بلحظة.. أو ربّما تابع ميني التي تمرح مع العجائز ترقص وتقفز وتضحك بسعادة لم يرها عليها من قبل، يبدو أنّه من السّهل عليها إقامة علاقات مع كبار السّن على غرار الشّباب!

" ماذا دهاني؟" لامس قلبه الذي لم يتوقّف عن النّبض طول الوقت غير مدرك لما يخفيه من أسرار عنه.

"إلهي أشعر بالتّعب" كان ذلك تشانيول الذي جلس بجانب بيكهيون .

"أين شردت؟" لوّح أمام وجه الآخر لكنّه لم يفق من شروده فتتبّع مسار نظره ليسقطعه على شخص واحد.. كيم ميني!

" هل تحبّها ؟ " صرخ تشانيول موسّعاً عينيه فاستفاق الآخر من شروده.

" أجل " أجاب ليغادر فوراً غير مدرك على ماذا أجاب، قد أراد التّخلّص من تشانيول فحسب.

توجّه لخارج المكان ليتكئ على الجدار الخارجي مشوّشاً ومتعباً من هذا القلب الدّاق بسرعة جنونيّة.

زفر الهواء الذي يثقل رئتيه ليغمض عينيه فباغتته صورتها بالظّهور أمامه.. الأمر أصبح مزعجاً بحقّ!

..


انتهت الحفلة فعادت ميني في طريقها للمنزل منهكة تضرب كتفيها بقبضتها مخفّفة عنها ألم القفز والرّقص، كانت متعبة جدّاً وبطنها تستغيث بسبب الألم وشعورها بالغثيان.

سارت بضع خطوات لتتوقّف بسبب الألم الذي لا يُطاق، كادت تقع أرضاً لولا تلك اليدين التي أحاطت خصرها ومنعتها من الوقوع.

دقّقت بوجهه بنظرها الضّبابي فتمكّنت بصعوبة من معرفة هويّته .. فمن يكون غير بيون بيكهيون.

" ميني افتحي عينيك " صفعها بخفّة لكنّها لم تستجب لذا رفعها حاملاً إيّاها بين يديه والقلق بادٍ على محياه.

ركض بها بسرعة نحو بيت مسؤول القرية ليتكفّل باحضار الطّبيب لهما.

لقد جعلته يشعر بالخوف والقلق عليها، قد أتعبت قلبه بمشاعر مختلطة منهكة .

..

كان يجلس خارجاً برفقة مسؤول القرية ينتظر خروج الطّبيب من الغرفة، وبعد انتظار لم يدم طويلا خرج ليركض ناحيته يسأله عن حالها فأجابه ضاحكاً

" الآنسة أكلت طعاماً فاق قدرة تحمّل بطنها وأنهكت نفسها بالعمل لهذا أغمي عليها.. هي الآن بخير بعد أن وخزتها بالإبر، عليها التّمشّي قليلاً لترتاح أكثر"

ضحك بيكهيون بخزي، هي قد جعلته يبدو كأحمق وكلّفته حملها والرّكض بها إلى هنا ليتبيّن أنّها متوحّشة ساخطة على الطّعام فالتهمته كلّه. يالها من نهمة!

شكر الطّبيب وانحنى تاركاً إيّاه مع مسؤول القرية يتحدّثان ليتقدّم نحو الغرفة التي بها ميني.. انتابه تردّد غريب حين مدّ يده لسحب الباب لكنّه قاومه ليدخل مباشرة.

أوّل ما لمحه هو جسدها الممدّد على فراش أبيض، نظرت إليه حالما دخل لتخفي وجهها بالملاءة خجلة ممّا قامت به.. هي ستبدو بمظهر الفتاة المتوحّشة!

ابتسم بسبب فعلتها اللّطيفة ليقرب منها ويجلس بجانبها مادّا شفته بعبوس.

" لمَ أخفتني عليك، لقد ظننت أنّ حالتك حرجة ليفاجأني الطّبيب بسبب إغمائك، هل أنت بقرة حلوب؟ ألا تشعرين بالشّبع؟"

ضرب رأسها نهاية كلامه لتسحب الملاءة عنه وتستقيم مرتفعة بجذعها العلويّ وفيما هو يتابع ما تفعله داهمته بضربة على رأسه تنتقم منه.

" يبدو أنّك على ما يرام " قال مبتسماً يغيضها.

"وما دخلك أنت؟ "

"هيا قومي، لقد أخبرني الطّبيب أنّه عليك التّمشي لتشعري بالرّاحة"

سحبها لتقف رغماً عنها رغم مقاومتها .. فقوّتها لاشيء أمام قوّته.

جرّها خلفه يسيران تحت أضواء النّجوم ملتزمين الصّمت.. كلاهما مُبحر في التّفكير بالآخر!

" ما رأيك بالذّهاب للغابة؟"

"لا بأس معي بأيّ مكان" رفعت كتفيها بلا مبالاة فأكملا طريقهما نحوها فهي لم تكن تبعد إلا بضع مترات عن مكانهما الحاليّ!

كانا يسيران بجانب بعضهما البعض بخطى متناسقة وسط تلك الغابة المضاءة بقناديل بدائيّة جميلة زادت المشهد شاعريّة.

"سألتقط بعض الصّور لأريها لأمّي" قالت ميني بحماس لتخرج هاتفها من جيب بنطالها وتتبعه الإسوارتان بالخطأ لتسقطا أرضاً.

كانت ستنزل لأخذهما ولكن يد بيكهيون سبقتها ليحملهما بين يديه يقلّبهما بفضول.

"لمن هذه الإسوارة الرّجاليّة؟" قصد الإسوارة السّوداء.

أجابت باندفاع مادّة يدها لأخذها "لتشانيول، سأهديها له..ناولني إيّاها!"

" لن يحدث ذلك في أجمح أحلامك، إنّها لي "

أبعد الإسوارة عنها متفاديا ملامستها لها، فكان يرفعها للأعلى لتتسلّق جسده محاولة أخذها لكنّها لم تنجح وعلى النّقيض قد أثقلت عليه بوزنها ففقد توازنه وتراجع للخلف ليسقط وتتبعه هي ..

واقعة هي بجسدها فوق جسده.. ووجها قريبٌ من وجهه، وشفاههما تتلامس في قبلة مفاجئة لم تكن في الحسبان ولم تكن مقصودة.

شفتاها الطّريّتان ضدّ شفتيه القابلتين للتّقبيل!

و يفعلها القدر!

عيون جاحظة وقلبان نابضان بسرعة، جسداهما كادا يلتحمان من القرب.. يده تحاوط خصرها والأخرى على ظهرها كحركة طبيعيّة منه حين وقعا متزامنين لحمايتها من الوقوع على الأرض..كي لا تتأذّى.

أوّل قبلة لهما رغماً عنهما في غابة الخيزران..حيث ستبدأ قصّة حبّك، هكذا كان ما قرأه بيكهيون على اللّافتة التّرحيبيّة!

يتّبع...💜

سربرااايز😂 البارت 18 لحتّى تحطي مشهد القبلة يا خولة يا نالين يا مفترية😭 أعرف أنها قبلة مش محسوبلها حساب.😈

الرواية وصلت 12 ألف قراءة يا قلبي 😭 شكراً جزيلاً وأتمنّى عيلتنا تكبر سوى وأكتبلكم الكثير من الرّوايات والقصص الحلوة 💜

شو رايكم بالمقدّمة 😂 جرّبت أكتب عن مشاعر البطلين بطريقة أدبية فطلعت بيض شيييت😑

بخصوص رواية سايكوباث فما تحمستلها أبدا بسبب الدّعم الضّعيف..💔

على العموم شكرا لكم وانتظروا البارت القادم بمفاجآت متفجّرة إن شاء الله😜

luv u all❤

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top